لبنان
جنون الدولار يحرّك الشارع وسلامة هو المتلاعب الأول بسعر الصرف
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على تداعيات إنهيار سعر صرف الليرة مقابل الدولار ، إذ عاد الشارع ليتحرك على إمتداد المناطق من بيروت الى الشمال والجنوب، بمشهد أعاد إلى الذاكرة انطلاقة هبّة 17 تشرين الأول 2019.
ما حصل بالأمس يؤشّر إلى قرب انفجار اجتماعي، إذ لم للناس طاقة على تحمل الوضع الإقتصادي القاتل، ويبدو أن حاكِم مصرف لبنان رياض سلامة هو من يتولى التلاعب بسعر الصرف وتنفيذ «قرار» أخذ البلاد إلى الانهيار الشامل.
"الأخبار": بوادر انفجار اجتماعي: احتجاجات واسعة بعد كسر الدولار حاجز الـ 10 آلاف ليرة
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي إعتبرت أن الدولار صار بعشرة آلاف ليرة… «وطلوع». الكهرباء مقطوعة، وتعرفة المولّدات ارتفعت. المرضى، إن لم يموتوا بسبب استعصاء تأمين فاتورة العلاج، فربّما يدهمهم عجز المستشفيات عن تشغيل أجهزة التنفس في ظل التقنين القاسي. هذا ما كان ينقص. أن تقطع الدولة الأوكسيجين عن الناس. لا أحد بمنأى عن القتل المتعمّد، بعدما تركت السلطة القرار بيد كارتيلات القمح والبنزين والأدوية والمواد الغذائية، مُراهنةً على أن الناس طُوّعوا واستسلموا لواقع محتوم. لكن ما حصل في 17 تشرين الأول عام 2019، قد يتكرّر هذا العام، بعدما تُركت البلاد في حالة سقوط حر. وعلى وقع استمرار السلطة بسياسة تجاهل الانهيار، عاد الشارع ليتحرك على امتداد المناطق من بيروت الى الشمال والجنوب، بمشهد أعاد إلى الذاكرة انطلاقة هبّة 17 تشرين الأول 2019. مشهد ربما يؤشّر إلى قرب انفجار اجتماعي.
حاكِم مصرف لبنان، رياض سلامة، يتولى تنفيذ «قرار» أخذ البلاد إلى الانهيار. فسلامة يتحمّل المسؤولية المباشرة عن انهيار سعر الصرف، لا من خلال السماح للمصارف بشفط العملة الصعبة من السوق وحسب، بل أيضاً باللجوء إلى إجراءات ساهمت في زيادة الضغط على سعر الصرف. أبرز تلك الإجراءات، الاستمرار في اعتماد ما يسمّيه «سعر المنصة» أي 3900 ليرة للدولار الواحد، يُخصص تحديداً لإعطاء المودعين دولاراتهم المودعة في المصارف، بالليرة اللبنانية. يعيد مصرف لبنان وديعة للمصارف التجارية التي تعيدها لأصحابها. هؤلاء يريدون «التقليل من الخسائر» التي أصابتهم جراء حجز دولاراتهم وانهيار سعر الصرف، فيلجأون إلى السوق لشراء الدولارات. يجري ذلك في الوقت التي لا تزال فيه المصارف ترفع سعر الدولار، رغم انتهاء المهلة المحددة لها في التعميم الأساسي الرقم 154، وخاصة لجهة تكوين حسابات في الخارج بقيمة 3 في المئة من الأموال المودعة لديها بالدولار. أحد أكبر المصارف اللبنانية بدأ منذ يوم أمس يطلب مبالغ طائلة، بالدولار النقدي، من السوق السوداء، في مقابل شيكات مصرفية. وخفّض المصرف سعر الشيك إلى 27.47 في المئة من قيمته (مقابل 274 ألفاً و700 دولار نقداً، يحرر المصرف شيكاً بقيمة مليون دولار). والمبالغ النقدية التي ستُستبدل بشيكات ستُجمع من السوق. يرفع ذلك من الطلب على الدولار، ويودي بالليرة إلى المزيد من الانهيار.
عاملون في القطاع المالي يتحدّثون أيضاً عن مشاركة أصحاب المصارف بعمليات الاتجار بالشيكات لتأمين أرباح شخصية، لا أرباح للمصارف حصراً. بليرات نقدية، يشترون شيكات بالدولار الوهمي (3 آلاف ليرة للدولار الواحد)، ثم يبيعون الشيكات بـ 3900 ليرة للدولار الواحد، مسجلين أرباحاً صافية بقيمة 900 ليرة لكل دولار، يستخدمونها لشراء دولارات نقدية (حقيقية) من السوق. تؤكد المصادر أن عدداً من أصحاب المصارف يحققون أرباحاً بما لا يقل عن 100 ألف دولار نقدي لكل منهم يومياً. عمليات مضاربة، يراكمون بواسطتها أرباحاً خيالية، يمكنهم تحويلها إلى الخارج على قاعدة أنها «دولارات فريش» لا قيود عليها. هذه الثروات المجمّعة على حساب باقي فئات المجتمع (كل انهيار إضافي لسعر صرف الليرة ينعكس تضخماً في الأسعار، ما يعني ضريبة مباشرة يدفعها عموم السكان، تصبّ في جيوب المضاربين لا في الخزينة العامة)، تُضاف إلى الأموال التي سبق أن هرّبوها إلى الخارج، عندما لاحت لهم بوادر الانهيار في السنوات الماضية.
في المقابل، القوى السياسية التي تُعدّ درع سلامة الحصين، لا ترفض حصراً دفعه إلى تغيير أدائه، بل تشدّد إجراءات الحماية السياسية له في عز الانهيار، وآخرها قيام مجموعة من النواب بممارسة الضغط على الحكومة في موضوع التدقيق الجنائي، بينهم اثنان من كتلة «التنمية والتحرير».
أما على الخط الحكومي، فليس الوضع أفضل حالاً. الرئيس المكلف سعد الحريري يستعدّ للقيام بجولة خارجية، استكمالاً للزيارات السابقة، فيما الخلاف لا يزال كبيراً بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إذ إن كلاً منهما باقٍ على شروطه. وبينما جرى التسويق لمعلومة أن الحريري «في مجالسه بدا أكثر ليناً وأنه يطلب الاستعجال لتأليف الحكومة، لكن بمخرج لا يُظهره منكسراً»، نفت أوساط سياسية مطّلعة هذا الأمر، مؤكدة أن «الرئيس الحريري لا يقلّ عناداً عن عون والوزير جبران باسيل وأنه ليس في وارد التراجع»، مشيرة إلى أن «لا جديد في هذا الملف ولا اتصالات يُبنى عليها».
ومع استبعاد تراجع الجهات المتصارعة عن قناعاتها، تستقيل حكومة تصريف الأعمال من دورها في مواجهة الأزمة، إذ فشلت اللجنة الوزارية التي اجتمعت منذ أيام في إيجاد آلية «ترشيد» واضحة للدعم، وخاصة أن رئيس الحكومة حسان دياب كان حاسماً لجهة أنه لن يذهب الى خيار إلغاء الدعم، ولا سيما أن تداعيات هذا الخيار ستكون كارثية لأنها ستؤدي الى ارتفاع أسعار المحروقات والأدوية والمواد الغذائية بشكل جنوني، وهذا يعني أن المبالغ التي يمكن أن تخصص لدعم الأسر الأكثر فقراً لن تكفي لتأمين الحد الأدنى من السلع الحيوية.
النهار : الدولار الحارق… الإنتفاضة تنتفض
بدورها، صحيفة " النهار " أخذت تقول : ماذا يعني ان يعود لبنان كله الى مشهد #قطع الطرق والأوتوسترادات والشرايين الحيوية بسرعة البرق لمجرد سريان خبر قطع اول طريق في الشمال او البقاع؟
ماذا يعني ان يشعل #الدولار بسقف تجاوز العشرة الاف ليرة كل المناطق اللبنانية بهبة الغضب والسخط والذعر، واي فارق بين هذا الدولار المحلّق والدولار بسقف تسعة الاف ليرة؟ الم يكن الفارق الضئيل يستحق اشعال انتفاضة قطع الطرق في الأشهر القليلة الماضية؟ لماذا الان وليس في الامس أيضا؟
وماذا يعني ان يبدو تتابع "عمليات" قطع الطرق البارحة في ساعات بعد الظهر امتدادا الى ساعات المساء والليل خصوصا في بيروت، كأنها نتيجة تحرك منسق، في حين تدل الوقائع على ان قطع الطرق كان فعلا جماعيا عفويا وانتفاضيا يختزن الكثير الكثير من خطر انفجار اجتماعي او اضطرابات اجتماعية واسعة لم يعد مجرد احتمال وسيناريو، وانما بات واقعا يطرق باب البلاد من الشمال الى الجنوب مرورا بالبقاع وجبل لبنان وبيروت؟
لا يحتاج المسؤولون الرسميون من اعلى الهرم بدءا برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ومن ثم بالتتابع الرئيس المكلف سعد الحريري ورؤساء الأحزاب والتيارات السياسية والكتل النيابية الى طواقم المستشارين لكي يدركوا تمام الادراك ان ما جرى في الساعات الأخيرة في "لبنان مقطع الأوصال " تنتشر الإطارات المحترقة على طرقه وأوتوستراداته ويظلل فضاءه وسماءه دخان اسود قاتم وملوث لهوائه وتحتشد مجموعات المحتجين على كل الطرق إنما يشكل النذير المتقدم للغاية لاستعادة انتفاضة، ربما تكون هذه المرة اخطر الانتفاضات لانها صنيعة الجوع والفقر اللذين لم يكونا بهذا المستوى المخيف لدى اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، ولا كان منسوب الاحتقانات المتراكمة بفعل الازمات المتلاحقة والافتقار المتعاظم والقصور السياسي الخيالي وانكشاف الفساد بأسوأ مظاهره اطلاقا، ولا كان حصل الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت مع ما تركه من تداعيات مخيفة، ولا كان الانتشار الوبائي تشظى بأسوأ النتائج الكارثية المأسوية على اللبنانيين والواقع الصحي والطبي والاستشفائي كلا. لذا سيغدو امرا كارثيا جديدا ان ظلت نظرة اهل العهد والسلطة خصوصا الى مجريات ما بدأ البارحة كأنها هبة انفعال قابلة للاحتواء بمجرد محاولة تبريد او تخفيض الدولار المحموم. وسواء شكلت هذه التطورات نذير انتفاضة اجتماعية عارمة جديدة ام نسخة متجددة ومتبدلة للانتفاضة السابقة فان الانطباعات السائدة تشير الى معطيات بالغة الخطورة تنذر فعلا بانفجار اجتماعي غير مسبوق الامر الذي يثير السؤال الكبير الأساسي في مواجهة هذا التطور: هل يدرك المعنيون بتأليف الحكومة الجديدة ولا سيما منهم الحلف الذي يضم العهد و"حزب الله" الذي يمعن في التعطيل الكلفة المخيفة التي ستترتب على المضي في إدارة الظهر لاشتعال الشارع ما لم يسارع الى الافراج عن المحاولة الانقاذية الفورية الوحيدة المجدية، وربما بالكاد تكون مجدية بعد، المتصلة برفع الايدي التعطيلية عن الحكومة الانقاذية قبل غرق البلاد في فوضى لا يعرف احد الى اين ستودي بلبنان هذه المرة ؟ ذلك انه اذا كان الطابع الغالب على انتفاضة قطع الطرق امس ارتبط بتخطي الدولار في السوق السوداء سقف العشرة الاف ليرة فسيكون من الخطأ الجسيم حصر حركة احتجاجية عارمة وعابرة للمناطق كافة بهذا العامل وحده، بمعنى ان الاعتمال الشعبي يرتبط واقعيا بكل الاحتقانات والمعاناة اليومية للشرائح اللبنانية الأكبر التي باتت تتساوى امام الفقر والعوز والقلق وفقدان الأمان المالي والاجتماعي.
وإذ ربط جانب أساسي من قفزة سعر الدولار بالإجراءات التي جرت في الأيام الأخيرة لتنفيذ المصارف تعميم مصرف لبنان المتعلق بتعزيز السيولة لدى المصارف وتحريك حاكم مصرف لبنان هيئة التحقيق الخاصة بالتحقق من التزام المصارف، لفت ما اعلنه النائب هاكوب ترزيان من انه " إذا أردنا أن نعرف ماذا يجري في الطرق اليوم، علينا أن نعرف من يقف خلف التطبيقات والمنصات غير الشرعية التي تتلاعب بأسعار الدولار وتحدده في السوق السوداء، ولماذا لم يتم حجبها عن شبكات التواصل والإنترنت". وأضاف: "ليضرب القضاء بيد من حديد فورا إن صح ما يشاع بأنه توجد أربعة مصارف تدخلت في شراء العملة الصعبة من الدولار من السوق السوداء لدعم سيولتها فهذا جرم موصوف في خانة تبييض الأموال، وعلى القضاء التحرك فورا لمعاقبة فاعليه بأقصى العقوبات واتخاذ الإجراءات القاسية فيها".
اقفال الطرق
اما في الوقائع فاعتبارا من الصباح بدأت عمليات قطع الطرق بدءا بالأوتوستراد الذي يربط طرابلس ببيروت عند جسر البالما والطريق عند ساحة عبد الحميد كرامي، ولاحقا نزل محتجون على الأوضاع الإقتصادية وقطعوا الطريق في سعدنايل البقاعية ومن ثم في تعلبايا، وسرعان ما تمددت الحركة الى الجنوب بقطع الطريق العام على بولفار جديدة مرجعيون وبعدها الى مدينة صيدا، فالنبطية وكفرمان ليلا .
اما ذروة تصاعد الحركات الاحتجاجية فبدأت بعد الظهر مع تعميم عمليات قطع الطرق بدءا بطرق البقاع الأوسط فيما بدا لافتا ان ساحة شتورة شهدت أقفالا لمحال الصيرفة . كما تمدد قطع الطرق بسرعة الى طريق المطار القديمة وبيروت، وتمّ قطع اوتوستراد الرينغ بالاتجاهين كما طريق بشارة الخوري بالإتجاهين واستعادت ساحة الشهداء عند مسجد الأمين مشهد الاحتجاج بالاطارات المشتعلة وتمدد الامر نحو الدورة واوتوستراد الزوق حيث قطع في الاتجاهين وساحل كسروان والشمال.
بين عون والحريري
وعلى رغم السخونة العالية التي أضفتها الحركة الاحتجاجية لم تظهر أي معالم استثنائية حيال إزالة التعقيدات التي تعترض #تشكيل الحكومة علما ان رئيس الجمهورية ميشال عون اكد "السعي لتأليف حكومة ليتمكن لبنان من خلالها التفاوض مع المؤسسات المالية التي أبدت رغبتها بمساعدته"، معتبرا ان "بإمكان اللبنانيين المنتشرين مساعدة وطنهم عبر انشاء مؤسسات فيه وخلق فرص عمل لشبابه للحد من رغبتهم بالهجرة نتيجة الأوضاع الراهنة".
في المقابل، في اطار الجولة على المرجعيات الروحية، زار وفد من نواب كتلة "المستقبل"، متروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده، مؤكدين له "حرص الرئيس المكلف سعد الحريري الدائم على حقوق جميع اللبنانيين مسلمين ومسيحيين وفقا للدستور والقوانين وان الحفاظ على حقوق اللبنانيين، يبدأ من بناء الدولة واحترام مؤسساتها الدستورية والتزام قوانينها المرعية". ووضع الوفد عودة في أجواء الاتصالات والجهود التي يبذلها الرئيس المكلف "في موضوع تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين غير حزبيين للتصدي للازمة الخانقة التي يعيشها لبنان، والتصدي لوقف الانهيار واعادة اعمار ما دمره انفجار المرفأ وتطبيق الاصلاحات المنشودة" . وزار الوفد ايضا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الذي شدد على أن "الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية والمعيشية الخانقة باتت بمستوى يستدعي تأليف حكومة قادرة على إنقاذ لبنان اليوم قبل الغد"، مؤكدا أن "كل تعطيل وتأخير في تشكيل الحكومة يحمل أصحابه مسؤولية أخلاقية ووطنية وأمام الضمير والتاريخ ."
"الجمهورية": البلد على نار والحكومة في الثلاجة.. وجنون الدولار يجدّد ثورة 17 تشرين
أما صحيفة " الجمهورية " رأت أن تفجّر الغضب الشعبي بعنف أمس بفعل جنون سعر الدولار الذي تجاوز العشرة آلاف ليرة وتدهور قيمة العملة الوطنية، ما أعاد مشهد الشارع الى ثورة 17 تشرين الاول 2019 التي يبدو انها تجدّدت وقد تكون هذه المرة اكثر عنفاً في ظل استمرار عجز السلطة عن لجم الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي بلغ مستويات خطيرة، وتلهّي المنظومة السياسية بنزاع حول حكومة لم تولد بعد. وبَدا المشهد أمس انّ البلد على نار ويحترق او هو على فوهة بركان، فيما الحكومة الموعودة في الثلاجة تنتظر توافقاً يعوقه تضارب المصالح بين المعنيين غير العابئين بما يصيب الناس من جوع ومن فقر طرق أبوابهم بشدّة ما دفعهم للنزول الى الشارع. وقد دلّت التحركات الشعبية أمس الى أنّها ستشهد فصولاً متلاحقة ستغيب معها كلّ الدعوات وكل الشعارات الداعية الى حلول في الداخل او من الخارج، خصوصاً أنّ المعنيين أثبتوا بالدليل القاطع أنهم لا يقيمون للبلد ومصيره أي اعتبار، وأنهم مستعدّون لدفاع مستميت عن مصالحهم حتى لو تحوّل البلد رماداً، مُمعنين في التصرف وكأنه في ألف خير؟!
على وقع ثورة الغضب التي عمّت بيروت وغالبية المناطق اللبنانية التي فجرها ارتفاع سعر الدولار الى عشرة آلاف ليرة، قال مصدر سياسي بارز ومطلع على مسار تشكيل الحكومة لـ"الجمهورية": "في بلد يعيش حياة سياسية طبيعية انّ مشهد اليوم (الامس) يفترض ان يأتي بحكومة على دولاب مشتعل ومنطق الامور يحتّم اتخاذ قرارات سريعة وتنازلات واجتماعات مكثفة لتحريك الحل، لكن في لبنان الامور تختلف فلا حياة في السياسة ولا منطق ولا من يحزنون، وأقصى الامور انّ المعنيين شغّلوا التلفاز وتفرجوا على مشهد تقطيع اوصال البلد واشتعال النيران وربما أسرعوا في إطفاء التلفاز حتى لا يخدشوا هدوءهم".
واضاف المصدر "انّ سيناريو الخروج بحل على الحامي اصبح مستبعداً مع تشبّث كل فريق بموقفه وغياب المساعي الجدية لتقريب المسافات واذا وجدت لا تجاوب معها". وكشف المصدر انّ الرئيس المكلف تأليف الحكومة سعد الحريري ومنذ عودته من الخارج لم يتواصل مع احد ولم يسمع عنه شيء وعاد الى دوامة الانتظار، فهو ينتظر اتصالاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليناقش معه فقط ما كان قد أودعه لديه، فإمّا يوافق او لا يوافق ولا نقاش معه لا في توسيع حجم حكومة ولا في 6 وزراء لـ"التيار الوطني الحر" ولا في حقيبة وزارة الداخلية المتمسّك بها، والرئيس عون على موقفه "هيك ما بيمشي الحال" والجانب الفرنسي "غَط وطار وما ضرب ولا ضربة" منذ عشاء الاليزيه وما تَبعه من زيارة للحريري الى قصر بعبدا، "فقد وعد بممارسة ضغط كبير ثم فَرمل". وتخوّف المصدر من "ذهاب مسار الاوضاع الى الاسوأ الى حد تصعب فيه الحلول، فحتى تشكيل حكومة لا يفتح باب الفرج". وسأل: هل كبرت كرة النار الى حد لم يعد يريد أحد تلقّفها لئلا يحترق معها؟!".
أسباب ارتفاع الدولار
وأبلغت اوساط مطلعة الى "الجمهورية" انّ ارتفاع سعر الدولار حتى العشرة آلاف ليرة يعود إلى الأسباب الآتية:
- مبادرة بعض المصارف الى "شفط" الدولار من السوق لرفع رساميلها، وفق ما طلبه مصرف لبنان لمركزي.
- إعادة فتح الأسواق بعد إقفال الأسابيع الماضية، وحاجة التجار الى الحصول على الدولار لشراء بضاعة جديدة.
ـ إنسداد كل المنافذ السياسية وافتقاد الناس الى الامل والأمان ما يدفعهم الى استبدال ما يملكونه من ليرات بالدولار تحسّباً للمجهول.
وتعتبر الاوساط انه والى جانب تأثير العوامل المستجدة على سعر الدولار، توجد اسباب أخرى تتعلق بالازمة البنيوية للاقتصاد، والتي لم تعد تنفع معها المعالجات التقليدية وحماسة البعض للعودة الى الموديل الاقتصادي القديم.
ومع تجدد التحركات الشعبية الاحتجاجية في الشارع، نُقل عن مرجع سياسي غضبه الشديد ممّا آلت اليه الأمور قائلاً: "استغرب كيف أنّ الناس تأخروا حتى يثوروا، وكيف انّ نقمتهم لا تزال ضمن هذه الحدود؟".
الليرة بلا سقف
ومع وصول سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى 10 آلاف ليرة، دخل البلد مالياً واقتصادياً في مرحلة خطيرة، وأصبحت عملته بلا سقف. ومع استمرار الانكماش الاقتصادي والانهيار التام، وانسداد الافق، والحاجة الاضافية الى الدولارات الطازجة، تبدو احتمالات استمرار انهيار الليرة قائمة، وربما مُرجّحة. ويبدو الانهيار بلا قعر، خصوصاً انّ حجم الودائع المحتجزة كبير، والحاجة الى السماح بتحرير بعض الاموال الدولارية بالليرة قائمة. كذلك، فإنّ العجز في الموازنة يحتّم طباعة المزيد من العملة الوطنية. واذا أضفنا العامل النفسي الذي سينتج عن خرق سقف العشرة آلاف ليرة، يمكن الاستنتاج انّ البلد دخل في مرحلة أصعب من سابقاتها، وانّ نسب تفشّي الفقر ستنمو بوتيرة يصبح معها التكهّن بالآتي مثيراً للرعب.
التحركات المتدحرجة
وفي ظل الحراك الواسع والشامل، تجدد منظر قطع الطرق في معظم المناطق اللبنانية بطريقة أوحت استعادة دور المنسقيات الثورية التي نظمت الثورة في 17 تشرين العام 2019. وقالت مصادر أمنية لـ"الجمهورية" انّ التحركات "المتدحرجة" التي انطلقت من نقاط اساسية ومركزية من جل الديب الى وسط بيروت والمفترقات المؤدية اليها وجسرالرينغ قبل ان تتوسّع في اتجاه المحطات التي سجلت في تلك المرحلة، أوحَت بوجود قرار منظّم نتيجة التنسيق الذي تجدد في الفترة الأخيرة بين مكونات الثورة، وهو ما ترجمته التحركات الكبيرة التي توسّعت في اتجاه النبطية ومناطق مختلفة على طريق الجنوب، ومنها الى البقاع وبعلبك وشمال لبنان في طرابلس وعكار.
إقرأ المزيد في: لبنان
26/11/2024