معركة أولي البأس

 

لبنان

لبنان يودع ألـ 2020.. لا حكومة ومزيد من الأزمات والانهيارات والمآسي
31/12/2020

لبنان يودع ألـ 2020.. لا حكومة ومزيد من الأزمات والانهيارات والمآسي

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على كيفية وداعهم لهذه السنة في أسوأ ما عرفوه من كوارث وازمات وانهيارات ومآسي وإحباط يظهر على وجه كل مواطن منهم، إذ أقفلت هذه السنة عشية الميلاد على انتكاسة انهيارية سياسية كرست الانسداد الحاصل في مسار تشكيل الحكومة.

"الأخبار": الراعي يستأنف وساطته بعد الأعياد

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت ان لبنان يدخل مع الأسبوع الطالع المدار الساخن لانتقال السلطة في الولايات المتحدة الى إدارة الرئيس جو بايدن، رغم استمرار الشكوك في إمكانية أن ينسحب هذا الاستحقاق على الداخل اللبناني، ربطاً بالمأزق الحكومي أو برغبات بعض من في الداخل بحصول مفاجآت متّصلة بالواقع الإقليمي. في حين تتزايد في بيروت التوقعات بانتقال الأزمة اللبنانية الى السنة الجديدة، من دون أن تكون هناك حلول في الأفق، رغم الرسالة الفرنسية التي نقلها رئيس لجنة الصداقة النيابية اللبنانية ــــ الفرنسية في مجلس النواب الفرنسي النائب لوييك كيرفران بأن «المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة وأن باريس لا تترك لبنان».

ذلك لا يلغي واقع أن المخاطر تزداد، وكلما تأخر الحل سيكون وقعها قاسياً في كل المجالات. وهي مخاطر تتعامل معها القوى السياسية ببرودة غير مفهومة، إذ قرّرت أن تأخذ قسطها من الراحة خلال فترة الأعياد، مجمّدة كل الاتصالات في ما بينها. إلا أن مصادر سياسية قالت لـ«الأخبار» إن المداولات الحكومية ستُستأنف من جديد فوراً بعد الأعياد، وإن الوساطة التي بدأها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الأسبوع الماضي سيعيد إحياءها في الأيام المقبلة. وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن «الراعي عاتب على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لأنهما لم يضعا بين يديه الحقيقة الكاملة لما حصل، وإن بعض المعلومات بشأن المداولات علمها من أشخاص آخرين، فيما كان الطرفان يتبادلان التهم ومسؤولية التعطيل». وعلمت «الأخبار» أن الراعي «في صدد طرح بعض المخارج»، ولا سيما بعدما سمع تأكيدات بأن «العقدة العالقة حتى الآن تتعلّق بوزارتَي الداخلية والعدل»، فيما لم يكُن يعلم بأن «الرئيس سعد الحريري وعد الرئيس ميشال عون بهما، ثم عاد وطالب باستردادهما». ومن بين هذه المخارج أن «تكون وزارة الداخلية من حصّة الرئيس عون، والعدل من حصة الرئيس الحريري أو العكس، على أن يختار الاثنان أسماء الوزراء بالتوافق في الوزارتين، على قاعدة إن لم تكن الأسماء معنا فلن تكون ضدنا».

من جهة أخرى، أشار المكتب الاعلامي لرئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، في بيان، إلى أنه «صدرت بعض التفسيرات لكلام الرئيس حسان دياب في شأن تقدير كمية المواد التي انفجرت من نترات الأمونيوم. وللتوضيح فإن دياب استند في كلامه إلى معطيات غير رسمية منسوبة الى اف بي أي، ولم يتلق تقريرا رسميا في هذا الخصوص». كما نفى المكتب الإعلامي كلاماً منسوباً لدياب حول تفجير المرفأ، لافتاً في بيان له إلى أنّ «بعض المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي نسب إلى دياب بأنّ الانفجار في مرفأ بيروت نتج من تفجير صاعق عبر «ريموت كونترول»، مؤكّدًا أنّ «هذا الكلام غير دقيق، وهذا الأمر رهن التحقيقات الّتي يُفترض أن تحدّد كيفيّة حصول الانفجار».


"النهار": 2021 وراثة الكوارث ام قبس الانفراج؟

بدورها صحيفة "النهار"، اعتبرت أن السؤال ليس ماذا تراهم اللبنانيون يقولون في وداع هذه السنة وكيف سيودعونها وباي انطباعات سيستقبلون السنة الجديدة ، بل الأصح هل تركت السنة الآفلة أنفاسا كافية بعد لدى اللبنانيين للتطلع ببقايا امل الى السنة الجديدة ؟ عند منتصف هذه الليلة تطوي السنة 2020 صفحتها الأخيرة في سجل عالمي وكوني تاريخي كاحدى أسوأ الأعوام التي عرفتها البشرية قاطبة نظرًا الى الحدث الأحادي الذي وحد العالم في تداعياته الكارثية المشؤومة وهو انتشار جائحة كورونا في كل العالم مخلفة تداعيات إنسانية وبشرية واقتصادية مخيفة . واذا كانت السنة الآفلة ستسجل في خانة أسوأ الاحداث التي عرفتها البشرية فان ذلك سيضاف الاف المرات حجم الامال المعلقة على السنة الوافدة 2021 خصوصًا وسط احتدام صراع وسباق خيالي لا يصدق بين اتساع الانتشار الوبائي في كل العالم مع تسجيل سلالات متطورة جديدة للفيروس وبدء عمليات التلقيح ضد كورونا في الكثير من الدول.

هذا الجانب العالمي الذي سيواكب احتفالات كل بلدان العالم بحلول السنة الجديدة ،على بعده ودلالاته التاريخية، لن يقف حائلا دون الخصوصية الكبيرة والمعبرة والمؤثرة للغاية للحظة اللبنانية التي يقف عندها اللبنانيون عند حافة وداع أسوأ ما عرفوه من كوارث وازمات وانهيارات ومآسي في هذه السنة التي سيحطمون منتصف هذه الليلة كل ما تطاله اياديهم من صحون وزجاج وراءها في مقابل تضخم أمال وتمنيات بل واحلام مشروعة وطبيعية وبديهية في ان ينقلب مع حلول السنة الجديدة قدر لبنان ويبدأ العبور الى نقطة ضؤ علها تحمل فجر الإنقاذ وتطلق مسار الخروج من الكوارث والأزمات والانهيارات. هذه السنة الآفلة الخيالية في مستويات الشؤم والكوارث والتراجعات على كل المستويات ابت الا ان تلفح لبنان بأقسى الاقدار حتى الثانية الأخيرة منها بدليل هذا المشهد الدراماتيكي الذي كان عليه لبنان بين عيدي الميلاد ورأس السنة كأنه اختصار خالص لمجمل ما حل عليه من مصائب ونكبات وكوارث وازمات كانت ذروة تتويجها المشؤومة في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 .

سنة شهدت من بداياتها الى نهايتها أسوأ عقاب مصيري ووجودي لشعب قاسى ويقاسي الويلات لانه ابتلي بسلطة حاكمة وطبقة سياسية بات يستحيل إيجاد الاوصاف الكافية التي “تحظيان بجلالها “ في مستويات قياسية من الفشل والقصور والعجز والفساد وحتى التآمر . ولعله لن تكون ثمة حاجة باللبنانيين الى إعادة رمي مسؤوليهم بسيل الشتائم هذه الليلة اذ يكفي استذكار جانب من سجل السنة الآفلة يتعلق بنظرة المجتمع الدولي الى الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان لتشكل في ذاتها احدى العلامات الفارقة جدا في احداث السنة . فما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في توصيف الطبقة السياسية بعد عرقلة مبادرته والزيارتين اللتين قام بهما للبنان في آب وأيلول الماضيين يكفي وحده كشهادة معيبة في عدم احترام الوسط الرسمي والسياسي اللبناني لتعهدات تتعلق بانقاذ بلادهم أولا وأخيرا ، فاذا برئيس دولة اجنبية يثبت لهفته على لبنان اكثر من حكامه ومسؤوليه ومعظم سياسييه وقادته . وما لم يقله ماكرون يكمله مسؤولون دوليون وأمميون وخليجيون وغربيون بما يشكل واقعا السقوط الكبير المدوي لهذا العهد وهذا الحكم وهذه الطبقة بمعظم رموزها وقواها .

 مسار الانهيارات
مع انصرام السنة الآفلة التي تلفظ أنفاسها بترحيب عميم عارم منتصف هذه الليلة يكون لبنان قد سجل للتاريخ انه شهد الانهيار الأشد قسوة منذ نشأته لان الانهيار وان كان بدأ في العام 2019 وأورث طلائعه للسنة 2020 الا ان مجريات الانهيارات هذه السنة تفاقمت على نحو دراماتيكي على المستويات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وجاءت جائحة كورونا لتتوج المسار الكارثي وتدفع بلبنان الى مصاف الدول المدمرة تماما في مستوى تراجعاتها وانهياراتها في هذه السنة .
واذا كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة وبعد تكليف الرئيس سعد الحريري تاليف الحكومة الجديدة أقفلت عشية الميلاد على انتكاسة انهيارية سياسية كرست الانسداد الحاصل في مسار تشكيل الحكومة فان هذا التطور السلبي الذي يظلل المشهد اللبناني مع اطلالة السنة الجديدة يطلق زخات الأسئلة الحائرة والقلقة حيال مستقبل قريب ومتوسط وبعيد المدى سواء بسواء يخشى معه اللبنانيون ان يذهبوا بعيدا في توسل الامال بنقطة ضؤ في نهاية النفق ولو عند مناسبة حلول السنة الجديدة التي ترث من السنة الراحلة اضعاف ما ورثته الأخيرة . ولذا تتحجم الامال وتتواضع وتتضاءل خشية مزيد بل فائض من الصدمات مع انعدام وجود أي رهان بعد الان على استفاقة او يقظة سياسية من شانها ان تحرر اللبنانيين من سياسات التعطيل والفراغ التي باتت بمثابة آلة اغتيال منهجية للنظام الدستوري كما لإنقاذ لبنان من خلال اسقاط دوامة الشروط التعجيزية المتعمدة لمنع تاليف الحكومة قبل اضاءة الإشارة الخضراء الإقليمية المعروفة التي يهيمن محورها على لبنان وسلطته ومعظم مفاصله المؤسساتية . أسابيع قليلة في مطلع السنة الجديدة وتنكشف كل الخطة وكل الارتباطات التي لا تحتاج أصلا الى اثبات ، ولكن صراع لبنان مع قدر الازمات لن يستريح حتى في منتصف هذه الليلة .

وفي دلالة غير مشجعة على الحصيلة السياسية التي وصل اليها البلد في نهاية السنة 2020 اختصر رئيس مجلس النواب نبيه بري الوضع في نهاية السنة بقوله مساء امس لـ”النهار” بانه “ساكت “، وأضاف باقتضاب ان “أي كلام يردد لا يعبر عن حقيقة الحال التي وصلنا اليها“. واصل البطريرك الأرثوذكسي يوحنا العاشر امس برئيس الجمهورية العماد ميشال عون معايدا ودعا الى الإسراع في تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة وتذليل كل الصعوبات التي تعترض ذلك .

 تحقيقات المرفأ
وسط هذه المناخات المأزومة بدا ملف انفجار مرفأ بيروت الذي يعتبر أسوأ احداث السنة الراحلة كأنه عاد الى التوهج بقوة في الأيام الأخيرة خصوصا مع اطلاق رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب تصريحات ومواقف لم يعلنها سابقا ولم يتم تداول معطياتها في التحقيقات او المواقف المعنية . وآخر ما سجل امس تمثل في تسليم المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ القاضي فادي صوان ملف التحقيقات التي اجراها كاملا الى محكمة التمييز الجزائية التي باشرت دراسته. وكانت هذه المحكمة أرسلت الى المحقق العدلي كتابا تأكيديا للحصول على ملف التحقيقات في انفجار المرفأ بعدما تمنع صوان عن تزويد المحكمة بالملف .

وفي سياق اخر ابلغ رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الى وكالة رويترز ان لبنان يمكنه استخدام ملياري دولار من احتياطات متبقية للدعم لستة اشهر أخرى . وقال انه علم بمبلغ الملياري دولار من تعليقات ادلى بها حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة . وقال ان المبلغ اكبر مما كان متوقعا وسيستمر ستة اشهر اذا طبق نظام البطاقات كما عبر عن امله في التوصل الى اتفاق بحلول شباط في شأن خطة لوقف الاتفاق على الدعم وتوفير المساعدة للفقراء في الوقت نفسه .

وسط كل هذه الأجواء سيكون لبنان امام مزيد من المخاوف حيال ارتفاع الإصابات بكورونا مع الخشية من تفاقم الاعداد بسبب احتفالات رأس السنة. وفي قفزة قياسية جديدة سجلت وزارة الصحة امس 2878 إصابة بكورونا و13 حالة وفاة .


الجمهورية: الأزمة الى الـ 2021: لا حكومة ولا حلول.. ومخاوف من احتمالات مرعبة

كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول: الـ2021: بداية متعثرة وأجواء مسمومة، وفي منتصف ليل هذا اليوم، يلتقي عقربا الساعة ليعلنا خط النهاية لسنة لئيمة ذاق فيها اللبنانيون كلّ المرارات، خطفت أنفاسهم الأزمات وحوّلتهم جميعاً الى أشباه أموات، آمالهم مكسورة، وأحلامهم مخطوفة، وأمانهم مفقود؛ عُراة مكشوفون بالكامل بلا مظلة أمان، خاضعون رغماً عنهم لطبقة كريهة من الحكام، قطعت عنهم الهواء، وقدمت أسوأ نموذج في تاريخ البشريّة في إدارة شؤون البلاد والعباد.

منتصف ليل هذا اليوم، ينزع اللبنانيون آخر ورقة من روزنامة السنة المشؤومة، ويستقبلون سنة جديدة، بلا فرح ولا ابتسام، ولا احتفال، بل بخوف كبير ممّا هو آت، فأيّ معنى للفرح والاحتفال طالما أنّ الغد هو امتداد للأمس بكلّ أثقاله الموروثة من السنة الراحلة؟

وأيّ معنى للفرح والاحتفال، والبلد صار عنوانه الفقر، وانعدام الأساسيات؟ والمواطن فيه مسلوب الإرادة، ومسروق تعبه وجنى عمره والمدّخرات، ولم يعد يملك لأيامه السود التي يعيشها لا قرشاً أبيض ولا أسود؟

وأيّ معنى للفرح والاحتفال، والبلد تقوده العصبيات، وشهوات حكام ضحّوا به على مذبح مصالحهم، وأضاعوا فرصة مُتاحة لتشكيل حكومة تضع البلد على سكة تغيير الحال، فحَبسوه في سجن مُحكم الاقفال:

- خلف قضبان صراع الحكام وانعدام ثقتهم ببعضهم البعض ورغبة كل منهم في قهر الآخر، ودفعه الى الرضوخ والاستسلام لمشيئة خارج الدستور والقانون وكل الاعراف.
- خلف قضبان "ثلث معطّل"، سَمّوه ثلثاً ضامناً لمصالحهم ومعزّزاً لقدرتهم على التسلّط والتحكّم بالقرار. وليس ما يضمن في المقابل للبنانيين مصيرهم، وحلمهم في أن يكملوا يومهم بسلام!
- خلف قضبان خلق أعراف جديدة تطيح كل المبادرات، أساسها الرغبة القاتلة في إرضاء بعض المحظوظين الذين حَملتهم الصدفة لأن يكونوا من الأقرباء أو المقرّبين، على حساب وطن بأسره وشعب بكامله، ولسان السجّان لا يخجل من القول: يرضى المحظوظ أولاً، ومن بعده الطوفان فحرام أن يعدّم طموحة في مقتبل عمره السياسي!
- في حقيبة وزارية باتت معتبَرة حقّاً حصريّاً ممنوع أن يُقارَب من هذا الطرف او ذاك، على ما هو الحال في الإصرار على وزارة الداخلية، فيما الداخل كلّه صار في منحنى رهيب، فارغاً وخاوياً حتى لا يكاد يَحظى بنسمةِ هواءٍ يتنفّسها! وكذلك في الاصرار على وزارة العدل، فيما العدل في البلد صار عملة نادرة، والعدالة المنشودة صارت عنواناً للثأر والانتقام! وأيضاً في الإصرار على وزارة الطاقة، فيما لا طاقة للبلد وأهله على مزيد من الاهتراء والاحتمال.
- في تَنازع الصلاحيات، وعقليّات التفرّدالمتشابكة والمتصارعة على ما يُسمّى الحقّ في تسمية الوزراء. وعلى شكليّات سَطحية جَعلوها جوهريّة بالاختلاف على شكل الحكومة بين مُصِرّ على حكومة من 18 وزيراً، ومصرّ على حكومة من 20 وزيراً فقط لإرضاء بعض الحلفاء!

سنة مُذخّرة!
على هذه الصورة تبدأ السنة الجديدة مُذخّرة بكلّ أسباب التفجير السياسي، بالتوازي مع الطامة الكبرى الكامنة في السيناريوهات السوداء التي تُنذر باقتراب البلد من واقعٍ اقتصادي ومالي واجتماعي أكثر مرارة ممّا هو عليه الآن، مرير إذا استمرّ الحال على ما هو عليه، من تَورّم واحتقان وانهيار في كلّ القطاعات، ومن استهتار مُفجع وفقدان المسؤولية والاحساس لدى طبقة الحكام.

عون: الأولوية للمعايير
في السياسة، يبدو الملف الحكومي في المنطقة الميتة؛ جمود كامل، ولا حراك نهائياً، وكلّ شيء معطّل، وكل المعنيين بهذا الملف منصرفون الى إعداد أوراقهم للنزال المقبل ما بعد العطلة. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وعلى ما يقول المقرّبون من القصر الجمهوري، ينتظر أن يحسم الرئيس المكلّف سعد الحريري موقفه وخياره، ويأتي الى اللقاء المقبل مع رئيس الجمهورية بمقاربة جديدة لملف التأليف تُراعي كلّ المعايير التي يؤكّد عليها الرئيس عون.

ولفت هؤلاء المقرّبون، عبر "الجمهورية"، الى انّ الإصرار على المواقف نفسها، وكذلك الاصرار على تجاوز تلك المعايير، ومحاولة فرض معايير تؤدي الى خلل في التوازنات وفي التركيبة الحكومية، كل هذه الأمور لن تغيّر في واقع الحال شيئاً بالنسبة الى رئيس الجمهوريّة، الذي عَبّر من اللحظات الاولى عن رغبة كبيرة في التعاون مع الرئيس المكلّف وصولاً الى حكومة مُنتجة وفاعلة، ولو أنّ المعايير التي أكد عليها رئيس الجمهورية قد تمّت مراعاتها لما تأخّرت ولادة الحكومة حتى الآن.

وعمّا اذا كانت حرب البيانات الأخيرة بين بعبدا وبيت الوسط قد تم تجاوزها وأنّ التوافق ما زال ممكناً على تأليف الحكومة، أشار المقرّبون من القصر الجمهوري إلى أنّ الرئيس عون كان واضحاً من البداية لجهة بلوغ التفاهم على حكومة تضع البلاد على سكة الانفراج، وهو مصرّ على بلوغ هذا الهدف، وعدم تضييع الوقت في طروحات غير واقعية تحول دون تشكيل الحكومة. واللقاء الاخير بينهما عرضت فيه بعض الافكار والطروحات، تنتظر إجابة الرئيس المكلّف حيالها، وبالتالي إنّ المبادرة في يده.

الحريري: لا تبديل
أمّا في المقابل، فلا يبدو انّ ثمّة تبديلاً في موقف الرئيس المكلّف، وهذا ما تؤكده مصادر قريبة منه لـ"الجمهورية" بقولها انّ الامور ما زالت جامدة عند النقطة التي انتهى إليها اللقاء الأخير بين عون والحريري.

وأكدت المصادر انها تستبعِد أن يُبادر الرئيس المكلّف الى التراجع عن ثوابته التي اكد عليها منذ تكليفه تشكيل الحكومة لِجهة الوصول الى حكومة اختصاصيين لا سياسيين ولا حزبيين، ولن يتأثر بأيّ مداخلات أو محاولات للتشويش على توجّهاته ولقَلب الوقائع والحقائب، ولا بأيّ محاولات تسعى إلى فرض أعراف جديدة في تأليف الحكومة تتجاوز صلاحيّاته المنصوص عليها في الدستور.

وسَخرت المصادر ممّا يُشاع عن انّ الرئيس المكلّف قد يُبادِر، وسط انسداد أفق التأليف حالياً، الى الاعتذار. وقالت: كلّ ما يُشاع معروف مصدره، والغرف التي تبثّه، والرئيس المكلّف لا يلتفت الى هذه الشائعات، ولا يقف عندها لأنها بلا أي معنى. وبالتالي، هو أكد التزامه الكلّي بالمبادرة الفرنسية ومندرجاتها الانقاذية والاصلاحية، وهو على التزامه، وصولاً الى تشكيل حكومة تُنقذ لبنان وتعيد إعمار بيروت، وعلى هذا الأساس سيتابع مهمّته.

وعمّا اذا كان التواصل سيعود بين الرئيس المكلّف مع رئيس الجمهورية في الايام المقبلة، قالت المصادر: من البداية أكد الرئيس المكلف على التعاون مع رئيس الجمهورية وفق الدستور، وعلى الجميع ان يدركوا انّ تشكيل الحكومة ينبغي ان يتم في القريب العاجل، وانّ التأخير فيه ضَرر فادِح على البلد، وهذا يفترض بالدرجة الاولى الكَفّ عن وضع العصي في الدواليب، وتعطيل التأليف بشروط غير مقبولة.

وعن الثلث المعطّل، وإمكان رفع عدد الحكومة الى 20 وزيراً، قالت المصادر: موضوع حجم الحكومة قد تمّ حَسمه لناحية الذهاب الى حكومة من 18 وزيراً، والرئيس المكلّف مُصرّ على هذا الامر. أمّا ما يتعلق بالثلث المعطّل فلا مجال للقبول به على الاطلاق، لأنّه يهدف بشكل أساس الى وضع الحكومة رَهن مزاجيّة البعض، ومن شأنه أن يفشل الحكومة لا بل ينسفها قبل أن تولَد.

بري مستاء
في موازاة ذلك، تبدو الصورة في عين التينة ملبّدة بتساؤلات حول موجبات تعطيل تأليف الحكومة، بعد المناخ الايجابي الذي أُشيع قبل آخر لقاء بين الرئيسين عون والحريري.

وتعكس هذه الصورة استياءً بالغاً لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري من بلوغ الملف الحكومي الحائط المسدود، في ظرفٍ أصبح فيه لبنان في سباق خطير مع الأزمات التي تُنذر بالتفاقم على أكثر من مستوى، وزيادة الاعباء والمصاعب على اللبنانيين.

وبحسب هذه الأجواء، فإنّ الجمود، أو بالأحرى تجميد الملف الحكومي في مدار السلبيات والتعقيدات غير المبرّرة، من أي طرف كان، يزيدان من المخاطر واحتمالاتها التي لا تحمد عقباها، فمِن غير المقبول الاستمرار على هذا المنحى، ومن غير المعقول ان يَتعطّل الكلام في التأليف وإنضاجه بالتفاهم على حكومة تُباشِر مهامها الاصلاحية والانقاذية، خصوصاً انّ الجميع قدموا التسهيلات لتحقيق هذا الهدف.

إقرأ المزيد في: لبنان