لبنان
"تطبيقات سعر صرف الدولار" أمام القضاء..فهل يُحاسب مشغلوها؟
فاطمة سلامة
وصل سعر صرف الدولار عام 2020 الى مستويات قياسية لم تكن متوقعة. لهذا الأمر أسباب عديدة باتت بموجبها الأوضاع الاقتصادية والمالية في الدرك الأسفل. إلا أنّ حقيقة الوقائع وعلى سوئها ومرارتها لا تبرّر حجم الانهيار الدراماتيكي الحاصل لليرة اللبنانية والارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار. ثمّة عوامل أخرى ساهمت في جعل الدولار عملة نادرة تُحلّق ويرتفع سعرها بطريقة خيالية. صحيح أنّ ارتفاع سعر صرف الدولار هو نتيجة حتمية للأوضاع الصعبة والسياسات النقدية الخاطئة، إلا أنّ عوامل أخرى ساهمت في الارتفاع "السوريالي" ومنها انتشار عدد كبير من التطبيقات والمواقع التي تعمل على تحديد سعر صرف الدولار والتحكم به بطرق غير قانونية وغير منطقية تحاكي أهدافاً وغايات خاصة وشخصية. وللأسف، فقد باتت هذه التطبيقات مرجعاً لمعظم المواطنين يتحوّل بموجبها أي مواطن الى صراف يبيع ويشتري الدولار ساعة ما يشاء ووفقاً لأسعار مختلفة لا تراعي الاقتصاد الوطني ولا تحسب حساباً لأدنى قواعد العرض والطلب ما يعرّض سلامة النقد الوطني للخطر ويهدّد واقع العملة الوطنية. باختصار، باتت هذه التطبيقات المتحكّم الفعلي بالسوق تتلاعب بالنقد كيفما تشاء هبوطا وصعودا بحسب مصالح شخصية.
طعمة: التحقيقات بدأت.. وجهاز أمن الدولة يتولى الجانب التقني
قبل فترة، تقدّم النائب السابق الدكتور نبيل نقولا بإخبار الى النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون حول هذه القضية. الإخبار طرح أكثر من سؤال حول تطبيقات سعر صرف الدولار: من يقف خلفها؟ ومن يستفيد منها؟. وفي هذا الإطار، يؤكّد مقدّم الإخبار المحامي كمال طعمة في حديث لموقع "العهد" الإخباري أنّ الإخبار استند الى فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي عائد لشخص يقول إنّه خبير في تطبيقات سعر صرف الدولار وإنه تمكّن من تتبع قسم من المحرّكين لها، لافتاً الى أنّ لديه معلومات عن هذه التطبيقات والمواقع التي تتداول بسعر صرف الدولار دون أي سند اقتصادي ملموس وتتلاعب بالسوق من دون أي معلومات رسمية أو اقتصادية. وفق طعمة، هذه هي النقطة الأساسية التي استند إليها الإخبار الذي دعا لاستجواب هذا الشخص والاستناد الى خبرته لوضع حد للمتلاعبين.
وبحسب معلومات طعمة، فإنّ التحقيقات التي بدأتها القاضية عون في هذه القضية تحوّل بموجبها الملف الى جهاز أمن الدولة، والأخير كان متجاوباً جداً للتسريع في التحقيقات التي بدأت من الناحية التقنية. وهنا يأمل طعمة -كما بيّن جهاز أمن الدولة عن جديّة- أن يكون هناك تحقيق سريع للوصول الى النتائج المرجوة.
بإمكان القضاء تتبع المتحكمين بهذه التطبيقات والمواقع
هل هناك إمكانية لملاحقة المتحكمين بهذه التطبيقات والمواقع؟، يجيب طعمة عن هذا السؤال بالإشارة الى أنّ بإمكان التحقيقات الجارية تتبع مشغلي التطبيقات والمواقع للوصول الى هوية ومكان الأشخاص المتحكمين بهذه العملية، وهذا أمر تقني من المرجح الوصول اليه في التحقيق لملاحقة هؤلاء وتتبعهم -يقول طعمة- الذي يلفت الى إمكانية إقفال هذه التطبيقات والمواقع عبر "غوغل" وغيرها إن كانت تضر بالاقتصاد الوطني والليرة اللبنانية.
تعمل بعيداً عن سوق العرض والطلب
ويشير طعمة الى أنّ هذه التطبيقات تستغل الظروف المالية والاقتصادية الصعبة لتتلاعب بسعر صرف الدولار صعوداً وهبوطاً بحسب مصالح البعض ودون اعتماد أي معيار واقعي، أو علمي، أو اقتصادي. وهنا يشدّد طعمة على أنّ هذه التطبيقات هي المتحكّمة اليوم بسعر صرف الدولار، اذ يكفي أن تنشر سعراً معيناً للصرف حتى يسري هذا السعر على السوق ويتم التداول به مهما كان، حتى عند شراء أي سلعة معيّنة يلجأ البائع الى التطبيقات لمعرفة السعر والتعامل على أساسه. وفق طعمة، يجري العمل في هذه التطبيقات بعيداً عن سوق العرض والطلب الذي من المفترض أن يحدد سعر صرف الدولار، فيما تتحكّم هذه التطبيقات بالأسعار كما تشاء وتتلاعب بالسوق كما يحلو لها.
الإخبار استند الى المادة 319 من قانون العقوبات
ويلفت طعمة الى أنّ الإخبار استند الى المادة 319 من قانون العقوبات اللبناني والتي تنص على الآتي: "من أذاع بإحدى الوسائل المذكورة في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 209 وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة لإحداث التدني في أوراق النقد الوطنية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الاسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات، وبالغرامة من خمسمئة الف ليرة الى مليوني ليرة، ويمكن فضلاً عن ذلك أن يقضى بنشر الحكم".