لبنان
دعم فرنسي للحكومة مرهون بإصلاحات.. وعون لأولوية الترسيم والنازحين
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم في بيروت بزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى باريس ولقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث أكد الأخير وقوف بلاده إلى جانب لبنان وحكومته، معربًا عن استعداده للمساعدة بشرط تنفيذ الإصلاحات.
كما تناولت الصحف مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمته المتلفزة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتناوله لمسألة الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة وملف النازحين السوريين في لبنان.
"البناء": عون للأمم المتحدة لأولوية الترسيم والنازحين
لبنان كان يومه أمس خارجياً أيضاً سواء عبر إطلالة رئيس الجمهورية بكلمة متلفزة على الجمعية العامة للأمم المتحدة ركزت على ملف ترسيم الحدود البحرية، لإتاحة فرص الاستثمار في ثروات النفط والغاز، في ظل الأزمة الخانقة التي يعاني منها لبنان، والحاجة لدعم دولي لتحرك لبنان نحو تثبيت حقوقه السيادية البحرية عن طريق الترسيم، أما الملف الثاني الذي ركز عليه عون فكان عودة النازحين السوريين الذي يشكل أحد أبرز أشكال الدعم التي يتوقعها لبنان من المجتمع الدولي عبر تقديم المساعدات للنازحين العائدين، ورفع الحظر الذي منع أي برنامج جدي لعودتهم على رغم التحولات التي شهدتها سورية على مستوى فرض الأمن والإستقرار في أغلب الجغرافية السورية، وبالتوازي كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أول زيارة خارجية لميقاتي، حاملاً التزامات الحكومة بالسير بالإصلاحات ساعياً لتسريع مؤتمر المانحين الذي وعد به ماكرون عندما تتشكل الحكومة.
اتجهت الانظار أمس نحو الإليزية التي جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس نجيب ميقاتي في لقاء يفترض أن يؤسس للمرحلة المقبلة اقتصادياً وإصلاحياً و»دعماً دولياً» لجهة رسم خريطة الطريق الحكومية للأسابيع المقبلة ولتطبيق المبادرة الفرنسية والتصويب على وجهة المساعدات التي ستكون مشروطة بالإصلاحات المطلوب من لبنان القيام بها.
وبحسب ما تقول مصادر فرنسية لـ «البناء» فإن اللقاء بين الرئيس الفرنسي والرئيس ميقاتي كان مهمًا وممتازاً وأن الرئيس ماكرون وضع كل إمكانات باريس أمام الحكومة الجديدة لجهة دعمها شرط الالتزام بالإصلاحات، مشيرة إلى أن الاهتمام الفرنسي منصب وفق الأولويات الباريسية المتصلة بالإصلاحات على إصلاح قطاع الكهرباء بالدرجة الأولى فضلاً عن أهمية اجراء الانتخابات النيابية العام المقبل. واعتبرت المصادر أن باريس تعمل على تأمين مظلة امان دولية للبنان وسوف تلعب دوراً في مهمة التفاوض اللبناني الحكومي مع صندوق النقد.
بالتوازي شددت مصادر مطلعة لـ «البناء» على أن رئيس الحكومة سيواصل مساعيه وجهوده للحد من انهيار لبنان وبالتالي العمل على تحقيق الإنجازات التي من شأنها أن تحد من الأزمة المستعصية على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والمالية، معتبرة أن زيارته باريس يمكن الرهان عليها إيجاباً وهي تعكس وجود بيئة دولية وغربية حاضنة لهذه الحكومة ومقدمة لاستعادة شبكة الأمان المالية، مع إشارة المصادر إلى أن الرئيس الفرنسي سيحاول العمل على إعادة العلاقات اللبنانية- الخليجية عبر مصر لأن من شأن ذلك أن يفتح الباب السعودي مجدداً أمام لبنان لمساعدته.
وقد أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مؤتمر صحافي مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد استقباله للأخير إلى غداء عمل في قصر الاليزية أننا سنواصل دعمنا لبنان يداً بيد مع القوى الحيّة في البلاد وسنحشد القوى الدولية لتأمين المساعدات الملحّة. المخاض الحكومي كان عسيراً وعبر الحكومة هناك اليوم فرصة لتنفيذ الاصلاحات وهذا ما تعهّدتم به أمامي الآن وأمام اللبنانيين. والمشوار لن يكون سهلاً إلا أنه ليس مستحيلاً.
وأضاف: المجتمع الدولي لن يقدم مساعدات إلى لبنان من دون القيام بالإصلاحات. لبنان يستحق أكثر من ذلك من أجل مستقبل شبابه، وتوجه إلى الرئيس ميقاتي بالقول مسؤوليتكم تاريخية وسنساعدكم كي تنجحوا بالإصلاحات ووعدت بمعاقبة وإدانة المسؤولين عن تأخير تشكيل الحكومة. وختم: لن أترك لبنان».
اما الرئيس ميقاتي كانت فرنسا ولا تزال الحليف الدائم والثابت للبنان. ودعم باريس له أهمية خاصة لأن فرنسا تمثل قلب المجتمع الدولي المكون من أشقائنا العرب وأصدقائنا في العالم. وقال: أكدت للرئيس ماكرون عزمي على تنفيذ الإصلاحات الضرورية والأساسية في أسرع وقت، بالتعاون مع حكومتي وبدعم من الرئيس ميشال عون والبرلمان، لاستعادة الثقة وبث نفحة أمل جديدة وتخفيف معاناة الشعب اللبناني. ستكون هذه الإجراءات حاسمة في إنعاش الاقتصاد، في متابعة المفاوضات الواعدة مع صندوق النقد الدولي والبدء بإنهاء الأزمة. وإنني واثق أنه يمكننا الاعتماد على دعم فرنسا في هذه المفاوضات. كذلك أكدت للرئيس ماكرون تصميم الحكومة على إجراء الانتخابات النيابية في الربيع المقبل، والتي ستسمح بتجديد الحياة السياسية التي يتوق إليها الشعب اللبناني الذي يعاني على الصعد كافة. قال الجنرال ديغول ذات يوم: «طالما أنني في موقع المسؤولية، فلن أسمح بالحاق أي أذى بلبنان.»
وبانتظار أن يستكمل الرئيس ميقاتي جولاته إلى العواصم الغربية والعربية في الأسابيع المقبلة، فإن المعلومات تشير إلى أنه سوف يلبي دعوة ملك الأردن عبد الله الثاني فضلاً عن أنه سوف يجتمع بنظيره العراقي مصطفى الكاظمي خلال الفترة المقبلة ومع ترجيح أوساط سياسية أن يقوم بزيارة إلى الكويت. وبينما يتوجه وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى بيروت مطلع الشهر المقبل، فان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان سيزور لبنان أيضا في الأيام المقبلة في سياق جولة تقوده إلى سورية
وأكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في كلمة لبنان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنه مع تأليف الحكومة اللبنانية وفق الآلية الدستورية بعد أزمة سياسية طالت على مدى سنة ونيف، دخل لبنان مرحلة جديدة نسعى لتكون خطوة واعدة على طريق النهوض؛ لافتاً إلى أن الحكومة العتيدة تنتظرها لا شك تحديات كبرى داخلية ودولية لتنال ثقة الشعب وثقة المجتمع الدولي بعد أن نالت ثقة البرلمان اللبناني.
وإذ أعلن تعويله على المجتمع الدولي لتمويل مشاريع حيوية في القطاعين العام والخاص من أجل إعادة إنعاش الدورة الاقتصادية وخلق فرص عمل، أكّد التعويل عليه أيضاً في المساعدة على استعادة الأموال المهربة والمتأتية من جرائم فساد. وفي سياق آخر، لفت الرئيس اللبناني إلى أن التهديدات الإسرائيلية المستمرة ضد لبنان هي الهمّ الشاغل للدولة اللبنانية، وآخر مظاهرها يتصل بالسعي الإسرائيلي للتنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها على الحدود البحرية.
وأعلن إدانة أي محاولة للاعتداء على حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة التي يتمسك بحقه في الثروة النفطية والغازية في جوفها، لا سيما أن أعمال تلزيم التنقيب بدأت منذ أشهر ثم توقفت نتيجة ضغوط لم يعد مصدرها خافياً على أحد.
وطالب باستئناف المفاوضات غير المباشرة من أجل ترسيم الحدود المائية الجنوبية وفقاً للقوانين الدولية مؤكداً أن لبنان لن يتراجع عنها ولن يقبل أي مساومة. ودور المجتمع الدولي أن يقف إلى جانبه.
"الجمهورية": ماكرون يستعجل الإصلاحات وميقاتي يتعّهد بإجراءات
وأشارت "الجمهورية" إلى أن الأجواء الداخلية ملفوحة بالهواء الباريسي الذي قدّم للحكومة جرعة إنعاش، مع استضافة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي. على انّ التعويل الداخلي يبقى على ما إذا كانت هذه الجرعة ستليها جرعات تنفيذية قريبة، تؤسّس لما ينتظره اللبنانيّون من فتح لأبواب المساعدات الدولية، إنفاذاً للوعد الذي سبق ان قطعه ماكرون بقيادة تحرّك بعد تشكيل الحكومة، لحشد الدعم للبنان.
لا شك انّ حضور لبنان في باريس في هذه الفترة، يكتسي أهميّة لافتة، ربطاً بمسارعة باريس إلى احتضان الحكومة اللبنانية، في وقت تنشغل فيه باريس في ملفات معقّدة، ليس اقلّها أزمة الغواصات مع اوستراليا والالتباس الحاصل في العلاقة بين فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، ما يعطي اشارة إلى أهميّة موقع لبنان بالنسبة الى فرنسا، كنقطة حضور ودور، معزّزة بعلاقات تاريخية بين البلدين.
باريس: شريك
وإذا كان الرئيس ميقاتي يعوّل على الزيارة الفرنسية، كفاتحة تحصينية لحكومته، وخطوة اولى تُفتح أمام كل الأبواب الموصدة في وجه لبنان، سواء الأبواب الشقيقة او الصديقة، وهو ما أكّد عليه رئيس الحكومة لناحية السعي الى نسج أفضل العلاقات مع المجتمعين العربي والدولي، فإنّ باريس، وعلى ما تقول مصادر ديبلوماسية فرنسية، تعوّل على نجاح الحكومة اللبنانية الجديدة، ولذلك قرّرت إدارة الرئيس ماكرون أن تلعب باريس دور المشارك العملي في وضع الترجمة التطبيقية لما تبقّى من مندرجات المبادرة الفرنسية، وذلك عبر المواكبة المباشرة للحكومة اللبنانيّة، وبزخم أكبر من ذي قبل، يساعد حكومة ميقاتي في سلوك خريطة الطريق التي حدّدتها المبادرة، وإنجاز خطوات اصلاحية ملموسة وضمن مهلة لا تتجاوز بضعة اسابيع.
إحياء فرصة
والأهم في ما تعكسه المصادر الديبلوماسية من باريس، هو ارتياح الإدارة الفرنسية الملحوظ للتطور البالغ الإيجابية بتشكيل حكومة في لبنان بعد أشهر طويلة من التعطيل السياسي لها. وكذلك الارتياح من إحياء فرصة الإنقاذ للبنان، التي ترى باريس انّ نجاحها متوقف على ما تبديه القوى السياسية اللبنانية على اختلافها، من تعاون جدّي مع الحكومة، يسهّل عليها إتمام مهمّتها، التي تعتريها صعوبات بالنظر الى تراكم اسباب ونتائج الازمة على كل المستويات، وذلك بالشكل الذي يراعي متطلبات وتطلعات الشعب اللبناني، إلى اصلاحات تزيل آثار السياسات السابقة التي كانت سبباً لتفاقم الأزمة وتفشي الفساد الاداري والسياسي في لبنان.
انتظار النتائج
واذا كان بعض المتحمّسين قد قاربوا المشهد الفرنسي من خلال لقاء ماكرون وميقاتي، بتسويق مقولة انّ زيارة ميقاتي الى باريس ستؤسس بالتأكيد لعهد جديد من العلاقات الفرنسية- اللبنانية أكثر عمقاً وقرباً، وانّ ما بعدها لن يكون بالتأكيد كما قبلها، وخصوصاً انّها تشكّل المفتاح لسائر الابواب الدولية في وجه لبنان، الّا انّ مصادر سياسية مسؤولة تتجنّب الإفراط في التفاؤل، وهي وإن كانت قد استخلصت من شكل الزيارة جرعة إنعاش فرنسية للزمن الحكومي الجديد، فإنّها في الوقت نفسه تؤثر التريّث لما سينتج منها عملياً من خطوات على الارض، والى أن تظهر تلك النتائج، فإنّ الواقعية توجب الإنتظار، وعدم الاستعجال في اطلاق توقّعات قد لا تكون في محلّها.
وتعتبر المصادر، انّ «من الطبيعي ان ينظر اللبنانيون إلى الحدث اللبناني- الفرنسي في باريس على أنّه نافذة امل، فاللبنانيون معلّقون بقشة ويريدون ان يروا سريعاً نتائج ملموسة تخفف عنهم نار الأزمة التي كوتهم». وتقول: «لا شك انّ فرنسا من خلال مبادرة الرئيس ماكرون الى استضافة الرئيس ميقاتي، تعكس صدق توجّهها لمدّ يد العون للبنان، وهذا أمر لا خلاف عليه، إلّا أنّ الأساس هنا، يبقى في أن يُرفد المسعى الفرنسي تجاه لبنان بمؤازرة دوليّة جديّة، فهل ستتوفّر هذه المؤازرة، أم أنّ تلك المؤازرة ستتأثر بملفات الإشتباك على أكثر من ساحة دوليّة، يتمدّد معها هذا الاشتباك الى ساحة لبنان، تؤرجح هذا البلد في صراع أجندات خارجية لا يحصد منه سوى الجمود والمراوحة السلبية في الأزمة؟».
لا حلول سحرية!
الى ذلك، وحول المسعى الفرنسي يقول مرجع سياسي مسؤول لـ»الجمهورية»: «كلّ جهد يصبّ في خدمة لبنان مرحّب به، لا بل نتمناه ونتوسله كعامل مساعد في خلاص لبنان مما يتخبّط فيه، بالتأكيد نحن نتمنى ان تتمخّض عن اللقاء بين ماكرون ورئيس الحكومة ايجابيات، ولكن هل ستظهر تلك الإيجابيات، فلست املك ما يؤكّدها او ينفيها، ولا أنصح بالحديث عن سلبيات قد لا تحصل ولا بالحديث عن ايجابيات قد لا تحصل أيضاً. لا شك انّ اللقاء بين ماكرون وميقاتي حدث مهمّ جداً، لكنّني لست من المؤمنين بوجود حلول سحرية ولا أتوقّع معجزات خارجية».
الّا انّ المرجع نفسه يؤكّد أن لا ايجابيات خارجية تجاه لبنان بالمجان، والمجتمع الدولي اكّد انّ بلورتها هي مسؤولية اللبنانيين، ولذلك فإنّ ما ينبغي التركيز عليه هو محاولة تحقيق «المعجزات الداخلية»، وتلك مهمّة الحكومة عبر مبادرتها الى خطوات إنقاذية جدّية ونوعية، فمن شأن نجاحها فيها أن يمكّنها من استجرار الايجابيات الخارجية وفتح كل الابواب لتدفق المساعدات الدولية للبنان. يعني ذلك، انّ ايجابيات الخارج مرهونة بإيجابيات واصلاحات سريعة تسبقها من الداخل. وهذا بالتأكيد ما يجب ان يحصل، ولكن هل سنتمكن من بلورة تلك الايجابيات مع اقتراب البلد من استحقاق الانتخابات النيابية. أنا أتمنّى ذلك، لكنّ ما أخشاه على باب الانتخابات هو أن تتحوّل كل الساحات الداخلية الى مناكفات ومزايدات شعبوية تضيّع فرصة الأمل بانفراجات واصلاحات؟».
"اللواء": البنك الدولي لشراكة في إنقاذ قطاع الكهرباء
على الصعيد التنفيذي للوعود الاصلاحية، إستقبل وزير المال يوسف الخليل وفداً من البنك الدولي برئاسة مدير دائرة المشرق في البنك ساروج كومار جاه، وتم البحث في المشاريع القائمة مع البنك الدولي.
وقال كومار جاه بعد اللقاء: هذا اللقاء الأول مع الوزير الخليل ولدينا شراكة متينة مع وزارة المالية. ركزنا على عدد من القضايا الحرجة للغاية التي يواجهها لبنان وكيف يمكن لمجموعة البنك الدولي أن تدعم لبنان. إن مساعدة الحكومة على معالجة أزمة قطاع الكهرباء تتصدر جدول أعمالنا. ونحن على استعداد لمساعدة الحكومة في مواجهة التحديات في هذا القطاع، والمضي قدما في الإصلاحات والمساعدة في زيادة توليد الطاقة في البلاد، والعمل أيضا مع الدول الشريكة لجلب الغاز والكهرباء لحل المشكلة.
اضاف: كما بحثنا في ضرورة الإسراع في تنفيذ مشروع شبكة الأمان الاجتماعي الذي سيساعد أكثر من 200 ألف أسرة في لبنان وهو أولوية للحكومة، وبالنسبة لنا أيضا، وقد تأخر تنفيذه. لذا طلبنا من وزير المالية المساعدة في دفع عملية تنفيذ المشروع. وتحدثنا عن ضرورة إعادة الأطفال اللبنانيين إلى المدرسة والتعلم وهو أمر مهم للغاية. ويود البنك الدولي أن يكون شريكاً في هذا الجهد نظرا لأهميته.
أضاف: بحثنا أيضا بشكل عام في التعاون على صعيد الاقتصاد الكلي والسياسة المالية وتطوير القطاع الخاص وغيرها من الإصلاحات. نؤكد استعدادنا لدعم الجهود في معالجة الأزمات الملمة بلبنان وتنفيذ الإصلاحات الملحة على وجه السرعة.
وزار كومارجاه ايضا وزير التربية عباس الحلبي، وتناول البحث موضوع توفير مقومات العودة الى المدراس، والحوافز الممكنة لتخفيف الأعباء عن المؤسسات والأساتذة والأهل وضمان سنة مدرسية آمنة.
الوضع المعيشي
وبإنتظار تحقيق الخطوات الاصلاحية والانقاذية الاولى والسريعة، بقيت ازمة المحروقات على حالها تقريباً وان تكن قد تراجعت طوابير السيارات بشكل قليل امام المحطات التي فتح العديد منه خراطيمه امام المواطنين ما خفف الزحمة نسبيا، لكن ازمة المازوت ما زالت حادة.
وعرض الرئيس عون امس، مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض واقع المحروقات في البلاد وانعكاساته على وضع التيار الكهربائي والإجراءات الواجب اتخاذها لإيجاد الحلول المناسبة.
في السياق، غرّد رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط عبر «تويتر»: «أين أصبح النفط العراقي؟ ومن هي الشركات المكلفة باستبداله بالفيول من اجل انتاج الكهرباء في المصانع اللبنانية؟ غريب التعتيم على هذا الموضوع. قد يكون من المفيد للامن العام اللبناني ان يرسل وحداته الخاصة للبحث عن مصير الشاحنات بين الانبار ودير الزور».
قاسم: الحكومة إنجاز
ووصف نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تأليف الحكومة بإنجاز، واصفاً الحكومة بذاتها بأنها جيدة، ودعا الحكومة لأن تقلع، مقترحا ان تعمل على 5 اشياء اساسية: 1 - متابعة المشاريع مثل الكهرباء والصحة.
2 - رفع أسعار الدولار، ومعالجة تدهور الأجور.
3 - تأمين مقومات النهوض الاقتصادية كالعمل الإنتاجي في الزراعة والصناعة.
ad
4 - تنفيذ البطاقة التمويلية.
5 - توفير آلية لتأمين البنزين والمازوت.
ودعا إلى الاستمرار بالتدقيق الجنائي، ومواجهة الفساد، مشددا على خطة إنقاذ.
واشار: لا مانع من نقاش مع صندوق النقد الدولي، لأخذ ما يناسب وما لا يناسب، رافضا أي وصفة جاهزة.
واعرب عن أمله بمساعدة فرنسا للبنان بعد لقاء الرئيس ميقاتي مع الرئيس ماكرون.
على صعيد آخر، أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان الحزب قرّر الرد على أي اعتداء إسرائيلي، ولو أدى ذلك إلى حرب، سيخوضها الحرب ولن يتوقف.
"الأخبار": لا ثقة بمصرف لبنان: هيئة مستقلّة لـ«إعادة هيكلة المصارف»
في 16 تموز 2020 أصدر حاكم مصرف لبنان مذكرة إدارية رقمها 2272 ترمي إلى إنشاء لجنة خاصة لـ«إعادة هيكلة المصارف». كانت هذه اللجنة بمثابة إقرار بوجود خسائر محققة في المصارف تستدعي إعادة هيكلتها جميعاً. وهي جاءت مباشرة بعد إطاحة لجنة المال النيابية بخطّة التعافي، لتكون هذه اللجنة بمثابة غطاء للتهرّب من تحديد الخسائر والقيام بالإجراءات القانونية من تصفية ودمج وسواها مما يطاول تعديلاً في بنية وهيكلية القطاع المصرفي. هذه الخطوة وما تلاها، أتاحت لمصرف لبنان التهرّب من الاعتراف بخسائره التي تستوجب أيضاً إعادة هيكلته، لذا يجب أن تكون إعادة الهيكلة في القطاع عبر «هيئة مستقلّة».
«65 مليار دولار هي الخسائر المتوقّعة للمصارف اللبنانية بعد إعادة هيكلة القطاع المالي (...) ما يجعلها مُفلسة»، بحسب تقديرات وردت في تقرير أصدره الخميس الماضي رئيس قسم الأبحاث الاقتصادية في «غولدمان ساكس» فارق سوسا. وفي إحدى مراسلاته لوزارة المالية (في عهد الوزير السابق غازي وزني)، يُقدّر صندوق النقد الدولي الخسائر الإجمالية في مصرف لبنان والمصارف بنحو 113 مليار دولار، أي أعلى من تقديرات «خطّة التعافي» البالغة 80 مليار دولار في نيسان 2020.
يفترض بهذه الخسائر الضخمة أن تكون مدخلاً نحو هيكلة القطاع المصرفي كأولوية لا يعلو سواها أي عمل آخر. لكن تحالف البنك المركزي - المصارف - القوى السياسية المنضوية في «حزب المصرف»، تمكنت من قلب جدول الأعمال لتصبح طباعة النقد مدخلاً لتقليص خسائر المصارف عبر هيركات مقنّع على أموال المودعين، على أن تتم لاحقاً عمليات شكلية تندرج تحت إعادة الهيكلة من نوع التصفية والدمج وسواها. عملياً، كان يتم تنظيف الميزانيات على حساب المودعين والمجتمع والاقتصاد، ومن دون إجبار المصارف على رسملة نفسها بأموال طازجة بالعملات الأجنبية. وفي السياق نفسه ولدت تسوية في البيان الوزاري لتضمينه عبارة «إصلاح القطاع المصرفي وإعادة الهيكلة حيث يجب». بدا كأن الحكومة تعبّر مسبقاً عن ممارسة انتقائية في التعامل مع القطاع المصرفي لتجنب أي التزام يمسّ بالبنية الحالية للمصارف، ومن دون أن تنظر إلى مفاعيل تغافل مصرف لبنان، عمداً، عن إعادة هيكلة المصارف التي «تترك لبنان مع مصارف غير مؤهلة لدعم التعافي الاقتصادي» كما ورد في تقرير سابق صادر عن وكالة «ستاندرد أند بورز».
النقطة المحورية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي تتمحور حول تحديد الخسائر في ميزانيات البنك المركزي والمصارف. الخسائر حدّدها مصرف لبنان في التعميم 543 على النحو الآتي:
- تحتسب الخسائر المتوقعة على توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان بنسبة 1.89 في المئة.
- تحتسب الخسائر المتوقعة على توظيفات المصارف في سندات الخزينة بالعملات الأجنبية (يوروبوندز) بنسبة 45 في المئة.
تتعارض هذه الطريقة في الاحتساب مع معايير المحاسبة العالمية. لذا، لم تعترف شركات التدقيق بصحة ميزانيات المصارف. «فكيف تنجح إعادة هيكلة قبل تحديد الخسائر؟»، يسأل مسؤول سابق في مصرف لبنان. عددٌ من المصارف طلب احتساب «10 في المئة أو 11 في المئة مؤونات على توظيفات المصارف لدى مصرف لبنان، لكن حين يُحدّد سلامة هذه النسبة المُتدنية، فكأنّه يعتبرها أصولاً مُنتجة ولم تتعرّض لمخاطر عالية، وهذا أمر غير صحيح». لا بل هو يواصل تسديد الفوائد عليها!
حجم الخسائر هو المعيار «الذي على أساسه يُحدَّد إذا كان المصرف قادراً على الاستمرارية أو مُفلساً»، يقول المصرفي والوزير السابق عادل أفيوني. يوافق على أنّ «الخلاف الكبير مصدره الدين السيادي، والموجودات في البنك المركزي. إذا لم نصل إلى أجوبة في هذا الخصوص يعني أنّ جزءاً كبيراً من الميزانيات مشكوكٌ بتقييمها، ولا يوجد أي مُدقّق عالمي يوافق عليها».
وفق هذه القاعدة، بحسب المسؤول السابق في مصرف لبنان، «توضع خطّة التعافي (Resolution plan)، وتتولّى هيئة مستقلّة تحديد المصرف المُتعثّر أو المُعَرَّض للتعثّر، ليتمّ بناءً على ذلك حسم أي من المصارف التجارية قادرة على الاستمرار، وأي منها يجب تصفيته أو دمجه مع مصرف آخر». يعتقد أنّه لا مفرّ من آلية العمل هذه «لأنّ القرارات والتعاميم العادية لم تعد نافعة في إعادة إنعاش المصارف، لا بل على العكس ستُسهم في تعميق عدم الاستقرار المالي وزيادة تأثيره في المصلحة العامة».
الحلّ في خطّة تعاف تتولّى تطبيقها هيئة مستقلة
يقول المستشار السابق لوزير المال، هنري شاوول (أحد أعضاء الوفد التفاوضي مع صندوق النقد الدولي في حكومة حسّان دياب)، إنّ «المشكلة ليست في وجود الخسائر، لأنّها واضحة وأحد الأدّلة على ذلك عملية تحويل 70 في المئة من الودائع من الدولار إلى الليرة لإخراجها من المصارف (وتقليل الخسائر في ميزانيات القطاع المصرفي)، بل في الاعتراف بها، وتحديد من يجب أن يُغطّيها». الآلية الصحيحة لتغطية الخسائر هي في أن «يأتي المساهمون بالمال ويضخّونه في المصارف». شاوول كان أحد الذين عملوا في حزيران على خطّة لإعادة الهيكلة تفتح «نافذة حوار» مع أصحاب المصارف عبر عملية إنقاذ داخلية جزئية وليست شاملة، أي عدم خسارة المساهمين لكامل رأسمالهم، «طرحنا في خطّة الإنقاذ السابقة حماية أكثر من 95 في المئة من المودعين وفرض هيركات على الودائع ما فوق الـ500 ألف دولار وأن يدفع المساهمون حصّتهم من الخسارة، فأسقطوها. حاولنا هذه المرّة أن نُرخي الحبلة قليلاً، ونقول لهم إنّ مساهمتهم في تحمّل الخسارة لن تكون شاملة، وحتّى هذا الأمر لم يتجاوبوا معه». علماً بأنّ إعادة الثقة في البلد «تبدأ من إعادة الثقة في القطاع المصرفي. كيف ستُمَوّل هذه العملية؟ هذا قرار سياسي».
القرار السياسي الوحيد للسلطة السياسية هو في إنقاذ أصحاب المصارف. يُشير أفيوني إلى أنّه «عملياً الجميع اتّخذ المودع رهينة، وبخاصة صغار المودعين المُحتاجين إلى ودائعهم ليعيشوا وغير قادرين على انتظار الحلّ، فأجبروه على سحب أمواله وفق سعر صرف 3900 ليرة، ما أدّى إلى خفض خسائر القطاع المصرفي. نتيجة هذا النكران للخسائر، أصبح لدينا نظام مصرفي أول الخاسرين فيه هم المودعون عوض أن يكون المساهمون. بأي نظام رأسمالي هذه هرطقة». وبما أنّ هذا الوضع بات مُستنزفاً للمجتمع والإنتاج، ولم يعد ممكناً انتظار الحلّ الكبير والاتفاق على الخسائر، «يجب فصل النشاط التجاري عن المحفظة السيادية للمصرف، فتوضع الأخيرة في صندوق يملكه المودعون الكبار والمساهمون». يشرح أفيوني أنّه بهذه الطريقة «نكون قد حجّمنا المصارف، وحصرنا نشاطها بالإنتاج، أما الصندوق السيادي فيخوض مفاوضات جانبية مع الدولة حول طريقة توزيع واحتساب الخسائر».
من جهته، يتحدّث شاوول عن حجم القطاع المصرفي الكبير جدّاً نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، «اقتصادياً هذا لا يجوز، ولا مفرّ من دمج المصارف». يُذكّر بأنّه ما بين آذار 2020 وآذار 2021، أُقفل مليون و200 حساب من أصل مليونين و700 حساب، «هؤلاء هم تقريباً المودعون الصغار والمتوسطين. ماذا يُريدون حالياً؟ استخدام أملاك الدولة لدفع أموال كبار المودعين والمساهمين؟». هنا يتفق شاوول مع المسؤول المصرفي على أن سرّ نجاح خطّة التعافي التي يحتاجها القطاع «بوجود هيئة مستقلة، غير مرتبطة بمصرف لبنان أو بأي لجنة أو هيئة رقابية حالية. يجب أن تمتلك هذه الهيئة صلاحيات الولوج إلى حسابات المصارف وتصنيفها بين متعثّر وقابل للاستمرار». وذلك يتم في إطار دراسة ميزانيات المصارف لتحديد نسب السيولة المطلوبة والرسملة لكلّ منها. «ومن المهم أن تكون خطة التعافي متطابقة مع المعايير الدولية لتقليل المخاطر». المهم، يقول شاوول، «تكسير الروابط بين المصارف والقطاع العام. لا يُمكن تعيين مسؤولين سياسيين هم أعضاء في المصارف أو تربطهم علاقات، ثمّ نفترض أنهم سيتمكنون من مفاوضة صندوق النقد وإعادة هيكلة المصارف».
فكفكة «المركزي» وإعادة تركيبه
إعادة هيكلة القطاع المصرفي لا تتعلّق فقط بالمصارف، بل جزءٌ أساسي منها يقوم على إعادة هيكلة مصرف لبنان. خسائره تؤثّر في قراراته المتعلقة بتحديد السياسات النقدية، ولا سيما في إحدى أهم أدواته للدفاع عن النقد والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي: الاحتياطي بالعملات الأجنبية. في البنك المركزي يجب أن تنطلق «ورشة» تطاول مواد عدّة في قانون النقد والتسليف، خصوصاً ما يؤدّي إلى تعزيز دور الجهات الرقابية بعيداً من سلطة المصرف المركزي عليها، وتعزيز صلاحيات مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان حتى يتمكن من طرح التناغم بين السياسات المالية والسياسات النقدية في المجلس المركزي لمصرف لبنان حيث تتخذ القرارات. ومن الأمور الأساسية أيضاً، فصل مصرف لبنان عن هيئة الأسواق المالية، وفصل هيئة التحقيق الخاصة عن مصرف لبنان، وتحويل لجنة الرقابة على المصارف إلى سلطة قائمة بذاتها، بهدف عدم حصر الصلاحيات في شخص واحد يمكنه تعطيل عمل الهيئات ومنع الرقابة والمحاسبة. أما في الأدوار الوظيفية لمصرف لبنان فيجب أن تحدّد بشكل أوضح بالإضافة إلى آليات التنفيذ بعد تحديد صلاحياته المفتوحة بشكل شبه مطلق، وتحديد أولوياته ضمن هذه الصلاحية، خصوصاً أنه استعمل الحفاظ على القطاع المصرفي كأولوية تسبق الحفاظ على سلامة النقد الوطني، وسلامة الاقتصاد.
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024