معركة أولي البأس

 

لبنان

20/04/2021

"إنقسام القضاء" أمام جلسة حاسمة.. وخطوط الحكومة بلا حرارة

لا يزال ملف الإنقسام القضائي متصدراً للأحداث اللبنانية بعيداً عن خط تشكيل الحكومة الذي يفتقر إلى خطوات جدية من بعض الأطراف السياسية، والإكتفاء بزيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى الدوحة.

وتتجه الأنظار اليوم إلى جسلة مجلس القضاء الأعلى للمرة الثانية، وقراره بالاستماع للقاضية غادة عون، في ضوء رفضها تنفيذ قرار مدعي عام التمييز غسان عويدات بنقل ملف القضية الأخيرة الى المدعي العام المالي علي إبراهيم، حيث من المنتظر أن تحضر عون الاجتماع اليوم مستبقة ذلك بتقديم دعاوى ضد عويدات لإبطال قراراته. 

إلى ذلك، تطوّر جديد طرأ على ملف ترسيم الحدود الجنوبية، تمثّل في "اكتشاف" الجيش اللبناني دراسة جديدة، تُدخل تعديلات على التصوّر الذي سبق أن قدّمه من أجل ترسيم الحدود الجنوبية.

الجيش  «يكتشف» خطاً جديداً للحدود الجنوبية 

بداية مع صحيفة الأخبار التي رأت أن التعامل مع ملفّ تر سيم الحدود الجنوبية يجري بالكثير من الخفّة. فبعد تعديل «الحق» اللبناني من 860 كيلومتراً مربعاً إلى 2290 كيلومتراً مربعاً، «اكتشف» فريق قائد الجيش العماد جوزف عون خطاً جديداً، قرّر أن يسمّيه «خط قانا»، يعطي لبنان نحو 1300 كيلومتر مربع. وقد عُرض الاقتراح على رئيس الجمهورية الذي يصرّ على تأمين موقف وطني موحّد خلف قرار الترسيم. الرئيس نفسه لا يرى أملاً بتأليف قريب للحكومة، ويركّز اهتمامه على ملف التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، مطالباً القضاء بكفّ يد رياض سلامة عن متابعة عمله!

ولفتت الصحيفة إلى التطوّر الجديد الذي طرأ على ملف ترسيم الحدود الجنوبية، وتمثّل في «اكتشاف» فريق قائد الجيش العماد جوزف عون، دراسة جديدة، تُدخل تعديلات على التصوّر الذي سبق أن قدّمه الفريق نفسه من أجل ترسيم الحدود الجنوبية. التعديل الجديد يحتسب «نصف تأثير لصخرة تخيليت الواقعة قبالة الشواطئ الفلسطينية»، ما يدفع خط الحدود «إلى الشمال قليلاً ليضيف مساحة 1300 كلم مربع إلى المنطقة الاقتصادية، وليس 2300 كلم مربع، أي بزيادة نحو 450 كيلومتراً مربعاً على الـ 860 كيلومتراً مربعاً التي كانت مطروحة يوم بدأت المفاوضات. وبحسب مصادر مطّلعة، فإن قائد الجيش أعدّ الخطّ أول من أمس، وأطلق عليه اسم «خط قانا»، بمناسبة ذكرى مجزرة قانا!

وحتى اللحظة، لا يُظهر التعامل مع ملف ترسيم الحدود سوى الكثير من الخفّة، رغم كل ما فيه من خطورة على الأمن الوطني. ففي الأشهر الماضية، تغيّر تصوّر فريق قائد الجيش للحدود، ثلاث مرات، من دون طرح أيّ خط أحمر لا يمكن التراجع عنه. بل يجري التعامل مع جميع الخطوط كأوراق للتفاوض، كما لو أن العدوّ الإسرائيلي لا يملك القوة ولا الحيلة ولا الخبرات التفاوضية، ولا الدعم الأميركي اللامحدود، وما على لبنان سوى «زركه» في الزاوية بتعدّد الخطوط، وتحريكها تارة إلى الجنوب وطوراً إلى الشمال، لدفعه إلى التنازل.

وتابعت الأخبار أن الرئيس ميشال عون، الذي يفكر في ضرورة توفير قاعدة وطنية جامعة حول الموقف من ترسيم الحدود، أوفد أمس أحد مساعديه، برفقة اللواء عباس إبراهيم، الى الرئيس نبيه بري لسؤاله التنسيق حول الموقف. لكن بري كان حاداً في مقاربته لجهة قوله «عندما كان الملف معي، كانت الأمور تسير وفق ما هو مناسب مع المصلحة الوطنية، وها هو الملف صار بعهدتكم وأنا أوافق على ما ترونه أنتم ولا أريد الدخول في أي نقاش حول الترسيم».

ومن المفترض أن يصار اليوم الى عقد اجتماعات إضافية لفريق التفاوض العسكري من أجل تنظيم اقتراح مرسوم تعديل الحدود بصيغة جديدة، مع مراعاة «المخاطر» الناجمة عن التهديد الأميركي بوقف أيّ مساعٍ لإطلاق المفاوضات من جديد وبأن «إسرائيل» لن تتوقف عن مشروع استخراج الغاز من المنطقة التي يقول الجيش إنها لبنانية، وهو المشروع الذي سينطلق في حزيران المقبل. فقبل زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، لبيروت الأسبوع الفائت، كان فريق قائد الجيش يجزم بأن العدو سيوقف خططه لاستخراج الغاز من الحقول القريبة من الحدود، فور تحوّلها إلى منطقة متنازع عليها. وتحويلها إلى «متنازع عليها» لا يحتاج سوى إلى إرسال لبنان كتاباً إلى الأمم المتحدة يبلغها فيها بحدوده الجديدة. إلا أن هيل أكّد للذين التقاهم، ومن بينهم قائد الجيش، ما سبق أن قالته السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، لجهة أن «إسرائيل لن تكترث بالرسالة اللبنانية، ولن توقف مشروع استخراج الغاز في حزيران المقبل».

بحسب الأبخار «مفاجآت» ترسيم الحدود الجنوبية لم تقف عند ما سبق. فرئيس الجمهورية، المعني الأول بالتفاوض، لم يكن على علم بأنّ العدوّ أنجز، منذ سنوات، عمليات استكشاف النفط والغاز في منطقة الحدود! وبحسب مصادر بعبدا، لم تكن قيادة الجيش قد أبلغته بهذا الواقع، وأنه كان يعتقد بأنّ ما سيبدأ في حزيران المقبل هو عمليات استكشاف لا عمليات استخراج للغاز! ووصلت إلى عون آراء تجزم بأن موقف لبنان سيكون ضعيفاً، لأنه لم يسبق أن طالب بالمنطقة الواقعة جنوبي الـ 860 كيلومتراً مربعاً، رغم علمه سابقاً بأن «إسرائيل» أنجزت كل عمليات الاستكشاف والدراسات، وصولاً إلى «بيع» حقول الغاز لشركات أوروبية، مع ما يعنيه ذلك من تبعات مالية كبيرة سيتكبدها لبنان في حال فرضه وقف التنقيب، ولم يتمكّن لاحقاً من إثبات حقه!

إحالة الم لف إلى التفتيش أم القاضية.. لا طروحات حكومية جديدة 

بدورها "البناء" علّقت على زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الى قطر، التي وصفتها مصادرها بأنها تشكل العمل الوحيد الذي يقوم به المسؤولون السياسيون في محاولة تأخير الانهيار، فالمبادرات السياسية الهادفة لتحريك المسار الحكومي تعطلت، ولا أفق لتحركها مجدداً، والزيارات الخارجية التي يقوم بها الأطراف بما فيها جولات الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، تظهير للقوة السياسية في سياق التجاذب الداخلي، وإن كانت لحشد الدعم للبنان فهي لن تأتي بنتائج قبل تشكيل حكومة لا تبدو الجهود لتذليل العقبات من طريق ولادتها، ترجمة للثقة بحجم الدعم الذي يجري الحديث عنه لما بعدها، ويضع المصدر زيارة الحريري الى الفاتيكان كما زيارة النائب جبران باسيل كرئيس للتيار الوطني الحر الى موسكو في سياق شرح المواقف، وإثبات عدم المسؤولية عن الأزمة الحكوميّة.

وفي الشأن القضائي الذي تصدّر المشهد خلال الأيام القليلة الماضية، مع الحملة التي تقودها القاضية غادة عون تحت عنوان كشف أسرار التحويلات المالية الى الخارج، من خلال مداهمة مكاتب شركة مكتف للصيرفة، أشارت إلى انعقاد مجلس القضاء الأعلى للمرة الثانية اليوم بعد اجتماعه أمس، وقراره بالاستماع للقاضية عون، في ضوء رفضها تنفيذ قرار مدعي عام التمييز غسان عويدات بنقل ملف القضية الى المدعي العام المالي علي إبراهيم وفقاً لقرار جديد أصدره أمس بعد قرار سابق بتكليف القاضي سامر ريشا بتولي الملف، ووفق المصادر المتابعة فإن القاضية عون ستحضر الاجتماع اليوم وستسبقه بتقديم دعاوى ضد مدّعي عام التمييز لإبطال قراراته، وسيكون على مجلس القضاء الأعلى الذي كان سيضع عون بين خياري الالتزام بقرار عويدات، والإحالة الى التفتيش القضائيّ، أن يختار بين إحالة عون التي سترفض الامتثال لقرار عويدات، أو إحالة ملف القضية بشقيها، ادعاء عويدات على عون وإدعاء عون على عويدات الى التفتيش القضائي، وفقاً لما سبق ودعت اليه وزيرة العدل ماري كلود نجم.

أما حول التأليف الحكومي  فاعتبر مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» أن لا طروحات جديدة تتصل بالملف الحكومي، سوى مبادرة الرئيس نبيه بري التي يجب على المعطلين التسليم بالأمر الواقع والقبول بالمبادرة خاصة أن أياً يكن عدد الوزراء، فان لا ثلث معطل لأي مكوّن سياسي في الحكومة العتيدة مهما علت الشروط العونية، وبحسب مصادر الحريري على الرئيس عون أن يدرك أن الانهيار يصيب المؤسسات القضائية والمالية والاقتصادية ويجب العمل على تسهيل التأليف بدلاً من العرقلة ووضع الشروط والدعوة الى إجراء مقايضة تصب في مصلحة النائب جبران باسيل.

وحذّرت أوساط كتلة التنمية والتحرير من حالة الاهتراء والفلتان التي تسود في مختلف مفاصل الدولة «فأصبح البلد كل من ايدو الو». ولفتت الاوساط لـ«البناء» الى أن لبنان تحوّل الى عصفورية وسقطت هيبة الدولة ومؤسساتها تحت أقدام المصالح والأهواء والطموحات الشخصية لبعض السياسيين. وأبدت الأوساط استغرابها الشديد إزاء الطروحات الهجينة التي يطرحها النائب باسيل كاللجوء الى القضاء الدولي في ملف التدقيق الجنائي وتدويل الأزمة المالية وتساءلت هل يحتمل البلد قلب الطاولات على بعضنا البعض؟ أم أن نضع أيدينا بأيدي بعض ونتنازل للمصلحة الوطنية لإنقاذ البلد. وأضافت في حال استمرار هذا الخطاب والسلوك فالبلد ذاهب الى الفدرالية العلنية. وأعربت عن خشيتها من الانقسام على مستوى القضاء المؤسسة الوحيدة التي لازالت تتمتع بثقة كبيرة لدى اللبنانيين رغم الثغرات التي تعتريها، مضيفة ان المواطنين فقدوا الثقة بدولتهم ومؤسساتهم ومفهوم الامن الاجتماعي والحماية الذاتية يتعزّز أكثر فأكثر. واذ توقعت الاوساط ان تتجه البلاد الى تفاقم الأزمات الحياتية والاقتصادية نتيجة بدء رفع الدعم المتوقع الشهر المقبل حذّرت من أحداث أمنيّة وتوترات في الشارع. وأكدت المصادر أن لا حل لكل هذا الواقع المأزوم والانهيار المحتوم إلا بالاتفاق على حكومة سريعاً وإلا، فالأسوأ بانتظارنا على كافة المستويات والصعد.

لا حرارة في  الخطوط

اللواء تطرقت أيضاً إلى الجمود الحاصل، وقالت إن "لا حرارة، على الخط الحكومي، كل شيء معطّل، لا اتصالات ولا مشاريع مبادرات، الانكفاء سيّد الموقف، حتى يقضي الله امراً كان مفعولا". 

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ"اللواء" أن الجمود الكامل على الملف الحكومي هو المسيطر حتى ان الحديث عنه كاد يغيب بشكل تام ولا جولات أو اتصالات لهذه الغاية والوسطاء بالتالي اوقفوا محركاتهم. 

ولفتت هذه المصادر إلى ان قضية القاضية غادة عون ومجلس القضاء الأعلى خطفت الأضواء كما أن أي تطور في موضوع ترسيم الحدود لم يبرز بإنتظار الجواب الذي يحمله وكيل وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل من الجانب الاسرائيلي في ضوء الطرح المتصل بأستئناف المفاوضات لكن حتى الآن ما من جواب.

وأفادت مصادر "اللواء" أن الوضع الحكومي على حاله ولا جديد على الاطلاق.وقالت: هناك جمود قاتل والحوار مقطوع نهائياً.لكن الرئيس الحريري منذ عودته لم يقطع التشاور مع المعنيين لا سيما الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط وسواهما، بإستثناء الرئيس عون والنائب جبران باسيل.

كما وصفت مصادر سياسية عملية تشكيل الحكومة الجديدة بالمتوقفة كليا في الوقت الحاضر وان الأمور تراوح مكانها وكل طرف على مواقفه، ولا توجد اي مؤشرات توحي باعادة تحريك عجلة تأليف الحكومة قريبا.واشارت المصادر إلى ان ما تذرع به رئيس الجمهورية أكثر من مرة بأن سبب تعثر عملية تشكيل الحكومة هو سفر الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الخارج غير صحيح على الاطلاق، لانه عاد إلى لبنان ولم يحصل معه اي تواصل لاعادة التشاور حول عملية التشكيل التي توقفت عند اللائحة التي قدمها الرئيس المكلف إلى رئيس الجمهورية منذ أشهر وما زالت لديه ولم يصدر منه اي موقف برفضها قبولها استنادا للدستور، في حين ان كل ما يقال بأن سبب تأخير انجاز التشكيلة الحكومية وجود الرئيس المكلف بالخارج، انما هو للتهرب من مسؤولية الرئاسة الاولى وفريقها بتعطيل تشكيل الحكومة الجديدة.

النزاع القضائي إلى أين؟ 

من جهتها، أشارت اللواء إلى أنه في وقت يزور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب قطر دون الاعلان عن جدول اعمال الزيارة التي تحول عنوانها الاوحد المعلن «الشحادة» ما امكن، وفيما لم يصرف الرئيس المكلف سعد الحريري رحلاته الخارجية على ارض الواقع، انفجرت «قضائيا»، ولم يعد بالامكان لملمة «الفضيحة»،على الرغم من التسوية التي يعمل عليها كي «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم»، فمجلس القضاء الاعلى الذي انعقد في حضور كافة اعضائه لمدة 6 ساعات للبحث في أزمة عدم «انصياع» القاضية غادة عون لقرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، بعد كف يدها عن بعض الملفات الحساسة ومنها الدعاوى المالية، لم يحسم خطواته، واختار التريث، مرجئا قراراته الى اليوم، ودعا عون الى جلسة عند الساعة العاشرة من صباح اليوم للاستماع اليها. وفي ضوء ما ستقوله، سيصار الى تحديد توجّه «المجلس».

ووفقا لمعلومات اللواء لا توجه لعزلها لان الامر لا يمكن ان يمر في ظل التوازنات السياسية الحالية بعدما حظيت القاضية عون بغطاء كامل من القصر الجمهوري، كما ان الاغلبية لعزلها غير متوفرة في المجلس بعد اعتراض قاضيين، وفي ظل النقص العددي في المجلس المكون اصلا من 10 اعضاء، لا يمكن تأمين تلك الاغلبية بعد شغور مقعدين. وأمام أعراب القضاة سهيل عبود وبركان سعد وعويدات عن امتعاضهم من أداء عون ثمة توجه احالتها إلى التفتيش المركزي، او الى المجلس التأديبي. كما اعترض القضاة الثلاثة على اداء وزيرة العدل ماري كلود نجم «المتحيّز» وعبروا عن ذلك بمقاطعة الاجتماع التنسيقي برئاستها الذي ضم قيادات عسكرية وأمنية معنية بمهام الضابطة العدلية.

في هذا الوقت لوحت القاضية عون بالادعاء على مدعي عام التمييز غسان عويدات امام وزيرة العدل والتفتيش القضائي، ومجلس القضاء الاعلى، لمخالفته المادة 12 من أصول المحاكمات الجزائية، فيما سيركز القاضي عويدات في مطالعته اليوم على تأكيد الاستدعاء المتكرر للقاضية عون قبل وقوع اشكال شركة مكتّف واسباب رفضها الحضور، واسباب التمرد على قراره لاحقا ومداهمة الشركة على رغم قراره كف يدها. 

وأفادت أوساط مطلعة لصحيفة اللواء أنه قد يتم وقف دعوى عون مقابل ربط المسألة «بالعصيان» ولا شيء آخر، اضافة الى الاعلان عن احالة مدعي عام التمييز ملف شركة مكتف لشحن الاموال الى المدعي العام المالي علي ابراهيم لاجراء التعقبات اللازمة، وهذا يفتح «نافذة» امام تسوية يعمل عليها في «الكواليس» لضبضبة الملف بأقل الاضرار الممكنة على الجسم القضائي، فيما انهت عون تقريرا مفصلا عما توصلت اليه في التحقيقات حول شركة مكتف، بعدما حصلت على الوثائق خلال المداهمتين الاخيرتين، ومن المحتمل ان تعرض النتائج امام مجلس القضاء الاعلى اليوم.
 

إقرأ المزيد في: لبنان