لبنان
أسبوع حاسم حكوميًا.. والبطاقة التمويلية في دوّامة تحديد المستفيدين
أجمعت غالبية الصحف الصادرة اليوم في بيروت على أيام مفصلية في الملف الحكومي انطلاقًا من المبادرة الوحيدة لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، والذي ينتظر اليوم عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت قادمًا من باريس.
وبحسب المصادر فإن مساعي برّي ستكون من خلال لقاءات مع باسيل والحريري، بمحاولة لعدم تضييع المزيد من الوقت وحسم النقاط العالقة للوصول إلى ولادة للحكومة.
في سياق آخر، ومع ارتفاع وتيرة الأزمات، لا سيما أزمة البنزين وطوابير السيارات أمام محطات المحروقات، إضافة لأزمة الدواء، بقي الحديث عن البطاقة التمويلية يدور في دوامة الشروط التي ينبغي أن تنطبق على الـ 750 ألف أسرة المستهدفة، لتحديد المستفيدين من هذه البطاقة.
"الأخبار": "بطاقة التمويل" في دوّامة تحديد المستفيدين
لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أن مشروع بطاقة الدعم المالي سلك طريقه نحو اللجان المشتركة، لكنّ أحداً لم يعلن حتى اليوم من أين تموّل هذه البطاقة. عملياً، لا مصدر سوى الاحتياطي الإلزامي، إلا أن الكتل النيابية لا تزال تتحفّظ على هذا الخيار أسوة بمصرف لبنان. ما تقدّم ليس المشكلة الوحيدة التي تواجه المشروع. تحديد الأسر المستفيدة، وفق الآلية التي وضعت، يحتاج إلى أشهر طويلة ليُنفّذ، أضف إلى أنه لن يكون قادراً على تعويض إلغاء الدعم. تريد الحكومة من البطاقة أن تتحول إلى برنامج جديد للأسر الأكثر فقراً، مفترضة أن هذا الوصف ينطبق على ثلثي اللبنانيين (750 ألف عائلة). لكنها في المقابل، تعتبر أن من يتقاضى راتباً يفوق المليونَي ليرة، أو من لديه معيل في الخارج، ليس أهلاً للبطاقة!
بعدما أحال رئيس الجمهورية ميشال عون مشروع قانون البطاقة التمويلية إلى مجلس النواب، لم يتأخر الرئيس نبيه بري في تحويله إلى اللجان المشتركة لدرسه. مع ذلك، فإن هذا المسار لن يكون سهلاً، بحسب مصادر المجلس. وبالرغم من أن المشروع لا يحتمل التأجيل، فإن اللجان لن تبدأ بدراسته فوراً، «نظراً إلى اكتظاظ جدول أعمالها»، بحسب مصادر المجلس. هذا ما اعتبرته مصادر نيابية إشارة واضحة من رئيس المجلس إلى أنه «مش ماشي الحال»، والمشروع بصيغته الراهنة سيكون محل خلاف كبير. لكن مع ذلك، تجزم المصادر أن المجلس لن يكون قادراً على «تطنيش» المشروع لفترة طويلة، كما لن تكون الكتل النيابية قادرة على إشهار رفضها للبطاقة، حتى لو كان موقفها نابعاً من أسباب موضوعية، أبرزها عدم وجود تمويل واضح لها.
وهي مشكلة يُتوقع أن تبقى حتى بعد إقرار المجلس للقانون. فالقيمة الفعلية للبطاقة هي نحو ألف و200 مليون دولار، وهذا يقارب 15 ألف مليار ليرة، وليس 1800 مليار ليرة كما جاء في المشروع. لذلك، فإنه لا بديل سوى بموافقة مصرف لبنان على تحويل هذا المبلغ إلى الدولار وفق السعر الرسمي، إلا إذا كان البديل تحويل البطاقة إلى الليرة، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية الوصول إلى حالة التضخم المفرط. من أين يأتي المصرف المركزي بالأموال، إذا لم يكن من الاحتياطي، الذي تزعم الكتل رفضها المس به، رغم أنها سكتت عن إهدار ودائع بعشرات مليارات الدولارات؟ تلك دائرة مغلقة ستكون بلا حل، وخاصة أن سلامة أيضاً يرفض المس بالاحتياطي بحجة حماية أموال المودعين، فيما كل التقارير الآتية من الوكالات الدولية تؤكد أنه يتم حالياً السحب من الاحتياطي. أضف إلى ذلك أن رئيس الحكومة يذكر أنه سبق لسلامة أن أبلغه أنه يمكن الصمود حتى نهاية آخر قرش في الاحتياطي. بالنتيجة، فإن المسؤولية، وبعدما تقاذفها الجميع، يفترض أن تصل إلى مصرف لبنان. إذا وافق على تمويل البطاقة، فسيكون هو من مسّ بأموال المودعين، وإذا رفض فسيتحمّل مسؤولية فشل مشروع البطاقة، وبالتالي تحمّل تبعات ترشيد الدعم من دون وجود بديل. وهو ما يتجنبه سلامة بشدة. يبقى احتمال أن يتفق الجميع في المجلس على تغطية الصرف من الاحتياطي الإلزامي، أو تحويل عملة البطاقة إلى الليرة، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر على سعر الصرف والتضخم.
الحكومة تسأل عن عدد الحمّامات في المنازل!
ذلك جانب من المشكلة، لكن المشكلة التي لا تزال الحكومة تسعى إلى حلها، هي مشكلة تحديد الأسر التي يحق لها الاستفادة من البطاقة. فحتى لو أقرت البطاقة ووجد التمويل لها، ليس واضحاً كيف سيتم تحديد الأسر الـ 750 ألفاً المستهدفة بالبطاقة. وبالرغم من عدم وجود إحصاء دقيق لعدد الأسر اللبنانية، إلا أنه يرجح أن تغطي البطاقة نحو 75 في المئة من الأسر. لذلك، سبق أن اقترح سلامة، بدلاً من وضع معايير للأسر المستحقة تحتاج إلى وقت طويل لتحضير لوائح بها، أن تكون البطاقة حقاً لكل اللبنانيين، مع افتراض عدم تقدم نحو 20 إلى 25 في المئة منهم للحصول عليها. إلا أن اللجنة الوزارية لم تسر بهذا الاقتراح، بل سعت إلى وضع معايير للأسر المستحقة وتلك التي لا تستحق.
ذلك الاقتراح يؤكد أن اللجنة الوزارية لا تعرف ماذا تفعل. عدد الأسر المستهدفة يوحي أنها تسعى إلى تأمين الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي لمن خسروا قدرتهم الشرائية، وسيخسرون قدرتهم على تأمين حياة مستقرة لأسرهم بعد رفع الدعم. لكن ما يتضح هو السعي إلى التعامل مع ثلثي اللبنانيين بوصفهم من فئة الأكثر فقراً، الواجب إعانتهم. يتجاهل هذا المنطق أن رفع الدعم سيضرّ كل الأسر المتوسطة الدخل، ما يؤدي إلى شلل كامل في الاقتصاد. يكفي أن رفع الدعم عن البنزين سيعني حاجة مالك أي سيارة إلى ما يزيد على مليون ليرة فقط للتنقل بين المنزل والعمل. وإذا ما أضيف إليها كلفة مولد الكهرباء وكلفة السلة الغذائية (قدرت كلفتها بـ 430 ألف ليرة شهرياً لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، فيما كيلو اللحم بـ 120 ألف ليرة!) وكلفة الطبابة والاستشفاء والتعليم والتدفئة...، فإن خمسة ملايين ليرة لن تكون كافية لإعالة عائلة من خمسة أشخاص. لكن مع ذلك، ذهبت الحكومة إلى قراءة توحي أنها منفصلة تماماً عن الواقع، فمسودة الاستمارة التي وضعت لتحديد مستحقي البطاقة تصلح للتطبيق على برامج إعالة الأسر الأكثر فقراً، وليس لاستبدال دعم المواد الأساسية ببطاقة يفترض أن تعوض هذا الدعم. ولذلك، تضمّنت المسودة عوامل تسقط حق الحصول على البطاقة المسماة «معك» وتطلب من كل من تنطبق عليه المواصفات التالية عدم ملئها:
- إذا كنت ميسوراً وبإمكانك تغطية النفقات الأساسية لعائلتك.
- إذا كان لدى عائلتك أفراد يعملون خارج لبنان.
- إذا كان معدّل دخل الفرد في العائلة يفوق المليوني ليرة.
- إذا كان مجموع الأموال في الحسابات المصرفية للعائلة يفوق 100 مليون ليرة.
- إذا كان عدد السيارات للعائلة الواحدة يفوق السيارة الواحدة.
ومن اللافت أن الاستمارة تطلب أيضاً معرفة عدد الرحلات الخارجية خلال 2020، بالإضافة إلى تفاصيل تتعلق بعدد غرف المنزل وحتى عدد الحمامات ونوع الضمان الصحي ودرجة التحصيل العلمي.
بهذه الشروط، كيف يمكن لعدد الـ 750 ألف عائلة أن يتحقق؟ هل وجود متعلمين في الأسرة أو مغتربين يعني أن هذه الأسرة قادرة على دفع ثمن صفيحة البنزين 150 ألف ليرة؟ وهل وجود سيارتين في عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص، في ظل غياب تام للنقل العام، كاف لاعتبار الأسرة قادرة على شراء علبة دواء الالتهاب بـ 100 ألف ليرة؟
كل ذلك يظهر أن الحكومة لا تريد استبدال الدعم على السلع بدعم مالي، بل تريد أن توسع برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً ليشمل أغلب اللبنانيين، فقراء ومتوسطي الحال. وهذا إقرار بأن من يقبض مليوني ليرة هو صار من الفقراء المدقعين، ما يطرح السؤال عن ضرورة تعديل الحد الأدنى للأجور الذي لم يعد يكفي ثمناً لاشتراك في كهرباء المولد.
مسودة الاستمارة حُوّلت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لوضع ملاحظاتها عليها، فاختصرت الأسئلة وتنبهت إلى وجوب شمول مكتومي القيد بالمشروع. كما فصلت شرائح الدخل ونوع العمل وقطاع العمل. إضافة إلى وضعها تعريفاً للأسرة، من دون أن تحدد من يستحق ومن لا يستحق الحصول على البطاقة.
هذا مع العلم بأن المدير العام للوزارة أحمد عبد الله كان قد اقترح على رئيس الحكومة وعلى وزير الشؤون الاجتماعية اعتماد لوائح الشطب في إطار تحديد الأسر. كما طالب بأن يترافق رفع الدعم مع استراتيجية اقتصادية قصيرة وطويلة الأمد، وليس دفعة واحدة، مع عدم رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية. وأوضح أن اعتماد لوائح الشطب يجب أن يواكبه خلال فترة لا تزيد على ثلاثة أشهر تنظيف البيانات وعقلنة المشروع ليستهدف من يستحق. وتبدو لافتة إشارة عبد الله في الكتاب إلى «أننا لا نفرق بين غني وفقير في الحقوق والأعباء العامة، وبالتالي لا بد من أن يكون الدعم للأسر المتوسطة الدخل والميسورة حتى لا يتم القضاء على آخر إمكاناتها عند رفع الدعم».
حتى اليوم، لم يحصل أي تطور. وحتى لو استعين بالاستمارة المعدلة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن إنجاز لوائح المستفيدين سيحتاج إلى أشهر طويلة، وربما إلى سنوات، لإنجازها. فهي أقرب إلى سجل اجتماعي، وليس فقط لوائح مستفيدين من بطاقة دعم. يكفي معرفة أن الوزارة نفسها لا تزال حتى اليوم غير قادرة على حسم عدد الأسر الأكثر فقراً، والذي لا يزيد على 50 ألف أسرة، كما لم تحسم لائحة المستفيدين من قرض البنك الدولي (شبكة الأمان الاجتماعي)، والتي تستهدف 161 ألف أسرة.
"البناء": بري سيحسم مصير مبادرته في ضوء تجاوب الحريري وباسيل
حكوميًا، ينتظر أن يصل اليوم الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى بيروت قادماً من باريس، بعد تداول شائعات عن تعرّضه للاحتجاز في دولة الإمارات، ويتوقع المعنيون بالمسار الحكومي أن يشغل رئيس مجلس النواب نبيه بري محرّكاته على جبهتي بيت الوسط وميرنا الشالوحي، للتداول بالقواعد التي تبلورت لديه لتشكيل حكومة من 24 وزيراً لا ثلث معطل فيها، وبتوزيع متوازن للحقائب، وتتضمّن حلاً لحقبيتي العدل والداخلية، ولآلية تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين بصورة ترضي الفريقين.
مصادر مواكبة لحركة بري قالت إن رئيس المجلس الذي يحظى بدعم خارجي وداخلي لحسم الملف الحكومي لن يقوم هذه المرة بمساعٍ لتقريب وجهات النظر فقط، بل باتت لديه عناصر كافية للقول إن الصيغة التي سيعرضها تمكنه من الحكم على نيات الفريقين المعنيين بتشكيل الحكومة، ونظراً لتقديره لخطورة الموقف سيذهب الى حد وضع الأمور في دائرة تحميل الطرف المعرقل للمسؤولية، في ظل تفاهم يضمّه مع حزب الله والنائب السابق وليد جنبلاط، لسحب الغطاء عن الفريق المعرقل.
رغم الأجواء الحذرة والتشاؤميّة التي تعبر عنها بعض الأوساط السياسية حيال مآل الأمور في الملف الحكومي، يبدو أن الأسبوع الطالع سيحمل معه تحركاً مكثفاً لتأليف الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي ينتظر أن يعود الى بيروت بعدما زار الإمارات وانتقل منها الى باريس.
وبحسب مصادر مطلعة لـ «البناء»، فإن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ينتظر عودة الرئيس الحريري لعقد لقاء معه بهدف بلورة حصيلة اتصالاته وفق مبادرته التي تحظى بدعم بكركي، واصل في الأيام الماضية اتصالاته مع حزب الله والتيار الوطني الحر خاصة أنه يحظى بتفويض محليّ وعربيّ للسير بمبادرته مع المعنيين من أجل تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن، من منطلق أن هناك تململاً أيضاً داخل الثنائي الشيعي من الاستمرار في مسايرة النائب جبران باسيل إلى ما لا نهاية. وشدّدت المصادر على أن لا خيار أمام القوى المعنية إلا التفاهم على إيجاد حلول للعقد المتبقية والتي تتصل باسمي الوزيرين المسيحيين والإسراع في تشكيل الحكومة. ومن هذا المنطلق يواصل بري في اتصالاته مع المسؤولين او خلال لقاءات معاونه النائب علي حسن خليل مع النائب باسيل العمل على تدوير الزوايا لما فيه مصلحة الجميع على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
وليس بعيداً، ظنت بعض المصادر أن تهديد بعض نواب التيار الوطني الحر بالاستقالة عند كل إطلالة إعلامية لا يعدو كونه تهويلاً لا اكثر فما يجري لا يتعدى المناورة العونية، خاصة أن التيار الوطني الحر اكثر المقتنعين ان لا انتخابات مبكرة وأن ليس من مصلحته الخروج من البرلمان، وبالتالي ما يجري لا يتعدّى رفع السقوف للحصول على المطلوب لا سيما أن جلسة المجلس النيابي أعطت دفعاً للحريري بعدما كان التيار الوطني الحر ينتظر أن تأتي نتائج الجلسة لمصلحة العهد.
أما مصادر تيار المستقبل، فأشارت لـ»البناء» الى ان توقيت عودة الحريري الى بيروت لن يتجاوز الـ 24 ساعة، مشيرة الى ان الحريري يبدي انفتاحاً على مبادرة الرئيس بري ومساعي الأخير وهو على تواصل مستمر معه. وهو منذ اليوم الأول اكد أنه يعمل على تأليف حكومة ضمن الأطر الدستورية وانه على موقفه القائم على تأليف حكومة من دون أي ثلث معطل لأحد، خاصة أن فريق رئيس الجمهورية لا يزال يعتمد اسلوب المناورة والانقلاب على المبادرات والمساعي، لافتة الى أن بعث الرئيس عون بمسودتين الى البطريرك الراعي مردّه أن العهد «بدو يخربط» على الرئيس بري مساعيه، علماً أنه يدرك تماماً أن هناك تنسيقاً بين الرئيس بري والبطريرك الراعي، عطفاً عن أن الرئيس الحريري على تواصل مستمر مع البطريرك الماروني، وأن الوزير السابق غطاس خوري زار في الساعات الماضية بكركي في إطار اتصالات الحكومة.
وليس بعيداً لم تستغرب مصادر المستقبل الإشاعات التي تعرّض لها الرئيس الحريري حول توقيفه في الإمارات، معتبرة أن مصدرها هو التيار الوطني الحر؛ وهذا الأمر أصبح معروفاً للجميع.
وكان الرئيس المكلف غرّد عبر حسابه على تويتر صباح أمس، بعد أخبار يتمّ التداول بها على مواقع التواصل الاجتماعي، حول توقيفه في الإمارات، قائلاً: «يسعد صباحكم بالخير. كيفكم اليوم؟».
وأعلن البابا فرنسيس أمس، أنه سيجتمع بممثلين عن مسيحيي لبنان في الأول من تموز لمناقشة الوضع الصعب في بلادهم. وقال البابا: «سألتقي في الفاتيكان مع قادة المجتمعات المسيحية في لبنان لمناقشة الوضع المقلق في البلاد والصلاة معاً من أجل نعمة السلام والاستقرار».
وتأتي الدعوة بناء على تواصل قام به بطريرك الأرمن الارثوذكس الكاثوليكوس آرام الأوّل كشيشيان مع الفاتيكان طارحاً عقد لقاء روحي مع البابا للصلاة على نية لبنان والبحث في الأوضاع.
ورأت مصادر متابعة لهذا الحراك لـ»البناء» ان هذا اللقاء المسيحي اكثر من مهم وضروري في الوقت الراهن، لا سيما أن الانقسام الحاصل بين القوى المسيحية في لبنان والتحاقها بمحاور مختلفة ومتناقضة بات ينعكس سلباً على الواقع المسيحي في لبنان مع ازدياد نسبة هجرة المسيحيين، هذا فضلاً عن أن اللقاء من شأنه ان يشدد على اهمية التعالي على الحسابات والدفع نحو الحوار الدائم بين القوى المسيحية والتعاون مع القوى الإسلامية في لبنان الذي لا يبنى ألا بتنوّع أبنائه والتركيز على حياد لبنان والمحافظة على استقراره وسيادته.
"اللواء": حملة شائعات تسبق عودة الحريري وبري: تنازلات أو «الإنفجار الكبير»
من جهتها، قالت "اللواء" أن المتفق عليه، أن اليوم الأوّل من هذا الأسبوع، سيحمل في طيّاته، إشارات لما بعده من أيام، يظن أنها فاصلة بين حقبة تكليف للتأليف استمرت لبضعة أشهر، وحقبة الانتهاء من المراوحة والانتظار والقال والقيل والتحليل والتضليل، وتضييع المواطن، الذي ينصرف كلياً إلى يومه، بدءاً من الغذاء، الذي ينتظر البطاقة التمويلية إلى الدواء، الذي يخضع الإفراج عنه لتقطير مقيت ومميت، فضلاً عن التلاعب بتوفير المحروقات، من المازوت، الضروري للمولدات إلى البنزين الضروري للسيارات العاملة، عمومية أو خصوصية، وصولا إلى تصعيب عملية السفر، بفرض تسعيرة بالفرش دولار (Fresh Dollar) لشراء تذاكر السفر، بكل الشركات العاملة في مطار بيروت الدولي، إلى انتظار وضعية الدولار، مع افتتاح المنصة الرسمية في اسبوعها الثاني بسعر حدّده مصرف لبنان بـ12000 ليرة لبنانية لكل دولار، في وقت يسابق دولار السوق السوداء (الموازية) ليتجاوز الـ13000 ليرة لبنانية لكل دولار.
حكومياً، سبقت الإشاعات، عودة الرئيس المكلف إلى بيروت.. فما ان سرت إشاعة بأنه موقوف في دولة الإمارات العربية المتحدة حتى سارع الحريري بالرد عليها بتغريدة مختصرة: «يسعد صباحكم بالخير، كيفكم اليوم».
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أنه كلما تأخرت عودة التواصل في الملف الحكومي بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلف كلما ازدادت المخاوف من نسف مساعي رئيس المجلس حتى وإن نال وعدا من الأخير بالتحرك في هذا الملف. واكدت المصادر إن إشاعة اجواء عن خروقات دستورية يضر بأي محاولة لاحداث الخرق المطلوب.
ولفتت إلى أن الكلام عن لقاء ثلاثي رئاسي يمهد لانطلاق العجلة الحكومية يبقى في اطار التكهنات أو التوقعات معلنة أن مطلع الأسبوع المقبل بقدم فكرة واضحة عما سيكون عليه تطور التأليف.
وتوقعت مصادر متابعة لملف تشكيل الحكومة ان تتظهر اتجاهات تحرك الرئيس بري للخروج من دوامة الجمود والتعطيل خلال الأسبوع الحالي وذلك بعد معرفة كيفية تفاعل فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعدالحريري معها،ومدى تجاوبهما مع المخارج التي تحتويها.
وتوقعت المصادر ان تتسارع وتيرة الاتصالات والمشاورات بالملف الحكومي بعد عودة الرئيس المكلف الى بيروت من الخارج وترددت معلومات ان بري سيلتقي رئيس الجمهورية قريباقبل ان يجتمع بالحريري لاحقا لتوفير الارضية المناسبة لتسويق وانجاح مبادرته، إلا أنه لم يتم التأكد من هذا الخبر.
وبينما يتم التكتم حول مضمون مبادرة الرئيس نبيه بري، اشارت المصادر الى هناك اكثر من محاولة للعرقلة من قبل فريق الرئاسة، منها الترويج عن سيناريوهات ونماذج للتشكيل سلمت الى البطريرك الراعي والرئيس بري باعتبار ان مثل هذه الخطوة كانت سببا مباشرا في التسبب بالخلاف والقطيعة بين بعبدا وبيت الوسط. ولذلك فإن الترويج لتوزيع النماذج المحكى عنها، يعني ان النوايا ليست سليمة لتسريع عملية التشكيل، او ان طرحها هو لمحاولة تحسين للشروط بعدما تم حشر الفريق الرئاسي بالزاوية بسبب الفشل الذريع لخطوة رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي مؤخرا، والتوصية التي صدرت عنه ولم تكن في صالح رئيس الجمهورية بعد انكفاء حلفائه بالوقوف الى جانبه.
واعتبرت المصادر ان الاجتماعات الثنائية التي حصلت الاسبوع الماضي بين النائب علي حسن خليل مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومع ممثلين لحزب الله، تناولت موقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بتكليف بري بالعمل مع الطرفين لتجاوز الخلافات القائمة وكيفية ترجمة مبادرة بري الى الواقع على الأرض وكشفت عن رغبة حقيقية وارادة جدية لدى الثنائي الشيعي لانهاء الازمة على قاعدة الافكار والطروحات التي تتضمنها مبادرة رئيس المجلس.
وعلمت «اللواء» ان الحريري ابلغ معاونيه في بيروت ومنهم نائب رئيس تيار «المستقبل» الدكتور مصطفى علوش انه سيعود خلال 24 ساعة، بعدما تبلغ ما يتم ترويجه عبر مواقع التواصل. كما علمت ان اتصالاً جرى في الساعات الماضية بين الرئيسين بري والحريري لبحث الافكار الجديدة المطروحة لحل الازمة الحكومية. على ان يحصل لقاء بينهما قريباً.
جاء ذلك بعد تسريب لائحتين جديدتين وضعهتما رئاسة الجمهورية تضمنتا توزيعتين لأعضاء الحكومة من دون اسماء لكن وفق التوزيع الطائفي للحقائب ومرجعيات تسمية الوزراء. وهو ما اعتبرته اوساط «تيار المستقبل» انه «دفع الأمور نحو أزمة جديدة، وان فريق رئيس الجمهورية يثير الاستفزازات كلّما اقترب الحلّ».
واشارت مصادر المعلومات إلى ان الحريري متجاوب مع مسعى بري، وان ما تم الاتفاق عليه حتى الآن حكومة من 24 وزيراً، يُفترض ألّا تتضمن ثلثاً ضامناً لأي طرف لا مباشرة ولا مواربة، وان يكون فيها وزيران مسيحيان مستقلان تماماً يتفق عليهما الرؤساء، تؤول على الاقل حقيبة الداخلية الى واحد منهما كما اصبح ثابتاً.
وما يزال يغمز فريق بعبدا من قناة الرئيس المكلف، ويتهمه، دون مواربة، انه لا يريد تأليف الحكومة.. وأنه يرغب في تحميل اللبنانيين أعباء اخفاقات إقليمية ومحلية.
مؤشرات عين التينة
في مقلب عين التينة، يزيد الصمت المحكم الموقف تعقيداً وترقباً، وسط مؤشرات اربع: 1- مضي الرئيس نبيه برّي في مساعيه، دون كلل أو توقف..
2 - تضمين محادثاته مع المعنيين، مباشرة أو عبر وسائط معروفة، الطلب الرجائي بتسهيل عملية التأليف، التي يفترض ان تكون قضية الجميع، اليوم قبل الغد.
3 - التأليف هو الخيار المتاح، ولا بديل سواه.. في إشارة إلى الاعتراض على فكرة الاستقالات النيابية الجماعية.
4 - بديل فشل مساعي مبادرته انتظار «الانفجار الكبير» الذي لا يبقى ولا يذر، ولا يرحم أحداً، في الموالاة أو المعارضة..
وينتظر الرئيس برّي عودة الرئيس المكلف لعقد اجتماع معه، والنظر في ما بلغته الاتصالات، وتوجه الرئيس الحريري على هذا الصعيد.
"الجمهورية": أسبوع حكومي بإمتياز
صحيفة "الجمهورية" رأت أن الأسبوع الطالع هو الأسبوع الحكومي بامتياز، في ضوء الامل في امكان ولادة الحكومة الذي لاح في الافق إثر جلسة الرسالة النيابية الاخيرة والاتصالات التي فُتحت في أكثر من اتجاه، وتتركّز الأنظار على حركة رئيس مجلس النواب نبيه بري واللقاءات التي سيعقدها في الساعات والأيام القليلة المقبلة، وتأتي تتويجاً للقاءات غير المعلنة التي عُقدت مع المعنيين، في محاولة لإنجاح هذه الفرصة الجديدة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل لبنان أمام فرصة حكومية جديدة؟ وهل قوة الدفع الثلاثية، والتي تضمّ إلى بري البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، ستكون قادرة على دفع رئيس الجمهورية ميشال عون واستطراداً رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل من جهة، والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى، إلى مساحة مشتركة تُفضي إلى ولادة الحكومة؟
يرى المتابعون للمساعي الجارية على خط التأليف الحكومي، أنّه لا يمكن الجزم في اي اتجاه من الاتجاهات، لا سلباً ولا إيجابًا، لا تفاؤلاً ولا تشاؤمًا، وجلّ ما في الأمر انّ ثمة فرصة حقيقية لولادة الحكومة خرجت إلى الضوء على إثر خلط الأوراق الداخلية الذي حصل أخيراً، ما طرح السؤال، هل ستصل هذه الفرصة إلى نهاياتها ويشهد هذا الأسبوع تتويجًا لهذه الحكومة وصدورًا لمراسيم التأليف، أم سيكون عوداً على بدء، حيث ما تكاد تتقدّم الأمور حتى تعود أدراجها إلى الوراء وإلى المربع الأول تحديدًا؟
وفي موازاة السعي الجاد لعين التينة وبكركي والمختارة، فإنّ المؤشرات التي تصدر عن قصر بعبدا و"بيت الوسط" لا تزال متناقضة ولا توحي بتفاؤل كبير، بل تعكس الرغبة في مواصلة اللعبة نفسها بتقاذف المسؤوليات ورمي الكرات وتسجيل النقاط. وعلى الرغم من انّ ذلك المسعى الثلاثي يحظى بمباركة خارجية ثلاثية روسية وفرنسية ومصرية، إلّا انّ مفتاح التأليف يبقى في يد عون والحريري وحدهما، وهذا المفتاح سياسي قبل ان يكون تقنياً، فإذا تجدّدت التسوية السياسية تُعالج فوراً تقنيات التأليف والخلاف حول لمن ستؤول هذه الوزارة ومن يسمّي هؤلاء الوزراء، وبالتالي المهمة الأولى للثلاثي المحلي المدعوم من الثلاثي الخارجي هي سياسية بامتياز. فهل سينجح الثلاثي بري والراعي وجنبلاط في تجديد التسوية بين العهد والرئيس المكلّف؟
ولكن اي متابع لهذا الوضع يلمس انّ ثمة تعتيمًا مقصودًا على حركة الاتصالات وجوهر المبادرات والأفكار التي تُطرح من أجل إنجاح هذا المسعى او منع تعطيله، خصوصًا وانّه قد يكون الأخير. ويترافق هذا المسعى مع تمني الثلاثي على الفريقين المعنيين وقف التصعيد السياسي وإعطاء هذه الفرصة حقها لمصلحة البلد والناس، في ظل أزمة مالية مفتوحة على الأسوأ، علّ اللبننة تنجح حيث فشلت المبادرات الخارجية.
تكتم وتأسف
وفي هذه الاجواء، تنتظر الأوساط السياسية عودة الحريري من الخارج من أجل استكمال الاتصالات الجارية لمعالجة الملف الحكومي، وما هو مطروح من مخارج في شأنه. ولم تؤكّد مصادر «بيت الوسط» لـ«الجمهورية» ما اذا كان الحريري سيعود في الساعات المقبلة ام لا، كذلك لم تؤكّد المعلومات التي تحدثت عن انّه انتقل من ابو ظبي الى باريس خلال الأيام القليلة الماضية، ولا اي معلومات تشير الى تحركاته على الساحة السياسية عقب تطور مبادرة بري وما هو مطروح من مخارج لبعض العِقد التي قيل انّها تعوق ولادة الحكومة.
وكرّرت المصادر عينها استهجانها «للاوراق واللوائح التي عمّمها رئيس الجمهورية على بعض المرجعيات عن تشكيلة الـ 24 وزيراً، وهي خطوة تتكرّر كل مرة، وتريد ان تعيد مشاريع التأليف الى نقطة الصفر، ولا لن يقدّم ولن يؤخّر اي تبرير في انّها للمساعدة في تشكيل الحكومة، لأنّ مثل هذه الخطوات لم تُعتمد مرة من قبل، وأنّها ليست المرة الأولى التي يشكّل فيها الحريري حكومة، وهو يعرف طريقة ادارة التوازنات داخلها وعملية توزيع الحقائب على الطوائف والمذاهب، ولا يحتاج الى مثل هذه الصيغ التي لا تشكّل سوى خروج على ما يقول به الدستور».
ودانت المصادر «الحملات الاعلامية التي يقودها الجيش الالكتروني للتيار الوطني الحر، والتي تحدثت في آخر نسخة لها عبر وسائط التواصل الاجتماعي عن توقيف الحريري في دولة الإمارات العربية المتحدة». ولفتت الى انّ الحريري اكتفى بالردّ عليها بتغريدة صباحية عبر حسابه الخاص على «تويتر»، كاتبًا: «يسعد صباحكم بالخير، كيفكم اليوم».
بعبدا تنتظر
وفي الوقت الذي لم يُسجّل فيه خلال عطلة نهاية الأسبوع اي نشاط رئاسي، قالت مصادر قريبة من رئاسة الجمهورية، انّ الرئيس ميشال عون ما زال ينتظر عودة الحريري من الخارج، وهي متوقعة إن صحّت آخر المعلومات في الساعات المقبلة، ليُبنى على الشيء مقتضاه. وليلاً ترددت معلومات عن عودة مرتقبة للحريري.
وخففت المصادر من حجم ردات الفعل على الصيغ التي وضعها عون عن هيكلية الحكومة. ولفتت إلى أنّها صيغ قديمة سبقت رسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب، وانّ الهدف منها تسهيل عملية التأليف، وأنّها مجرد تصورات أولية للتركيبة الحكومية من 24 وزيراً. رافضة اعطاءها اي وصف بغير هذه الغاية، وخصوصًا القول انّها «تشكّل خرقًا دستوريًا او تجاوزًا لحدود السلطة.
موقف «حزب الله»
وفي السياق، شدّد الوزير السابق محمد فنيش بإسم «حزب الله»، على أنّ «هناك مساعي متجدّدة في تشكيل الحكومة من خلال دور رئيس مجلس النواب نبيه بري ودور «حزب الله» الذي لا يتوانى عن كل جهد، ونحن دعمنا وندعم قدر الإستطاع لمعالجة المشكلة التي أصبحت واضحة أنّها داخلية وليست مشكلة مرتبطة بالضغوط»، لافتاً إلى أنّ «التدخّلات الخارجية كان لها الدور في الوصول إلى هذا الوضع». وأشار إلى «أننا دخلنا في أزمة بالغة الخطورة على صعيد مستقبل البلد وأمن واقتصاد الناس»، مؤكّداً أنّ «علينا العمل على تشكيل حكومة للحدّ من هذه الأزمة».
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024