لبنان
أزمة التشكيل تتفاقم.. وتحذير من "الإنفجار"
تجدّد الاشتباك بين ثلاثي القطب السياسي اللبناني "بعبدا، عين التينة، وبيت الوسط" بعد بيان رئاسة الجمهورية الأولى صوّب على الرئاسة الثانية ودورها كجهة وسيطة في ملف تشكيل الحكومة.
بحسب الصحف فإن ما حدث يؤشر الى استمرار الأزمة الحكوميّة وسط تأزم مقبل، وتحذير من الانفجار الاجتماعي.
ومجدداً أخذ "الكابيتال كونترول" حيزاً من صفحات الصحافة التي سلطت الدور على غياب الدور النيابي وسيطرة حاكمية مصرف لبنان في هذا الملف.
خلط أوراق رئاسيّ وسجال متعدّد الأطراف
صحيفة «البناء» تطرقت إلى بيان رئاسة الجمهورية الذي شدد على ضرورة الاستناد الى الدستور والتقيّد بأحكامه وعدم التوسّع في تفسيره لتكريس أعراف جديدة ووضع قواعد لا تأتلف معه.
وأوضحت مصادرها أنّه «من الضروري أن يتقيّد كل طرف يريد أن يُبادر وأن يلمّ الشمل ويتوسط للإسراع، ومشكوراً، بولادة الحكومة، بأكثر من معيار وفي مقدمها الحياد، أي أن يكون صاحب أي مبادرة، في موقع الوسط وأن يكون مبادراً حقيقياً ومتفهماً لكل حيثيات وتفاصيل المشاورات الجارية».
وأشارت إلى أن «الدستور واضح ويحصر التأليف برئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وإذا كانت كل المبادرات الداخلية والخارجية وكل الزخم الموضوع من قبل المرجعيات السياسية، لم يؤد إلى تمكين الرئيس سعد الحريري من تأليف الحكومة، فإن معنى ذلك أن هذا الأمر لن يتحقق». وتسأل المصادر عن «أسباب عدم التأليف والمراوحة إلى اليوم، مع العلم أن العملية بسيطة وتقوم على الالتزام بالدستور والاتفاق بين الرئيسين عون والحريري».
وبحسب البناء فقد ردّ تيار المستقبل عبر أوساطه بوصف بيان بعبدا بالـ«هجومي ضد الرئيس نبيه بري وموقف المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى».وقالت الأوساط إن «الرئيس ميشال عون يقفل الابواب في وجه المبادرات ويعلن بالبيان الملآن انه لا يريد حكومة، لا يريد حكومة برئاسة الحريري لأن أي تقدم في معالجة الملفات سينسب الى دور الحريري».
وفي السياق لفتت أوساط قيادية في حركة أمل لـ«البناء» إلى أن «أفق تشكيل حكومة جديدة مسدود حتى الآن ولم تؤدِ جولة الاتصالات واللقاءات الأخيرة للرئيس بري الى خرق في جدار الأزمة». لكنها عوّلت على «لقاء مرتقب بين الرئيسين بري والحريري للتشاور لإيجاد مخارج للأزمة وتدارس كافة الخيارات القائمة».
وذكرت الأوساط أن «الرئيس بري قام بما عليه وبذل جهوداً مضنية وقدم مخارج عدة للتوفيق بين الطرفين، لكنه اصطدم بجدار المواقف، علماً أنه لم ولن ييأس بل سيعطي كافة الاطراف مهلة أخيرة حتى نهاية الأسبوع الحالي وسيجدّد مسعاه بمحاولة أخيرة للتواصل مع بعبدا وبيت الوسط والنائب جبران باسيل لتذليل العقد المتبقية ومن بعدها لن يقف رئيس المجلس مكتوف الأيدي وسيضع النقاط على حروف الأزمة وسيحمّل الأطراف المسؤولية عن تعطيل الحلول».
وأفادت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «الرئيس عون وباسيل وإزاء هذا الواقع واتجاه بري والحريري لتحميلهما مسؤولية التعطيل، يعدان العدّة لخطوات تصعيدية على المستويات السياسية والدستورية والشعبية، ولم تُعرف طبيعة هذه الخطوات».
لكن المصادر ألمحت إلى «خطوات للتصويب على بيت الوسط وعين التينة مثل طلب التيار الوطني الحر من الرئيس المكلف الاعتذار. ومبادرة رئيس الجمهورية لتوجيه رسالة إلى اللبنانيين يطلعهم فيها على تفاصيل المرحلة الماضية منذ تكليف الحريري حتى الساعة كما خاطب مجلس النواب في السابق عبر رسالته الشهيرة. إضافة الى عودة التيار الوطني الحر مجدداً الى طرح حقيبة المالية من ضمن الحقائب موضع الخلاف ورفض تخصيصها للطائفة الشيعيّة انطلاقاً من رفض تخصيص أية حقيبة لأية طائفة أو حزب أسوة بتخلي التيار عن حقيبة الطاقة».
ولفتت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ«البناء» الى تنسيق مستمرّ بين قيادتي الحزبين عبر الخليلين للتشاور في تطورات المرحلة لاتخاذ الموقف المناسب. إذ لا يمكن بحسب المصادر «الاستمرار في هذا الواقع ولا بدّ من اتخاذ خطوات سريعة على الأقل على المستوى الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي للحدّ من الأزمة ومنع الانهيار الشامل لتعزيز صمود المواطنين ريثما يتم تأليف حكومة جديدة».
وشدّدت على أن «لبنان لا يزال يخضع لحصار أميركي غربي أوروبي خليجي عربي على الصعيد المالي والاقتصادي فضلاً عن تعطيل الحلول السياسية والحكومية». منبّهة الى أن «هذه القوى الخارجية تخيّر لبنان بين المقاومة التي تواجه المشاريع الخارجية وتحقق الانتصارات وبين الانهيار الاقتصادي».
«كابيتال كونترول»: الكتل النيابيّة تصرّ عليه… إلى حين؟
بدورها، صحيفة «الأخبار» ذكرت مجدداً باقتراح قانون الكابيتال كونترول الذي لا يزال يُنازع. بالرغم من أن كل الكتل تؤكد أنها لا تزال تؤيده، حتى بعد موقف ممثل صندوق النقد الدولي، الذي اعتبر أن القانون يجب أن يكون في سياق خطة إصلاحية، إلا أن أحداً لا يعرف متى تأتي كلمة السرّ للإجهاز عليه. وأول الغيث رحلة طويلة في لجنة الإدارة والعدل
ولفتت إلى أن حتى اليوم، لم تعلن أي كتلة نيابية معارضتها علناً لقانون تقييد السحوبات النقدية والتحويلات إلى الخارج (كابيتال كونترول). لكن مع ذلك، فإن كثراً يعتبرون أنه صار من الماضي، لسببين: سعي مصرف لبنان بالتعاون مع المصارف وبتغطية من رئيس المجلس النيابي إلى «القوطبة» على القانون من خلال إصدار تعميم يعالج جزءاً يسيراً من مشكلة المودعين (السماح بسحوبات نقدية محدودة)، والثاني يتعلّق بسعي حزب المصرف لاستغلال موقف قاله المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس للقضاء على الاقتراح («قانون الكابيتال كونترول لن يحقق الفعالية المطلوبة من دون وجود خطة للإصلاح الشامل الذي يحتاج إليه لبنان بصورة ماسة»).
وبحسب الأخبار فإن العنصر الثالث الذي يمكن أن يعطي مؤشراً لوجهة القانون، سيكون المدة التي تحتاج إليها لجنة الإدارة والعدل في مناقشته، علماً بأن عدداً من النواب قرأوا في تصريح رئيس اللجنة جورج عدوان، أمس، تمهيداً يؤكد أن اللجنة لن تتعامل مع القانون بوصفه مستعجلاً. فعُدوان أعلن أمس أن اللجنة، التي ستبدأ الأسبوع المقبل بمناقشة الاقتراح، «ستشبعه درساً لكي يكون قانوناً كما يجب أن يكون، وستُعطيه الوقت اللازم».
وأضافت أن هذا التصريح ينفي ما سبق أن نقلته مصادر نيابية عن عدوان، بأنه سيسرع في بت الاقتراح، إلى حد الإشارة إلى أنه لن يحتاج إلى أكثر من جلستين، علماً بأن مساعي جرت بعد إنجاز الاقتراح في لجنة المال لإحالته رأساً إلى اللجان المشتركة، توفيراً للوقت، إلا أن عدوان رفض ذلك لأن رئيس المجلس سبق أن حوّل الاقتراح إليه.
مصادر اللجنة رأت في ذلك أمراً طبيعياً. إذ بعد تصريح ممثل صندوق النقد الذي صدر بعيد إنهاء لجنة المال مناقشة الاقتراح، لم يعد بإمكان لجنة الإدارة تجاوز موقف الصندوق، و«لذلك لا بد من درس الاقتراح من هذه الزاوية، لكي يؤدي الغاية منه».
وبالنتيجة، يواجه الاقتراح جولة جديدة من النقاشات في لجنة الإدارة والعدل، بعدما جمدت عملها إلى حين بت لجنة المال الاقتراح، علماً بأن أحد مبررات تحويل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الاقتراح إلى اللجان في حزيران 2020، كان ورود ملاحظات من صندوق النقد، يُفترض أن تؤخذ بعين الاعتبار عند إعداد القانون.
وبحسب تقرير لجنة المال، فإنها أخذت بـ«ثمانين في المئة من هذه الملاحظات، بما يسهل لاحقاً أي مفاوضات حكومية مع الصندوق». في اللجنة، لم تكن النقاشات بعيدة عن موقف ممثل صندوق النقد. كان هنالك تأكيد أنه في الحالة الطبيعية، فإن أي قانون لا بد أن يكون جزءاً من خطة إنقاذية. ولذلك اعتبرت أنه بالرغم من الحاجة إلى القانون نظراً إلى الظروف الاستثنائية التي يمرّ بها البلد، إلا أن «أي خطوة ستبقى عاجزة عن وضع حلول دائمة ما لم تقترن باستقرار سياسي من أوّل متطلباته تأليف حكومة تتصدّى للمشكلة بكفاءة وجدارة، وإجراء إصلاحات بنيوية من ضمن خطة واضحة ومتكاملة تضع الاقتصاد الوطني على سكة استعادة مقومات حيويته وانطلاقته، وتخرج البلد من أزمته».
وبالرغم من كل الملاحظات، فإن اللجنة تعتبر أن القانون لا يزال يلبي أربع حاجات أساسية:
- تيسير أمور المودعين، وبالتالي الحد من منازعاتهم مع أصحاب المصارف قضائياً، ومن وسائل العنف التي يلجأون إليها في بعض الأحيان.
- الحد من الاستنساب وتحقيق أكبر نسبة من العدالة والمساواة في تعامل المصارف مع المودعين، كبارهم وصغارهم على حد سواء.
- إيجاد مرجعية مركزية للتظلّم والشكوى من جهة، وللحدّ من ازدواجية الاستفادة في حال تعدد الحسابات المصرفية من جهة ثانية.
- استعادة الثقة المفقودة حالياً بين النظام المصرفي والمودعين، وبالتالي البدء بالخطوة الأولى على صعيد انتظام العمل المصرفي وعودة الدورة الطبيعية لعجلة الاقتصاد الوطني.
معركة الرئاسة !
عودةٌ إلى بيان رئاسة الجمهورية فقد قالت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ«اللواء» إن البيان لا يهدف إلى التصعيد أو التعطيل إنما تذكير من يجب بصلاحيات رئيس الجمهورية ودوره ومسؤولياته وإن ما من أمر يحصل بمعزل عنه لأنه في الفترة الاخيرة صدرت مواقف ومبادرات عن أن هذه الجهة أو تلك أو هذا التجمع وذاك يشكلون الحكومة كما يبدو ويفرضون واقعا قائما، فأتى البيان ليذكر بالاصول الدستورية وبان الحكومة تلد بأتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. واذ أوضحت المصادر نفسها أن المساعي مشكورة لفتت إلى أنه يجب أن تكون ضمن الاصول الدستورية المتبعة. وقالت: ليس صحيجا أن البيان هو ضرب لمبادرة رئيس المجلس النيابي.
واعتبرت المصادر أن البيان يترجم التوجهات التي كانت سائدة سابقا لدى الرئيس عون ولم تتبدل موضحة ان من يسعى إلى وساطة أو مبادرة لا بد من أن يدرك من أن القرار يعود إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف كما أن عليه أن يدرك أنه لا بد من أن يكون محايدا وليس طرفا لأنه إذا كان ذلك فليس في إمكانه أن يقوم بمسعى أو مبادرة وعليه بالتالي اتخاذ موقع الوسط والدستور واضح في عملية تأليف الحكومة.
وأفادت أن هذا البيان يلمح بشكل أو بآخر إلى أنه إذا كانت جميع المرجعيات تتحدث وتدلي بمواقفها ولم تتمكن من إقناع الحريري أو جعله يؤلف الحكومة فما معنى لكل ما يحصل وبالتالي ستبقى المشكلة قائمة. وكررت القول أن البيان لا يهدف إلى نسف أو اسقاط مبادرة الرئيس بري إنما وضع النقاط على الحروف.
ولم تتأخر مصادر مقربة من «عين التينة» في الرد على بيان رئاسة الجمهورية، وقالت لموقع «لبنان الكبير»: «إن هذا البيان يُراد منه القول لكل من يريد سعد الحريري «لا تتدخل». واذا كانت الرئاسة الثانية هي المقصودة فلا نريد أن نسمع ومن يريد الحريري كثر».
وأضافت المصادر: «هذا البيان يشكّل اساءة جديدة لموقع رئاسة الجمهورية، ورد الاعتبار لا يكون بهكذا بيانات، وإذا كانت سياسة لن نسكت بعد اليوم هي السياسة المتّبعة والمعممة حالياً من قبل «التيار الوطني الحر» فنحن نرد: لا نوم بعد اليوم».
ولاحقاً، اصدر المكتب الاعلامي للرئيس بري بياناً جاء فيه: تداول احد المواقع الاخبارية مواقف منسوبة لمصادر عين التينة يؤكد المكتب الاعلامي للرئيس نبيه بري ان كل ما ورد في هذا الاطار غير صحيح وان لاشيء في عين التينة اسمه «مصادر».
لبنان يصارع أسوأ أزماته
من جهتها، صحيفة اللواء تناولت الوضع الأمني الإجتماعي منبهة من خطورة الوضع، ومشيرة إلى ما ورد على لسان المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان، نجاة رشدي التي حذرت من أن “لبنان يواجه أسوأ أزماته في ظل حاجة 1.5 مليون لبناني و400 ألف عامل مهاجر للمساعدة”.
ولفتت رشدي الى ان “الانفجار في مرفأ بيروت أدى إلى تسريع الكثير من الأمور، وهذا أمر مؤكد، والإصلاحات لم تنفذ في الوقت المحدد، وإذ كان يجب أن تبدأ بالفعل في عام 2018، وإن لم يكن في عام 2018، فكان يجب أن تبدأ في عام 2019”، مشيرة إلى أن “الكثير من المحللين توقعوا الأزمة الاقتصادية والمالية بالفعل قبل أن تحدث، ونحن لا نتحدث عن شيء أخذنا على حين غرة اليوم».
أنظار الديار اتجهت الى التحرك الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام غدا بحيث اعلن رئيسه العام بشارة الأسمر انه لن يتخلله قطع طرقات، لافتا الى انه سيتخلله “جملة تحركات بحيث سيكون هناك تجمعات في مختلف المناطق اللبنانية التي سترفع الصوت عالياً”.ولفت الى أن “العنوان الأساسي سيكون تشكيل حكومة انقاذ في ظل كل الأوضاع التي تمر فيها البلاد”.
وفي هذا السياق، أعربت مصادر مطلعة عن تخوفها من أن يكون تحرك الخميس شرارة لانفجار اجتماعي - امني تحذر منه كل الاجهزة الامنية بعدما تفاقمت الاوضاع على المستويات كافة. وقالت المصادر ل”الديار”:”البلد بات مفتوحا على كل السيناريوهات ومع التأزم السياسي الاضافي الحاصل في الساعات الماضية بتنا نتوقع ترجمة عملية له على الارض”.
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024