لبنان
ملف المرفأ يدخل مرحلة جديدة مع الإطاحة بالقاضي صوان..الحكومة مجمدة والدولار يلامس 10 الاف
ذكرت الصحف اللبنانية أن الحدث كان في قصر العدل مع صدور قرار محكمة التمييز برئاسة القاضي جمال حجار بنقل القاضي فادي صوان من موقعه كمحقق عدليّ في تفجير مرفأ بيروت بدعوى الارتياب المشروع التي قدمها بوجهه النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل، وفيما لفتت إلى أن الحكومة لا تزال مجمدة، لامس سعر الصرف الدولار الـ 10 الاف بعد أن سجل ارتفاعاً وصل إلى 9500 ليرة.
"الأخبار": إطاحة صوّان تثبّت حصانة الرؤساء والوزراء
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إنه صدر، أمس، قرار محكمة التمييز الجزائية بنقل ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت من المحقق العدلي القاضي فادي صوّان إلى محقق عدليّ آخر، بسبب «الارتياب المشروع». انقسم الرأي العام حيال القرار، ليتحدث كثيرون عن قرارٍ سياسي أطاح قاضياً شجاعاً، في مقابل آخرين يرون أن أداء القاضي المعزول نفسه سبق أن وجّه ضربة للثقة بنتائج التحقيقات. صوّان صار خارج التحقيق في أكبر انفجار هزّ لبنان ونكب عاصمته، مخلّفاً أكثر من 200 شهيد وآلاف الجرحى وعشرات آلاف الوحدات السكنية والمباني المتضررة. أخطاؤه حكمت عليه. لكن السؤال الأهم اليوم: ماذا بعد؟ هل ستستولي السلطة السياسية على التحقيق، بعدما ثبّتت محكمة التمييز حصانة النواب والوزراء والرؤساء، فتتسبّب بقتل الضحايا مرتين، أم أن قاضياً عدلياً سيجد طريقه نحو إحلال الحق والعدالة، مستفيداً من كل سقطات سلفه؟
واشارت الصحيفة إلى أنه لعلّ الضربة الأقسى التي تلقّاها ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت (4 آب 2020)، تسبّب بها أداء المحقق العدلي القاضي فادي صوّان نفسه. هذا القاضي ارتكب سلسلة مخالفاتٍ كادت تُطيح التحقيق في أحد أضخم الانفجارٍات غير النووية في العالم. أكثر تلك المخالفات وضوحاً كانت إصراره على إبقاء ضباط من الأمن العام وأمن الدولة وآخرين ظُلماً في السجن، من دون أن يتجرّأ على استدعاء أحد من قيادة الجيش السابقة والحالية، أو توقيف مديري استخبارات سابقين أو حاليين. لم يجرؤ على أن يُمرِّر سيف القانون على الجميع. وزراء الأشغال مسؤولون؟ نعم. لماذا لم يدّع عليهم جميعاً؟ رؤساء الحكومات مسؤولون؟ نعم، لماذا لم يُساقوا جميعاً إلى التحقيق؟ لماذا التعمية والانتقائية التي عرّضت الملف لهزّات متتالية؟
واضافت "الأخبار" يقول كثيرون، من سياسيين وقانونيين وإعلاميين ومواطنين إنّ صوّان ــــ الذي أصدرت محكمة التمييز الجزائية أمس قرارا بتنحيته عن متابعة التحقيق في تفجير المرفأ، بعدما قبلت طلب نقل الدعوى المقدّم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ــــ أُطيح لكونه تجرّأ على رفع السقف في وجه رموز النظام السياسي عبر استدعائه رئيس حكومة ووزراء سابقين ونوّاب حاليين. لكنّ هذا كلام حقٍّ يُراد به باطل. لم يجرؤ صوّان أبداً على رفع السقف. لم يدَّعِ على رئيسَي الحكومة سعد الحريري وتمّام سلام، ولم يسجن مديري مخابرات سابقين وحاليين أو أيّ مسؤول في قيادة الجيش. ولو أنّه فعل ذلك، لم يكن ليتجرّأ أحد على الوقوف في وجهه. لقد تحاشى صوّان الاقتراب من المؤسسة العسكرية، قبل أن يتبيّن أنّه قبض ما مقداره 13 مليون ليرة كتعويض عن عطل وضرر لحِق بمسكنه جرّاء الانفجار. وهنا قد يُسخِّف البعض السبب. لكن للتذكير، فإنّ المحقق العدلي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الياس عيد نُحِّي عن التحقيق في الجريمة لسبب أتفه من ذلك. تقرر تنحية القاضي عيد يومها عن النظر في ملف الضباط الأربعة بعدما تبيّن أنّه كان يحصل على «بونات» بنزين من الأمن العام، وأن شقيقه طبيب متعاقد مع الأمن العام، فاعتُبر أن ذلك يُشكّل سبباً للارتياب بأدائه.
وتابعت الصحيفة "وهنا صوّان، فضلاً عن قبضه تعويضاً، كان قاضي تحقيق عسكري لأكثر من عشر سنوات في المحكمة العسكرية، الخاضعة تاريخياً ــــ بحكم الأمر الواقع لا القانون ــــ لإمرة قيادة الجيش، ما يؤلّف أصلاً شكّاً في حياديته. فضلاً عن تمنّعه لأكثر من ستة أشهر عن استدعاء قائد الجيش السابق أو الحالي، قبل أن يرضخ جرّاء الضغط الإعلامي مستدعياً العماد المتقاعد جان قهوجي. لكنه لم يطلب التحقيق مع قائد الجيش الحالي، العماد جوزف عون، رغم أن الأخير يؤكد لمن يسألونه عن الأمر أنه مستعد للمثول أمام قاضي التحقيق العدلي متى استدعاه".
ولفتت الصحيفة إلى أنه إضافة إلى ما سبق، تجاهل صوان دور قضاة كان لهم دور كبير في قضية شحنة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في المرفأ يوم 4 آب 2020، سواء لجهة إصدار قرار بإدخال الشحنة إلى المرفأ، أو لناحية الامتناع عن إصدار قرار بالتخلص من الشحنة، أو لجهة إدارة التحقيق في وجود الشحنة لاحقاً. لم يقم صوان بأي خطوة تجاه زملائه. ولكي يستعيد التحقيق صدقيته اليوم، يجب على المحقق العدلي الجديد أن يستدعي القضاة المعنيين بهذا الملف. لم تكن عدالة المحقق العدلي معصوبة العينين كما يُفترض بالعدالة أن تكون، إنما كال بمكيالين. وجّه التحقيقات إلى غير المسار الطبيعي الذي ينبغي أن تسلكه. يرفع من مستوى المسؤولية في مكان، ويخفضه في مكان آخر. يلاحق وزيراً دون آخر، ورئيساً دون سلفه... يدّعي على رئيس في إدارة، ثم يلاحق مرؤوسيه من دون أن تكون لهم أي صلة بالقضية. كان يرضخ لضغوط الرأي العام حيناً، حتى بات الإعلام موجّهاً لتحقيقاته. يأخذ قراراً ثم يتراجع عنه تحت ضغط الإعلام، ما يثير الشك في أصل قانونية قراراته. انقضت ستة أشهر على تولّي صوّان التحقيق، لكنه لم يُقرّب أهالي الشهداء والضحايا والشعب اللبناني من الحقيقة.
وأوضحت الصحيفة أن محكمة التمييز الجزائية، الغرفة التي يرأسها القاضي جمال الحجار (بعضوية المستشارين إيفون بولحود وفادي العريضي)، قبلت طلب نقل الدعوى المقدّم من النائبين خليل وزعيتر. وهي أوردت في قرارها «اعترافين» من صوان استندت إليهما، مع أمور أخرى، للموافقة على طلب النائبين المدعى عليهما من قبل المحقق العدلي. الأوّل تمثّل بإقرار صوّان أنّ مسكنه في الأشرفية تضرّر من جرّاء الانفجار، وبأنه قبض تعويضاً من الجيش عن تلك الأضرار. وهذا ما جعل المحكمة تنتهي إلى أن ثمة سبباً يوجب نقل الدعوى من عهدة القاضي صوان لعدم جواز أن يتولى المتضرر من جريمة دور التحقيق فيها، وهو من أبسط قواعد المحاكمة العادلة. أمّا الإقرار الثاني، فتمثّل بإبلاغ صوّان المحكمة أنه لن يحترم حصانات النواب والوزراء والرؤساء، ما جعل المحكمة ترى في ذلك إشهاراً من القاضي بأنه سيخالف أحكام القانون والدستور، ما يُسقط أهليته للاستمرار في تولّي التحقيق ويوجب نقل القضية الى مرجع آخر، لأن من أبسط حقوق المدعى عليه أن يتولى التحقيق معه قاضٍ يلتزم بالأحكام القانونية والدستورية لا قاضٍ يعلن صراحةً أنه لن يلتزم بها ويصرّ على مخالفتها. وفي هذا الرأي الذي خلصت إليه محكمة التمييز، مكمن الخطورة على مستقبل التحقيق. فأي محقق عدلي جديد سيعمل تحت هذا السقف، ما يعني أن التحقيق سيبقى محصوراً، في أحسن الأحوال، بمديرين وضباط وإداريين وعمال، من دون أن يمسّ أحداً من المسؤولين السياسيين. فملاحقة هؤلاء، قانوناً ودستوراً، من صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي لم يلاحق يوماً أي مرتكب في السلطة السياسية.
وقالت إن القرار استعرض المبررات التي تقدم بها النائبان زعيتر وخليل، بدءاً من التعمية والمحاباة، مروراً بالاستعراض وتنفيذ الأجندة السياسية والتخبط في المواقف والانتقائية والاستنسابية، وصولاً إلى الشبهة المتولّدة من المخالفة المتعمّدة لنص المادة 40 من الدستور ونص المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة المتعلّقة بالحصانات. واستعرض بعدها ردّ المحقق العدلي، قبل أن يخلص إلى القرار الذي صدر بأكثرية صوتَي القاضي الحجار والقاضية بولحود، فيما خالفهما العضو الثالث في الهيئة، القاضي فادي العريضي.
"البناء": نهاية مرحلة صوان في تحقيق المرفأ بالارتياب المشروع
من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إنه فيما تهاوت نظرية رئيس الأركان في جيش الاحتلال أفيف كوخافي عن قصف المدن، بعد معادلة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن القرية بقرية والمدينة بمدينة، والذي ترجمه فيديو مصوّر لمدن الكيان والمنشآت العسكرية بداخلها نشره الإعلام الحربي للمقاومة باللغة العبريّة، خرج وزير الدفاع في حكومة الاحتلال بني غانتس مكرراً تهديدات كوخافي بزلزلة الأرض في لبنان عندما تقع الحرب، لكن مع سخرية المعلقين في وسائل الإعلام “الإسرائيلية” من تهديدات غانتس بوجود جبهة داخلية مترنحة لم تنجح في إجراء أي مناورة ويعترف قادة الكيان بعدم تحمّلها تبعات أية مواجهة لصواريخ المقاومة، بينما كان الحزب السوري القومي الاجتماعي يحيي ذكرى استشهاد القيادي في نسور الزوبعة أدونيس نصر الذي استشهد في سورية، مؤكداً التمسك بخيار المقاومة بوجه الاحتلال والعدوان والإرهاب مبشراً بنصر سورية الذي تتقدّم إشاراته كل يوم.
اشارت الصحيفة إلى أنه داخلياً، كان الحدث في قصر العدل مع صدور قرار محكمة التمييز برئاسة القاضي جمال حجار بنقل القاضي فادي صوان من موقعه كمحقق عدليّ في تفجير مرفأ بيروت بدعوى الارتياب المشروع التي قدمها بوجهه النائبان غازي زعيتر وعلي حسن خليل، واستند قرار النقل الى أمرين، الأول وجود منزل القاضي في منطقة التفجير وإصابته من جراء الانفجار ما يضع القاضي طرفاً في القضية تحت تأثير عاطفي ومصلحي، يشكل شائبة تنتقص من حياده وتتيح قلقاً مشروعاً لدى المتهمين من قدرته على التقيد بنظرة قانونية مطلقة، والثاني هو ما ورد في رد صوان على دعوى الارتياب المشروع بتأكيد عزمه عدم احترام نصوص دستورية وقانونية تضمن حصانات محددة وشروطاً موازية للمراجعات القضائية، كالحصانة النيابية أو دور مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، ما يضع الارتياب بعدم احترامه للأصول القانونية والقواعد الدستورية في إطار المشروعية، وبدأت مشاورات مكثفة لتسمية بديل لصوان بأسرع وقت ممكن، فيما رجحت مصادر حقوقية تسمية مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي كلود غانم محققاً عدلياً بديلاً لصوان.
ولفتت ايضاً إلى ان الملف الحكومي رغم مواصلته الجمود بفعل غياب الرئيس المكلف سعد الحريري حتى نهاية الأسبوع بقيت أوراقه تتحرك داخلياً وخارجياً، خصوصاً مع ملامسة سعر صرف الدولار لسقف الـ 10 آلاف ليرة، والمخاطر المترتبة على المزيد من الارتفاع، والإجماع على أن الملف السياسي يبقى الجواب الوحيد عبر تشكيل حكومة جديدة، وبين وجود الحريري في قطر التي تؤكد مصادر متابعة للملف الحكومي عزمها على لعب دور بتغطية أميركية في ظل غياب سعودي ناجم عن الارتباك والانشغال بما ستؤول اليه العلاقات الأميركية السعودية، وما يرد من بعبدا ونواب التيار الوطني الحر عن مبادرة روسية وراء الباب إذا فشلت المبادرة الفرنسية او لتزخيمها بالتنسيق مع صاحبها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، بقيت مبادرة السيد نصرالله كتتمة لمبادرة رئيس مجلس النوب في التداول، بحكومة من 22 وزيراً يسمّي وزير الداخلية فيها رئيس الحكومة من دون استفزاز رئيس الجمهورية، وبدا أن تحريك الانتخابات الفرعية التي يرجّح ان يستفيد منها أكثر من الغير ثنائي الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر ما يتيح اعتبار التقاسم النيابي للمقاعد العشرة الشاغرة جوائز ترضية على بعض الخسائر التي تترتب على تسهيل ولادة الحكومة، حيث ستجري الانتخابات وفقاً للنظام الأكثري في جميع الدوائر باستثناء المتن حيث يطال الشغور ثلاثة مقاعد، ما يتيح أن تظهر الأحزاب الكبرى أن شعبيتها لم تتضرّر ويظهر بالمقابل ضعف المعارضة تمهيداً لانتخابات 2022.
وأوضحت الصحيفة أنه فيما كان الاهتمام الداخليّ منصباً على استئناف مشاورات تأليف الحكومة في ضوء المخرج الوسطي الذي قدّمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، خطف قرار محكمة التمييز بتنحية المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي فادي صوان واستبداله بقاضٍ آخر، الأضواء وتقدّم على الملف الحكومي.
وأصدرت محكمة التمييز الناظرة في ملف نقل الدعوى المقدّم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، قراراً قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفي الأساس قبول طلب نقلها من يد القاضي صوان وإحالتها الى قاض آخر يعيّن وفقاً لنص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية.
وكان صوان حدّد جلسة لاستجواب وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس في 23 شباط الحالي، وذلك لتبليغه أصولاً بعدما كان مقرّراً استجوابه كمدّعى عليه أمس.
واشارت الصحيفة إلى أنه بعدما أفادت وسائل إعلاميّة عن اجتماع في بعبدا ضمَّ رئيس الجمهورية ميشال عون ووزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، والمستشار سليم جريصاتي والقاضي غسان عويدات جرى خلاله الاتفاق على اسم قاضية بديلة عن صوان مقرّبة من الرئيس عون لتتسلم ملف التحقيق، نفى جريصاتي وعويدات ومستشار رئيس الجمهورية أنطوان قسطنطين هذا الخبر. وأكد جريصاتي أن «اجتماعاً مثل هذا لم يحصل على الإطلاق». وأوضح عويدات أن «لقاء حصل في القصر يوم أمس (أول امس الأربعاء) لكن لا علاقة له بملف المرفأ وإنما يتصل بالتدقيق الجنائي وملفات سويسرا».
وسبق قرار التمييز زيارة الوزيرة نجم إلى بعبدا حيث التقت الرئيس عون وبحثت معه عدداً من الملفات القضائية.
وجاء قرار محكمة التمييز بعد يومين على كلام السيد نصرالله الذي ألمح خلاله إلى وجود شبهة بين المحقق العدلي وشركات التأمين، ما وضع القضاء أمام إحراج كبير وأخطاء لا يستطيع تحمّلها لا سيّما أن صوان لم يُفصِح عن التقرير الأمني المنتهي منذ شهرين ونصف وذلك «لإراحة اللبنانيين وطمأنة أهالي الضحايا». وأشارت مصادر قانونية لـ"البناء" إلى أن «قرار محكمة التمييز جاء نتيجة مباشرة للأخطاء القانونيّة التي ارتكبها القاضي صوان فضلاً عن الأخطاء في مخاطبة محكمة التمييز». ونفت المصادر أن يكون قرار التمييز ناتجاً عن ضغط سياسيّ، بل عن قرار بأغلبية أعضاء محكمة التمييز المؤلفة من رئيس وعضوين».
وأوضحت المصادر القانونية أن «قرار التمييز لن يُعدّل في مسار التحقيق بل يصوّبه باتجاه كشف الحقيقة والكرة الآن بين مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل للاتفاق على تعيين قاضٍ جديد، كما يعتمد على مدى قدرة هذا القاضي على إدارة الملف». وأضافت أن «المحقق العدلي الجديد سينطلق من جميع الإجراءات والتحقيقات التي أجراها صوان إضافة إلى تقارير الأجهزة الأمنية اللبنانية والدولية باستثناء التحقيق مع النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر فهو ملزَم أن يبدأ من الصفر لكونهما سبق وقدّما طعناً بعمل صوان».
وأوضح الخبير الدستوري والقانوني عادل يمين لـ"البناء" أن «القرار صار أمراً واقعاً على الرغم من أنه يحتمل الكثير من النقاش، وبات يتعين على وزيرة العدل تعيين محقق عدلي بديل بموافقة مجلس القضاء الأعلى على أن يتابع المحقق العدلي الجديد التحقيقات من حيث وصل سلفه». ولفت يمين إلى أن «محكمة التمييز استندت إلى ما اعتبرته ارتياباً مشروعاً مع العلم أن أحد قضاة المحكمة سجل مخالفة لرأي الأكثرية».
واشارت "البناء" إلى أن المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري أحال قرار المحكمة التمييز وفقاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 360 أ.م.ج الى قلم مكتب صوان، وذلك بعد صدور القرار بحضور القاضي الخوري ممثلاً النيابة العامة التمييزيّة. وبالتزامن، أحال الخوري القرار عينه الى وزيرة العدل.
وأعلنت وزارة العدل لاحقاً في بيان تبلغها القرار «وعليه ستتخذ وزيرة العدل المقتضى القانوني عملاً بأحكام المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية».
يُشار الى أنه في حال وصول التبليغ الى صوان، ترفع يده تلقائيّاً عن متابعة النظر بالدعوى.
وفور إعلان القرار في الإعلام، نفذ عدد من أهالي ضحايا التفجير وقفة احتجاجية تحذيرية امام مبنى قصر العدل في بيروت، رفضاً لقبول نقل ملف التحقيق بالانفجار من صوان الى قاض آخر. ورفع المعتصمون صور الضحايا ولافتات تدعو الى «عدم تمييع وتأجيل وتسييس التحقيقات، والى ضرورة كشف الحقيقة بأسرع وقت». مؤكدين أنهم «لن يسكتوا على هذا الأمر وسيتجهون نحو تصعيد تحركاتهم».
ونقل الأهالي عن نقيب المحامين ملحم خلف بعد الاجتماع به، أن «النقابة تدرس الموضوع للوصول الى قرارات بشأن التحرك في مواجهة القرار».
وقالت الصحيفة إنه في غضون ذلك، لم يسجل الملف الحكوميّ أي جديد في ظل وجود الرئيس المكلف سعد الحريري في الخارج، فيما استمرت المشاورات والاتصالات على الصعيد الداخلي حول طرح السيد نصرالله برفع عدد الوزراء الى 20 وزيراً. ولفتت مصادر مطلعة لـ"البناء" إلى أن «الحكومة مجمّدة في الوقت الراهن بانتظار عودة الحريري لمناقشته بالطرح الذي قدمه السيد نصرالله والذي يتكامل مع مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري أو صيغة تطويرية للمبادرة، أي 20 وزيراً 6 للرئيس عون مع حزب الطاشناق مع تشارك في تسمية وزير الداخلية بين عون والحريري و6 وزراء لأمل وحزب الله والمردة والحزب القومي و6 للحريري والرئيس نجيب ميقاتي ورئيس الاشتراكي وليد جنبلاط مع إعادة توزيع جديد للحقائب والوزارات على الطوائف والمذاهب ومن دون أن ينال أحد الثلث المعطل».
ووفق المصادر فإن رسائل السيد نصرالله حملت في طياتها تطمينات لعون بأن الحزب لن يسمح باستفراده في مجلس الوزراء لا سيما في القضايا الأساسية، وبالتالي لا حاجة لضمانة الثلث المعطل. ولفتت إلى أن «جميع الأطراف أصبحت في أجواء الطرح الجديد على أنه الحل الوسطي الوحيد بين عون والحريري وبدأت جولة مشاورات جديدة انطلاقاً من طرح السيد نصرالله بالتعاون والتنسيق مع الرئيس بري. إذ يتولى السيد نصرالله إقناع عون في مقابل تولّي الرئيس بري تسويقه عند الحريري وجنبلاط، علماً أن لا مانع لدى الفرنسيين بتوسيع عدد الوزراء إذا كان يحلّ المشكلة ولا يمسّ جوهر المبادرة والمعايير التي وضعت لتأليف الحكومة».
ولفتت الصحيفة إلى أنه إلى جانب صيغة الـ 20 وضعت صيغة الـ 22 ايضاً على بساط البحث، لكن الطرح يواجه إشكالية تمثيل طائفي لا سيما وأن منح 3 وزراء للدروز يمكن أن يلقى رفضاً من طوائف أخرى كما سيقابله منح مقعد وزاري للطائفة العلوية وآخر للأقليات.
أما في الخارج فيواصل الحريري جولته الخليجية الذي بدأها من قطر، إذ أعلنت وكالة الأنباء القطرية أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل في الديوان الأميري، الرئيس المكلف وجرى خلال المقابلة استعراض أبرز المستجدات في لبنان، حيث أطلع الحريري الأمير القطري على تطورات الأوضاع والجهود المتعلقة بتشكيل الحكومة.
وأكد أمير دولة قطر على موقف بلاده الداعم للبنان وشعبه الشقيق، داعياً جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية للإسراع في تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يتعرّض لها لبنان. كما تناولت المقابلة عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وغادر الحريري الدوحة عائداً الى بيروت وسط ترجيح أن يعرج على إمارة ابو ظبي.
"النهار": تنحية صوّان زلزال قضائي في ملف المرفأ
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه لعلها من المفارقات الأشدّ دراماتيكية التي تظلل الواقع اللبناني المأزوم، ان تجثم تداعيات انفجار مرفأ بيروت بكل أثقالها على هذا الواقع من دون ان تتقدم التحقيقات القضائية الجارية فيها قيد انملة بل تتراجع كلما آذنت بتطور ما نحو رسم ملامح نهاياتها. ما جرى امس في كفّ يد قاضي التحقيق العدلي في هذه القضية القاضي فادي صوان، بدا كأنه شكل ضربة مطرقة ثقيلة على القضاء مجددا كما على هذه القضية التي تعني مئات الاف المتضررين من اللبنانيين بما جعل هذا التطور يتقدم بقوة الى واجهة الحدث الداخلي حاجباً كل الأولويات الأخرى من أزمة تعطيل تشكيل الحكومة الى التحرك الخارجي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى أصداء حديث البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى "النهار" بمواقفه البارزة من مجريات الازمة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد ستة اشهر ونصف شهر من الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام الماضي باتت التسؤلات والشكوك تتزاحم بقوة حيال الوجهة التي ستسلكها تطورات التحقيق القضائي في هذا الملف الضخم والمصيري في ظل ما يبدو كأنه صراع خفي شرس بين استعجال انهاء التحقيق والتوصل الى نتائج وإجراءات واحكام حاسمة في الملف وعرقلة وتأخير هذا المسار كل مرة بدوافع وظواهر مختلفة. وقد قفزت قضية انفجار المرفأ الى واجهة الأولويات والتطورات امس مع التطور اللافت الذي شهدته كمؤشر سلبي للغاية الى المسار الذي ستسلكه التحقيقات.
واشارت إلى أنه اصدرت محكمة التمييز الناظرة في ملف نقل الدعوى المقدم من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، قرارا قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الأساس قبول طلب نقلها من يد القاضي فادي صوان وإحالتها الى قاض آخر يعين وفقا لنص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية. وقد جرى أبلاغ هذا القرار إلى النيابة العامة العدلية وفقا للأصول. كما جرى إبلاغه الى وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم التي يفترض بعد إنتهاء الاجراءات الروتينية المتعلقة بهذه التبليغات وإيداع ملف التحقيق في هذه القضية النيابة العامة أن تقترح إسم المحقق العدلي الجديد وإحالته على مجلس القضاء الأعلى للموافقة عليه أو رفضه. وبدأت تتردد أسماء قضاة لتولي هذا الملف فيما تصاعدت الاصداء السلبية حيال كف يد صوان لجهة الضغوط السياسية التي تتداخل في المجريات القضائية وتبدو بمثابة معركة مفتوحة مسرحها القضاء. وتردد اسما القاضيين كلود غانم ورندا نصار لتولي الملف مكان صوان .
واضافت "النهار" أنه إعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار تتوقف جلسات التحقيق في هذا الإنفجار في إنتظار تعيين المحقق العدلي الجديد في حال تم التوافق على إسمه. وهذه العملية ستأخذ مزيدا من الوقت ولاسيما ان القاضي الذي سيعين يحتاج الى الوقت اللازم للإطلاع على مضمونه، ولن تنتهي هذه العملية قبل آذار المقبل.
وخالف القاضي فادي العريضي قرار محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار نقل ملف الانفجار في المرفأ من قاضي التحقيق العدلي فادي صوان إلى قاضٍ آخر.
واشارت إلى أنه كان صوان حدد جلسة لاستجواب وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس في 23 شباط الجاري، وذلك لتبليغه أصولا بعدما كان مقررا استجوابه كمدعى عليه اليوم. وأتى هذا التأجيل بناء على اعتراض فنيانوس على عدم قانونية تبليغه للمثول أمام صوان، علما أن قرار البت بقانونية طريقة التبليغ تعود للقاضي نفسه.
وقالت ه لم يمر قرار كف يد القاضي صوان عن الملف مرورا هادئا اذ فجر احتجاجات أهالي الشهداء والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت الذين رفضوا نقل الملف من صوان الى قاض آخر وتجمعوا امام قصر العدل في بيروت حيث قطعوا الطريق مطالبين بإبقاء الملف بيد القاضي صوان وتامين حماية له. واعتبر متحدث باسم المتظاهرين انه جرى كف يد صوان عندما بدأ يضع يده على الجرح قائلا "اليوم قتلتمونا من جديد والتحقيق انتهى وعدنا الى نقطة البداية …" وأضاف " دم شهدائنا لا يزال على الأرض فلا تجعلوا منا قتلة فنحن مستعدون لأخذ حقنا بيدنا". وهدد المتظاهرون بالتصعيد وعدم الخروج من الشارع. وتمددت الاحتجاجات نحو فرن الشباك حيث قطعوا الطريق بإحراق الإطارات.