لبنان
ترقب لزيارة الحريري الى بعبدا اليوم والبلاد تدخل طور الإنهيار
ركّزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على كلمة رئيس الجمهورية أمس الذي دعا فيها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بالتشرف الى قصر بعبدا لمناقشة عملية التشكيل هذه أو الإعتذار، ما إستدعى من الأخير ردًا طالبًا منه الإستقالة أيضًا.
وفي انتظار نتائج زيارة الحريري اليوم التي وحسب المراقبين لم تجد ثمارها، أخذت البلاد تدخل طوراً خطيراً من الإنهيار بتدهور سعر صرف الليرة ونقص المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، مقابِل فشل السلطة في حماية المؤسسات والشارع من الفوضى وتخلّي كل القوى السياسية عن مسؤوليتها في معالجة الأزمة مع إستمرار الخلافات حيال تأليف الحكومة.
"الأخبار": تأليف الحكومة: الجميع تحت الضغط
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن الرئيسين المعنيين دستورياً بتأليف الحكومة، تبادلا أمس الدعوة إلى الاستقالة. وفي انتظار نتائج زيارة يُحتمل أن يقوم بها الرئيس سعد الحريري إلى قصر بعبدا اليوم، تبيّن أن حركتهما الأخيرة تعكس صورة الضغوط التي يتعرضان لها، لكي ينجزا تأليف حكومة جديدة
دخلَت البلاد طوراً خطيراً من الانهيار الذي يضرِب اقتصادها ومعيشة سكانها، بتدهور سعر صرف الليرة ونقص المواد الغذائية والأدوية والمحروقات، مقابِل فشل السلطة في حماية المؤسسات، والشارع من الفوضى غير المقيّدة بحدود. وأمام هذا المشهد، يُترك اللبنانيون لمصيرهم، بفعل تخلّي القوى السياسية عن مسؤوليتها في معالجة الأزمة، واستمرار الخلافات حيال تأليف الحكومة، إذ أحبطَت كل المساعي والمبادرات السابقة لحلّ العقد وتذليل العقبات أمام ولادتها، بعدما تغلّبت حالة الإنكار عند أطراف الصراع لواقع الأزمة وعمقها، تضاف إليها حالة الإصرار على تمسّك كل منها بشروطه وسقوفه العالية.
وفيما استمرّت أمس الاحتجاجات في الشارع الذي شهد عمليات قطْع طرق في أكثر من منطقة، خرقَت المشهد السياسي كلمة مسائية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وضعَ فيها رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أمام خيارين، إما تأليف الحكومة بشكل «فوري» أو التنحّي عن المهمة التي كُلّف بها في تشرين الأول الماضي، وحالت التجاذبات السياسية دون إتمامها. عون دعا في كلمة متلفزة الحريري «إلى قصر بعبدا من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي». وأضاف «في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف».
لم يكُن عابراً، في رأي أوساط مُتابعة، النمَط الجديد في التخاطب، الذي عبّر عنه عون في اللجوء إلى الرسائِل العلنية لاستدعاء الحريري إلى القصر، بدلاً من اعتماد «الأصول البروتوكولية»، إما «عبر اتصال من القصر، أو أحد الوسطاء». وهذا معناه، بحسب الأوساط، أن عون «أراد أن يكون الاشتباك مع الحريري ظاهراً أمام الرأي العام، لتحميله مسؤولية التعطيل وإظهاره بمظهر العاجز عن التشكيل أو المتعمّد للعرقلة».
في هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن عون كانَ ينوي إرسال رسالة إلى مجلس النواب «يسأله فيها عن رأيه في ما يقوم به الحريري، على اعتبار أن الكتل النيابية هي من كلّفته، ولاتخاذ الموقف المناسب حيال ما يفعله الرئيس المكلف»، إلا أنه عادَ عن هذه الخطوة وذهب إلى توجيه كلمة متلفزة.
بالطريقة العلنية نفسها أتى الجواب من «بيت الوسط»، على دعوة عون؛ إذ صدر عن الحريري بيان قال فيه «بعد أسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع بإعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ في بيروت، منتظراً اتصالًا هاتفياً من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة، وهي أسابيع زادت من معاناة اللبنانيين التي كانت قد بدأت قبل اختياري من قبل النواب لتشكيل الحكومة بأشهر طويلة، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعاً، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته».
وأضاف الحريري «بما أنني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني أجيبه بالطريقة نفسها أنني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشرة فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة».
وأضاف البيان: «في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار، فسيكون على فخامته أن يُصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن إفساح مجال الخلاص أمام المواطنين، وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة، وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام، تماماً كما اختاروني رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر».
بهذا البيان، ردّ الحريري وبلغة الاتهام ذاتها، محاولاً إظهار رئيس الجمهورية بأنه هو من يتحمّل وزر التعطيل والانهيار.
بيان الحريري تبعه بيان دعم من أحد أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي الذي «أسف لطريقة التخاطب التي توجه بها عون إلى الرئيس المكلف»، بينما كرر النائب نهاد المشنوق، في تصريح عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معادلة «اعتذار رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري مقابل استقالة رئيس الجمهورية ميشال عون».
ليلة الرسائل العلنية زادت الأمور سوءاً. هكذا قرأتها مصادر سياسية بارزة، اعتبرت أن عون «توجه مباشرة الى الحريري، لكنه أيضاً حاول إحراج من يتمسّك به رئيساً مكلفاً». لكن «علينا أن ننتظر لمعرفة إذا ما كان اللقاء بينَ الرئيسين في الأيام المقبلة سيؤدي إلى حلحلة ما. فربما يقود التشاور إلى تذليل بعض العقبات بدلاً من البقاء في النقطة الصفر»، بينما جرى التداول بمعلومات عن «زيارة سيقوم بها الحريري إلى بعبدا قبل ظهر اليوم»، من دون أن تتبلغ دوائر القصر الجمهوري بموعده. ولفتت مصادر معنية إلى أن حركة الرئيسين هي انعكاس لضغوط كبيرة تُمارس عليهما لتأليف الحكومة، لا من الشارع، بل من القوى الخارجية الراعية لمسألة التأليف، تحديداً فرنسا وروسيا اللتين بعثتا برسائل إلى عون والحريري بضرورة الإسراع في التأليف، لأن أحوال البلاد لا تحتمل.
"البناء": عون للحريري: اجتماع حاسم في بعبدا.. آمال ضئيلة بانفراج ومخاوف كبيرة من الانفجار
بدورها صحيفة "البناء" لعتبرت أن كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة سعد الحريري قال كل ما عنده. فالكلمة التي وجّهها رئيس الجمهورية وتضمّنت دعوة متلفزة للرئيس المكلف لزيارة بعبدا فوراً والتباحث بصيغة حكوميّة تراعي معايير الدستور والميثاق، بخلاف المسودة التي وضعها سابقاً، وإلا فالاعتذار، كشفت عملياً المسعى الحقيقي لفريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر بالضغط لاعتذار الحريري، انطلاقاً من الاعتقاد باستحالة التعاون معه في حكومة جديدة، واعتبار نجاح مهمته الحكوميّة بداية إعلان نهاية العهد الرئاسيّ بمحاصرة رئيس الجمهورية؛ فيما كشف رد الرئيس الحريري على دعوة عون باللغة ذاتها، حقيقة مسعى الحريري من عرضه الحكوميّ، بدعوة رئيس الجمهورية لقبول تشكيلة حكوميّة تحاصره، أو رفضها وقبول التنحّي عملياً، تحت عنوان انتخابات رئاسية مبكرة، لم يعد خافياً أنها مشروع جدّي طرح على بكركي من أوساط سياسية ونيابية وحزبية، ولم يلق قبولها، لكن بقي الرهان قائماً على توظيف المزيد من الانهيار المالي لفرض هذا الهدف كمخرج أحاديّ من الأزمة.
على خلفية البيانين الرئاسيين وما فيهما من حرب إلغاء متبادلة، ينعقد صباح اليوم في بعبدا لقاء الرئيسين السابع عشر، وربما الأخير، وسط آمال ضئيلة بحدوث معجزة تتيح إحداث اختراق، على خلفية ما يعرفه الرئيسان من استحالة السير برغبة كل منهما بالتخلص من الآخر بطرق دستوريّة، وغياب الطرق الأخرى، ما يجعل التساكن قدراً إلزاميّاً، وحاجة وطنيّة، بدلاً من حرب استنزاف تستعمل فيها كل الأسلحة، ويعرف الجميع أن التلاعب بسعر الصرف هو أحد هذه الأسلحة، وقطع الطرقات ليس بعيداً عنها، ويدفع اللبنانيّون أثمانها غالياً من معيشتهم وأمنهم وخوفهم على غدهم، وما لم تحدث المعجزة ستتحق المخاوف من ذهاب البلاد لجولة تصعيد كبرى، تترجم مزيداً من ارتفاع سعر الدولار، ومزيداً من قطع الطرقات، ومزيداً من المخاطر الاجتماعيّة والأمنيّة.
الأنظار تتجه صوب كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الليلة، مع ترجيح فشل اجتماع بعبدا بالخروج بحلحلة للأزمة الحكوميّة، خصوصاً مع بلوغ تداعيات الأزمة المالية والاجتماعية وتداعياتها الأمنيّة مرحلة تضع البلاد على مفترق خطير، وفرضيات مفتوحة على فلتان أمني وفوضى تفتح أبواباً أمام العبث واللعب من الخارج، ما يجعل المقاومة معنيّة بقول كلمتها التي يمكن أن تفتح كوة في جدار الأزمة، وبصورة أخص بعدما صارت ضغوط الأزمة في بيئة المقاومة حاضرة بقوة وشارعها ينتظر من السيد نصرالله أجوبة بحجم المعاناة والمخاطر، وقالت مصادر متابعة للمشهد المالي والاجتماعي والانسداد السياسيّ، إن السيد نصرالله قد يكون أمام خيارات تتصل بفتح الباب أمام تعزيز عناصر الصمود الاجتماعي، لكنها قالت إن هذا الخيار الضروريّ لن يكون كافياً في ظل حجم المخاطر التي يتقدّمها التصعيد السياسيّ وانعكاسه في الشارع بالاستثمار على الانهيار في سعر الليرة، ما يوجب قول كلام في السياسة توقعت أن يتركز على الدعوة لطاولة حوار وطنيّ للبحث عن حلول ومخارج، واقتراح بعض هذه الحلول ووضعها في التداول.
وعشية الإطلالة المرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم بمناسبة يوم الجريح للحديث عن الملف الحكومي والتطورات الأمنية والاقتصادية في لبنان. واصل رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساعيه على خط تأليف الحكومة. ففيما بقيت الاتصالات والمشاورات مفتوحة بين عين التينة وبيت الوسط، يتابع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تفاصيل مبادرة بري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وعلمت «البناء» أن «الجهود التي بذلت خلال اليومين الماضيين أفضت إلى إيجاد مخرج لترتيب لقاء بين الرئيسين عون والحريري كخطوة أولى للبناء عليه لاستكمال التشاور والحوار لتأليف الحكومة، وقد تجلّى هذا الأمر بدعوة عون الحريري إلى بعبدا عبر الإعلام لمتابعة التشاور وليس عبر اتصال هاتفي كما أراد الحريري، ما يدل على أن القصة ليست «رمانة بل قلوب مليانة»، وبالتالي المناخ السلبي لا يزال سيد الموقف». فقد أتى الجواب من عون والحريري مخيباً لآمال الوسطاء بحسب مصادر سياسية لـ»البناء» من خلال التراشق الإعلامي والسياسي من «فوق السطوح» وليس عبر الحوار. فدعوة عون وردّ الحريري يعكس سلبية مطلقة والاستمرار بالدوران في حلقة مفرغة وتتلاشى الآمال بحلّ قريب، فعون دعا الحريري للاعتذار والأخير دعا عون للاستقالة، ما يدفع المصادر للقول إن القضية لم تعُد تتعلّق بتفاصيل من هنا وأخرى من هناك، بل بمشكلة شخصيّة وعدم تعايش وانسجام بين الطرفين، فلا عون يريد الحريري ولا الأخير مستعدّ للتنازل عن موقع المكلف، أي وقع الطلاق بينهما، وهذا يعود لأسباب محلية وإقليمية ودولية.
وفيما تم التداول بمقترحات عدة ومخارج لتأليف الحكومة كتبادل وزارتي المالية والداخلية بين حركة أمل وتيار المستقبل على أن تؤول الداخلية للواء إبراهيم كحل وسط بين رئيسي الجمهورية والحكومة المُكلف، لفتت مصادر «البناء» إلى أن هذا المقترح لا أفق له لأنه يمس بالتوازنات الطائفيّة والسياسيّة ويعقد الأمور أكثر لأنه سيعيد التركيب من نقطة الصفر».
"النهار": عون يفجّر حرب الإقصاء والحريري يرد: إستقل
أما صحيفة "النهار" كتبت تقول: في وقت تراءى لبعضهم ان مفاجأة إيجابية قد تقف وراء اعلان قصر بعبدا بعد ظهر امس ان رئيس الجمهورية ميشال عون سيوجه الى اللبنانيين كلمة تتصل بتحمله المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه لانهاء نمط التعطيل لتشكيل الحكومة الانقاذية التي أجهض تركيبتها من الأساس، اذ بالرئيس عون يفجر الخطوة التصعيدية الأسوأ اطلاقا في توقيتها ومضمونها وتداعياتها، واضعاً الرئيس المكلف سعد الحريري بين خياري التسليم بشروطه او الإقصاء من خلال دفعه للاعتذار بما لا يبقي شكاً في انه يخوض حرباً ضده ويفتح البلاد على مزيد من الانهيارات المخيفة. وجاء رد الرئيس الحريري بما يوازي الهجوم الذي تعرض له مخيّراً عون بين مناقشة التشكيلة التي قدمها له او اختصار الام اللبنانيين بإتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة.
تجاهل الرئيس عون التبعات الكبرى التي يتحملها وعهده وفريقه، واختار لحظة اتساع الحرائق المالية والاقتصادية والاجتماعية المنذرة بكارثة لا سابق لها، واطلق "حربه الاقصائية" على الرئيس سعد الحريري ليتنصل من تبعات الانهيار أولا، وليحمّل الحريري والآخرين تبعات الانهيار ثانيا، وليعلنها مباشرة ومن دون مواربة هذه المرة انه يزمع الانقلاب على الاستشارات النيابية من خلال دفع الحريري عبر شرطين تعجيزيين الى الاعتذار مع كل ما يرتبه ذلك من تعريض البلاد لازمة سياسية طوائفية جديدة لا تحتملها اطلاقاً. وإذا كان من نافل القول ان هذه الخطوة التصعيدية ستؤدي الى تفاقم اخطر في الواقعين المالي والاجتماعي، فان الأسوأ سياسيا ودستوريا ان عون بإصداره "مذكرة جلب" للحريري لحمله على تشكيل حكومة كما يشترطها، او إجباره على الاعتذار، إنما يمحو بشطبة قلم 16 اجتماعا عقدت بينه وبين الحريري. بذلك فتح العهد البلاد على أسوأ الاحتمالات والتداعيات وفجّر مواجهة غير مسبوقة بين رئيس للجمهورية ورئيس مكلف تشكيل الحكومة العتيدة.
في كلمته التي لم تستغرق تلاوتها سوى اربع دقائق، برر عون اطلاق الحرب على الحريري بقوله "آثرت الصمت إفساحاً في المجال أمام المعالجات على مختلف المستويات، وتفادياً لأيّ حدث من جرّاء التجاذبات والانقسامات الحادّة في المواقف السياسيّة وانهيار المنظومة الاقتصاديّة والماليّة نتيجة سياسات خاطئة لعقود خلت. إلا أنّي سلكت درب المساءلة الوعرة في ظلّ نظام تجذّر فيه الفساد السلطوي والمؤسساتي واستشرى، وارتفعت أمامي كلّ المتاريس، وأنتم تعرفون أنّي ما اعتدت الإذعان والرضوخ دفاعاً عن كرامتكم وعيشكم الحر الكريم".
ثم اضاف "أمّا اليوم، ومن منطلق قسمي، وبعدما تقدّم رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بعناوين مسوّدة حكومية لا تلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل، فإني أدعوه إلى قصر بعبدا، من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآليّة والمعايير الدستوريّة المعتمدة في تأليف الحكومات من دون تحجج أو تأخير. أما في حال وجد نفسه في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه ان يفسح في المجال أمام كل قادر على التأليف. كلّ ذلك من منطلق مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني، ذلك أنّ مثل هذه المعاناة الشعبيّة لن ترحم المسؤول عن التعطيل والإقصاء وتأبيد تصريف الأعمال. دعوة مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف الى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين، حيث لا ينفع بعد اليوم الصمت والتزام البيوت الحصينة، علّنا ننقذ لبنان".
وجاء رد الحريري ليلاً مفاجئاً لجهة "توازن الردع " والرد على الخيارين بخيارين اذ قال في بيان الرد: "بعد اسابيع عدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار والشروع باعادة إعمار ما دمره انفجار المرفأ في بيروت، منتظرا اتصالا هاتفيا من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لاصدار مراسيم الحكومة الجديدة، وهي اسابيع زادت من معاناة اللبنانيين التي كانت قد بدأت قبل اختياري من قبل النواب لتشكيل الحكومة بأشهر طويلة، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعا، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من اجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة، كما قال فخامته.
وبما انني قد زرت فخامة الرئيس 16 مرة منذ تكليفي بنفس الهدف الذي وضعه فخامته، للاتفاق على حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المتفق عليها ووقف الانهيار الذي يعاني منه اللبنانيون، فإني اجيبه بالطريقة نفسها انني سأتشرف بزيارته للمرة السابعة عشرة فوراً إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ اسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى اعلان تشكيل الحكومة.
اما في حال وجد فخامة الرئيس نفسه في عجز عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الاصلاحات المطلوبة، لوقف الانهيار الذي تعاني منه البلاد والعباد، فسيكون على فخامته ان يصارح اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل ارادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن افساح مجال الخلاص امام المواطنين، وان يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر اتاحة المجال امام انتخابات رئاسية مبكرة وهي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على الغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة اعوام، تماما كما اختاروني رئيسا مكلفا لتشكيل الحكومة قبل خمسة اشهر".
وتردد ليلا ان الحريري لن يتأخر في تلبية الدعوة وسيقصد بعبدا للقاء الرئيس عون اليوم.
التهابات الأسعار
والحال ان اللهيب السياسي الذي اطلقه عون جاء عقب التهابات متتابعة في الساعات الأخيرة اذ لحقت أسعار المحروقات بالارتفاعات القياسية لسعر الدولار ولو ان الامر يربط بالأسعار العالمية للنفط . فبعد دولار بـ 15 الف ليرة لامست صفيحة البنزين امس الـ 40000 الف ليرة الامر الذي استجر تداعيات واسعة في كل البلاد ترجم بأزمة تزويد السيارات البنزين وتفاقم الاحتجاجات والتظاهرات وقطع الطرق كما توجهت تظاهرة الى قصر بعبدا اطلقت شعارات تنادي باستقالة عون.
إقرأ المزيد في: لبنان
26/11/2024