لبنان
الأنظار تشخص إلى فلسطين.. وفي لبنان انسداد حكومي وسياسي
استحوذت فلسطين على مساحة كبيرة من أخبار الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم، بعد تطور المواجهات في المسجد الأقصى، وقصف العدو لقطاع غزة وردّ المقاومة السريع على مستعمرات الكيان.
المشهد في المستنقع المحلي بقي راكدًا، دون أن تفتح كوّة في جدار الأزمة الحكومية، أو أن يحدث تطور إيجابي في الأزمات المتتالية التي تعصف بالبلاد، في ظل محاولة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كسب المزيد من الوقت بسلسلة تعاميم أصدرها أمس.
"الأخبار": من النهر إلى البحر: فلسطين تُحطّم الأسوار
بعد ساعات من اقتحام قوات العدو الإسرائيلي المسجد الأقصى تمهيداً لإخلائه من المعتكفين الفلسطينيين والسماح للمستوطنين المتطرّفين بتدنيسه وإقامة صلوات تلمودية فيه، وتصدّي الشبان بأجسادهم العارية لهم، ألقت المقاومة الفلسطينية بثقلها على المشهد، عبر تنفيذها ضربات عسكرية كانت قد توعّدت بها خلال الأيام الماضية وآخرها أمس، فقلَبت المعادلة التي لا تزال متصاعدة بالقصف والقصف المتبادل. فمنذ ساعات باكرة من صباح أمس، اقتحمت قوات الاحتلال الأقصى، ما أدى إلى صدامات واسعة مع المعتكفين وإصابة أكثر من ألف فلسطيني، منهم 250 حُوّلوا لتلقي العلاج في المستشفيات الميدانية ومستشفيات القدس. ولم تتوقّف الاشتباكات في المدينة والحرم القدسي حتى منتصف الليل، ما رفع عدد الإصابات التي احتاجت إلى علاج إلى قرابة 400، بحسب المصادر الطبية.
رقعة الاشتباكات اتسعت في القدس لتصل إلى أكثر من خمس نقاط، في وقت اشتدّت فيه عمليات القمع والاعتقالات ضدّ الشبان، لتنتقل الاشتباكات إلى مناطق مختلفة في الضفة المحتلة وتصل إلى أكثر من عشر نقاط مواجهة، وهو ما دفع جيش العدو إلى تعزيز قواته فيها بأكثر من ثلاث كتائب إضافية. وبالتوازي، خرجت تظاهرات ضخمة في مدن فلسطين المحتلة عام 1948، ما شكّل مشهداً معقّداً ومعضلة متعدّدة الأطراف والأماكن للمستويَين السياسي والأمني في قيادة الاحتلال، لم تشهده منذ سنوات. وانطلقت التظاهرات الحاشدة في الناصرة وشفا عمرو ويافا وأم الفحم وعين ماهل وطمرة وباقة الغربية، بعدما شجّعها التضامن الكبير من الضفة وغزة مع القدس كلّ على طريقته، فيما اعتقلت شرطة الاحتلال 16 متظاهراً في اللد والرملة، كما اعتقلت شابَّين من سكان وادي عارة بزعم دهس شرطيّ عند مفرق مصمص.
تحكّمت المقاومة هذه المرّة في موعد بداية المواجهة وليس نهايتها فقط
أما ما فرط العقد، فهو إصرار الاحتلال على عدم التراجع عن السماح باقتحام المستوطنين للأقصى. وحتى قبل نصف ساعة من بدء جلسة «المجلس الوزاري المصغر» (الكابينت) المقرّرة الخامسة من مساء أمس، أمهلت «غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة» حكومة الاحتلال حتى السادسة مساءً لسحب قواتها من الحرم القدسي والإفراج عن جميع المعتقلين في الاشتباكات، وهو ما لم يستجب له الاحتلال، فبادرت المقاومة إلى تنفيذ تهديدها. وعلمت «الأخبار» أنه جرت مباحثات مع الوسطاء خلال اليومين الماضيين لمنع تدهور الأوضاع، إذ طلبت «حماس» سحب قوات الاحتلال من الحرم القدسي وإلغاء مسيرة المستوطنين والإفراج عن المعتقلين، الأمر الذي رفضته سلطات الاحتلال قطعياً، وأبلغت أنها ليست في صدد التجاوب مع أيّ طروحات لوقف الاعتداءات في القدس. مع ذلك، واصل الوسيط المصري مباحثاته لمنع تدهور الأوضاع إلى حرب، وهو ما ردّت عليه الحركة بأن «الكرة في ملعب الاحتلال»، وأن الصواريخ لن تتوقف ما لم تتوقف الاستفزازات في القدس، وأيضاً يجري التراجع عن جميع الخطوات بحق سكّان حيّ الشيخ جرّاح، ووقف تقييد حركة الفلسطينيين إلى الأقصى. كما سبق التصعيد نقْل المقاومة رسالة إلى تل أبيب عبر الوسيط المصري مفادها أن العدو يدفع باتجاه مواجهة عسكرية طويلة الأمد، وأن لدى المقاومة «جاهزية عالية لها»، ما يعني أن العدو هو من «يتحمّل مسؤولية هذه الحرب التي لن تنتهي إلا بشروط المقاومة بشأن القدس».
فور وصول الردّ الإسرائيلي إلى المقاومة، استنفر الاحتلال، وأصدرت شرطة العدو تعليمات إلى المستشفيات بالتأهّب للتعامل مع موجة عمليات، خاصة في مراكز المدن، فيما أغلق الجيش جميع الطرق المحيطة بقطاع غزة، ودعا المستوطنين إلى دخول الملاجئ حتى مدى 80 كيلومتراً بعيداً عن القطاع، وتلاه إعلان تحويل حركة الطائرات في مطار بن غوريون إلى مسارات بديلة. وعند السادسة، جاء ردّ المقاومة فور انتهاء المهلة، وقد بدأته باستهداف جيب عسكري شمال شرق غزة، ما أدى إلى إصابة جندي بجراح خطرة على الأقلّ، ثمّ بثّت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي»، مشاهد العملية، ليتبع ذلك بدقائق قصف «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، مدينة القدس المحتلة برشقة صاروخية أدّت إلى تفريق مسيرة الأعلام الصهيونية وهرب المستوطنين من أماكن تجمعهم، بعدما كانوا يستعدون لاقتحام الأقصى، وأيضاً إخلاء مقرّ «الكنيست» الذي كانت تعقد فيه جلسة. وسريعاً، توالت الضربات التي نفذتها المقاومة عبر استهداف مدن «غلاف غزة» بأكثر من 150 صاروخ خلال ست ساعات، كما قصفت «سرايا القدس» مدينة تل أبيب المحتلة بعدد من الصواريخ.
في هذه الجولة، برزت المقاومة في حالة ندّية، وفرضت الوقائع على الاحتلال الذي فقد القدرة على تحديد موعد بداية المعركة التي تدرّب عليها طوال السنوات الماضية، فيما حملت تصريحات المقاومة تحدّياً كبيراً له، إذ حذّر المتحدث باسم «القسام»، «أبو عبيدة»، «العدو الصهيوني من أنه في حال أقدم على قصف منشآتٍ مدنية أو منازل لأهلنا في غزة، فإن ردّنا سيكون قوياً ومؤلماً وفوق توقعات العدو». وبعد ذلك، عاد «أبو عبيدة» وأمهل العدو ساعتين لإخلاء الأقصى من الجنود، وهو ما استجاب له العدو في لحظته، على أن ذلك قد يتكرّر خلال الساعات المقبلة. كما نقلت مصادر فلسطينية أن تحذيرات المقاومة للاحتلال بخصوص قصف المنشآت المدنية ومنازل المواطنين «سيكون الردّ عليها مشابهاً لمواجهة حدّ السيف التي جرت في 2019 وقصفت فيها المقاومة مدينة عسقلان المحتلة بشكل مكثّف، ما أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات لدى العدو». وجاءت تهديدات المقاومة بعد استهداف الاحتلال للمدنيين في غزة، ما أدى إلى استشهاد 21 مواطناً بينهم 9 أطفال، وذلك من جرّاء ارتكاب العدو مجزرتين في بلدتي بيت حانون وجباليا. أمّا «الجهاد الإسلامي»، فقالت إن «العدو بدأ العدوان على القدس، وإذا لم يتوقف هذا العدوان فلا معنى للجهود السياسية لوقف النار».
وبينما قرّر الاحتلال إغلاق معبر كرم أبو سالم المخصّص لدخول المواد الغذائية والطبية والوقود إلى غزة، يُتوقّع أن تتسع رقعة المواجهة عقب إعلان جيش العدو بدءه عملية جوية كبيرة اسمها «حارس الأسوار»، من المقرّر «أن تستهدف مطلقي الصواريخ ومنازلهم والقيادات العسكرية وقيادات المقاومة»، في وقت تستعدّ فيه المقاومة لتوسيع بقعة الزيت وضرب أهداف جديدة.
"الديار": بعد تحذير نصرالله «رسالة اسرائيلية» عبر موسكو: لا نرغب بالتصعيد!
وبحسب صحيفة "الديار"، اكتمل مشهد الانهيار الاخلاقي والسياسي والاقتصادي بالامس، مع دخول المواجهة المفتوحة بين القطاع الطبي والقضاء مرحلة دقيقة بعدما اضربت القطاعات الصحية، وتوقفت عن استقبال المرضى الا الحالات الطارئة منها. هذا «الكباش» على خلفية قضية الطفلة ايلا طنوس، زادت على واقع اذلال اللبنانيين مشهدا جديدا حيث امضوا نهارهم بالوقوف على محطات الوقود، والبحث عن الكهرباء، وملاحقة اسعار المواد الغذائية، واللحوم، والدجاج، حيث ارتفعت الاسعار دون حسيب او رقيب، وكان رفع الدعم بات امرا واقعا، فيما الغموض لا يزال سيّد الموقف حيال بيان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول امكانية استعادة المودعين جزءا من دولاراتهم ابتداء من حزيران المقبل، وسط علامات استفهام كثيرة حيال امكانية تطبيق هذه الخطوة التي تحتاج الى تفاهمات غير متوفرة حتى الان مع المصارف. وفي ظل مناخات «ضبابية» حيال حدود العقوبات الاوروبية المرتقبة ومدى فعاليتها، عكس البيان «العنيف» للمكتب السياسي لـ «حركة امل» تجاه بعبدا وميرنا الشالوحي، استمرار المناخات السلبية الداخلية حيال الملف الحكومي، فيما يراهن الرئيس المكلف سعد الحريري على زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى السعودية منتصف الجاري»ليبني على الشيء مقتضاه».
هذه المناخات الداخلية المعقدة تتزامن مع ارتفاع منسوب التوتر على الحدود الجنوبية تزامنا مع اطلاق العدو الاسرائيلي لمناوراته العسكرية، التي جمدها لـ24 ساعة بالامس، تزامنا مع التصعيد في القدس المحتلة وقطاع غزة، وقد سارعت «اسرائيل» الى محاولة التهدئة على الجبهة اللبنانية بعد تحذيرات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، مستخدمة «القناة الروسية»، وذلك على وقع ارتفاع المخاوف في «الجبهة الداخلية الاسرائيلية» من تعاظم القدرات الصاروخية لدى المقاومة التي رأى فيها احد المراكز البحثية بأنها توازي القوة النارية لحلف «الناتو»!.
«تطمينات» عبر موسكو
وفي هذا السياق، علمت «الديار» انه بعد ساعات من تحذيرات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لـ»اسرائيل»، سارعت «القيادة الاسرائيلية» الى اجراء اتصالات رفيعة المستوى مع الجانب الروسي باعتباره الطرف الاقدر على ايصال رسائل الى الطرف الاخر، وبحسب اوساط ديبلوماسية، اكد مضمون «الرسالة» ان المناورات الواسعة، ليست مقدمة لحرب على الجبهة الشمالية، وانما مجرد اجراءات روتينية عسكرية لتعزيز «الردع»، ورفع مستوى الجاهزية العسكرية. وقد حرصت موسكو على نقل هذه «الرسالة» الى كل من طهران، ودمشق، وبيروت لتجنيب المنطقة أي تصعيد اضافي، وعدم حصول اي أحداث غير محسوبة في الميدان، مع وجود «تأكيدات إسرائيلية» بالحرص على عدم اتخاذ اي خطوة تؤدي الى حرب محدودة او الى مواجهة مفتوحة...! وبالتوازي، تحدثت صحيفة «هارتس» ان «إسرائيل» نقلت ايضا رسائل تهدئة الى الدول العربية التي فتحت معها علاقات مؤخرا، وطالبوهم بنقل «رسائل» الى «حركة حماس» التي تملك برأيهم كل الأسباب التي تجعلها «تضرم النار» في هذا التوقيت في ظل فترة سياسية انتقالية في «اسرائيل»، وتقدر «حماس» بأن «قادة إسرائيل» ليسوا في وضع يخوّلهم إعلان الحرب على القطاع.
قلق من صحة كلام نصرالله
من جهتها رجحت صحيفة «يديعوت احرنوت « أن تبقى مناورة «مركبات النار» في غرفة العمليات، وفي اطار المناورات على الجبهة الشمالية، وقالت انها لن تنتقل إلى وضع حقيقي هناك. وذَكرت الصحيفة بكلام السيد نصر الله الاخير الذي اكد فيه ان المقاومة ستكون متأهبة وكل الجبهات قابلة للاشتعال. وفي محاولة منها لشرح الاسباب الكامنة وراء عدم جهوزية «اسرائيل» للحرب، اشارت «يديعوت» الى ان كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في «يوم القدس»، وقوله بأن «إسرائيل» خائفة جداً وهناك ثغرة في جدار الكيان الصهيوني الذي يسير نحو حرب أهلية وأن «الجمهور الإسرائيلي» خائف من هذا الاتجاه. اضافة الى تأكيده بأن «الجيش الإسرائيلي» ليس واثقاً بقدرته على التصدي للنار من عدة اتجاهات، إذا ما نشبت حرب. كل هذا التوصيف مقلق جداً، برأيها، ويلقي بالأضواء على عزلة كبار رجالات جهاز الأمن وفي مقدمتهم رئيس الأركان افيف كوخافي، ورئيس الشاباك نداف ارغمان، الذين يتعين عليهم أن يتخذوا القرارات على نحو منقطع عن الأحداث السياسية الداخلية. وبرأي «يديعوت» فإن فراغ أداء القيادة السياسية واضح داخل «اسرائيل» وعلى مستويات الجيش والمخابرات، ويدرك كبار المسؤولين بأن مسؤوليهم لا يؤدون مهامهم ومنشغلون بآخر ترتيبات الحكومة التالية وبمعركة رئيس الوزراء للبقاء، وهكذا يكون صعباً بل ومتعذراً إدارة اي أزمة أمنية تمر بها البلاد.
المقاومة و»الرسائل»؟
في المقابل، لا تبالي المقاومة بكل «الرسائل الاسرائيلية» وتتعامل بجدية كاملة مع «المناورات الاسرائيلية»، حيث الاستنفار بلغ ذروته في الساعات القليلة الماضية، ووفقا لاوساط مطلعة فان التطمينات «الاسرائيلية» لا تعني شيئا، ولا تقدم او تؤخر، وأي «دعسة» خاطئة من قوات الاحتلال سيكون الرد عليها سريعا وحاسما. ولا احد يمكنه الجزم في ظل حالة الفوضى السياسية والارباك الامني، ما يمكن ان ترتكبه «اسرائيل» من اخطاء، ولهذا لا يمكن الركون الى «المناورات» السياسية او العسكرية، والتعامل سيكون مع الوقائع لا مع «الرسائل».
«الناتو» وقوة حزب الله!
وفي سياق «المتابعة الاسرائيلية» الحثيثة لتعاظم قدرات حزب الله القتالية كشف مركز دراسات «إسرائيلي» عما تدعيه القياداة العسكرية والامنية انه «خريطة» تحدد بشكل تفصيلي انتشار الصواريخ التابعة للحزب في مناطق لبنانية مختلفة، ويزعم موقع مركز الدراسات الإسرائيلي «ألما» في تقريره العسكري ان الخريطة تكشف عن ستة مواقع عسكرية جديدة... لكن المفارقة في تقييم المركز تكمن في انه يشير الى ان التقديرات الموجودة في «اسرائيل» تشير الى ان نطاق القوة النارية التي يمتلكها الحزب، باتت تضاهي لا بل تتجاوز في بعض النواحي جيوش «الحلف الاطلسي».
«غراد» «فجر» و»بركان»
وبحسب الخريطة هناك خطين أساسيين للدفاع أنشأهما الحزب بهدف إعاقة أي مناورة برية مستقبلية لـ «الجيش الإسرائيلي» في لبنان. ومن هذه المناطق يخطط الحزب، لتوجيه صليات كثيفة من النيران في اتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية، يبدأ الخط الأول عند «الحدود الإسرائيلية» ويمتد شمالاً حتى نهر الليطاني، ويحتوي على عدد كبير من صواريخ «غراد» و»فجر» بمدى 75 كيلومتراً، ما يضع مستوطنات شمال «إسرائيل» في دائرة الاستهداف. كما تحتوي المنطقة على نوع ثالث من صواريخ «بركان»، يمتاز بمداه القصير وقوته النارية المدمرة، وهو استخدم بنجاح في معارك حزب الله مع المجموعات المسلحة في سوريا واثبت قدرة عالية على التدمير. كما أشار التقرير إلى أن خط الدفاع الأول في لبنان يحتوي أيضا على وجود مكثف للصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف.
«خط الدفاع» الثاني
أما خط الدفاع الثاني يبدأ عند نهر الليطاني ويمتد شمالاً حتى نهر الزهراني. وفي هذه المنطقة، وفقاً لتقييم «الما»، تنتشر صواريخ «زلزال» متوسطة المدى، التي يبلغ مداها 200 كيلومتراً، جنباً إلى جنب مع بطاريات حديثة مضادة للطائرات، فيما يشكل سهل البقاع شرقي لبنان، خلفية لوجستية وعملياتية للحزب، فضلا عن استضافته مصانع الأسلحة التي يبدو أنها تصنع مكونات للصواريخ الموجهة بدقة.
وما يقلق «اسرائيل» محاولات حزب الله تحويل صواريخ فاتح -110 إلى صواريخ موجهة، وهو امر بحسب التقرير يشكل تهديدا خطيرا لأنه يمنح الحزب القدرة على استهداف «المواقع الاستراتيجية الإسرائيلية» بدقة. وتوقع «الما» ان تتمكن «أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية» المتعددة الطبقات من وقع العديد من هذه الترسانة، إلا أنها لن تكون قادرة على اعتراض كل شيء بحسب مسؤولين امنيين وعسكريين سابقين في «اسرائيل».
"البناء": حاكم مصرف لبنان يشتري مزيدا من الوقت
محليًا أيضا، وإزاء الانسداد الحكومي والسياسي، بدأت الكواليس السياسية تضج بالحديث عن سيناريوات سياسية ودستورية للخروج من الأزمة على افتراض أن الحريري سينتهي به المطاف الى الاعتذار عن استكمال مسلسل التأليف. ومن هذه السيناريوات تكليف شخصية سنية بدل الحريري لتأليف الحكومة أو استقالة المستقبل والقوات اللبنانية والاشتراكي وقوى أخرى من المجلس النيابي لغسقاطه والذهاب الى انتخابات نيابية جديدة أو ذهاب رئيس الجمهورية ميشال عون الى تأليف حكومة عسكرية بإشرافه المباشر.
إلا أن مصادر مطلعة لـ»البناء» لفتت الى أن «كل هذه السيناريوات ليست صحيحة ولم يُصَر الى بحثها وبعيدة عن الدستور والواقع الطائفي والمذهبي والسياسي في لبنان». مشيرة الى أنه «لا تزال هناك إمكانية لنجاح المشاورات لتأليف حكومة برئاسة الحريري الذي لا يزال يملك فرصة جدية إذا ما بذل الجهود الحثيثة بالتعاون مع رئيس الجمهورية لتأليف الحكومة». ورأت المصادر أن «التعويل الأساسي على انفراجات حقيقية في المنطقة تنعكس ايجاباً على لبنان على المستويات السياسية والحكومية والاقتصادية، وإلا أي حكومة في لبنان بمعزل عن رئيسها وشكلها وبرنامجها اذا لم تنل الغطاء السياسي الدولي والاقليمي والخليجي والعربي لن يكتب لها النجاح وستكون حكومة الرئيس حسان دياب ثانية».
وأكدت مصادر المستقبل لـ»البناء» أن «الحديث عن خيار الاعتذار سابق لأوانه ولم يطرح بشكل جدي ولو أنه خيار على الطاولة إذا اقفلت كل السبل للحل، لكن هذا الخيار لن يفتح باب الحل الحكومي بل سيعقده أكثر». وأشار عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار الى أن «لا يزال الإصرار من قبل فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وفريق صهره النائب جبران باسيل على امتلاك أية حكومة، قائماً، وهذا الفريق مصر على تعطيل البلد في حال لم يحصل ما يريد». وأضاف: «لقاء وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان بالحريري ارتكز الى 3 نقاط: اولاً المبادرة الفرنسية قائمة وفرنسا لن تتدخل في شؤون لبنان، والنقطة الثانية هي ان فرنسا مستمرة بالوقوف الى جانب لبنان، والثالثة هي أن هناك عقوبات يتم تحضيرها».
وغداة مغادرة لودريان بيروت عائداً الى باريس خالي الوفاض، برز موقف تحذيري أوروبي على لسان الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنيّة، جوزيب بوريل، بقوله إن «بعض الدول الأوروبية قلقة للغاية إزاء تدهور الوضع في لبنان». وأضاف بوريل قبل بدء مباحثات وزراء الخارجية صباح الإثنين في بروكسل، إنه «بحث الأزمة مع وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة، يوم الأحد، معبراً عن أسفه لعدم تحسن الوضع في لبنان».
على صعيد آخر، برزت سلة التعاميم التي يصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بما يخصّ الوضع المالي والنقدي، ما يُخفي بحسب خبراء أهدافاً مبيتة يعمل على تحقيقها الحاكم لشراء الوقت والتنصل من المسؤولية ورميها على السلطة السياسية.
وبعد تعميمه الموسّع أمس الأول حول تسديد الودائع المصرفية تدريجياً وإعلان المنصة الإلكترونية ومسألة رفع الدعم، أصدر سلامة أمس، كتاباً إلى وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة عن «تعديل آلية بيع الدولار بالسعر الرسمي مقابل الليرة، بحيث تتطلب الآلية الجديدة الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان لأي طلبات جديدة».
في المقابل وجّه وزني كتاباً جوابيّاً لسلامة حول موضوع إطلاق منصّة الصيرفة، مبدياً موافقته للتنسيق معه على إطلاقها «بهدف المساعدة على تأمين ثبات القطع استناداً إلى أحكام المادة 75 من قانون النقد والتسليف»، بحسب بيان الوزارة.
وتعليقاً على التعميم المخصص لتسديد الودائع تدريجياً، أوضح رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، لـ»البناء» أن «أي مبادرة من هذا النوع يجب أن تأخذ بعين الاعتبار قدرة المصارف على تلبيتها. فالأهم أن يحصل توافق بين الطرفين، أي مصرف لبنان والمصارف، وبالتالي يحتاج تطبيق المبادرة الى نجاح المفاوضات بين مصرف لبنان والمصارف، إضافة الى تأمين التغطية القانونية، ويعني ذلك إقرار قانون الكابيتال كونترول في مجلس النواب». لكن وبحسب معلومات «البناء» فإنّ مشروع القانون لا يزال يقبع في أدراج المجلس النيابي ويخضع للتدقيق والدرس في لجنة المال والموازنة واللجان المشتركة. وهو محل خلاف بين القوى السياسية، وهناك صعوبة بالاتفاق على صيغة مشتركة، ما سيؤخر إقراره وبالتالي يؤخر تنفيذ تعميم المصرف المركزي الأخير الذي ربط بين الدفع التدريجي للودائع وبين إقرار القانون. إلا أن مصادر نيابية أكدت لـ»البناء» أن «لا علاقة بين إعادة الودائع إلى أصحابها وبين قانون الكابيتال كونترول الذي بتنا على وشك الانتهاء من درسه في اللجان النيابية على أن يتم عرضه على الهيئئة العامة في جلسة سيدعو اليها الرئيس بري بعد عيد الفطر».
في المقابل توضح مصادر سياسية مالية لـ»البناء» إلى أن «الهدف الأساسي للبنك المركزي من وراء مجمل التعاميم غير القانونية التي يطلقها هو شراء الوقت». وتضيف: «لنفترض أنّ بعض المصارف وفّرت سيولة بناء على تعميم 154 غير القانوني أصلاً، والذي يعتبر كل المصارف بالوضعية نفسها، علماً أن هناك مصارف أفضل وضعاً بأضعاف من مصارف أخرى؛ فكيف ستدفع المصارف التي لم تستطع تأمين سيولة؟». وتتساءل: «من أعطى البنك المركزي صلاحية التدخل القانونية في العلاقة بين المصارف والمودعين؟ وهي علاقة تنظمها عقود الإيداع والاقتراض، ولا علاقة للمركزي بالأمر، إلا فيما يتعلّق بسلامة النسب المالية لكل مصرف على حدة، لا على أساس وكأن كل المصارف وحدة حسابية واحدة. ولو كل المصارف التزمت وأمنت سيولة 3% حسب التعميم، ستؤمن مبلغ 3 مليارات. فمن أين ستقسط الباقي؟».
"اللواء": السلطة تمعن بالإستهتار.. والأمن الاجتماعي في خطر!
سياسياً، يترقب الوسط الرسمي والسياسي مسار تطورات الايام المقبلة بعد زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان والخطوة الفرنسية الجديدة بعد التلويح ببدء الاجراءات العقابية على معرقلي حل الازمة، فيما نشطت الاتصالات الداخلية على اساس مبادرة الرئيس نبيه بري الذي بدأ جس النبض باتصال معاونه السياسي النائب علي حسن خليل بالرئيس سعد الحريري، ولاقاه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتصال اجراه عضو كتلته النيابية وائل ابو فاعور ايضاً بالحريري. لكن حسب تيار «المستقبل» لم تعرف تفاصيل الاتصالات، وقالت: المطلوب الانتظار لنرى مسار التطورات بعد عطلة عيد الفطر.
في هذه الاثناء، تنهمك الاطراف المعنية بما وصفته مصادر متابعة عن كثب مرحلة تقييم مرحلة ما بعد زيارة لودريان، حيث يدرس الرئيس الحريري الخيارات المتاحة بين الاعتذار الباهظ الكلفة عليه وعلى تياره سياسيا وبين المضي في مشاورات تأليف الحكومة لكن وفق الحد الادنى من الشروط والمعايير الموضوعة من دون التنازل عن موقفه بعدم لقاء النائب جبران باسيل قبل تشكيل الحكومة.
بالمقابل، تقول اوساط مطلعة على موقف رئاسة الجمهورية ان دوائرها ما زالت ايضا في مرحلة التقييم للمرحلة الماضية ولم يُتخذ اي قرار برغم ان التواصل مستمر مع الفرنسيين، وان كل ما يتم التداول به عن اتصالات ومساعٍ جديدة لم يتبلغ بها القصر الجمهوري وليس معنياً بها بشكل مباشر الى حين حصول تطور يُعتد به.
وقالت أوساط سياسية لـ«اللواء» أن المشهد اللبناني قابل على متغيرات تتصل بترددات رفع الدعم وما يمكن ان يكون عليه المقابل سواء من خلال البطاقة التمويلية أو من خلال أي إجراء آخر. وقالت هذه الأوساط أن عدم الوضوح في الرؤية حتى الآن يفتح المجال أمام رسم تكهنات غبر سليمة لمسار الأوضاع في لبنان حتى وإن صدر تطمين من هنا أو هناك.
وأشارت إلى أن من هناك من يتحدث عن تضخيم ما قد يفضي إليه رفع الدعم لكن ما حقيقة الأمر تفيد أن اللبنانيين سيجدون أنفسهم في ليلة وضحاها أمام واقع ارتفاع جنوني للسلع والبنزين وغيره وغيره.
اوروبا تتابع
وبرغم الاجواء السلبية التي احاطت زيارة الوزيرلودريان، أكد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، «أن بعض الدول الأوروبية قلقة للغاية إزاء تدهور الوضع في لبنان».
وقال بوريل، قبل بدء مباحثات وزراء الخارجية صباح امس في بروكسل، إنه بحث الأزمة مع وزير الخارجية اللبناني شربل وهبة يوم الأحد، معبّراً عن أسفه لعدم تحسن الوضع في لبنان.
ومن المقرر أن يعرض الوزير لودريان، تقريراً على نظرائه حول نتائج زيارته منتصف الأسبوع الماضي إلى لبنان. وهدد لودريان من أنه إذا استمرت حالة المراوحة فقد يصار إلى «تشديد هذه الإجراءات أو توسيعها لتطال مسؤولين من دون أن يذكر أسماءهم.ويمكن أن تستكمل بأدوات ضغط متاحة لدى الاتحاد الأوروبي.
وشدد على أنه «يعود للمسؤولين اللبنانيين أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون الخروج من المأزق الذي وصلوا إليه».
وفي السياق، أفاد دبلوماسي أوروبي، في حديث لـ«العربية»، بأن «قسم العمل الخارجي الأوروبي وزّع ورقة خيارات على الدول الأعضاء، تشمل حوافز لتفعيل الشراكة مع لبنان، إذا تم تشكيل حكومة إصلاحات، لكن الورقة لا تستبعد خيار العقوبات».
وأضاف: إننا نتقدم خطوة خطوة باتجاه إجراءات ملموسة.
شنكر ينعى مفاوضات الترسيم
اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شينكر أن «الموقف الذي قدمه لبنان بشأن ترسيم الحدود لم يأت بحل، والإسرائيليون يستخرجون الآن الغاز، وعلى غير استعداد للتوصل الى اتفاق مع لبنان».
وقال في حديث لقناة «الحرة»: «لبنان يعتبر أن لديه كل الوقت، ونصرالله قال أمس أن المقاومة في وضع ممتاز ولا أحد يهتم بلبنان خاصة حزب الله».
وأضاف شينكر: «ولكن في هذا الوقت، سوريا تنتهك سيادة لبنان في الشمال وتبرم العقود مع شركات روسية للتنقيب واستخراج الغاز في المياه التابعة للبنان ولبنان لا يهتم بانتهاك سيادته من قبل سوريا فاعتقد أن هذه المفاوضات سخيفة ولن تنجح ومأسوف عليها».
إقرأ المزيد في: لبنان
22/11/2024