لبنان
الافاق مسدودة على المستويات السياسية والمالية..ومحاولات لإعادة إطلاق التفاؤل لملف التأليف
لا تزال الأفق السياسية في لبنان مسدودة، فيما الوضع الاقتصادي والمالي يزداد تعثراً، ويواصل لبنان السير نحو الانفجار في ظل اختناق سياسيّ وماليّ وخدميّ، فيما قفز سعر صرف الدولار مجدداً إلى فوق حاجز الـ 13000 ليرة.
"الأخبار": الحريري ــ سلامة: تحالف انهيار الدولة
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "غبار الأزمة المفتعلة التي نشأت عقب قرار مجلس الشورى تجميد السحوبات على سعر 3900 ليرة للدولار، لم يحجب الأفق المسدود الذي وصلت إليه الأزمة الحكومية. الحريري أقفل ملف التشكيل بحلفاء أقل، لكنه اطمأن إلى أن حليفه رياض سلامة لا يزال يغذّي الأزمة، ظناً منه أنها ستؤدي إلى عودته مطلق اليدين إلى رئاسة الحكومة. في المقابل، فإن سلوك الأخير يشي بأنه مقتنع بخوض معركة سياسية مفتوحة مع العهد هدفها تعبئة جمهوره من أجل استعادة شرعية تمثيله، علّه يفرض نفسه على السعودية مجدداً".
ولفتت الصحيفة إلى أن "السقوف العالية في الخطاب السياسي الخلافي بين أبرز القوى الحاكمة تحيل إلى لحظة استعداد للانتخابات النيابية لا إلى استحقاق تشكيل حكومة جديدة. كل ما يقوم به أطراف الأزمة يكشف عن أن أزمة الثقة بالنظام انتقلت إلى التركيبة الحاكمة نفسها، التي تخشى صراحة تحمّل المسؤولية، ليس عن الأخطاء التي أدّت بالبلاد إلى ما هي عليه اليوم، بل في المشاركة ولو جزئياً في الحد من سرعة التدهور الذي يقود البلاد إلى الفوضى الشاملة".
وأشارت إلى أن سعد الحريري يصر على تشكيل الحكومة، لكنه يصر على تشكيلها وحده من دون شراكة مع أحد. وهو يفعل ذلك بطريقة لا تخفي أنه يحظى بدعم جهات خارجية أكثر من تلقّيه دعما داخلياً. لقد خسر الحريري كل حلفائه في الداخل، وعلى رأسهم البطريرك الماروني بشارة الراعي، ولم يبق لديه سوى «نصف حليف» في عين التينة، إذ يشعر الرئيس نبيه بري بأنه غير قادر على حماية هذا الخيار كما في السابق، وهو ما قاله صراحة النائب السابق وليد جنبلاط في معرض إشارته إلى ضرورة مبادرة الحريري نحو تسوية معقولة مع الرئيس ميشال عون.
واضافت الصحيفة لكن الحريري لم يخسر حليفه الأقوى في حزب المصرف، أي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي لا يزال يدير كل ما يتصل بالسياسات النقدية، ويتعدى على الاقتصاد والمالية العامة. وهو وإن يظهر في خلاف مع المصارف على كيفية التعامل مع جزء من ودائع الناس، إلا أنه لا يزال يرفض السير في خطوات تساعد على معالجة جانب من الأزمة. وما إسراعه، أول من أمس، إلى التقيّد الحرفي والمباشر والفوري بقرار مجلس شورى الدولة الخاص بوقف تنفيذ التعميم الرقم 151 الخاص بالسحب النقدي للدولار على سعر 3900 ليرة للدولار، سوى إشارة إضافية من جانبه إلى كونه لا يزال فاعلاً في الجبهة التي تدعم وصول الرئيس الحريري بطريقة تمنحه اليد المطلقة في بيع ما تبقّى من قطاعات الدولة بحجة الحصول على مساعدات وديون خارجية جديدة.
ورأت "الأخبار" أن خطوة سلامة التي ألغيت أمس بقرار في قصر بعبدا، غير معروف الأصل القانوني، لم تكن لتتم لولا قرار رئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس. هذا القاضي الذي لم يمر وقت طويل على تثبيته شرعية مزيفة للأرض المغتصبة في وسط بيروت من قبل شركة «سوليدير» ورعاتها، اتخذ قراراً ينمّ عن نقص في إدراك مخاطر قرارات نوعية في مثل هذه اللحظات. صحيح أن القرار كان يجب أن يصب في مصلحة المودع الذي يفترض به الحصول على وديعته بالعملة التي أودعها بها في المصرف، لكن القاضي المعني يعرف أن مصرف لبنان، كما بقية المصارف، لم تلتزم مطلقاً بأي حكم أو قانون أو قرار صدر خلال العامين الماضيين لضمان بعض حقوق المودعين.
وقالت إنه "بدلاً من أن يؤدي قراره إلى إلزام المصارف بإعادة الودائع بالعملة التي أودعت فيها، فإن هذه المصارف، بقيادة رياض سلامة نفسه، سعت إلى سرقة ما تبقّى من قدرة شرائية للمدّخرات. هذه التجربة تدلّ على أنه لم يعد جائزاً الاستمرار في الرهان على خطوات فردية من هذا القاضي أو ذاك، فيما الدولة غائبة تماماً عن القرار. فإذا كان بعض القضاة يخرجون بأحكام تسمي السارق باسمه وتسعى إلى حماية المودعين، فإن المنظومة القضائية بشكل عام، أولاً تتصرف بصفتها ليست صاحبة الصلاحية في مواجهة الجريمة المتمادية التي ينفّذها النظام المصرفي، وثانياً ليست قادرة على خوض حرب مع هذا النظام، إما لأنها شريكة له أو لأن الحماية السياسية أكبر من القضاء. ولذلك، لا بديل من سن قانون يعيد للمودعين بعضاً من حقوقهم فعلاً لا قولاً، حتى لو كانت النتيجة إعلان إفلاس بعض المصارف الزومبي".
واعتبر الصحيفة أنه عملياً، ما حصل أمس يدفع إلى الاعتقاد أن هناك لعبة متعددة الأهداف؛ من بينها:
أولاً: يشي سلوك الحريري بأنه مقتنع بوجهة نظر تقول له بخوض معركة مفتوحة هدفها تعبئة جمهوره والوصول إلى حكومة انتخابات من أجل استعادة شرعية تمثيله، بقصد فرض نفسه ليس على اللاعبين الداخليين، بقدر ما هو يهتم بأن يعيد فرض نفسه على اللاعب الإقليمي، وخصوصاً السعودية التي ترفض الحديث معه.
ثانياً: يعكس سلوك سلامة رغبته في قلب الطاولة، إن أمكن، على الجميع، ولا سيما أنه مطّلع على سير التحقيقات الجارية من قبل الجهات القضائية المعنية في لبنان وخارجه، والتي تظهر مؤشراتها صعوبة نجاته من اتهامات كبيرة تتعلق باستخدام موقعه لغايات ربحية مباشرة أو بواسطة مقرّبين منه.
ثالثاً: سعي المصارف إلى إدخال تعديلات جوهرية تسمح لها بالتفلت من مسؤوليتها عن الاستدانة الهائلة من جهة، وضياع ودائع الناس من جهة ثانية، وعدم رغبتها في إعادة قسم كبير من أموالها الخاصة أو حتى بيع بعض أصولها في لبنان من أجل إعادة الأموال إلى المودعين. وكان واضحاً أن المصارف، بعد ما حصل أول من أمس، لم تظهر خشية من فوضى أهلية بقدر ما كانت تظهر رغبة في استعادة الأسابيع الأولى بعد انتفاضة 17 تشرين بغية إقفال أبوابها بصورة تامة واستمرار عملها بالتعاون مع رجال أعمال وتجار سياسيين في تهريب الأموال إلى الخارج، في ظلّ حماية قانونية نتيجة عدم إصدار مجلس النواب تشريعاً يفرض قيوداً على تحويل العملات الأجنبية الى الخارج (الكابيتال كونترول).
رابعاً: تهديد اللبنانيين بفوضى أمنية كبيرة، تنتج من فوضى الشارع في ظل تراجع قدرة القوى الأمنية والعسكرية ورغبتها في القيام بدورها كاملاً في حماية المؤسسات والممتلكات العامة والخاصة، وسط ميل ظاهر لدى بعض القيادات غير المدنية إلى عودة الغليان في الشارع، عسى أن يقود ذلك الناس إلى المطالبة بدور خاص للقوى العسكرية والأمنية في مسألة تولّي السلطة في البلاد، وخاصة في ظل استنفار دولي غير مسبوق لتوفير الدعم المادي المباشر للجيش وقوى الأمن الداخلي والحديث الدائم من جانب الأميركيين والأوروبيين عن دور إضافي للقوى العسكرية والأمنية في ضبط الوضع في لبنان.
المصارف تنتصر
وقالت الصحيفة إنه في خلاصة تداعيات قرار «الشورى»، وبالرغم من تجميد العمل به، فإنه حقق للمصارف أكثر مما كانت تتمناه. وإذا كان المطلب سابقاً الكف عن سرقة المودعين من خلال اقتطاع 70 في المئة من السحوبات التي تتم على سعر 3900، فيما الدولار وصل سعره في السوق السوداء إلى 13 ألفاً، فقد صار أقصى مراد المودعين الاستمرار في سرقة السبعين في المئة لأن البديل سيكون سرقة 90 في المئة إذا اعتمد السعر الرسمي في السحوبات.
ولفتت إلى أن هذه الزوبعة التي أثيرت عبر تمرد المصارف على القرار من خلال تفسيره بغير مقصده، استدعى تدخل رئيس الجمهورية، الذي ترأس اجتماعاً ضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس، وتقرر على أثره «اعتبار التعميم الرقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ساري المفعول».
واشارت إلى أنه من قصر بعبدا، تلا سلامة بياناً أعلن فيه أن مصرف لبنان لم يتبلّغ صورة صالحة عن القرار المذكور للتنفيذ، وبما أن المصرف قد تقدم بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة تضمنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف، فقد تقرر اعتبار التعميم الرقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ساري المفعول، وستعمل المصارف بموجبه. ورداً على سؤال، قال إن «مصرف لبنان ليس مفلساً، وأموال اللبنانيين موجودة في المصارف، وليست لدى مصرف لبنان». كما نفى أن تكون أموال المودعين قد تبخّرت، مؤكداً أنه «قريباً سنبدأ بإعادتها».
وقالت الصحيفة إنه بعد الاجتماع وما أسفر عنه، خرجت أصوات عديدة تُندّد بنتائجه وما رتّبه من مخالفات قانونية. وهو ما ردّت عليه مصادر القصر الجمهوري، معتبرة أن «رئيس الجمهورية عمل بقسَمه الدستوري، آخذاً في الاعتبار سلامة المواطنين ولا سيما في ظل التطورات التي حصلت بالأمس في الشارع ومنعاً لأيّ استغلال». وقالت المصادر إن الاجتماع «حقق الهدف منه وهو تعطيل أيّ محاولة لإحداث توتر أو مضاعفات سلبية، وبالتالي ما فعله رئيس الجمهورية لا تجاوز فيه بل هو من صلب مسؤولياته في المحافظة على الاستقرار وعلى مصالح المواطنين وسلامة الأوضاع المالية والاقتصادية، ولا سيما في ظل عدم انتظام عمل المؤسسات الرسمية».
إلى ذلك، ترأس الرئيس عون اجتماعاً مالياً بحضور حاكم مصرف لبنان، جرى في خلاله التداول في «تأمين تمويل المواد الأساسية المدعومة بالعملة الأجنبية». وتمت «مقاربة الحلول المتوافرة وفقاً لقانون النقد والتسليف، على أن يجري التواصل بين وزير المالية غازي وزني والحاكم رياض سلامة لهذه الغاية».
يذكر أن عون كان قد أشار في مقابلة مع مجلّة الأمن العام إلى أن «جريمة الانهيار المالي متشابكة الأطراف، ومرتكبوها كثر، بعضهم ما زالوا في السلطة والزعامة إلى اليوم». أضاف: هم يستميتون للإفلات من العقاب، وأنا لن أتوانى عن ملاحقة موضوع التدقيق الجنائي إلى النهاية. فخلاص لبنان لن يتم إذا لم يُكشَف عمّن أوصلوا البلاد الى هذا الدرك من الانهيار الاقتصادي.
"البناء": اختناق سياسيّ وماليّ وخدميّ يدفع لبنان إلى الانفجار
من جهتها قالت صحيفة "النهار" إن سورية تتقدّم بثبات القوة التي ضخّها الحضور الشعبيّ في الانتخابات الرئاسيّة نحو تأكيد نصرها العسكريّ بانتصار سياسيّ يتمثل بكسر القيود التي فرضت عليها خلال الحرب التي استهدفتها خلال عقد كامل، وهو ما تحمله المؤشرات المتزايدة كل يوم على تسليم خصوم سورية وأعدائها ومن تورّطوا بالحرب عليها بحقائق المرحلة المقبلة، وعنوانها انتصار سورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد، وهو ما تعبر عنه تباعاً العودة المتلاحقة للسفارات التي أقفلت في دمشق كتعبير عن قرار دوليّ عربيّ بمحاصرة سورية وصولاً لخنقها، لتترجم العودة سقوط هذا القرار الذي فقد كل قيمة وصار عبئاً على أصحابه، وانتهت آخر أوهامهم مع مشهد سوريّ متواصل منذ عشية الانتخابات الرئاسيّة تحمله الصور الآتية من المدن السوريّة لحشود الناس وفرحها، وتعابير عرس وطني رافق تجديد التأييد الشعبيّ للرئيس الأسد وخياراته التي أثمرت نصراً. واشارت إلى أنه في هذا السياق جاء كلام وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد عن سقوط محاولات التشويش على الانتخابات، بقوة الإرادة الشعبيّة التي أظهرها السوريّون بما لا يحتمل اللبس والتأويل، وعبّرت عنه المستشارة السياسيّة للرئيس السوريّ الدكتورة بثينة شعبان بقولها إن سورية لا تعير اهتماماً للذين يتحدّثون عن عدم شرعيّة انتخاباتها الرئاسيّة، مضيفة أن أولويات سورية مع الرئيس الأسد ستكون تحرير الأراضي المحتلة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في المنطقة الى جانب الحدث السوريّ المستمرّ حدثان، الأول يمنيّ يتمثل بالكلام الصادر عن زعيم حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثيّ حول التزام اليمن والأنصار بالمعادلة التي رسمها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باسم محور المقاومة، والتي تقوم على اعتبار أي مساس بالقدس سبباً لحرب إقليميّة، والثاني في كيان الاحتلال المتخبّط بتداعيات فشله الكبير في الحرب الأخيرة على المقاومة بعنوانها الشعبي في القدس والأراضي المحتلة عام 48 والضفة الغربيّة، وما تسبّبت به من هزّ أركان الكيان، وعنوانها العسكري المتمثل بصواريخ المقاومة في غزة التي طالت عمق الكيان وأظهرت عجز قبته الحديديّة وعجز جيشه عن تثبيت معادلة الردع، وتتقدّم محاولة تشكيل حكومة ائتلافيّة تقصي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بدعم أميركي كتعبير عن محاولة إبعاد كأس الحرب الإقليميّة المرّة، التي قد يرتكب نتنياهو حماقة تتسبّب بها كما يعتقد الأميركيون. ويظهر التخبّط في الكيان في أوضح مظاهره في التجاذب الدائر حول استقطاب نواب الكنيست، حيث تتبدّل الصورة بمجرد انزياح عدد قليل من النواب، كما أدّى انزياح مشابه لفتح طريق الحكومة الائتلافية، ويبذل نتنياهو جهوداً مكثفة للضغط على معسكر اليمين لتحقيق ذلك.
وقالت الصحيفة إن اشنطن التي ترعى الحكومة الائتلافية في الكيان وتستقبل أحد أركانها بني غانتس، تسارع الخطى لتمهيد الطريق للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، ضمن سياق مساعيها الأصلية ذاته لتفادي المزيد من الفشل الناتج عن سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب، لكنها مدفوعة هذه المرة بخشيتها من خطر الحرب الإقليميّة على كيان الاحتلال ومن محاولات توريطها بهذه الحرب التي يتهم المسؤولون الأميركيون نتنياهو بالرغبة بإشعالها لوضع واشنطن أمام خيارات صعبة، وقد ظهر التمهيد في بيانات للبيت الأبيض حول الاتفاق النووي بتعبيرات واضحة عن الاقتراب من تفاهم العودة إليه عبر عنوان أن الهدف هو منع ايران من امتلاك سلاح نوويّ، وهو ما ردّده غانتس من واشنطن مؤيداً، بعدما كانت أهداف واشنطن وتل أبيب تتحدث عن برامج إيران الصاروخية وعن دعمها لحركات المقاومة.
ولفتت الصحيفة إلى أن لبنان الواقف في قلب الانهيار يواصل السير نحو الانفجار في ظل اختناق سياسيّ وماليّ وخدميّ، تعبر عنه الخطابات السياسية التي تبتعد معها فرص تشكيل الحكومة كل يوم، وتجسّده القرارات الماليّة العشوائيّة التي ينفي بعضها بعضاً وتحمل كل يوم جديد لا يلبث أن يتغير أو يتعثر كحال منصة تسعير الدولار التي فشلت بتحقيق وعد مصرف لبنان بتثبيت سعر الصرف على سعر الـ 12000 ليرة، بعدما قفز فوق حاجز الـ 13000 ليرة، وخدمياً تحاكي أزمة الكهرباء أزمات البنزين والدواء والسلع المفقودة والغلاء المستشري، ووسط غليان الشارع وبدء إشارات عودة التظاهرات تحت ضغط القهر والقرف معاً، تبدو المخاطر الأمنيّة حاضرة في ظل القلق من الفوضى، بينما تبدو المبادرات السياسيّة مجرد أفكار لا تلبث أن تتبدّد قبل أن تولد كحال دعوة البطريرك بشارة الراعي لحكومة أقطاب، فيما يجري الحديث عن مبادرة جديدة لا تزال فرصها قيد الاختبار، تقوم على مسعى بكركي لعقد لقاء رئاسيّ ثلاثيّ في قصر بعبدا يضمّ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة.
وقالت الصحيفة إنه فيما بقيت الحكومة في دائرة الجمود وأسيرة البيانات السجالية النارية على جبهة بعبدا البياضة – بيت الوسط، خطفت الملفات المالية والنقدية والمعيشية الأضواء وتقدّمت على الملف الحكومي. فقد نجح تدخل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في معالجة تداعيات قرار مجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ تعميم مصرف لبنان الرقم 151 عبر اجتماع ترأسه عون في بعبدا ضمّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس، تقرّر على أثره «اعتبار التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ما زال ساري المفعول».
ولفتت إلى أنه بعد الاجتماع تلى سلامة بياناً جاء فيه «بما أن مصرف لبنان لم يتبلغ صورة صالحة عن القرار المذكور للتنفيذ، وبما أن مصرف لبنان قد تقدّم بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة تضمّنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف، بناء عليه تقرّر اعتبار التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ما زال ساري المفعول وستعمل المصارف بموجبه. وأكد المجتمعون ضرورة التعاون الكامل بين مصرف لبنان ومجلس شورى الدولة لما فيه مصلحة لبنان وكل التعاطي هو في هذا الإطار».
ورداً على سؤال أكد سلامة أن «مصرف لبنان ليس مفلساً، وأموال اللبنانيين موجودة في المصارف وليس لدى مصرف لبنان». وعن قول المصارف أن أموال المودعين هي لدى مصرف لبنان، أجاب «هكذا هم يقولون. المصارف لديها أموال من الدولة وأموال ديّنتها للقطاع الخاص، وأموال خاصة مودعة في الخارج». وأكد أن «أموال المودعين لم تتبخّر وقريباً سنبدأ بإعادة أموال المودعين».
واضافت أنه لاحقاً عقد مجلس إدارة جمعية المصارف اجتماعاً برئاسة رئيسه سليم صفير، وبحث في نتائج اجتماع بعبدا حول قرار «شورى الدولة» وخَلُص إلى التأكيد أن المصارف ستُعاود اعتباراً من اليوم تطبيق تعميم مصرف لبنان الرقم 151، على رغم أن بعضها لم يلتزم بقرار مجلس شورى الدولة اعتماد السعر الرسمي للصرف، والبعض الآخر فضّل التريّث إلى ما بعد اجتماع قصر بعبدا المالي – القضائي.
وذكرت أن المجلس المركزي في مصرف لبنان سينعقد اليوم وعلى جدول أعماله مسودة قرار يقضي بالدفع لكل مودع من حسابه 400 دولار fresh و400 على سعر منصة «sayrafa» أي على 12000 ل.ل شهرياً». وأشارت المعلومات إلى أن «المجلس المركزي اجتمع الأربعاء الماضي وبعد تعثّر الاتفاق على الـكابيتال كونترول طرح إعطاء المودعين 412 دولاراً «فرش» و400 دولار على سعر المنصّة شهريًّا، على أن يودع سعر المنصّة في حسابه لاستعمالها إلكترونيًّا أو شيكات أو عبر بطاقات مسبَقة الدفع»، مشيرةً إلى أنّ «المركزي سيجتمع لاحقًا، لإقرار هذه الآليّة قبل آخر شهر حزيران الحالي».
وكان الرئيس عون ترأس اجتماعاً مالياً في حضور حاكم مصرف لبنان تمّ في خلاله التداول في «تأمين تمويل المواد الأساسيّة المدعومة بالعملة الأجنبيّة». وتمّت «مقاربة الحلول المتوافرة وفقاً لقانون النقد والتسليف، على أن يتم التواصل بين وزير المالية والحاكم سلامة لهذه الغاية». وخلال الاجتماع، أجرى عون اتصالاً هاتفياً برئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزير المال.
وأكدت مصادر "البناء" أن حاكم مصرف لبنان تعهّد خلال اجتماع بعبدا الاستمرار بدعم المواد والسلع الأساسية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه على صعيد أزمة الكهرباء أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان عن زيادة تقنين ساعات التغذية في التيار الكهربائي. وعبّرت في بيان عن اعتذارها من جميع المواطنين عن هذا الوضع الخارج عن إرادتها، وأنها «ستتابع قسريًا اتخاذ المزيد من الإجراءات الاحترازية بما يتجانس مع مخزون المحروقات المتوفر لديها، لتأمين حدّ أدنى من الاستقرار في التغذية بالتيار الكهربائي لأطول فترة ممكنة، وذلك إلى حين التمكّن من تفريغ حمولات كافة الناقلات البحرية الموجودة».
وقالت إنه في غضون ذلك، لم يسجل الملف الحكومي أي تقدم في ظل جمود الاتصالات واللقاءات نتيجة التوتر المسيطر على العلاقة بين أركان التأليف لا سيما بعبدا وبيت الوسط حيث استمرت حرب البيانات حتى مساء أمس، ما يوحي بأن «الجرّة كُسِرت» بين عون والرئيس المكلف سعد الحريري ما يعني دخول البلاد في أزمة طويلة غير معروفة الأفق. إلا أن مصادر عين التينة أكدت لـ»البناء» أن مبادرة «الرئيس نبيه بري لم تسقط وهي قائمة وسيصار إلى استئناف الاتصالات على خط بعبدا – بيت الوسط لتذليل العقدة المتبقية».
ولفت وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي في حديث تلفزيوني، بأن «عملية تشكيل الحكومة ستطول لأن كل الاشخاص تبحث عن مصالحها»، معرباً عن اعتقاده بأن «الحكومة الحالية هي التي ستدير عملية الانتخابات النيابية المقبلة».
وأكدت أوساط إحدى الجهات العاملة على خط مساعي التأليف لـ"البناء" أن "الرئيس بري استخدم كل جهوده للتوفيق بين طرفي التأليف من خلال جملة أفكار ومقترحات عملية وأحرز تقدماً على صعيد توزيع المقاعد والحقائب على الأطراف السياسية، لكن تصلب مواقف الطرفين حول عقدة توزيع الحصة المسيحية عرقل الأمور واستدرج البيانات وتبادل الاتهامات والخطاب المتوتر، ما فرمل المساعي وسادت الأجواء السلبيّة"، مضيفة أن «حرب البيانات بين عون والحريري ومستوى اللهجة الذي بلغته أوحت بأن الثقة مفقودة بينهما، وبالتالي التعايش مستحيل تحت سقف حكومي واحد». ولفتت الأوساط إلى أن «سقوط الفرصة الأخيرة المتمثلة بمبادرة الرئيس بري يعني قتل آخر الآمال لإنقاذ لبنان وبالتالي الاقتراب أكثر من أي وقت مضى من الارتطام الكبير». ولفتت إلى «أننا أمام هذا الانسداد في باب الحلول والخيارات الدستورية سندخل في أزمة حكم ونظام في آن معاً». وحذّرت من أن «هذا الواقع الداخلي القاتم يتزامن مع إهمال وانشغال خارجي عن الملف اللبناني وتظهّر ذلك جلياً من خلال المفاوضات الجارية على المستويين الدولي والإقليمي والتي لم تلحظ الموضوع اللبناني». وكشفت الأوساط بأن «وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان أبلغ رسالة إلى اللبنانيين خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت مفادها أن فرنسا بحلٍ من الأزمة السياسية والحكومية في لبنان وعليكم تدبّر أمركم». وإذ لفتت أن اقتراح حكومة انتخابات لا يحظى بتوافق جميع الأطراف حتى الآن، حذرت الأوساط الجميع من اللجوء إلى خيار الاستقالات من المجلس النيابي لأن ذلك سيؤدي إلى شلل في المؤسسة التشريعية الأم وبالتالي تعميم الفراغ على مختلف المؤسسات الدستورية المعنية بإعادة تكوين السلطة.
واتهم التيار الوطني الحر تيار المستقبل المسّ بمقام رئاسة الجمهورية. وأوضح خلال بيان للجنة المركزية للإعلام في التيار أن «الاجتماع الذي حصل مع ممثلي حزب الله وحركة أمل كان إيجابياً وبنّاءً، ولم يحصل فيه أي صدام. وعرض «الثنائي» مجموعة من الأفكار، حرص رئيس التيار على الإجابة عنها بكل انفتاح. وتم في حصيلة الاجتماع استخراج أفكار أخرى مشتركة، على أمل أن يجيب عنها رئيس الحكومة المكلّف». وأضاف: «أكد رئيس التيار انه بناءً على طلب الوسطاء اقترح أفكاراً عدة لاختيار وزيرين لا ينتميان الى أحد سياسياً وغير محسوبين إلّا على صفة الاختصاص، مع التأكيد على حكومة لا يملك فيها أي طرف الثلث زائدا واحدا والتذكير بعدم التسليم بصيغة 8 – 8 – 8 التي لم يتبنّها أحد رسمياً لأنها غطاء مُقنّع للمثالثة المرفوضة وشدّد الجميع على احترام المناصفة وعلى حق رئيس الحكومة المكلّف في المشاركة في اختيار وزراء مسيحيين، تماماً كما على حق رئيس الجمهورية في المشاركة في اختيار وزراء مسلمين».
وردت هيئة شؤون الإعلام في «تيار المستقبل» على بيان التيار باتهام الأخير بمواصلة «قلب الحقائق وتحريف الوقائع وبث الأضاليل عبر بياناته»، مشيراً في بيان الى أن «محاولة ذر الرماد في العيون وتصوير أن الجميع ينتظر جواباً من الرئيس المكلف هو كلام كاذب، والجواب الوحيد الذي ينتظره الرئيس نبيه بري رداً على مبادرته هو من جبران باسيل، كما أجمعت كل وسائل الإعلام». ولفت الى أن «تيار المستقبل حريص جداً على لغة الحوار، مهما ارتفعت أصوات النشاز، وجل ما يقوم به في بياناته وضع الأمور في نصابها الوطني والدستوري، بعيداً عن النصاب الشخصي والطائفي الذي يريده باسيل ومَن معه، مهما اجتهدوا في ذلك يائسين، «يخيّطوا بغير مسلّة».
بدورها، اعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة في بيان أن «الجهود والمساعي التي بذلت لتشكيل الحكومة لا يصح ان تتوقف في أي حال من الأحوال»، مؤكدة إصرارها «على تضافر كل الجهود لأن تشكيلها هي المدخل الحصري لمعالجة كل الأزمات».
ولفتت الصحيفة إلى أنه قد سُجلت مواقف لافتة لرئيس الجمهورية في حديث لمجلة «الأمن العام»، اذ اكد «انني قدمت كل التسهيلات اللازمة لتأليف الحكومة، لكن الرئيس المكلف لم يراع مبدأ الشراكة الوطنية». مشيراً الى ان «المشكلة ليست في الدستور بل في عدم تطبيقه». وقال «حتى آخر لحظة من ولايتي الدستورية سأسعى مع مَن تبقى من خيرين في هذا الوطن الى استعادة الدولة ممن عاثوا فيها فساداً وتهديماً». وأوضح ان مرتكبي جريمة الانهيار المالي «بعضهم ما زالوا في السلطة والزعامة الى اليوم وهم يستميتون للإفلات من العقاب»، معتبراً ان «المنظومة الفاسدة متماسكة ومتجذرة، سياسية وغير سياسية». وشدّد على ان الاستحقاقات الانتخابية النيابية والبلدية في العام 2022 ستجري في موعدها».
واشارت الصحيفة إلى أنه على صعيد آخر، كشف المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، النقاب عن بعض تفاصيل التحقيقات في قضية تفجير مرفأ بيروت، وأوضح خلال لقائه عدداً من الصحافيين أن «مرحلة التحقيق التقني والفني شارفت على الانتهاء، وبعد أسابيع قليلة، تبدأ مرحلة الاستدعاءات التي ستطال أشخاصاً مدّعًى عليهم»، مبدياً ثقته بـ»الوصول إلى الحقيقة وتحديد المسؤولين عن الكارثة التي حلت بلبنان وبالعاصمة بيروت».
وأوضح أن «التحقيق يركز راهناً على ثلاث فرضيات:
الأولى: إمكانية حصول خطأ في عملية تلحيم باب العنبر رقم 12 أدى إلى اندلاع الحريق، ثم الانفجار.
الثانية: حصول عمل أمني أو إرهابي متعمّد داخل المرفأ تسبب بالكارثة.
الثالثة: فرضيّة الاستهداف الجويّ عبر صاروخ«.
وأشار إلى أن «إحدى هذه الفرضيات استبعدت بنسبة 70 في المئة، والعمل يجري على الحسم النهائيّ بين الفرضيتين المتبقيتين»، لافتاً الى أن «التقرير الفرنسي الذي تسلّمه أخيراً دفع باتجاه استبعاد إحدى الفرضيات الثلاث بنسبة كبيرة».
وأعلن البيطار أن «إدراج أسماء سبعة شهود جدد تمّ التعرّف عليهم أخيراً، وهم موظفون في إهراءات القمح بالمرفأ كانوا في الموقع لحظة حصول الانفجار ونجوا من الموت بأعجوبة، ومنهم من أصيب بجروح خطرة، وهؤلاء يجري الاستماع إليهم كشهود أساسيين، لأن إفاداتهم مهمة جداً لكونهم كانوا في مسرح الجريمة».
وعن مدى التعويل على فرضية الاستهداف الجوي، شدّد على أن «الأمر قيد التحقيق المعمّق، وهذا يرتكز إلى ثلاثة عوامل:
الأول: إفادات الشهود وما إذا عاينوا طائرات حربية أو سقوط صاروخ.
الثاني: الاطلاع على الرادارات.
الثالث: تحليل التربة والتثبت عما إذا كان هناك أثر لصاروخ أو أثر لبارود أو أي مواد متفجّرة أخرى».
"النهار": باريس لم تيأس والكابيتال كونترول قريباً
صحيفة "النهار" من ناحيتها، قالت إنه "قد تكون الفضيلة الوحيدة لعودة تقدم القضايا والملفات المالية والمصرفية والخدماتية الى واجهة المشهد الداخلي والاستحقاقات الضاغطة بقوة تنذر بتطورات على جانب كبير من الخطورة، انها ربما لعبت دوراً في نقل السجالات والحملات الإعلامية المتصلة بأزمة تأليف الحكومة الى مرتبة متأخرة. ومع انه سجل أمس إنحسار نسبي طفيف نهاراً في وتيرة حرب السجالات العنيفة بين قصر بعبدا و"التيار الوطني الحر" من جهة، و"تيار المستقبل" من جهة أخرى، الا ان هذا الانحسار لم يدم طويلا وتجدد عصراً، كما انبرى تيار العهد لحملة انتقاد وردود على معظم الصحافة والاعلام من باب نفيه انفجار التباينات بين رئيس التيار النائب جبران باسيل وممثلي الثنائي الشيعي في لقائهم الأخير".
واشارت إلى أنه قد غابت تماماً كل معالم التحركات السياسية المتصلة بمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما بدا من الواضح ان الستاتيكو التصعيدي أرخى ذيوله بقوة على مجمل الوضع بحيث يخشى ان تعقب مرحلة الانفجار الحاد بين العهد والرئيس المكلف سعد الحريري مرحلة أخرى من الشلل السياسي قبل اتضاح ما يمكن ان تتجه اليه الخيارات البديلة التي تتردد عناوينها بين استقالات نيابية وانتخابات مبكرة او حكومة انتقالية. وتعتقد أوساط مطلعة على مناخات الاتصالات الجارية ان الساعات الأخيرة أفسحت امام تمديد ضمني للمهلة المتعلقة بمبادرة الرئيس بري أسبوعا اخر او اكثر، حتى لو لم تكن هناك مؤشرات تبعث على التفاؤل بإمكان ان يطرأ ما يحمل العهد وباسيل على التخلي عن معاندتهما الرافضة لحق الرئيس المكلف في ان يسمي وزيراً او وزيرين مسيحيين الامر الذي بات يختصر عنوان سعيهما المكشوف للامعان في التعطيل واسقاط مبادرة بري.
ولفتت إلى أن المفارقة ان ثمة تأكيداً ان المبادرة مستمرة ولم تسقط من مصادر المرجعيات الثلاث: رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس والرئيس المكلف سعد الحريري.
وتقول المصادر المتابعة للاتصالات ان الرئيس بري لم ينع مبادرته ولم يقل انه اوقف محركاته، ويتوقع ان تكون في صلب الاتصال المقرر بينه وبين البطريرك الماروني .
المصادر لا تنفي الصعوبة بأن يشكل الرئيس المكلف مع رئيس الجمهورية الا ان لا خيار آخر غير المبادرة مطروحاً حتى الآن طالما لم يعتذر الحريري عن التأليف، وطالما ان اي كلام عن انتخابات نيابية مبكرة لا يعدو كونه فكرة يقترحها البعض للخروج من المأزق دون ان تتحوّل الى مشروع بحث داخلي او خارجي.
ولفتت "النهار" إلى أنه بالنسبة الى الرئيس بري المبادرة مستمرة طالما لم يتخذ الرئيس المكلف قراراً بالاعتذار في حال فشل المبادرة. وفي لقائه والحريري لم يتفقا على تشكيلة حكومية بل على صيغة الـ24 وزيراً من الاختصاصيين غير الحزبيين والمقسمة ثلاث ثمانات لا ثلث معطلاً فيها. وطرحت آلية لتسمية الوزيرين المسيحيين تنتظر التوافق حولها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف .
من جهتها بعبدا، ردت على بيان الحريري ببيان الا ان ذلك لا يعني انه لم يعد رئيساً مكلفاً طالما لم يعتذر. وتقول مصادرها ان رئيس الجمهورية ينتظره ليقوم بواجباته في تقديم تشكيلة وزارية جديدة قائمة على ثلاث ثمانات دون ثلث معطل بعدما توافق الجميع على هذه الصيغة ولم يعد بإمكانه القول إنه قدم تشكيلة لرئيس الجمهورية. فالرئيس ليس لديه اليوم اي تشكيلة وقبل ان يقدم اليه الرئيس المكلف تشكيلة جديدة لمناقشتها معه لن يعطي موقفاً من وزير او وزيرين لاسيما وان تسمية كل الوزراء هي دستورياً حق متناصف ومكتسب لرئيس الجمهورية مع رئيس الحكومة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في بيت الوسط ، يتردد منذ الثلثاء الحديث عن اعتذار الرئيس المكلف كأحد الخيارات المطروحة ومترافقاً مع استقالة كتلة المستقبل النيابية، الا ان مثل هذا القرار لن يتخذ الا بعد مناقشته مع الكتل الداعمة لتكليف الحريري ومع رؤساء الحكومات السابقين ولا قبل ان يعلن بري ان مبادرته قد توقفت.
موقف باريس
وقالت الصحيفة إنه وعن الاصداء الفرنسية للتطورات الأخيرة في لبنان، أفادت الزميلة رندة تقي الدين من باريس ان فرنسا لم تفقد الامل رغم التراشق الكلامي بين الرئاسة اللبنانية "وتيار المستقبل". وقال مصدر فرنسي رفيع لـ"النهار": مازالت الضرورة والأولوية لتشكيل حكومة وليس صحيحا ان مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري سقطت وان كل شيء سقط . ومازال الفريق الرئاسي الفرنسي على اتصال مع جميع المعنيين لتشكيل الحكومة". وكان المسؤول عن الشرق الاوسط في الفريق الديبلوماسي الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل اتصل بالرئيس المكلف سعد الحريري الاسبوع الماضي وبمسؤولين لبنانيين آخرين والاتصالات مستمرة.
الى ذلك ذكرت "النهار" ان فرنسا تمكنت من توسيع المشاركين في المؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي سيعقد بعد اسبوعين في باريس، ولم يفصح المسؤول عن هوية المشاركين ولكن المعروف ان الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا ستشارك وقد يعني التوسيع مشاركة عربية فيه.
تعليق القرار
وقالت "النهار" إنه في انتظار ما قد تحمله الأيام القليلة المقبلة من معطيات تصاعدت مؤشرات التأزم على المستويات المصرفية والمالية عقب ليل الانتفاضة المتجددة مساء الأربعاء الماضي الذي اشعل الاحتجاجات فيه القرار الإعدادي لمجلس شورى الدولة بوقف تنفيذ تعميم مصرف لبنان الرقم 151 المتعلق بتحديد قيمة السحوبات من حسابات المودعين في المصارف. وبناء على دعوة رئيس الجمهورية عقد اجتماع في بعبدا برئاسة عون ضم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة فادي الياس، تقرّر على أثره اعتبار التعميم رقم 151 الصادر عن مصرف لبنان ساري المفعول كما اعلن سلامة بعد الاجتماع .
ولفتت إلى أنه طرأ تطور إيجابي في اجتماع لجنة المال والموازنة امس برئاسة النائب ابرهيم كنعان التي تابعت درس اقتراح القانون الرامي الى وضع ضوابط استثنائية للتحويلات المصرفية. اذ بنتيجة النقاشات، حصل تقدّم كبير في بت اقتراح قانون "الكابيتال كونترول"، على صعيد البنود المالية المتعلّقة بالسحوبات النقدية بالليرة والدولار والتحويلات الطلابية. وسيستكمل النقاش في جلسة أخيرة قبل ظهر الإثنين المقبل يليها مؤتمر صحافي لكنعان.
تحديد الدعم
وتقدم أيضا ملف الدعم اذ رأس عون اجتماعا ماليا في حضور حاكم مصرف لبنان تم خلاله التداول في "تأمين تمويل المواد الأساسية المدعومة بالعملة الأجنبية".
في هذا السياق، ذكرت "النهار" ان سلامة أبلغ المجتمعين في بعبدا ان اموال الدعم قد نفدت ولا يمكن المجلس المركزي الموافقة على مزيد من طلبات فتح الاعتمادات، مع إعادة تأكيد موقف المجلس المركزي الرافض للمس بالاحتياطي الالزامي لتمويل الدعم، فهذه الاموال هي أمانة للمودعين، واي تصرف بها يجب ان يكون من خلال إعادتها للمودعين.
وفي معلومات "النهار"ان المجلس المركزي لمصرف لبنان سيعقد إجتماعا إستثنائيا اليوم بحضور كل اعضائه للبحث في الالية التطبيقية لأي تعميم قد يصدر عن المركزي تطبيقا لما أعلنه سلامة، لناحية التفاوض بين المركزي والمصارف اللبنانية بهدف اعتماد آلية تبدأ بموجبها المصارف بتسديد تدريجي للودائع التي كانت قائمة قبل 17 تشرين الأول 2019 وكما أصبحت في 31 آذار 2021، وذلك بالعملات كافة.
ولم يوافق المجلس المركزي في إجتماعه الاخير على توقيع فتح اعتمادات لـ4 بواخر فيول أويل بقيمة إجمالية تقارب 62 مليون دولار، وهي الطلبات التي كان وقعها وزير المال بحكومة تصريف الأعمال غازي والعائدة لمؤسسة كهرباء لبنان، في الوقت الذي توقفت فيه طلبات الدعم للسلة الغذائية او الدواء او فتح أي إعتماد جديد، بإنتظار ما ستقرره الحكومة لناحية ألية الدعم. اما إعتمادات شراء الفيول والغاز اويل للكهرباء فحصر الموافقات بفتح إعتماد واحد فقط لسفينة فيول أويل (Grade A ) لتشغيل معمل الزوق القديم. وأمام هذه الازمة، سارعت مؤسسة كهرباء لبنان لتحذر من ازمة تعتيم كامل قريبا.
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024