لبنان
الدولار يواصل تحليقه.. وبرّي يحاول خرق جدار التأليف
استمر سعر صرف الدولار مقابل العملة الوطنية بالارتفاع، وسط تحذيرات من مخاطر متزايدة للفوضى العامة والانهيار المتزايد إلى الهاوية.
حكوميا، لا بصيص نور في نفق التأليف المظلم، وسط محاولة من رئيس مجلس النواب إحداث خرق في هذا الجدار لا يبدو أنها ستؤتي أكلها.
وفي ظل ارتفاع منشوب التشاؤم من المصير الأسود، عادت أرقام إصابات كورونا للارتفاع لتزيد الطين بلّة، وتنذر بواقع صحي خطير لا تحمد عقباه.
"الأخبار": انهيار سعر الليرة مستمر… هل اقتربت الفوضى؟
تحوّل سعر صرف الدولار إلى هوس بذاته. يترقّبه حتى من لا قدرة له على الحصول عليه. أما تأثيراته المأسوية على المجتمع والاقتصاد، فلم تعد ذات شأن بالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من الناس الذين تآكلت مداخيلهم منذ زمن. خلال يومي عطلة ارتفع سعر الدولار ألفي ليرة. لامس ١٣ ألفاً، وعلى الأرجح لن يتأخر في الوصول إلى 15 ألف ليرة. لم يعد الرقم مهماً سوى لقياس مستوى عمق الانهيار. حالة استسلام كاملة يعيشها الناس الباحثون عن لقمة العيش، فيما السلطة غائبة تماماً عن أي حلّ. الحلول الترقيعية على شاكلة توقيف الصرّافين وتتبّع المنصّات الإلكترونية تزيد الأزمة لا العكس. لكن المشكلة الأساس أن لا أحد يملك خطة للخروج من الأزمة التي بدأت تنبئ بالفوضى. ما حصل في واحد من المحال التجارية الكبرى ليس تفصيلاً. اقتحامه وتكسير محتوياته بحجة إخفائه منتجات مدعومة، معطوفاً على ما سبقه من صراع على علبة حليب أو «غالون زيت» تعني أن الناس بدأت تُسقط عنها ضوابط كانت لا تزال تفرضها على نفسها. وهؤلاء تزداد معاناتهم يوماً بعد يوم. بعض المواد الغذائية مفقود من الأسواق.
نقيب أصحاب السوبرماركت أعلن أن الأسعار، التي ارتفعت بشكل جنوني من عام إلى اليوم، سترتفع ٢٠ في المئة إضافية هذا الأسبوع. محطات البنزين تزيد من وتيرة الإقفال، وهذا، على ما يؤكد عاملون في القطاع، أمر يجب أن يعتاده اللبنانيون. فتقنين فتح الاعتمادات من مصرف لبنان يؤدي إلى تقنين الكميات الموزّعة إلى المحطات، والتي بدورها إما تعمل على تقنين التوزيع اليومي ليكفي إلى حين وصول الشحنة التي تلي، أو تستهلك المخزون دفعة واحدة، ثم تضطر إلى إقفال أبوابها لأيام. تلك معاناة تعيشها بيروت كما باقي المناطق. لكنها أشد قسوة في الأطراف، لأن شركات التوزيع خفّضت الكميات التي تصلها. الكهرباء أيضاً مدعاة للقلق. عتمة. لا عتمة. لا أحد يملك الجواب الشافي. بين الصراعات السياسية وتقنين فتح الاعتمادات الدولارية والإدارة المتهالكة للقطاع، كل شيء ممكن. ولذلك بدأ الناس يبحثون عن خطط طوارئ لمواجهة لا استقرار «كهرباء الدولة» وارتفاع أسعار كهرباء المولدات.
ما الذي يبقى من سبل العيش؟ حتى ربطة الخبر لا تستقر على سعر ولا على وزن. إذا لم يرفع وزير الاقتصاد سعرها، يلجأ إلى خفض وزنها. لكن كل ذلك لا يؤشّر إلى أي تغيير. الطبقة الحاكمة بدأت تعدّ العدة لشبكة أمان طائفية، تعتمد بشكل رئيسي على المساعدات الاجتماعية للأتباع والمحاسيب.
«وينيي الدولة» سؤال بدأ مزحة منذ سنوات وانتهى واقعاً إجابته واحدة: لا دولة ولا مؤسسات. فقط مجموعة أشباح يتنقّلون بين الشاشات، لا همّ لهم سوى تبرئة أنفسهم من دم البلد. هكذا يصبح طبيعياً أن يكافح الفاسدون أنفسهم الفساد. وهو اليوم تحديداً ليس مشكلة البلد. مشكلة البلد في الإدارة المدمّرة للاقتصاد والمال والنقد. لكن مع ذلك، ليس متوقعاً أن يرحل أي من المسؤولين عن هذا الدمار. الكل باق. ووحده المحظوظ من الناس يجد إلى الهرب سبيلاً.
المطلوب خطة إنقاذية شاملة تعيد إلى الناس بعضاً من الأمل الذي فقدوه. لكن من يأتي بهذه الخطة؟ من يعطّلون البلد بحثاً عن كرسي وزاري بالناقص أو بالزائد، أو من ينتظرون انحناءة رأس من الخارج تسمح لهم بالمبادرة؟
حتى الحديث عن تطورات أزمة تأليف الحكومة صار ممجوجاً. ولو حُلّت كل العُقد فلن يتغيّر المشهد. ماذا يعني تأليف الحكومة في هذا الوضع؟ هل سيبتعد شبح الجوع؟ سيتنفس الناس الصُعداء لبرهة. سيهدأ سعر الدولار لبرهة. ثم تعود الصراعات، ولا سيما على خطة الخروج من الأزمة، لتقضي على أي أمل. كل طرف رأيه معروف مسبقاً. لكل خطوطه الحمر التي تقود إلى منع التغيير.
شح الاعتمادات يفرض «التعايش» مع شح المحروقات!
مع ذلك، خبر من نوع «الرئيس نبيه بري يطلق مبادرة حكومية» قد يكون كافياً لبث أمل زائف. أمل لن يطول قبل أن يتلاشى على فشل المبادرة، بعد أن رفض الرئيس سعد الحريري مبادرته المبنية على حكومة من ٢٠ وزيراً. تلك خطوة بنيت على موافقة رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط على زيادة عدد مقاعد الدروز إلى اثنين، على أن يتشارك مع رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان، الذي زاره أول من أمس في كليمنصو، في تسميته. مبادرة بري الثانية كانت بالعودة إلى صيغة ١٨ وزيراً، على أن يقترح هو عدداً من الأسماء لوزارة الداخلية، يختار منها الرئيس ميشال عون والحريري اسماً من بينها. كذلك، لم يطل الوقت قبل أن يأتي الرفض من عون المتمسّك بحق تسمية وزير الداخلية.
في هذا الوقت، كان النائب جبران باسيل يعيد رسم أولويات التيار الوطني الحر، في مؤتمر صحافي تلا خلاله الورقتين السياسية والاقتصادية للتيار. نزع باسيل عنه ثوب السلطة، متحدثاً عن «معاناة التيار من إمساك منظومة سياسية ومالية بمفاصل الدولة والقرار». وقال إن التيار «عاش، كسائر اللبنانيين، أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد، وأزمة سقوط النظام، الأمر الذي دفعه إلى معالجة عميقة لخياراته وممارساته التي يجب أن تفضي إلى صوغ مقاربة مختلفة لهواجس اللبنانيين وحلولٍ لمشاكلهم، وأن تؤسس لنظامٍ جديدٍ يُبنى على أسس الصيغة والميثاق ويستفيد من العثرات المتأتيّة من الطائفيّة والفساد».
أما في الاقتصاد، فقد أكد باسيل دعم الاقتصاد الحرّ ودور القطاع الخاص فيه، مع «تمسّكه» بشبكات الأمان الاجتماعيّة. وما بين الاثنين، أشار إلى «مرونة لناحية التعاطي مع أصول الدولة ومواردها وثرواتها وكيفيّة الإفادة منها بحسب مصلحة اللبنانيين».
وكرر باسيل إشارته إلى تصميم التيار على «إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها بنيّة تطويرها بما يحقق: حماية لبنان عن طريق استراتيجية دفاعية، بناء الدولة من خلال مكافحة جديّة للفساد وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة»، مؤكداً أنّ «غاية التفاهم مع حزب الله ليست مصلحية ولا ثنائية، بل إشراك الجميع فيه وإشعارهم بنتائج حسيّة لعملية تطويره وإعادة الأمل بأنّه سيُسهم في قيام الدولة، ويكون السلاح جزءاً من الدولة يشعر اللبنانيون بالقوة من خلاله، من دون الخوف منه».
"الجمهورية": التأليف أسير الإعتبارات والضمانات
لاحظت أوساط سياسية متابعة للازمة انّ الرأي في ما يجري منقسم الى توجهين:
التوجه الاول يستبعد تماماً تأليف حكومة ويعزو السبب إلى اعتبارات إمّا خارجية تبدأ من غياب الضوء الأخضر الأميركي، ولا تنتهي في غياب الضمانات بتقديم المساعدات الدولية، وتحديداً الخليجية التي من دونها لن يتمكن البلد من الوقوف على رجليه مجدداً، وإمّا داخلية تبدأ بأزمة الثقة العميقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، ولا تنتهي بعدم استعداد الرئيس سعد الحريري لترؤس حكومة أولوية العهد فيها رئاسية ولا ضمانات بتحقيق الإصلاحات المطلوبة ولا بالحصول على المساعدات الخارجية، فيكون كمَن يضع كرة النار فالانفجار في حضنه، الأمر الذي ينعكس على وضعه ودوره المستقبلي.
امّا التوجه الثاني فيجزم بأنّ الحكومة ستبصر النور قريباً، لأنّ أحداً في الداخل والخارج لا يريد ان ينزلق لبنان إلى الانفجار في مرحلة انتقالية المطلوب فيها ان يبقى مستقراً لكي لا ينعكس انفجاره على الهندسة التي يُعمل عليها لهذه المنطقة. ولذلك، فإنّ الأمور ستتجه نحو التأليف من الآن وحتى نهاية الشهر.
وبين التوجّهين يواصل الدولار تحليقه، ويواصل الناس احتجاجهم الغاضب، وتتواصل الوساطات ولو خجولة وغير قادرة بعد على إخراج الحكومة من عنق الزجاجة.
تجميد الوساطات
وفي هذه الاجواء، لم تحمل نهاية الاسبوع اي جديد على مستوى الملف الحكومي في انتظار ما يمكن ان يحرّك المياه الراكدة. وفي الوقت الذي تحدثت مصادر «بيت الوسط» عن حركة محتملة هذا الاسبوع، لفتت الى انّ ما هو مطروح حتى اليوم من مبادرات داخلية لا يرقى الى مرتبة الحل، في اعتبار انّ ما حال دون توليد «تشكيلة 9 كانون الاول» ما زال قائماً في شكله ومضمونه ولو انّ هذه الامور قد تغيرت لكان الرئيس المكلف تبلّغ بذلك.
وعلى الصعيد عينه، قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ الحركة الداخلية التي قادها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم جمدت الى حين، وهو امر لا يعني انه قد تمّ صرف النظر عنها في انتظار حلحلة بعض العقد الجانبية.
مسعى بري
الى ذلك، أكد مطلعون على أجواء عين التينة انّ مسعى رئيس مجلس النواب نبيه بري لإحداث خرق في جدار الازمة الحكومية لا يزال ينطلق من قاعدة الـ18 وزيراً، مشيرين الى انّ هناك نوعاً من التضليل في بعض الاستنتاجات التي ترافق محاولته لتحريك المياه الراكدة، ومؤكدين أنّ الترويج عن أنّ بري اقترح رفع العدد الى 20 وزيراً ليس دقيقاً.
وشدد القريبون من عين التينة على «أنّ إصرار البعض على اقتناص «الثلث المعطّل» بنحو او بآخر هو السبب الأساسي الذي يستمر في عرقلة ولادة الحكومة»، مستغربين «كيف أنّ هناك من يتمسك بحسابات سلطوية فيما الدولة تنهار والدولار يواصل ارتفاعه مهدداً بانفجار اجتماعي كبير».
وفي سياق متصل، اعتبرت مصادر سياسية انّ طرح الـ20 وزيراً قد يكون هو الحل الممكن في نهاية المطاف، «لكن مشكلته تكمن في من يسمّي الوزير الكاثوليكي، في اعتبار انه من المحسوم انّ الوزير الدرزي الثاني سيختاره النائب طلال أرسلان او بالتفاهم معه، امّا الوزير الكاثوليكي فسيكون موضع تجاذب بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري».
وبالترافق مع انفلات سعر الدولار في السوق السوداء، نُقل عن أحد كبار المسؤولين تشديده على ضرورة الحزم في ملاحقة الصرافين المضاربين على العملة الوطنية، فيما نبّهت أوساط اقتصادية الى انّ خفض سعر الدولار لا يتم بوسائل بوليسية بل عبر التعجيل في تشكيل الحكومة، «علماً انّ تشكيلها فقط ليس كافياً ومفعوله الايجابي لا يطول، وبالتالي المطلوب بعد تأليفها ان تبادر فوراً الى البدء في اتخاذ القرارات الضرورية وتنفيذ الإصلاحات، وهذا وحده من شأنه تخفيض الدولار الى مستويات مقبولة وتَثبيته».
بعبدا لتسوية مع السعودية
وفي بعبدا كلام قليل عن الملف الحكومي في مقابل رصد حصيلة المساعي الجارية لتحسين العلاقات مع المملكة العربية السعودية، عقب زيارة موفد رئاسي منتصف الأسبوع الماضي الى السفارة السعودية للتشاور في التطورات الاخيرة وسبل تعزيز التعاون للخروج من المأزق القائم.
وكشفت مصادر عليمة انه من اهمّ ما انتهت اليه زيارة هذا الموفد الرئاسي تعهّد عون و«التيار الوطني الحر» بوَقف المساهمة في الحملات الإعلامية على السعودية، وهو ما ترجمته محطة «أو تي في» في برامجها السياسية التي تبدّلت بين يوم وآخر بنحو لافت وبارز، نظراً للتحول المحقق في توجهاتها السياسية.
الأنظار الى الخارجية الروسية
وفي هذه الاثناء، تتجه الأنظار اليوم الى وزارة الخارجية الروسية التي ستشهد لقاء بين مسؤوليها الكبار ووفد نيابي من «حزب الله» برئاسة رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وصل الى موسكو مساء أمس، ومن المقرر أن يبدأ لقاءاته اليوم مع الموفد الرئاسي الى المنطقة ميخائيل بوغدانوف الذي يتولى إدارة الملف اللبناني ثم يلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف العائد من جولته الخليجية واللقاء الذي جمعه مع الحريري في ابو ظبي، كذلك ستكون للوفد لقاءات أخرى منها لقاء مع اعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما.
"البناء": بري يتريّث بسبب السقوف العالية... وباسيل للحريريّ شكّل أو اعتذر
تستقبل موسكو وفداً قيادياً من حزب الله برئاسة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ضمن مسعى روسي للوقوف على قراءة حزب الله للأوضاع الإقليمية بعد تسلّم إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن لمقاليد الحكم، والاستعداد لملاقاة الفرضيات والاحتمالات بما فيها فرص التسويات في الملفات الساخنة، بخطط مشتركة، واستبعدت مصادر متابعة للزيارة أن تخرج بمبادرة تتصل بالمأزق الحكومي في لبنان.
لبنانياً، يبدو الوضع مغلقاً على فرص الحلحلة، ويندفع البلد بسرعة نحو الهاوية، حيث ارتفاع سعر الدولار ينتج تداعيات تتخطى الشأن الاجتماعي الذي تجاوز حدّ الفقر، إلى الشأن الأمنيّ مع تسجيل ارتفاع واضح في نسب الجرائم العاديّة من كسر وخلع وسرقة سيارات، بينما تصاعدت مشاهد المواجهات في المجمّعات التجارية بين المستهلكين على البضائع المدعومة، التي باتت ستاراً لتمويل التجار وتهريب الأموال إلى الخارج، فيما حذّرت مصادر أمنيّة من مخاطر الاقتراب من الفوضى الشاملة وظهور ملامح الأمن الذاتيّ في الأحياء والمناطق.
على الصعيد السياسيّ، قالت مصادر معنية بالملف الحكومي إن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان يدرس إطلاق مبادرة لحلحلة العقدة الحكومية، قرّر التريث في مبادرته بسبب السقوف العالية التي لا تتيح فرص تحقيق أي تقدّم، بينما قال رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إن الأزمة الحكومية ناتجة عن سعي الرئيس المكلف سعد الحريري إلى فرض أحد سيناريوهين، حكومة تحاصر رئيس الجمهورية، أو فراغ حكوميّ حتى نهاية العهد الرئاسي، داعياً الحريري إلى الاختيار بين تأليف الحكومة أو الاعتذار، إذا كان حريصاً على منع وقوع الانهيار، لأن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر لن يرضخا لأحد خيارَيْ الهيمنة أو الفراغ.
حتى الساعة، لا تزال اتصالات التأليف الحكومي تدور في الحلقة نفسها، فلا حكومة في المدى المنظور وفق مصادر مطلعة على مسار الوساطات لـ «البناء»، فملف التشكيل لا يزال غير محسوم حتى الساعة عند الأطراف المتنازعة، المفاوضات التي حصلت في الأيام الماضية لم تصل الى نتيجة، وطرح الرئيس نبيه بري لم يلقَ الصدى المطلوب، معتبرة أن الرهان يبقى على المساعي الخارجية التي بدورها لم تنجح في دفع القوى المعنيّة على تسهيل تشكيل الحكومة، مشدّدة على أن المسؤوليّة تقع على عاتق الجميع، فكل فريق من الأفرقاء يحاول الهروب من تحمل مسؤولية الانهيار. وليس بعيداً ترى المصادر ان المعنيين يعرقلون تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منهم، ولذلك يفضلون انتظار التسويات الخارجية لتأليف حكومة تشبه الحكومات السابقة تبقي على أدائهم التحاصصي في المؤسسات والوزارات.
الى ذلك تبدأ زيارة وفد حزب الله برئاسة النائب محمد رعد اليوم الى موسكو، حيث سيلتقي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، كما سيلتقي الوفد أيضاً مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الخاص لشؤون الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، فضلاً عن لقاءات مع ممثلي البرلمان الروسي في زيارة سوف تستمر 4 أيام سيناقش الوفد خلالها قضايا إقليميّة أولها الملف السوري والوضع اللبناني».
وفي السياق أشار النائب رعد، إلى أنه «ليس هناك جدول أعمال محدد النقاط، قد نمرّ على موضوع تشكيل الحكومة، لكن في سياق تقييمنا لأوضاع لبنان وضرورة الاستقرار فيه والسعي من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة». وأوضح أن جلسات النقاش سوف تتحدّد ما بين وزارة الخارجيّة ولجنة الخارجيّة في مجلس الدوما وبعض المسؤولين واعتقد أننا ستتاح لنا فرصة اللقاء مع بعض المسؤولين في مستوى وزارة الخارجيّة». وعن إمكانية أن تلعب الدولة الروسية دوراً في ملف تشكيل الحكومة اللبنانيّة قال رعد: «نأمل أن تأخذ روسيا دورها الطبيعي في مواكبة المساعي القائمة والضغط من أجل تسريع الحلول المطلوبة، التي يقررها الشعب اللبناني».
واعتبر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن الصمود هو عنوان المرحلة ويكون عبر تحديد خيارات استراتيجية وتموضعات انتقاليّة في السياسة الخارجية والداخلية وعبر سياسة تنظيمية داخلية تسمح بالتأقلم والتحمّل تحقيقاً لما اعتاد عليه التيّار من صمود ومرونة.
ورأى، في مؤتمر صحافي في ذكرى 14 آذار، أن عودة اللاجئين والنازحين شرط وجودي للبنان، مشدداً على أن التيار الوطني الحر يريد الاتفاق بين اللبنانيين على مفهوم واحد هو عدم انغماس لبنان في قضايا لا ارتباط له ولمصالحه بها.
وقال باسيل: «عانى التيار الوطني الحر من إمساك منظومة سياسية – مالية بمفاصل الدولة والقرار وعاش إثر ذلك كسائر اللبنانيين أزمة الانهيار الكبير في المال والاقتصاد وأزمة سقوط النظام».
وأكد رئيس التيار الوطني الحر تصميم التيار إعادة النظر بوثيقة التفاهم بينه وبين حزب الله ومراجعتها لتطويرها بما يحقق حماية لبنان، مشيراً إلى أن التيار مستعدّ لكل حوار لتوسيع المساحة بين اللبنانيين ويعمل لتحقيق الإصلاحات على مختلف الصعد.
وقال: «بناء الدولة يكون من خلال مكافحة جديّة للفساد وإجراء كافّة الإصلاحات، تطوير النظام بما يوقف تعطيله ويؤمّن الشراكة الوطنية الكاملة»، معتبراً أن الحل المستدام لمكافحة الفساد يبقى عبر قضاءٍ مستقّلٍ وفعّال واعتماد الحكومة الالكترونيّة لوقف الرشوة وتسهيل وتسريع المعاملات الادارية.
وحول الملف الحكوميّ، اعتبر باسيل انّ «الحكومة التي نريدها اليوم قبل الغد لن تصحّح وحدها الأمور. فالمشكلة أنّ هناك انهياراً اقتصادياً ومالياً وفي المقابل النظام السياسي «مش شغّال»، فهل الرئيس ميشال عون هو من صنع الثغرات في دستور الطائف؟».
وأشار باسيل الى أنه ليس مرشحًا للرئاسة، وتابع: «أتحدّى أن يقول أحد إنني فاتحته بهذا الموضوع».
ورأى باسيل انّ «الهيلا هو والعقوبات ومواقف الرئيس المكلف سعد الحريري ليست بالصدفة».
وقال باسيل: «اخترعوا أخيراً أنهم لا يقبلون إلا أن نعطيهم الثقة، وهم يريدون حصار الرئيس من ضمن الحكومة «وتدقيق جنائي رح نشوف ساعتها» وهم يستخدمون الدولار وآخر همّهم ما يحصل للناس»، مشدداً على ضرورة «تشكيل حكومة لمعالجة الأوضاع الملحّة والقيام بحوار وطني لأنّ الدول لن تنفعنا»، لافتاً الى «أنهم يريدون ان ينهوا عهد الرئيس ميشال عون بالقول إن هذه التجربة فشلت ولهذا يدخلون بحسابات النصف زائداً واحداً والثلث والثلثين في الحكومة، علمًا أنها يفترض أن تكون حكومة اختصاصيين».
وأضاف: «يصوّرون انّنا ضدّ السنّة فقط بسبب التفاهم مع «حزب الله»، لكننا نسعى دائماً للتفاهم مع الجميع وبينهم تيار المستقبل»، وتابع: «تحدّثنا مع «حزب الله» في الحاجة الى تطوير التفاهم ونزع السلاح بالقوّة يسبّب حرباً في الداخل ونزاعاً في الإقليم، لكن بالتفاهم يمكن وضع إطار له».