لبنان
الاعتراضات حول تحقيقات البيطار تطال الحكومة: من يتحمل تداعيات التسييس؟
سيطر ملف التحقيق في انفجار بيروت على مجمل اهتمامات الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الأربعاء 13 تشرين الأول 2021، واختلفت بين مؤيدٍ ومعارضٍ للمحقِّق العدلي طارق البيطار وسط انقسامٍ سياسي وطائفي حول طبيعة عمله وسلوكه منذ توليه ملف التحقيق في جريمة المرفأ.
كذلك اهتمت الصحف بانتقال قضية تحقيقات المرفأ إلى طاولة مجلس الوزراء الذي عقد جلسة أمس في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء، ومعع احتدام الجدال وعدم التوصل إلى اتفاق على الموقف المطالب به بالتحقيق العدلي رُفعت الجلسة إلى الرابعة عصر اليوم.
صحيفة "الأخبار": ممنوع تكرار فيلم ديتليف ميليس.. ومجلس الوزراء أمام جلسة حاسمة
أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنَّ ما يحصل منذ تولي طارق البيطار ملف التحقيق في جريمة المرفأ يشير إلى أمور كثيرة، البارز فيها أن هذه المنظومة وجدت في يدها حيلة اسمها المحقق العدلي، وهو قبل بهذا الدور، إما توهّماً منه لدور كبير يقوده إلى مصاف «المنقذين»، أو تورطاً في ما هو أكبر. وهو اتهام صار مشروعاً إزاء ما يقوم به ويصرّ عليه منذ أسابيع، وحتى قبل ظهر أمس. والبيطار - الحيلة لديه عناصر العمل من خارج مكتبه. هكذا عدنا مجدداً إلى لعبة الترهيب والضغط:
- موجة إعلامية من إعلام طحنون بن زايد وتركي آل الشيخ ودوروثي شيا تنشط، من دون توقف، لتطويب البيطار قديساً ينتظره اللبنانيون منذ ما قبل قيام هذا البلد، وأن الخلاص سيكون كاملاً وشاملاً على يديه، وأنه الوحيد الذي يتمتع بالحصانة بخلاف الجميع، مسؤولين ومواطنين، ويحق له اعتقالهم واستمرار توقيفهم واستدعاؤهم والادعاء عليهم... ولا درب لهم للسؤال أو الاستفسار أو حتى الشك.
- موجة من «صيصان السفارات» المنضوين في مجموعات وجمعيات عادت إلى أرشيف العام 2005 وصارت تتحرك كل يوم لرفع صور من يجب على البيطار توقيفه أو إخضاعه للتحقيق، وصولاً إلى ترهيب القضاة الذين يمكن أن يكفّوا يده أو يقبلوا ارتياب المدعى عليهم به، حتى صار القضاة في حالة خوف دفعت بكثيرين منهم إلى القول صراحة إنهم يخشون الإمساك بهذا الملف، وباتوا يعملون بسرعة فائقة لم يعملوا بمثلها يوماً في معالجة ملفات آلاف الموقوفين في السجون من دون محاكمة، أو في مواجهة حيتان المال الذين سرقوا أموال الناس والمودعين.
- موجة من البيانات والمواقف الصادرة عن الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الداعمة لما يقوم به البيطار، وتوجيه تحذيرات علنية وغير علنية إلى كل من يحاول الاعتراض شاهرين سيف العقوبات الشخصية بتهمة الفساد، وهم الذين يحتضنون اليوم كبار الفاسدين والسارقين في فنادقهم ومقار شركاتهم.
وأضافت "عملياً، يفترض بالقاضي البيطار أن يجيب عن أسئلة الناس حول ما يقوم به. وليس صحيحاً أنه متحفظ، وأنا، شخصياً، أشهد أمام أي قاض عن كمية التواصل الإعلامي معه، والتواصل مع محامين وقضاة وشخصيات مدنية، إلى جانب أهالي الموقوفين في سياق ما يعتبره «توسيع الخيمة الشعبية الحاضنة لما يقوم به». لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد. فهلا يجيبنا القاضي البيطار عما إذا كان استقبل في منزله السفيرة الأميركية دوروثي شيا أم لا؟ وهل التقى دبلوماسيين أوروبيين أم لا؟ وهل اجتمع بشخصيات يعرف هو أنها ليست سوى صلة الوصل بسفراء عرب أم لا؟".
وأوضحت الصحيفة أنًّه "عملياً، يقول البيطار إنه لا يخضع للضغوط السياسية. وهو كان، حتى الأمس، يعتبر أن ما وُصف بتهديد المسؤول في حزب الله وفيق صفا له، زلّة لسان من مسؤول حزبي عرضة لضغط المدعى عليهم. لكنه، بعد سماعه مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، تيقن أن الأمر يتعلق بموقف الحزب كله. مع ذلك، وبخلاف ما يدعيه بأنه لا يخضع لتأثيرات المواقف السياسية، عمد البيطار، أمس، إلى الرد على كلام نصرالله بإصدار مذكرة توقيف بحق الوزير علي حسن خليل، متجاوزاً أبسط الشكليات القانونية، بما في ذلك رفض تبلغ قرار كف يده إلى حين الانتهاء من إصدار المذكرة والمسارعة إلى تسريبها إلى وسائل الإعلام".
وتابعت "ثمة أمور كثيرة يعرف القاضي البيطار أنها لم تعد أسراراً بما خص من وعده بالمن والسلوى في لبنان أو خارجه، وثمة أمور كثيرة يعرف أنها لم تعد أسراراً عما يجري من تشاور مع قضاة كبار في البلاد لتحديد هوية القضاة المفترض أن تحال إليهم طلبات الرد أو الارتياب، وهو يتصرف على أساس أنه يخضع لـ«حماية خارجية شاملة» تتيح له القيام بكل ما يلزم، من دون الوقوف عند أي اعتبار".
كما لفتت إلى أنَّه "لكن، وإن جرى تجاوز الاعتبارات المتعلقة بشخصه الكريم، وبعقليته، وبطريقة مقاربته للحياة عموماً وليس لملفات عمله، هل فكّر البيطار في أن ما يقوم به ليس سوى نسخة رديئة عما جرب الخارج القيام به عام 2005؟ ألا يوجد من حوله من يقول له إن «زمن الأول تحول»، وإن المقاومة المستهدفة أولاً وأخيراً، لن تقبل بتكرار سيناريو الاعتقال التعسفي أو التوجه صوب فتنة وطنية، ولا أخذ البلاد مجدداً إلى أتون فتنة تمهد لعدوان إسرائيلي لم يعد أمراً يسيراً كما في السابق، وأنها لم تقبل الحصار النفطي فقررت مواجهة الحصار الأميركي - الإسرائيلي - السعودي من خلال الإتيان بالمشتقات النفطية الإيرانية إلى لبنان، وهي مستعدة لفعل كل ما يلزم لمنع تكرار الأمر؟
طارق البيطار ليس عميلاً أجنبياً كما يعتقد بعض خصومه، لكنه شخص يحتاج إلى من يوقظه من سباته، وأن يشرح له أن البلاد ليست متروكة لـ«صيصان السفارات»، ولا لـ«الديكة» الذين يصيحون فوق مزابل التاريخ... لذلك، سيكون الشعار هو ذاته: طارق البيطار، اتق الله وارحل!".
وفي السياق نفسه، أكَّدت الصحيفىة أنَّ ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت وعمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار طرأ كبند عاصف على طاولة مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال. تحول الملف إلى أزمة تواجهها الحكومة، وتشكّل أول اختبار حقيقي أمام «تماسكها»
وقالت أنَّه "لم تكُن مذكّرة التوقيف الغيابية التي أصدرها القاضي طارق البيطار في حق الوزير السابق المُدّعى عليه علي حسن خليل، حدثاً قضائياً مُنفصلاً عن مسار التسييس الذي يغرق به المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت. فهذا الإجراء لم يكُن تفصيلاً، بل دليل آخر على انخراطه في عملية تصفية الحسابات التي تقودها جهات دولية ومحلية ضد خصومها في الداخلِ".
وأضاف الصحيفة "في جلسة الحكومة، قدّم مرتضى مطالعة تحدث فيها عن «استنسابية القاضي البيطار وتسييس التحقيقات»، معتبراً أن «قراراته مخالفة للدستور وهي تؤدي إلى الفوضى وضرب الاستقرار، والمطلوب من الحكومة أن تأخذ موفقاً واضحاً وسريعاً في شأنه». ولفت مرتضى إلى «وجود لغط حول عمل المحقق وإلى اعتراضات ليس فقط سياسية وإنما شعبية عليه، وذلك يُمكن أن يؤدي إلى خلق شارع مقابل شارع».
طرح الوزير مرتضى بدا لافتاً لجهة نبرته العالية وتحذيره من أن فشل الحكومة في معالجة الأمر قد يدفع البلاد صوب مواجهات قاسية، ما جعل النقاش ينتقل إلى مستوى آخر، كان الأساس فيه موقف الرئيس ميشال عون الذي قال إن لبنان بلد فيه فصل بين السلطات، ولا يمكن لمجلس الوزراء أن يفرض إجراءات عمل على السلطة القضائية. وعقب الرئيس نجيب ميقاتي بالدعوة إلى التمهل ودراسة الموقف موافقاً على فكرة تكليف وزير العدل. لكن ما اعتبره مرتضى محاولة تمييع الموقف، استدعى نقاشات جانبية جرى خلالها التدخل من زاوية أن وزراء آخرين حذروا من مغبة القيام بخطوة تنعكس انفجاراً في الشارع المؤيد للبيطار وهو ما دفع بالرئيس عون إلى الضرب على الطاولة معلناً رفع الجلسة إلى الغد.
بعد ذلك، طلب ميقاتي البت بملف تعيينات جزئية ضرورية لتسيير المرافق العامة، ثم تقرر رفع الجلسة وعقد أخرى اليوم لاستكمال البحث في ملف تفجير المرفأ. خصوصاً أن وزراء أمل وحزب الله والمردة رفضوا استكمال الجلسة بسبب عدم اتخاذ قرار بشأن المحقق العدلي.
يتضح من سياق مداولات مجلس الوزراء، أن القوى المشاركة في الحكومة، بما في ذلك تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، لا تمانع إيجاد المخرج القانوني الذي يمنع أخذ البلاد صوب مواجهات غير مطلوبة، خصوصاً أن هذه القوى تبلغت على ما يبدو بأن حزب الله وحركة أمل وتيار المردة والنائب طلال إرسلان ليسوا في صدد ترك الأمر، وأن الاستعداد للتحرك في الشارع حقيقي وقد يذهب باتجاهات واسعة أيضاً.
لذلك، يبدو أن الجميع يبحث عن المخرج القانوني الملائم، وهو ما تحول إلى مادة لاتصالات سياسية واسعة استكملت بعد انتهاء جلسة الحكومة في انتظار ما يفترض أن يقترحه وزير العدل هنري خوري في جلسة اليوم بما يسمح بمعالجة الأزمة. علماً أن هذه الأزمة كشفت عن ثغرة تشريعية تتعلق بالسلطة التي لها الحقّ في ردّ المحقق العدلي، وهو ما يحتاج إلى تدخُّل المشرع ليحدد الجهة المولجة بذلك بعدما تبيّن أنه لم يعد ممكناً ردّ المحقق العدلي.
بحسب مصادر قانونية، يمكن الهيئة العامة لمحكمة التمييز أن تجتمع لتعيين مرجع للبت بردّ المحقق العدلي، وأن تخرج باجتهاد يحدد محكمة معينة للبت من قبيل سد الثغرة القانونية. وفيما لا صلاحية لوزير العدل أو لمجلس الوزراء بردّ المحقق العدلي، إلا أن في إمكان مجلس الوزراء العدول عن مرسوم إحالة قضية المرفأ إلى المجلس العدلي وإعادة الملف إلى المحكمة العسكرية باقتراح من وزير العدل الذي يمكنه أيضاً أن يقترح تعيين محقق عدلي آخر نظراً لخطورة الوضع".
صحيفة "البناء": الانقسام حول التحقيق يصل إلى الحكومة
قالت صحيفة "البناء" أنَّه بلغ ملف التحقيق في انفجار بيروت، اللحظة الحرجة التي بات فيها كل شيء فوق الطاولة دفعة واحدة، بعد شهور من الضرب تحت الحزام، تحول خلالها التحقيق إلى موضوع سياسي بامتياز يقع على خطوط الانقسام الطائفي ويهدد بالمزيد، وسط استقطاب أصاب المرجعيات الدينية والكتل النيابية ووصل إلى مجلس الوزراء، فدار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يقفان في ضفة، وبكركي والمرجعيات الكنسية تقف في ضفة مقابلة، وكما تساند المرجعيات الدينية المسيحية القاضي طارق بيطار وتتهم دعاة ردّه بالدفاع عن مرتكبين ومعرقلين للتحقيق، ترفض المرجعيات الإسلامية سلوك القاضي وتتهمه بالتسييس والتطاول على الدستور الذي حصر ملاحقة الرؤساء والوزراء بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كذلك تقف الكتل النيابية الكبرى مسيحياً على ضفة التمسك بالقاضي بيطار، وتقف الكتل النيابية المسلمة على ضفة اتهامه بالتلاعب بالتحقيق لتحقيق أغراض سياسية، ولم يكن المشهد داخل مجلس الوزراء بعيداً من الاستقطاب نفسه، وسط محاولة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي تجنيب الحكومة خطر أزمة تهدّد بفرط عقدها وتصيب وحدتها في الصميم.
وأشارت إلى أنَّه نجح القاضي بيطار بتضييع التحقيق وتمييع موقع القضية لتصير شأناً ثانوياً، باستدراج الغرائز الطائفية وأشباح الانقسام إلى الساحة، وصار رفض منح الإذن بملاحقة اللواء طوني صليبا عملاً قانونياً، ورفض منح الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تعطيلاً للتحقيق، وتغيب هذه الصورة فوراً عندما يتمّ النظر إلى المشهد الأوسع، حيث ينقسم الشارع بما فيه ما يخصّ أهالي الضحايا طائفياً، وحتى كميات النيترات صارت تتحرك طائفياً وسياسياً، فنيترات بعلبك لا تهمّ القاضي طالما أن المتهم فيها يُحسب على القوات اللبنانية، والشاهد الملك الذي خرج على إحدى الشاشات يتحدث عن دوره في نقل النيترات إلى الجنوب، بحضور نقيب المحامين، لا يهمّ التحقيق لأنه سيكشف لعبة تدبير شهود زور على طريقة زهير الصديق.
وأضافت "وتوقفت مصادر سياسية عند كلام السيد نصرالله في ملف المرفأ والنبرة المرتفعة التي رافقتها، وتحديداً عند عبارة «ما يحصل خطأ كبير جداً جداً جداً»، وعبارة «سيؤدي إلى كارثة وطنية»، فضلاً عن عبارة «يجب إيجاد حل لا سيما خلال الأيام القليلة المقبلة»، ما يعني أن حزب الله بات يولي هذا الملف عناية خاصة واهتمام بالغ الأهمية نظراً لتداعياته المرتقبة وما يُخطّط له في الكواليس بحسب ما تقول المصادر لـ»البناء» مشيرة إلى أن الملف مفتوح على كافة الاحتمالات التصعيدية وبالتالي سيلجأ القاضي بيطار إلى تنفيذ مخطط يعد في الغرف المغلقة يبدأ بإصدار مذكرات توقيف بحق الوزراء المدعى عليهم قبيل بدء العقد العادي للمجلس النيابي وبالتالي يتعذر إحضارهم ما يخلق أجواء بلبلة سياسية واعلامية وأمنية على الأرض عبر ردود فعل من أهالي الضحايا مقابل التحركات الشعبية للفريق الآخر لتقع فتنة أهلية ويستغل الملف ضد حزب الله. لذلك دعا السيد نصرالله الحكومة ومجلس القضاء الأعلى لاستباق تنفيذ المخطط وقطع دابر الفتنة وتنحية قاضي التحقيق وتعيين مكانه واستكمال التحقيق وفق أسس جديدة. وتساءلت المصادر: هل بات ملف المرفأ عنوان استهداف ثنائي أمل وحزب الله قبيل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية لخوض هذه الانتخابات عبر التصويب على أحد أركان «الثنائي» «ومحركه السياسي» ومعاون رئيس المجلس النيابي نبيه بري أي النائب علي حسن خليل؟ وهل نحن عشية انفجار سياسي وطائفي وشارعين متقابلين في البلد أخطر من مشهد عام 2005؟".
ورأت الصحيفة أنَّه كما كان متوقعاً لم يتأخر الخلاف والانقسام السياسي والقانوني حول قضية تحقيقات المرفأ للانتقال إلى طاولة مجلس الوزراء الذي عقد جلسة أمس في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء، وبحسب المعلومات فقد دار نقاش حاد داخل الجلسة على خلفية إجراءات القاضي طارق البيطار، وصلت إلى حد تعليق وزراء حركة أمل وحزب الله وتيار المردة الجلسة لـ10 دقائق للتشاور وإجراء اتصالات حول إصدار موقف عن المجلس يتعلق بإجراءات بيطار قبل أن يتم استئناف الجلسة.
وذكرت المعلومات بأن أحد وزراء الثنائي الشيعي ذكر في الجلسة أنه «يجب قبع القاضي البيطار بسبب تصرفاته»، مشيرة إلى أن «وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى أعد مطالعة قانونية باسم الثنائي الشيعي في الجلسة مفنداً ما اعتبره ثغرات قانونية قام بها المحقق العدلي ومطالباً بكف يده عن التحقيق».
وبحسب المعلومات فإن ملف تحقيقات المرفأ وصل إلى مفترق حاسم، والكلام عن تعليق جلسات وشل حكومة هو غير صحيح على الإطلاق، لكن وزراء حركة أمل وحزب الله مستمرون بموقفهم الذي عبروا عنه في الجلسة على أن تكون جلسة اليوم حاسمة وقد تحمل مفاجآت إلا أن أفضت الاتصالات التي استمرت إلى وقت متأخر من ليل أمس إلى حل معين». إلا أن وزير الإعلام جورج قرداحي لفت إلى أن النقاش «كان ودياً بين الوزراء وتقرر أن يتأجل إلى اليوم، وكان هناك تفهم من رئيس الجمهورية وميقاتي وكان النقاش إيجابياً، ولم يناقش استبدال البيطار ولم يهدد أحد بتوقف الجلسات أن لم يؤخذ بهذا المطلب، ولم نناقش ملف كف يد البيطار». وأضاف: «سوف يستتبع البحث مع وزير العدل وغداً (اليوم) سوف نتابع هذا البحث، ونحن استمعنا ولم نتخذ موقفاً بعد، من جهتي لم أتخذ موقفاً ولا وزير الاتصالات لكن نحن في جو هذا النقاش».
صحيفة "النهار": مجلس الوزراء أمام امتحانٍ كبير
اعتبرت "النهار" أنَّه "ذهب المجلس الأعلى للدفاع إلى عرقلة إضافية لعمل المحقق عندما رفض، بسيطرة رئاسية واضحة عليه، الموافقة على التحقيق مع المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. وكأن الأمر لم يرض الحزب عند هذا المنسوب التصعيدي البالغ الخطورة، فذهب أبعد إلى نقل الضغط إلى قلب مجلس الوزراء وتعريض الحكومة الغضة لأول هزة داخلية حادة".
ولفتت إلى أنَّه "وسيكون مجلس الوزراء امام امتحان كبير اليوم وامام مفترق طرق: وزراء "أمل" و"حزب الله" اطلوا بانتمائهم السياسي الواضح من خلال موقف سياسي موحّد قدمه وزير الثقافة محمد مرتضى كقاضِ بقالب قانوني طالبوا فيه باستبدال المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. وما لم تتوصل اتصالات الليل التي اعقبت الجلسة إلى اتفاق، فالافتراق واقع وقد ينفذ وزراء "امل" والحزب تهديدهم بالاعتكاف او الانسحاب من مجلس الوزراء".
وتابعت "وزير العدل قال أمس رداً على مداخلة زميله مرتضى: مجلس الوزراء لا يمكنه التدخل في التحقيق العدلي، وتغيير المحقق العدلي هو شأن مجلس القضاء الاعلى الذي اكتمل عقده. ومجلس الوزراء لا يمكنه فعل شيء سوى سحب قضية المرفأ من المجلس العدلي وهذه سابقة لا يمكن لمجلس الوزراء ولا لأحد ان يتحمل وزرها.
المعلومات تشير إلى ان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ليسا بوارد تسجيل سابقة بموقف يعدّ تدخلاً في عمل السلطة القضائية او في التحقيق العدلي".
لذلك ستكون جلسة اليوم الاربعاء كحد السيف إما بانقاذ الحكومة او بشلّها ما لم تكن اتصالات الليل نجحت في تقديم العقل القانوني على الموقف السياسي".
وأوضحت وفق معلوماتها "ان الجلسة بدأت بمبادرة مرتضى إلى تقديم مطالعة قانونية باسم الوزراء الشيعة في الحكومة انطلاقاً من خلفيته القضائية فنّد فيها ملابسات التحقيق متهما المحقق العدلي بالاستنسابية وطالب مجلس الوزراء بـ "قبع البيطار".
بدأ النقاش وزادت حدته بانضمام باقي الوزراء الشيعة إلى مطلب مرتضى الذي علا صوته في الدفاع عن وجهة نظره القانونية.
وردّ وزير العدل هنري خوري بمطالعة قانونية أكد فيها مبدأ فصل السلطات وقال "من غير الوارد ولم يحصل في تاريخ القضاء مثل هكذا تدخل في تحقيق عدلي".
طلب رئيس الجمهورية تعليق النقاش إلى نهاية الجلسة، وتفرغ مجلس الوزراء لاجراء تعيينات طرحت من خارج الجدول، مما يعني انها كانت متفقاً عليها.
وعندما وصل الأمر إلى صياغة البيان دون التوصل إلى اتفاق على الموقف المطالب به بالتحقيق العدلي، قال مرتضى: "مصرون على موقفنا ولا يمكننا ان نكمل هكذا."
عندها طلب رئيس الجمهورية رفع الجلسة إلى الرابعة عصر اليوم بعدما تمّ تكليف وزير العدل بمتابعة الملابسات القانونية والدستورية المتصلة بالتحقيق على ان يعود إلى مجلس الوزراء بتقرير ليبنى على الشيء مقتضاه".
وأردفت الصحيفة "قالت مصادر وزارية إن الكلام عن اعتكاف او تعليق جلسات جاء في إطار الضغط والتهويل. لكن مصادر وزارية أخرى قالت إن جلسة اليوم ستكون متفجرة ما لم يسحب فتيل التحقيق العدلي خارجها، لاسيما وان انسحاب الوزراء الشيعة او اعتكافهم يعني إما شل الحكومة او تعطيلها".
صحيفة "الجمهورية": كباش حكومي حول التحقيقات
أشارت "الجمهورية" إلى أنَّه تحولت الجلسة الرابعة لمجلس الوزراء منذ نيل الحكومة الثقة حلبة كباش ومكاشفات ولو بقفازات لتشكل اول اختبار واضح لمدى تماسك الجسم الحكومي وتجانسه وانسجامه في مواجهة التحديات الكبرى الماثلة امامه، وتحديدا عند طرح وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى الذي يمثل حركة «امل» داخل الجلسة قضية التحقيقات في انفجار المرفأ، طالباً موقفاً واضحاً من الحكومة بهذا الشأن فطار جدول الاعمال وحط مكانه بند وحيد هو اداء المحقق البيطار وتحقيقاته.
ووفق معلومات «الجمهورية» انه بعد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون كانت لوزير الثقافة محمد مرتضى مداخلة نارية حمل فيها على البيطار وادائه، مفنداً «التجاوزات القانونية في تحقيقاته»، ومتهماً اياه بـ»الخروج عن كل النصوص القانونية والدستورية بتحوّله اداة مشروع سياسي واضح». ودخل ممثل «حزب الله» الوزير مصطفى بيرم على خط النقاش مسانداً مضمون كلام مرتضى، لينتهي بإصرار وزراء الثنائي الشيعي على اتخاذ مجلس الوزراء موقفا واضحا على مسارين: الاول يُبطل وزيرا الداخلية والدفاع مذكرات التوقيف التي اصدرها البيطار واعتبارها كأنها لم تكن، والثاني استبدال بيطار بقاض آخر..
وقالت "فُتح النقاش على مداخلات عدة وتحفظ عدد من الوزراء التابعين لرئيس الجمهورية عن هذا الطلب وفي مقدمهم وزير العدل هنري خوري الذي علّق مذكراً بمبدأ «الفصل بين السلطات»، ولافتا الى انه غير مطلع على تفاصيل التحقيقات. واوضح ان مجلس الوزراء دوره فقط احالة الملف الى المجلس العدلي، اما كل الآلية بعد ذلك فهي من اختصاص وزير العدل ومجلس القضاء الاعلى.
وعلى الاثر بدأت الامور تتخذ منحىً متوتراً، خصوصا عندما لفت مرتضى الى تركيز البيطار في التحقيق على شخصيات دون سواها. ثم كانت مداخلات لوزراء آخرين حذروا من تأثير هذا الملف على الاستقرار وطالبوا باحترام مشاعر اهل الضحايا".
أضافت الصحيفة "وعندما تمت العودة الى الجلسة بعد تعليقها لبعض الوقت لاحظ وزراء الثنائي بحسب ما افادت مصادرهم «الجمهورية» تراجع وزير العدل ورئيس الجمهورية عن اتخاذ الحكومة موقفا في شأن البيطار، فعادت الامور الى منحاها التصعيدي بتهديد وزراء حركة «امل» و|حزب الله» بالانسحاب من الجلسة في حال لم يتخذ القرار. وعندها تدخّل رئيس الجمهورية وضرب يده على الطاولة قائلاً: الامور «ما فينا نعالجها بهيدي الطريقة»، ويجب ان نحترم الاصول القانونية وان نعود الى مجلس القضاء الاعلى». متحدثاً عن منطق آخر يخالف المنطق الذي تردد في الجلسة، وحسم الجدل بطلبه الى وزير العدل درس الموضوع من مختلف جوانبه والعودة الى مجلس الوزراء لمناقشته بموضوعية وفقاً للاصول والقواعد القانونية، ورفع الجلسة بعد تحديد موعد لجلسة جديدة تعقد عند الرابعة بعد ظهر اليوم لاستكمال النقاش.
وعلم ان وزراء حركة أمل أصروا خلال جلسة امس على إزاحة القاضي البيطار عن القضية، وقال احدهم «بدّو قَبع»، محذراً من ان عدم استبداله قد يؤدي إلى تداعيات في الشارع.
هذا الموقف استفز وزراء آخرين توجهوا الى الوزير صاحب الموقف بالقول: شو.. عم تهددونا؟ ما أدى إلى توتر في الجلسة.
وتفيد المعلومات ان وزراء حركة امل وحزب الله وتيار المردة قد ينسحبون من جلسة اليوم اذا لم تتخذ الحكومة قرارا واضحا في شأن البيطار.
الى ذلك، وتنديداً بقرارات البيطار، وُجهت دعوة للمشاركة في وقفة احتجاجية امام قصر العدل عند الحادية عشرة قبل ظهر غد الخميس، بمشاركة محامين وحقوقيين ومواطنين ومناصرين للاحزاب المعترضة على إجراءات القاضي".
وعلمت «الجمهورية» أنه وفي معرض المداخلات التي حصلت على طاولة المجلس تم التنبيه الى ان شارعاً يمكن ان يقابله شارع ومن توريط البلد في مواجهات، وان هناك تعويضات لأهالي الضحايا وطلب البعص اتخاذ موقف يراعي كل هذه الامور، منبهين الى ان مجلس الوزراء يمكنه ان يتخذ موقفاً سياسياً لا تنفيذياً لأن دوره يقتصر على احالة ملف الانفجار الى المجلس العدلي او سحب هذه الاحالة وهو لا يمكنه ان يفعل هذا الامر لأن القيامة ستقوم عليه ولن تقعد.
واكدت مصادر الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية» ان «سيناريو جلسة اليوم سيكون مشابهاً لسيناريو جلسة أمس اذا لم تعالج الحكومة هذه القضية، ونحن ذاهبون الى مزيد من التأزم، وموقف الحكومة اليوم سيحدد موقفنا من المشاركة في جلساتها». وعلمت «الجمهورية» أن موقف الحكومة اليوم سيحسم موضوع دعوة الثنائي الشيعي «الى تحرك شعبي واسع غدا الخميس في وجه القاضي بيطار وتسييس الملف.
صحيفة "الديار": نصب متاريس داخل مجلس الوزراء
قالت "الديار" أنَّه "للمرة الأولى منذ تأليفها خاضت حكومة معا للأنقاذ أولى اختباراتها من باب قضية المحقق العدلي القاضي طارق بيطار وكادت الجلسة تنفجر لولا المخرج باستكمال البحث بالملف إلى جلسة تعقد الرابعة بعد ظهر اليوم في قصر بعبدا على أن يقدم وزير العدل هنري خوري اقتراحات معينة بعد تكوينه الملابسات المتصلة بتفاصيل التحقيقات . جاء طرح الموضوع بعيد ساعات من كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حول مطالبته بموقف مجلس الوزراء حيال ملابسات مهمته. لم يتأخر وزراء الثنائي الشيعي في إثارة الملف وطير النقاش في هذا الموضوع البنود المتصلة بخطط الوزراء ومن بينها خطة وزير الطاقة والمياه الدكتور وليد فياض . وكان وزير الثقافة محمد مرتضى قد تولى الحديث باسم هؤلاء الوزراء. فماذا حصل ؟ في المعلومات المتوافرة أن الوزير مرتضى طلب الكلام بعد مداخلة رئيس الجمهورية، وقدم مطالعة قانونية وسياسية مطولة شرح فيها وجهة نظره ووجهة نظر وزراء الثنائي وعدد الملاحظات حول مسار التحقيق وعمل المحقق العدلي وادائه في مداخلة لم تخل من الحدة. وتفاجأ كيف أن الوزير مرتضى أخذ على عاتقه تقديم المداخلة النارية والتي صوب فيها على القاضي بيطار وطريقة عمله واستدعاءاته وتركيزه على شخصيات دون سواها. وقال أحد الوزراء أنه لم يكن ظاهرا على الوزير مرتضى هذا الأمر. وعلم أنه طالب مجلس الوزراء بموقف والا فما هو دورنا كوزراء ، حتى أنه لوحظ انه ظهر من مداخلته تلويحه بالاستقالة مع الوزراء . اما وزير العدل فأشار وفق المصادر إلى أن هناك مبدأ فصل السلطات وليس مطلعا على تفاصيل التحقيقات. وقدم كل وزير مداخلة بعضها اتسم بالناري فيما بقي وزيرا المردة صامتين وفق ما تردد . وبرز تركيز على ضرورة صدور موقف من الحكومة فيما تكررت الدعوة وفق ما هو واضح من كلام الوزير مرتضى بتنحية القاضي بيطار واستبداله . ولأن الصورة غير مكتملة لدى وزير العدل تقرر استكمال البحث في جلسة اليوم في ضوء تصور يعرضه وزير العدل مع الإشارة إلى أن دور مجلس الوزراء هو إحالة قضية انفجار مرفأ بيروت إلى المجلس العدلي اما آلية تعيين محقق عدلي فهي من اختصاص وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى. ومن بين الخيارات التي يمكن أن يطرحها وزير العدل: التوسع في التحقيق أو استبدال القاضي بيطار ولكن وزير العدل داخل الجلسة كرر القول أنه لا يتدخل وهذا شأن قضائي. وبالتالي ترك الأمر إلى مجلس الوزراء الذي يتخذ اليوم موقفا يفترض به ان يكون متوازنا لأن اي توجه يقضي بسحب القضية من المجلس العدلي لها تداعياتها ولا يمكن لأحد حملها"
وقالت المصادر الوزارية أن ثمة وزراء تحدثوا عن أهمية مراعاة موضوع الاستقرار ومشاعر عائلات الضحايا.
وقالت المصادر إن رئيس الجمهورية ضرب بيده على طاولة مجلس الوزراء عندما لاحظ أن الأمور قد تصل إلى مكان متشتج رفع الجلسة على أن تستانف اليوم . لكن ثمة معطيات أكدت أن الجلسة علقت لدقائق وعاد البحث مجددا وأجريت اتصالات التهدئة وهي نفسها تمت مساء للوصول إلى صيغة متوازنة تطرح اليوم . ولوحظ أن الرئيس ميقاتي لم يمانع وجود صيغة تطرح في مجلس الوزراء في هذا الشأن. وسلكت بعض التعيينات طريقها من خارج الجدول .
وأكدت المصادر إن وزير العدل طرح موافقة مجلس القضاء الأعلى على تعيين أربعة أعضاء علما أن هناك عضوا منتخبا وهو عفيف الحكيم و٣ حكميين أي رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس التفتيش القضائي والمدعي العام التمييزي ويصبح العدد ٨ وهو الذي يحتم النصاب لاتخاذ أي قرار . اما الاثنان الباقيان فتعينهما محكمة التمييز .كما تم تعيين مديرا عاما للعدل وعضوين قي المجلس الدستوري . وقد أسهم التوافق السياسي على هذا الأمر.
وأضافت الصحيفة "طلب وزراء حزب الله وأمل والمردة بإستبدال المحقق العدلي في إنفجار المرفأ القاضي طارق بيطار والا لن يُكملوا حضور الجلسة، فتم رفعها الى الرابعة من عصر اليوم لمنع حصول صدام سياسي.
وافادت المعلومات ان الوزيرين مصطفى بيرم ومحمد وسام مرتضى طلبا الكلام قبل البحث بجدول الاعمال، وقالا انه لا يمكن لمجلس الوراء ان يتابع اعماله بينما تتعرض قوى سياسية اساسية ممثلة في مجلس الوزراء تتعرض لإستهداف سياسي خطير من قبل المحقق العدلي طارق بيطار وتُتهم بشكل ظالم بالتفجير ويجري تسييس التحقيق والقضية.
وقدم الوزير مرتضى كونه قاضياً مطالعة قانونية حول ما يجري بينما ركز الوزير بيرم على الجانب السياسي، وطالبا بموقف لمجلس الوزراء. وجرى نقاش دستوري وقانوني حول إمكانية تنفيذ الطلب كون تعيين المحلقق العدلي ياتي من مجلس القضاء الاعلى وليس من مجلس الوزراء بناء لإقتراح وزير العدل الذي يقدم اسماء عدة يختار منها مجلس القضاء.وبالتالي لا بد من احترام فصل السلطات.ولكن يمكن لمجلس الوزراء اتخاذ موقف سياسي لا قراراً قضائياً".
وأردفت "وجرى بحث في المخارج الممكنة حيث تردد انه يمكن لوزير العدل ان يطلب من مجلس القضاء تعيين محقق عدلي جديد. وكل ما يمكنه فعله هو سحب قضية انفجار المرفأ من المجلس العدلي وهذه خطوة من غير الوارد ان تقدم عليها الحكومة. لكن تردد ايضا ان مدخل عودة الوزراء الى الجلسات العادية هو صدورموقف عن مجلس الوزراء.
وبسبب النقاشات جرى تعليق جلسة مجلس الوزراء لعشر دقائق للتشاور، وجرت اتصالات بين بعض الوزراء والمرجعيات السياسية حول إصدار موقف عن المجلس يتعلق بإجراءات القاضي بيطار، ومن ثم استؤنفت الجلسة بعد تعليقها وتقرر إجراء التعيينات الملحة".