لبنان
حملة ضغط على لبنان..السعودية تحظر استيراد المنتجات الزراعيّة..والحكومة متعثرة
ركزت الصحف اللبنانية اليوم على القرار السعوديّ بإقفال الحدود أمام المنتجات الزراعية اللبنانية والذي شكل العنوان الأول للاهتمام الشعبي والسياسي والإعلامي، وقد رأى فيه البعض حملة ضغط جديدة على لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة، فيما لا تزال الحلول الداخلية والمبادرات الخارجية لتأليف الحكومة متعثرة.
السعودية تحظر استيراد المنتجات الزراعيّة اللبنانيّة: مملكة الحصار الاقتصادي
وفي هذا السياق، قالت صحيفة الأخبار إن ضبط شُحنة تهريب يعني نجاح جهود لتطويق هذه «العادة التجارية»، إلا أنّ السعودية قرّرت استغلال الكشف عن شُحنة «رمّان» جديدة تُخبأ بها حبوب الكبتاغون لوقف استيراد المنتجات الزراعية من لبنان، ومنع حتى مرورها من أراضيها!
واضافت الصحيفة إن 10 ملايين و10 آلاف حبة كبتاغون، حجم الشُّحنة التي ضبطتها السلطات السعودية على منفذ حدودي مع الإمارات في كانون الأول 2019، وقد وصفت السلطات السعودية يومها العملية بأنّها «من أكبر مُحاولات التهريب في السنوات الماضية». رغم ذلك، استمر التنسيق بين البلدين، ولم يُتخذ أي إجراء لتجميد العلاقة التجارية الثنائية.
ولفتت إلى أنه في كانون الأول 2020، أعلنت السعودية إحباط تهريب 8 ملايين و753 ألف حبّة كبتاعون من تركيا إلى داخل المملكة. تحوّل الموضوع إلى «وسمٍ» على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولات ضغط لوقف الاستيراد من تركيا… «دعوات» لم يحوّلها مطلقوها إلى أمر واقع، وبقي الأمر في حدود المقاطعة غير الرسمية لبعض البضائع التركية، التي انطلقت على خلفية التشنجات السياسية بين البلدين ولم تُربط يوماً بشحنة الكبتاغون.
واشارت "الأخبار" إلى أنه في 21 كانون الثاني 2021، أعلنت مديرية مكافحة المخدرات السعودية إحباط تهريب نحو 20 مليوناً و190 ألف قرص كبتاغون، عبر ميناء جدّة، مُخبّأة في شحنة عنب… ليتكرّر الأمر في الميناء نفسه في 5 نيسان الجاري، مع محاولة تهريب 5 ملايين و200 ألف قرص مخبأة داخل شحنة برتقال.
وأوضحت أن عمليات الضبط السابقة تقدّم كأمثلة عن جانب من «نشاط» تجارة المُخدرات في المملكة العربية السعودية، وهي ليست عصفوراً يُغرّد خارج السرب في موضوع تهريب الممنوعات. فالتقارير الصحافية والأمنية عديدة عن تفشّي هذا «الوباء» داخل أوروبا وفي الولايات المتحدة الأميركية وغيره من البلدان. تُعدّ الرياض واحدة من «بؤر» تجارة المخدرات ــــ الكبتاغون تحديداً ــــ في العالم، وباتت هذه المُشكلة تُمثّل تحدّياً أمام مُجتمعها. لكنّها لم تلجأ في أي من الحالات إلى تجميد العلاقات التجارية كما فعلت مع لبنان أمس، حين أعلنت وقف استيراد الخضر والفاكهة، بدءاً من يوم غد الأحد، «إلى حين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذها الإجراءات اللازمة لإيقاف عمليات تهريب المخدرات المُمنهجة ضدّها». وقد جاء في البيان الصادر عن سفارة السعودية لدى لبنان أنه «تزايد استهداف المملكة من قبل مُهربي المخدرات التي مصدرها لبنان أو التي تمرّ عبر الأراضي اللبنانية وتستخدم المنتجات اللبنانية لتهريب المخدرات إلى أراضي المملكة… ونظراً إلى عدم اتخاذ إجراءات عملية لوقف تلك الممارسات تجاه المملكة، على الرغم من المحاولات العديدة لحثّ السلطات اللبنانية المعنية على ذلك، فقد تقرّر منع دخول إرسالية الخضروات والفواكه إلى الممكلة أو العبور من خلال أراضيها».
وقالت "الأخبار" إن الجهات السعودية تتجاهل أنّ لبنان، وتحديداً عناصر الجمارك فيه، ضبطوا بتاريخ 3 شباط الماضي شُحنة من 5 ملايين حبّة كبتاغون كان ستُصدّر إليها. وقبل ذلك، أنقذ لبنان «مواطني المملكة والمقيمين على أراضيها من كلّ ما يؤثّر على سلامتهم»، حين أُلقي في تشرين الأول عام 2015، على الأمير السعودي «صاحب السمو الملكي» عبد المحسن بن وليد آل سعود، مُتلبّساً بتهريب نحو 2 طن من حبوب الكبتاغون في مطار بيروت. عبد المحسن ــــ الذي بات معروفاً باسم «أمير الكبتاغون» ــــ كشف عن تورّط أفراد من العائلة الحاكمة، ليس في تعاطي المخدرات فحسب، بل أيضاً في الإتجار بها وتهريبها من لبنان في طائرة تحظى بحصانة ملَكية! التحقيقات يومها أظهرت أيضاً أنّ أميراً ثانياً هو «مُشتبهٌ فيه»، وبعدما عاش عبد المحسن «في عزّ» مُكرّماً داخل زنزانته، نجحت التدخلات من السلطات السعودية في شراء براءته ولصق التهمة بمرافقه.
واشارت الصحيفة إلى أن السعودية لا تُريد مكافحة تجارة الكبتاغون، بل اتخذت من شحنة الرمّان ذريعة لتُطبق حصاراً سياسياً على لبنان. وبعدما فقدت أدوات التغيير السياسية أو العسكرية، وتيقّنت من أن ميزان القوى لا يميل إلى مصلحتها، وجدت أمامها الورقة التجارية لتلوي بها ذراع خصمها. وهكذا قرّرت «مملكة الخير» ضَرب لبنان بواحد من «امتيازاته» القليلة، وهي صادراته الزراعية المحدودة. الأذى لم يقتصر على منع إدخالها إلى السعودية، بل حتى منع أن تكون أراضيها ممرّاً للبضائع اللبنانية، من الأحد وحتى التاريخ الذي يرضى فيه وليّ العهد محمد بن سلمان عن لبنان، أو يُطلب منه ذلك. هي نفسها الدولة التي تضغط على دول عربية أخرى لمنع تأمين أي مساعدة للبنان. غيضٌ من فيض حصار سياسي واقتصادي، يهدف إلى تحطيم الهيكل فوق كلّ ساكنيه، بعدما تعذّر على الرياض بتحالفها مع العدّو الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية وبقية «الحلفاء» جعل البلد محميّة سياسيّة خالصة لهم.
واضافت "الأخبار" إن السعودية توحي في بيانها أنّها «ناشدت» الجهات اللبنانية وقف عمليات التهريب، من دون الاستجابة لطلبها. إلا أنّ مصادر دبلوماسية وأمنية تؤكّد أنّ «أحداً لم يتواصل معها أو يطلب التنسيق. والسعودية لم تُسلّم أي ملفّ يتعلّق بتهريب الكبتاغون، وحتى يوم أمس لم تُقدّم المعلومات المطلوبة، كمعرفة المُصدّر مثلاً». وتُضيف المصادر الدبلوماسية إنّه «لم يحصل في العالم أن كان التهريب سبباً لوقف العلاقة التجارية، وربما يكون من أكبر الأمثلة على ذلك العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك». فمعالجة التهريب تتمّ «بطلب زيادة التعاون الأمني والملاحقة وغيره»، وخاصة أنّ للمُهربين «أساليبهم التي ينجحون عبرها في التحايل على كلّ الإجراءات». لذلك، التحليل الأولي يقود إلى «بُعد سياسي للقرار السعودي». يُضاف إلى ذلك، كلام رئيس تجمّع المزارعين والفلّاحين في البقاع إبراهيم الترشيشي، الذي قال إنّ السعودية «تستورد وحدها ما يزيد على 50 ألف طن سنوياً من الإنتاجات اللبنانية الزراعية»، مُضيفاً إنّ «الشاحنة الأخيرة مُحمّلة بالرمّان، ونحن لا نملك رمّاناً لنُصدّره بل نستورده»، قائلاً إنّ مصدر الشاحنة هو سوريا.
واشارت إلى أنه كما درجت العادة، ما كادت السعودية تُصدر بيانها حتى انطلقت «فرقة الندّيبة» لتندب علاقات لبنان العربية، وتحديداً الخليجية، وتشنّ هجوماً على حزب الله و«تستنجد» رضى الرياض. وفي مقدمة هؤلاء يأتي بيان وزارة الخارجية والمغتربين التي، عوض أن ترفع توصية بالمبادلة بالمثل وطلب منع استيراد الألبان والأجبان من السعودية، أصدرت بياناً تدعو فيه السلطات اللبنانية إلى «ضبط كلّ عمليات التهريب عبر تكثيف نشاط الأجهزة الأمنية والجمارك على المعابر في ضوء القوانين التي تجرّم الاتجار وتهريب وتعاطي المخدرات، لقمع هذه الآفة وتفشيها ومنع الإضرار بالمواطنين الأبرياء وبالمزارعين والصناعيين والاقتصاد اللبناني».
"البناء": قرار سعوديّ صادم بإغلاق فوريّ للحدود أمام لبنان
من جهتها، قالت صحيفة "البناء" إن القرار السعوديّ بإقفال الحدود أمام المنتجات الزراعية اللبنانية العنوان الأول للاهتمام الشعبي والسياسي والإعلامي، فالقرار المستند الى اتهام سعودي للمصدرين اللبنانيين بتهريب المخدرات، طرح أسئلة من نوع، هل سبق وحاولت السلطات السعودية متابعة الملف مع الجهات الأمنية المعنية في لبنان، وبينها أصدقاء للسعودية، ووصلت الى طريق مسدود، وطالبت السلطات الحكومية والسياسية عبر سفيرها في لبنان وزياراته للمسؤولين، وعندما لم تجد جواباً، اضطرت لهذا القرار؟ أم أن الأمر مجرد ذريعة، خصوصاً أن مراجع عديدة في الدولة قالت إنها فوجئت بالقرار وخلفياته، فيما قالت مصادر أمنية إن ملف تهريب المخدرات قضية عالمية شائكة تعرف السعودية المصاعب التي تعترض طريق ضبطها، وقد سبق وتدخل السعوديون رسمياً مع لبنان لإطلاق أحد الأمراء الذين تورّطوا بعمليات التهريب، وعُرف باسم أمير الكابتاغون، كما تعلم السلطات السعودية ان دولاً كبرى وامكاناتها تفوق امكانات لبنان كثيراً تعاني الكثير في عمليات الملاحقة والضبط لشبكات التهريب.
وقالت المصادر إن قراراً بحجم إغلاق الحدود أمام المنتجات الزراعية اللبنانية في ظرف شديد القسوة على اللبنانيين، في ظل الانهيار المالي والاختناق الاقتصادي ربما يكون أشد صعوبة وقسوة على لبنان من قرار منع السياح السعوديين من المجيء الى لبنان، فهل هو عقوبة إضافية لتسريع الانهيار اللبناني، وإعلان عدم جهوزية سعودية للتعاون مع الحكومة المقبلة في تقديم أي مساعدة للبنان، كردّ على التساؤلات عن كيفية التعامل السعودي عندما يتم تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، أم هو فتح الباب أمام فك وتركيب الساحة السياسية التي يتحرّك فيها الحريري وسواه من قيادات الطائفة التي تنتج رؤساء الحكومات وتعتبر السعودية راعياً إقليمياً لهذه القيادات، بما يترتب على الإقفال من اتصالات يفترض أن تظهر للبنانيين مَن هي الشخصية التي تملك مفاتيح الحل والربط مع السعودية؛ وبالتالي إن كان الرئيس المكلف فتلك تزكية له للنجاح بمهمته، وإن كان سواه فهي رسالة واضحة بالدعوة لتنحّيه، وتكليف من يستطيع التحدث مع السعودية والحصول على دعمها ومساعدتها للحكومة الجديدة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في الملف القضائي المفتوح تحت عنواني، القاضية غادة عون والتحويلات التي أجرتها شركة مكتف، تحدثت مصادر حقوقية عن أيام حاسمة ستظهر من جهة حجم ومضمون الداتا الخاصة بالتحويلات التي تمكنت القاضية غادة عون من الوصول اليها، ومن جهة موازية طبيعة المسار الذي ستسلكه هيئة التفتيش القضائي في التعامل مع ملف عون. وقالت المصادر إن الترابط بين الملفين سيقرّر مصيرهما. فالتسريبات الكثيرة حول ما وصل إلى أيدي التحقيق الذي تجريه عون، لم تحسم الغموض والأسئلة، بانتظار أن توضحها الوقائع التي ستبني عليها عون خطواتها اللاحقة في التحقيق، وفي مطالعتها أمام التفتيش القضائي، الذي سيختلف موقفه من القاضية إذا أثبتت جدية الملف الذي أصرّت على متابعته، مما إذا كانت النتائج مجرد استعراض إعلامي.
وبينت أنه بقي الانقسام القضائيّ حيال ملف النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون في صدارة المشهد الداخلي. فبعد المداهمة الأخيرة لمكاتب شركة مكتف للصيرفة ومصادرة ملفات وداتا المعلومات، مثلت عون أمام رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد أمس، في قصر العدل في بيروت على مدى أربع ساعات. وأفادت المعلومات أن الجلسة لم تتناول ملف شركة مكتف للصيرفة فقط وإنما هي جلسة مسلكيّة تناولت كل الشكاوى وكل مسلكية القاضية عون وأكثر من 23 دعوى مقدّمة بحقها، وأشارت المعلومات إلى أن عون ستتقدّم الاثنين المقبل بشكوى ضد مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لمخالفته القانون بالتعميم الذي أصدره حول توزيع الأعمال في النيابة العامة الاستئنافية. وأضافت المعلومات أن القاضية عون خرجت مرتاحة من الاجتماع بعدما أجابت على جميع الأسئلة المطروحة وهي أكدت متابعة الملف.
وقالت مصادر مطلعة لـ"البناء" إن «ضغوطاً كبيرة تمارس من قبل سياسيين ومصرفيين ونافذين في الدولة على القضاء وعلى المجلس النيابي لإقفال ولفلفة ملف تهريب الأموال إلى الخارج الذي تلاحقه القاضية عون وذلك بعدما باتت الملفات التي تفضح كل الأسماء الذين أجروا تحويلات مصرفية إلى الخارج بحوزة عون». وفي موازاة محاولة القاضي عويدات كف يد القاضية عون عن الملف وتطويقها عبر مجلس القضاء الأعلى من جهة وإحالتها إلى التفتيش القضائي من جهة ثانية، كان لافتاً اقتراح القانون الذي طرحته لجنة المال والموازنة النيابية لاستعادة الأموال المحولة للخارج بعد 17 تشرين الأول 2019، حيث تبين بحسب مصادر اللجنة أن «الاقتراح يساوي بين استعادة أموال فاسدي الدولة والمصارف وبين الأموال الشرعية للمواطن والمغترب». ورفضت المصادر الخلط بين أموال الفساد والمال الشرعيّ للناس.
وتساءلت مصادر نيابية لـ"البناء" أين هي القوانين التي أقرّت في المجلس النيابي لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى الخارج؟ ولماذا لم تطبق رغم مضي أشهر وسنوات على إقرارها؟ وأين دور القضاء على هذا الصعيد؟ فهل يُعقل أن نرى هذا الكم الهائل من الفساد في مختلف القطاعات والمؤسسات لا سيما في مصرف لبنان والمصارف وشركات الصيرفة ولا نرى القضاء أوقف فاسداً واحداً؟ ألم يكن يعلم القضاء بملف مكتف ومليارات الدولارات التي هربتها إلى الخارج؟ في ظل معلومات تتحدّث عن تورط شركة مكتف أيضاً وغيرها من شركات الصيرفة الكبرى بإدارة عمليات التطبيقات الإلكترونية بالتآمر على النقد الوطني من خلال التلاعب بأسعار صرف الدولار يومياً؟
وقالت الصحيفة إنه في غضون ذلك، لا تزال الحلول الداخلية والمبادرات الخارجية لتأليف الحكومة متعثرة، فيما يستمر لبنان بالانزلاق إلى قعر الهاوية من دون رادع. فبات الحل للأزمة اللبنانية بعيد المنال، وكذلك التعايش بين رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل من جهة والرئيس المكلف سعد الحريري وفريقه السياسيّ من جهة ثانية أشبه بالمستحيل، بحسب أوساط سياسية لـ"البناء". ما يفرض على أحدهما أن يخرج من المعادلة، وهذا أمر صعب أيضاً.
واستبعد النائب ياسين جابر «وجود أي مخارج للملف الحكومي في الأفق في ظل الفوضى المقلقة وتحلل الدولة وعدم اكتراث خارجي بعد فشل كل المحاولات أمام التعنت الداخلي»، معتبراً أن «المبادرة الفرنسيّة مطروحة لكنها اصطدمت بالتصلب الداخلي في المواقف». ونفى جابر «أن يكون سمع من الموفد الأميركي ديفيد هيل خلال الإفطار لدى الرئيس نجيب ميقاتي، أن المخرج للأزمة يكون برحيل عون والحريري، لكنه أكد أنه سمع ألا فيتو على أحد من الأحزاب للمشاركة في الحكومة التي تحض واشنطن على تشكيلها سريعاً». وقال «إذا كانت هناك نية حقيقة بالتغيير والإصلاح، لا يزال المجال متاحاً قبل فوات الأوان».
واشارت الصحيفة إلى أن مواقف الحريري من الفاتيكان أثارت تساؤلات عدة حول خلفياتها وأهدافها، وأفيد أن مصادر دبلوماسية في الفاتيكان، أبدت امتعاضها من كلام الحريري، الذي هاجم فيه رئيس الجمهورية وموقع رئاسة الجمهورية في كان حين لا يزال ضمن الزيارة، خصوصاً أن الفاتيكان يريد أن يكون على مسافة واحدة من الأفرقاء كافة، الأمر الذي تجسد في البيان الصادر بعد اللقاء، الذي نقل عن لسان البابا أمله بأن يتمكن لبنان بمساعدة المجتمع الدولي أن يجسد مرة أخرى أرض الأرز والتنوع، الذي يتحول من ضعف إلى قوة في شعب عظيم متصالح، داعياً إلى أن يكون أرض اللقاء والتعايش والتعدّدية». ولفتت المصادر إلى أن «زيارة الحريري جاءت بناء على طلب منه لا بناء على دعوة وجّهت له من قبل الفاتيكان». ورجّحت مصادر التيار الوطني الحر أن «تكون هناك جهة محليّة معيّنة وراء دفع رئيس الحكومة المكلف إلى إطلاق هذه المواقف من على منبر الفاتيكان».
وتحذّر جهات في فريق المقاومة بأن أزمة لبنان طويلة جداً ويجب الإعداد لمواجهات شاملة على كافة الصعد السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية وحتى العسكرية في ظل المستجدات الميدانيّة الأخيرة على الجبهة السورية الإسرائيلية. وتكشف لـ"البناء" أن هناك قراراً خارجياً بحصار لبنان على كافة الصعد حتى إخضاعه للشروط السياسية الدولية المتعلقة بالقضايا السيادية، كملف سلاح حزب الله وأزمة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين وملف ترسيم الحدود البحرية في ظل الموقف الأميركي الواضح برفض منح لبنان حقوقاً نفطيّة وغازيّة خارج الخط الذي رسمه الوسيط الأميركي «فديريك هوف». وتضيف الجهات بأن «الفريق الأميركي – السعودي في لبنان يعمل على إنتاج حكومة بمعادلة تسمح بتنفيذ كل هذه المطالب إضافة إلى تطبيق شروط صندوق النقد الدولي القاسية التي ستؤدي حكماً إلى انفجار شعبي في الشارع. لذلك في ظل الاستعصاء الداخلي فليس أمام لبنان سوى انتظار لحظة تقاطع المصالح الإقليمية – الدولية لتفتح باب الحلول في الداخل».
ولفتت "البناء" إلى أنه ما بين الانفراج والانفجار، سيقف لبنان على فوهة محمومة من الملفات المتفجرة التي ستكون محور الصراع بين مربع بعبدا – بيت الوسط – عين التينة – القصر الحكومي. وهذه الملفات التي ستطبع المشهد الداخلي هي التدقيق الجنائي – هجوم الفريق العوني بقيادة القاضية غادة عون في ملف استعادة الأموال المهربة وكشف مصير ودائع اللبنانيين في المصارف، والملف الثالث رفع الدعم التي أكدت مصادر نيابية لـ»البناء» أنه سيحصل في نهاية شهر أيار المقبل.
"النهار": الانهيارات الى تسارع وصدمة جديدة سعودية
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه ليس غريباً ان يستجير اللبناني وهو يقف امام مسلسل الفضائح والصدمات اليومية التي يتلقاها تحت وطأة السلطة التي تخطت كل الأرقام القياسية للفشل والعجز والفساد والتفلت والتخبط، بشعر المتنبي "فصرت اذا اصابتني سهام تكسرت النصال على النصال". واضافت "بوتيرة مخيفة تزداد سرعة انزلاق لبنان الى مهالك تفتت المؤسسات وتفريخ أزمات متزايدة بوتيرة شبه يومية، فلا يكاد يمر يوم الا ويفتح ملف فضائي جديد، او تنفجر فضيحة إضافية، او تتعرض سمعة لبنان لمزيد من التشويه والهلهلة على نحو لم يسبق حصول ما يماثله حتى في حقبات الفوضى الشاملة وانحلال الدولة تماما خلال حقبات الحرب".
واشارت إلى أنه قبل ان تبرد ملامح "المهادنة" التي غاب معها مشهد القاضية غادة عون عن يوميات اقتحامات عوكر لشركة مكتف لاضطرار القاضية المتمردة أخيرا الى المثول امام هيئة التفتيش القضائي، انفجرت فضيحة تهريب الممنوعات والمخدرات من لبنان الى أراضي المملكة العربية السعودية التي يبدو ان كأسها قد فاضت بعمليات التهريب هذه، فعمدت الى اتخاذ إجراء قاس وصارم فورا، بمنع ادخال كل أنواع الصادرات الزراعية اللبنانية والآتية الى المملكة من لبنان.
واشارت إلى أن الاجراء السعودي اتسم بدلالات بالغة السلبية على لبنان اقتصاديا ومعنويا وديبلوماسيا، اذ يشكل صدمة قاسية جديدة لعلاقات البلدين التي تأثرت تأثرا سلبيا عميقا في السنوات الأخيرة بسبب تعرض المملكة لحملات سياسية وإعلامية عنيفة من حزب الله متصلة بتورط الحزب عبر المحور الإيراني في حرب اليمن واعتداءات الحوثيين على المملكة. واذا كانت عمليات تهريب الممنوعات الى المملكة سواء من المعابر البرية اللبنانية - السورية او المعابر البحرية تفتح مجددا اخطر مسارب الخطر الاقتصادي والأمني التي تساهم في انهيار لبنان واقتصاده وما تبقى له من علاقات عربية وخليجية يمكنها ان تعين اللبنانيين على الصمود في أسوأ ظروف تطبق عليهم، فان سؤالا تردد فورا امس في الكواليس الديبلوماسية والسياسية حول ما اذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون سيبادر الى تحرك فوري ما لاحتواء تداعيات هذه الصدمة الخطيرة ام يتركها متجاهلا آثارها ؟ ما املى طرح هذا السؤال ان الرئيس عون فاجأ الجميع اول من امس بدعوته رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ووزيري الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية الى اجتماع استثنائي لمجرد ان نقل اليه ان القوى الأمنية استعملت الخشونة مع انصار غادة عون من التيار العوني بعدما أمعنوا اعتداء على املاك شركة مكتف. افلا يستأهل اذاً قرار دولة بحجم ومكانة السعودية وتاريخها مع لبنان اجتماعا طارئا لوضع الأجهزة الأمنية امام مسؤولياتها في وضع حد للتراخي والتواطؤ والفساد بعدما دفع اللبنانيون الاثمان الباهظة للتهريب الى سوريا والان يتهدد التهريب الى السعودية المزارعين اللبنانيين في كل المناطق ؟
وقالت إنه بعد اكتشاف كميات مهربة من مادة الأمفيتامين (المستعملة في تصنيع الكبتاغون) في شحنات من الخضر المتجهة إلى السعودية، أعلنت وزارة الداخلية السعودية "منع دخول إرساليات الخضر والفواكه اللبنانية إلى المملكة أو العبور من خلال أراضيها بدءا من الساعة التاسعة من صباح (غد) الأحد، وذلك الى حين تقديم السلطات اللبنانية المعنية ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذهم الاجراءات اللازمة لايقاف عمليات التهريب الممنهجة ضد المملكة". وأشارت الوزارة الى أن خطوتها هذه تأتي في إطار "الحرص على حماية مواطني المملكة والمقيمين على أراضيها من كل ما يؤثر على سلامتهم وأمنهم".
تداعيات الكساد
وأوضحت الصحيفة أن القرار جاء في وقت يمر به لبنان في ظروف اقتصادية صعبة، فيما تداعياته ستكون كارثية على المزارعين على نحو سيؤدي الى تكديس الإنتاج الزراعي اللبناني وتحديدا الحمضيات والبطاطا، خصوصا ان السعودية تأتي في المرتبة الثانية بحجم الكميات المصدرة بعد الكويت (أكثر من 50%) يباع بعضها في السوق السعودية فيما يذهب بعضها الآخر عبرها نحو الإمارات وسلطنة عمان وقطر. وهذا القرار يعني وفق ما يؤكد رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين انطوان الحويك لـ"النهار" كسادا للمنتجات الزراعية على نحو سيؤدي الى انهيار الاسعار نتيجة كثرة العرض وقلة الطلب، لافتا الى أن من بين 300 ألف طن من المنتجات الزراعية التي يتم تصديرها سيبقى 150 ألف طن في لبنان وهي كمية فائضة عن حاجة السوق اللبنانية.
ولفتت إلى أن كساد الانتاج الزراعي سيقفل منفذاً مهماً من منافذ إدخال الدولار إلى البلاد بفعل توقف التصدير الى السعودية علما أن نحو 88% من الصادرات اللبنانية هي صادرات زراعية، حصة السعودية منها 50 الف طن قيمتها 24 مليون دولار اي 16% من اجمالي الصادرات. وتستورد السعودية والدول الخليجية التي تمر الشاحنات لتصل اليها بالسعودية من لبنان نحو 173.3 الف طن اي ما نسبته 55.4 % من اجمالي صادرات لبنان من الخضر والفاكهة.
وأعلنت وزارة الخارجية انها تبلغت من السفارة السعودية مضمون القرار السعودي القاضي بمنع دخول الخضار والفواكه الى اراضيها من لبنان قبل اعلانه ونقل الوزير شربل وهبه الموضوع الى كبار المسؤولين. ص5
العقوبات الأوروبية
وقالت إنه ليس بعيدا من أجواء التداعيات المدمرة التي يتعرض لها لبنان في ظل تمادي ازمة تشكيل الحكومة الجديدة، أكد امس المتحدث باسم السياسة الخارجية والأمن الأوروبي بيتر ستانو أن "العقوبات في حق مسؤولين لبنانيين متاحة ولكن لم يتم اتخاذ القرار بعد، مشددا على أننا "نفكر بعقوبات على من يعيق إيجاد الحلول بلبنان".
وأعلن ستانو ان "الحوافز والعقوبات تجاه لبنان لا تزال مجرد نقاشات داخلية"، مؤكداً أن قرارا سيتخذ بشأن لبنان قريبا لأن الوضع طارئ. وقال " نعرف الصعوبات التي يواجهها الشعب اللبناني، وندعمه لكن سنكون صارمين مع المعرقلين".
غادة عون والتفتيش
ولفتت الصحيفة إلى أنه وسط هذه الاجواء، بقي ملف القاضية غادة عون في الواجهة ولو مع غياب العراضات الشعبية والإعلامية للأنصار العونيين. وقد مثلت عون امام رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد في قصر العدل في بيروت على مدى اربع ساعات، وافيد ان الجلسة لم تتناول ملف شركة مكتف للصيرفة فقط وإنما هي جلسة مسلكية تناولت كل الشكاوى وكل مسلكية القاضية عون واكثر من 23 دعوى مقدمة بحقها . وفي انتظار القرار الذي سيصدره التفتيش القضائي في حقها افادت معلومات ان عون ستتقدم بشكوى ضد مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لمخالفته القانون بالتعميم الذي اصدره حول توزيع الاعمال في النيابة العامة الاستئنافية.
إقرأ المزيد في: لبنان
01/11/2024