لبنان
حكمة المقاومة تدرأ الفتنة في خلدة.. ولقاء رابع اليوم في بعبدا على خط التأليف
حاول البعض أمس إدخال البلاد في فتنة كادت تجرّ إلى ما لا يُحمد عقباه، وفي سابقة من نوعها أقدم مسلحون في خلدة على نصب كمين لجنازة الشهيد المظلوم علي شبلي وأطلقوا النار بغزارة على موكب التشييع، ما أدى لسقوط شهداء وجرحى.
ويأتي ذلك في ظروف حساسة يمرّ بها لبنان على كافة الصعد، وعلى أبواب الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت، إلا أن حكمة أولياء الدم حالت دون تحقيق المصطادين بالماء العكر لمبتغاهم وقطعت الطريق على الفتنة.
على الصعيد الحكومي، تتجه الأنظار إلى قصر بعبدا الذي يشهد لقاء رابعًا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وسط حديث عن مصيرية هذا اللقاء حيث سيكون النقاش في توزيع الحقائب السيادية لا سيما الداخلية والعدل، ما قد يطيح بما أشيع من أجواء إيجابية في الأيام القليلة الماضية.
"الأخبار": «فتنة خلدة» المدبّرة... من المسؤول عن التقصير الأمني؟
سُفِكَت دماءٌ مظلومة في خلدة أمس أذكت فتنةً كان جمرُها، ولا يزال، كامناً تحت الرماد. لكن «فتنة خلدة» لم تكن وليدة اللحظة، إنما صنيعة يد خفية نفخت في نارها. حتماً لم تكن عملية ثأر، وإلا لاكتفى الطالب بدم المقتول بغريمه بحسب «قانون العشائر». مشهد الضحايا المخضّبين بدمائهم أمس كان يُراد منه إشعال فتنة سنية ــــ شيعية. وهنا تُستحضر جولات المندوب السامي السعودي وليد البخاري على العشائر العربية في الشمال والبقاع وخلدة، ومشهد عدد من أفراد العشائر الذين حجّوا إلى سفارة «مملكة الخير» أيام اعتقال محمد بن سلمان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الرياض. قدمت العشائر فروض الطاعة للرياض التي رأت فيهم بديلاً لمواجهة حزب الله. عصبُها الديني وعصبيتها القبلية وقدرتها على القتال وحمل السلاح رجّحت كفّتها على تيار المستقبل الذي لم ينجح في المهمة التي كلّفه بها ولاة الأمر السعوديون. عضّ حزب الله على جراحه أمس، وأمهل الأجهزة الأمنية لتوقيف لائحة مطلوبين متورطين في الجريمة التي ارتُكِبت في وضح النهار وعلى مرأى من دوريات الجيش والأجهزة الأمنية، وعن سابق تصور وتصميم وكأن هناك من يريد تحقيق «نبوءة» وقوع أعمال أمنية قبل حلول ذكرى انفجار الرابع من آب
ليل السبت قُتِل علي شبلي غدراً في حفل زفاف. أُوقِف قاتله وسُلِّم إلى الجيش. ظُهِّرت الجريمة على أنّها ثأر من شقيق لمقتل شقيقه قبل عام. لملَمت عائلة شبلي جراحها وجثمان ابنها لتدفنه في بلدته كونين الجنوبية، وأصرّت على أن يُجرى الوداع الأخير له في منزله في خلدة رغم نصائح من مسؤولي حزب الله بعدم مرور موكب المشيِّعين في المنطقة. بناءً عليه، أُيلغت الأجهزة الأمنية والجيش بالأمر لاتخاذ ترتيبات أمنية ومؤازرة المشيّعين. إلا أنّه أثناء توجّه المشيِّعين إلى فيلّلا شبلي في خلدة أمس، قبل الانطلاق جنوباً، استهدف قناصون الموكب من على سطوح المباني، وأُطلِقت النار من كمين في تلّة عرب خلدة المتاخمة للفيلّلا باتجاه المشيِّعين فأُصيب أربعة منهم إصابات قاتلة، ثلاثة منهم في الرأس، والرابع في الرقبة.
وعُرِف من بين الضحايا الطبيب محمد أيوب، صهر المغدور شبلي، وعلي حوري وحسام العالق. كما كان من بين المصابين شابٌ سوري توفّي متأثراً بجراحه. فيما أصيب عسكريُّ في الجيش بجروح. كان كميناً بكل معنى الكلمة. وحتى لجوء العشائر إلى التبرير بأن بعض المشيعين نزعوا صورة الضحية حسن غصن وعلّقوا راية حزب الله مكانها، كان عذراً أقبح من ذنب، وخصوصاً أن أهل المغدور شبلي سلّموا قاتله إلى الجيش. اللافت في مقاطع الفيديو التي انتشرت، وتحديداً الذي جرى تداوله على أنه كان شرارة الإشكال، ظهور آلية للجيش اللبناني من دون أن يُحرِّك عسكريوها ساكناً كأنّ الأمر لا يعنيهم. كما أنّه رغم التوتّر الأمني الشديد وتقارير مخبري الأجهزة الأمنية عن وجود استنفار شديد، ما يفرض على الجيش التعامل مع الأمر بحزم، إلا أنّه تصرّف على طريقة الأفلام المصرية ليتدخّل بعد وقوع الواقعة، وبعدما تحوّلت شوارع خلدة إلى خطوط تماس، واستهداف عمليات القنص السيارات التي كانت تجتاز الأوتوستراد، ما دفع بالبعض إلى ترك سياراتهم وسط الطريق والفرار. فيما حوصر أفراد عائلة شبلي في منزلهم مع جثمانه، إلى أن أمّن الجيش خروجهم بعد ساعات.
باتت لدى الجيش لائحة بأسماء مطلقي النار ويفترض أن يبدأ توقيفهم
بعد إطلاق نار متبادل تطور إلى اشتباكٍ مسلّح، صدر بيان شديد اللهجة للجيش هدّد بإطلاق «النار على كلّ مسلّح يتواجد على الطريق في منطقة خلدة، وكل من يُقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر». وسارع بعدها السياسيون إلى إطلاق دعوات إلى التهدئة وإدانة الحادثة قبل أن يخرج النائب حسن فضل الله في مقابلة تلفزيونية متحدثاً بلهجة شديدة عن «حادث مفصلي وكمين مدبّر». وسأل: «ألم تكن هناك معلومات لدى الأجهزة الأمنية بأنّ هناك مسلّحين على سطوح البنايات؟». وشدّد على أن «رؤوس هذه العصابة وأفرادها يجب أن يُسلّموا. مخابرات الجيش وفرع المعلومات والأمن العام وأمن الدولة مسؤولون. هؤلاء عصابة ولا يمتّون إلى العشائر بصلة». وأضاف فضل الله: «جمهورنا يطالبنا باجتثاث هذه العصابات، ونحن قادرون على أن نجتثّها بخمس دقائق. وإن كنتم لا تُريدون فتنة، سلِّموا القتلة. الأجهزة الأمنية تعلم أننا لم نواكب التشييع وكان عليها أن تحمي التشييع». وختم فضل الله: «للصبر حدود وعلى الأجهزة الأمنية أن تفكك هذه العصابات».
وعلمت «الأخبار» أنه باتت لدى الجيش لائحة أسماء مطلقي النار الذين شاركوا في الجريمة، وأن المفترض تنفيذ حملة لدهم منازلهم وتوقيفهم.
ويعود الخلاف إلى العام الماضي إثر مقتل الفتى حسن غصن بإطلاق نارٍ في خلدة على خلفية اعتداء مجموعة من العشائر على سنتر شبلي وإحراقه. يومها زعم الفاعلون أنّ شبلي رفع صورة للقيادي في حزب الله سليم عيّاش المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري، إلا أنّ الفيديوات يومها أظهرت أنّ الخلاف سببه رايات عاشورائية. اتهمت يومها عائلة غصن علي شبلي بالوقوف وراء مقتل ابنها، لتبدأ سلسلة مفاوضات لحل الخلاف. وفوّض أهالي غصن رئيس اتحاد العشائر العربية جاسم العسكر التفاوض باسمهم مع حزب الله، وبالفعل حصلت عدة لقاءات في منزل الوزير السابق طلال أرسلان (والد الضحية ينتمي إلى الحزب الديموقراطي اللبناني) بين اتحاد العشائر العربية والحزب. وبحسب المصادر، وافق حزب الله على شروط أهل الضحية بمغادرة شبلي منطقة خلدة لمدة ٣ سنوات، بعدما كانوا يطلبون أن يغادرها لاثني عشر عاماً.
واتُّفق على أن يعوّض حزب الله لآل شبلي عن حرق السنتر وتشكيل لجنة أمنية مشتركة بين الحزب والعشائر لمنع أي استفزاز، على أن تكون اللجنة برئاسة العشائر العربية. وبعد الموافقة النهائية، حصلت تدخلات من أفراد عملوا على إفساد الاتفاق. إذ يقول أفراد من عائلة غصن إنّ الشرط الأساسي كان أن يُسلّم شبلي نفسه، إلا أنّ عائلة الأخير تردّ بأنّ طرح دفع الديّة والترحيل كان عوضاً عن التسليم، مشيرة إلى أنّه أثناء استكمال إجراءات المصالحة، عاد أهل الضحية الى المطالبة بتسليم شبلي، ما دفع بجاسم العسكر إلى الانسحاب من الوساطة.
"الجمهورية": اللقاء الرابع اليوم يحدّد مسار التأليف.. واستنـفار سياسي لدرء الفتنة
وأعلنت قيادة الجيش، أنّ وحداتها المنتشرة في خلدة «ستطلق النار في اتجاه أي مسلح يتواجد على الطرق في خلدة، وفي اتجاه أي شخص يُقدم على اطلاق النار من أي مكان آخر». وقالت إنّ «مسلحين» أقدموا «على إطلاق النار باتجاه موكب التشييع، ما أدّى الى حصول اشتباكات أسفرت عن سقوط ضحايا وجرح عدد من المواطنين وأحد العسكريين».
وندّد «حزب الله» في بيان بتعرض المشيّعين لـ»كمين مدبّر وإطلاق نار كثيف من قِبل المسلحين»، مطالباً «الجيش والقوى الأمنية بالتدخّل الحاسم لفرض الأمن والعمل السريع. وأهاب بالأجهزة الأمنية والقضائية ملاحقة المحرّضين والتصدّي الحازم لمحاسبة الجناة والمشاركين معهم. وقال انّ «علي شبلي قضى بفعل منطق التفلّت والعصبية البعيدين عن منطق الدين والدولة»، وأضاف: «نهيب بالأجهزة الأمنية والقضائية ملاحقة المحرّضين الذين أدمنوا النفخ في أبواق الفتنة واشتهروا بقطع الطرقات وإهانة المواطنين».
وطالب رئيس الجمهورية ميشال عون قيادة الجيش باتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة الهدوء إلى منطقة خلدة، وتوقيف مطلقي النار وسحب المسلحين منها. واعتبر أنّ «الظروف الراهنة لا تسمح بأي إخلال أمني أو ممارسات تذكّي الفتنة المطلوب وأدها في المهد، ولا بدّ من تعاون جميع الأطراف تحقيقاً لهذا الهدف».
وحضّت قوى سياسية عدة، بينها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، الى «ضبط النفس»، منبهاً الى ضرورة «عدم الإنجرار الى الفتنة والاقتتال الذي لا طائل منه». فيما دعا تيار «المستقبل» بتوجيه مباشر من الرئيس سعد الحريري، «جميع اللبنانيين إلى الوعي والابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة النعرات، وعدم اللجوء إلى أي ردود فعل من شأنها تأزيم الأمور في أي منطقة، وتجنّب نشر أي أخبار أو تعليقات غير مبرّرة على وسائل التواصل الاجتماعي».
وتعود جذور الاقتتال في خلدة الى توتر اندلع في 28 آب 2020، إثر تعليق مناصرين لـ»حزب الله» رايات دينية في المنطقة، تطور الى اشتباكات بينهم وبين مسلحين من عشائر عربية، أوقعت قتيلين أحدهما حسن غصن. وأقدم شقيق غصن السبت على قتل شبلي انتقاماً.
مشهدان
الى ذلك، وعلى رغم الانتكاسة الخطيرة التي اصابت الامن ودفعته الى صدارة الاهتمامات، فإنّ مشهدين أساسيين سيخيمان على هذا الأسبوع، ويستقطبان أنظار الرأي العام اللبناني والدولي: مشهد الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب، في ظل دعوات واسعة الى المشاركة في هذه المحطة التي ستتخلّلها مواقف سياسية عالية النبرة ومسيرات شعبية غاضبة. ومشهد تأليف الحكومة الذي يُستكمل في جلسة رابعة اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، وسط تفاؤل حذر بإمكانية تجاوز العِقّد الموجودة سريعاً.
ولاحظت مصادر مواكبة للإستحقاق الحكومي، ان «لكل انطلاقة اندفاعتها وفرصتها وديناميتها، فلا يفترض تفويت هذه الانطلاقة سعياً للاختراق الحكومي، وفي حال تمّ تفويتها يعني أنّ التأليف دخل في رتابة ما بعدها رتابة وعاد إلى المربع الأول وتوسّع الشرخ وتفاقمت التعقيدات وتبدّدت فرص الولادة الموعودة. ويبدو انّ عون وميقاتي سيحاولان الاستفادة إلى أقصى حد ممكن من الاندفاعة الجديدة من أجل ولادة سريعة للحكومة، لإدراكهما انّ ما يمكن انجازه اليوم وسط مواكبة داخلية وخارجية حثيثة، يصعب انجازه لاحقاً».
واضافت هذه المصادر: «طالما انّ العِقَد محلية لا خارجية، ولا يوجد قرار سياسي بعدم التأليف، وهناك رغبة محلية وخارجية بإنهاء الفراغ، وانسجام متبادل بين عون وميقاتي، فيعني انّ إمكانية تدوير الزوايا والوصول إلى مساحات مشتركة ممكنة، خصوصاً انّ المخارج موجودة متى وُجدت النيات الصافية للوصول إلى حل، والنيات موجودة مبدئياً، ولذلك، إمكانية ولادة الحكومة غير متعذرة وغير مستبعدة». واعتبرت «انّ المقارنة لا تجوز بين مفاوضات التأليف السابقة والمفاوضات الحالية، لأنّ الأولى كانت تجري على خلفية خلاف مستحكم بين عون والرئيس سعد الحريري وتوازن رعب وسعي إلى التأليف على قاعدة غالب ومغلوب. بينما تجري الثانية وسط مودة متبادلة وسعي مشترك للوصول إلى مساحة وسطى، وهذا لا يعني انّ العِقد غير موجودة واصطناعية. إنما متى كانت هناك رغبة في الوصول إلى حل يُصار إلى تجاوز العقِد على قاعدة لا غالب ولا مغلوب».
ورجحت المصادر «ان يكون الأسبوع الراهن مفصلياً على مستوى التأليف، فإذا تمّ تجاوز عقدة وزارة الداخلية وغيرها، وبدأت عملية إسقاط الأسماء على الحقائب الوزارية، يعني انّ الولادة أصبحت وشيكة. وفي حال تعقدّت الأمور والخلاف راوح على توزيع الحقائب السيادية، فيعني انّ فرص التأليف بدأت تتراجع، في اعتبار انّ لا مبرر لعدم تجاوز كل هذه العِقد، خصوصاً انّ الأوضاع الكارثية تستدعي ذلك، فضلاً عن انّ كل الأنظار الداخلية والخارجية شاخصة وداعمة لمساعي رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف. فهل تحصل مفاجأة وتتشكّل الحكومة قبل 4 آب، أم انّ هناك من يفضِّل ترحيل التأليف الى ما بعد هذه المحطة، تجنباً لوضع الحكومة الجديدة في وجه الناس الغاضبين؟».
اللقاء الرابع
وعشية اللقاء الرابع بين عون وميقاتي، تعدّدت الروايات التي اطلعت عليها «الجمهورية»، والتي راوحت بين متفائلة ومتشائمة ومتريثة في الحكم مسبقاً على ما يمكن التوصل اليه، على ضوء سلسلة من المواقف التي تعزز الاتجاه نحو الفشل في إمكان التوصل الى توافق على تذليل العقبات التي تحول دون بلوغ مرحلة إسقاط الاسماء على الحقائب قبل التفاهم على توزيعها على المذاهب، ما لم تتعزز التدخّلات الخارجية وسط غياب الوسطاء الداخليين.
وقالت مصادر ميقاتي، انّه لا يمكنه التعاطي مع اي طرف غير رئيس الجمهورية. فهو الذي يتولّى الاتصالات كشريك أساسي في تشكيل الحكومة، وليس ملزماً بالاستماع الى اي من المواقف التي تتردّد من وقت لآخر على ألسنة شخصيات ومسؤولين ليسوا على علاقة بالمفاوضات الجارية. فالرئيس المكلّف هو الذي يتولّى الاتصالات مباشرة مع رئيس الجمهورية وليس هناك من مطابخ أخرى.
بعبدا تدعو الى الانتظار
ولفتت مصادر قصر بعبدا الى انّها تنتظر لقاء اليوم ليظهر مدى تقدّم المساعي لتشكيل الحكومة، بعد اعادة النظر ببعض الحقائب العادية غير السيادية وتأجيل البحث فيها، ولا سيما منها حقيبتا وزارتي الداخلية والعدل الى المرحلة التي تبدأ اليوم، حسبما توافق عون وميقاتي الخميس الماضي. واصفة مهلة الايام الاربعة بأنّها كافية لتوفير أجوبة واضحة.
"البناء": لقاء بعبدا اليوم لن يحسم الخلافات
من جهتها، قالت "البناء" إن غدا الثلاثاء سيتسلم الرئيس الإيراني المنتخب السيد ابراهيم رئيسي مقاليد السلطة الدستورية بإعلانه فائزاً بصورة رسمية من قبل الإمام علي الخامنئي، ويفترض أن يلقي خطاب القسم يوم الخميس أمام البرلمان الإيراني، ويبدأ بممارسة مسؤولياته الدستورية، ومع السيد رئيسي تدخل إيران مرحلة جديدة كلياً، سواء لجهة نظرتها للمفاوضات حول الملف النووي، وإسقاط التفاوض من سلم الأولويات دون الخروج منه، أو لجهة تركيزها على البناء الإنتاجي للاقتصاد الوطني خارج نسق النظام الريعي للعقارات والمضاربات ولعبة أسواق العملات والأسهم، أو لجهة المضي بسرعة في بناء تفاهمات استراتيجية اقتصادية وعسكرية مع الحلفاء وفي مقدمتهم الصين وروسيا، وبنظر عدد من المتابعين للأوضاع الإقليمية والدولية، تشكل عملية استهداف ناقلة النفط التابعة لكيان الاحتلال أول مؤشرات المرحلة الجديدة، علماً أنّ إيران ل تعلن مسؤوليتها عن قصفها بواسطة طائرة مسيّرة كما تقول المعلومات الأميركية التي أكدت اتهام ايران بالتزامن مع الإتهام «الإسرائيلي»، ولوحتا معاً بالردّ، التحليلات الغربية تتحدث عن قرار إيراني بتحريم البحار الممتدة من البحر المتوسط إلى الخليج على البحرية «الإسرائيلية»، وفرض الهيبة الإيرانية عليها، والردّ على كلّ عملية استهداف «إسرائيلية» في سورية وكلّ عملية استخبارية داخل إيران خصوصاً ضدّ مكونات ومؤسّسات ملفها النووي، بعملية استهداف لباخرة او ناقلة «إسرائيلية»، وبانتظار رؤية كيفية الردّ الأميركي و«الإسرائيلي»، يبدأ رئيسي ولايته الدستورية تحت عنوان فرض الحضور الإيراني القوي مهما كانت التبعات.
لبنانياً أظهر حزب الله قدرته على التحكم بتصرف بيئته ومنع ردود الأفعال التي تستدرجه الى مواجهات لا يريدها، بعدما سقط من عناصره ومناصريه أربعة شهداء أول أمس وأمس بدم بارد في منطقة خلدة، وكان ردّه دعوة الدولة لإنهاء هذا الوضع الشاذ في مثلث طرق شديد الحساسية، منعاً لخروج الأمور عن السيطرة، وجال النائب حسن فضل الله على القنوات التلفزيونية ليل أمس شارحاً لموقف الحزب، رافضاً توصيف خطر الفتنة ودعوات التهدئة، قائلاً إنّ المسألة ليست حزبية ولا سياسية ولا طائفية ولا عشائرية، فهي ببساطة مسألة عصابة تمسك بالطريق الدولي وتمارس القتل والإجرام، يجب أن يًعتقل كلّ أفرادها وفقاً للوائح الإسمية الموجودة لدى الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، وفي ساعة متقدمة من الليل كان الجيش قد بدأ عملية مداهمات في المنطقة لإلقاء القبض على المطلوبين في استهداف موكب تشييع صاحب مجمع شبلي التجاري الذي قتل أول أمس خلال مشاركته في إحدى المناسبات العائلية تحت شعار الثأر، بعدما كانت وحدات الجيش قد انتشرت بكثافة في المنطقة، وقامت بتأمين فتح الطريق الساحلي بين بيروت والجنوب.
سياسياً ينعقد اليوم اللقاء المرتقب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، بعدما كان لقاء الخميس الماضي قد توقف عند عقدة توزيع الحقائب على الطوائف والمرجعيات، لجهة موقع وزارات الداخلية والعدل والطاقة، التي ينحصر حولها الخلاف، وقالت مصادر مواكبة لمسار التأليف، أنه رغم كلّ ما يُشاع عن قضايا خلافية أخرى، ورغم الاتهامات الموجهة لمطالبة رئيس الجمهورية بالثلث المعطل، فأوساط الرئيس ميقاتي تؤكد أن النقاش يدور بإيجابية تحت سقف ثوابت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث لا ثلث معطل لأيّ فريق، مشيرة الى انّ الخلاف حول وزارتي الداخلية والعدل يبقى هو الأساس، وتقول المصادر المتابعة انّ لقاء اليوم لن يكون حاسماً حيث الأنظار مشدودة نحو تمرير استحقاق الرابع من آب دون أحداث أمنية تهز الاستقرار، وهناك عدم رغبة لتوتير الأجواء الطائفية بتصعيد الخلاف الرئاسي في حال عدم الاتفاق، خصوصاً بعد احداث خلدة الدموية امس، ما سيجعل لقاء اليوم تداولياً وغير حاسم بانتظار مرور ذكرى الرابع من آب والانتقال الى جلسة طويلة وحاسمة يرجح عقدها يوم الجمعة المقبل يمكن أن يتقرّر خلالها مصير التفاؤل والتشاؤم بتأليف الحكومة.
يزور الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قصر بعبدا بعد ظهر اليوم في لقاء هو الرابع مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لإنهاء مرحلة توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب وحسم عقدتي حقيبتي الداخلية والعدل، علماً انّ الرئيس عون وفق معلومات «البناء» من مصادر 8 آذار يطرح إعادة توزيع الحقائب السيادية، في حين أنّ هذا الأمر لن يقبل به ثنائي حزب الله وحركة أمل الذي يتمسك بالمالية ويتفهّم أيضاً إصرار الطائفة السنية على وزارة الداخلية التي يدفع ميقاتي لكي تتولاها شخصية مستقلة من الطائفة السنية.
وأفادت مصادر مطلعة أنّ العمل جار لإسقاط الحقائب مشيرة الى انّ الأجواء الى حدّ ما إيجابية بين الرئيس عون والرئيس ميقاتي الذي يسعى الى اختيار أسماء الوزراء من أصحاب الاختصاص والأكفاء والقادرين على تنفيذ الإصلاحات، من أجل تأليف فريق عمل متجانس يوحي بالثقة للداخل والخارج، معتبرة انّ الأيام الماضية شهدت محاولات واتصالات للبحث عن حلول لعقدتي الداخلية والعدل، علماً أنّ المصادر نفسها تشير إلى أنّ رئيس الجمهورية يريد تسمية 9 وزراء مسيحيّين في حصته وهذا يعني أنه يريد الحصول على الثلث المعطل إذا أضيف إلى الوزراء التسعة، الوزير الدرزي الذي سيكون من حصة النائب طلال أرسلان.
وليس بعيداً، تقول أوساط سياسية أنّ فرنسا تدير حراكاً لتذليل العقد بين القوى السياسية وهي تعمل على دعم لبنان وتواصل اتصالاتها مع المجتمع الدولي من أجل دعم لبنان، معتبرة أنّ المؤتمر الدولي لمساعدة لبنان الذي يترأسه الرئيس إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء، سيشارك فيه الرئيس الأميركي جو بايدن ومع احتمال مشاركة السعودية أيضاً التي تجهد فرنسا في إقناعها بذلك.
إلى ذلك رحّبت الولايات المتحدة بقرار الاتحاد الأوروبي بإقرار الإطار القانوني لفرض عقوبات على قادة لبنانيين مسؤولين عن التعطيل السياسي في لبنان، لافتة الى أهمية «استخدام هذه الأداة المهمّة لمحاسبة المسؤولين حول العالم». وقال وزيرا الخارجية أنتوني بلينكن والخزانة جانيت يلين في بيان مشترك «أنّ العقوبات تهدف، من بين أمور أخرى، إلى فرض تغييرات في السلوك ومحاسبة القادة الفاسدين»، مبديين استعدادهما للتعاون مع الاتّحاد الأوروبي بشأن الملفّ اللبناني. وعلمت «البناء» من مصادر مطلعة على الأجواء الدبلوماسية أنّ هناك أكثر من 50 اسماً من سياسيين أبرزها من التيار الوطني وضعوا على لائحة العقوبات التي بات الإعلان عنها رهن التأليف الحكومي من عدمه.
"اللواء": التحدّي الأمني على طاولة حسم التأليف اليوم
وبحسب "اللواء"، أضيف هم اضافي إلى الهموم المتعلقة بهموم الكهرباء والماء والتهاب الاسعار وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، هو الهم الامني وسط مخاوف أن يكون ما حصل، ليس في سياق حادث وحسب، بل وراء الأكمة ما وراءها.
وهكذا طغت الاتصالات التي جرت على ارفع المستويات على احتواء الوضع وتهدئة الوضع، وطلب الرئيسان ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي التدخل، وتعزيز الوجود الأمني، في حين أن تيار المستقبل، بناء على توجيهات الرئيس سعد الحريري وحركة «امل» والحزب التقدمي الاشتراكي والأمير طلال ارسلان شددوا على وجوب التهدئة ومنع الفتنة، فيما طالب النائب السابق وليد جنبلاط بتوقيف من اطلق النار، وأن تأخذ العدالة مجراها، داعياً لصلح عام عشائري لأن طريق صيدا هي طريق الجميع من كل الفئات والمذاهب، مذكراً بحادثة الزيادين وموقفه في جامع الخاشقجي.
وبعد ساعات من تدخل الجيش وارسال تعزيزات، عاد الهدوء مساء إلى منطقة خلدة، اثر الاشتباك المسلح، الذي حصل خلال تشييع جنازة علي شبلي، وعادت حركة المرور بين خلدة والناعمة، بعد ان تحولت خلدة إلى ساحة حرب بعد الانتشار المسلح.
الاجتماع الرابع
سياسياً، امضى الرئيس ميقاتي الايام الثلاثة الماضية، قبل العودة إلى الاجتماع مع الرئيس عون في انجاز تصوره للمسودة الحكومية، وإجراء ما يلزم من اتصالات ومشاورات، ووضع ما يلزم من بدائل للاحتمالات الممكنة.
إلى ذالك أفادت مصادر سياسية لـ»اللواء» أن اللقاء المرتقب بعد ظهر اليوم بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي سيخصص لاستكمال البحث في توزيع الحقائب الوزارية ومن بينها الوزارات السيادية على أن ما بات معروفا هو أن وزارة الداخلية هي من النقاط العالقة وقد تشكل موضع بحث اليوم في اللقاء.
وفهم من المصادر إنها ووزارة العدل قد تدخلان في صلب النقاش وإن هناك أفكارا قيد البحث منها حصول تبادل في هاتين الحقيبتين لكنها مجرد أفكار ليس إلا كما ان هناك اقتراحات أخرى .
وأشارت إلى أنه لا يمكن الحديث عن اجواء سلبية وإن الرئيس عون والرئيس المكلف لا يزالان في بدايات التأليف وإن اليوم هو اللقاء الرابع بينهما.
وحسب معلومات «اللواء» فان الرئيس ميقاتي سيقدّم له صيغة او مسودة تشكيلة حكومية كاملة بتوزيع الحقائب على الطوائف وفق رؤيته ويتم النقاش فيها مع رئيس الجمهورية، على ان يتم لاحقاً البحث بالأسماء التي تتناسب برأيهما مع كل حقيبة ولا تشكل استفزازاً لأي طرف. وعلى هذا تترقب البلاد كيفية تفاهم الرئيسين على اقتراح ميقاتي حول ما سُمّي عقدتي حقيبتي الداخلية والعدل المتوارثتين من ايام الخلاف بين عون والرئيس سعد الحريري. فإذا تم الاتفاق اليوم قد تبصر الحكومة النور في 4 آب او قبله او بعده بقليل عبر إسقاط الاسماء.
وحسب المعلومات، فقد كان توزيع كل الوزارات قيد البحث خلال الايام الاربعة الماضية وفق تصوّر موجود لدى ميقاتي ويتضمن طبعا توزيع حقيبتي الداخلية والعدل.
وتنقل مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة عن زوار الرئيس عون اجواء مريحة للقاءات التي عقدها مع الرئيس ميقاتي للتشكيل، بعكس الاجواء التشاؤمية التي تشاع عن هذه اللقاءات من اكثر من جهة سياسية. وتقول؛ان عون يعتقد انه اذا استمرت هذه الاجواء المؤاتية،في لقاء اليوم مع الرئيس المكلف، وتم تخطي بعض العقد الموجودة، لاسيما العقد المتعلقة، بوزارات الداخلية والعدلية والطاقة، فبالامكان القول ان الحكومة الجديدة، قد تولد يوم غدالثلاثاء وهذا مانعمل عليه، وان كان البعض، يعتبر هذا التوقع لا يبدو ممكناً في ظل المواقف المتشنجة وحملات الاستهداف السياسي المتبادل.
واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن رئيس الجمهورية يؤكد ان تشكيل الحكومة يتم بينه وبين الرئيس المكلف حصرا ولا صحةلمايقوله البعض عن تدخل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في عملية التشكيل، وكل ما يتردد بهذا الخصوص غير صحيح على الاطلاق، والدليل على ذلك بأن الاخير يقوم بممارسة رياضة المشي في منطقة البترون في هذا الوقت.
واستنادا للمصادر المتابعة، يشدد رئيس الجمهورية على اهمية تشكيل الحكومة الجديدة قبيل انعقاد مؤتمر دعم لبنان، نظرا لتاثيرها الايجابي على مواقف الدول المشاركة لتوسيع مروحة المساعدات المقدمة الى لبنان، للمباشرة بالانقاذ، والا فإن استمرار عدم التشكيل لاي سبب كان سيعطي مردودا عكسيا،ونظرة سلبية من المجتمع الدولي تجاه لبنان.
ولايتردد رئيس الجمهورية في توجيه سيل من الانتقادات ضد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، باعتباره كما نقل هؤلاء الزوار عنه، «الدينامو» المحرك لكل محاولات استهداف رئاسة الجمهورية خلال المرحلة الماضية،والذي كرس تحالفه مع الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لهذه الغاية،ولكل مااحاط سلوكيات الحريري من التباسات ومصادمات ضد رئيس الجمهورية طوال الأشهر الماضية.
ومن وجهة نظر عون،كمانقلت المصادر،فان إعتذار الحريري، وجه ضربة سياسية لبري وحليفيه الحريري وجنبلاط،في حين أصبح رئيس المجلس معزولا من وجهة نظر عون وقاعدته الشعبية تنقلب عليه كما يلاحظ بسبب تذكرها واستياءها، لسوء ادائه السياسي وضعف تحالفاته، بينما الحريري لم يستطع اقناع جمهوره باعتذاره، وجنبلاط يهادن سياسيا الجميع.
ولكن مقابل ما يقوله عون لزواره ضد خصومه السياسيين، كشفت مصادر في التيار الوطني الحر عن موجة استياء تعم كوادر وشرائح واسعة من المنضوين تنظيميا، والحاح معظمهم الالتقاء برئيس التيار النائب جبران باسيل، لمواجهته وابلاغه مباشرة، بالماخذ على سوء الاداء السياسي والاحباط لانقضاء معظم عهد رئيس الجمهورية هباء وبلا اي انجازات، بل بفشل تحقيق أي شعار تم الترويج له بلا جدوى،وصولا الى الانهيار الكبير الذي نعيشه حاليا. وخشية الاحراج كلف باسيل نائبه منصور فاضل للالتقاء بقسم اساسي من هؤلاء الكوادر للتحاور معهم والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم وبينما ابدى هؤلاء احتجاجهم الشديد على تهرب باسيل من ملاقاتهم، عبروا خلال لقائهم مع فاضل عن استيائهم الشديد من السياسية الفاشلة والسلبية لباسيل والتي اساءت للعهد وادت الى فشله والى كراهية اللبنانيين للتيار وابتعادهم عنه. فيما اعتبر قسم منهم ان تحالف التيار مع حزب الله ،كان المسبب الاساس افشل العهد وانفراط تحالفته السياسية مع باقي المكونات،مطالبين بالحاح باعادة النظر بهذا التحالف باقرب وقت ممكن، لتدارك ما تبقى من نتائج وانعكاسات سلبية على التيار على ابواب الانتخابات النيابية التي تؤشر الى تراجع كبير بشعبية التيار بمعظم المناطق.
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024