لبنان
الثقافة في بيروت.. مصدر رزق شركات النهب
"تفضل الكارت والمحاسبة عند الشباب قدام"، عبارة لطيفة تنم عن تهذيب زائد من عامل الموقف في "السي سايد" (البيال سابقاً)، لينقلب المشهد فجأة ويطلب منك العامل 5000 ليرة كبدل مالي عن موقف السيارة للدخول إلى معرض بيروت العربي الدولي للكتاب.
وبعد ان تعجز عن العثور على مكان لركن السيارة، يقترب منك عامل آخر ويطلب إليك بـ"وقاحة" ان تركن سيارتك على جانب الطريق وتصعد على الرصيف وتدوس على الحشائش الخضراء و"تكسر" سيارتك لتحصل بعد ذلك على جائزة الحصول على مكان لركنها، وحين تحاول استرداد البدل المالي الذي طلبه العامل لأنك لم تجد موقفا، يفاجئك بالرفض، قائلا : "أي ما تجو عالمعرض".
ما سردناه، حصل مع أكثر من شخص حضر بسيارته مع عائلته إلى المعرض الكتاب، ما يدفعنا لطرح تساؤلات عديدة حول سبب دفع البدل المالي والجهة المستفيدة من هذا المبلغ، إذ بات على اي مواطن ان يدفع ثمن دخوله إلى المعرض، على الرغم من ان النقل المؤمن من الطريق العام حتى المعرض لا يكفي معظم زوار.
مدير معرض بيروت العربي الدولي للكتاب د. عدنان حمود، أكد لموقع "العهد" ان منظمي المعرض لا يتحملون مسؤولية اي تجاوزات يرتكبها عمال الشركة المالكة للموقف، وأوضح ان المنظمين يحصلون على 400 موقف (200 منها لدور النشر والباقي للزوار بتعرفة لا تتجاوز الـ 2000 ل.ل يوميا).
وردا على إمكانية ان يطالب المنظمين الشركة بمعالجة التجاوزات او إلغاء التعرفة المالية، قال حمود : "نحن لا نمون عليهم بكلمة"، مشيرا إلى ان شركة "سوليدير" تستحوذ على الأرض المخصصة لركن السيارة ويقع على عاتقها تأمين مواقف للزوار.
يبقى أن نتذكر بالخير "القاعة الزجاجية" التي كانت مقر المعرض الدائم، حيث كان الناس يقصدون المعرض بغنى عن النقل الخاص، إلا اذا أراد أحدٌ ما فله ان يختار بين المواقف العديدة في المنطقة دون الحاجة للاستماع إلى نصائح الـ "فالي باركينغ".
السلوك الفظ من قبل الـ"فالي باركينغ" يرسخ قناعة أن بيروت وثقافتها باتت مجرد مصدر دخل مالي للشركات المستثمرة، وليست واحة ثقافة يحضر إليها العارضون والمثقفون لاحياء عملية تبادل ثقافي يساهم في الرقي بالإنسان بدل زيادة رصيد بعض المنتفعين.