معركة أولي البأس

 

لبنان

الشارع ينتفض على قرار الإقفال وعدّاد كورونا في تصاعد مخيف
27/01/2021

الشارع ينتفض على قرار الإقفال وعدّاد كورونا في تصاعد مخيف

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على تصاعد عدد الوفيات بسبب الإنتشار الوبائي لكورونا وسط مخاوف متصاعدة من انفجار احتجاجات الشارع على الاقفال العام التي شهدتها طرابلس ومعظم المناطق أمس منذرة بدورها بتفاقم الاخطار الوبائية والاجتماعية والأمنية التي ستنتج عن التفلت الكبير.

ورغم كل ذلك، لم تتحرك السلطات لتلبية مطالب المواطنيين في غياب تام عن مشهد التقدم في ملف تأليف الحكومة.


“الأخبار”: «تمرّد» عام على الإقفـال التام

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنه عندما تلا الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمود الأسمر، في 21 الجاري، بيان التمديد للإغلاق التام حتى الثامن من شباط المُقبل، لم يتطرّق إلى بند المُساعدات المالية المنسي منذ نيسان الماضي. وعندما سُئل عنه، اكتفى بالقول إنّ «المُساعدات أُقرّت في المرة السابقة ويجب أن يكون توزيعها قد بدأ»، فيما يعرف المعنيون جيداً أن «رحلة» المُساعدات لم تكن موفّقة، فلا هي وصلت إلى جميع المحتاجين إليها ولا كانت كافية للمحظوظين الذين وصلت إليهم.

وأمس، أقرّ وزير السياحة والشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفية بأنّ 75% من اللبنانيين يحتاجون إلى مساعدة، وهو اعتراف بالتململ من قرار تمديد الإغلاق في ظلّ الانهيار الاقتصادي. وإذا كانت احتجاجات طرابلس التي بدأت قبل أيام، وانسحبت على بقية المناطق، تمثّل ترجمة مباشرة لرفض القرار، إلا أن ممارسات الالتفاف على الإغلاق بدأت تبرز منذ يومين عبر فتح المحالّ «سرّاً» وتحوّل حظر التجول إلى مجرد شعار مع آلاف الاستثناءات التي تمنح عبر المنصة الإلكترونية، في انعكاس لـ«قرار» بالتمرّد على الإغلاق، وتالياً بـ«الانتحار»، في ظلّ تفاقم الوضع الوبائي الذي حصد 73 ضحية خلال الساعات الـ 24 الماضية، وهو أعلى رقم للوفيات يُسجّل منذ بداية انتشار الوباء ليتجاوز إجمالي الوفيات 2400، فيما يُصارع أكثر من 900 شخص في غرف العناية الفائقة للنجاة، 312 منهم موصولون على أجهزة التنفس الصناعي. كما سُجّلت أمس 3505 إصابات (14 منها وافدة) من أصل 18665 فحصاً مخبرياً، أي أن نسبة إيجابية الفحوصات ليوم أمس تجاوزت الـ 18%. وهي، وإن كانت أقل مما سُجل في الأيام الماضية (وصلت قبل يومين إلى 30%!)، إلا أنها لا تزال مرتفعة جداً (وفق منظّمة الصحة العالمية يجب ألا تتجاوز النسبة المئوية للفحوصات الإيجابية الـ 5% لمدة 14 يوماً على التوالي قبل فتح مختلف القطاعات). وهذا «يضعنا بين الدول العشر الأولى من حيث عدد الإصابات بكورونا في العالم»، بحسب مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية الدكتور وليد خوري، مشدداً على ضرورة توزيع مساعدات ماليّة على المحتاجين لتحمّل الإقفال العام.

ووفق مصادر وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن دفعة جديدة من المُساعدات المالية المحددة بـ 400 ألف ليرة ستوزّع على نحو 180 ألف أسرة التي سبق أن أدرجت أسماؤها في المرات السابقة، «وذلك على خلفية تدابير الإقفال العام الجديدة».
ومن المعلوم أن هذه الأموال تندرج ضمن ما يعرف بمشروع «شبكة الأمان» الذي خصص له أكثر من 600 مليار ليرة توزع على شكل مساعدات لمدة ستة أشهر بناءً على قاعدة بيانات تضعها الوزارات المعنية، على أن يتولى الجيش مهمة تسليمها. المصادر أوضحت أن المُساعدات وزعت في الأشهر الأربعة الماضية، ومع استئناف التوزيع في الفترة المُقبلة، تكون العائلات على موعد مع الحصول على دفعة أخيرة من تلك الأموال. فيما تؤكد مصادر في وزارة الداخلية أن مشاكل كثيرة اعترت آلية التوزيع في مراكز البلديات بسبب تدخل المحسوبيات، مُشيرةً إلى أن «السيناريو المثالي يفترض أن تلك الأموال وصلت إلى 180 ألف أسرة، ولكن ماذا عن بقية الأُسر؟». عدم الإجابة عن هذا السؤال يقود حكماً إلى أن التمرّد على الإقفال العام وتفضيل الموت بالفيروس على الموت جوعاً سيكون حالة عامة.

"النهار": سباق مخيف بين وفيات كورونا وعصيان الشارع

بدورها، صحيفة "النهار" رأت أن السباق بدا مخيفًا مساء أمس بين تصاعد عدد الوفيات بسبب الانتشار الوبائي لكورونا مسجلا للمرة الأولى رقما مرعبا بلغ 73 حالة وفاة في يوم واحد، والمخاوف المتصاعدة من انفجار احتجاجات الشارع على الاقفال العام منذرة بدورها بتفاقم الاخطار الوبائية والاجتماعية والأمنية التي ستنتج عن التفلت الكبير. ووسط الملهاة المأسوية التي تشوب المشهد السياسي والحكومي و”تفرغ” القيمين المسؤولين عن تعطيل تشكيل الحكومة لتسديد الكرة ورميها في مرمى خصومهم وغسل ذممهم من التبعات البالغة الخطورة للمضي في تعطيل ولادة الحكومة، عاش لبنان امس وخصوصا في ساعات المساء والليل أخطر تفش لعدوى التفلت والعصيان على الإجراءات المفروضة ضمن حالة التعبئة والطوارئ الصحية والاقفال العام، فسقط قرار منع التجمعات والتظاهرات والتجول امام اتساع حالة العصيان الاحتجاجية من وسط بيروت الى الجنوب الى الشمال والبقاع خصوصا بعدما بدت الحركة الاحتجاجية العنيفة في طرابلس بمثابة إشارة الانطلاق لاشعال عدوى الاحتجاجات وقطع الطرق والشرايين الرئيسية في معظم المناطق اللبنانية. هذا التطور بدا محسوبا لمعظم المعنيين والمراقبين مذ بدأت معالم الاحتجاجات تتسع في اليومين الأخيرين، ولكنه اثار مخاوف متعاظمة من ان يؤدي الى تفاقم كبير وخطير في تداعيات الوضع الكارثي الداخلي على ثلاثة مستويات. الأول وبائي اذ يخشى ان تؤدي تجمعات المحتجين في الساحات العامة وعلى الطرق الرئيسية ومن ثم اشتباكاتهم واختلاطاتهم مع القوى الأمنية والعسكرية الى ازدياد كبير في اعداد المصابين بكورونا بما يجهز عمليا على الامال المعلقة على الاقفال الممدد في تخفيف الكارثة التي تشهدها مستشفيات لبنان. والثاني امني من خلال تحول ازمة الاختناقات الاجتماعية التي تفجر الاحتجاجات الى مواجهات عبثية بين المواطنين المحتجين والقوى الأمنية والعسكرية من دون أي مبادرات رسمية سريعة لنزع هذا الفتيل عبر نظام رعائي فعال لمساعدة العائلات الأكثر حاجة للدعم خلال فترات الاقفال. والثالث سياسي اذ يبدو واضحا ان التخبط الكبير الذي تتسم به الازمة الحكومية سيكون عرضة لمزيد من الغرق في سجالات وتقاذف للمسؤوليات والتبعات لانفجار الشارع الغاضب.
سخونة الشارع تصاعدت بقوة واتساع امس وشهدت مناطق عدة من طرابلس الى الجية مرورا بكورنيش المزرعة ووسط بيروت وتعلبايا وشتورا وصيدا، حركة قطع طرق احتجاجا على الاوضاع المتردية، ولرفع الصوت اعتراضاً على تمديد التعبئة العامة وعدم تقديم مساعدات انسانية للعائلات المحتاجة والمياومين وغيرهم من المواطنين الذين تأثرت أعمالهم ومصالحهم بالاقفال العام.

وشهدت ساحة النور في طرابلس لليوم الثاني جولة عنف جديدة بعدما اشعل المحتجون النار أمام مدخل سرايا طرابلس وقطعوا الطريق، وسط انتشار كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي. وعمدت مجموعات من الشبان الى رمي الحجارة بشكل عشوائي على باحة السرايا، وحضرت وحدات من الجيش إلى أمام سرايا طرابلس ودارت جولات محتدمة من الكر والفر اتسعت ليلا الى مناطق ابعد من ساحة النور في احياء التل وساحة النجمة والأسواق الداخلية. وأدت المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية الى وقوع عدد من الجرحى فاق العشرين واحتراق سيارة.

تجدد السجالات
على ان هذه الأجواء المحمومة لم تحل دون مضي “تكتل لبنان القوي” في هجماته التصعيدية ضد رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في حين يدأب قصر بعبدا على نفي شراكة العهد ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في الازمة الحكومية. وفي هجومه الجديد على الحريري قال التكتل امس ” لم يعد اللبنانيون يفهمون الأسباب الكامنة وراء جمود رئيس الحكومة المكلف وإمتناعه عن القيام بواجبه الدستوري بتشكيل الحكومة بالإتفاق مع رئيس الجمهورية. وإزاء هذا الموقف فإن التكتل يطرح تساؤلات جدّية حول ما إذا كان رئيس الحكومة المكلّف يريد فعلًا تشكيل حكومة أم أنه يحتجز التكليف في جيبه الى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا” .

سقف قياسي
اما على صعيد الازمة الوبائية فاتسمت نسبة الاصابات بكورونا امس بسقف قياسي مخيف في عدد الوفيات اذ سجلت وزارة الصحة 73 حالة وفاة و3505 إصابات. وسيصار إلى اطلاق الخطة الكاملة لعملية التلقيح اليوم من السرايا الحكومية حيث سيتم تفصيل المراكز والفئات التي ستحصل على اللقاح على مراحل، في حين أن اطلاق المنصة سيحصل غدا الخميس من وزارة الصحة.


"البناء": قطع طرقات ومواجهات مع الجيش أبرزها شمالاً… وأسئلة عن اللون السياسيّ

أما صحيفة "البناء"أخذ تقول: في لقاء وداعي لممثل الأمين للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، جدّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تمسك حزب الله بمقاومته داعياً للتسريع بتشكيل الحكومة، في إشارة حملتها مناسبة انتهاء مهمة كوبيتش في لبنان، تتناسب مع استعداد حزب الله لملاقاة المرحلة السياسية الجديدة من بوابة عنوان الأمم المتحدة، لتأكيد أن المقاومة وسلاحها وحضورها ليست مواضيع قابلة للتفاوض.

دعوة قاسم لتسريع ولادة الحكومة لم تكن مجرد دعوة إعلامية، فالمصادر المتابعة للملف الحكومي، التي نفت وجود حركة فرنسيّة قريبة نحو لبنان رغم وجود تحضير لتحرك جديد في باريس لا يزال قيد الدرس في ظل المعطيات الجديدة المرتبطة بالعلاقات الأميركية الفرنسية والاستعداد لتفعيل التفاهم النووي مع إيران، تؤكد أن حزب الله انتقل في التعاطي مع الملف الحكومي من المراقبة والنصح عن بُعد إلى الانخراط في تحركات نشطة لتجاوز التعقيدات التي حالت ولا تزال دون ولادة الحكومة، ويترجم حزب الله موقعه الجديد بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قرّر تشغيل محركاته مجدداً وهو يواكب ويتابع عن قرب الحركة المكوكيّة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يقوم بزيارات معلنة وغير معلنة للفرقاء المعنيّين بالتشكيلة الحكوميّة، بحثاً عن مخارج، ويلاقيه حيث يجب بالتحرك كل من بري وحزب الله.

المصادر المواكبة للملف الحكومي استغربت الزج بمعلومات من خارج السياق الواقعي لمزيد من تأزيم الوضع، كالحديث عن نيات تمديد ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أو الحديث عن اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري، أو عن مقايضات في توزيع الحقائب، واضعة هذا الترويج للشائعات ضمن إطار التشويش على المساعي الجدية لتجاوز المأزق الحكومي، وهي مساعٍ تلقى تشجيعاً فرنسياً بانتظار تبلور طروحات وسطية يتم التداول فيها مع باريس وفريقي بعبدا وبيت الوسط.

في قلب التأزم الناجم عن تلاقي الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة مع وباء كورونا، وحالة الإقفال العام، خرجت الأمور عن السيطرة في المواجهات التي اشتعلت بنتيجة الاحتجاجات التي بدأت في طرابلس وامتدت الى مناطق لبنانية أخرى، بصيغة قطع طرقات، ما طرح أسئلة عن وجود بُعد سياسيّ يزخم هذه التحركات لإيصال رسالة معينة تتصل بالملف الحكوميّ، خاصة أن التحرّكات تركزت في مناطق نفوذ تيار المستقبل.

ولليوم الثاني على التوالي تواصلت الاحتجاجات في الشارع في مناطق عدّة من طرابلس الى الجية مروراً بكورنيش المزرعة وتعلبايا وشتورا وصيدا وصولاً إلى ساحة الشهداء والصيفي وسط بيروت.

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في طرابلس. إذ عمد عدد من المحتجين، الى قطع الطرق بالشاحنات وأحرقوا الإطارات ومستوعبات النفايات، اعتراضاً على تمديد التعبئة العامة وعدم تقديم مساعدات إنسانية للعائلات المحتاجة والمياومين وغيرهم من المواطنين الذين تأثرت أعمالهم ومصالحهم بالإقفال العام، وعدم قدرتهم على الصمود في ظل الجائحة.

ولم تمرّ الاحتجاجات في طرابلس بسلام، حيث تجدّدت المواجهات بين المحتجين والقوى الأمنيّة إضافة إلى تجمّعات أمام منازل عدد من السياسيّين لا سيما الرئيس نجيب ميقاتي والنائبين فيصل كرامي ومحمد كبارة.

وتوقفت أوساط سياسيّة مراقبة لمشهد قطع الطرقات والتعقيد الحكومي، مشيرة لـ«البناء» إلى وجود رابط بين تحريك الشارع وبين وصول المفاوضات حول تأليف الحكومة إلى طريق مسدود، ما دفع بفريق المستقبل اللجوء الى ورقة الشارع للضغط على رئيس الجمهورية واستغلال الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين في ظل قرار إقفال البلد التام.

فيروس كورونا

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل