معركة أولي البأس

لبنان

الاستشارات النيابية الملزمة تنطلق الإثنين المقبل
20/07/2021

الاستشارات النيابية الملزمة تنطلق الإثنين المقبل

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على بيان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية حول إعلان موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، الإثنين المقبل، إذ أنه حتى الساعة لم يبدأ التشاور بعد بين الكتل النيابية حول اسم أي مرشح، باستثناء بعض الأسماء التي تطفو مباشرة عند تشكيل أي حكومة جديدة، كالسفير نواف سلام والنائبين نجيب ميقاتي وفيصل كرامي مع عودة اسم سمير الخطيب إلى التداول مرة جديدة.

ولن تتضح الصورة الحكوميّة قبل منتصف الأسبوع حيث من المتوقع أن تنطلق الاتصالات بشكل جدّي بين مختلف الأطراف السياسية لبلورة رؤية معينة للملف الحكومي.

وفي ظل الوضع المأساوي الذي يعيشه لبنان قبيل العيد عادت أزمة المحروقات الى الواجهة من جديد ومعها طوابير السيارات.

"الأخبار": استشارات تكليف رئيس حكومة بلا برنامج: عودة إلى سمير الخطيب؟

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي لفتت الى أن المشاورات بشأن التوافق على رئيس حكومة جديد في الأيام المقبلة سيبدأ استباقاً لموعد الاستشارات النيابية التي حدّدها رئيس الجمهورية الإثنين المقبل، من دون أن يجري الحديث جدّياً في أي شخصية حتى الساعة، باستثناء عودة اسم سمير الخطيب إلى الضوء. في غضون ذلك، يسرح سفراء السيادة الأجانب في لبنان بوقاحة تامة ومن دون أي اعتراض أو استنكار أو استدعاء من أي مسؤول في الدولة اللبنانية

لم يكن لبنان يوماً مستقلّاً في قراره بالمعنى الكامل للكلمة، لكن يبدو أن وقاحة التدخل الأجنبي فيه حالياً، لا حدود لها. زحمة سفراء وموظفين أميركيين وفرنسيين وألمان ودوليين، لكلّ منهم توصياته حول ادارة شؤون البلد ومستقبله، مع «حرصهم» حميعاً على التشديد على أهمية أن يكون القرار داخلياً وبالتوافق بين كلّ المكونات اللبنانية. ووصل الأمر بالسفير الألماني في لبنان اندرياس كيندل إلى اجراء استطلاع عبر «تويتر» حول السبب الذي يدفع أي مواطن الى التصويت في الانتخابات النيابية المقبلة لمن يمنع تشكيل حكومة تنفذ اصلاحات. الأسوأ، أن أحداً في الجمهورية لم يجد نفسه معنياً بالردّ على كيندل أو استدعائه للاحتجاج على تدخله في الشؤون اللبنانية، كما أن أحداً لم يجد نفسه أمس معنياً باستدعاء السفيرة الأميركية دوروثي شيا لسؤالها عما يفعله وفد مكتب ​تمويل الإرهاب​ والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية​ في بيروت لمدة ثلاثة أيام، سوى ما أعلنته السفارة عن اجتماعه مع «محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي و​مكافحة الإرهاب​».

في غضون ذلك، أصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بياناً أعلنت فيه موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، الإثنين المقبل، ونشرت البرنامج الكامل للمشاورات الذي يقتصر على يوم واحد يبدأ عند العاشرة والنصف صباحاً وينتهي عند الرابعة والنصف بعد الظهر.
وحتى الساعة، لم يبدأ التشاور بعد بين الكتل النيابية حول اسم أي مرشح، باستثناء بعض الأسماء التي تطفو مباشرة عند تشكيل أي حكومة جديدة، كالسفير نواف سلام والنائبين نجيب ميقاتي وفيصل كرامي. تضاف إلى ذلك عودة اسم المدير العام لشركة خطيب وعلمي، سمير الخطيب، إلى التداول مرة جديدة. في ما يعني سلام الموجود اليوم في بيروت، لا تزال المشكلة كما كانت قبيل سنة ونصف سنة: لا معارضة حقيقية لاسمه من التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي وتيار المستقبل، فيما يتحفظ حزب الله على اسمه لأن أساس اختياره آنذاك جاء على أساس أنه مرشح مواجهة برعاية أميركية وسعودية، وليس كمرشح توافقي.

أما على مقلب ميقاتي، فثمة رأيان: الأول يقول إنه يرفع سقف شروطه حتى لا تكون التنازلات كبيرة، خصوصاً أنه المرشح الأقوى والوحيد لدى سعد الحريري ونبيه بري، كما أنه يتمتع بـ«وجه دولي»، بمعنى أنه يحظى بغطاء فرنسي وله علاقات أميركية وعربية قوية، لكنه لن يفرط فيها اذا لم يحصل على ضمانات خليجية وأميركية، بإطلاق يديه في عملية التشكيل واجراء اصلاحات في القطاعات المالية، وبالحصول على دعم مالي دولي. كما تردّد أن ميقاتي طلب ضمانات من بري بإقناع حزب الله باسمه، ليقوم الحزب بدوره بإقناع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل به، علماً بأن عون وباسيل يرفضانه بشدّة. من جهة أخرى، تؤكد مصادر مطلعة أن ميقاتي «عايز ومستغني»، وقد أبلغ من يعنيهم الأمر عدم رغبته في رئاسة الحكومة في عهد ميشال عون، خصوصاً أنه نقل عمل شركاته من بيروت إلى دبي ولندن. وهو يشير في مجالسه الى أن «خسائر تسلم الحكومة في ظل الانهيار أكبر بكثير من الأرباح».

كذلك يجري التداول باسم كرامي كمرشح توافقي، رغم عدم جلاء موقف الحريري منه، ورغم اتصال الأخير به الاسبوع الماضي بعد اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة.
أما سمير الخطيب، فيجري التداول باسمه على نطاق ضيق، على قاعدة أنه قد يمثّل مرشّح توافق يحظى برضى سعودي، لترؤس حكومة برنامجها محصور بأمرين: إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وتمهيد الأرضية للتفاوض مع صندوق النقد الدولي. وهذا «البرنامج» يعني استمرار الازمة التي تعيشها البلاد، من دون خطة إنقاذ.

أمام هذه المعطيات، تشير المصادر الى سيناريوين اثنين في خلال الأسبوع الجاري: الأول، محاولة عون في الأيام المقبلة الوصول الى توافق حول شخصية ما تحظى برضى كل من حزب الله وحركة أمل والحريري وجنبلاط، رغم ترجيح استحالة ذلك قبيل انقضاء عطلة عيد الأضحى. وتتوقع المصادر عندها تأجيل الرئيس للاستشارات الى موعد آخر ريثما تنضج المفاوضات، ولا سيما أنها لا تقتصر على اسم رئيس الحكومة، بل الأساس فيها هو وظيفة الحكومة التي ستتشكل. وحسم هذا الأمر يسهّل تسمية رئيسها، فيما السيناريو الثاني يقوم على ما يشير اليه رئيس الجمهورية بتلبيته دعوة الجميع الى استشارات في أقرب وقت، والقبول بنتائج التصويت كيفما أتت، من دون اتفاق مسبق. لكن لهذه الفرضية مشكلة تتمثل في أن الفائز بأكثرية ضئيلة لن يتمكن من التشكيل، ما يعني فعلياً العودة الى النقطة الصفر: تأجيج المشكلات و... انهيار مضاعف.

"البناء": ميقاتي في صدارة المرشّحين… وباريس في مقدّمة الوسطاء… وحزب الله أول الناخبين 

بدورها، صحيفة "البناء" رأت أن مرجع سياسيّ لخص المشهد القائم بالشديد التعقيد، وأكد المرجع المتابع أن المشاورات التي بدأت عشية إعلان الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري اعتذاره عن تأليف حكومة جديدة، مستمرة حتى يوم الاستشارات الإثنين المقبل وربما تستمرّ بعده إذا استدعى الأمر تمديد المهلة وتأجيل الاستشارات بطلب نيابيّ، كما سبق وحدث، ويقول المرجع إن المشاورات افتتحت من المبعوث الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل بسؤال وجّهه للذين التقاهم «ماذا بعد الحريري؟»، مضيفاً أن أسبوع العيد قد لا يكون كافياً لحلحلة العقد التي تعترض تسمية رئيس جديد يُكلّف بتأليف الحكومة، فبعد اعتذار الحريريّ إثر استهلاك تسعة شهور دون نتيجة لا يمكن اختصار المشهد بالقول إن الفيتو السعوديّ هو العامل الوحيد الذي عطل ولادة الحكومة، فالفيتو صحيح وكان له الأثر الكبير، لكن ثمّة عوامل أخرى يصعب تذليلها بالبساطة التي يعتقدها البعض من طريق ولادة تسمية تنتهي بتشكيل حكومة جديدة، وأولى العقد بعدما تكرّر مشهد الاعتذار أو الانسحاب من طريق التسمية، سواء مع تجربة مصطفى أديب او الحريري، هي عقدة تأليف الحكومة من حيث انتهت في المسار الأخير للتفاوض الذي دار بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري، ومن دون رؤية واضحة لكيفية تجاوز هذه العقد في التأليف يصعب أن تتسهّل عملية التكليف، لدرجة بات ضرورياً معها أن تنجز حلول متفق عليها لهذه العقد توضح أغلب تفاصيل الحكومة قبل التكليف، بحيث لا يستغرق التأليف أكثر من أسبوعين بعد تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، وإلا قد لا يتجرأ مرشح وازن على قبول التسمية، وهنا يدخل العامل المؤثر لاعتذار الحريري المستنفر بوجه أي تسمية جديدة، والمستعدّ لاستخدام كل الأسلحة الطائفية المذخرة بوجه كل مَن يشقّ عصا الطاعة ويرضى بما لم يرض به الحريري، وعلى الذين يهتمون بحلحلة العقد أخذ الحيطة لعدم الوقوع في هذا المحظور الذي يُسقط الحكومة ورئيسها بالضربة القاضية، وهذا الكلام قاله الرئيس نجيب ميقاتي للذين فاتحوه بترشيحه لتولي المهمة، والحلول يجب أن تنطلق من تغيير صيغة مقاربة التأليف لتجاوز الوقوع في نقطة يصعب فيها على رئيس الجمهورية التراجع ويصعب فيها على الرئيس المكلّف القبول، وهذا يعني مزيداً من الوقت في رسم خريطة توزيع المواقع في الحكومة وطوائف الحقائب والتسميات، واعتماد تبادل في التسمية في الطوائف بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف يزيل عقدة تسمية رئيس الحكومة وزراء مسيحيين.

يقول المرجع المتابع إن عقدة استنفار الحريري عند التسمية وصيغة التأليف ليست الوحيدة، فالتباعد القائم بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، اللذين يشكلان ركيزة القاعدة النيابية التي يفترض أن تنبثق من صفوفها التسمية، قد بلغ مرحلة شديدة العمق، ومن دون تقاربهما يصعب بلوغ تسمية تحظى بعدد كاف من النواب لتشكيل حكومة ونيل الثقة، والتقارب دونه الكثير من التعقيدات التي بات يصعب تخطيها، لذلك تصير مهمة حزب الله كحليف مشترك للرئيسين أشد صعوبة في جوجلة الأسماء، وتبادل الترشيحات بين بعبدا وعين التينة، فيما يبدو الثلاثي الأميركي السعودي الفرنسي قد أوكل مهمة المتابعة لفرنسا، التي تحرص على التشاور مع ثلاثي بعبدا وعين التينة وحارة حريك، وتولي أهمية خاصة لحارة حريك كجهة وسيطة تطلب إليها المساعدة، وإذا كانت فرنسا تتقدّم الوسطاء وحزب الله يتقدّم الناخبين، فإن ميقاتي يتقدّم المرشحين كما يقول المرجع، لكن دونه ودون قبول التسمية بالإضافة الى تذليل عقدتي التأليف والتباعد بين عون وبري لضمان أوسع تغطية نيابية إذا أصرّ الحريري على البقاء عند رفض المشاركة في الاستشارات النيابية، السعي للحصول على جواب واضح حول مدى جدّية الخارج بكل مكوّناته ودوله ومؤسساته على توفير شبكة أمان ماليّة للشهور التي ستتولاها الحكومة وتسبق الانتخابات لمنع الانهيار.

وفيما بقي المشهد الداخلي تحت وطأة ارتدادات اعتذار الرئيس سعد الحريري، دخلت البلاد بدءاً من اليوم حالة استرخاء سياسي وحكومي بسبب عطلة عيد الأضحى المبارك وتمتدّ حتى الخميس المقبل، وبالتالي لن تتضح الصورة الحكوميّة قبل منتصف الأسبوع حيث من المتوقع أن تنطلق الاتصالات بشكل جدّي بين مختلف الأطراف السياسية لبلورة رؤية معينة للملف الحكومي.

وفيما ساد الصمت في عين التينة وفضّل حزب الله التريث قبل إعلان أي موقف بانتظار المشاورات التي تسبق الاستشارات، بادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرمي الكرة الى ملعب الكتل النيابيّة من خلال تحديد الاثنين 26 تموز الحالي موعداً للاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة بحسب بيان لرئاسة الجمهورية. سبقه اتصال بين الرئيسين عون ونبيه بري تم خلاله الاتفاق على موعد الاستشارات.

وبعدما أدلى الحريري بدلوه خلال حواره التلفزيوني الأخير لم يصدر أي موقف جديد من مسألة مشاركة كتلة المستقبل في استشارات بعبدا من عدمه، مفضلأً تهنئة اللبنانيين بالعيد.

وقال في تغريدة عبر «تويتر»: يهلُّ علينا عيد الاضحى المبارك، ولبنان الحبيب مع شعبه الطيب تعصف به هذه الأزمات، والتي كان بوسعنا أن نضع حداً لهذا الانهيار المريع، لولا تعنت البعض وأنانيته».

وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» الى أن «لا جديد على مستوى استحقاق التكليف حتى الساعة ولم تبدأ الاتصالات والمشاورات بشكل جدّي ولم يتم التداول باسم معين بل بمجموعة من الأسماء جرى جس النبض بشأنها من قبل رئاسة الجمهورية، لكن حكماً ستكون هناك مشاورات على كل المستويات للتفاهم على اسم وصيغة وقد تتوسع الاتصالات محلياً وإقليمياً ودولياً». ورجحت المصادر أن تنطلق المشاورات الخميس المقبل أي بعد عطلة العيد متوقعة تأجيل أول للاستشارات من الاثنين إلى الخميس وقد يتكرر ذلك حتى الاتفاق على اسم معين.

ولازالت بورصة الأسماء تتداول بأسماء للتكليف كالرئيس نجيب ميقاتي الذي لم يوافق حتى الساعة ويربط تكليفه بشروط داخلية وخارجية، فيما الرئيس تمام سلام يرفض بشكل مطلق ترؤسه حكومة في ظل عهد الرئيس عون، أما السفير نواف سلام فيجري تسويق اسمه من جهات إعلامية محسوبة على السعودية لكنه لا يزال موضع رفض من حزب الله والقوى الحليفة وحتى من الحريري نفسه، رغم انه مقبول من بعبدا والنائب السابق وليد جنبلاط والقوات اللبنانيّة، فيما لوحظت حملة إعلامية من تيار المستقبل على رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي مفادها بأن مخزومي على تواصل وتقارب مع حزب الله وهناك قضايا مشتركة بينهما، كلام رأت فيه مصادر مطلعة على موقف مخزومي لـ«البناء» أن هذه الحملة تقف خلفها جهات سياسية معروفة لتشويه صورة النائب مخزومي والإيحاء للخارج بأنه محسوب على حزب الله، وذلك لقطع الطريق على ترشيحه في اطار سياسة حرق المرشحين الذي يعتمدها البعض الذي لم يحالفه الحظ بتأليف الحكومة»، مؤكدة بأن «مخزومي هو مرشح مستقل ويملك رؤية إنقاذية للبلد وبرنامجاً للحل وعلاقات دولية وعربية يسخرها لبلده وبالتالي هو غير محسوب او مرتبط بأي حزب او جهة سياسية، لكنه مستعد للانفتاح على كافة الأحزاب والقوى السياسية إذا تمّ تكليفه تشكيل الحكومة لهدف المصلحة العامة». أما الدكتور عبد الرحمن البزري فهو مقبول من بعبدا وحزب الله وقوى عدة ومن غير المعروف حتى الساعة مدى مقبوليّته لدى القوى الأخرى والأطراف الخارجية والأمر نفسه بالنسبة للنائب فيصل كرامي.

وفي غضون ذلك، وفي خطوة مفاجئة وعلى وقع العقوبات الأوروبية المرتقبة على شخصيات سياسية لبنانية، أعلنت السفارة الأميركيّة في لبنان، اليوم أن «وفداً من مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية سيزور بيروت في الفترة ما بين 19 و21 تموز الحالي». وسيجتمع مع محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعيّ ومكافحة الإرهاب. بالتوازي استقبل الرئيس بري السفيرة الأميركية دوروثي شيا.

ووضعت مصادر مطلعة لـ«البناء» حضور الوفد الأميركي في إطار المزيد من الضغوط المالية والسياسية على لبنان لابتزاز السياسيين اللبنانيين المسؤولين عن تأليف الحكومة لفرض مرشح واشنطن.

في المقابل أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة رداً على سؤال حول اعتذار الحريري وإجراءات إيران الرامية لاستقرار لبنان، ان «الشعب اللبناني هو مَن يقرّر مصير بلاده»، مضيفاً: «لم نتراجع في أي وقت من الأوقات عن تقديم الدعم للأطراف اللبنانية سواء الحكومة أو الفئات أو الأحزاب».

وأضاف أنه «في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اللبناني من ضغوط اقتصادية أعلنا استعدادنا لتقديم أي مساعدة ممكنة ولن نبخل بها». وختم خطيب زادة بالقول «إن المهم هو وصول المفاوضات السياسية إلى نتيجة وأن يتم تشكيل الحكومة على وجه السرعة».

في موازاة ذلك، انعقد المجلس الأعلى للدفاع بدعوة من رئيس الجمهورية ودرس المجتمعون الأوضاع الأمنيّة لا سيما مع حلول عطلة عيد الأضحى وضرورة جهوزيّة القوى العسكريّة والأمنيّة للحفاظ على الأمن والاستقرار كما درس المجلس عدداً من المواضيع المدرجة على جدول أعماله واتُّخذت في شأنّها القرارات المناسبة.

وأشار رئيس الجمهورية خلال الاجتماع إلى أنه «من غير المسموح الإساءة الى الأمن الصحيّ الذي يوازي بأهميته الأمان في كل المجالات».

وعادت أزمة المحروقات الى الواجهة ومعها طوابير السيارات، فقد اكّد ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا انّ «لا مخزون كاف لدى محطات المحروقات لذلك تتفاقم الأزمة في نهاية الأسبوع». وكشف أن «المحطات ستتسلم اليوم كميات إضافية وسيتمّ ملء خزاناتها». وأوضح أن «هناك تأخيراً ومماطلة من قبل الدولة ومن مصرف لبنان في فتح اعتمادات». من جهة أخرى، قال إنّ «مادة المازوت متوّفرة ولكن بالقطارة»، وأشار إلى انّ هناك مشكلة كبيرة إذ إنها لا تكفي حاجة السوق.

على صعيد آخر، كشف مصدر قضائيّ بارز لوكالة «رويترز»، أن ممثل إدعاء لبنانياً سيستجوب حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة في الخامس من آب، بشأن شبهات اختلاس وغسيل أموال وتهرّب ضريبي. ووفق المصدر، فإن سلامة «لم توجّه إليه اتهامات حتى الآن، لكن الأمور قد تتصاعد».

"النهار": العهد يوسّع دوره في إدارة الفراغ

أما صحيفة "النهار" اعتبرت أن خطوة رئاسة الجمهورية أمس تحديد الاثنين المقبل موعداً سريعاً لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة بعد اقل من أسبوع على اعتذار الرئيس سعد الحريري لم تتخذ سوى دلالة شكلية يدرك الجميع ان العهد أراد منها المناورة شكلاً للإيحاء بانه ملتزم القواعد الدستورية شكلاً على الأقل، فيما هو يمعن في سياسة منهجية تعتمد تعطيل عملية تشكيل الحكومة برمتها ما لم يضمن هيمنته عليها. فتحديد موعد الاستشارات بعد أسبوع تماماً، والذي كان متوقعاً، لن يشكّل أي أثر فعال في رسم معالم المرحلة التالية بعد اعتذار الحريري قبل بلورة الاتجاهات الجادة في شأن إمكان ترشيح شخصية سنية لتولّي المهمّة الشاقة، وما اذا كان التوصل الى بلورة هذه الشخصية ممكناً في فترة الأسبوع التي تفصل عن الاثنين المقبل. ولا يخفى ان مجمل المعطيات السياسية لا توحي بسهولة التوصل الى تسمية رئيس مكلف يحظى بأكثرية نيابية ما لم يحظ بتغطية واضحة ومضمونة من الحريري نفسه أولا، والمراجع السياسية والدينية السنية تالياً، وهو الامر الذي يبدو شديد الصعوبة، حالياً على الأقل، ويحتاج الى وقت قد لا يكون قصيرا. لذا ساد إعتقاد واسع بأن رئيس الجمهورية ميشال عون، وان كان يمارس وفريقه لعبة الظهور بمظهر الاستقواء السياسي راهناً، يستشعر ضمناً خطورة الارتدادات السلبية الزاحفة عليه كمسؤول أول وأساسي عن إحباط المبادرة الفرنسية من خلال دأبه على تعطيل تشكيل الحكومة على يد الرئيس الحريري، ولذا يحاول تهدئة الرأي العام الدولي الذي كان ينتظر ولادة حكومة قبل الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت في 4 آب المقبل. ولكن تحديد موعد "أول" للاستشارات شيء وإجراء الاستشارات والتوصل الى نتيجة حاسمة بتكليف شخصية جديدة تشكيل الحكومة سيكون شيئاً آخر مختلفاً بما يعني ان الأيام الطالعة يفترض ان تحمل معالم حركة نشطة لبلورة الاتجاهات السياسية في حين ان الأوساط المعنية تشكك في ذلك نظراً الى بدء عطلة الأضحى اليوم لثلاثة أيام، ناهيك عن عدم وجود معطيات توحي بأن بتّ إمكان تسمية شخصية مقبولة من القوى الكبيرة والأساسية سيكون سريعاً او سهلاً. ومع ان الوقت لا يزال يتيح الانتظار حتى أول الأسبوع المقبل لتبيّن الاتجاهات السياسية، فإن احتمال إرجاء موعد الاستشارات يبقى بين الإحتمالات المتقدمة لتعذّر التوصّل الى توافق على اسم الشخصية التي ستكلّف والتي لا بد من ان تحظى بتغطية الحريري . 

لا توافق
فالعامل المؤكد حتى الان هو ان لا اتفاق مسبقاً على أي مرشح ولا على أي توجه بشأن الترشيح حتى الآن. وتتحدث معطيات عن أن الاسماء التي يتم تداولها ترمى بهدف رصد ردات الفعل عليها، وليس بينها إسم مفضل او متقدم على اخرين  كالرئيس نجيب ميقاتي او فيصل كرامي او فؤاد مخزومي او جواد عدرا او السفير نواف سلام. فالرئيس ميقاتي رافض حالياً وكذلك رؤساء الحكومات السابقون. أما الباقون فليس معروفاً بعد من يرشّحهم ومن يرفضهم . 
 
وتشير المصادر المواكبة الى ان مهمة الحكومة المقبلة لم تحدد حتى الآن. فإذا كانت حكومة انتخابات نيابية قد تسقط في هذه الحالة اسماء مرشحين ممن يريدون خوض الاستحقاق، كالرئيس ميقاتي ومخزومي وفيصل كرامي. وقد تتقدم اسماء اخرى مثل سمير الخطيب الذي سقط ترشيحه في المرة السابقة، او شخصية شبيهة بالرئيس حسان دياب الذي قد تصبح حكومته المستقيلة خياراً بالاشراف على الانتخابات في حال عدم الاتفاق بين القوى السياسية.
فلا مؤشرات على إمكان التوافق قبل موعد الاستشارات، لاسيما وان أي مرشح يجب ان يكون مقبولاً من ثنائي "أمل" "حزب الله" ومن رئيس الجمهورية وفريقه اذا كانت حكومة اللون الواحد، واذا كان المطلوب التوافق فيجب ان يحظى بغطاء سني بدءاً من رؤساء الحكومات السابقين، اي ان يكون صاحب بروفيل يشبه مصطفى اديب، وهذا ما يبدو حتى الآن صعب التحقق. 


اجتماعات بعبدا 
وفي أي حال فإن ما قام به العهد أمس بدا بمثابة توظيف او استثمار مكشوف لمرحلة الفراغ التي زادت تفاقماً بعد اعتذار الحريري اذ تحول قصر بعبدا الى خلية نحل لاجتماعات متلاحقة برئاسة عون خصصت تباعاً لأزمات المحروقات والدواء والأمن وتوجّها اجتماع  للمجلس الأعلى للدفاع لم تفهم دوافعه ولم تبرره عطلة الأضحى التي بإمكان القوى الأمنية والعسكرية وحدها وتلقائياً ان تستنفر جهودها لحفظ الامن خلالها ولا حاجة بها للمجلس الأعلى للدفاع ليعطيها التوجيهات. علما ان قادة الاجهزة الامنية لم يشاركوا في الاجتماع. ولكن بات معلوماً ان عون درج على الافراط في استخدام هذا المجلس لتحميله ما يتجاوز صلاحياته من خلال توظيفه لدور في إدارة الفراغ.
 
وبعد ترؤسه اجتماعين خصص الأول منهما لازمة المازوت والثاني لازمة الدواء ترأس عون #المجلس الأعلى للدفاع  وافيد "ان المجتمعين درسوا الأوضاع الأمنية لا سيما مع حلول عطلة عيد الأضحى وضرورة جهوزية القوى العسكرية والأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار كما درس المجلس عددامن المواضيع المدرجة على جدول أعماله واتُّخذت في شأنها القرارات المناسبة".  وفي اعقاب انتهاء اجتماع الاعلى للدفاع، اعلنت رئاسة الجمهورية تحديد الاثنين 26 تموز الجاري موعداً للاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة. وأفيد ان اتصالا تم بين الرئيسين عون ونبيه بري تم خلاله الاتفاق على موعد الاستشارات.
 
وفي غضون ذلك أعلنت السفارة الأميركية أن وفدا من مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية بدأ زيارة لبيروت وسيجتمع مع محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب.
 
 في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة امس ردا على سؤال حول اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وإجراءات إيران الرامية لاستقرار لبنان، ان "الشعب اللبناني هو من يقرر مصير بلاده" ، مضيفا: "لم نتراجع في أي وقت من الأوقات عن تقديم الدعم للأطراف اللبنانية سواء الحكومة أو الفئات أو الأحزاب".
 
وأضاف أنه "في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اللبناني من ضغوط اقتصادية أعلنا استعدادنا لتقديم أي مساعدة ممكنة ولن نبخل بها". وختم خطيب زادة بالقول "إن المهم هو وصول المفاوضات السياسية إلى نتيجة وأن يتم تشكيل الحكومة على وجه السرعة".

رياض سلامة

إقرأ المزيد في: لبنان