لبنان
البرلمان يستكمل جلساته.. والثقة بالحكومة مشروطة
ركّزت الصّحف اللبنانية الصادرة من بيروت فجر اليوم على جلسة مناقشة البيان الوزاري حيث تناول كلام النواب في غالبيته ملفات مكافحة الفساد، ويبدو أن تأخير التصويت على نيل الحكومة الثقة تأخر لأيام.
"الأخبار": جلسة الثقة 2.. فولكلور لا يُطرب أحداً
بداية مع صحيفة "الأخبار" الاي رأت أن يومين لم يكفيا لإنهاء جلسة مناقشة البيان الوزاري. كل «الحسومات» التي أجراها الرئيس نبيه بري لم تنفع في حصر أعداد النواب طالبي- الكلام، فاضطر إلى الطلب من النواب إلغاء مواعيدهم يومي الجمعة والسبت لاستكمال الجلسة. الملفات نفسها أعيد طرحها، وظلت مكافحة الفساد «زينتها». ولولا استحضار بشير الجميل والانقسامات بشأنه، لما كُسرت رتابة الكلمات التي ألقيت
تأخير التصويت على الثقة لأيام لن يُحدث فرقاً. الحكومة التي تأخرت تسعة أشهر لم يكن وارداً أن تذهب إلى العمل قبل الأسبوع المقبل. إلى ذلك الحين، لا ضير في ترك المنبر لمن يريد أن «يفش خلقه» من النواب، ويبقى منهم 22 نائباً.
بدأت النائبة بولا يعقوبيان العرض باكراً. قبل أن تبدأ كلمتها كانت قد جذبت عدسات الكاميرات لتصويرها آتية إلى المجلس على متن دراجة نارية. بين دراجتها والدراجة الهوائية التي استقلها النائب هاغوب ترزيان، كان التنافس عالياً: أيهما كان استعراضه أنجح؟ وأيهما لامس نبض الشارع أكثر؟ تلك «حركات» تسلّي المشاهدين. لكن ترزيان يقول إنه معتاد على ركوب الدراجة. يضعها في سيارته التي يركنها عند محطة شارل حلو، ثم يستقلها، في أحيان كثيرة، إلى وجهاته البيروتية، التي كانت هذه المرة مجلس النواب. ترزيان كان الوحيد الذي تذكّر «إيدن باي»، الشاهد على ضعف الدولة أمام سطوة رأس المال. عبارة مخالف للقوانين، لم تعجب النائب نزيه نجم المؤتمن على الأملاك البحرية بوصفه رئيس لجنة الأشغال العامة. انفعل بطريقة غير مفهومة وهو يقول: تبيّن أنه (إيدن باي) حصل على كل التراخيص اللازمة. هل هكذا ستواكب لجنة الأشغال حكومة «إلى العمل»، التي تضع مكافحة الفساد في سلّم أولوياتها؟
العرض متواصل، ليس في الخارج فقط بل في الداخل أيضاً. بعد كل ما قيل في المجلس، لن يستطيع الفساد الصمود كثيراً. على الأرجح لن يتأخر قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. لكن ليس الفساد وحده شراً. تبين أن الإعلام شرٌ أيضاً. أسهب النائب هادي حبيش في الحديث عن الفلتان الإعلامي الذي يؤدي إلى اتهام المواطنين بالجرائم زوراً، فتكون النتيجة إحالة الملف إلى محكمة المطبوعات لا أكثر. هذا ليس عدلاً بالنسبة لحبيش. يجب أن تُفتح السجون للإعلاميين أسوة بغيرهم. أقل من ذلك مسّ بالعدالة! يهتم حبيش بالعدالة وبمكافحة الظلم الذي يتعرض له الناس تحت شعار الحريات العامة، لكنه لا يكترث، مثلاً، إلى الظلم الذي لحق بزياد عيتاني.
النائب سامي الجميل قال إن حزب الله هو من هندس الحكومة. تماماً كما أوصل الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. هذا موقف ثبّته النائب نواف الموسوي بإشارته إلى أنه «لشرف أن يصل رئيس الجمهورية ببندقية المقاومة، بدلاً من أن يصل على متن الدبابة الإسرائيلية». هنا لم يعد إبن «حليف إسرائيل» يحتمل. قال النائب نديم الجميل: «انتم استقبلتموهم بنثر الأرزّ، فيما بشير الجميل انتخب في المجلس النيابي». سامي لم يحرك ساكناً. حافظ على ابتسامته وهدوئه. لم يردّ على الموسوي مباشرة، وفي ما بدا أنه تصفية لحسابات كتائبية داخلية، بادر ابن عمّه إلى الدعوة، باسم «كتائب الأشرفية»، إلى التجمّع في ساحة ساسين «احتجاجاً على التعرض للرئيس الشهيد بشير الجميل». سامي عاد وغرّد: «لن نسمح لأحد بأن يحوّل الأنظار عن خطورة الإقرار بوضع اليد على المؤسسات الدستورية بقوة السلاح من خلال اختلاق سجال عن أحقية مقاومتنا ورمزية الرئيس الشهيد بشير الجميل».
وإذ حصر الجميل المعارضة بأربعة نواب هم نواب الكتائب والنائبة بولا يعقوبيان، فقد أعلن بذلك قيادته للمعارضة المجلسية للسنوات الأربع المقبلة، وعدم إعطائه الثقة سلفاً للحكومة لانها استمرارية لحكومة فشلت، و80% من الوزارات يستلمها الافرقاء أنفسهم.
زميلته في «المعارضة الشرعية» لم تعطِ الثقة أيضاً (وكذلك فعل النائب الياس حنكش)، وهذا كان متوقعاً. لكن كلمة يعقوبيان، التي لاقت استحساناً من زملائها ومن الإعلاميين الذين تابعوا الجلسة، كان ينقصها أن تدرك نائبة بيروت أن النائب عندما يُنتخب يخرج من عباءة الذين انتخبوه ويصير ممثلاً للأمة جمعاء. تفضل يعقوبيان أن تتكلم باسم القلة. تقول «عهد عليّ وعلى بعض اللبنانيين الذين أمثل انه يوم تقررون اعتماد سياسة ضرائبية عادلة، تصاعدية، واعتماد خطط بيئية صحية سليمة، يوم تقررون أن مصلحة اللبنانيين فوق كل اعتباراتكم التجارية وارتباطاتكم الخارجية، يومها بلى، تأخذون مني وبكل ترحيب صوتي وثقتي وربما اعتذاري».
نزل القواتيون بثقلهم أمس. انتفض بعضهم للمس برموزهم. تحدث منهم جورج عدوان وسيزار المعلوف وبيار ابي عاصي.
انضم عدوان إلى من سبقه في الإشارة إلى توظيف أكثر من خمسة آلاف شخص في مؤسسات الدولة منذ إصدار قانون يمنع التوظيف في القطاع العام من دون موافقة مجلس الوزراء. لكن النائب ابراهيم كنعان، الذي يتحدث غداً باسم تكتل لبنان القوي، أعلن أنه حصل على تقرير من التفتيش المركزي بحجم التوظيف وتوزيعه (كانت قد طلبته لجنة المال)، وسيكشف عنه في كلمته.
"البناء": تهديد كتائبي قواتي باللجوء للسلاح... بعد سجال "رئاسي" مع حزب الله
صحيفة "البناء" رأت أن الضربات تتلاحق على رأس واشنطن في المواجهة العنجهية التي أرادت خوضها مع طهران، بينما الكونغرس الأميركي في حال اشتباك مفتوح مع الرئيس دونالد ترامب، وكانت آخر الجولات ليل أمس في تصويت معارض لطلب ترامب بالامتناع عن أي تشريع لوقف دعم التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن، وجاء التصويت التأكيدي على رفض تقديم أي دعم للحرب السعودية على اليمن. وشهد أمس ظهور ضعف الحضور الوزاري في مؤتمر وارسو الذي نظمته واشنطن لتظهير حجم حشدها السياسي والدبلوماسي بوجه إيران واضطرت للإعلان عن عدم تخصيص المؤتمر لمواجهة إيران لضمان انعقاده في ظل حجم المقاطعة، كما اضطرت للتراجع عن التحضير لعقد اجتماع يضم وزراء الخارجية العرب المشاركين ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعدما شكّل الموقف الفلسطيني الرافض لصفقة القرن وللدعم الأميركي لاعتماد القدس عاصمة لكيان الاحتلال إلى فرملة الاندفاعة السعودية باتجاه التطبيع مع «إسرائيل»، فاكتفى نتنياهو بلقاء وزير خارجية عُمان يوسف بن علوي تعويضاً عن الاجتماع الموسّع الموعود، بينما وليس بعيداً من وارسو تنعقد القمة الرئاسية الروسية التركية الإيرانية المخصصة لوضع سورية، والتي بات واضحاً أنها تتجه لتغطية البدء بعمل عسكري في إدلب لتصفية آخر جيوب الإرهاب التي تمثلها جبهة النصرة، التي شكلت طوال الحرب على سورية أداة أميركية إسرائيلية.
بالتوازي كان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يؤكد لقناة الميادين في حوار مطول، أن فنزويلا تخطت حال الخطر وأجهضت الرهان الأميركي على توفير مناخ مناسب للتدخل العسكري، مشيراً إلى أن العالم المتعدد الأقطاب بات أمراً واقعاً وأن حكومته واثقة من دعم روسيا والصين وتركيا وإيران سياسياً واقتصادياً، وأن أكثر من فييتنام ستشتعل بوجه الأميركيين إذا غامروا بالذهاب للغزو العسكري لفتزويلا، موجهاً رسالة شكر للمقاومة في لبنان وحزب الله على الموقف التضامني مع فنزويلا، نافياً ما تردده واشنطن عن وجود خلايا لحزب الله في فنزويلا. حسب الصحيفة.
في لبنان، اشرت الصحيفة الى أن، إذا كانت مفاعيل زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف والعروض التي حملها بالاستعداد للمساهمة في تزويد لبنان بالسلاح اللازم لمواجهة العدوان الإسرائيلي والمساعدة في حل المشاكل التي يعاني منها لبنان في قطاعات الكهرباء والنقل وسواها، فجاءت زيارة المبعوث السعودي نزار العلولا السريعة تعبيراً عن قرار سعودي بعدم ترك لبنان ساحة تستفرد بها إيران، كما قالت مصادر قريبة من السعودية. وجاء القرار الذي أعلنه المبعوث السعودي بوقف حظر السفر المفروض على السعوديين إلى لبنان، رداً على العروض الإيرانية، بقرار عودة سعودية لمنافسة إيران بالتعبير عن الاستعداد لتقديم الدعم للبنان، بدلاً من العقوبات التي لم تكن بسبب غياب الحكومة، التي بدأت بينما كان للبنان حكومة قامت السلطات السعودية باستدعاء رئيسها واعتقلته وأجبرته على الاستقالة، وصرح وزير خارجيتها يومها، بأن كل دعم للبنان في ظل عدم قيام الحكومة بمواجهة حزب الله هو نوع من الدعم لحزب الله. ويمثل القرار الجديد وما رافقه من إعلان عن نيات بمساعدات أخرى تسليماً سعودياً بالفشل الذي أصاب سياسة المقاطعة والحصار على لبنان رهاناً على إضعاف مقاومته. وجاء الحراك الإيراني نحو لبنان ليسرّع إعادة النظر، التي لم تبدُ بعيدة عن دفع أميركي عبر عنه تزامن الموقف السعودي مع إعلان أميركي عن تزويد الجيش اللبناني بصواريخ للطوافات التي سبق وسلّمتها واشنطن للجيش اللبناني من دون صواريخها تحت الشعار ذاته، «كي لا تصل الصواريخ إلى أيدي المقاومة وحزب الله».
وختمت الصحيفة تقول، إنه من الناحية السياسية، برز الخطاب الكتائبي القواتي عن الاستعداد لحمل السلاح في مواجهة حزب الله، لافتاً ومؤشراً على منحى خطير يهدد السلم الأهلي، على خلفية مواصلة السجال الذي بدأ في مجلس النواب حول «وصول الرئيس ميشال عون بدعم سلاح المقاومة» و»وصول الرئيسين بشير وأمين الجميل على دبابة إسرائيلية».
"الديار": الخطابات عالية النبرة في ساحة النجمة لن تزعزع الثقة
أما صحيفة "الديار" اشارت الى أن السقوف العالية بلغت التي اتسمت بها خطابات صقور الكتل النيابية خلال جلسات مناقشة البيان الوزاري، حداً غير مسبوق من التوتر والتخوين المتبادل واتهامات العمالة، خصوصاً تلك التي دارت بين رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نوّاف الموسوي، الذي قال ان العماد ميشال عون وصل الى بعبدا ببندقية حزب الله وأن الرئيس بشير الجميل وصل الى الرئاسة تحت مدفع الدبابة الإسرائيلية. الّا أن هذا الاحتقان الذي ترجم باعتصام نفّذه مساء أمس في ساحة ساسين مناصرون لحزبي «الكتائب و«القوات اللبنانية»، لن يقطع الطريق على نيل حكومة «إلى العمل» ثقة وازنة تتعدّى الـ 110 أصوات، وفق تقديرات مصادر نيابية، مطلعة على كواليس مداولات ساحة النجمة، التي وضعت الكلام العالي النبرة، واتهام أغلب وزراء الحكومات السابقة وبعضهم لا يزال في الحكومة الجديدة بالفساد، في خانة التمهيد لمرحلة حافلة بالسجالات والمناكفات.
لكنّ القصف الكلامي المتقطّع الذي انسحب على مكونات الحكومة الجديدة، فتح الباب على مرحلة من التباينات العميقة، إن لم تكن مرحلة من الخلافات بين الحلفاء، خصوصاً بين «حزب الله» والتيار الوطني الحر، بعد السهام القوية التي سددها النائب حسن فضل الله في أكثر من اتجاه، واتهامات الفساد، والتي صوّب بأغلبها على وزراء التيّار الوطني الحرّ من دون أن يسميهم. حسب الصحيفة.
واضافت أنه وعلى قاعدة «إن اللبيب من الإشارة يفهم»، استكمل إعلام التيار الوطني الحرّ فتح النار على «الحليف الودود»، لا سيما محطة «أو. تي. في» التي مارست لعبة «البلياردو»، عندما قومّت سلباً نتائج زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للبنان، ورسمت خطوطاً حمراء حول أبعادها السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية، وتلميحها الى صعوبة استجابة الدولة اللبنانية لاتفاقات تعاون بين البلدين في ظلّ العقوبات الدولية على طهران، لتصيب بذلك الحزب بشكل غير مباشر.
ولفت الى انه "وعلى وقع الخطابات الساخنة، والتي اضطر رئيس مجلس النواب نبيه برّي للتدخل مرّات عدّة للجمها، حذّرت مصادر سياسية بارزة في قوى الثامن من آذار، من أن «تؤسس سجالات الساعات الماضية بين الحليفين (حزب الله والتيار الحرّ)، لمرحلة من الاشتباكات، التي يؤمل أن لا تؤثر على أداء الحكومة وانجازاتها في المرحلة المقبلة، لا سيما وأن النائب حسن فضل الله الذي بقي لليوم الثاني نجم ساحة النجمة، أعلن صراحة أن «حزب الله» المعني بضرورة نجاح الحكومة وتحقيق إنجازات على كلّ الصعد، خصوصاً في ما يتعلّق بالإصلاحات وتحسين الاقتصاد، لن يبصم على كلّ شيء، خصوصاً وأن السياسات الاقتصادية المتبعة منذ العام 1992 خيّبت آمال اللبنانيين». وأكدت مصادر مقرّبة من «حزب الله»، أن الحزب «لن يوقّع شيكات على بياض، ويمنح الحكومة التي يشارك فيها موافقة عمياء على كلّ القوانين والقرارات والمراسيم المتعلّقة بمؤتمر «سيدر»، خصوصاً وأن الأموال الممنوحة الى لبنان من خلال هذا المؤتمر هي عبارة عن ديون، ستراكم العجز والمديونية إن لم تصرف في القنوات الصحيحة".