معركة أولي البأس

 

لبنان

المداورة تعيق المسار الحكومي.. وتحركات للجيش في خلدة
03/08/2021

المداورة تعيق المسار الحكومي.. وتحركات للجيش في خلدة

 عاد الشأن الحكومي إلى واجهة الصحف اللبنانية بعد لقاء جديد عقد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي انتهى دون تحقيق تقدم. 

المسار الحكومي انتقل إلى جلسة قادمة يوم الخميس المقبل، فيما تحدثت بعض الصحف أن لقاءات الإثنين والخميس قد تتكرر قبل الوصول إلى التفاهم. 

وفي جديد أحداث خلدة، تطرقت الصحف إلى مداهمات الجيش، فيما ذهب البعض إلى التحليل بأننا أمام استحقاقين، الأول هو ما ستكشفه التحريات والتحقيقات حول حقيقة المخطط والمتورّطون، والثاني هو نجاح المؤسسات القضائية والأمنية بإنهاء الوضع وتأمين أمن مستقر للسكان الذين هجر بعضهم المنطقة وضمان منع أي محاولة لقطع الطريق الساحلي.

المداورة تعرقل الحكومة: طريق التأليف ليس مسدوداً تماماً

بداية مع صحيفة الأخبار التي اعتبرت أن المسار السلبي الذي يلازم المداولات الحكومية بينَ الرئيسين رُغم كل الادعاءات بالإيجابية، يُنذِر باعتذار قريب للأخير، وباستمرار المأزق الذي تتلاشى معه يوماً بعد يوم مظاهر ما تبقى من دولة واقتصاد، وصولاً إلى اضطرابات أمنية تنزلق بالوضع إلى حافة الانفجار الذي دشّنته في اليومين الماضيين جريمة الجية وكمين خلدة. وهذه الحال، على ما يبدو، مرشحة للتفاقم حتى موعد الانتخابات النيابية، ما يعني أن البلاد سترسو حتى ذلِك الوقت على مشهد وحيد: حرب سياسية باردة، فراغ حكومي، اتساع لبؤر التوتر ومزيد من الأزمات المعيشية والاقتصادية.

وقالت إن سيناريو كهذا هو نتيجة طبيعية لحصيلة المشاورات بينَ عون وميقاتي التي وقفت عندَ مبدأ المداورة، إذ أصر عون «على وزارة الداخلية وإلا المالية، فكانَ جواب ميقاتي: اذهب إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري واطلبها منه».

غير أن مصادر مطلعة على أجواء التأليف أكدت للأخبار أن الطريق «ليس مسدوداً تماماً»، مشيرة الى أن «هذه ليست طبيعة الرئيس نجيب ميقاتي، كما أن أحداً ليس في وارد إطلاق مشكلة سياسية في البلد عشية ذكرى تفجير الرابع من آب، وما يكتنفها من مخاوف استغلال البعض لها للانزلاق بالبلد إلى مهوار أمني لا يريده أحد في الداخل».

وتعليقاً على لقاء عون وميقاتي الذي دام نحو 25 دقيقة فقط، قالت مصادر أخرى: «حرام أن نقول من الآن أن لا حكومة، فهذا سيئ بحق البلد. لقد أعطى ميقاتي لنفسه مهلة أسبوع، فلننتظر ونرَ»، في حين يؤكد مقربون من ميقاتي أن«خطوة واحدة من شأنها أن تفتح الباب للحكومة، وخطوة من شأنها أن توصده نهائياً. وليس من المنطقي الآن القول إن الأمور انتهت».

مصادر سياسية، في المقابل، تؤكد أن الحكومة «لن تركَب»، فالأمور «أكبر بكثير من حصص وحقائب». إذ إن «الظروف التي أتى بها ميقاتي لا تختلِف عن ظروف الحريري، وما منع تشكيل حكومة سابقاً سيمنعها الآن. فعون والوزير جبران باسيل لن يسمحا بتشكيل حكومة من دون ضمانات، خصوصاً أن البلد على أبواب انتخابات، وباسيل المكبّل بالعقوبات لن يقبل بحكومة رئاسية تحل محل بعبدا في حال الفراغ، لا يكون له اليد الطولى فيها. أما ميقاتي والفريق الذي يمثله فأبعد ما يكونون عن تقديم فرصة كهذه لباسيل... والخلاصة أن أحداً من الطرفين لن يُسلّم رأسه في زمن انتخابي».

ميقاتي صرّح بعد لقائه بعون بأن «المهلة لتشكيل الحكومة ليست مفتوحة». وعلى عكس الود الذي طبعَ كلامه سابقاً، قال: «يفهم يلي بدّه يفهم». وسرعان ما فتحت هذه الأجواء باب تبادل الاتهامات بين فريقيْ التأليف. مصادر سياسية قالت إن «موقف عون وباسيل من ميقاتي كموقفهما من الحريري، وهما لم يريداه منذ البداية. وكما أوصلا الحريري إلى طريق مسدود يكرران الأسلوب نفسه مع الرئيس المكلف». 

وأضافت المصادر: «من الواضح أن بعبدا ثابتة على مبدأ: إما أن تأتوا إلينا برئيس الحكومة الذي نريده أو لا حكومة، وتفصل كل ما يحصل في البلد عن الملف الحكومي، ولم يعنها ما حصل في خلدة وهو تطوّر خطير جداً، ولا تزال تقارب التأليف من منطلق مصلحي».

في المقابل، لفتت مصادر متابعة إلى أن «تمسك بعض الأطراف بحقائب وزارية محددة يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها كل الأطراف، والتي تدعو في إحدى أبرز نقاطها إلى اعتماد المداورة الشاملة التي تشكل حلاً طبيعياً للإشكالية القائمة حول تأخير ولادة الحكومة نتيجة التمسك بحقائب معينة». وسألت: «لماذا يفترض البعض أن ما لن يُعط للحريري سيُعطى لميقاتي في حال كان قد حاء الشروط نفسها؟».

كمين خلدة: عمليات دهم وتوقيف

أما حول كمين خلدة كشفت الأخبار أن الجيش أوقف أمس أربعة مطلوبين يُشتبه في تورطهم بإطلاق النار على موكب مشيّعي علي شبلي في منطقة خلدة أول من أمس. ثلاثة من الموقوفين كانوا ضمن اللائحة التي سلّمها حزب الله للجيش بشأن المتورطين في كمين خلدة الذي كاد يتسبب بفتنة سنية ــــ شيعية. 

وأبرز الموقوفين بحسب الأخبار كان عمر غصن الذي لجأ إلى مسجد القبة في حي العرب في خلدة مع ابنه غازي، إلا أن عناصر الجيش حاصروا المسجد، وتواصل مسؤولون أمنيون مع دار الفتوى وأبلغوا المعنيين بأنهم سيدخلون إلى المسجد لتوقيف غصن في حال عدم خروجه، فكان الجواب بأنه سيُسلّم نفسه، علماً بأن اسم غصن ذاع منذ 17 تشرين الأول 2019 على خلفية مشاركته في قطع طريق خلدة على المواطنين المتجهين إلى الجنوب. وهو تلقّى في إحدى المرات اتصالاً طويلاً من الرئيس سعد الحريري للاطمئنان إلى صحته.

وعلمت الأخبار أنّ الجيش نفّذ حملة دهم واسعة وصادر كمية من الأسلحة، قبل أن يتبين أنّ عدداً من المطلوبين غادروا منازلهم. كذلك جرى تداول معلومات تُفيد بأنّ هناك شباناً استُقدموا من خارج منطقة خلدة شاركوا في الكمين الذي نُصِب للمشيعين. وذكرت المصادر أن التحقيقات تتركز على معرفة محرّض قاتل علي شبلي. وقد تبين أنّ القاتل استأجر قبل أيام شاليه في المنتجع البحري الذي نفّذ فيه جريمته. وأشارت المعلومات إلى أنه نزل في المنتجع برفقة اثنين آخرين. 

وبحسب المعلومات، فإنّ قيادة حزب الله تتعامل بحزم مع هذا الملف، وقد أكدت لقيادة الجيش أنها لن تقبل بأن يُترك أحد من المطلوبين الذين دُوِّنت اسماؤهم على اللائحة من دون توقيفهم. وقد أبدت قيادة الجيش تجاوباً لجهة التعامل بجدية في ملاحقة المطلوبين وتوقيف أربعة منهم، أحدهم لم يكن اسمه على اللائحة التي رُفِعت إلى الجيش.

مراوحة حكومية عند المداورة والداخلية

بدورها، رأت البناء أن العقد الحكومية هي ذاتها، المداورة او الخروج الكامل من المداورة، والا فالعودة بالقديم على قدمه، فتصير العقدة بوزارة الداخلية، وهكذا ثنائيات تلاحقها ثنائيات، واللبنانيون عالقون بين ثنائية الفراغ والانهيار.

ولفتت إلى أن الأجواء الإيجابية بقرب ولادة الحكومة تبدّدت وسيطرت الضبابية على المشهد الحكومي بعد اللقاء الرابع بين عون وميقاتي، على أن تكون الأيام العشرة المقبلة حاسمة بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ «البناء» فإما حكومة أو ندخل في مفترق لا أحد يعرف إلى أين يقودنا في ظلّ الأحداث الأمنية المفاجئة التي استجدّت في خلدة وتلك المنتظرة في ذكرى تفجير مرفأ بيروت.

ورأى مصدر مطلع على موقف بعبدا لـ «البناء» في تصريح ميقاتي بعد اللقاء «مؤشر سلبي على تعقيدات التأليف»، مشيرة إلى «أن الرئيس عون منفتح على الحلول التي تتلاءم والمعايير الدستورية والميثاقية كما أنه سيبدي كل التعاون مع الطروحات التي سيطرحها الرئيس المكلف الخميس المقبل»، لكن المصادر تساءلت: هل فعلاً المشكلة داخلية وتتعلق بحقيبتي الداخلية والعدل أم لا تزال العقد الخارجية الخفية متحكمة بالمسار الحكومي برمته وتحول دون خرق جدار الأزمة منذ عام كامل؟»

وأوضحت أوساط مطلعة على لقاء عون – ميقاتي لـ «البناء» إلى أنّ «النقاش لا يزال يدور حول توزيع الحقائب بشكل عام، والسيادية إضافة إلى وزارة العدل بشكلٍ خاص»، لافتةً إلى أنّ «الرئيس المكلف وكما تحدث في تصريحه يرغب بإبقاء التوزيع الطائفي للوزارات السيادية الأربع كما هي، في حين أنّ رئيس الجمهورية يفضل إجراء عمليات تبديل في هذا الإطار». 


وكشفت الأوساط عن وجود تفاهمٍ مبدئي على الحقائب العادية والخدماتية، إلا أنه يمكن أن يطرأ تعديلات على عملية التوزيع، لأنّ أيّ تغيير في حقيبة يمكن أن ينعكس على الحقائب الأخرى». وأضافت أن «الجانب الفرنسي لا يزال يضغط باتجاه الإسراع في عملية تأليف الحكومة، وهو يحاول المساعدة في إيجاد مخارج لحل أزمة التشكيل».

في المقابل أفادت مصادر مطلعة على أجواء بعبدا بحسب قناة «أو تي في» إلى أنه «لم يعد بالإمكان الاستمرار بحكومة مستقيلة بالفعل ولن نؤسّس لأعراف جديدة بالدستور لكننا نستمع لحاجات الناس وضرورة الاسراع بالتأليف». مضيفة أن «هناك نية لدى الطرفين واستعداد لتشكيل حكومة على امل ان يدور ميقاتي الزوايا لا سيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة». 

وفي هذا السياق، تردّد أنّ «ميقاتي سيحمل معه الى بعبدا أكثر من طرح حول حقيبتي الداخلية والعدل لمناقشته مع رئيس الجمهورية».

وبحسب معلومات «البناء» فإنّ الرئيس ميقاتي لن يقبل بتكرار تجربة الحريري وأن يبقى رئيساً مكلفاً لمدة طويلة، لذلك فهو يضع مهلة 10 أيام لاتخاذ القرار بشأن التشكيل وتواصل مع الفرنسيين خلال الايام الماضية وأبلغهم بوجود عقد حكومية. ولفتت إلى أنّ رئيس الجمهورية متمسك بحقيبة الداخلية لأسباب عدة تتعلق بالموقع السياسي للتيار الوطني الحر في المراحل المقبلة لا سيما بعد نهاية العهد الرئاسي الحالي الذي يشكل غطاءً ومصدر قوة للتيار ورئيسه جبران باسيل فضلاً عن أهمية الداخلية بالاستحقاق الانتخابي المرتقب بعد أشهر قليلة وبالتالي رفض عون خلال لقائه ميقاتي أمس التنازل عن الداخلية مع انفتاحه على أسماء وسطية مستقلة تحظى بقبول الرئيسين، ويجري التداول بأسماء عدة لكن لم يتمّ التوافق على أسماء معينة للداخلية والعدل.

في قضية خلدة، قالت البناء إنه لا يزال أمامنا استحقاقان وفقا للمصادر، الاستحقاق الأول هو ما ستكشفه التحريات والتحقيقات حول حقيقة ما كان مخططاً ومن هم المتورّطون، والمخططون، وما هو دور الذين استثمروا في الأحداث لتعظيمها وتوسيع نطاقها وواكبوها في السياسة والأمن والإعلام، وما هي علاقة بعض الجماعات التي بشرت بحدث كبير يرافق ذكرى تفجير المرفأ، وما هو المستور الذي تم كشفه في هذا الصدد. 

أما الاستحقاق الثاني فهو نجاح المؤسسات القضائية والأمنية بإنهاء الوضع الشاذ في خلدة وتأمين أمن مستقر للسكان الذين هجر بعضهم المنطقة التي تركت للجماعات المسلحة، والأهم ضمان منع أي محاولة لقطع الطريق الساحلي مستقبلاً، وفي قلب كلّ هذا ان يشعر اهالي الشهداء بأنّ دماء أبنائهم لم تذهب هدراً، وأنه قد جرى الاقتصاص من القتلة، وقالت المصادر إنّ ما جرى حتى الآن لا يتيح إصدار الأحكام، رغم تأكيد المعنيين في القوى العسكرية والأمنية على عزمهم المضيّ حتى النهاية في إجراءات فرض الأمن وملاحقة عشرات المطلوبين وفقاً للوائح الموجودة بحوزة الأجهزة الأمنية، وتأكيد المراجع القضائية على السير بالتحقيقات بحزم حتى كشف كل المتورطين وسوقهم، مشيرة الى توقيف أحد زعماء الجماعات المسلحة عمر غصن بعدما لجأ إلى المسجد للاحتماء وتم إخراجه منه وسوقه امام التحقيق.

نقاشٌ "ساخن" حول المداورة وميقاتي يشكو عون للفرنسيين

من جهتها أشارت الديار إلى أن الاجراءات الحاسمة للجيش الذي حصل على «التغطية» السياسية اللازمة ساهمت في اعادة الهدوء الى منطقة خلدة، وساهم توقيف «الراس المدبّر للكمين» عمر غصن ونجله في نزع «فتيل التفجير»واشاعة اجواء ارتياح انسحبت على حزب الله الذي يعول على استكمال الاجراءات بوضع خطة محكمة لمنع «العصابات» المسلحة من الاعتداء مجددا على طريق الساحل جنوبا.

وفيما «تتهيب» الاجهزة الامنية يوم الرابع من آب، الذكرى الاولى لتفجير المرفأ، دون وجود «هلع» أمني كبير، توعّد اهالي الضحايا بمعركة «كسر عظم» مع السلطة التي اخفقت مرة جديدة في منح اللبنانيين «بارقة أمل» حكومية بعدما انتهى الاجتماع المرتقب بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى «لا شيء» وبدا ان فرص تأليف الحكومة تترنح وسط غياب اي جدية دولية وخصوصا فرنسية في ممارسة ضغوط فاعلة على من تسميهم «معرقلين» وهو ما لمسه ميقاتي الذي اشتكى عون ولم يسمع ما يطمئنه. 

وعلى وقع بدء الكيان "الاسرائيلي" مناورة عسكرية على الحدود الجنوبية، واستنفار المقاومة لمواجهة أي «مفاجآت»، اصطدمت «مراوغة» ميقاتي المسماة تدوير الزوايا، «بحائط» الواقعية السياسية في بعبدا، وبعد ثلاث جلسات من «النفاق» المتبادل بينه وبين رئيس الجمهورية تسلل «الاحباط» الى كل من راهن على امكانية الوصول الى تسوية مقبولة توقف الانهيار عبر حكومة متوازنة تنهي العهد الرئاسي وتطمئن الجميع على مواقعهم في حال حصول الفراغ.  

وقد تبين في الجلسة الرابعة ان الرئيس المكلف يحمل في «جيبه» خطوطا حمراء ينسبها الى سلفه «المعتذر» سعد الحريري، ويدعي انه غير قادر على التنازل عنها. ولهذا يمكن الحديث عن «حائط مسدود» على صعيد التشكيلة الحكومية، وفي تعبير عن تراجع فرص التأليف كان لافتاً توجيه ميقاتي انتقاد علني واضح لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي من قصر بعبدا بالقول»ان مهلة التأليف غير مفتوحة ويفهم يللي بدو يفهم»وقد عممت مصادره معلومات تفيد أن هذه المهلة هي بحدود 10 أيام لا اكثر. 

وفي هذا السياق، علم ان ميقاتي تواصل مع باريس بعد لقاء بعبدا، وابلغ المسؤولين الفرنسيين ان الامور «مش ماشية» لانه سمع كلاما «غير مقبول» من قبل رئيس الجمهورية الذي ما يزال يبحث عن «ثلث معطل» مقنع في الحكومة، ولا يبالي بكل «التطمينات» الشخصية المقدمة منه بالنسبة الى مهمة الحكومة وطبيعة عملها الانقاذي في المهلة الضيقة المتاحة. 

ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، يشكو ميقاتي من غياب ضغط فرنسي جدي، كان قد وعد به قبل قبوله التكليف، وقد سمع بالامس وعودا بالتحرك على خط بعبدا للضغط باتجاه عدم اجهاض الفرصة الانقاذية المتاحة، وقد سمع ميقاتي كلاما واضحا حول ضرورة التريث قبل اتخاذ قرار بالاعتذار، لكنه كان واضحا انه لا يرغب «بحرق اصابعه» بطبخة «بحص»، ملمحا انه يعطي الاتصالات هامشا لا يتعدى العشرة ايام او اسبوعين للتأليف، وبعدها سيكون مضطرا لمصارحة اللبنانيين بتجربته «المريرة» ويعلن اعتذاره.  

وفي هذا السياق، دعت مصادر سياسية بارزة الى عدم الاتكال على الضغوط الفرنسية، فالعقوبات التي تلوّح بها فرنسا والاتحاد الأوروبي غير فاعلة، فهما يلوحان بعصا العقوبات ولا يضربان بها، وبات»التلويح» بها مجرد دعم لمجموعات منظمات المجتمع المدني اضافة الى توفير الدعم المالي لها لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، وهي لم تعد مهتمة بالضغط لتشكيل الحكومة. فهناك من يوهم الغرب ان تلك المجموعات قادرة على إعادة تكوين السلطة في لبنان، والدليل على ذلك ان تنظيم المؤتمر الدولي لدعم لبنان يمهد لتوفير رزمة من المساعدات للمؤسسات والهيئات المنضوية في المجتمع المدني.! 

ووصفت مصادر مقربة من بعبدا ما يحصل على الصعيد الحكومي بانه رفع لسقف الضغوط من قبل ميقاتي على رئيس الجمهورية،علّها تفيد في تحصيل المكاسب، واستدراج ضغوط خارجية، وذلك عبر الايحاء بأن التأخير سببه مطالب الرئاسة الاولى، وبان عون يحاول تمييع الوقت بينما هو يريد الاسراع في تشكيل الحكومة، بينما الامور هي عكس ذلك، فالرئاسة الاولى لا تزال، كانت حتى يوم امس تتعامل بحسن نيّة مع تصدي ميقاتي لمسؤولية تشكيل الحكومة، وباتت لديها «هواجس» الان، فهو كان جزءا من عملية التفاوض ابان تكليف الحريري، بصفته احد اعضاء نادي رؤساء الحكومة السابقين، وكان يفترض ان يعرف ما هو مقبول وغير مقبول في بعبدا، لكن المفاجىء انه عاد الى طرح الافكار المرفوضة سابقا مع تغيير في الاسلوب، رغم ادراكه ان لا شيء تغير لدى رئيس الجمهورية الذي كان يتعامل مع الحريري انطلاقا من مبادىء عامة عنوانها وحدة المعايير، واحترام الشراكة، ولم يكن الامر شخصيا، ولهذا فان الاصرار على خوض غمار النقاش نفسه هو المماطلة والتمييع وليس اي شيء آخر. 

في المقابل، تشير مصادر متابعة لعملية التاليف، بان تمسك بعض الاطراف بحقائب وزارية محددة دون اخرى يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها جميع الاطراف بعدما طرحها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والتي تدعو في احد ابرز نقاطها الى اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية، وهذا التجاهل خلق اشكاليات في مسار تشكيل الحكومة ويسبب في تاخير ولادتها. 

وذكرت المصادر ان الصيغة للتشكيلة الحكومية التي قدمها الحريري اعتمدت مبدأ المداورة في الحقائب ما عدا حقيبة المال، فاعطى وزارة الخارجية لدرزي، والداخلية للروم الارثوذكس، واقترح وزيرا ارمنيا للدفاع. الا ان الامر تغير في الصيغة الثانية للحكومة التي قدمها قبل ان يعتذر. واعتبرت المصادر نفسها ان التزام المبادرة الفرنسية من قبل الاطراف السياسيين بدءا من احترام المداورة في توزيع الحقائب يشكل الحل الطبيعي للعقد القائمة التي تؤخر ولادة الحكومة، والمطلوب اعتماد المداورة، وعدم التمسك بحقائب معينة. 

مهلة التأليف تحتضر وبعبدا على عنادها 

مصادر اللواء أكدت أن هناك نية لدى الرئيسين هواستعداداً لتشكيل حكومة على امل ان يدور ميقاتي الزوايا ولاسيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كي لا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة. فيما ذكرت مصادر اخرى ان الجو بين الرئيسين كان متشنجاً ولم يحصل اي توافق ما يؤخر تشكيل الحكومة ربما الى فترة اطول من المتوقع، لذلك فالرئيس ميقاتي يضع مهلة 10 ايام لاتخاذ القرار بشأن التشكيل. وهو تواصل مع الفرنسيين في الايام الماضية وابلغهم بوجود عُقّدٍ حكومية.

وافادت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الرئيس عون وميقاتي درسا توزيع الحقائب وقالت أنه بفعل تعديلات في الحقائب حصل تبدل في التوزيع مشيرة إلى موضوع الوزارات السيادية لا يزال يستدعي متابعة أي أنه لم يحسم بعد.

وفهم من المصادر إنه حتى الساعة التأليف لا يزال عالقا عند حقيبة الداخلية في الوقت الذي لم يحسم فيه مبدأ المداورة.

وكشفت مصادر متابعة ان مسار تشكيل الحكومة، شهد تباينا واضحا بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية الذي يصر على اعتماد مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية الاربعة الداخلية،والخارجية والمالية والدفاع، في التشكيلة الوزارية المرتقبة، بينما يرفض ميقاتي التجاوب مع مطلب عون هذا، ويفضل الاستمرار باعتماد صيغة الوزارة المستقيلة.واشارت المصادر الى ان ميقاتي ابلغ رئيس الجمهورية باستثناء الوزارات الاربع من المداورة وتعميمها على باقي الوزارات بالتشكيلة الوزارية التي يعدها،الا ان عون ما يزال يرفض،ويطالب أيضا، بتعيين مستشاره سليم جريصاتي للعدل،والعميد المتقاعد جان سلوم للداخلية،الا ان ميقاتي يرفض هذا الطلب. وتوقعت المصادر ان يكون موضوع البت بالوزارات الاربع موضع الخلاف في لقاء الخميس المقبل في بعبدا، حيث توقف البحث بالتشكيلة الوزارية عند هذه المشكلة امس الاثنين، فيما ترجح المصادر نفسها تحقيق أي تقدم ايجابي باتجاه عملية تشكيل الحكومة الجديدة قريباً.

ولفتت إلى أن الرئيس ميقاتي قدم امس مسودة حكومية وإن زيه الرسمي والمجلد الاسود اوحيا بذلك موضحة ان لقاءهما المرتقب الخميس سيبحث في ما تبقى من نقاط وقد يقدم رئيس الحكومة المكلف صيغة شبه مكتملة في توزيع الحقائب. ونفت المصادر إن تكون الأبواب غير مقفلة بدليل أن هناك اجتماعا آخر سيعقد بينهما.

واذ كررت القول أن هناك تقدما في موضوع توزيع بعض الحقائب الأساسية لفتت إلى أن النقاش سيستكمل حول الوزارات السيادية معلنة أن موضوع التشكيل في لبنان يخضع دائما للأ خذ والرد.

وقالت إن ما ذكره الرئيس ميقاتي عن البطء في التأليف لا يتوجه به نحو أحد وإن موضوع المهلة اتى ردا على بعض وسائل الإعلام التي حددت للرئيس ميقاتي توقيتا معينا له.

إلى ذلك أعربت أوساط مراقبة عن اعتقادها أن الكلام بدأ يسود عن تعثر التفاوض نظرا إلى التشبث بالمواقف ورفض مبدأ المداورة في الحقائب السيادية. ولفتت إلى أن هناك رغبة لدى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف في الإسراع بتأليف الحكومة.

وفي السياق، لفتت مصادر متابعة عبر اللواء الى ان تمسك بعض الاطراف بحقائب وزارية محددة من دون اخرى، يتناقض مع المبادرة الفرنسية التي اتفق عليها جميع الاطراف بعد طرحها من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والتي تدعو في احد ابرز نقاطها الى اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية. ورأت هذه المصادر ان تجاهل مسألة المداورة خلق اشكاليات في مسار تشكيل الحكومة ما يسبب في تأخير ولادتها.

وذكّرت المصادر ان الصيغة الاولى للتشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس سعد الحريري، اعتمدت مبدأ المداورة في الحقائب ما عدا حقيبة المالية، فاعطى وزارة الخارجية لدرزي، والداخلية للروم الارثوذكس، واقترح وزيرا ارمنيا للدفاع، اضافة الى تغيير في وزارات اخرى. الا ان الامر تغير في الصيغة الثانية للحكومة التي كان قدمها قبل ان يعتذر.

واعتبرت المصادر نفسها ان التزام المبادرة الفرنسية من قبل الاطراف السياسيين، يفترض بالتالي احترام بنودها وفي مقدمها مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الذي يشكل حلا طبيعيا للاشكالية القائمة حول تأخير ولادة الحكومة نتيجة التمسك بحقائب معينة وعدم اعتماد المداورة فيها.

إقرأ المزيد في: لبنان