معركة أولي البأس

 

لبنان

الشارع مشتعل..قطع طرقات على المواطنين..الحكومة في غيبوبة والحريري يعطل ويهاجم
05/03/2021

الشارع مشتعل..قطع طرقات على المواطنين..الحكومة في غيبوبة والحريري يعطل ويهاجم

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على ملفات عدة، كان أبرزها التصعيد في الشارع من خلال قطع الطرقات على المواطنين وذلك على وقع ارتفاع سعر صرف الدولار ومهاجمة الرئيس المكلف سعد الحريري لكل الأطراف السياسية بعد استمراره في تعطيل تشكيل الحكومة، فيما تطرقت أيضاً إلى المعلومات التي تم تداولها حول دراسة إدارة الرئس الاميركي جون بايدن فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

"الأخبار": واشنطن تتخلّى عن سلامة؟

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إنه "بعد الصفعة المدوّية التي تلقّاها من النيابة العامة الاتحادية في سويسرا التي صنّفته مشتبهاً فيه بقضايا اختلاس أموال من مصرف لبنان وتبييضها في مصارف عالمية، هل ستكون الضربة القاضية على رياض سلامة أميركية؟ حاكم مصرف لبنان لطالما كان رجل الولايات المتحدة الأميركية الأول في لبنان. هو الثابت بين كثير من المتغيّرين. وهو عين واشنطن الساهرة على القطاع المصرفي اللبناني. تتدخّل السفارة الأميركية لحمايته، وتهديد مسؤولين رسميين في حال فكّروا بأيّ مسّ به، وتحريض مراجع دينية وسياسية للدفاع عنه. ومن دون حياء، كان مسؤولون أميركيون يقولون لوزراء لبنانيين إن سلامة يتبادل معهم المعلومات، فضلاً عن حرصه الدائم على «الامتثال» لما تطلبه واشنطن، وأحياناً كثيرة الامتثال بأكثر مما تريد. رغم ذلك، كشفت وكالة «بلومبرغ» أمس عن أن واشنطن تدرس إمكان إصدار عقوبات بحق رياض سلامة". وسألت الصحيفة "هل سقطت ورقته في واشنطن، بعدما سقط القطاع المصرفي اللبناني برمّته، ولم يعد في الإمكان إنقاذه بسهولة واستخدامه لتنفيذ السياسات الأميركية في لبنان في المدى المنظور؟".

واضافت الصحيفة إن الحصار يشتدّ على رياض سلامة. بعد سويسرا والتحقيق المستمر بشأن تورّطه بغسيل أموال واختلاس محتمل، تتجه الولايات المتحدة الأميركية لإطلاق رصاصة الرحمة على حاكم المصرف المركزي اللبناني. وكالة «بلومبرغ» أفادت أمس بأن واشنطن تدرس فرض عقوبات على سلامة. و«نقلاً عن أربعة أشخاص مطّلعين على الأمر»، أشارت الوكالة إلى أن مسؤولين داخل إدارة الرئيس جو بايدن ناقشوا إمكانية اتخاذ إجراءات منسّقة مع نظرائهم الأوروبيين تستهدف رأس السلطة النقدية في لبنان. ونقلت الوكالة عن مصادرها أن «المناقشة ركّزت حتى الآن على إمكانية تجميد أصول سلامة في الخارج واتخاذ إجراءات من شأنها أن تحدّ من قدرته على القيام بأعمال تجارية في الخارج». وأوضحت أن المداولات جارية وقد لا يكون القرار نهائياً بشأن اتخاذ إجراء وشيك.

ولفتت إلى أنه وفق المصادر، طُرح خيار معاقبة سلامة العام الماضي، لكن الرئيس السابق دونالد ترامب لم يكن مهتماً باتخاذ إجراء مماثل حينها. وفي سياق متصل، قال الأشخاص الأربعة لوكالة «بلومبرغ» إن التحقيق السويسري يشمل أيضاً سلطات قضائية أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا، حيث تراجع السلطات روابط سلامة بالعقارات والشركات الوهمية والتحويلات المصرفية الخارجية.

وفيما أكدت مصادر حكومية مسؤولة أن المعنيين في لبنان لم يتبلّغوا أي شيء من هذا القبيل، ضجّت الساحة السياسية أمس بالخبر وتداعياته المحتملة. وما بدا مفاجئاً بالنسبة إلى كثر أن السفيرة الأميركية دوروثي شيا لم تتوقف عن دعم سلامة في لقاءاتها حتى أول من أمس، علماً بأن مصادر وزارة المالية نفت أن تكون شيا قد أبلغت الوزير غازي وزني أي قرار بشأن العقوبات في لقائها معه قبل يومين. لكن مصادر مطلعة رأت أنه إذا صح الخبر وفرضت أميركا عقوبات على سلامة، فإنه لن يكون بمقدوره البقاء يوماً واحداً في منصبه، بسبب تداعيات ذلك على العمل المصرفي والعلاقة مع المصارف الخارجية. عدا عن الأسباب الشخصية، التي تحتّم التزام سلامة، الذي لطالما كان خادماً أميناً لأميركا في لبنان، بقرار استبعاده.

وقالت "الأخبار" إن مبررات القرار الأميركي، مرتبطة بسلوك الإدارة الأميركية الجديدة، المعتمد على سياسة ثنائية الأبعاد: الحفاظ على مصالح أميركا في العالم من جهة، و«عدم إعطاء شركائنا الذين يتبعون سياسات تتعارض مع المصالح والقيم الأميركية» فرصة الاستمرار بأدائهم السابق، من جهة أخرى. وهي بهدف تسويق صورتها الجديدة، مستعدّة لإطاحة الشركاء والعملاء، متى شعرت بأنهم يضرّون بهذه الصورة، ومتى توقفوا عن خدمة المصالح الأميركية. وفي لبنان، القطاع المصرفي الذي كان أحد الأعمدة التي ترتكز عليها السياسة الأميركية، بات بحكم المنهار والمفلس. وكما قررت الإعلان عن تخلّيها عن دعم السعودية على اليمن بحجّة هذه القيم (من دون أن تتوقف عن إدارة الحرب، إما مباشرة، أو عبر تسليم «الأعمال القذرة» إلى حليفتها بريطانيا)، لن يكون صعباً التخلي عن رياض سلامة المتّهم بقضايا فساد وسوء إدارة، والذي تحوّل أصلاً إلى ورقة محروقة في زمن الانهيار.

مصادر مطّلعة قالت لـ"الأخبار" إن دوائر لبنانية رسمية صرحت بأنها كانت قد تبلّغت، قبل أيام، أن الحكومتين الأميركية والبريطانية تتابعان من خلال إدارات خاصة الملف المالي والنقدي في لبنان، ودور مصرف لبنان ودور الحاكم رياض سلامة على وجه التحديد.

وأشارت المصادر الى أن الأميركيين يهتمون بأمور غير تلك التي يهتم بها البريطانيون، وأن لندن قبلت التعاون مع السلطات في سويسرا من أجل متابعة حركة أموال تخصّ سلامة وأفراداً من عائلته ومقرّبين منه على مدى ثماني سنوات خلت، بالإضافة الى السجل العقاري لكل أفراد عائلته والمقرّبين منه، وأن فرنسا تقوم بالأمر نفسه. وأوضحت أن الطلب الذي تلقّاه لبنان من السلطات القضائية السويسرية أرسِل أيضاً الى فرنسا وبريطانيا ودول أخرى في سياق «التحقيق في شبهة اختلاس أموال من مصرف لبنان وتبييضها في القطاعات المصرفية» لتلك الدول.

وقالت المصادر إنه يجب التمييز بين التصرّف الأميركي والتصرف الأوروبي، لأن واشنطن تدرس الأمر من زاوية مختلفة. ولفتت إلى أن الإدارة الجديدة في واشنطن أعادت درس الملفات التي سبق أن أعدّت حول لبنان، وطلبت «عدم التمييز» بين المشكوك في أمرهم، علماً بأن هذا الأمر يخالف طبيعة السياسة الأميركية التي تعتمد في الكثير من دول العالم على التحالف مع سارقين وفاسدين ومفسدين.

وأشارت المصادر الى أن الأميركيين يهتمّون خصوصاً بالتعميم الرقم 154 الذي أصدره مصرف لبنان، وخاصة لجهة إعادة جزء من الأموال المحوّلة إلى الخارج منذ عام 2017، وسبق أن سألوا رياض سلامة عن الآليات التي تتيح تنفيذه، وخصوصاً لجهة إقناع أصحاب مصارف ومساهمين كبار ومديرين تنفيذيين بإعادة 30 في المئة من أموالهم التي حُوِّلت الى الخارج. وقال زوار واشنطن إن الأميركيين استغربوا عدم تحرك هيئة التحقيق الخاصة منذ أيلول الماضي، أي بعد وقت قصير من صدور التعميم. وكشفت أن الأميركيين سبق أن طلبوا من سلامة تحريك هيئة التحقيق الخاصة، ولم يفعل ذلك إلا متأخراً. وحسب الزوار، فإن الأميركيين اهتموا أيضاً بملف استعادة الـ 15 في المئة من قبل جميع الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج في السنوات الماضية، وحتى بكيفية عمل المصارف لزيادة رساميلها بنسبة عشرين في المئة.

وقالت المصادر إن الجديد في ملف سلامة هو أن الأميركيين صاروا يسألون منذ فترة عنه وعن معاملاته وحتى عن مساعدين له، بمن فيهم ماريان الحويك، وأنهم سألوا مصرفيين لبنانيين كباراً عن موقفهم من سياسات الحاكم، وقد تلقّوا تقارير من مصارف صغيرة احتجّت على سلامة وعلى تمييزه بين البنوك في ملف الهندسات أو الدعم.

وحسب الزوار، فإن معلومات طرحت في المداولات الأميركية مع زوار واشنطن اللبنانيين، أشارت الى معرفة أميركية تفصيلية بكل التحويلات التي جرت قبل 17 تشرين الأول 2019 وبعده، وأنهم كانوا ينتظرون من سلامة العمل على وقفها أو السعي الى استرداد قسم منها.

من جهة ثانية، كشفت المصادر أن وزارتَي الخارجية والخزانة في أميركا استعانتا بفرق تحقيق خاصة تعمل في إطار التدقيق الجنائي، وطلبت منها العمل في أكثر من سبع دول عربية وأوروبية من أجل التثبت من العمليات المالية لعدد غير قليل من الشخصيات اللبنانية السياسية والأمنية والمصرفية ومن طبقة رجال الأعمال «المقرّبين من مرجعيات نافذة في الحكم».

"البناء": حجب التيار الحر للثقة ينسف التخلّي عن الثلث المعطل

من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أسقط المبادرة التي تضمن تخلي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن وزير من الحصة التي كان يطالب بها في الحكومة، وهو ما كان يشكل عقدة أساسيّة في طريق المسار الحكومي تحت عنوان رفض حصول أي فريق على الثلث المعطل، مهاجماً حزب الله رداً على كلام لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال إن السعودية لن ترضى على الحريري لأنها تضغط لحساب المواجهة مع حزب الله، واتهم الحريري الحزب بالتبعية لإيران بينما وصف موقفه بالحر الذي لا يسعى لإرضاء أحد، مضيفاً أن التخلي عن الثلث المعطل لا يكفي لحلحلة الملف الحكومي إذا كان التيار الوطني الحر سيحجب الثقة عن الحكومة كما نقل عن تعليق رئيس التيار النائب جبران باسيل على المبادرة التي نسبت للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، حيث اعتبر الحريري أن الحصة الرئاسية بستة وزراء ومن ضمنهم وزير يمثل حزب الطاشناق بنيت على فرضية تمثيل التيار الوطني الحر ضمنها، كشريك في الحكومة، رغم تكوينها من اختصاصيين، وفي حال عدم مشاركته تنخفض الحصة الرئاسية وفقاً للحريري، بينما توقف باسيل أمام كلام الحريري مستخلصاً أنه يدل على عدم نية الحريري تشكيل حكومة، وأن تصعيده افتعال لمعركة وهمية لتبرير العجز لأسباب غير داخلية، قائلاً إن الحكومة مخطوفة.

ولفتت الصحيفة إلى أنه رغم اللغة السجالية الحادة رأت مصادر معنية بالملف الحكومي أن ثمة تحركاً لحلحلة العقد لا يمكن تجاهله، وما تم تناقله حول موقف جديد لرئيس الجمهورية بالتخلي عن مقعد وزاريّ من الحصة التي يطالب بها وإسقاط فرضية الثلث المعطل هو تطور هام، وإذا كانت العقدة الثانية هي مصير وزارتي الداخلية والعدل، فإن كلام النائب السابق وليد جنبلاط الذي أعاد تأكيده، حول عدم التمسّك بعدد الـ 18 لقوام الحكومة، يشير الى ان مساعي الحلحلة مستمرة وستستمر، وقالت المصادر إن صيغة مقايضة وازرتي العدل والداخلية بين عون والحريري مطروحة على الطاولة ومثلها عدد الوزراء في الحكومة، وحصة رئيس الجمهورية مع التيار الوطني الحر ومن دونه، وربما تكون الحصيلة هي صيغة تجمع هذه العناصر مجتمعة.

وقالت الصحيفة إنه في الشان المالي تسابقت الأخبار المتعلقة بسعر صرف الدولار وتحركات الشارع، مع التقارير التي نقلتها وكالة بلومبيرغ العالمية الاقتصادية عن توجه أميركي لإنزال عقوبات بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة، وقالت الوكالة إن “المسؤولين داخل إدارة الرئيس الأميركي ​جو بايدن​ ناقشوا إمكانيّة اتخاذ تدابير منسّقة مع نظرائهم الأوروبيّين تستهدف سلامة، الّذي قاد السلطة النقديّة للدولة الشرق أوسطيّة لمدّة 28 عامًا”، لافتين إلى أنّ “المناقشة تركّزت حتى الآن على إمكانيّة تجميد أصول سلامة في الخارج، وسنّ إجراءات من شأنها أن تحدّ من قدرته على القيام بأعمال تجاريّة في الخارج”. وأشاروا إلى أنّ “المداولات جارية، وقد لا يكون القرار النهائي بشأن اتخاذ أيّ إجراء، وشيكًا”.

واشارت الصحيفة إنه على وقع غليان الشارع واستمرار مسلسل قطع الطرقات لا سيما الحيوية منها أمام المواطنين العائدين إلى منازلهم بعد يوم عملٍ طويل. اشتعلت جبهة بعبدا وميرنا الشالوحي – بيت الوسط من جديد، ما يُؤشر إلى أن الكيمياء والثقة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من جهة والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة ثانية باتت مفقودة كلياً، ما يجعل المساكنة والتشارك بينهما تحت سقفٍ حكومي واحد صعب المنال، وبالتالي فإن الحكومة باتت أبعد من أي وقت مضى وأن البلاد تتجه إلى مزيد من التأزيم والفوضى الاجتماعية والأمنية وبحالة انتظار الانفجار الكبير.

ولفتت الصحيفة إلى أن السجال بدأ بعدما نفى المكتب الإعلامي للحريري المعلومات الصحافية التي أوردت أن الرئيس المكلف رفض الاقتراح الذي حمله إليه اللواء عباس ابراهيم من الرئيس عون. واللافت أن الحريري ضمن بيانه هجوماً على حزب الله للمرة الأولى منذ تكليفه، ما سيُعقّد الأزمة أكثر لا سيما أن الحزب كما أعلن نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم كان يقف في الوسط بين عون والحريري ويعمل على التوفيق بينهما وطرح أفكار وطروحات للحل!

واشار البيان إلى أن «الحريري، وعلى عكس حزب الله المنتظر دائماً قراره من إيران، لا ينتظر رضى أي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها، إنما ينتظر موافقة الرئيس عون على تشكيلة حكومة الاختصاصيين، مع التعديلات التي اقترحها الرئيس الحريري علناً، في خطابه المنقول مباشرة على الهواء في 14 شباط الفائت، وليس عبر تسريبات صحافية ملغومة كما يبدو الحال اليوم».

وربط بيان الحريري بين المعلومات الصحافية وكلام الشيخ قاسم الأخير، مشيراً إلى أن «هذا يعزز الشعور أن الحزب من بين الأطراف المشاركة في محاولة رمي كرة المسؤولية على الرئيس الحريري، لا بل يناور لإطالة مدة الفراغ الحكومي بانتظار أن تبدأ إيران تفاوضها مع الادارة الاميركية الجديدة، ممسكة باستقرار لبنان كورقة من اوراق هذا التفاوض».

وعزت مصادر سياسية في 8 آذار لـ"البناء" غضب الحريري واللهجة الهجومية في بيانه إلى موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أعلن أمس الأول تخليه عن صيغة الـ18 وزيراً التي كان الحريري يختبئ خلفها لتبرير عدم تأليف الحكومة، فيما العقدة في مكان آخر وتكمن بالموقف السعودي من الحريري كما أكد الشيخ قاسم في حواره الأخير. مضيفة: «بعد موقف جنبلاط وقبوله توسيع حجم الحكومة وبالتالي قبوله ضمنياً بوزير درزي آخر يمثل الأطراف الدرزية الأخرى، لم يعد تمسك الحريري بصيغة الـ18 مبرراً وبات موقفه مكشوفاً ولم يعُد يستطيع المناورة». وتساءلت المصادر: هل يبحث الحريري عن مشكلة أخرى لاستخدامها كذريعة لتبرير تأخره في تأليف الحكومة فاختار حزب الله هذه المرة بعدما بات تحميل عون وباسيل مسؤولية التعطيل مستهلكاً أمام الرأي العام اللبناني والمجتمع الدولي». ولفتت المصادر إلى أن «الحريري أيقن أن باب الحل مقفل وأنه لم يحصل على الحكومة التي يريدها كجواز مرور سعودي إلى رئاسة الحكومة، فعمد إلى مهاجمة الحزب علّه يُرضي السعودية فتفتح له ذراعيها لا سيما أن محاولته مهادنة ومسايرة الحزب طيلة هذا الوقت لحثه للضغط على حليفه عون لتقديم تنازلات وصلت إلى طريق مسدود فارتأى أن مهاجمة الحزب تكسبه أكثر».

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعدما قرأ المتابعون في مواقف جنبلاط تحولاً حيال الملف الحكومي وقربه من عون وحزب الله قال أمس: «لم أقلب الى أي مكان، البلاد تنهار وما زلنا عند شكليات سخيفة».

وقالت إنه دخل النائب باسيل على خط الاشتباك بشكل مباشر من خلال بيان لمكتبه الاعلامي رداً على بيان الحريري بقوله إن «الحريري قد اخترع معضلة جديدة أمام تشكيل الحكومة وهو يقوم بما اعتاد عليه وكنا قد نبّهنا منه، أي بحجز التكليف ووضعه في جيبه والتجوال فيه على عواصم العالم لاستثماره، من دون اي اعتبار منه لقيمة الوقت الضائع والمُكلِف، الى ان يجهز ما هو بانتظارِه. ايّها اللبنانيون ان حكومتكم الموعودة مخطوفة، ولن تكون ممكنة استعادتها سوى برضى الخارج او بثورة الداخل».

وذكرت "البناء" أن الحريري «رفض كل المبادرات والأفكار من جهات وسيطة عدة لا سيما طرح رفع عدد الوزراء إلى 20 وزيراً الذي وافق عليه عون مع تبادل وزارتي العدل والداخلية، كما رفض أي صيغة تخالف الصيغة الأخيرة التي طرحها»، إلا أن أوساطاً نيابية مستقبلية أوضحت لـ"البناء" أن «الحريري منفتح على أي خيار شرط عدم خروجه عن إطار المبادرة الفرنسية أي حكومة اختصاصيين من دون ثلث معطل لأحد»، وأضافت: «يتهمون الحريري بالتعطيل ووضع العقد تارة بالخشية من عقوبات أميركية على الحريري وتارة عند الرضى السعودي، فليزركوا الحريري ويوافقوا على طرحه لنرَ من يعطل».

وقالت الصحيفة إن اللافت عودة مسلسل قطع الطرقات لا سيما الحيوية منها التي تربط المحافظات ببعضها البعض، وتحديداً أوتوستراد صيدا – بيروت، فلا يكفي المواطن الذي يكتوي بنار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعائد من عمله لتأمين قوت يومه ومونته بعد أشهر من الحجر المنزلي بسبب إقفال البلد، إلا قطع الطرقات والاعتداء على المارة وتهديدهم بالسلاح.

وأقدم عدد من المحتجين على قطع أوتوستراد الجية السعديات الدامور ما خلق زحمة سير خانقة على أوتوستراد بيروت – الجنوب حيث اظهرت الصور أن آلاف السيارات عالقة لساعات على الطريق بعد فشل الوساطات لفتحها وبقيت مقفلة الى ما بعد منتصف الليل، ما أحدث حالة تذمّر وغضب لدى المواطنين وطلب النجدة من القوى الأمنية، فيما حاول آخرون فتحها بالقوة ما أدى الى توتر بين الطرفين.

ما يرسم علامات استفهام بحسب مصادر سياسية وقانونية لـ"البناء" حول «سبب عجز قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني عن فتح الطرقات وتوقيف قطاع الطرق وإحالتهم الى القضاء لا سيما أن التظاهر وحرية الرأي مصانة في الدستور لكن قطع الطرقات على المواطنين الآمنين يخالف القانون». وأكد مصدر أمني أن «حال الغضب لدى المحتجين في الشوارع تستوجب التعاطي الهادئ»، وقال إن «القوى الأمنيّة ستتمهل في إعادة فتح الطرقات المقطوعة في المناطق». وشدد المصدر الأمني لـ»الميادين» على أن «القوى الأمنيّة ستمنع الاعتداءات على المارة وعلى الممتلكات العامة والخاصة».

وكان لافتاً وفاضحاً التوقيت المشبوه لقطع طريق بيروت – الجنوب، إذ تزامن مع بيان الحريري ضد حزب الله. إذ عاد تيار المستقبل لاستخدام الشارع في لعبة الضغط السياسي لا سيما أن أغلب المناطق التي قطعت فيها الطرقات محسوبة على تيار المستقبل والقوات والكتائب.

ودعت مصادر في فريق المقاومة الجيش والقوى الأمنية إلى التدخل لمنع قطع طريق صيدا – بيروت أمام الجنوبيين وذلك درءاً لردات فعل مقابلة تستدرج الفتنة. وحذرت من أن اللعب على استثارة شارع المقاومة لاستدراجه إلى الشارع وتأليبه على حزب الله وحركة أمل لأنه أمر فاضح ولن يحصل»، موضحة لـ»البناء» أن «بيئة المقاومة كغيرها تعاني من وطأة الأزمة المعيشية وهناك حالات اعتراض وتظاهر في أكثر من منطقة في الجنوب والبقاع والضاحية. وهذا حق لهم لكن شارع المقاومة ممسوك الى حد كبير ولن يستدرج إلى لعبة الشارع كما لن تنجح محاولات بعض الجهات السياسية والاعلامية تصنيع حالة اعتراض اجتماعية بوجه حزب الله».

وفيما أشارت مصادر حكومية لـ"البناء" إلى أن «موضوع التلاعب بسعر صرف الدولار بات خارج قدرة الحكومة وأجهزتها بل بيد مافيات سياسية مالية مصرفية تتحكم بالسوق وبتطبيقات إلكترونية غير معروفة المكان»، علمت «البناء» أن بعض الجهات الحزبيّة أبلغت مناصريها ضرورة التموين لا سيما بالمواد الغذائية والحبوب والتوجه الى الزراعة لمن يستطيع، وذلك بسبب توقع ارتفاع كبير بسعر صرف الدولار والتوجه الى رفع الدعم أو ترشيده وبالتالي توقف المستوردين عن استيراد العديد من المواد والسلع وبالتالي فقدانها من الأسواق أو ارتفاع كبير بأسعارها». هذا الأمر سيدفع المواطنين للتهافت الى المحال التجارية و»السوبرماركات» لشراء السلع وتخزينها وما سيرافق ذلك من فوضى وخلاف داخل المحال التجارية.

ولفتت الصحيفة إلى أنه على صعيد آخر، أفادت معلومات بلومبيرغ عن مصادر أن الإدارة الأميركية تدرس فرض عقوبات على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة. وأضاف المصدر عينه: العقوبات الأميركية المحتملة على سلامة تشمل تجميد حساباته في الخارج وذلك بعد تحقيقات معه حول اختلاس المال العام».

واشارت إلى أنه في غضون ذلك، نظّم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وقفة أمام المرفأ لمناسبة مرور 7 أشهر على الانفجار. واللافت هو استمرار الأهالي بأسلوب الضغط النفسي والاعلامي على قاضي التحقيق العدلي الجديد كما حصل مع سلفه القاضي فادي صوان الذي تأثر أداؤه بهذه التحرّكات والضغوط! إذ خاطب الأهالي القاضي الجديد بلغة تحمل تهديداً وضغطاً معنوياً قد يؤثر على أدائه في الملف: «سترى أيها القاضي بيطار بأمّ عينيك كيف سنُلهب الأرض تحت أقدام مَن تستدعيهم ولا يمتثلون أمامك»، وشدّدوا على أن «كلّ الحصانات تحت نعالنا طائفيّة كانت أم سياسيّة فلا تتردّد أبداً ونتمنى عليك أن تبدأ بالرؤوس الكبيرة ولا تكرّر هفوات قاضي التحقيق السابق».

"النهار": تصعيد كبير يهدد بإحراق مراكب الحكومة
 
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه بين نار الإطارات المحترقة التي عادت تغطي أجواء لبنان جراء تصاعد الاحتجاجات بكثافة تجاوزت بزخمها اليومين السابقين من تجدد الانتفاضة الشعبية، ونار تصعيد سياسي كبير جدا ربما يكون الأكبر والأخطر منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، بدا السؤال قلقاً جداً ومشروعاً للغاية الى اين يتجه لبنان فعلا في قابل الأيام والأسابيع، وهل احترقت مراكب الحكومة الجديدة بنيران الجولة الأخطر من السجالات التي تضمنت دلالات خطرة في شأن دور التأثيرات الإقليمية المباشرة على تعطيل تاليف الحكومة؟  
 
واشارت الصحيفة إلى أن التصعيد السياسي الكبير الذي بدا أقرب الى انفجار سياسي بعد زهاء أربعة اشهر ونصف على استعصاء ازمة تأليف الحكومة،على خطورة دلالاته، لم يكن تطورا مفاجئاً في ظل التهاب الشارع مجدداً وأمس اكثر من اليومين السابقين بما يكشف عمق الاعتمال الشعبي في ظل الانسداد السياسي المحكم وتمادي لعبة تقاذف الكرة عن مآسي الناس والانهيارات المتعاقبة التي كان آخرها "انفجار" سقف سعر الدولار متجاوزا العشرة الاف ليرة. اذ ان الانفجار السياسي على وقع اشتعال عشرات نقاط التجمعات وقطع الطرق والأوتوسترادات مجددا وبكثافة على امتداد المناطق اللبنانية بدا امراً بديهياً، لان السياسة هي التي صنعت هذه القتامة ولولا تمادي تعطيل الحكومة الجديدة لما انفجر الموقف مجددا ولما كان لبنان يقف اليوم امام اخطر الحلقات والفصول اطلاقا من الانزلاق نحو فوضى عارمة. 

واضافت "النهار" إن العامل الجديد الأكثر اثارة للاهتمام في المشهد ارتسم في انكشاف العامل الإقليمي الذي يسخر الواقع اللبناني المأزوم في حساباته ومصالحه من خلال تطورين بارزين الأول تمثل في تسديد الرئيس الحريري للمرة الأولى سهام الرد والانتقاد والاتهام بالتعطيل أيضا الى "حزب الله" ومن خلاله الى ايران. والثاني في انكشاف الاستفزاز الإيراني مباشرة من خلال اقحام إعلامها في الشؤون اللبنانية الداخلية بشكل سافر وذلك عبر حملة تهجمات مقذعة تولتها قناة "العالم" الإيرانية الناطقة بالعربية على البطريرك الماروني واتهامه بالتخوين الامر الذي استدعى مطالبة وزارة الخارجية باستدعاء السفير الإيراني وإبلاغه بخطورة هذا الخرق الوقح للأصول.   
 
الحريري و"حزب الله" 

وقالت الصحيفة "الواقع ان التطور الأخطر في مجريات الازمة الحكومية برز امس حين نزع الرئيس المكلف سعد الحريري القفازات في تعامله مع نفي معلومات صحافية وذهب وجهاً لوجه ليضيف حزب الله مباشرة هذه المرة الى قائمة معطلي حكومته مع فريق العهد و"التيار الوطني الحر". وبين الرد المفاجئ الذي سدده الحريري الى افرقاء التعطيل والرد الحاد عليه الذي سارع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الى إصداره لاحقا، ارتسمت معادلة جديدة اثارت الخشية من مبارزة احراق المراكب بما يؤدي واقعيا الى فتح أبواب الازمة على المجهول. يعزز هذه الخشية ان نكأ الجرح في ربط التعقيدات المفتعلة وتحميله تبعة "روايات" عن محاولات حلول لم تر النور واقعيا بالدور الإيراني مباشرة خصوصا غداة توجيه الرجل الثاني في "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم اتهاماً مباشراً الى الحريري بأنه ينتظر الضؤ الأخضر من السعودية لتحريك عملية تاليف الحكومة".
 
وتابعت "النهار" إنه بعد نفيه معلومات أوردتها صحيفة "الاخبار" في شأن رفضه صيغة يتخلى فيها الرئيس عون وتياره عن الثلث المعطل، فتح الحريري النار مباشرة على حزب الله، فقال عبر مكتبه الاعلامي: "إن الرئيس الحريري، وعلى عكس حزب الله المنتظر دائما قراره من ايران، لا ينتظر رضى اي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها، إنما ينتظر موافقة الرئيس عون على تشكيلة حكومة الاختصاصيين، مع التعديلات التي اقترحها الرئيس الحريري علنا، في خطابه المنقول مباشرة على الهواء في 14 شباط الفائت، وليس عبر تسريبات صحافية ملغومة". ولفت الى "ان الحزب هو من بين الاطراف المشاركة في محاولة رمي كرة المسؤولية على الرئيس الحريري، لا بل يناور لاطالة مدة الفراغ الحكومي بانتظار أن تبدأ ايران تفاوضها مع الادارة الاميركية الجديدة، ممسكة باستقرار لبنان كورقة من اوراق هذا التفاوض".
 
… ورد باسيل 

ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الموقف استدعى ردا حادا من النائب جبران باسيل اعتبر فيه انه "ظَهر اليوم بالعين المجرّدة ان دولة الرئيس سعد الحريري غير جاهز لتشكيل الحكومة لأسباب خارجية معلومة كنّا قد امتنعنا عن ذكرها سابقاً إعطاءً لفرص إضافية. أمّا أن يقول الآن اننا عرقلنا الحكومة 5 اشهر قبل ان نعلن موقفنا اليوم بعدم المشاركة فيها وعدم اعطائها الثقة، فإننا نذكّر انّنا اعلّنا هذا الموقف منذ الاستشارات النيابية وبعشرات البيانات والمواقف". وقال " يتضّح اليوم للخارج المنتظر وللداخل الملتهب، انّ دولة الرئيس الحريري قد اخترع معضلة جديدة امام تشكيل الحكومة وهو يقوم بما اعتاد عليه وكنا قد نبّهنا منه، اي بحجز التكليف ووضعه في جيبه والتجوال فيه على عواصم العالم لإستثماره، دون اي اعتبار منه لقيمة للوقت الضائع والمُكلِف، الى ان يجهز ما هو بانتظارِه. ايّها اللبنانيون ان حكومتكم الموعودة مخطوفة، ولن يكون ممكناً استعادتها سوى برضى الخارج او بثورة الداخل".
 
واشارت إلى أنه مع ذلك فان بعض الأوساط تمسك بالحديث عن فرصة لحل حكومي يفرضها تأزم الوضع الذي على جميع القوى المعنية بعملية التأليف. وجاء ذلك بعد المرونة في موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتخليه عن مطلب الـ18 وزيراً وتنازله عن حصرية التمثيل الدرزي، وبعد تأكيد "حزب الله "على لسان الشيخ نعيم قاسم ان الحل الحكومي يتوقف على اتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بقبول الاول بعدم وجود الثلث المعطل وبأن يحرّك الثاني مسألة عدد الوزراء.
 
واضافت الصحيفة أنه رغم تمسّك الرئيس المكلف بمواصفاته الحكومية وربطه الحلٌ بموافقة رئيس الجمهورية على التشكيلة التي قدمها له، الا ان هذه الجهات تترقب ان يترجم حزب الله موقفه بلبننة الحلٌ الحكومي بحيث يضغط من جهته على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر في مقابل ضغط من الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط للسير بتسوية حكومية لا يكون فيها ثلث معطل ولا تقف عند عدد الـ 18 وزيراً.
 
اليوم الثالث 

وختم بالقول إن التصعيد السياسي الكبير حصل على إيقاع يوم ثالث من الاحتجاجات بدا كأنه الأكثر حماوة وكثافة منذ عودة الاحتجاجات الى الشارع الثلثاء الماضي. وقطعت مجموعات المحتجين عشرات الطرق الرئيسية على امتداد المدن والبلدات والمناطق منذ ظهر امس وأقفلت ساحة الشهداء في وسط بيروت لمدة طويلة بالاطارات المشتعلة. كما قطعت طرق رئيسة أخرى في بيروت. وسجلت ساعات بعد الظهر والمساء تصعيداً واسعاً في قطع الطرق والتجمعات كان ابرزها عند نقاط جل الديب وزوق مكايل التي بدا لافتا انها شهدت احد اكبر التجمعات الشعبية مع اقفال الأوتوستراد على مسربيه وفرن الشباك والزلقا والناعمة وصيدا والجية ومناطق كثيرة أخرى في الشمال والبقاع والجنوب.
 

إقرأ المزيد في: لبنان