معركة أولي البأس

 

لبنان

17/04/2021

"كفُّ يد" القاضية عون .. غابَ التشكيل وحضر الترسيم

ما زال ملف ترسيم الحدود البحرية حديث الأوساط اللبنانية في ظل ما يتردد عن أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسم معادلة لقضية الترسيم والتفاوض عنوانها، توقيع المرسوم هو آخر الكيّ عند فشل المفاوضات وخوض المواجهة متمسكاً بما تمّ رسمه في خرائط الجيش اللبناني. 

كذلك تصدر الصحف "ملف الملاحقة" التي تقوم بها القاضية غادة عون والذي حطّ رحاله في مكاتب الصيرفي ميشال مكتف في سعيها بقضية تهريب الأموال إلى الخارج، في وقت برز موقف من النائب العام التمميزي غسان عويدات بنقل الملف وسائر الملفات التي تتولاها عون تحت عناوين ملاحقة الفساد الى قضاة آخرين. 

حكومياً، لم يطرأ على الوضع أي تطور يبعث على التفاؤل بقرب التشكيل، وحضرت أنباء زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى موسكو. 

نهاية غادة عون!

"الأخبار" أشادت بالقاضية عون ووصفتها بأنها لا تُشبه أيّ قاضٍ آخر، وحالةٌ فريدة يصعب أن تتكرر في القضاء اللبناني. صادقة وشريفة وحالمة. عفوية إلى أقصى الحدود. لم يمسسها الفساد بالمعنى المادي، إنما يسجّل عليها أنها رأس حربة التيار الوطني الحر في حربه ضد خصومه. تتعامل عون في ملفاتها برومنسيةٍ مفرطة. لا تُغلّب القانون دائماً، إنما تُرجّح كفّة ما تعتقدُ أنّه الحق، منظارها خاص للتعامل مع القضايا. قد تعترف بالخطأ، لكن إذا ما كانت مقتنعة بأنّها على صواب، فإنّها تُقاتل بشراسة. في عقل غادة عون، معظم القضاء فاسد. 

تضيف الصحيفة أن عون ترى أنّ القضاء هو خط الدفاع المنيع عن تحالف الفاسدين. وترى في زملائها متخاذلين عن إحقاق الحق وإقامة العدل. العدل لدى غادة عون يختلف عن تطبيق القانون. في عُرفها، يعرف الفاسدون كيف يتحايلون على القانون. ونقطة ضعفها تيارها السياسي مع استثناءات محددة أحياناً. تؤمن بالرئيس ميشال عون إيماناً مطلقاً. كلام الرجل منزلٌ عندها. وهي صادقةٌ إلى حد الجنون في حربها على الفساد والفاسدين. ولا يُزعجها اتهامها بالخروج عن القانون إذا ما كانت الغاية سجن فاسد. تكره أصحاب المصارف. تكره القضاة الذين يقودون سيارات فارهة ويلبسون الماركات العالمية. في نظرها، هؤلاء فاسدون مستترون. غير أن كل ذلك لا يشفعُ لها. إذ إنّ ميزان العدل مكسورٌ عندها. فهي حينما تتشدد ضد من تعتبرهم فاسدين، تضعف أمام المحسوبين على التيار الذي يرفع شعار التغيير والإصلاح. وهذا يراه خصوم تيارها بأنه فساد سياسي. نقطة ضعفها الأخرى أنها تؤخذ بمن تأمن جانبه. قد تنزلق في مهلكةٍ لمجرد أنّ مُغرِضاً كسب ثقتها فيقودها حيث يشاء بكلام حقٍّ يُريدُ به باطل.

ولفتت إلى أن هذا الجانب المشرق في أدائها يقابله جانبٌ مظلم. قد تظلم مع أنها تعتقد أنها تقيم العدل. كما أنّ اندفاعها قد يتحوّلُ إلى تهورٍ. فتُطيح بخطوة غير محسوبة كل ما كسبته في نقاطٍ مدروسة. ويحمل وِزر هذا التهور شخصٌ كسب ثقتها وهمس في أُذنها ما أوهمها أنه الحق. غير أنّ هذا الاندفاع الذي يُكسبها شعبياً يكون على حساب خرق القانون. موضحة أن القاضية عون تحوّلت إلى قاضية خارجة عن القانون في الفترة الأخيرة. يرتفع رصيدها شعبياً، إنما تزداد النقمة عليها قضائياً. فقد اجتمع مجلس القضاء الأعلى قبل أيام خصيصاً لمناقشة حالة القاضية غادة عون، ولا سيما أنّها تتعامل مع المجلس بخفة وتُجاهر باتهام أعضائه ورئيسه بالفساد.

وأضافت "حُددت جلسة للاستماع إليها في الدعوى الجزائية المرفوعة ضدها من رئيس مجلس إدارة سوسيتيه جنرال أنطون صحناوي على خلفية ملف شحن الدولار إلى الخارج. في المرة الأولى، أبلغت القاضي الذي اتصل بها طالباً منها الحضور أنها تُريد استشارة مرجعيتها السياسية، ثم أخبرته أنها ستحضر، لكنها لم تحضر. اتصل بها، فاعتذرت على اعتبار أن لديها موعداً مع الطبيب. حدّد لها موعداً آخر، فلم تحضر أيضاً. أبلغته أنها كانت بصدد أخذ لقاح كورونا. حدد موعداً ثالثاً، لم تحضر أيضاً. اتصل بها مستفسراً عن سبب عدم مثولها أمامه، فأجابت بأنها كانت متوعكة من جراء الطعم. حدد موعداً رابعاً، فلم تحضر أيضاً. هذه المرة أرسلت مذكرة تبلغه فيها أن لا سلطة للمدعي العام التمييزي عليها وأنها لن تحضر. اعتبر القضاة أنها «فاتحة على حسابها» وأنها تُمعن في خرق القانون. لذلك تَوافق مجلس القضاء الأعلى على أن يؤخذ إجراء ضدها، على أن يتخذه المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات. فأصدر الأخير يوم أمس قراراً قضى بتعديل توزيع الأعمال لدى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بحصرها بثلاثة محامين عامين فقط، من دون أن يلحظ القرار اسمها مع قاضيين آخرين سبق للمجلس التأديبي للقضاة أن كفّ يدهما عن العمل". 

جُنّ جنون القاضية عون، ولا سيما أنها كانت ترى أن هناك مؤامرة تُحاك ضدها لعزلها من القضاء تبعاً للمادة 95 من قانون القضاء العدلي الذي يتيح عزلها. غير أنّ مسألة العزل نفاها عدد من أعضاء مجلس القضاء الأعلى في اتصال مع «الأخبار»، مؤكدين أنها غير واردة إطلاقاً. زارت القاضية عون أول من أمس رئيس الجمهورية لوضعه في جو المستجدات الحاصلة وما تشعر به. لم تكن مرتاحة إثر الاجتماع. يوم أمس، وبعد انتشار خبر كفّ يدها، استأنفت عون تحقيقاتها في ملف سحب الدولار من السوق وشحنه إلى الخارج. وبعدما كانت قد طلبت من ميشال مكتف، صاحب إحدى أكبر شركات شحن الدولار، تزويدها بالأرقام والمبالغ التي شحنها لمصلحة مصرف «سوسيتيه جنرال» وغيره من المصارف، وتذرّعه بالسرية المصرفية، وإصدارها إشارة بختم مكاتبه بالشمع الأحمر لاعتبارها عدم تعاونه بمثابة عرقلة لسير العدالة، قررت أن تدهم مكاتبه شخصياً. فهي تبلّغت أن الشمع الأحمر فُكّ بقرار قضائي آخر. توجهت عون على رأس قوة من أمن الدولة ومرافقيها إلى مكاتب مكتّف في عوكر.

ملف المصارف قسم القضاء

"البناء" بدورها تطرقت إلى ملف ترسيم الحدود البحرية إذ تؤكد مصادرها أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسم معادلة لقضية الترسيم والتفاوض عنوانها، توقيع المرسوم هو آخر الكيّ عند فشل المفاوضات وخوض المواجهة تحت عنوان التمسك بما تمّ رسمه في خرائط الجيش اللبناني وفقاً للقواعد التقنية والقانونية، وهذا ليس هدفاً لبنانياً. فالهدف هو كما يراه رئيس الجمهورية إنجاح المفاوضات حتى بلوغها التفاهم على خط تثبته دراسات الخبراء الذين طلب معونتهم من الأمم المتحدة لتدقيق الخرائط اللبنانية، وبعد تجميد أي تنقيب يخطط له كيان الاحتلال في حقل كاريش الواقع ضمن الخرائط المعتمدة من الجيش اللبناني وتجري المفاوضات على أساسها. 

وتقول المصادر إن عون أبلغ موقفه هذا الى معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل وحصل منه على تعهد بتجميد حقل كاريش وتسريع العودة الى المفاوضات وتأمين المعونة التقنية من خبراء دوليين لتدقيق الأساس التقني والقانوني للخرائط اللبنانية.

وتخلص المصادر إلى القول إن أول استحقاق في حزيران كموعد محدد من كيان الاحتلال لبدء التنقيب في حقل كاريش، سيكون امتحاناً لهذه التعهدات فإذا لم تصدق تعهدات هيل سيكون المرسوم على طاولة رئيس الجمهورية للتوقيع.

أما حول ملف الملاحقة للقاضية عون، قالت مصادر حقوقية لـ"البناء" إن ملف المصارف قسم القضاء بعدما قسم الإعلام والحراك، فظهر أن هناك حراكاً مع المصارف وإعلاماً مع المصارف، بعدما بدا المشهد السياسي الذي أحاط بملف حاكم مصرف لبنان، محرجاً للجميع، رغم تحريك القضاء في دول أوروبية لقضايا ملاحقة بحقه. وقالت المصادر إن المرجعيات القضائية امام مسؤولية التعامل بجدية مع هذه الملفات كي يصير التعامل مع ما يعرف بتحاوزات القاضية عون قابلاً للفهم من الرأي العام، وطالما استمر التجاهل عنواناً للمسارات القضائية في قضايا الفساد، ستزداد الفوضى القضائيّة أسوة بالفوضى السياسية والإعلامية، ويختلط حابل الحق بنابل السياسة والطائفية.

سياسياً، حضرت أنباء زيارة الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى موسكو، التي وزع عنها مكتب الحريري تقارير تابعها مدير مكتبه في موسكو جورج شعبان، تعاملت مع الزيارة كتكريس للحريري مرشحاً روسياً لرئاسة الحكومة ووعداً بمبادرة روسية للضغط لتشكيل الحكومة، ما أوحى بموقف روسي ضاغط على رئيس الجمهورية واستطراداً على حزب الله، وهو ما تسبب بإحراج موسكو التي نقلت عنها مصادر اعلامية روسية ترحيبها بتكليف الحريري بتشكيل الحكومة ورغبتها بالتعاون معه، لكنها استقبلته على هذا الأساس وبهذه الصفة. وقالت له هذا الكلام على قاعدة كونه رئيساً مكلفاً بصورة دستورية من المؤسسات اللبنانية وليس كمرشح روسي لرئاسة الحكومة، وهي دعته كما دعت كل الأطراف اللبنانيين الى تشهيل وتسريع عملية تأليف الحكومة، ولكن ليست لديها مبادرة محددة للمساعدة على ذلك ولا هي تنظر لعلاقتها برئيس الجمهورية وحزب الله الذي استقبلت وفداً رفيعاً يمثله قبل أسابيع وعاملته كحليف استراتيجي، كعناوين لضغوط تمارسها، وليس صحيحاً ان موسكو أيدت تصور الحريري لتشكيل الحكومة في مواجهة تصوّرات رئيس الجمهورية، وقالت المصادر إن استبدال اللقاء بين الحريري والرئيس فلاديمير بوتين كان رسالة روسيّة للحريري لتخفيف هذه المبالغة المحرجة لموسكو التي عاملته كصديق وتمنت لو أظهر فريقه حرصاً مشابهاً على صورة الزيارة.

معركة الحكومة

صحيفة "الديار" تناولت ملف تشكيل الحكومة مشيرة إلى أنه حتى مساء أمس لم يطرأ على أي تطور يبعث على التفاؤل بقرب الحسم، لكن مصادرها أن الرئيس بري بالتنسيق مع حزب الله مستمران بجهودهما باتجاه الرئيسين عون والحريري لتذليل العقبات العالقة لا سيما عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين الاضافيين وحسم وزارتي الداخلية والعدل بعد ان جرى حسم صيغة الـ 24 وزيرا والموافقة المبدئية على معادلة الـ 8،8،8. 

وتقول معلومات "الديار" أن الثنائي الشيعي طرح في الايام القليلة الماضية اكثر من اقتراح ومخرج لهذه العقد انطلاقا من تاكيد استبعاد الثلث المعطل ومعالجة ما سمي بهواجس بعبدا المتعلقة بطريقة تسمية الوزيرين المسيحين واصرار الحريري على التمسك بوزارة العدل.

وتضيف بان الرئيس عون او النائب باسيل لم يطالبا بثمانية وزراء زائد تسمية الوزيرين المسيحيين كما تحدث البعض لكنهما ما زالا يبديان تحفظا حول موضوع تسمية الوزيرين، وينتظران موقف الرئيس الحريري في هذا الشأن وفي موضوع العدل والداخلية. بينما تعتبر اوساط بيت الوسط ان هذا الموقف هو هروب الى الامام ومحاولة لاخفاء رغبة عون وباسيل في التمسك بالثلث المعطل.

وقالت مصادر مقربة من الحريري امس للديار ان لا شيء استجد على موضوع الحكومي، وان المعلومات التي لديها تفيد بان بعبدا لم تعط حتى الآن جوابا صريحا للرئيس بري حول تخليها عمليا عن الثلث المعطل.

وأضافت أن إثارة موضوع تسمية الوزيرين المسيحيين ليس سوى محاولة للحصول على الثلث المعطل المقنع، مؤكدة رفض اعطاء هذا الثلث بشكل مباشر ام مقنع.

وقالت مصادر الحريري إن هناك إجماعا داخليًا وخارجيًا على رفض الثلث المعطل، وبالتالي فان الكرة في مرمى الرئيس عون. وعندما يتخلى عن هذا الثلث قولا وفعلا تسلك عملية تشكيل الحكومة مسارها لان التخلي عن الثلث هو السبيل لتأليف الحكومة.

وفي المقابل قال مصدر في التيار الوطني الحر للديار ان الرئيس عون عبر اكثر من مرة عن موقفه مؤكدا عدم المطالبة بالثلث المعطل، لكن هذا لا يعني الاخلال بالمشاركة في تشكيل الحكومة وما يؤكد عليه الدستور في هذا المجال، ولا يعني عدم التوازن في الحكومة ليس على مستوى توزيع عدد الوزراء فحسب بل ايضا على صعيد توزيع الحقائب واعتماد المعيار الواحد.

واعتبر المصدر ان اتهام رئيس الجمهورية او التيار بالعرقلة والتشبث بالثلث المعطل هو من باب التعمية على الحقيقة، مشيرا الى ان في كل مرة يصل النقاش والبحث في التشكيلة الحكومية الى نقطة حاسمة، يجتهد الرئيس الحريري للسفر الى هذا البلد او ذاك في اطار سياسة الهروب الى الامام تهربا من المسؤولية.

واضاف ان مثل هذه الزيارات والجولات لن يغير شيئا، فالمطلوب من رئيس الحكومة المكلف ان يقوم بمسؤولياته ويتابع عملية التشكيل مع رئيس الجمهورية بدلا من ممارسة رحلاته وتجواله في الخارج.

وفي ظل هذا المشهد قال مصدر سياسي بارز للديار امس ان هناك عوامل ومعطيات يفترض أن تحدث خرقا في جدار الازمة ابرزها:

- المواقف الدولية التي باتت محسومة لجهة تحميل المسؤولين والاطراف اللبنانية مسؤولية تاخير الاستحقاق الحكومي.

- استنزاف استخدام عون والحريري لاوراقهما في معركة الحكومة. فرئيس الجمهورية لم ينجح في تقديم التدقيق الجنائي على الحكومة ولم يتمكن من استثمار موضوع مرسوم الحدود البحرية بل اضطر الى التراجع غداة زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل تحت عنوان دستوري. اما الحريري، الذي نجح في تحسين وضعه في الخارج من خلال برنامج زياراته المكثفة، فانه لا يستطيع ان يستثمر هذا النجاح في معركة الحكومة، كما انه لم يتمكن حتى الآن من حصول جواز سفر سياسي الى السعودية.

وهذا الواقع يعتبر عاملا مؤثرا وضاغطا على الرجلين للعودة الى التعامل مع المساعي الحكومية بواقعية اكثر.

- هناك شهر حاسم يتعلق بمصير الدعم وما يمكن ان يفرضه هذا الاستحقاق من تحديات ومخاطر، وبالتالي فان كلا من عون والحريري بات محشورا فلا الاول يستطيع ان يفرط بمصير باقي عهده ولا الثاني يستطيع ان يضمن الاستمرار على هذا المنوال من دون تشكيل حكومته.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل