لبنان
اجتماع بعبدا نبّه من ضرب الاستقرار.. وقائد الجيش حذّر من انهيار أمني
اهتمت الصحف الصادرة بالأوضاع الخطيرة التي سادت البلاد خلال الأيام الماضية، لا سيما التحذيرات الأمنية التي أطلقها قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس، إضافة إلى مقررات الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية في بعبدا، والذي لفت إلى أن قطع الطرق مرفوض وأن الأمر بات يتجاوز مجرّد التعبير عن الرأي إلى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار.
واهتمت الصحف أيضا بمسلسل قطع الطرقات أمس ضمن ما يسمى "يوم الغضب"، والذي تسلّقت فيه بعض الأحزاب والتيارات على المطالب المعيشية المحقة للمواطنين.
يأتي ذلك في ظل جمود على الصعيد التأليف الحكومي، والذي يحرك ركود مياهه اليوم زيارة للمدير العام لأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى بكركي في محاولة لتسويق آخر طرح للحكومة الجديدة.
"الأخبار": القوات والكتائب وجماعة الاخوين الحريري تنتفض على حراك 17 تشرين: فوضى حتى إسقاط عون
في «إثنين الغضب»، غاب الغضب الشعبي من الشوارع رغم توافر كل أسبابه، وذلك لأن أحزاب السلطة ركبت موجة «الثورة» علانية هذه المرة، وبات لديها الجرأة لإطلاق شعاراتها وأجندتها على الملأ. وصار واضحاً أن الهدف لم يكن الحشد بقدر ما هو بروفا لقطع أوصال المناطق و«فدرلتها». استعاد القواتيون «نوستالجيا» الحرب ومصطلحات تقسيمية بين «شرقية» و«غربية». عاونهم في مناطق أخرى حزب الكتائب، ومناصرون لتيار المستقبل ينفي الأخير أنه طلب منهم المشاركة في قطع الطرق، ومحسوبون على الشقيق اللدود للرئيس سعد الحريري، بهاء الحريري، ومجموعات من العسكريين المتقاعدين. جديد أمس أن كثراً من قاطعي الطرق استبشروا خيراً بموقف قائد الجيش، العماد جوزف عون، ورأوا فيه تغطية أمنية وعسكرية وسياسية لهم. طوال يوم أمس، غابت غالبية الشعارات المرتبطة بأسباب الانهيار، ونأت أكثرية مجموعات 17 تشرين بنفسها عن التحركات، فيما بدت كلمة سرّ قاطعي الطرق واحدة: استقالة ميشال عون.
انتهى «إثنين الغضب» بانتصار أحزاب السلطة السياسية، أكانوا موالين أم معارضين. هكذا بدا المشهد أمس؛ المنظومة الفاسدة نفسها، تتسبب في انهيار البلد وتثور فوق جثته. غالبية الناس فهمت لعبة الأحزاب ولم تعد تجاريها أو تسمح باستعمالها وقوداً لتصفية حسابات سياسية. حصل ذلك بالتوازي مع ظهور حزبي وقح لا يسعى لإخفاء هويته أو أجندته. بات اللعب «عالمكشوف»، وسارعت السلطة السياسية الى «فدرلة» انتفاضتها. القوات والكتائب يقطعان أواصر جبل لبنان، الحزب الاشتراكي يهتمّ بالجبل وجزء من طريق الجنوب (هذه المرة لتحاشي قطعهما بهدف تخفيف حدة التوتر مع حزب الله) فيما تيار المستقبل يتولى القسم الآخر والبقاع وبعض الأحياء في بيروت. الجميع جاهز لأي ساعة صفر محتملة، وليس ما يجري سوى بروفا وضغط سياسي على المواطنين وفريق سياسي يمثله رئيس الجمهورية وحزب الله. كل ذلك أدى الى تفريغ الشارع من أي «ثورة» كان يجب أن تشتعل نتيجة اجتياز سعر صرف الدولار الـ10 آلاف ليرة لبنانية، وما رافقه من ارتفاع في أسعار السلع وطرد موظفين من أعمالهم، إضافة الى إقفال محال ومؤسسات أبوابها لمدة طويلة. والأهم أن لا حلول اقتصادية أو مالية في الأفق في ظل انقسام سياسي حول الرزمة الإصلاحية ومحاولة الهروب من التدقيق الجنائي لحماية حاكم مصرف لبنان وصحبه.
نفت مصادر القوات أن تكون قد أصدرت قراراً حزبياً بالمشاركة واعتبرت إطلاق شعارات منسية مسعى لتشويه صورة الحزب
هذه العناوين الرئيسية لم يُسمع لها صدى يوم أمس بين المحتجين - على قلّتهم. فقد جرى قطع الطرقات في بعض المناطق بواسطة شابين لا أكثر، ولم يكن ثمة اعتصام يتعدّى أفراده العشرات. ذلك لأن إيصال الرسالة السياسية لا يحتاج إلى حشود، والرسالة هذه كانت تصدح من كل المناطق، وبشكل خاص من الدورة وجل الديب والزوق وجبيل، ضد رئيس الجمهورية ميشال عون، وتدعوه إلى الاستقالة، من دون الحديث عمّا سيتحقق في اليوم الذي يلي تلك الاستقالة. يُسألون لماذا رئيس الجمهورية، الجواب واحد: لأنه متحالف مع حزب الله. ما الحلّ إذاً؟ «الحياد» على طريقة البطريرك بشارة الراعي الذي وإن اختلف معه القواتيون على تصريحه السابق بأنه «لولا حزب الله لكان داعش في جونيه»، لكنه اليوم «القائد». ثمة من يقول هنا إن رئيس الهيئة التنفيذية سمير جعجع حاول عبثاً ركوب موجة الانتفاضة، لكنه اليوم وجد في مبادرة البطريرك عناوين للتلطي خلفها، ولإيجاد مكان لنفسه. في الأيام القليلة الماضية، كان الظهور القواتي في جل الديب والزوق واضحاً، وذُيِّل أمس بشعارات تقسيمية لا تعبّر سوى عن الحمل القديم الجديد، أي الفدرلة أو ما يطيب للبعض تسميته «اللامركزية». علت صرخات تقول: «وحدها بتحمي الشرقية، القوات اللبنانية». قبلها بيومين، كان ثمة شاب يحمل مسدساً في جل الديب ويهدّد ويتوعّد، قبل أن يصبح في قبضة الجيش. بين هذا وذاك، جلس رجل متقدّم في العمر على الأوتوستراد يصرخ بأنه من بشرّي وينتخب ستريدا جعجع وجوزيف إسحق ومن له على القوات فليحاسبها. الحضور القواتي كان كثيفاً في جل الديب والزوق، كما الصلبان المشطوبة.
ما حصل خلال الأسبوع الماضي ويوم أمس أيضاً هو توحيد المطلب بإسقاط رئيس الجمهورية ميشال عون «الجالس في الحضن الإيراني». فات المحتجين أن الوزيرة السابقة مي شدياق أعلنت على الملأ جلوس القوات وغيرها من قوى 14 آذار في الحضن الأميركي والخليجي بتقاضيها تمويلاً خارجياً، مقابل تنفيذ أجندة ما بالطبع، وليس لأن تلك الدول معجبة بثقافة رؤساء هذه الأحزاب. المستقلون الذين انخفض عددهم كثيراً، لم يغيبوا عن هذه المناطق، وقد تحدثوا على المحطات عن «تحييد الكتائب والقوات لمطالب الثورة». إلا أن الوجود الحزبي والتركيز الإعلامي على جهة وشعارات دون غيرها، حيّدا الأنظار عمّا رفعه المستقلون في جل الديب والزوق. في جبيل، بدت الشعارات أقرب الى المزاج الكتائبي، والحديث هناك أيضاً كان واحداً: «ضرورة استقالة كل النواب من البرلمان». في الدورة، نزل العسكريون المتقاعدون بقيادة جورج نادر وبدأوا يوبّخون العالقين في سياراتهم لأنهم خرجوا من منازلهم. أما في نهر الموت، فقطع بعض الشباب القادمين من منطقة الزعيترية الطريق.
من جهته، وقف الجيش متفرجاً على قطع الطرقات ومباركًا لهذه الخطوة، حتى إن أحد الضباط الذي أصيب بحجر في جل الديب كاد يعتذر من رامي الحجر. لعب العسكر المنتشر دور قوات السلام، وعبّر الشباب عن فرحتهم من تعاون اللواء 11 معهم، خصوصاً عند نصب الخيم في منتصف الأوتوستراد وعند إبلاغهم أن الجيش لن يبادر الى فتح الطريق طالما الطريق البحرية مفتوحة.
غابت المجموعات المدنية الرئيسية من الشارع ونظمت تحركاً موازياً بمناسبة يوم المرأة العالمي
على المقلب القواتي، نفت المصادر أن يكون هناك أمر حزبي بقطع الطرقات أو رفع «شعارات منسية وصلبان. بل بالعكس، القوات حريصة اليوم على وضعيّتها في طرابلس كحرصها على وجودها في جونية، وعلى طريق الجديدة بقدر حرصها على الأشرفية». ومن يرفع هذه الشعارات، «إما يقوم به بشكل عفوي انطلاقاً من ضيق نفسه والانهيار الذي نرزح تحته، وإما لتشويه صورة القوات». ذلك لا يتعارض مع مشاركة مناصري القوات يوم أمس بقرار فردي، وفق المصادر، «لأن القوات موجودة منذ اليوم الأول للانتفاضة في صلب التحركات». فما يؤكد عدم وجود قرار حزبي بتسكير الطرقات هو «غياب الحشد الكبير والعنوان السياسي الأساسي، أي الانتخابات النيابية المبكرة، ولأن وضع البلد الدقيق والمتجه نحو الانفجار يدفع القوات الى العدّ للعشرة». تذهب المصادر الى ما هو أبعد، والى اعتبار التحرك «منظماً» وربما «ثمة مايسترو ما يسعى لتوظيف اندفاعة الناس وعفويتهم من أجل تحقيق هدفه بتأليف حكومة؛ إذ من المستغرب تزامن مجموعة عوامل في وقت واحد، كارتفاع سعر الدولار وتراجع وليد جنبلاط عن التمسك بالوزيرن الدرزيين وعون عن الثلث المعطل، وتهديد رئيس الحكومة المستقيل بالاعتكاف، إضافة الى عودة الاحتجاجات الشعبية». ما يردّده القواتيون، أشار إليه رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، أمس، بقوله إن «بعض التحركات مشبوهة وقد تأخذنا إلى الفوضى، ولا علاقة لها بالمطالب الاجتماعية، ولا أرى تحرّكاً مطلبياً ومدروساً، وغريب غياب جماعة «كلن يعني كلن»، ولماذا ما من تحرّك مطلبي مدروس؟».
في مقابل حضور الأحزاب، غابت المجموعات المدنية الرئيسية، ولم يوجّه أيّ منها دعوة رسمية على صفحاته. المرصد الشعبي لمكافحة الفساد دعا الى اعتصام أمام المحكمة العسكرية لمساندة المحتجين المعتقلين. مجموعة شباب المصرف أصدرت بياناً في اليومين الماضيين حذرت فيه «من الوقوع في الكباش السياسي الذي تخوضه أحزاب السلطة». شباب المصرف وبعض المجموعات الأخرى نظموا مسيرة بمناسبة يوم المرأة العالمي بعد ظهر أمس، بدأت من المتحف ووصلت الى ساحة الشهداء.
ممنوع دخول غير القواتيين!
تعرّض الناشط بيار بعقليني، يوم أمس، لمضايقات من قواتيين في جل الديب فور وصوله الى المنطقة للمشاركة في الاحتجاجات. فقد طوّقه حزبيون، وطلب منه شخص، عُرِّف عنه بأنه مسؤول القوات، مغادرة المكان. كذلك، بدأ بعض القواتيين بالضغط عليه ودفعه بأياديهم "لأنه لا مكان لمعارضي القوات". فبعقليني غالباً ما يهاجم القوات ورئيسها سمير جعجع على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما لم يعجب الحزبيين الذين لم يتحملوا انتقاد أحد الأفراد لهم، وتصرفوا بميليشيوية، مدّعين السيطرة على شارع لا يملكونه. على الأثر، تقدم بعقليني بشكوى ضد هؤلاء وضد رئيس حزب القوات، معتبراً أن ثمّة قراراً قيادياً بالتعدّي عليه.
"البناء": عون ودياب يحذِّران من انقلاب... ويدعوان لإجراءات أمنيّة وماليّة
الواقع الأمني استدعى تحركاً سياسياً وأمنياً رسمياً على مستويات عدة في بعبدا وقيادة الجيش في اليرزة.
وترأس رئيس الجمهورية ميشال عون اجتماعاً اقتصادياً، مالياً، أمنياً وقضائياً بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنيّة ومدّعي عام التمييز وحاكم مصرف لبنان.
وحذّر رئيس الجمهوريّة في مستهل الاجتماع من «خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني. وطلب من الإدارات والجهات المعنيّة قمع المخالفات التي تحصل لا سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائيّة واحتكارها وحرمان المواطن منها، مشدّداً على عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضرّ بمعيشة الناس وطلب من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للإساءة للبلاد لا سيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجيّة تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية».
وقال: «قطع الطرق مرفوض وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد، خصوصاً أن الأمر بات يتجاوز مجرّد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار».
وصدرت عن اجتماع بعبدا سلسلة قرارات واجراءات أبرزها:
«- تكليف الأجهزة الأمنية ضبط جميع الأشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أو غير المرخصين الذين يمارسون المضاربة.
تكليف الأجهزة الامنية العمل على استكمال إقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار الأميركي تجاه الليرة اللبنانية ومتابعة التواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الإلكترونية بالاستناد الى القوانين الدولية المرعية الإجراء.
الطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة».
وأشارت المعلومات إلى أن الرئيسين عون ودياب وجها أسئلة لحاكم مصرف لبنان حول ارتفاع سعر صرف الدولار، فردّ سلامة مدعياً بأنه لا يستطيع ضبط هذا الأمر والتدخل بسوق القطع، لأن السوق عرض وطلب وهو لا يملك المزيد من الاحتياط للتدخل.
ونفذت القوى الأمنية حملة ملاحقة ومداهمة لعدد كبير من محال الصيرفة والصرافة غير الشرعيين في بعض المناطق والتي تشارك في عمليات المضاربة بالدولار، وتم ختم محل صيرفة بالشمع الأحمر وتوقيف او استدعاء ستة صرافين في شتورة. لكن مصادر متابعة للوضع المالي أوضحت لـ«البناء» أن هذا الأمر لا يكفي بل تجب ملاحقة بعض الموظفين النافذين في مصرف لبنان ورؤساء مجالس بعض المصارف وهم الجهات المسؤولة عن إدارة التطبيقات الإلكترونيّة للتحكم بسعر الصرف بالتعاون مع صرافين من فئة أ، وبالتالي حصر عمليات المضاربة بالصرافين من فئة ب والصرافين غير الشرعيين تشويه وتعمية للحقيقة».
وعقدت مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون، في موازاة التلاعب الفاضح بسعر صرف الدولار السبت الفائت، «جلسة تحقيق استمعت فيها إلى نقيب الصرافين محمود مراد والصيرفي من الفئة «أ» إلياس سرور وتغيب الصيرفي من الفئة نفسها وائل حلاوي والذي تم تكرار دعوته إلى جلسة أخرى تعقد هذا الخميس 11 آذار 2021، وذلك على خلفية الدعوى المقدمة ضد كل من حاكم مصرف لبنان ومدير العمليات النقدية في المصرف مازن حمدان، ونقيب الصرافين محمود مراد وعدد من كبار الصيارفة ومصارف، وذلك بجرم تبييض الأموال الناجمة عن عمليات التداول بالعملة بقصد التعرّض للنقد الوطني سنداً للمادة 9 من قانون تبييض الأموال، وللإخلال بأمن الدولة سنداً للمادة 19 من قانون العقوبات.
وفي موقف يُعدّ الاول من نوعه، حذر قائد الجيش العماد جوزف عون من انهيار الوضع الأمني. وقال خلال اجتماع رأسه صباحاً لكبار الضباط «نحن مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية، لكننا لسنا مع التعدي على الأملاك العامة والخاصة ولن نسمح بأي مسّ بالاستقرار والسلم الأهلي».
وتابع عون: «ليس صحيحاً ما يُحكى عن حالات فرار في الجيش بسبب الوضع الاقتصادي». وأضاف: «لا نقبل أن تمدّ اليد على حقوقنا وممنوع التدخل بشؤوننا أو بالترقيات أو التشكيلات والجيش متماسك وفرطه يعني نهاية الكيان وتجربة 1975 لن تتكرّر».
وكانت الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية والاقتصادية وارتفاع سعر صرف الدولار انطلقت منذ الصباح الباكر، وقطع المحتجون الطرقات من الشمال إلى الجنوب، ومن البقاع إلى بيروت.
إلا أن حجم هذا التحرك والحشد الشعبي لم يأتِ على قدر العنوان الذي وضعته مجموعات مجهولة الهوية بعنوان «اثنين الغضب»، بل لم يتمكن من حشد أكثر من 10 في المئة مما كان منتظراً، بحسب ما أكدت مصادر ميدانية لـ«البناء»، ما يثبت بأن «ما يحصل في الشارع بنسبة 80 في المئة منه ليس ثورة جياع ولا تحركاً شعبياً بل مخطط لضرب الأمن والاستقرار للاستخدام السياسي تقف خلفه قوى خليجية للضغط على حزب الله والرئيس عون في الموضوع الحكومي، فضلاً عن استخدام السعودية للبنان كورقة للضغط على محور المقاومة لوقف الهجمات اليمنيّة على المملكة». وتوقعت المصادر شهرين ساخنين في لبنان والمنطقة حتى الانتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل، حيث من المتوقع أن تصل المفاوضات في الملف النوويّ الى حل بعد الانتخابات»، وشددت المصادر على أن «لبنان لن يستسلم للضغوط الخليجية والاميركية».
"اللواء": إبراهيم إلى بكركي اليوم مع مشروع «حلحلة»
وفي السياق الدبلوماسي دعت الولايات المتحدة الاميركية رعاياها لاعادة النظر بالسفر إلى لبنان، وذلك بسبب جائحة «COVID-19» والجريمة والإرهاب والنزاع المسلح والاضطرابات المدنية والاختطاف وقدرة السفارة المحدودة في بيروت على تقديم الدعم للمواطنين الأميركيين.
وقالت إنه يجب على مواطني الولايات المتحدة الذين يختارون السفر إلى لبنان أن يدركوا أن المسؤولين القنصليين من سفارة الولايات المتحدة لا يمكنهم دائمًا السفر لمساعدتهم. وتعتبر وزارة الخارجية أن التهديد الذي يتعرض له موظفو الحكومة الأميركية في بيروت خطير بما يكفي لمطالبتهم بالعيش والعمل في ظل إجراءات أمنية مشددة. وأضافت واشنطن أنه تم تقييد الحركات بشكل أكبر بسبب احتياطات الصحة والسلامة المتعلقة بـCOVID-19.
وأشارت إلى أن الجماعات الإرهابية تواصل التخطيط لهجمات محتملة في لبنان، وقد يشن الإرهابيون هجمات دون سابق إنذار تستهدف المواقع السياحية ومراكز النقل والأسواق / مراكز التسوق والمرافق الحكومية المحلية.
ولفتت واشنطن إلى أن الحكومة اللبنانية لا تستطيع ضمان حماية المواطنين الأميركيين من اندلاع العنف المفاجئ، ويمكن أن تتصاعد الخلافات الأسرية أو الطائفية بسرعة ويمكن أن تؤدي إلى إطلاق نار أو أعمال عنف أخرى دون سابق إنذار، ووقعت اشتباكات مسلحة على طول الحدود في بيروت وفي مخيمات اللاجئين. وقد تم إحضار القوات المسلحة اللبنانية لقمع العنف في هذه الأوضاع.
ودعت واشنطن رعاياها في لبنان إلى تجنب التظاهرات وتوخي الحذر إذا كانوا بالقرب من أي تجمعات أو احتجاجات كبيرة حيث تحول بعضها إلى أعمال عنف.
وقالت الخارجية الأميركية «نراقب الوضع عن كثب في لبنان وطالبنا مراراً قادة لبنان الالتزام بوعودهم بتشكيل حكومة ذات مصداقية بأسرع وقت».
إلا أن الحراك الحكومي مستمر، وفي هذا الإطار يرتقب ان يزور المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم صباح اليوم البطريرك الماروني بشارة الراعي في إطار التحرك الذي يقوم به لتسويق اخر طرح للحكومة الجديدة، والمتضمن ان يكون لرئيس الجمهورية خمسة وزراء اضافة لوزير الطاشناق في حين يتم تسوية الخلاف على حقيبة الداخلية، من خلال طرح عون ثلاثة اسماء غير حزبيين، على ان يختار الحريري اسما من بينهم. وفي حين روجت مصادر سياسية ان هذا الطرح يمكن القبول به من كل الاطراف باعتباره الأوفر حظا للخروج من أزمة تشكيل الحكومة، مازالت المواقف منه غير معلنة بشكل قاطع بعد ولكن قد تتبلور المواقف بخصوصه بع عودة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى بيروت بينما روجت اوساط التيار الوطني الحر ان رئيسه ليس متحمسا للقبول به.
الحكومة
إذاً، بقيت الاتصالات حول تشكيل الحكومة متوقفة مع وجود الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد، حيث تردد انه سيلتقي في ابوظبي اليوم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. لكن للانتظار اسبابه وهو رد الرئيس عون على اخر عرض قدمه الحريري وهو التوافق على اسم من الاسماء التي اقترحها الحريري في الصيغة التي قدمها. وحسب المصادر المتابعة لموقف الحريري هو عند موقفه بعدد وزراء من 18 غير حزبيين وبلا ثلاث معطل، وكل ما يتواتر عبر الاعلام عن تخلي عون عن الثلث الضامن بحاجة لتأكيد رسمي من بعبدا، والحريري مستعد للبحث مع عون فور تبلغه ذلك رسمياً في اي صيغة يجري التوافق عليها سواء بتوزيع الحقائب او تبديل اسم او اكثر من الوزراء.
وكررت حركة امل في بيان اصدرته اثر اجتماع مكتبها السياسي، التأكيد «ان المخرج الوحيد للازمة في ظل الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد، هو باستعادة زمام الامور من خلال الاستعجال بتأليف الحكومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من المصالح الذاتية الضيقة التي لا يمكن ان تنقذ الوطن، بل تكبله بالشروط التعجيزية، وتطيل معاناة اللبنانيين الذين لم تعد تهمهم كل الشعارات التي يحاول المعطلون التلطي خلفها بحجج واهية وأوهام قوة غير موجودة الا في اضغاث احلامهم، بل لم يعد اللبنانيون مهتمين بحصص الطوائف.
كهربائياً، اكد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر في حوار مع الـ LBCI ان «الوزارة تملك الاموال الكافية لاستيراد الفيول لكهرباء لبنان لآخر شهر اذار وتعتمد بذلك على سلفة من الخزينة وان لم تتوفر الاموال اللازمة قد نصل الى الانقطاع التام للكهرباء من بعد نهاية هذا الشهر»، مشيراً الى انه «يمكن ان نرفع الدعم بشكل تدريجي ولكن المازوت مختلف عن البنزين لانه مرتبط بالافران وبالتدفئة وبالزراعة وليس فقط بالكهرباء ومن الممكن ان يكون لديه دعم معين، ونحن في مؤسسة كهرباء لبنان نأخذ الفيول غير الموجود في لبنان والمسعر بالدولار ونقوم بتحويله الى كهرباء ونقوم ببيعه، ومنذ اوائل التسعينيات تم وضع سعر للبرميل ولم يتغير والدولة رفضت ان تغير تسعيرة الكهرباء للمواطنين».
وشدد الوزير على انه «سعينا بكل الطرق لتأمين السلفة لكهرباء لبنان وتقدمنا لمجلس الوزراء بقانون معجل مكرر لتحقيق ذلك ووصلناالى هذه المرحلة بسبب مشكلة هيكلية في التعرفة».
جنبلاط للجم الفتنة
وفي ما خص الوضع المتوتر على الارض، وفي سياق التأكيد على «ضرورة الا تستغل تحركات المواطنين لخلق اي فتنة، وتكريساً لموقف الحزب التقدمي الاشتراكي في رفض قطع الطرقات على الناس، حيث ان الحرية حق مكتسب للمتظاهرين وغير المتظاهرين»، حسب بيان للحزب، اجرى الوزير السابق غازي العريضي بتكليف من رئيس الحزب وليد جنبلاء اتصالات بمسؤول لجنة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا، ومستشار رئيس مجلس النواب احمر بعلبكي للتأكيد على هذا الموقف منعاً لاي استغلال لحقوق الناس وتحركاتهم في اتجاهات لا تخدم مطالبهم المحقة، والتنسيق بين الجميع ومع الاجهزة الامنية وفق ما تمليه الظروف في هذا السياق.
وكانت انطلقت مع ساعات الصباح الأولى، تحركات المحتجين، حيث قطع طرقات الوطن بالاطارات المشتعلة والآليات الكبيرة، تحت عنوان «اثنين الغضب».. علّ الصرخة تصل إلى من يصمون آذانهم عن أوضاع الشعب وأوجاعه.
ووسط تذمر خجول من العالقين بسياراتهم، الذين أيدوا بمعظمهم التحركات بعدما اختنق المواطن جوعاً وقهرا وحرمانا ومذلة، جاء «بيان بعبدا» ليسعر «غليان الشعب وعضبه» حيث طالب الأجهزة الامنية والعسكرية بعدم السماح بإقفال الطرقات، ليكون الرد من رحم الوضع: «انتظروا المفاجآت»، في حين دعت «عامية 17 تشرين» جميع المجموعات والنشطاء للنزول بكثافة إلى الشارع دعماً للتحركات الشعبية المحقة والوقوف بوجه القرارات الصادرة عن اجتماع بعبدا، الذي دعا الى استخدام القوة ضد المحتجين»، مؤكدة ان «ما جرى في بعبدا يعد انقلاباً امنياً على مطالب الناس ودفع مؤسسات الدولة واجهزتها الى قمع المواطنين الذين يدفعون ثمن سياسات الدولة الخاطئة».
وعلى الرغم من تقطيع اوصال الوكن الا ان المحتجين حرصوا على السماح بمرور الحالات الطارئة للمستفين وموزعي الادوية والاوكسجين.
397871 إصابة
صحياً، أعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 2283 أصابة بفايروس كورونا و43 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 397571 إصابة مثبتة مخبرياً، منذ 21 شباط 2020.
"الجمهورية": مخاوف من تحوّل الشارع الى شوارع
وتخوّفت مصادر سياسية مما سمّته «امراً خبيثاً» يحضّر للبنان، مشيرة في هذا السياق الى ترويج متعمّد جرى في بداية الشهر الجاري، عبر بعض المحطات التي تبث من خارج لبنان، لسيناريوهات رهيبة في انتظار اللبنانيين وتوتّرات أمنية شديدة الخطورة في كل لبنان تولاها احد الاعلاميين غير اللبنانيين، حيث قال ما حرفيّته: «لم تتلقف النخبة السياسية صرخة الشعب اللبناني. النظام فاشل وعاجز ومسكون بفساده وليس بمصالح الشعب اللبناني، الشعب اللبناني سيجد نفسه خارج المؤسسات الدستورية، وخارج النظام، ويسعى الى إسقاط النظام في الشارع، لأنّ سياسيي لبنان لم يتركوا له الا الخروج الى الشارع، والكفر بكل ما هو سياسي وبكل ما هو رجل سياسة. وفي النهاية شعار «كلن يعني كلن» سيعود مرة اخرى، لكن هذه المرة لن يكون بشكل مهذّب او لطيف، وللأسف الشديد أرى دماء كثيرة آتية في الشارع».
المريب في الامر انّ هذه الاجواء ترافقت مع تحرّك خطير قامت به بعض التطبيقات المُدارة من غرف سود داخل لبنان وخارجه، لرفع سعر الدولار الى مستويات خيالية.
الّا ان ما يبعث على الريبة اكثر، هو انّ الجهات المعنية في لبنان السياسية وغير السياسية تعاطت مع هذا الضغط الامني والنقدي باستلشاق فاضح، من دون ان تبادر الى كلمة تحفظ فيها ماء وجهها امام ما يقال، او الى إجراء او اي خطوة احترازية ولو من باب رفع العتب، وهو أمر يطرح اكثر من علامة استفهام حول الاستلشاق وما اذا كان متعمداً او غير ذلك.
الانفجار يقترب!
فلبنان، ومنذ ايام قليلة يتقلب على النار، والاحتقان بلغ اشده، ويعبّر عنه في الاحتجاجات الشعبية التي استمرت وشملت مختلف المناطق اللبنانية وترافقت مع قطع طرق رئيسة وفرعية. ومن يراقب الشارع يدرك انه مفتوح على شتى الاحتمالات، خصوصاً بعدما وصل المواطنون الى وضع لم يعودوا فيه قادرين على الاستمرار امام الوحوش التي فتكت بهم ولم تبق لهم حتى الفتات!
وفي هذا السياق، اكد مصدر سياسي مسؤول لـ»الجمهورية»: «اقول بكل ثقة، لا أمل في بلوغ أي حلّ او انفراج على الاطلاق مع هذه النوعية من الحكام. مأساة لبنان ليست في ازمته فقط، بل هي في من يصرّ على جعل اللبنانيين جمراً على مائدته، ولا يريد أن يرى، او بالأحرى يرفض أن يرى ابعد من كرسيه وحاشيته، ويسدّ سبل النفاد الى الانفراج، ويرفض الاستجابة لصرخات الناس ومد اليد اليهم قبل السقوط في الهاوية».
ولفت المصدر الى انه «عندما يفلس من هو في موقع المسؤولية، ينبغي ان نتوقع اي شيء، ومع استمرار الحالة المرضيّة السائدة على حلبة التأليف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وتياريهما السياسيّين، أصبح الحديث عن انفراج حكومي في منزلة اللاواقعي، لأنّ المرض المستحكم بين عون والحريري، وتحديداً بين الحريري وجبران باسيل، اصبح من النوع المستعصي وغير قابل للشفاء الا بانسحاب احدهما امام الآخر، وهذا ليس خياراً مطروحاً من الجانبين، ما يعني انّ الدوامة السياسية القائمة حالياً ستستمر في الدوران وتوليد مزيد من عناصر الاحتقان والتوتير».
ورداً على سؤال لفت المصدر الى «أنّ من يراقب الشارع يتأكد من ان الجائعين لم ينزلوا الى الشارع بعد، فحراكهم متى حان سيكون حتماً نهراً جارفاً لن يكون في استطاعة احد ان يقف في وجهه، لأنّ الجوع وحّد كل فئات الشعب اللبناني في «طائفة الجوع». واذ اشار الى ان مجموعات من الغاضبين نزلت الى الشارع، حذّر مِن تسلق من سمّاهم «مدسوسين» لتشويه هذه التحركات والاحتجاجات. اذ ان هناك معطيات لدى جهات امنية وسياسية حول محاولات جدية لإثارة لعبة الشارع وتحويل البلد شوارع متقابلة ومتواجهة بعضها مع بعض».
تحذيرات
وفي هذا الوقت، ابلغ معنيون بالملف الحكومي الى «الجمهورية» ان الامور «تتسارع الى الوراء والتعقيدات تتزايد يوماً بعد يوم، وان عون والحريري أعدما كل امكانية لإعادة التواصل بينهما، علماً انّ محاولات في هذا الإتجاه جرت في الأيام القليلة الماضية، لكن من دون أن تتمكّن من كسر الحائط الفاصل بينهما. وتحدث هؤلاء عن دفع فرنسي في هذا الاتجاه تجلّى في حركة اتصالات مكثفة مع الطرفين، وذلك بالتوازي مع مخاوف جدية من مستويات اوروبية واممية من انحدار الوضع في لبنان الى منزلقات خطيرة، بعد التطورات الامنية التي سادت في بعض المناطق، وتشدد على ضرورة احتواء سريع للازمة الحكومية.
مخاض ما قبل الحل؟
في هذا السياق علمت «الجمهورية» من مصادر مطلعة انّ مبادرة اللواء عباس ابراهيم لحل الازمة الحكومية لا تزال على نار حامية، ورأت مصادر متابعة للملف والمفاوضات ان هذه المبادرة تكاد تكون الحل الوحيد المطروح بقوة على الطاولة ولا خيارات بديلة، خصوصا انها لاقت قبول الطرف الاصعب وهو رئيس الجمهورية ومعه التيار الوطني الحر حصة 5 + واحد والتوافق على اسم مشترك للداخلية بات المخرج الوحيد وفق صيغة «لا غالب ولا مغلوب» ولا خاسر في هذه المعادلة. واذا صَفت النيات، تقول المصادر، فإنه يفترض ان تتوج هذه المبادرة بلقاء ايجابي قريب ما بين عون والحريري ينتج منه عودة فاعلة الى تفاوض ودينامية في اتجاه ولادة حكومة. أما اذا بقيت العراقيل، فهذا يعني ان الامر اصبح اكبر من تأليف حكومة، ويظهر ان هنالك فعلاً من لا يريد الحل وان المشكلة تجاوزت المسألة الحكومية الى نزاع خطير حول الوجود والسيطرة.
وكشفت المصادر انّ الحريري لم يعطِ بعد جواباً على هذه المبادرة في انتظار عودته الى لبنان. كذلك كشفت انّ دولاً فاعلة ومؤثرة ساندت الحل المطروح وأرسلت إشارات ايجابية، اما إذا عادت العرقلة وأطيح بالحلول والمخارج مجددا، فليتحمّل كل طرف علناً مسؤولية ما تؤول اليه البلاد التي تقع حالياً في كباش «من سيقضي على من».
الحريري ولافروف
وفي غضون ذلك، أرجأ الحريري عودته الى بيروت التي كانت منتظرة امس في الوقت الذي سيصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى ابو ظبي اليوم في زيارة رسمية لدولة الامارات العربية المتحدة يلتقي خلالها المسؤولين الاماراتيين الكبار. وقالت مصادر مطلعة على اجواء بيت الوسط لـ»الجمهورية» ان تأجيل عودة الحريري ربما له علاقة برغبته اللقاء مع لافروف على هامش محادثاته مع المسؤولين الاماراتيين.
ولفتت المصادر عينها الى انه لم يكن هناك حتى بداية ليل امس اي موعد للقاء الحريري ولافروف، وإن حصل فلن يكون مفاجئاً، فالاتصالات كانت مفتوحة بين «بيت الوسط» وموسكو لترتيب زيارة الحريري لها قريباً، وربما جاءت زيارة لافروف لأبو ظبي مناسبة لتقريب موعد اللقاء بينهما.