لبنان
السيد نصر الله يعلن عن تحميل باخرة ثالثة من إيران.. والحكومة إلى الصفر
اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بمواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في ذكرى التحرير الثاني، خاصة ما يتعلق بالإعلان عن تحميل سفينة ثالثة بالمحروقات من إيران، ومواقفه من التحقيقات في انفجار المرفأ.
وتناولت الصحف الملف الحكومي، وأبرز المستجدات التي تمثلت في بيان وبيان مضاد بين نادي رؤساء الحكومات السابقين ورئيس الجمهورية، كذلك حديث الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عن عدم اعتذاره عن التأليف.
"الأخبار": نصر الله في ذكرى التحرير الثاني: تحميل سفينة المحروقات الإيرانية الثالثة
تحدّث الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله أمس في ذكرى «التحرير الثاني»، ليُذكّر بالضغوط التي مارستها الولايات المتحدة الأميركية على الدولة اللبنانية لمنع مقاتلة التكفيريين في الجرود، لا بل مدّهم بالتجهيزات والأسلحة، وليربط بينها وبين السياسة الاقتصادية المُعتمدة حالياً بمنع الاستثمارات ودخول الأموال إلى لبنان، وفرض حظر على استجرار الغاز والكهرباء اللازمين له. يعيش لبنان في ظلّ حصار أميركي، وفراغ مؤسساتي داخلي يستوجب تأليف حكومة، «كيف لم تؤدّ الدماء والصرخات والآهات بالمسؤولين إلى إنجاز حكومة؟»، سأل نصر الله.
الأكيد أنّ علّة النظام اللبناني بنيوية، تزيدها سوءاً سيطرة مجموعة من المُنتفعين على الدولة وجعلها في خدمتهم فقط، مع تعطيل أي محاولة لضرب مصالحهم. إلا أنّ ذلك لا يتعارض مع واقع أنّ لبنان يتعرّض لحصار أميركي، هدفه منع وضع حدّ للانهيار عبر إيجاد خطّة إنقاذية. وبحسب الأمين العام لحزب الله، السيّد حسن نصر الله، فإنّ «من ينفي وجود حصارٍ على لبنان ولا يشعر به، هم أنفسهم الذين نفوا وجود تنظيم داعش أو غيره. من أوضح الواضحات أنّ هذا البلد يتعرّض منذ السنتين الماضيتين لحصارٍ كبير، عبر عدد من الموانع الاقتصادية، تحت طائلة التهديد بالعقوبات الأميركية». مؤشرات عدّة ذكرها نصر الله في كلمته أمس لتأكيد وجود حصارٍ على البلد، وهي: منع الدول من إيداع الودائع في البنك المركزي، الطلب من دولٍ سحب ودائعها من مصرف لبنان، منع تقديم قروض وأموال، منع القيام باستثمارات... «حتّى إذا كانت دولة كروسيا والصين جاهزة لتنفيذ استثمارات يتمّ التهديد. هذا ليس حصاراً؟». بالإضافة إلى ذلك، «قانون قيصر» على سوريا، لم يكن الهدف أميركياً منه «حصار على سورياً فقط، بل على لبنان أيضاً. أغلق الأبواب على كلّ اللبنانيين الذين أرادوا الاستثمار في سوريا، وهذه ضربة كبيرة للاقتصاد اللبناني».
ولا يُمكن في هذا الإطار القفز فوق كلام سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان، دوروثي شيا، بعد الإعلان عن انطلاق أول سفينة محروقات إيرانية، بـ«الإذن» للبنان استجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا، والكهرباء من الأردن عبر سوريا. معلومات نصر الله تُشير إلى أنّ «الموافقة ليست نهائية»، أي أنّه ليس أكيداً موافقة دوائر الإدارة الأميركية على هذا الاستثناء، ولكن بكلّ الأحوال «كلام السفيرة اعتراف ضمني بأنّهم في السنوات الثلاث الماضية عطّلوا ومنعوا تطوير قطاع الكهرباء». سنوات عانت خلالها الخزينة العامة والشعب والاقتصاد، ولم تكن الدولة لتحصل على استئذان «لولا أنّ أحداً قال إنّنا سنأتي بالبنزين والمازوت من إيران. وهذا يُهدّد مشروع الأميركيين الداخلي». ردّة الفعل على الخطوة الأخيرة تؤكد أنّه لو رفع المسؤولون في لبنان صوتهم عالياً «في وجه السفارة الأميركية والمسؤولين الأميركيين لكانوا حصلوا على استثناء من قانون قيصر». قدّم نصر الله مثالاً ــــ مقارنة ــــ بين لبنان والحكومة الأفغانية الموالية لواشنطن (قبل الانسحاب الأميركي من أفغانستان وسيطرة حركة طالبان على الحُكم)، التي كانت تشتري البنزين والغاز المنزلي من إيران، «فإذا كنتم فعلاً مهتمين بالشعب اللبناني، وتعتبرونه أغلى من قططكم وكلابكم، أعلنوا استثناء لبنان من تطبيق قانون قيصر».
نصر الله: أما آن لهذا النقاش حول الحقائب والأسماء أن ينتهي؟
وبانتظار «بركة» الأميركيين (إن حلّت)، أعلن الأمين العام لحزب الله الاتفاق مع «الإخوة في إيران على البدء بتحميل سفينة ثالثة، فنحن مُقبلون على موسم شتاء وسيكون هناك ضغط خلال أيلول وتشرين الأول، لذلك السفينتان الأولَيان ومهما تكن الكمية المُحمّلة، مساهمتهما محدودة. نحن بحاجة إلى أكثر من سفينة». ويجب أن يستمر العمل «بكل ما يُساعد على تخفيف المعاناة، كمشروع البطاقة التمويلية». وبالتوازي، أولى نصر الله أهمية لمتابعة «ومراقبة شركات الغاز والبنزين والأدوية والمواد الغذائية، لمواجهة الاحتكار والتخزين والسوق السوداء». أما الأهم من كلّ الإجراءات «فهو تشكيل الحكومة، المدخل الطبيعي لإدارة الأزمة»، مُتأسّفاً كيف لم تتمكّن «دماء المظلومين في التليل (عكّار)، ولا صرخات المذلولين على المحطات، ولا آهات مرضى السرطان، أن تؤدّي بالمسؤولين إلى إنجاز الحكومة؟ أما آن لهذا النقاش حول الحقائب والأسماء أن ينتهي؟».
من ناحية أخرى، رأى نصر الله أنّ كل الوقائع «تؤكّد أنّ طريقة إدارة ملفّ التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت قائمة على الاستنسابية والاستهداف والتسييس». التأكيد بالنسبة إليه لـ«الهواجس والمخاوف التي تحدثنا عنها سابقاً» يأتي من مذكرة الجلب بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، «ما قام به القاضي طارق البيطار استضعاف لرئيس الحكومة، ومخالف لنصوص الدستور. نُطالب الجهات القضائية بالتدخّل والتصرّف بما يُمليه الدستور، لأنّه لا يُسمح باستضعاف أي موقع».
مناسبة كلمة نصر الله أمس هي الاحتفال بالذكرى السنوية الرابعة لتحرير الجرود الشرقية في 28 آب 2017. توصف الذكرى بالتحرير الثاني «لأنها يوم انتصار. ما حصل كان جزءاً من الحرب الكونية على سوريا، وجزء من مشروع كبير لسيطرة «داعش» على كلّ المنطقة». إلا أنّ «القتال الضاري الذي خاضه الجيش السوري ورجال المقاومة منع وَصل منطقة تدمر بالقلمون». هوية المعركة كانت «لبنانية ــــ سورية، شارك فيها الجيش العربي السوري، وقوات شعبية سورية وحزب الله، ومن الجانب اللبناني على مدى سنوات حزب الله وأهل المنطقة، وفي المرحلة الأخيرة شارك فيها الجيش اللبناني». المدّ اللوجستي تكفّلت به إيران، فذكّر نصر الله مُجدّداً بأنّ هذه الدولة «تُساعد وتدعم، في حين أنّ أميركا تصنع داعش وتُرسله إلى المنطقة وتمنع الدولة واللبنانيين من حسم المعركة في جرود البقاع تحت طائلة التهديد بوقف المساعدات للجيش اللبناني. الرئيس ميشال عون لم يرضخ للضغوط الأميركية». أخبر نصر الله كيف حمل أهل المنطقة السلاح «ومنهم من ينتمي إلى أحزاب كانت ترفض القتال. وحين تدخّل حزب الله، كان يُعبّر عن استجابة أخلاقية وجهادية لإرادة أهلنا في تلك المناطق. معارك تحرير الجرود كانت صعبة ومكلفة قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ونُقاتل كتفاً إلى كتف».
وصف نصر الله التجربة بـ«المهمة جدّاً لحماية لبنان، وسُجّلت لمصلحة معادلة الجيش ــــ الشعب ــــ المقاومة، وسلاح المقاومة الذي يعمل البعض ليل نهار لاستهدافه... ونقول للتكفيريين، كما نقول للإسرائيليين، وإن عُدتم عُدنا». وتمنى نصر الله في الذكرى «التمكّن من مواجهة الحرب الاقتصادية، التي تُريد المسّ بإرادة بلدنا ومقاومتنا».
وكما كانت واشنطن تدعم «داعش» في سوريا والعراق، كانت تُغذّيه في أفغانستان. «الطائرات الأميركية نقلت كوادر داعش وعناصره من سوريا والعراق إلى أفغانستان، لتُقاتل بهم حركة طالبان ولإرباك دول الجوار بهم». حصل ذلك في السنوات التي سبقت إعلان الانسحاب، «لنتأكد من أنّ كلّ العناوين التي طُرحت بعد أحداث 11 أيلول، لغزو أفغانستان والعراق، عناوين كاذبة وكان الغرض الحقيقي الاحتلال ومصادرة القرار السياسي ونهب ثروات البلاد». وما يشهده العالم اليوم في أفغانستان «مشهد كامل لهزيمة وفشل وسقوط أميركي كامل».
كلمة نصر الله تزامنت مع ذكرى 31 آب، اختطاف واحتجاز الإمام السيد موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في ليبيا عام 1978. فاعتبر أنّ «إمام المقاومة والوطن، ورمز الضمير والقيم الإنسانية، كان حاجزاً ومانعاً لأي فتنة بالبلد. إزالته كانت استهدافاً للمقاومة ومشروع تحرير القدس وفلسطين واستهداف للسلم الأهلي».
"البناء": ميقاتي: لا اعتذار… التعقيدات قائمة
ولا يزال الغموض يلفّ الملفّ الحكومي وسط معلومات متضاربة حول مسار التأليف ومدى التقدم الذي حصل في اللقاء الأخير بين الرئيسين عون وميقاتي فيما استمرت الاتصالات وما أحرزته الاتصالات المستمرة، لكن المعطيات التي ظهرت خلال اليومين الماضيين والمواقف التصعيدية التي ظللت المشهد الداخلي عقدت مسار التأليف وأوحت بأن الأمور تتجه إلى مزيد من التصعيد لا سيما مذكرة الجلب التي أصدرها المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والسجال الذي اشتعل على جبهة بعبدا – نادي رؤساء الحكومات ودار الفتوى التي وجهت رسالة قاسية إلى رئيس الجمهورية.
وعكست مصادر مطلعة على مشاورات التأليف أجواء سلبية مشيرة لـ «البناء» إلى أن «لا حكومة في الأفق ودخلنا في لعبة الكباش وحافة الهاوية بين العهد والرئيس المكلف ونادي رؤساء الحكومات السابقين من خلفه»، وشددت على أن «سعي عون للحصول على الثلث المعطل هو من يعرقل تأليف الحكومة»، مضيفة: «من فشل بتأليف حكومة بعد 13 زيارة ولقاء مع عون لن يستطيع التأليف في 30 لقاء، ما يجعل إقدام ميقاتي على تكرار المحاولة وزيارة عون لزوم ما لا يلزم»، وخلصت المصادر للقول ان «الأسبوع المقبل هو أسبوع الحسم، فإما تأليف حكومة وإما سيتجه ميقاتي نحو الإعتذار»، لكن أوساط مقربة من ميقاتي أوضحت لـ»البناء» أنه «صحيح أن الرئيس المكلف لم يحدد مهمة التأليف بمهلة محددة، لكنها بالتأكيد ليست محدودة وعندما يجد أن الأبواب سدت فسيتجه نحو الإعتذار حكماً».
وأطلق ميقاتي سلسلة مواقف أكد فيها «أنّ الاعتذار ليس على مفكرتي وغير وارد في ذهني والبلد يحتاج إلى حكومة للإنقاذ»، وقال في حديث تلفزيوني «قبلت التكليف لتأليف الحكومة ولا زلت أتعاطى بإيجابية وآمل تخطي وتجاوز العقد الموجودة». وتابع: «الرئيس المكلف يجب أن يكون له الدور الأول في تشكيل الحكومة لأنه المسؤول الأول أمام مجلس النواب والشعب»، وأضاف: «لا أهدف إلى القيام بانقلابات وتغيير المراكز بل هدفي هو إيجاد حلول لمعاناة الناس». ولفت إلى أنّ «هناك عقداً وعراقيل أمام تشكيل الحكومة وسأحاول جاهداً تذليلها من أجل الوصول إلى حكومة توقف الانهيار». وأشار الى أنّ «في كلّ اجتماع نبدأ وكأننا في المربع الأول لكنني لا أقول كل شيء على الإعلام كي لا أنشر الإحباط». وحذر ميقاتي من أن «لبنان يواجه خطر الزوال وأريد أن أعطي أملاً للبنانيين للبقاء في وطنهم والسعي لوقف الانهيار الحاصل».
وفي حديث آخر قال ميقاتي رداً على سؤال عن استيراد المحروقات من إيران: «لا أحد يريد مزيداً من العقوبات على لبنان، لكن أقول للمنتقدين ولجامعة الدولة العربية «أعطونا شمعة»، فنحن لا نقدر أن نقول لا للباخرة الإيرانية من دون أن نملك بديلاً، ولبنان سيظلّ في الحاضنة العربية».
إلى ذلك لفتت أوساط مطلعة على موقف بعبدا لـ «البناء» إلى أنه «طالما الرئيس المكلف لم يعتذر فإنّ رئيس الجمهورية مستمرّ بالمشاورات حتى تذليل العقد، وإما يتوصلان الى اتفاق على حكومة توافقية وإما استمرار الوضع على ما هو عليه وإما الإعتذار والذهاب إلى أزمة مفتوحة»، وأشارت الأوساط إلى أنّ «عون لم يعد يملك أيّ صلاحية أو وسيلة ضغط لدفع الرئيس المكلف الى تأليف الحكومة، كما لا يملك أيّ وسيلة لدفعه للاعتذار، وجلّ ما يستطيعه الدعوة إلى استشارات تكليف جديدة في حال الاعتذار وما يحمله ذلك من قدرة خطر رفض الطائفة السنية المشاركة في هذه الاستشارات وبالتالي تعطيلها».
وكان عون أكد حرصه على «المحافظة على حقوق كلّ الطوائف اللبنانية في الحياة السياسية وتحقيق التمثيل العادل لها في المؤسسات الدستورية»، لافتا الى «ان هذه المسألة تتمّ مراعاتها في خلال تشكيل الحكومة الجديدة لتكون شراكة المكوّنات اللبنانية فيها كاملة، تراعي التوازن والميثاقية خصوصاً في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان حاليا والتي تتطلب تحصينا للوحدة الوطنية».
وبرزت مواقف مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان الذي حمل على رئيس الجمهورية بحضور الرئيسين دياب وميقاتي، حيث أشار دريان الى أن «الوقت الذي هو من عمر اللبنانيين يُضيَّع بين مشاورات ولقاءات يشوبها الكثير من التعنّت والتصلّب ومحاولة إلغاء الآخر». أضاف «التصويب على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمرٌ مرفوض وغريب عن أصول التعامل مع رئاسة الحكومة والإصرار على هذا النهج من قبل البعض في السلطة القضائيّة التي لا نتدخّل في عملها يُسيء إلى أصول مفهوم التعامل مع الرئاسة الثالثة في قضيّة انفجار مرفأ بيروت»، مضيفاً: «فلتُرفع كلّ الحصانات عبر إصدار قانون من مجلس النواب ولتأخذ العدالة مجراها بعيداً من الانتقائيّة والاستنسابيّة والكيديّة المقيتة فالعدالة الانتقائيّة ليست عدالة». واعتبر انّ “ما جرى من انفجار مرفأ بيروت وانفجار التليل في عكار والاشتباكات المتنقّلة في بعض المناطق سببه الأساس هو الترقيع، فلنقلع عمّا نحن فيه من تخبّط وإلا فإنّنا ذاهبون فعلاً إلى الأسوأ والانهيار الشامل».
وتوجه دريان إلى رئيس الجمهورية قائلاً «حاول أن تنقذ ما تبقّى من عهدك وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنّم إلى قعر جهنّم كما بشّرتنا».
وكان مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية ردّ على بيان رؤساء الحكومة السابقين بالقول «من المؤسف حقاً اتهام رئيس الجمهورية في موضوع تفجير المرفأ في حين انه وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي لسماع شهادته». واضاف «ان العدالة لا تنال من أيّ موقع دستوري اذا مورست من المرجع المختص ولبنان عانى ولا يزال من الخطوط الحمر الطائفية لدى كلّ مساءلة». وتابع «رئيس الجمهورية لم يبادر يوماً الى استنهاض الحسابات المذهبية والطائفية في معرض الملاحقات القضائية». واشار الى ان «الكلام الخطير في البيان عن «العدالة المقنعة» و»القضاء المسيّس» فيه إهانة واستضعاف مرفوض ومشين للسلطة القضائية». ورأى المكتب ان «توقيت البيان مريب فيما رئيس الجمهورية يبذل جهداً لتأليف الحكومة للتصدي للمعاناة القاسية التي ينوء شعب لبنان تحت اثقالها». وقال «رئاسة الجمهورية مستمرة في التصدي لمكامن الخلل والتدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان وسائر مرافق الدولة لتحديد الخسائر والمساءلة».
وأثارت مذكرة بيطار بحق دياب ردود أفعال وحملة اعتراض واسعة، فقد أشارت مصادر قانونية وسياسية لـ»البناء» إلى أن «الدستور واضح لجهة صلاحية مجلس النواب في اتهام الرؤساء والوزراء والإحالة إلى محكمة استثنائية تسمّى المجلس الأعلى لمحاكمتهم وبالتالي لا يزال ساري المفعول»، مشيرة إلى أنّ مذكرة الجلب بحق رئيس حكومة غير مستساغة قضائياً وشعبياً وسياسياً، فكيف إذا لم تراعِ الأصول الدستورية والقانونية»، مشددة على أنّ المذكرة تحمل رغبة بالإيذاء وأبعد من خطأ قانوني». وأضافت المصادر: «إذا ذهب دياب الى التحقيق يشكل سابقة سياسية خطيرة بحق موقع رئيس الحكومة وخرق فادح للقانون».
وأرسل الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية، جاء فيه: «لما كان قد ابلغنا دولة رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب أن المحقق العدلي السيد طارق بيطار قد أبلغه ورقة إحضار امامه بتاريخ ٢٦ – ٨- ٢٠٢١، ولما كان هذا الإجراء لا يعود إختصاصه الى القضاء العدلي وفقاً للمواد ٧٠ – ٧١- ٨٠ من الدستور وفقا للقانون ١٣/٩٠ وهذا الامر موضوع ملاحقة أمام المجلس النيابي تمهيداً للسير بالإجراءات اللازمة. ووفقاً لما سبق نعلمكم لاتخاذ الإجراء المقتضى».
وأفيد أنّ النيابة العامة التمييزية تتجه الى ردّ مذكرة إحضار دياب التي أصدرها البيطار لاستحالة تنفيذها كونه رئيس حكومة فاعلاً وليس سابقاً ولأن كلّ الأجهزة الأمنية تابعة له.
على صعيد الأزمات الحياتية، سجلت حلحلة جزئية على خط المحروقات، مع بدء السوق تلمّس مفاعيل قرار رفع الدعم الى الـ8000، حيث خفت قليلاً الطوابير امام المحطات. وأعلن مصرف لبنان في بيان أن دولار المحروقات على سعر منصة “Sayrafa” أما حليب الأطفال والمواد الأولية والأدوية على سعر الـ 1500. لكن في المقابل برزت ملامح أزمة نفايات حادة قريباً حيث شهدت بيروت أكواماً من النفايات في مختلف أحياء بيروت وبعض الضواحي، وعزت مصادر ذلك الى توقف آليات شركة رامكو لنفاذ مادتي البنزين والمازوت والسبب الثاني توقف العقد مع الشركة. وفي خطوة استباقية أعلن محافظ بيروت القاضي مروان عبود عن تشكيل فرق من عناصر فوج الإطفاء والحرس وموظفي البلدية وعمالها لمساعدة المتعهّد شركة رامكو على إزالة النفايات من شوارع بيروت.
"الجمهورية": الحكومة الى الصفر
حكومياً، وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ اللقاء الثالث عشر بين الرئيسين عون وميقاتي تعثّر بالثلث المعطّل.
وقالت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية» انّ التشكيلة التي قدمها الرئيس ميقاتي تُحاكي المرحلة ومتطلباتها، وتراعي الجميع من دون استثناء احد، ولَحظَت بشكل اساس التوازن بين الجميع بحيث لا يعتبر اي طرف فيها انه يملك ثلثاً مُتحكّماً أو مُقرّراً في الحكومة.
واشارت المصادر الى أنّ لقاء الخميس بين عون وميقاتي كان يفترض ان يكون اللقاء الحاسم بينهما، وعلى أساسه تولد الحكومة في غضون ساعات قليلة، ولكنّ الرياح سارت في الإتجاه المعاكس، وأعادت عقارب التأليف خطوات الى الوراء، وبمعنى أدقّ عادت الى نقطة الصفر، علماً انّ التشكيلة الجديدة لحظت مجموعة من الحقائب المهمة قد حسمت من حصة رئيس الجمهورية، وهي: نائب رئيس الحكومة، وزارة الدفاع، وزارة الخارجية، وزارة الطاقة، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة العدل، وزارة الاقتصاد.
وكشفت المصادر انّ العقدة ليست في الحقائب، ولا في الاسماء، بقدر ما هي ماثلة في تسمية الوزيرين المسيحيين المتبقيين خارج حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والحزب القومي. حيث برز في هذا المجال إصرار من قبل رئيس الجمهورية على تسميتهما، من دون إشراك الرئيس المكلف فيهما. فإن قُبِل بذلك، فمعنى ذلك ان حصة رئيس الجمهورية ستزيد عن الثلث المعطل ليس بوزير واحد بل بوزين، بحيث تصبح حصته 9 وزراء مسيحيين مع وزير درزي. وهو أمر يلقى رفضاً قاطعاً من الرئيس المكلف وقوى اساسية اخرى في الحكومة، ولا سيما من الرئيس نبيه بري وتيار المردة.
لا ضوء أخضر
وسط ذلك، برز ما كشفته مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الجمهورية» انها تملك معطيات تجعلها متأكدة أن لا تأليف للحكومة في لبنان في المدى المنظور.
ولفتت المصادر الى انها كانت على يقين من فشل اللقاء الثالث عشر بين الرئيسين عون وميقاتي قبل انعقاده. وفضّلت عدم التوسّع بالتوضيح، الا انها قالت: بصورة اكيدة، لا يوجد ضوء اخضر حتى الآن لتأليف الحكومة، ومَن هم على علم بذلك، سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية الذين يجتمعون في اطار خلية ازمة، اضافة الى رئيس الجمهورية وكذلك «حزب الله».
وردا على سؤال، رفضت المصادر تحديد مصدر الضوء الاخضر، الا انها اكتفت بالقول رداً على سؤال آخر حول ما يمنع هذا الضوء ويُبقي الحكومة معطلة: الحكومة لا تأتي هكذا ببساطة، ثمة امور يجب ان تحسم اولاً، ففي السياسة لا توجد هدايا على الاطلاق، فهناك امور وشروط وهناك أثمان ايضاً.
ميقاتي: لن أعتذر
الى ذلك، اكد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أن الاعتذار عن تشكيلها غير وارد لديه حالياً، مُحذّراً من «زوال لبنان في ظل الانهيار الذي يعيشه»، كما ناَشد الدول العربية التدخل للمساعدة.
وفي حديث عبر قناة «الحدث»، قال ميقاتي: «الاعتذار ليس على مفكرتي وغير وارد في ذهني والبلد يحتاج إلى حكومة للإنقاذ. لقد قبلت التكليف لتأليف الحكومة ولا زلت أتعاطى بإيجابية وآمل بتخطي وتجاوز العقد الموجودة، إلا أن مهلة التكليف غير مفتوحة والوقت بات يضيق».
وأضاف: «لن أعتذر عن تشكيل الحكومة لأن الهدف هو الوصول إلى بر الأمان، وأنا أعلم أنه عندما يتم تشكيل الحكومة سيتمّ دعم لبنان».
ومع هذا، فقد رأى ميقاتي أنّ «الرئيس المكلف يجب أن يكون له الدور الأول في تشكيل الحكومة لأنه المسؤول الأول أمام مجلس النواب والشعب»، وأضاف: «لا أهدف إلى القيام بانقلابات وتغيير المراكز بل هدفي هو إيجاد حلول لمعاناة الناس، ورئيس الجمهورية ميشال عون يَعي جيداً أين تكمن العراقيل في عملية تشكيل الحكومة».
وتابع: «أكرر أن هناك عقداً وعراقيل أمام تشكيل الحكومة وسأحاول جاهداً تذليلها من أجل الوصول إلى حكومة توقف الانهيار. في كل اجتماع مع رئيس الجمهورية نبدأ وكأننا في المربّع الأول لكنني لا أقول كل شيء على الإعلام كي لا أنشر الإحباط».
وحذّر ميقاتي من أنّ «لبنان يواجه خطر الزوال»، لكنه قال: «أنا أعطي أملاً للبنانيين للبقاء في وطنهم والسعي لوقف الانهيار الحاصل».
وتطرّق الرئيس ميقاتي إلى انفجار مرفأ بيروت، معتبراً أنه «أكبر من كارثة». وأضاف: «نحن لا نحمي أي مرتكب ولا أي شخص أهمل واجباته الوظيفية، ولا مشكلة بالاستماع لرئيس الحكومة بملف انفجار المرفأ».
وقال: «نحن مع دعم القاضي البيطار لكن ضمن القانون، فهو يمكنه الإستماع لدياب وعليه الإستماع له قبل اتهامه».
ولفت ميقاتي إلى أنّ «موقف رؤساء الحكومات لا يهدف لحماية أي طرف في ملف انفجار المرفأ، ونحن مع العدالة».
كذلك، تحدث ميقاتي عن ملف السفينة الإيرانية فقال: «لن نسمح لملف السفينة الإيرانية بأن يعرّض لبنان للخطر وللعقوبات». وأضاف: «أي موضوع يضر بمصلحة لبنان نحن ضده، ولن نسمح لأحد بأن يؤدي بنا لأي عقوبات جديدة».
وتابع: «لكن أقول للمنتقدين ولجامعة الدولة العربية: أعطونا شمعة فنحن لا نقدر ان نقول لا للباخرة من دون أن نملك بديلاً».
وفي حديثه، ناشَد ميقاتي جامعة الدول العربية بالتدخل لمساعدة لبنان، وقال: «أدعو العالم العربي لملاقاتنا، وأنا سأعمل جاهداً على أن ينأى لبنان بنفسه عن الصراعات والاضطرابات، ووجود لبنان كان وسيبقى في حضن العالم العربي».
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024