لبنان
السيد نصر الله: أنا فهمي أنّ السعودية لا تتصرف بعقل وإنّما تتصرف بحقد
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين سلام الله عليكم، أمّا وبعض العرب جهاراً بلا حياءٍ قاموا قعوداً للاكرامة انبطاحاً، وللتطبيع الصهينة تذللاً، فما عاد لكلام الضباب مبررٌ، هذا ليس تطبيعاً، هذا تحالفٌ، لا بل تحالف حربٍ إسرائيليٌ أفاقٌ قتّالٌ مختلّ الذمّة. هنا لضيفنا سماحته شرحٌ وموقف.
أمّا ونحن في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الكبيرين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس فيا ليت الزمن يبوح بكلّ ما قدّمه شهيد القدس لأحرار العالم، أنفاق غزّة تعرف، أسوار بغداد وتكريت والأعظميّة قبل الكاظمية تعرف، سوريا الأبيّة بشامها الشامخة وباديتها العاتية وحلبها الشهباء تعرف، أميركا اللاتينية المحاصرة تعرف، ضاحية العزّ والشرف تعرف، ساحات العرب ضد عدوان الأعراب تعرف، ماذا نقول في الحاج قاسم إنسانياً وميدانياً واستراتيجياً؟
ماذا نقول في رفيق الدرب الى آخر الدرب الحاج أبو مهدي؟ يا ليت الإنصاف ينطق، هو المقاوم حتى النخاع ضد الاحتلال والارهاب، المقاوم حتى النفس الأخير مع الأمّة وفلسطين، الحاج قاسم وأبو مهدي مقاومان حتى الابتسامة الأخيرة في جدارة الحياة وشهادة العلا.
الغادر الخاسر بدأ سنته الجدباء بحرب اغتيالات، جريمة قتل القائدين تلك حسبها فاعلها تاج تباهٍ أمام الجماهير الشعبوية وأمثاله، فخسر الانتخابات. رقص عليها جوكريةّ القحط في خيم اللاشرف وأشباههم، وخسرو الساحات، ذهب بها كتبة الظلام على أوراق التطبيع وعلى شاشات اللاعفّة وأشباههم وخسروا الأدبيات، هؤلاء شركاء في الجريمة.
أمّة المقاومة احتضنت الشهيدين بالعقل والقلب، بكتمها بوجعٍ ونخوة، لكنّ الأهمّ أبّنتهما في تشييعٍ حاشدٍ تاريخيٍ نادر بالتصميم على إكمال مشروع الاستقلال والتحرير.
هنا، للمتفضّل باستضافتنا السيّد حسن شواهد وحكايا.
أمّا وسنوات الجمر ترفع رقمها العاشر مع بداية العام بعد أيام، فإنّ ما حملته من اسم الربيع العربي بان عودةً بلا ورقة توتٍ يتيمةٍ تستر بنسف بالخطيئة. أرادتها الشعوب حقها في الحرية والعدالة والكرامة والسيادة والتحرير، نهبها الانتهازيون ومفكّرو الغفلة وأشباه المثقّفين النرجسية، باعها أعراب التفاهة، استغلّتها إسرائيل وحلبتها بل وشغّلتها وباتت شريكاً، وسيطر عليها جبابرة الأطلسي، فكانت عشرية نارٍ دمّرت أوطاناً، فتقت مجتمعاتٍ، فتت عائلاتٍ، فرّخت إرهاباً تخافه الوحوش ذاتها، والأخطر ما لحق بالثوابت من انقلاباتٍ وبالجهود من خيانات، بات القتال تحت إمرة الغازي كفاحًا، والتطبيع مع الاحتلال فقه مقاصد، واستعداء المقاومة وطنيّةً، وافتعال الحروب المذهبية جاهداً، والتضليل الإعلامي رسالةً. وحين كسرت مقاومة الشعب العنيد قيود التكبيل نصرت وانتصرت.
هنا، لمَن حارب الإرهاب وهزمه وقاوم الاحتلال وأذلّه شرحٌ وموقف.
أمّا والمقاومة في لبنان تواجه حرب اجتثاثٍ شاملةٍ بلا حدود ولا أخلاق، فهنا إشارة، اليوم يعود تحالف الحرب ليستخدم أوراقه بالحصار والعقوبات، وبمزيدٍ من التشويه والتوتير، حتى وإن كانت ملياراته العشر قد ذهبت هباءً.
البائن أنّ المقاومة متجذّرةٌ، تحتضنها بيئة استثنائية في الصبر والعنفوان والوعي، بيئةٌ تفترش التراب ولا تخنع، بيئةٌ تقتات ورق الشجر ولا تتسوّل، بيئةٌ هي فعلاً شعب الوفاء برموش العين والصمود بنقاء الفطرة.
لكنّ لبنان ليس فقط حزب الله، وليس فقط مجرّد بلدٍ منقسمٍ على الخيارات، قد يكون لبنان الكيان، لبنان الدور والاقتصاد والتنوّع والهوية في زمن التطبيع وتحالف الحرب كلّه مستهدفاً.
هنا للزعيم الوطني السيّد نصرالله توضيحٌ وموقف.
أمّا والحديث يتردد حول عدوانٍ أميركي أو اسرائيلي على ساحات في محور المقاومة، سواءً بالهجوم على مواقع في إيران، أم بضرب مراكز للمقاومة في العراق، أم باستهداف حزب الله في لبنان واغتيال قادة، فإنّ فترة الحذر وربّما الخطر هذه تستأهل تحقيقاً.
هنا لضيفنا سماحة السيّد حسن نصرالله شرحٌ ورسالة.
سماحة السيّد مساء الخير، شكراً لوقتكم وشكراً لقبولكم طلبنا، في إطلالتكم في حدّ ذاتها ثقةٌ كبيرة، والحقيقة أنها تحدٍّ خصوصاً في هذا الوضع الصعب الذي تعيشه المنطقة ويعيشه لبنان. ميلاد مجيد لكل المسيحيين والمسلمين في العالم. وأنا أودّ أن أشكرك بشكل خاص لأنه الحوار العشرون في العام 2020، شكراً سيّدي العزيز.
سماحة السيّد هل ما زال تحريركم من مخاطر تهوّر ترامب، ولو كان في أمامه وساعاته الأخيرة، والتصعيد الإسرائيلي ما يزال قائماً لا سيّما وأننا نتحدث كما قلت عن فترة تصعيد وجنون وربّما حتى فترة مغامرات واغتيالات؟
السيّد نصرالله: بسم الله الرحمن الرحيم، أولاً أرحّب بكم وبجميع المشاهدين إن شاء الله، وأيضاً أتوجه الى جميع المسيحيين والمسلمين في العالم وخصوصاً في بلدنا لبنان بأسمى آيات التبريك والتهنئة أولاً بذكرى ومناسبة ولادة السيّد المسيح عليه السلام، وأيضاً إن شاء الله بداية العام الميلادي الجديد الذي نأمل أن يكون عاماً مختلفاً إن شاء الله عن الأعوام السابقة.
كما أستفيد من المناسبة ونحن على بُعد أيام قليلة من الذكرى السنوية لاستشهاد القادة الكبار العظام الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس، أن أتوجه للجميع وخصوصاً الى العائلات الشريفة لهذين القائدين، ولعائلات الشهداء من الإخوة الإيرانيين والعراقيين الذين استُشهدوا معهما في هذه الحادثة التاريخية والأليمة.
نحن عادةً في ذكرى الشهداء تبارك ونعزّي، فأجد التبريك بشهادة العظماء والتعزية بفقد الأعزاء.
أمّا في ما تفضّلتم به، نعم، معطيات دقيقة، معلومات تقول بأنّ ترامب أو أنّ العدو الإسرائيلي سيُقدم على عملٍ ما في الأيام الفاصلة عن 20 كانون الثاني، إذا سلّم الرجل وأخلى البيت الأبيض، لا أحد لديه معلومات أكيدة وموثّقة لكن هانك تحليلات، الكل يحلل ويتوقع، مع شخصية من هذا النوع فيها جنون متنوّع، جنون العظمة، جنون الإقدام، جنون الإعلام، وخصوصاً أنّ هذا المجنون الآن هو في حالة غضب شديد، مجنونٌ غاضب، الكل يتوقع أو يحتمل شيئاً من هذا النوع، والأمر لا يتعلق فقط بمَن هم خارج الولايات المتّحدة الأميركية، لا يتعلق فقط بإيران أو لبنان أو فلسطين أو أماكن أخرى، في ذاخل الولايات المتّحدة الأميركية كبار القادة من الحزبين هم قلقون عمّا يمكن أن يُقدم عليه هذا الرئيس الغاضب المجنون خلال الأيام القليلة المقبلة، لذلك نحن لا نستطيع أن ننفي هذا التوقع، لكن أنا أعتقد أنّ كل ما قيل حتى الآن هو في سياق التحليل وليس في سياق معلومات موثّقة وحقيقية. هل يُقدمون أو لا يُقدمون؟ هل هي حرب نفسية، هل هي عملية ضغط نفسي لأنهم يتوقعون مثلاً أموراً على مقربة من الذكرى السنوية لاستشهاد القادة؟ كل هذه التحليلات أو الاحتمالات واردة.
طبعاً محور المقاومة كما قلت أنا منذ مدة والآن أُعيد وأكرر، كلنا يجب أن نتعاطى مع هذه المرحلة، مع هذه الأسابيع القليلة المتبقّية بحذر، بدقة، بانتباه، حتى لا يتمّ استدراجنا أو استدراج أي موقع من مواقع هذا المحور الى مواجهة غير محسوبة أو الى مواجهة في توقيت الأعداء. طبعاً المواجهة سوف تحصل في يوم من الأيام ولكن نحن نتحدث عن هذا التوقيت القائم فعلياً.
غسان بن جدو: يعني إذا ركّبنا بعض المعطيات سماحة السيّد ألا تشعر أنّ هناك تصعيداً مبالغات فيه؟ أميركياً وإسرائيلياً ولا سيّما إسرائيلياً، إسرائيل ومَن معها بطبيعة الحال، يعني كوخاف يهدد، نتنياهو يهدد، هناك عمليات استدراج..
السيّد نصرالله: عندما تسمع الإسرائيليين، الليلة علينا أن نتحدث معك فصحى للمشاهدين العرب، عندما تسمع الإسرائيليين يُطلقون التهديدات ويرفعون الصوت عالياً اعلم أنّه ليس وراء هذه التهديدات والأصوات أفعال حقيقية.
غسان بن جدو: هكذا تفهموها؟
السيّد نصرالله: أنا أفهم الأمور هكذا، طبعاً هذا لا يعني ألا نكون حذرين، ألا نحطاط، ألا ننتبه، كما نحن بالفعل حذرون ومحطاطون ومنتبهون وعلى مدار ال24 ساعة وفي كل الساحات والمجالات، لكن عندما ترى هذا الضجيج الإعلامي الهائل أنا أعتقد هذا من مؤشرات أنهم يمارسون حرب نفسية أو ضغط نفسي أو محاولة ردع لأطراف في المحور عن التفكير بعملٍ ما أو القيام بعملٍ ما.
غسان بن جدو: زيارة رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، عندما زار الاحتلال أخيراً، هي في إطار ماذا؟ تشاور؟
السيّد نصرالله: أيضاً هنا أتحدث عن تحليل وليس عن معلومات، أنه جاء له صلة بقادة من الشهور والسنوات، هناك إدارة هي إدارة ترامب مُغادِرة، إدارة جديدة قادمة، هذه الإدارة الجديدة يُقال حتى الآن لها مقاربة مختلفة نسبياً في الموضوع الفلسطيني وفي موضوع حلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أو الإسرائيلي العربي، يعني قد يكون لها موقف مختلف في بعض الأمور، مثلاً يُقال أنها تؤيّد حلّ الدولتين، وهذا لم يكن يسير به ترامب عملياً ونتنياهو، لها موقف من تفاصيل صفقة القرن كما كان يريدها ترامب، لديها رؤية مختلفة، هناك حديث عن عودة إدارة بايدن الى الاتّفاق النووي، طبعاً هذا مع إيران وهو يُقلق الإسرائيليين وغيرهم كثيراً. فإذاً يمكننا أن نفترض أنّ هناك حكومة إسرائيلية قلقة من الإدارة الأميركية الجديدة. رئيس الأركان الذي جاء أنت تلاحظ ليس وزير الدفاع وليس وزير الخارجية، لأنهم كلهم ذاهبون، رئيس الأركان عادةً يبقى مع الإدارة الجديدة إذا إذا قرر الرئيس أن يُبدّل.
غسان بن جدو: رئيس الأركان قرر من تلقاء نفسه؟
السيّد نصرالله: لا، أنا أقدّر أكثر أنه جاء برسالة ليس من ترامب بقدر ما هي رسالة من إدارة بايدن لطمأنة الإسرائيليين حول المرحلة المقبلة.
غسان بن جدو: ليست لديكم أي معطيات لا في لبنان ولا في سوريا ولا في العراق ولا في إيران على أنّ هناك عملاً يمكن أن يحصل خلال الفترة المقبلة؟ القضية هي ليست فقط انتقام من قبل ترامب، ولكن قلب معادات، في النهاية هذا تحالف الحرب الذي نتحدث عنه إن كنتَ تؤمن وتعتقد بأنّ هناك فعلاً تحالف حرب، هو يعيش وضع ويحتاج لفعل ومبادرة، وهو يشعر أنكم في موقع ضعف، هكذا يشعر، أو هكذا يقول.
السيّد نصرالله: أحياناً وسائل الإعلام أو بعض ما يُكتَب في الإعلام أو جزء من الحرب النفسية يُصوّر الأمور على هذا الشكل. هم يعرفون أنّ الوقائع ليست كذلك، أنّ الحقيقة القائمة ميدانياً وعسكريا وأمنياً وشعبياً وسياسياً ليست كذلك، وإن شاء الله في سياق الحوار نتحدث مفصلاً في هذا الموضوع.
أنت تسألني عن معلومات، أنا أودّ أن أكون دقيقاً، معلومات لا يوجد، حتى مثلاً الآن عندما قيل أنّ هناك غواصة نووية إسرائيلية انطلقت من فلسطين المحتلة وعبرت البحر الأحمر وصولاً الى، لا يوجد تأكيد على هذا الموضوع، اليوم الإسرائيليين كانوا..
غسان بن جدو: الإيرانيون نفوها وقالوا هذه..
السيّد نصرالله: حتى الإسرائيلي قال أنا لا أؤكّد ولا أنفي. إذا كان هناك شىء جدّي من هذا النوع هو يعرف أنّ هذه خطوة كبيرة جداً، ماذا يعني غواصة نووية اسرائيلية تذهب الى منطقة الخليج؟
مثلاً أنا أقول لك كثير من الأصدقاء وبعض الجهات، أو بعض الجهات التي تعتبر نفسها أمنية أنّه انتبهوا، هناك اغتيالات، انتبهوا على فلان وفلان، لكن أنا شخصياً إذا أردتُ أن أكون دقيقاً بالجواب أقول لك كل ما يُقال على هذا الصعيد هي عبارة عن تحليلات وتوقعات منطقية، لا أقول غير منطقية، لكن لا أحد لديه معطيات دقيقة وحسّية حول أنّ هناك أمراً ما سيحصل خلال الفترة القليلة الماضية، قد يحصل وقد لا يحصل.
غسان بن جدو: سماحة السيّد نحن كما تفضّلتم في الذكرى السنوية..
السيّد نصرالله: حتى ما قيل عندنا هنا عن إنزال ما في منطقة الجيّد على الساحل قبل مدّة كُتب في الصحف، لا، معطياتنا تقول لم يحصل شيء من هذا النوع. نحن معلوماتنا، أنا عندما قرأت هذا الموضوع في بعض الصحف، رغم أنني عادةً أتابع المعلومات بشكل دائم ودقيق، مع ذلك أنا اتّصلت بالإخوة بالجهات المعنية والتي تراقب بدقة كل هذه المساحات وقالوا لم يحصل شىء من هذا النوع. الآن، ما كُتب يستند الى مصدر معيّن، دقيق، غير دقيق، لكن حتى الآن ما نحن نراه هنا وخصوصاً عندنا في الحدود مع فلسطين المحتلة الإسرائيلي هو في حالة حذر شديد، حالة قلق شديد، ما زال يقف على رجل ونصف، لا تظهر أن المعطيات المتوفرة هي معطيات عمل ما، نعم، نسمع خطاباً يوميا إذا قمتم، إذا قتلتم جندياً، إذا هاجمتم، سوف نفعل وسوف يكون ردّنا كذا وكذا، يعني ما زال يتحدث عن ردّ فعل على فعل قد تُقدم عليه المقاومة. أمّا حتى الآن لا معطيات لدينا عن عمل مباشر يجري على الساحة.
غسان بن جدو: بعد إذنكم الكريم سماحة السيّد هل هناك مَن حذّركم بأنكم مُستهدَفون شخصياً لا سمح الله؟
السيّد نصرالله: أكثر من جهة وخصوصاً في الآونة الأخيرة، عموماً هذا ما حصل بعد استشهاد الحاج قاسم، صار هناك مناخ عموماً في محور المقاومة وفي أكثر من بلد وأكثر من جهة أنّه سيتمّ التركيز في المرحلة المقبلة على فلان، عنّا أنا يعني، طبيعي، أنا في هذا المناخ حتى قبل استشهاد الحاج قاسم، يعني الحاج قاسم عندما كان يأتي هنا ونلتقي كان دائماً يؤكّد عليّ انتبه على وضعك، على أمنك وكذا. في الآونة الأخيرة خصوصاً قُبَيل الانتخابات الأميركية صار تأكيد كبير أنّ الرجل كما هو يحتاج الى خطوات سياسية وأوراق سياسية ليستفيد منها في الانتخابات، قد يحتاج الى أوراق أمنية ومنها تنفيذ عمليات اغتيال وفي قائمة المُستهدَفين أنت، بعد الانتخابات، الآن تجاوزنا الانتخابات الأميركية، بعد الانتخابات أيضاً قيل بأنه علينا أن نحطاط من هنا الى 20 كانون الثاني، طبعاً نحن محطاطون حتى بعد 20 كانون الثاني، يعني أنا في اعتقادي أنّ هذا الاستهداف لا يرتبط فقط بوجود ترامب أو ذهابه، هذا استهداف قائم ونحن جزء من المعركة القائمة.
غسان بن جدو٬: هدف أميركي كذلك وليس إسرائيلي؟
السيّد نصرالله: أميركي واسرائيلي.
غسان بن جدو: سماحة السيّد تعتبر نفسك مستهدَفاً أميركياً وإسرائيلياً وليس فقط إسرائيلياً؟
السيّد نصرالله: نعم، وليس أنا فقط وإنّما قادة آخرون في حزب الله.
غسان بن جدو: ولكن لماذا أميركياً، سماحتك تحديداً؟
السيّد نصرالله: الأخ الحاج عماد رحمة الله عليه يبدو، كل ما ظهر لاحقاً من معلومات ومن معطيات وتقارير، حتى قيل في الإعلام، كان واضحاً أنه عمل أميركي إسرائيلي مشترك، ولم يكن عملاً أميركياً وبحراً ولا عملاً إسرائيلياً بحتاً، استهداف قادة حزب الله هو هدف أميركي إسرائيلي مشترك، وأنا أستطيع أن أُضيف وأقول هدف أميركي إسرائيلي سعودي مشترك، لأنّ المسألة هي ليست فقط مسألة صراع مع إسرائيل، هي مسألة المشاريع، مشروع الهيمنة الأميركية في المنطقة ومَن يقف في وجه هذا المشروع ويتحداه ويعمل على إجهاضه أو يساهم في إلحاق الهزيمة به، نحن نرى الموضوع في هاذ السياق.
غسان بن جدو: السعودية تحرّض على اغتيالكم؟
السيّد نصرالله: منذ وقتٍ طويل.
غسان بن جدو: منذ متى؟
السيّد نصرالله: في الحدّ الأدنى منذ بدء الحرب العدوانية الظالمة على اليمن،ب الحدّ الأدنى.
غسان بن دجو: عفواً، هذا تحليل أو معطيات؟
السيّد نصرالله: معطيات.
غسان بن جدو: هل يمكن أن تفيدنا أكثر بهذه المعطيات من فضلك؟
السيّد نصرالله: أنا قيل لي من مصادر طبعاً لا أستطيع أن أقول مَن هي هذه الجهة، أنّ في أوّل زيارة قام بها محمد بن سلمان الى الولايات المتّحدة الأميركية، طبعاً بعد انتخاب ترامب، وفي اللقاء الذي حصل هناك أحد الملفات التي كان يسعى لحصول موافقة أميركية عليها ولأن تقوم أميركا هي بهذه المهمّة هي عملية اغتيال تطالني أنا على المستوى الشخصي، وفي ذلك الوقت بعد زيارة محمد بن سلمان وعودته أكثر من جهة أرسلت لي تحذيرات أنّ هناك توجّه من هذا القبيل، طبعاً المعلومات أضافت بأنّ الأميركيين قالوا نحن سنعهد بهذا الأمر للإسرائيليين وأنّ الطرف السعودي قال، لأنه جرى نقاش أنّ قتل فلان قد يؤدي الى حرب وغير حرب، قال نحن حاضرون أن ندفع كامل تكلفة الحرب إذا كان ثمن قتل فلان هو الذهاب الى حرب، طبعاً عندهم أموال كما يقول عنهم ترامب، هو صاحبهم وأدرى بهم، يقول ليس عندهم إلا أموال، فعنده أموال. لذلك هذه الفرضية بالنسبة لنا هي فرضية واقعية.
غسان بن جدو: لكن هل أستنتج أنّ الأميركان وافقوا على الطلب السعودي؟
السيّد نصرالله: هكذا قيل لنا في ذلك الوقت.
غسان بن جدو: يعني أنا أستطيع أن أستنتج الآن أنكم منذ خمس سنوات مستهدَف باغتيالكم شخصياً بطلب سعودي بموافقة أميركية على أساس أن تنفذه إسرائيل.
السيّد نصرالله: هذه المعلومات التي لدينا وعلى أساسها نحن نتصرف منذ وقت طويل.
غسان بن جدو: لأنها معلومة مهمة جداً ولأول مرة تُقال سماحة السيّد، وأنا شخصياً للحقيقة فاجأتني بهذا الشكل، لا أرجوك بتسمية الجهات ولكن هل هي جهات صديقة أم جهات غير صديقة أو غير حليفة، غربية على الأقل؟
السيّد نصرالله: شرقية وغربية، من أكثر من جهة.
غسان بن جدو: هل يُدرك السعودي أنه إذا ذهب بهذا الاتّجاه ما الذي يمكن أن ينتظره؟ وهل محور المقاومة مستعدّ للرد بهذا الشكل؟
السيّد نصرالله: انظر، أنا فهمي أنّ السعودية لا، خصوصاً في السنوات الأخيرة، لا تتصرف بعقل وإنّما تتصرف بحقد، هذه الحرب على اليمن قل لي أي عقل، أي منطق، أي قبَل، أي قانون، أي مصالح، أي مبدأ، هذه الحرب الظالمة التي منذ كم يوم اليمنيون يتحدثون بال2100 يوم أقاموا تغريدات عليها، يوجد حقد. ثمّ أنّ مشكلتهم معنا هي مشكلة في لبنان وفي المنطقة، مشكلة في المنطقة، مشكلتهم مع كل حركات المقاومة، ثمّ أنّ المشروع الأخير الذي حدث، طالما نتحدث عن العقد الأخير، هم شركاء، السعودية النظام السعودي كلنا يعرف هو الذي صدّر هذا الفكر وهو الذي موّل هذه الجماعات وهو الذي سلّحها، في العراق أستاذ غسان كل العراقيين يعرفون، حتى الآن هناك شباب سعوديون موجودون في السجون العراقية وأمام المحاكم العراقية. آلاف السعوديون، ليس مئة ومئتين وثلاثمئة، نفّذوا عمليات انتحارية خلال السنوات الماضية في العراق، ضد مَن؟ ناس وأطفال ونساء ورجال وكبار ومساجد ومساجد وحسينيات ومقامات دينية وأسواق، هذا ما هو، مشروع سياسي؟ هذا حقد، حقد ويركّبون عليه مشروع سياسي، عندما يحين وقته نتحدث عنه. فلذلك هو لا يعمل حساب، هو يعتبر أنّ عنده مال وبالمال يحلّ كل شيء. كل المجزرة التي يرتكبها في اليمن هو كيف يفكر؟ أنّ في نهاية الخط أنا عندي أموال أتحدث عن إعادة إعمار اليمن وأدفع تعويضات وما شاكل ويطلب في مقابل ذلك الخضوع له، وهكذا في أماكن أخرى.
غسان بن جدو: هل جريمة اغتيال الشهيد قاسم سليماني تحديداً، هي طبعاً أميركية بلا شك، لكن هل هي أيضاً جزء من المشروع الثلاثي إذا صحّ التعبير؟
السيّد نصرالله: أنا أعتقد ذلك.
غسان بن جدو: تعتقد ماذا من فضلك سماحة السيّد؟
السيّد نصرالله: أعتقد أنّ هذا مشروع ثلاثي نعم، وأنّ هناك مَن حرّض على هذا الأمر، الإسرائيليون حرّضوا على هذا الأمر، والسعوديون حرّضوا على هذا الأمر، وربّما يكون هناك آخرون أيضاً قد حرّضوا على هذا الأمر. ولذلك كان القادر على أن ينفذ إجراءً من هذا النوع ويحمل مستوى عالٍ من المسؤولية هو شخص ترامب وإدارة ترامب، ولذلك هذه الجريمة ليست فقط جريمة أميركية.
غسان بن جدو: هي جريمة ماذا؟
السيّد نصرالله: قلت، جريمة فيها شركاء، أنا أعتقد أنّ الإسرائيلي شريك في هذه الجريمة وأنّ السعودي أيضاً شريك في هذه الجريمة، ولو من باب التحريض والحثّ والدفع. الإسرائيلي ربّما يكون مشارك حتى في المعلومات، بالمتابعة المعلوماتية، السعودي طبعاً ليس كذلك، السعودي يحرّض ويدفع المال، لا شيء آخر عنده يفعله.
غسان بن جدو: هل هناك خفايا حول موضوع عملية الاغتيال؟ في النهاية هي عملية لم تكن بصراحة صعبة، الحاج قاسم رحمه الله من دمشق الى بغداد وهو كان علن ولم يكن متخفّياً بهذا الشكل، ولكن هل هناك من خفايا يمكن أن نرتبها بحيث يكتمل لدينا مشهد كيف تمت عملية الاغتيال؟
السيّد نصرالله: أنت أمام عملية مكشوفة، هي حصلت في الليل ولكن كأنها في وضح النهار، عملية مكشوفة، الجهة التي قامت بالعملية، الطيران الذي نفّذ العملية، حركة الحاج، التبني الأميركي الرسمي، تختلف كثيراً مثلاً عن اغتيال الحاج عماد مغنية، تختلف عن عمليات اغتيال الشهيد العزيز الأخ فخري زاده، أشبه بعملية اغتيال السيّد عباس الموسوي رحمة الله عليه، جاءت المروحيات الإسرائيلية وفي وضح النهار وقصفت الموقع، الأميركان عندما أقدموا على هذه الخطوة كان واصح أنهم عن سبق إصرار وتصميم يريدون إعلان، ولذلك أنت ترى أن ترامب حتى في الحملة الانتخابية التابعة له وفي أكثر من مناسبة كان يقول أنا قتلت قاسم سليماني.
غسان بن جدو: هو في حملته الانتخابية في كل خطاب كان يتباهى بهذا الشكل.
السيّد نصرالله: نعم.
غسان بن جدو: عموماً سماحة السيّد تعرف الحاج قاسم جيّداً، أنا أذكر أنني سألتك قبل خمس سنوات هل تعرف هذا الرجل؟ فأجبتها باقتضاب وقتذاك أعرفه عزيزات حبيبات الى غير ذلك، بعد استشهاده تحدثتم بإطناب عن هذه المسألة، بعد عام كيف يمكن أن نصف الحاج قاسم إنسانياً، ميدانياً واستراتيجياً من فضلك؟
السيّد نصرالله: هذا يحتاج حلقات، يحتاج لحديث طويل، وعلى كل حال، حتى حديث الآن لن يُغني، بعد عدة أيام إن شاء الله في الذكرى السنوية أيضاً سأخطب بالمناسبة.
طبعاً الحاج قاسم رحمة الله عليه بحسب معرفتي أنا الشخصية به، هو في البُعد الإنساني، في البُعد الأخلاقي شخص مميّز جداً، واحدة من أسباب نجاحاته في كل الساحات هي هذه الشخصية الإنسانية والأخلاقية، مثلاً، معروف بالنهاية الإنسان العسكري عنده شكل معين محدد، الجنرالات يكون أيضاً عندهم شكل محدد، بروتوكول، مجاملات، شكليات يقفون عندها، فكيف إذا كان جنرال يتحمل مسؤولية أساسية في نظام مثل الجمهورية الإسلامية التي هي قوى إقليمية عظمى في المنطقة! لكن هذا الانطباع موجود عندي وموجود عند الكل، أنه من أول لحظة عندما تلتقي مع الحاج سليماني خلال نصف ساعة أو ساعة سوف تكتشف أنك تجلس أمام أخ وصديق وحبيب وكأنك تعرفه منذ عشرات السنين. هذا أمر ممي جداً، ليس كل إنسان يملك هذه الكاريزما وهذه القدرة على التأثير. هو طبعاً لا يتصنع ذلك، يعني أنه واحد هو بحدّ ذاته إنسان متكبر يتصنع التواضع، هو لا يتصنع طلك، هو بطبيعته إنسان محبّ، إنسان متواضع، إنسان يهتم للآخرين، مستعد أن يضحي من أجل الآخرين، هذه المشاعر وهذه الأفكار والمفاهيم وهذه الأحاسيس عنده هي واقعية وحقيقية.
غسان بن جدو: هل تذكر لقطةً لا تزال تؤثّر بك على المستوى الشخصي في الجانب الإنساني بطبيعة الحال؟
السيّد نصرالله: ليس بي أنا، أنا أذكر أمور كثيرة، لكن أنا سأقول لك مثال، يوماً من الأيام تحدث عن رجل عاش في الحرب ثماني سنوات حرب وهو في الجبهة بين يديه سقط شهداء كثيرون، يعني شهداء ودماء وقتلى وقصف، يعني يجب أن يكون قلبه جامداً جامداً، غير موضوع الشجاعة، عاطفياً تعرف كثيرون يصبح عندهم حالة من التبلّد العاطفي، لكن الحاج قاسم كان على مستوى عالي جداً من الشفافية العاطفية.
أنا أذكر في يوم من الأيام كنا في طهران ونريد أن نذهب ونتشرف في زيارة مشهد، فذهبنا من مكان الإقامة الى مطار طهران لنتوجه الى مشهد، أنا وهو في السيارة، طبعاً هذا قبل حرب تموز، لم يكن الحذر الأمني كما الآن، فكنت أنا عندما أذهبب الى طهران أمشي طبيعياً. فكنّا في السيّارة، ونحن نسير على الطريق أحداً ما يقطع، امرأة ومعها طفل، تأتي سيارة وتضربها، الحاج قاسم يجلس بجانبي، الحاج قاسم كأنها زوجته، كأنه ابنه هو الذي أُصيب في الحادث، عاطفياً تأثّر، لونه تغيّر، قال للسائق قف، أوقف السيارات ونزل، في الوقت الذي بالاعتبار الأمني، في الاعتبارات العديدة.. حجم تفاعله مع الحدث بالنسبة لي كان ملفت جداً، طبعاً كلنا تأثرنا نتيجة الحادث لكن هو حجم تأثره كان عالٍ جداً.
لهفته، محبته، كل عوائل الشهداء، الشباب الذين يكونون في الجبهات، الإخوان الذين يعملون معه، هذا البُعد انسيابي طابع عام، هذا موجود في كل الساحات. إذاً أنت أمام إنسان عنده قيم روحية، عنده قيم معنوية، عنده قيم أخلاقية، هذا في الجانب الإنساني، وإنسان عنده كرم كبير، لا شيء يريد الاحتفاظ به لنفسه أبداً، لا شيء يريد أن يحتفظ لنفسه. طبعاً أنا أفهم هذه الحالة، هذه سببها التعلق بالله سبحانه وتعالى وقطع علائقه بالدنيا، يعني كان الحاج قاسم سليماني رجلاً يعيش في الدنيا وليس في الدنيا، قلبه في مكان آخر، عقله في مكان آخر، حساباته في مكان آخر. الذي يكون هكذا هذا يُترجَم إنسانياً وعاطفيًا وأخلاقياً وسلوكيات بشكل مختلف.
ميدانياً، رجل ميدان، أتحدث هنا في ميّزة ربّما أشرت لها سابقاً، عادةً حتى الجنرالات، الناس الذين يعملون بالجانب العسكري عندما يتدرجون، هناك ناس يصبح عقلها إستراتيجياً، يعني حتى عندما تنزل الى التكتيكي أو على التفصيل أو على الميدان أو على تفاصيل الميدان لا يعود عنده هذه القدرة، يعني عقله لا يعود شمالاً لهذا الحدّ، يتعب، يملّ، يضوج. هناك ناس تكتيكيين، تفضيليين، يعملون بالأجزاء التفصيلية، قدرما تدفع بهم باتّجاه البحث الاستراتيجي تجد، تبدأ معهم بحث استراتيجي وبعد قليل نزل الى التفصيل والتكتيك. أنا أشبهها كالطائرة، حين يكون المرء في الطائرة وتهبط في المطبات الهوائية المرء ينخضّ دماغه قليلاً. أحياناً في النقاشات الفكرية تكون أنت تتحدث في وضع المنطقة بالوضع الاستراتيجي، وإذ واحد يدخل الى تفصيل، تشعر أنك وقعت في المطب الهوائي.
الحاج قاسم سليماني كعسكري كان في نفس الوقت الذي يناقش فيه قضايا استراتيجي وكبرى والطائرة عالية عالية حتى لو وقعت في مطبات هوائية ونزلت الى أدنى التفاصيل تجد ذهنه حاضراً وقّاداً وجلد، يعني ليس من النوع الذي يملّ ويتعب أو ما شاكل. فهو رجل استراتيجي وتكتيكي في آن واحد، رجل عقل وتخطيط وقرار، رجل ميدان، رجل الساتر الأمامي وليس غرفة العمليات الخلفية.
بالسياسة أيضاً هو إنسان مفكّر على المستوى السياسي، يعني صحيح يُقال الجنرال قاسم سليماني، هو لم يكن فقط جنرالاً عسكرياً، هو على المستوى السياسي عنده فكر، عنده رؤية، عنده منهجية، وتوقعات واستشمام، لذلك أنا كنت دائماً أقول عنه شخصية جامعة، طبعاً حتى على المستوى الفكري الثقافي، الثقافة الدينية، الثقافة الإسلامية، الثقافة العامة هو رجل مثقف جداً، كان يقرأ الكثير، ويستفيد دائماً من الوقت. حتى مثلاً أنا أذكر عندما كنّا نجلس وجلستنا طويلة، حين ننتهي من القضايا التي نناقشها في آخر الوقت نبقى ساعة وهو يسأل، ونتناقش في قضايا فكرية وعقائدية وثقافية وعملية وما شاكل، في الوقت الذي يُفترَض أنه لا وقت لديه حتى لهذا النوع من القضايا، لذلك هو شخصية جامعة.
اليوم إذا أحداً راجع خطاباته التي كان يلقيها خلال السنوات الماضية يستطيع أن يأخذ استنتاجي هذا بوضوح ودقّة.
غسان بن جدو: بالمناسبة سماحة السيّد عندما تمّ اغتياله المناخ فعلاً كان تصعيديًا متوترًا بشكل كبير، وحسبما سمعنا منك في العام الماضي بعد استشهاده أنه زاركم مباشرةً هنا في الضاحية، هل حذّرت من المخاطر التي تُحيط به؟
السيّد نصرالله: في تلك الزيارة أنا حذّرت وفي الزيارة التي قبلها والتي قبلها، دائماً. أنا في الآونة الأخيرة كنت قلقاً جداً عليه، طبعاً أيضاً على أساس التحليل والقراءة، يعني لا ندّعي نحن أنه عندنا مصادر في البيت الأبيض وهي تعطينا معلومات من هذا النوع، ربّما جهات صديقة أو دول معيّنة تحصل على معلومات تتعلق بنا تعطينا إياها أو ممكن تعطي الإيرانيين، عندهم معلومات وكذا، لكن أنا على المستوى الشخصي خصوصاً أنه قبل شهرين أو أكثر من عملية استشهاده الإخوة أتوا لي بمجلة أميركية وعلى الغلاف الكامل صورة الحاج قاسم، هذه الصورة المشهورة باللباس العسكري والنجوم على أكتافه، والعنوان الجنرال الذي لا بديل له، وهو يضع النجوم على أكتافه، في اللباس العسكري، كتبوا الجنرال الذي لا بديل له. أنا عندما قرأت هذا الأمر سابقاً في أيام كنت ألتقي مع صحافيي أجانب وأساتذة جامعات وشخصيات أميركية وغربية، أذكر أنهم كانوا يقولون لي، وبعضهم التقيته قبل حرب تموز، وبعضهم بعد حرب تموز، كانوا يقولون لي إذا وجبتك في الصحافة الأميركية تركيزاً كبيراً على شخصية معيّنة أو بلد معين ومقالات وأحداث ومعلومات وكذا، قد يكون ذلك، هم قالوا أكثر من قد لكن أنا أحطاط وأقول قد يكون ذلك تحضير الرأي العام لاغتيال هذه الشخصية، حتى يقولون إذا أقدمنا على العمل فهذا شخصية مهمة جداً ولذلك نحن أقدمنا على قتله ويجب أن نتقبل تبعات وتداعيات هذا القتل، فهذا كان في ذهني. عندما قرأت هذه المقالة، وأنا أعطيت هذه المجلة للحاج قاسم وقلت له هذا يعني أن الجماعة خلاص، إذا كان هناك حسابات أنك جنرال وأنت جزء من نظام رسمي وشخصية رسمية وتنقلات في المنطقة رسمية، أنا أعتقد أن ترامب وإدارة ترامب والأميركان وكل جماعتهم في المنطقة ضاقوا صدراً بك، وأنا أرجوك أن تحطاط. تعرف الحاج هو دائماً هذا الحديث بيننا، هو كان يضحك ويقول جيّد ادعو لي بالشهادة، لكن أنا أقول له يجب أن تحطاط وأن تكون حذراً، فدائماً هذا الموضوع كان موجود وقائم.
غسان بن جدو: الى ماذا تفتقد له بعد عام سماحة السيّد؟
السيّد نصرالله: أنا أفتقده كثيراً، أنا من الأشخاص الذين يفتقدون له كثيراً، نحن عملنا سوياً منذ عام 1998، وعملنا سوياً أين؟ في المقاومة، في الجهاد في سبيل الله، في قضايا الصراع، في ملفات المنطقة، في الملفات الحساسة، في الأيام الصعبة التي فيها فرح وحزن ودموع ودماء وتضحيات وشدائد ومحَن وصعوبات وتحديات ومخاطر وآمال وآلام، يعني ما كنّا نجلس في الجامعة ندرس سوياً أو ندرّس سوياً أو طلاب في مكان ما أو شركة تجارية، لا، طبيعة العمل الذي كان قائماً بيننا يتسبب بنوع من العلاقة المختلفة تماماً، عاطفياً وإنسانيًا وفكرياً وعملياً، ولذلك هناك نوع من الأخوة أحياناً تشعر أنك وهذا الأخ واحد، يعني أنت جزء منه وهو جزء منك، ليس إثنان، تشعر أنكما واحد. أنا هناك أشخاص في حياتي كنت أشعر أنهم هكذا منهم الحاج قاسم، ولذلك نعم أنا أفتقده كثيراً.
غسان بن جدو: الحاج أبو مهدي تعرفه بلا شكّ، وربّما العراقيون يعرفونه كثيراً، بلا شكّ يعرفونه، ولكن أيضاً الرأي العام اكتشفه بعد استشهاده خصوصاً بعدما قيل عنه، لكن يبدو أنّ الحاج أبو مهدي أيضاً كان عملاقاً كبيراً، ليس فقط في العراق ولكن أيضاً للأمة، الى أي مدى كنت تعرفه خصوصاً ونحن اكتشفنا أنه كان هناك لقاءات أيضاً بينك وبينه وحتى هناك صورة تم نشره بين سماحتك والشهيدين العزيزين الكبيرين، من هو الحاج أبو مهدي المهندس على مستوى العراق ومستوى الأمة؟
السيّد نصرالله: الحاج أبو مهدي رحمة الله عليه شخصية يجب أن يتمّ تعريفها، وخلال السنة الماضي حدث جهد ولكن غير كافٍ، لكن مع الوقت يجب تعريف هذه الشخصية في أبعادها المختلفة والحقيقية.
طبعاً إذا تحدثنا عن المعرفة الشخصية المباشرة أكيد معرفتي بالحاج قاسم أكثر، أوسع، أعمق، لأنه كنّا على مدى سنوات كما قلت من 98 في لقاءات دائمة ومستمرة وعمل متواصل، الأخ الحاج أبو مهدي خلال الفترة الماضية قبل الذهاب الى الراق كان في إيران، يعني كنّا إذا ذهبنا الى إيران أحياناً نلتقي. بعد ذهابه الى العراق أغلب وقته في العراق، أحياناً كان يأتي الى لبنان كنّا نلتقي، فالمعرفة بيني وبينه قوية وعميقة ولكن مع الحاج قاسم أوسع بسبب طبيعة العمل والظروف.
الحاج أبو مهدي هو بالحقيقة قائد كبير، أيضاً هو شخصية شبيهة بالحياة قاسم، في الجانب الأخلاقي، ولذلك التقيا في ساحات العمل، في ساحات الجهاد، وختم الله سبحانه وتعالى لهما بالشهادة. أنا مثلاً كان عندي تعقيب لو استشهد الحاج قاسم لوحده، أنا أرسلت هذا لعائلة الحاج أبو مهدي، لو استشهد الحاج قاسم لوحده وأبو مهدي ما كان معه في هذا الاستشهاد من أكثر الناس في الكرة الأرضية الذين سيشعرون بألم الفراق وألم الفراغ وغيره هو الحاج أبو مهدي، نتيجة عمق وقوة العلاقة التي كانت قائمة بينه وبين الحاج قاسم.
أيضاً هو إنسان على درجة عالية من الثقافة، من الفهم، من الوعي، المميزات الأخلاقية، التواضع، الجانب الإنساني فيه، وأيضاً عقله السياسي، الحاج أبو مهدي المهندس في مرحلة من المراحل هو من الشخصيات المطروحة ليكون رئيس حكومة العراق، في مرحلة من المراحل، لكن هو رجل كان يذهب الى الميدان وكان يرغب في الحضور في الميدان، والشخصيات التي تصدّت للمسؤولية أو كانت تُطرَح للتصدي للمسؤولية السياسية الأولى في العراق وهو رئيس حكومة العراق، ليسوا أهم من الحاج أبو مهدي المهندس. فهو في البُعد السياسي تجربته مهمة، تجربته الجهادية طويلة، تجربته السياسية، تجربته التنظيمية، دوره في المقاومة أيام الاحتلال الأميركي قبل 2011، ودوره الأهم بعد قضية داعش في العراق، وهو ظهر في قضية داعش، كل الأدوار السابقة كان خلف الستار، في قضية داعش حضوره المباشر، حضوره الميداني، قيادته العمليات، أيضاً حضوره مع الحاج قاسم بشكل دائم سلّط عليه الأضواء. لذلك أنت تتحدث أيضاً عن قائد كان شريكاً أساسياً وكبيرا في صنع الانتصار التاريخي، يعني في صنع انتصارين.
أنا بين قوسين أقول للإخوة العراقيين وأشكو لهم، أقول لهم أنتم عندكم مشكلة في احتفالاتكم بالانتصارات، الآن نحن غالباً نمزح الشيعة مع بعضنا ونعرف نلطم ونقوم بالعزاء، لكن نعرف نفرح بالانتصار، ربّما يكون عندنا مشكلة في هذا الموضوع. يعني مثلاً في 2011 عندما خرج الأميركيون من العراق، أستاذ غسان الأميركيون خرجوا من العراق رغم أنوفهم، أذلاء صاغرين، تحت النار، المقاومة العراقية أخرجتهم من العراق، الأميركيون جاؤوا الى الحاج قاسم سليماني يتوسلون قبل انسحابهم أنه فقط تحدثوا مع فصائل المقاومة العراقية يا أخي نحن شهرين وسوف نغادر، لكن لا تُخرجونا تحت النار، خروج الأميركيين من العراق كان انتصاراً تاريخياً للشعب العراقي وللمقاومة العراقية، لكن لم يعرفوا الاحتفال بهذا الانتصار.
غسان بن جدو: لم يعرفوا أو ما رغبوا؟
السيّد نصرالله: لا أعرف، لذلك قلت لهم نحن حزب الله نريد أن نُقيم احتفال في لبنان بانتصار المقاومة في العراق. على كل حال، كان انتصارات عظيماً، وأيضاً الانتصار على داعش. الذي حصل في العراق في الآونة الأخيرة الانتصار على داعش هو أمر جلل عظيم تاريخي كبير. على كل حال، في كلا هذين الانتصارين الحاج أبو مهدي كان حاضراً وبقوة.
غسان بن جدو: هذه الصورة الثلاثية بين وبين الشهيدين متى كانت ولماذا؟ ما هو اللقاء الذي كان بينكم؟
السيّد نصرالله: في الحقيقة ربّما قبل سنتين، يعني قبل استشهادهما بسنة. الحاج أبو مهدي كان يأتي الى لبنان، أحياناً يأتي وحده وأحياناً يأتيا سوياً مع الحاج قاسم، ففي ذلك الوقت كنّا سوياً، وكنا في الشتاء لأن الشباب يلبسون، أنا لا يتغير المشهد عليّ لكن هم. والزيارة عادةً عندما كان يأتي الحاج أبو مهدي مواضيع بحثنا هو وضع المنطقة، نتحدث بالعراق، بالحشد، بالقتال مع داعش، بتبادل خبرات وتجارب، تعرف في النهاية حزب الله كان له مساهمته المعيّنة المحددة في مواجهة داعش. نتحدث في هذه الأمور.
غسان بن جدو: المحددة أو المحدودة؟
السيّد نصرالله: المحددة، المحدودة، بكل الأحوال، وأيضاً كان أبو مهدي شخص إنسان يهتم بكل أوضاع المنطقة، ماذا يجري في فلسطين، ماذا يجري في لبنان. أنا أذكر في اللقاء الأخير الذي كان بيني وبينه، ليس عندما التقينا وتصورنا، كان قبل شهادته بستة أشهر، جاء وكان وحده، وجلست معه عدة ساعات كنّا لوحدنا أنا وهو فقط، وكان الموضوع كله عن الحفاظ على عناصر القوة في العراق خصوصاً موضوع الحشد الشعبي، لأنه كان موضوع داعش انتهى عملياً، وثانياً وضع المنطقة مع إسرائيل الأمور الى أين؟ وأنا لا أخفي أنّ الحاج أبو مهدي حين نتحدث عنه كجزء من محور المقاومة هو عقله مثل عقل الحاج قاسم، موضوع القدس، موضوع فلسطين، موضوع الصراع مع اسرائيل، موضوع المقاومة، دعم المقاومة، اسناد المقاومة، تبادل الخبرات والتجارب مع المقاومة، الاستعداد للحضور في أي حرب كبرى، ربّما ليس بعنوان الحشد الشعبي لأنها في النهاية مؤسسة تابعة للحكومة العراقية لكن بعنوان قائد من قادة محور المقاومة، رجل لم يكن عنده أي حواجز أو موانع في هذا الأمر. فكنّا نتحدث عن العراق، عن فلسطين، نتحدث عن الصراع في المنطقة، سوريا، كل شيء.
غسان بن جدو: يعني كان تبادل وجهات نظر؟ تعاون وتنسيق؟ ماذا؟
السيّد نصرالله: تبادل وجهات النظر، تعاون وتنسيق، تبادل خبرات، تبادل أفكار. طبعاً في سوريا الحشد كحشد لم يكن يقاتل، يعني دائماً في العراق هناك شيء يجب تحديده ويكون واضح، الحشد الشعبي الذي كان الحاج أبو مهدي نائب رئيس هيئته وعملياً رئيس أركانه، هو مؤسسة رسمية وخاضعة للقائد العام للقوات المسلحة ولقرار الحكومة العراقية، هناك فصائل مقاومة عراقية قاتلت الاحتلال في مرحلة الاحتلال، وعندما ظهرت داعش كانت فصائل المقاومة هي العمدة الرئيسية، البنية الرئيسية التي قاتلت والتي قام الحشد على أكتافها في نهاية المطاف من الناحية الواقعية والعملية. نعم، فصائل المقاومة العراقية كان لها مشاركات قوية ومهمة جداً في سوريا.
غسان بن جدو: الشهيد قاسم سليماني وُصف بشهيد القدس، وهو جديرٌ وأهلٌ بهذا التوصيف، في النهاية اسمها قوة القدس وشُكّلَت أو أُنشئت من أجل هذا الأمر. ما الذي قدّمه الشهيد قاسم سليماني لفلسطين وللقدس وللمقاومة الفلسطينية سماحة السيد؟ وهل تذكر بعض الشواهد التي تفيدنا في هذا الأمر؟
السيّد نصرالله: الحاج قاسم رحمة الله عليه أولاً طوّر العلاقة مع فصائل المقاومة الفلسطينية كلها، يعني الإسلامية والوطنية على اختلاف اتّجاهاتها العقيدية والفكرية والسياسية. وكان بالنسبة له المهم أن يُقدَّم الدعم اللازم لهذه الفصائل لتتمكن من مواجهة الاحتلال والعدوان وتستمر بالعمل المقاوم الميداني. إذاً أولاً تطوير العلاقة، العلاقة مع الحاج قاسم بين الجمهورية الإسلامية وخصوصاً بين قوة القدس وفصائل المقاومة الفلسطينية تطورت بشكل سريع منذ مجيء الحاج قاسم وتحمله لهذه المسؤولية وخلال سنوات. في ما يتعلق بالدعم اللوجستي أي شيء لم يكن هناك خطوط حمر، أى شيء يمكن أن يصل الى فلسطين، الى غزة، الى الضفة الغربية، أى شيء يمكن أن يوصله الفلسطينيون أو أن يساعد..
غسان بن جدو: حتى الى الضفة؟
السيّد نصرالله: حتى الى الضفة، لكن عملياً الذي سينقل أو الذي سيقوم بهذه المهمة هم فلسطينيون، هم أبناء الفصائل أنفسهم، لكن الذي كان متيسّراً أكثر هو قطاع غزة.
الحاج قاسم وقوة القدس ومن خلفه الحرس والجمهورية الإسلامية لم يكن لديهم تحفّظ في أن يقدّموا أي نوع من السلاح أو العتاد أو الخبرات أو الإمكانات اللوجستية لفصائل المقاومة.
غسان بن جدو: ما الذي قدّمه؟
السيّد نصرالله: أغلب الموجود في غزّة غير الشيء المعتاد، مثلاً كل شيد له علاقة بتصنيع الصواريخ، تقنية تصنيع الصواريخ ولو من الإمكانيات البدائية، هذا حصل فيه تعاون بين الفصائل والحاج قاسم والإخوة في الحرس. بعد الإمكانات التي وصلت الى قطاع غزة، الكورنيت كيف وصل الى قطاع غزة؟
غسان بن جدو: مَن أوصله؟
السيّد نصرالله: الكورنيت مَن اشتراه وكيف وصل وكيف انتقل؟ بطبيعة الحال يوجد عملية إجرائية لكن هذا الأمر يقف خلفه الحاج قاسم سليماني. وتحدث معي أنا، ربّما الآن نكشف سراً، وقال، دعني أقول، لا أعرف إن كان الرئيس الأسد يقبل بهذا الأمر أو لا، نحن في حرب تموز كان لدينا كورنيت، الكورنيت، طبعاً هو غيّر معادلة، كان من العوامل التي غيّرت المعادلة في حرب تموز وشاهدنا مجازر الدبابات في وادي الحجير وسهل الطيبة وسهل الخيام والى آخره، فكان لدينا نحن صواريخ الكورنيت. صواريخ الكورنيت هذه، صحيح ربّما في الإعلام أكشف سراً ولكن في الدول معروف، هذه اشتراها وزارة الدفاع السورية، السوريون هم الذين اشتروا هذه الصواريخ من الروس، الروس لم يبيعونا نحن الكورنيت، نحن أخذنا هذه الكورنيت من السوريين كمقاومة أخذناه لندافع فيها عن بلدنا، واستخدمناها في حرب تموز، ولم يكن فقط الكورنيت الذي ..
غسان بن جدو: اشتريتموها أو أخذتموها؟
السيّد نصرالله: لا أخذناها، حينها بين السوريين أو الحاج قاسم هو دفع ثمنها أنا لا أتذكر، أنا أعتقد أن السوريين اشتروها من مالهم وكانت الكورنيت لهم، يعني لم تُشترى لنا، اشتُريَت لهم ولاحقاً نحن أخذناها منهم، هذا الذي وصل إلينا.
فعلى كل حال نحن استخدمناها في حرب تموز وكانت نتيجتها عالية جداً وكنّا نفترض أنّ الروس سيغضبون كيف وصل الكورنيت الى حزب الله، ما غضبوا، هم كانوا سعداء جداً لأنه أصبح الكورنيت دعاية عظيمة جداً في العالم وبات له سوق وسعره.
فالأخ الحاج قاسم قال لي يا سيّد يجب أن نأخذ من هذا الكورنيت الذي عندكم ونوصل للإخوة في غزة، وطبعاً كنا نتحدث في حماس والجهاد، فأنا قلت له أنه أدبيات نحن أخذنا هذه الصواريخ من الإخوة في سوريا، قد يتحمل الرئيس بشار الأسد أن تظهر صواريخ الكورنيت التي اشترتها سوريا من روسيا، قد يتحمل وجودها في جنوب لبنان، لكن لا أعلم يتحمل وجودها في غزة؟ يقبل، لا يقبل؟ أدبيّات أنا يجب أن أستأذن الرئيس بشار الأسد، قال لي لا مشكلة، مَن يراه قبل الآخر يتكلم معه. صادف أنني قابلت الرئيس الأسد قبل، فأنا تحدثت معه، طبعاً هذا كله قبل أحداث سوريا، نتحدث بعد حرب تموز، وأنا قلت له الفكرة التالية، قال لي يمكن أن يصل الكورنيت الى غزة؟ قلت له نعم، قلت ولكن سيادة الرئيس نحن إذا أوصلنا يعني حماس والجهاد، قال لا مشكلة عندي. وفي ذلك الوقت الحاج قاسم والمجموعة المشتركة، لدينا مجموعة مشتركة، استلمت الكورنيت وقامت بنقله. هذا مثال يعني.
في كل الأحوال، الكل يعرف أن الأخ الحاج قاسم سليماني والإخوة في الجمهورية الإسلامية في إيران سخّروا حتى العلاقات الدبلوماسية في إمكانية إيصال دعم الى غزة، مثلاً العلاقة مع السودان، وصل الأمر أنّ الطائرات الإسرائيلية قصفت مصانع أو مخازن أسلحة في السودان، ولكن الحكومة السودانية في ذلك الحين لم تُعلن بشكل واضح لكن الإسرائيليون تحدثوا أنهم قصفوا هذه الأماكن لأنها أماكن تخزين لسلاح ولذخائر ولصواريخ يتمّ لاحقاً نقلها بوسائل مختلفة ومتنوعة لتصل الى قطاع غزة.
إذاً لنُنهِ هذه النقطة ونقول في الموضوع اللوجستي الذي اسمح سلاح وصواريخ وإمكانات وذخائر، لا يوجد أي خطوط حمر، كل ما يمكن أن يتم إيصاله ما كان هناك تحفّظ، عادة الدول تتحفظ وتعطي شيء وشيء آخر لا، في الإلكتروني، في الفنّي، لا يوجد أي تحفظات على الإطلاق، في الدعم المالي معلوم، الدعم المالي الكبير، وخصوصاً في العقد الأخير تقريباً حوصرَت المقاومة الفلسطينية وخصوصاً فصائل المقاومة الذين يمارسون العمل الجهادي حوصروا بشكل كبير جداً، هناك دول كانت تجمع التبرعات منعت جمع التبرعات، هناك دول أصبحت تعتقل مَن يجمع التبرعات للمقاومين الفلسطينيين، أسوأ ظروف مالية عاشتها فصائل المقاومة الفلسطينية كانت خلال العشر سنوات الماضية، وأكثر. الحاج من خلال مسؤوليته، من خلال علاقته، من خلال موقعه في الجمهورية الإسلامية، الموضوع المالي.
الموضوع السياسي، الموضوع الإعلامي.
غسان بن جدو: استمرّ مع حماس كل الوقت؟
السيّد نصرالله: لم ينقطع مع أحد.
غسان بن جدو: بعد إذنك، حتى في فترة الخلاف الذي كان حول الموضوع السوري؟
السيّد نصرالله: لم ينقطع مع أحد، الدعم لفصائل المقاومة الفلسطينية لم ينقطع أبداً لأسباب سياسية، وهو لم ينقطع فعلياً، نعم أحياناً ربما ينخفض أو يتباطأ بسبب الظروف المالية والضغوط والعقوبات التي كانت تواجه الجمهورية الإسلامية.
سياسياً، إعلامياً، الحاج جمع الكلمة بين الفصائل، توحيد الفصائل على كلمة واحدة، التنسيق، الابتعاد عن الخصومات.
أنا أستطيع أن أقول لك بصراحة، أن الحاج قاسم سليماني والفريق الذي يعمل معه، هو ما زال يعمل الى الآن، كل ما يستطيعون عقلياً، عاطفياً، إنسانياً، أخلاقياً، مالياً، لوجستياً، سياسياً، إعلامياً، مادياً، معنوياً، أن يقدموه لفلسطين لم يقصروا في هذا الأمر على الإطلاق، بل حمّلوا أنفسهم في بعض المراحل أكثر مما كان يمكن أن تحتمل.
غسان بن جدو: سماحة السيّد اليوم تكشف لنا معلومةً مهمة جداً تتعلق بموافقة الرئيس بشار الأسد على أنّ صواريخه تصل الى قطاع غزة، هذا قبل الأزمة التي مرّت بها سوريا، سؤالي صريح بكل وضوح، حصل خلاف بين حماس وبين القيادة السورية، واستمرت علاقتكم مع حماس، واستمرت علاقة طهران مع حماس، واستمرت علاقة الشهيد سليماني مع حماس، هل سمعتم لوماً أو عتباً أو انتقادات من الرئيس بشار الأسد حول استمرار علاقتكم ودعمكم للمقاومة الفلسطينية وتحديداً حماس؟
السيّد نصرالله: لا، أولاً هو كان على علم وهو في الصورة ومتفهّم لهذا الأمر، لأن العلاقة مع حماس منطلقة من حيثية القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الإسرائيلي وهكذا الحال مع بقية الفصائل الفلسطينية.
غسان بن جدو: يعني لم يغيّر رأيه.
السيّد نصرالله: لا، هو لم يعترض على أننا مستمرون في هذه العلاقة، ولم يتأفف منها، طبعاً هو له قراءته لموقف حماس، بطبيعة الحال هو لم يكن مرتاح لهذا الموقف وهذا ليس خفياً. المسؤولين السوريين الآخرين ربّما يعبّرون بشكل أوضح وأصرح، يعني في سوريا عموماً لم يكن هناك ارتياح، ارتياح أقل شيء، هناك مستويات تعبّر بمستويات مختلفة، لكن أنّه إذا افترضنا أنّ الإخوة في سوريا منزعجون من حماس أو من الجهة العراقية الفلانية أو الفلسطينية الفلانية أو اليمنية الفلانية، يأتون إلينا ويعاتبوني مثلاً يقولون لماذا تقيمون علاقة مع هذه الجهة وهذا الفصيل؟ لا يوجد هكذا سابقة.
غسان بن جدو: اليوم القضية الفلسطينية تعيش أصعب وأعقد وأعتا مراحلها، طبعاً هي مرّت على مدى العقود الماضية بمحطات صعبة جداً، ولكن الخذلان العربي الحالي لم يصل الى هذا المستوى علناً، ربّما سراً كان موجوداً، تحت الطاولة كان موجوداً، ولكن بهذه العلنية، كيف تقرؤون هذا الوضع؟ وهل أنتم يحكم معرفتكم بالإخوة في فلسطين، بالمقاومة الفلسطينية بشكل أساسي، هل أنتم مطمئنون لقدراتهم في مواجهة التهديدات الإسرائيلية التي يمكن أن تشتدّ وتصبح أعتا في المرحلة المقبلة في ظلّ وجود غطاء عربي أو شبه عربي؟
السيّد نصرالله: هناك جزءان في الحديث، الجزء الأول له علاقة بالخذلان العربي، والذي لاحقاً سيوصلنا الى حديث التطبيع. أنا شخصياً لست متفاجئ بالخذلان العربي، أولاً الخذلان العربي موجود من قديم، كل ما هنالك خلال عشرات السنين الأنظمة العربية كانوا يبيعون الفلسطينيين حكي، في الواقع لا شيء، في الواقع أغلبه فاتح مع الإسرائيلي ومبايع للأميركان، بالأعمّ الأغلب. يعني اليوم مثلاً عندما يُقال التطبيع بين البحرين والعدو الإسرائيلي، يخرجون وزراء في حكومة نتنياهو يقولون أصلاً نحن عندنا علاقة من عشرين سنة، ونحن من عشر سنوات فتحنا مركز فلاني في المنامة، القصة قديمة، العلاقة بين البحرين وإسرائيل. أما العلاقة بين دولة الإمارات، فالجماعة يذهبون ويعودون من الإمارات وعلى المساجد وتصوّروا، مسؤول الموساد ووزير الخارجية ووزيرة الثقافة والسياحة وكذا. مثلاً الآن المغرب، علاقة المغرب السلطة والنظام فيها هي علاقة قديمة جداً.
الذي يجري الآن، الأمر يختلف بحسب الزاوية التي تنظر منها الى الأمر، ربّما من زاوية تراه مشهداً سوداويًا، من زاوية أخرى تراه مشهداً طبيعياً بل يمكن أن تبني عليه بالإيجابية، سأقول لك كيف.
من زاوية، أوف العرب يذهبون للتطبيع ويقومون بعلاقات مع إسرائيل وهذا فيه خسارة لمحور المقاومة وخسارة للشعب الفلسطيني، هذا من هذه الزاوية. من الزاوية التي نحن نرى منها أنه لا، سوق الكذب انتهى، سوق النفاق استُنفد، الأقنعة أقنعة الخداع سقطت، الصقوق تتمايز، الطيبون والطيبات، المخلصون والمخلصات، الصادقون والصادقات، المؤمنون والمؤمنات، أهل الحق وأهل جبهة الحق يتمايزون، والمنافقون يخرجون من الصفوف. الذي حصل نحن نراه من هذه الزاوية هو إعلان عن الحقيقة الواقعية المخفية خلال عشرات السنين لهذه الأنظمة العربية وخلصنا، فالله يقول لنا ما زادوكم إلا خبالاً، الحمد لله خرجوا وانتهى. أنا أعتبر أكثر من ذلك، أنا أعتبر من العلامات الإيجابية، من علامات النصر عندما تتمايز الصفوف، يعني أننا نقترب من الانتصار الكبير عندما تتمايز الصفوف، الله سبحانه وتعالى هذه سننه وقوانينه الحاكمة في التاريخ والمجتمعات، متى يعطي النصر؟ بعدما نخوض كل التجارب، امتحانات، وابتلاءات وصعوبات، ناس تسقط، ناس تنهار، ناس تنسحب، ناس تستسلم، ناس تخون، ناس تُكمل، الله سبحانه وتعالى لا يعطي النصر لخليط، يعطي النصر لأهله، للأنبياء، الأوفياء الواضحين المخلصين.
الذي يحدث الآن من وجهة نظري أنا، أنا وكثيرون في المحور، نحن نعتبر بالعكس هذه علامة ممتازة جداً وإيجابية، الذي كنّا نقوله قبل سنوات أنّ هذه أنظمة لا يمكن الرهان عليها وهي تحت الطاولة مع أميركا وإسرائيل، وفلسطين لا تعني لها شيئاً، لا داعي أن نقول بعد ذلك هذا فهم يقولونه.
نقطة أخرى في هذا السياق أريد أن أقولها، الآن بعض الأنظمة العربية تتحجج بإيران وأنّ المقصود تجميد الصراع مع العدو الإسرائيلي لأنّ هناك أولوية لإيران، أنا أريد أن أقول للشعوب العربية والإسلامية وخصوصاً للشعب الفلسطيني، إيران هي مجرد حجة، هؤلاء منذ اليوم الأول، من عشرات السنين، أغلب هذه الأنظمة عندما كان ولاءها للأميركي وفاتحة العلاقات مع الإسرائيلي هي باعت فلسطين وانتهت، فلسطين عبء عليهم، هم يريدون أن يتخلصوا من هذا العبء، كان لديهم مشكلة اسمها الشعوب العربية والإسلاميةّ، يعني الشعوب العربية والإسلامية قبل عشرين سنة أو ثلاثين سنة أو أربعين سنة ما كان يمكن أن تتحمل خطوات تطبيعية من هذا النوع، كانوا يحتاجون للوقت ليدجّنوا الشعوب، ليستنزفوها، ليُتعبوها، ليُنهكوها، وأيضاً بحاجة للأعداء المفترضين. الأنظمة العربية خصوصاً كالسعودية وأمثالها تُنفق مليارات الدولارات وتستنفر كل مجاهدي العالم لمواجهة السوفيات في أفغانستان، لكن ماذا فعلت لفلسطين؟ ذهبوا وافتعلوا معركة في أفغانستان، بمعزل عن طبيعة تلك المعركة. دائماً هم يخترعون عدو، بالنسبة لهم إيران هم يخترعونها عدو، يتحججون بها، لكن هم في الحقيقة فلسطين عبء على هؤلاء الزعماء وهذه الأنظمة ويريدون التخلص منها يتحججون بإيران وغير إيران. ويتحججون أنه في يوم من الأيام الفلسطينيين وقفوا مع الدولة الفلانية ضد الدولة الفلانية وتدخلوا بالشأن الداخلي الفلاني، حتى لو ارتكب الفلسطينيون أخطاء من هذا النوع هذا لا يبرر لأي نظام على الإطلاق ولأي أحد في العالم العربي والإسلامي على الإطلاق أن يتخلى عن فلسطين ويبيعها لليهود والصهاينة، حتى لو أخطأ كل الفلسطينيون، ليس فقط فصيل فلسطيني.
إذاً هذا مسار، في هذا المسار، نتحدث أكثر لاحقاً عندما نصل الى موضوع التطبيع، نحن لا نراه سلبي بل نراه سقوط أقنعة.
غسان بن جدو: هل أنتم بحسب معلوماتكم مطمئنون للقدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية؟
السيّد نصرالله: هنا الجزء الثاني من كلامكم. طبعاً الإخوة قدراتهم ممتازة نسبةً لما مضى، يعني غزة الآن ليست غزة السابقة، إمكاناتها أفضل بكثير رغم كل ظروف الحصار الصعبة، لكن في الحقيقة نحن في تجربة المقاومة وفي السياق التاريخي عن المقاومة المعيار الأساسي أستاذ غسان هو الروحية، الإرادة، التصميم، العزم، التمسك بالحقّ، هذا الموضوع هذا ما يمكنك أن تبني عليه قبل أن تبني ما نوع السلاح الذي عندهم، أكيد عندهم تطوّر جيّد، أكيد إمكانات نحور المقاومة عموماً اليوم ونحن على مقربة أن نغادر 2020 وندخل الى 2021 أكيد قدرة محور المقاومة أكبر بكثير وبأضعاف أضعاف أضعاف ما كانت عليه قبل سنوات. وهذا يمكنك أن تأخذه في لبنان وبفلسطين وباليمن وبسوريا والعراق وإيران وأينما كان. لكن ليس هذا المعيار برأينا، برأينا المعيار الحقيقي هو الإرادة والعزم والتصميم، هل هذه الإرادة، هذا العزم، هذا التصميم، هذا الإيمان، هذا التمسك بالحق اهتزّ عند الفلسطينيين، عند الشعب الفلسطيني، عند الفصائل المقاومة؟ هذا ما كانوا يراهنون عليه، وهذا أحد أهداف التطبيع هو الحصار النفسي للفلسطينيين.
ما أعرفه أنا من خلال تواصلي مع قادة الفصائل وأيضاً تواصلنا كادرياً قاعدياً، لا، الشعب الفلسطيني وخصوصاً فصائل المقاومة عزيمتها، إيمانها، إرادتها، تصميمها على المواجهة عالية جداً، والأداء الموجود في غزة هو أيضاً في هذا السياق ويعبّر عن هذا المعنى.
غسان بن جدو: سماحة السيّد أنا لأول مرة سأتحدث معك من فضلك حول الإخوة الفلسطينيين في ال48 وخصوصاً أنّ التطبيع الآن سيطولهم بشكل مباشر، في النهاية نحن نتحدث عن كيان الاحتلال الذي جزء منه هؤلاء الإخوة الفلسطينيون الأعزاء، سؤالي هو في مقاربة أخرى، طبعاً الإخوة الفلسطينيون في ال48 كل منهم يناضل على طريقته، أنا لا أتحدث عن الفلسطينيين الذين هم صهاينة سواء أعضاء في أحزاب صهيونية أو بمخابرات وجيش وغير ذلك، هناك موضوع يتعلق بطريقة تعاطيكم أنتم مع الاحتلال في أي مواجهة عسكرية، ما هي الرسالة التي يمكن أن توجهها للإخوان فلسطينيي ال48 وأنتم عندما ستواجهون هذا الاحتلال، في النهاية نحن نتحدث عن مواجهة عسكرية، نحن لا نتحدث فقط عن الصهاينة اليهود، عفواً، نحن لا نتحدث من الجانب الديني، ما هي الرسالة التي توجهونها إليهم وهذا لا ينسحب عليكم فقط، ينسحب حتى على المقاومة الفلسطينية التي هي عندما تضرب مدنياً خاضعة للاحتلال فيها فلسطينيو ال48؟
السيّد نصرالله: هناك شقان، حسب ما فهمت من سؤالك أنه إذا حصلت حرب هل نطلب منه شيئاً؟
غسان بن جدو: في الجانب الأول يتعلق برسالتكم الى فلسطينيي ال48..
السيّد نصرالله: نحن لا نطلب منهم شيئاً، هم يقدّرون ظروفهم، أحوالهم، أوضاعهم. لكن في الشقّ الثاني من حيث..
غسان بن جدو: لا عفواً لا نطلب منهم شيئاً، لا، أولاً أنتم كيف تنظرون للإخوان الفلسطينيين ال48، نحن دائماً نتحدث فقط عن الضفة وغزة..
السيّد نصرالله: طبعاً هم إخواننا وأهلنا وشعبنا ونعرف أنهم يتطلّعون الى اليوم الذي تعود فيه فلسطين كلها من البحر الى النهر، وهم أكثر ناس إحساساً في هذا الأمر ورغبةً واعتقادات به، بالحدّ الأدنى ما نسمعه منهم في وسائل الإعلام ووسائل التواصل عندما يعبرون عن مواقفهم.
أنا أذكر في حرب تموز عندما حصل بعض القصف، مثلاً سقطت صواريخ لنا في عكّا، للأسف أصابت بيوت فلسطينية من عرب فلسطين، أنا كنت متأثر جداً، أيضاً ربّما باتّجاه منطقة الناصرة سقطت هناك صواريخ، ولعله كان هناك شهيد أو شهيدين أو جرحى أو ما شاكل. أنا على التلفزيون إذا كنتَ تذكر أيام الحرب اعتذرت منهم، من أهالي الشهداء ومن كل إخواننا الفلسطينيين في ال48، طبعاً أنا لا أسميهم عرب ال48، أنا أسميهم فلسطينيي ال48 لأنه يُراد سلخ هويتهم الفلسطينية، وأنا اعتذرت منهم وقلت نحن جاهزون أن ندفع ديّة الذين قُتلوا خطأ وهم شهداء، ردّ الفعل كان ممتاز جداً، وتذكر أنّ بعض الشعراء قال قصيدة، أنه يا أخي اقصف، اقصف اقصف ولو نزلت الصواريخ في رؤوسنا وفي بيوتنا، ولكن لا تتوقفوا، هذا على ماذا يعبّر؟ واحد يقول لك أنا ممكن أن تصِبني خطأً، ممكن أن تقصفني، أنا أقبل اقصفني ولكن اقصف، هذا يعبّر عن هذا الموقف، لذلك أنا أتصور أنه في أي حرب مقبلة، طبعاً لا نرغب ولا نسعى الى حرب ولكن قد تحصل هذه الحرب، هذا أمر آخر، أنا أتصور أنّ قلوب وعقول فلسطينيي ال48 كلها ستكون معنا لأنهم على كل حال هم يتطلّعون الى أي أمل، الى أي فجوة، الى أي فرصة يمكن أن تغيّر المعادلات في المنطقة لمصلحة تحرير فلسطين أو أجزاء من فلسطين.
غسان بن جدو: حين التقيتم السيد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس هنا في الضاحية، ما الذي دار بينكم بشكل أساسي، على أي مجال يمكن أن يتمّ التعاون؟ الحركات الإسلامية، الإخوان المسلمين، المقاومة الفلسطينية، سوريا، غيرها، على ماذا بالتحديد؟
السيّد نصرالله: تحدثنا في كل شيء.
غسان بن جدو: ما الذي يمكن الآن أن نتحدث به في ما لم يُعلَن؟
السيّد نصرالله: في موضوع العلاقة الثنائية طبعاً ..
غسان بن جدو: أنا أتحدث عن السيد اسماعيل هنية لأنه زار لبنان، وأنا أعرف أنك تلتقي قيادات أخرى وكلها على العين والراس، فلسطينياً.
السيّد نصرالله: بالمناسبة ربّما لأول مرة نقولها بالإعلام، نحن التقينا أكثر من مرة أنا والأخ اسماعيل هنية، غير اللقاء المعلَن التقينا أيضاً هنا في الضاحية في سفره الأخير، هو بقي هنا فترة والتقينا أكثر من مرة لمناقشة مختلف الموضوعات. طبعاً العلاقة الثنائية لا شكّ بأنّ نتيجة الأحداث في سوريا هذه العلاقة بيننا وبين حماس لم تنقطع ولكن الكل يعرف أنها بردت قليلاً، فإعادة العلاقة وتفعيل العلاقة الثنائية هذا كان موضوع أساسي، موضوع فلسطين والتحديات وصفقة القرن والسياسات التي كان يسير بها ترامب، والحصار على غزة، أفق المقاومة في فلسطين، وضعية محور المقاومة، المستقبل الى أين، طبعاً كان نقاشنا أغلبه له أبعاد استراتيجية، عناصر القوة وعناصر الضعف الموجودة في محور المقاومة، عند أعدائنا، عندنا، عند أصدقائنا، حتى في موضوع سوريا جرى نقاش وواضح أنه، إذا راقبت مثلاً الإخوة في حماس من مدّة يُصدرون بيانات جيّدة في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، كل ما حصل اعتداء يصدون بيان أو معطى رسمي أو مسؤولين. أنا أعتقد أنه في يوم من الأيام هذه العلاقة يجب أن يُعاد ترتيبها، وتحتاج لوقت، الموضوع ليس سهلاً بل يحتاج لوقت، نحن يهمّنا كل مَن يحمل بندقية في مواجهة الصهاينة وكل مَن يحمل هم فلسطين وكل مَن يمكن أن يكون جزءاً من هذا المحور أن يُعاد التواصل والتناغم والتعاون والتكامل لأنّ المواجهة كبيرة وخطيرة جداً.
غسان بن جدو: عندهم رغبة في إعادة العلاقة مع دمشق؟
السيّد نصرالله: أنا أعتقد، هذا الموضوع هم مَن يجب أن يعبّروا عنه، لكن هناك أجواء إيجابية جداً، بالنهاية حماس، التجربة الآن الى أين أوصلت؟ اليوم حركات المقاومة عندما نتحدث عن سقوط الأقنعة والكذب والنفاق بات واضحاً اليوم أي فلسطيني سواءً كان في حماس أو أي فلسطيني آخر، أو لا ينتمي الى أي فصيل، عندما يرى المشهد كله أمامه في المنطقة يعرف مَن يقف الى جانب فلسطين ومَن تخلى عن فلسطين، مَن يقف الى جانبها بصدق ويتحمل التبعات والتضحيات، لأن الوقوف الى جانب فلسطين اليوم حتى بالحكي أصبح مكلف، منذ زمن كان الأميركان والإسرائيليون تحت الطاولة يقولون للعرب اخطبوا قدر ما تريدون لا مشكلة، المهم المال والسلاح واحتضان المقاومين، الآن حتى اخطبوا لم يعد هنالك، أصبح هناك ضبط وسائل الإعلام ووسائل التواصل، الفضائيات، المناهج الدراسية، آيات القرآن، غداً القرآن لن نسمعه في الإذاعات العربية، هذا لم يعد مقبول، يعني ضاق صدر الأميركيين والصهاينة بحركات ومشروع المقاومة في المنطقة الى هذا الحدّ. إذاً هذا أصبح واضح.
اليوم أنا كفلسطيني حين أنظر، مَن معي ومَن ليس معي؟ أنا إذا كنت مخلص لقضيتي، لفلسطيني، لشعبي الفلسطيني، أنا أتحدث كإنسان فلسطيني، من الطبيعي جداً أن أبحث عن الأصدقاء، أن أمتّن علاقتي مع الإخوة والأصدقاء الذين ثبتت صداقتهم وأخوتهم، وإذا في مكان ما جرى هناك التباس أو خلل في علاقة ما مع أخ أو صديق يجب أن أعالج هذا الالتباس وهذا الخلل، المنطق يقول هكذا. وأنا أعتقد حماس ذاهبة في هذا الاتّجاه.
غسان بن جدو: يوجد نقاط أخرى للتعاون؟ مثلاً موضوع الإخوان المسلمين في سوريا على سبيل المثال الذين لا يزالون مستمرون في خيارهم، هل يمكن أن تساعد حماس في هذا الأمر أو لا مجال في ذلك؟
السيّد نصرالله: انظر، نحن ربّما هذا الملفّ الإخوة الإيرانيين يتحدثون به أكثر منّا.
غسان بن جدو: لم تتحدثوا به مع السيّد أو العبد؟
السيّد نصرالله: موضوع الإخوان المسلمين في سوريا لا لم نتحدث به.
غسان بن جدو: على كل حال هناك قضايا عديدة سنتحدث فيها سماحة السيّد، وأنا لست أدري في الحقيقة إن كان الوقت سيسعنا، وكان يُفترَض أن نقول حوار العقد..
السيّد نصرالله: عموماً في المنطقة، نحن مررنا على ملفات من باب الاستعراض، في النهاية حماس لها احترام وتأثير، بالنهاية ليست قيادة الإخوان المسلمين، لكن لها احترامها وعلاقاتها واتّصالاتها.
غسان بن جدو: الوضع صعب، وخاصة بعد ما حصل في المغرب..
السيّد نصرالله: نحن ما كنّا نقوله مع الأخ اسماعيل هنية وبقية الإخوة أنكم يجب أن تساعدوا حتى على مستوى العالم العربي والإسلامي في تصويب المسارات، يعني أضرب لك مثال، مثال حزب الإصلاح في اليمن، حزب الإصلاح في اليمن هو يُعتبَر بشكل أو بآخر إخوان مسلمين، في الوقت أنّ السعودية أو النظام السعودي يضع حماس وكل حركات المقاومة على لائحة الإرهاب ويعتقل قياداتهم وكوادرهم وكل ذنبهم أنهم يؤيّدون حماس أو جمعوا المال لمساعدة الشعب الفلسطيني. وفي نفس الوقت يضع الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب، صحيح؟ والآن مؤخّراً هيئة كبار العلماء رأينا الفتوى التي أصدروها بحق الإخوان المسلمين. ومن جهة أخرى دولة الإمارات تشنّ حرباً شعواء على الإخوان المسلمين في كل أنحاء العالم، إعلامية وسياسية ومالية وأمنية، وكل ما هو إخوان مسلمين في دولة الإمارات إما في السجون أو مهجّرين. حزب الإصلاح اليمني الذي هو في العمق إخوان مسلمين في الحرب الدائرة في اليمن في صف مَن؟ يقاتل مع مَن؟ تحت راية مَن؟ في جبهة مَن؟ في جبهة السعودي والإماراتي، وفي النهاية في جبهة الأميركان، وفي مقابل مَن؟ مقابل السيّد عبدالملك الحوثي، مقابل أنصار الله الذين اليوم أضخم تظاهرة تنزل في العالم العربي رغم المرض والجوع والأوبئة وقصف الطيران والتهديد والخطر، تنزل في شوارع اليمن من صنعاء لصعدة لبقية المحافظات. الذي يعرض أسرى سعوديين عنده مقابل مسؤولي حماس المُعتقَلين في السجون السعودية، الذي صدقه وإخلاصه في الموقف من القضية الفلسطينية واضح، يملك الإيمان والقناعة والاعتقال والشهامة أيضاً، والشجاعة أيضاً، ليكون الى جانب الشعب الفلسطيني في كل المراحل. هؤلاء يُقتَلون ويُقصَفون ويُحارَبون والإصلاح هو جزء من الجبهة المقابلة، هذا الموضوع تحدثنا به أنه يجب أن نتساعد على معالجته، هذا غير منطقي أن يكون موجود.
في كل الساحات الأخرى. يجب أن يُعاد النظر في هذا الأمر، في النهاية اليوم هناك اصطفافات واضحة، وكل واحد يجب أن يحسم أين هو، هناك ناس سيجلسون جانباً، ناس سيقفون على التلّ، ناس سيسكتون، هذا طبيعي، لكن الذي يقف على التل ويصمت أقلّ سوءاً من الذي يذهب الى الاصطفاف الآخر ويصبح يفسر القرآن بطريقةٍ جديدة، ويحول الحق الى باطل، والآن علينا من الأول أن نخطب ونقول ما هي قصة بني إسرائيل وفلسطين والأرض المباركة، تعرف التنظير السائر الآن في بعض دول الخليج، أنه الجماعة حقّهم ويجب أن نعتذر منهم، الصهاينة، كل الذين قاتلوا الإسرائيليين والصهاينة بالقرن الماضي والآن يقاتلونهم، يجب أن نعتذر منهم ونقبل أيديهم وندفع تعويضات وديّات القتلى، وتبيّن يا أخي أننا الشعوب العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني هم المخطئين وهم المجرمين وهم القتلى وهم المعتدين على أولاد أحفاد يعقوب عليه السلام، وظهر أنّ فلسطين لهم ونحن لا علم لنا، يعني الأمور وصلت الى هذا الحدّ.
في كل الأحوال الناس تحسم اصطفافاتهم.
غسان بن جدو: والله يا سماحة السيّد أنا أعرف أن حزب الله هو حركة مقاومة إسلامية وطنية عربية إنسانية، وحركات المقاومة بشكل عام، ولكن مرجعيّتكم إسلامية وربّما بكل صراحة الآن حان الوقت أنّ الحركات الإسلامية يكون هناك مراجعة جدّية وجدّية ونقدية حقيقية وليست مجرد أمور.. ربّما هذا الكلام يستحق لقاءات وحوارات ولكن.. وضع الحركات الإسلامية أصبح يحتاج لمراجعة حقيقية وجذرية، ما عاد فيها مجاملات.
السيّد نصرالله: اليوم مثلاً موقف حزب العدالة في المغرب، هو رئيس وزراء، أشدّ إيلاماً، تقول لي النظام الفلاني، الدولة الفلانية، الحزب الفلاني، هذا كله مؤلم، أنا كإسلامي وأنتمي الى مرجعية إسلامية أيضاً والى فكر إسلامي، أنا أقول هذا أشدّ إيلاماً وأكثر خطورةً، ولذلك يجب أن يكون مستوى الإدانة له أكبر وأعلى لأنّ هذا أمر خطير، إذا حزب إسلامي أو حركة إسلامية، رأيت مواقف حماس وقيادة حماس كان صوتهم عالي جداً مما فعله هذا الشخص، هو يعبّر عن قار حزبه أنا سمعت في وسائل الإعلام أن عندهم مؤتمر قريب جداً..
غسان بن جدو: لا، ولكن الحزب أصدر بيان وهو يدافع عنه ويعتبر أن هذا من أجل خدمة الملك الذي يدافعون عنه أيضاً لموقفه من القضية الفلسطينية.. مع احترامي للشعب المغربي طبعاً.
السيّد نصرالله: نحن بالنسبة لنا، الشعب المغربي والشعوب كلها نحترمها ونراهن عليها، وما يجري أنا أعود وأجزم لا يعبر عن إرادة الشعب.
غسان بن جدو: عموماً سماحة السيّد قلت أن هذا حوار العام ولكن يُفترض أن يكون حوار العشرية وليس فقط حوار العام، هناك أيضاً قضايا أخرى سنتحدث عنها ولكن بعد هذا الفاصل.
مشاهدينا الكرام، أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا، حوار العام مع سماحة السيّد حسن نصرالله.
فاصل
غسان بن جدو: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم الى حوار العام مع سماحة السيّد حسن نصرالله.
سماحة السيّد قبل أن ننطلق الى العودة الى الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في ما يتعلق بملفات أخرى، العراق وسوريا ولبنان وغيرهم من الملفات، أودّ أن أستكمل الملفّ الفلسطيني إن كانت لديكم بعض الأمور التي تريدون إضافتها، ولكن سؤالي في ما يتعلق بكما قلت قبل قليل، الإسرائيلي يهدد ولكن يبدو أيضاً المقاومة الفلسطينية تتحدى بشكل كبير ولا سيّما وأنهم مقبلون على مناورات مشتركة، ما هو تقديركم لها؟
السيّد نصرالله: هذا مؤشّر، أنا عندما تكلمت قبل قليل عن العزم، عن الإرادة، عن القوة، عن الاستعداد للمواجهة، هذه طبعاً خطوة ممتازة جداً وجديدة عندما تقوم مختلف فصائل مقاومة في غزة وتتعاون فيما بينها وفي تنسيق مشترك وغرفة عمليات مشتركة، ومناورات مشتركة، طبعاً هي تقدّم مظهر قوة كبير ومظهر عنفوان، وهذا هو الذي يُخيف العدو، وأؤكّد لك أنّ الذي يخيفه هو إرادتنا وعزمنا وقناعته بأننا مصممون، هو يحاول أو يصوّر للعالم أن الفلسطينيين خائفون، أن اللبنانيين خائفون، الإيرانيين خائفون، المحور خائف، هذه كلها أكاذيب، هذه ليست لها أي أساس من الصحّة.
على كلّ حال هذ المناورة أنا عندما اطّعت على هذا الخبر، وحتى شاهدت بعض الفلاشات الإعلامية مؤثّرة جداً وجميلة جداً وتعبّر عن هذه الإرادة والعزم والأمل.
عندي إضافة أخيرة الآن خطرت في بالي عندما سألتني عن الحاج قاسم وفلسطين، هو في الحقيقة ربّما في الآونة الأخيرة برز وجود الحاج قاسم في ملفّ العراق، في ملفّ سوريا، في المعركة مع داعش، ظهر الى السطح علناً وفي وسائل الإعلام. ولذلك يمكن البعض يقول الحاج قاسم أين كان من ملف فلسطين؟ في الحقيقة كل هذا الجهد الذي تحدّثت عنه وهو جهد يومي كان عندي الحاج قاسم، عند قوة القدس، وخلال سنوات طويلة، كله كان بعيد عن الأضواء ولم يكن صحيحاً أن يصبح تحت الأضواء، يعني اللقاءات، الجلسات، والتنسيق والتدريب والمناورات والتصنيع والتمويل والنقل وانتقال التجربة وكل هذا الجهد الجبار الذي أُنجز خلال ما يُقارب ال22 سنة من قيادة الحاج قاسم وقوّة القدس، مع الفصائل الفلسطينية ومع الإخوة الفلسطينيين كله كات بعيد عن الأضواء وخلف الستار، ولذلك لم يظهر، ولا أحد خرج في الإعلام، لا الفلسطينيون حكوا ولا الإيرانيون حكوا ولا نحن حكينا عن قوة القدس ودور الحاج قاسم ووجهنا الأضواء عليه، لذلك هذا المشهد كان غير واضح كان عند الناس، وأنا وددت الليلة من خلال أسئلتك أن أقول لا، هو كان حضور قوي جداً.
نعم، الذي جعل الحاج قاسم يظهر لاحقاً في الإعلام، وهذا مفيد الإشارة له، هو كان ظهر في الإعلام في العراق أكثر من سوريا، وكان هذا موضوع تساؤل حتى عند بعض الأصدقاء الإيرانيين، قال لي بعض الأصدقاء ما رأيك فالحاج يظهر في الإعلام عندما يذهب الى العراق؟ العدو توقف عند الموضوع، الصديق صار يتساءل، أنّ الحاج قاسم مخفي، قائد قوة القدس من 98 ولكن لا حضور علني له في أي مكان من الأمكنة، كل حركته، كل نشاطه بعيد عن وسائل الإعلام. بمعركة داعش في العراق إذا أردت أن ترجع للتاريخ من وقت ما بدأ الحاج قاسم يظهر، في البداية في وسائل التواصل الاجتماعي وتأخذ عنها وسائل الإعلام.
غسان بن جدو: صدفةً أم قرار؟
السيّد نصرالله: أنا لاحقاً ناقشته، لنقل معلومة ولا نحلل، قلت له حاج أنت تتعمّد؟ هل هناك رسالة تريد أن تصل من خلال هذا الحضور المباشر؟ قال لي لا، هذا أمر غير متعمّد، لكن حقيقة الأمر ماذا كان يحدث؟ هذا هو قاله لي، الحاج قاسم رحمة الله عليه، وأبو مهدي نفس الشيء حدثت معه نفس القصة. أنّ إخواننا في العراق في الحشد الشعبي والمقاتلين والفصائل والى آخره، كلهم معهم هواتف، فعندما يأتي الحاج لزيارتهم ويتفقدهم في المحاور الأمامية وفي أماكن أخرى، الشباب يعتزون ويفتخرون أن يتصوروا مع الحاج قاسم والحاج أبو مهدي فيبدؤون تصوير من دون إذن، وأحياناً يستأذنون فيخجل الحاج، قال لي ماذا أٍول لهم؟ هل أقول لأسباب أمنية لا تأخذون الصو، لا تتصوروا؟ فهم موجودون في الخط الأمامي، هم يحملون دماءهم على الأكفّ، فأنا أخجل أن أقول لهم لا تتصوروا فتركت الموضوع. أنا كنت أناقشه من الزاوية الأمنية. فالأمر بدأ هاكذا، لا بتخطيط من الحاج قاسم ولا بتخطيط من الحاج أبو مهدي.
ثمّ، أنا رأيي الشخصي كان، لاحقاً، يعني بعد أن صار هذا الواقع واقعاً بهذه الطريقة، أنا أدركت أنّ الذي حصل كان فيه مصلحة كبيرة جداً وحتى بالنسبة للحاج أبو مهدي وليس فقط بالنسبة للحاج قاسم، وحتى بالنسبة لقادة المقاومة وقادة الحشد في العراق، وبعضهم كان يقول لي عندك ملاحظة على هذا الموضوع؟ أقول لهم لا، أنا رأيي تبيّن أنّ هذا الأمر لعله لطف من الله أو توفيق من الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ من أجل أن يُثبَّت أمام أعين الشعب العراقي وأمام شعوب العالم وأمام التاريخ، أمام الله ثابت، بكاميرا أو بدونها الله سبحانه وتعالى يعلم، كل شيء عنده عالم شهادة، يعني نحن عندنا شهادة وغيب، هو كل شيء مشهود عنده، لكن هذه الصور، هذه الأفلام، هذه اللقاءات التي كان غير مُخطَّط لها وإنّما كانت مبادرات فردية من مقاتلين، لتأتي يوم من الأيام وتقول مَن الذي كان في الخطوط الأمامية؟ مَن الذي قاتل الى جانب الشعب العراقي؟ مَن الذي وقف الى جانبه؟ هنا لا تحتاج لأدلّة وتاريخ، مثلاً أنا عندما أتحدث عن الحاج قاسم وفلسطين عليّ أن أقول حدث كذا وكذا وكذا، لأن كله خلف الستار، التصوير الذي جرى في العراق ميزته ومهمته أنه أكّد هذه الحقيقة، ويبدو أننا نحتاج لذلك.
اليوم في العراق وفي غير العراق، لكن في العراق باعتبار أنه بدأ التصوير والإضاءة الإعلامية من هناك، يجب على الشعب العراقي كله أن يتذكر دائماً تلك المرحلة وكيف داعش أخذت المحافظات، وما كان موقف العديد من دول المنطقة العربية وغير العربية والتي أهّلت وصدّرت بيانات وتبنّت إعلامياً وقدّمت تسهيلات وسلاح ومال لداعش، ومن يومها وقف الى جانب الشعب العراقي وتقدّم الخطوط الأمامية وعلى أكتاف مَن قامت هذه المعركة؟ بدءاً من المرجعية الدينية والفتوى والموقف التاريخي وصولاً الى الذين حملوا هذه الفتوى وحملوا دماءهم على الأكفّ وجاؤوا بالسلاح من إيران بالمقاتلين وبالاستنفار الذي حصل داخل العراق وفصائل المقاومة وقادة فصائل المقاومة دون أن نبخس أحداً شيئاً من أشيائه، يعني ولا تبخسوا الناس أشياءهم، نكون منصفين، الإنصاف يقول هؤلاء الذين دافعوا عن الشعب العراقي، هؤلاء الذين دافعوا عن العراق، هؤلاء الذين حفظوا العراق، هؤلاء الذين حفظوا المقدسات، بل هؤلاء الذين حفظوا المنطقة كلها، لأنّ خطة داعش لم تكن ستقف عند حدود العراق.
على كل حال، في الموضوع الإعلامي هذا كان سببه، والحاج قاسم بحسب معرفتي به ونقاشي معه وطريقته وعقليته وطموحاته وتطلّعاته، لم يكن يبحث لا عن ضوء ولا عن صورة ولا خبر ولا عن مديح ولا عن أي شيء من هذا القبيل على الإطلاق.
غسان بن جدو: كيف كانت علاقته مع المرجعية في العراق؟ كيف كان ينظر إليها أو تنظر إليه حسب معلوماتك؟
السيّد نصرالله: العلاقة كانت جداً جيّدة وطيّبة، كان على تواصل مع المرجعية في النجف الأشرف خصوصاً في الملفات الأساسية، مباشرةً ومن خلال قنوات مُتَّفَق عليها في ذلك الحين.
غسان بن جدو: سماحة السيّد عندما نتحدث عن الحاج قاسم كيف وصل الى مرحلة، لأنه تعرف أن هناك مرحلتان كما تفضّلت قبل قليل، مرحلة الاحتلال ثمّ مرحلة داعش، ما الذي يمكن أن تحكيه لنا من كواليس في ما يتعلق بدور الحاج قاسم سليماني في مرحلة الاحتلال العراقي والذي أدى بمئة وخمسين ألف جندي أميركي أن يغادروا بتلك الطريقة؟
السيّد نصرالله: هنا نعود الى نفس الحيثية، مرحلة من 2003 الى 2011 في العراق، دعنا نسميها مرحلة المقاومة ضد الاحتلال الأميركي، ودور الحاج قاسم وأيضاً الحاج أبو مهدي وقادة فصائل المقاومة وحركات المقاومة، ومرحلة داعش، في مرحلة داعش لم يكن هناك مشكلة فكله يخرج الى الإعلام لذلك ظهر، الموقف العلني، البيانات المؤيّدة، قرار الحكومة العراقية، دخول الجيش العراقي والقوات الرسمية، علماء الدين، طبعاً كله لموقف المرجعية الدينية، العشائر، الناس، وكله كان تحت الضوء، ولعله فيه حكمة ولطف أن يكون هذا تحت الضوء، تلك المرحلة كانت كلها بعيدة عن الأضواء، بل كان فيها مظلومية، والآن جيّد أنك تسألني عن هذا الموضوع لنفتح به قليلاً.
جرى هناك انطباع أنّ في ذلك الوقت الذي يقاتل الاحتلال هو تنظيم القاعدة أو الجماعات المتشددة، كانوا لم يستخدموا بعد عبارة التكفيريين، أنّ الآخرين كلهم مع الأميركان والاحتلال والى آخره، وهذا طبعاً لم يكن صحيحاً، أنا أؤكّد لك أن الأغلبية الساحقة من العمليات العسكرية التي نُفّذَت ضد قوات الاحتلال الأميركي في العراق قامت بها هذه الفصائل المقاومة التي هي الآن هي فصائل معروفة، ولا أريد أن أقول أسماء حتى لا أذكر أسماء وأنسى أخرى. الأميركان يعرفون هذا الأمر لأنه كان يجري اعتقالات وتحت التعذيب يأخذون اعترافات، وهذا مُسجَّل عند الأميركان، ويعرف الأميركان جيدا هذا الفصيل وذاك الفصيل وذلك الفصيل مَن هي قيادته، من هم مسؤولوه العسكريين، من هم مقاتليه وما هي العمليات التي نفذها ضد القوات الأميركية.
غسان بن جدو: منذ متى انطلقت المقاومة؟
السيّد نصرالله: من 2003، في 2003 كانت مقدمات وفي 2004 بدأت العمليات الجدّية.
غسان بن جدو: هل كان الحاجز اسم يهيّئ لهذا الأمر قبل 2003؟
السيّد نصرالله: لا، قبل مجيء الأميركان للعراق لم يكن مطروحاً مقاومة، لأن المقاومة هي رد فعل على الاحتلال، قبل الاحتلال الأميركي للعراق لم يكن هناك مقاومة للاحتلال الأميركي في العراق.
تطوّر عمل المقاومة الى حدّ أنه أصبحوا يصوّرون الأفلام للعبوات التي تفجّر الدبابات والآليات وينصبون فيها كمائن ويستهدفون ثكنات وقواعد الأميركيين، وينزّلون بأسمائهم، طبعاً في مرحلة من المراحل كان هناك كثير من الأسماء، كتائب الإمام علي، كتائب الإمام الحسين، كتائب عليّ الأكبر، كتائب أبو الفضل العباس، وغيرهم وغيرهم، لاحقاً رست على مجموعة من الأسماء المعروفة والمتداولة الآن. أنا أتذكر في ذلك الوقت نحن كنّا على صلة مع تلك الفصائل بطبيعة الحال، والأميركان يعرفون، أنا لا أكشف سراً، فكانوا يشكون لنا يقولون يا أخي..
غسان بن جدو: عفواً يعني أنتم كنتم على صلة منذ البداية؟
السيّد نصرالله: نعم طبعاً، كانوا يشكوا لنا يقولون لنا هذه الأفلام..
غسان بن جدو: عفواً سماحة السيّد طالما الأميركان يعرفون دع الرأي العام يعرف من فضلك، متى بدأ هذا التواصل، متى بدأ الحديث عن مقاومة في العراق؟ نتحدث عن هذه المقاومة بالتحديد، هذا الرأي العام يجهله، وحتى أنا إعلامي بالمناسبة على مدى سنوات نحن لم نكن نعلم هذا الأمر.
السيّد نصرالله: أنا أقول لك، البداية بدأت، الآن طبعاً كان هناك بعض الموافق المُعلَنة، حصلت بعض المواجهات ذات طابع شعبي لكن إذا ذهبنا الى المقاومة المُسلَّحة المحسوبة والمدروسة هي بدأت بمجموعات شباب، وتنتمي الى اتّجاهات وتيارات مختلفة أي ليست اتّجاه محدد واحد، وطبعاً لم تكن تملك الغطاء السياسي الكافي لأنّ كان هناك عملية سياسية في العراق، هناك عملية سياسية كانت تسير لكن في عرضها كان هناك حركة مقاومة تنمو وتكبر وتتطور التي هي مجاميع شبابية بدأ يتكوّن لها بُنى في ما بعد.
أين الشاهد الذي أودّ قوله؟ عندما كانوا يصوّرون أفلام، هذه الأفلام كلها موجودة، وأنا أقترح عليك أن تُحضر الميادين هذا الأرشيف كله وتضيء عليه..
غسان بن جدو: أعطونا إياه.
السيّد نصرالله: موجود عند الإخوة العراقيين نُحضره، أو نطلب منهم هم يعطوكم إياه، أنتم ما شاء الله فاتحون. التصوير حيّ، دبابات حتى ابرامز، وقتذاك الأميركان ذُهلوا كيف يحدث هذا، وتصوير دقيق. يرسلون للفضائيات العربية لا أحد يعرض، كل الفضائيات العربية بدون استثناء، الجزيرة وغير الجزيرة، يعني الجزيرة التي كانت تغطي في بلنان أو فلسطين، العمليات في العراق لهذه المقاومة وهذه الفصائل لم تكن تغطي، نعم، تغطي عمليات الجماعات الأخرى، يعني إذا أرسلوا هؤلاء أفلام كانوا يغطون لهم، الفضائيات العربية نفس الأمر، في لبنان لم يكن هناك تلفزيونات لديها الجرأة أن تغطي هذه العمليات، وغم أنّه لا يجرمنّكم شنآن قومٍ، نحن الآن يوجد خصومة وزعل بيننا وبين تلفزيون الجديد، في ذلك الوقت التلفزيون الوحيد غير المنار الذي كان يجرؤ أن يضع هكذا أفلام كان تلفزيون الجديد الآن ما هو السر لا أعرف، الآن أنا لا أعرف، على كل حال، كان هناك تعمية إعلامية هائلة على هذه العمليات التي كانت دقيقة وممتازة. مثلاً كانوا منضبطون أن يتجنبوا المدنيين، عندهم أفلام العبوة موجودة تمرّ عليها الدبابة الأميركية وبالصدفة يوجد مدني، فيؤجّل التنفيذ، يؤجّل ساعة أو ساعتين، لتأتي دبابة أميركية أخرى ولا يوجد مدني فيفجّر، لماذا؟ لأن هذه مقاومة كانت مقاومة ملتزمة إيرانياً ودينياً ومقاومة أهل البلد، أهل الشعب، الذي يعتبر أنّ هؤلاء الناس إخوته وأهله لا يريد أن يقتلهم حتى في إطار مقاومة الاحتلال.
انشهرت هذه المقاومة، لل2011 الأميركان وصلوا الى مكان عرفوا أنّ الذي يقف خلف المقاومة هي هذه المجموعات وهذه المجاميع بأسمائها وعناوينها المختلفة، وتعلموا أيضاً، هنا نعود الى أخينا الحاج قاسم، أنّ هذه المجاميع المقاومة تتلقى دعماً معنوياً وماديا وعسكرياً وتسليحياً وتدريبيا من قوة القدس والحاج قاسم سليماني. أنا كنت أتردد أن أقول هذا الأمر؟ لأنه ممكن أن يكون هذا سند، هم عندهم أيضاً سند أقوى من ذلك بكثير، وهو أصحاب العلاقة الذين اعتُقلوا وسُجنوا واعترفوا أين تدرّبوا وفي أي معسكرات تدربوا ومن مَن أخذوا سلاح ومن مَن أخذوا مال، السند الحقيقي للمقاومة العراقية الحقيقية، لماذا أقول المقاومة العراقية الحقيقية؟ مثلاً عدما يخرج أيمن الظواهري يتحدث عن خمسة آلاف عملية انتحارية في العراق، عدّ لي كم عملية انتحارية في العراق ضد الأميركان؟ هذه حركات المقاومة التي أتحدث عنها لم يقوموا بعمليات استشهادية، كله كان عبوات وكمائن وقصف صواريخ وما شاكل، إذاً العمليات الانتحارية نحن موافقون كلها لكم، عدّ لي كم عملية انتحارية؟ مئة؟ مئتين؟ ليس أكثر، أنا أبالغ حين أقول مئة ومئتين، يعني هناك 4800 عملية انتحارية ضد الشعب العراقي، سنّة وشيعة وكرد وتركمان ومسيحيين وكنائس ومساجد وكل ما تريده، في الحقيقة الذي كان يحدث في العراق عملية ليس تطهير عرقي إنّما تطهير بشري، يعني قتل على الشمال واليمين، لكن هذه المقاومة كانت مقاومة دقيقة، ملتزمة، منضبطة، هادفة، هدفها الضغط واستنزاف قوات الاحتلال لفرض الخروج عليه.
السند الحقيقي لهذه المقاومة كان قوّة اقدس والحاج قاسم سليماني، ولذلك عندما قلت لك قبل قليل، هذا الإيرانيون قالوه في الإعلام، عندما جرى هناك مفاوضات عراقية إيرانية أن يعلنوا هذا الاتّفاق الاستراتيجي وأوباما سيخرج من العراق، الأميركان مع مَن تحدثوا؟ طبعاً لم يتحدثوا بشكل مباشر، تحدثوا من خلال وسائل، مع الإيرانيين، مع دوة القدس، أرسلوا الحاج قاسم سليماني، أنه نحن نتمنى أن تحكوا مع فصائل المقاومة العراقية أو يوقفوا، يتركونا شهرين أو ثلاثة فسوف نخرج بكل الأحوال، فقط نريد أن ننسحب ليس تحت النار.
إذاً في مرحلة المقاومة، المقاومة الجدّية الحقيقية هذا الآن يجب أن يُقال. وأنا أقول لك أكثر من ذلك، في أكثر من مناسبة، قائد القيادة الأميركية الوسطى في المنطقة حيث العراق جزء من قواته، وفي أكثر من مناسبة قادة الجيش الأميركي في العراق هددوا الحاج قاسم سليماني وقوة القدس بأننا سوف نقصف مراكزكم في إيران إن لم تتوقفوا عن دعم فصائل المقاومة العراقية، ووضعوا أهداف من جملتها معسكر في منطقة كرج وكان يتدرب فيه مقاومون من بلدان متعددة، حددوا نحن نقصف هنا وهنا، ولكن الموقف لدى الجمهورية الإسلامية لم يتغير وأنت تعرف على كل حال أنّ موقف سماحة السيد القائد حفظه الله والمسؤولين في إيران والموقف الرسمي الإيراني هو كان موقف مساند وداعم للمقاومة العراقية، يعني لم يكن يختبئ خلف هذا الموضوع.
إذاً في هذه المرحلة إذا أردنا..
غسان بن جدو: نعم، ولكن الالتباس لم يكن، عفواً سماحة السيّد ليس فقط الانطباع، كل ما يُكتَب أنّ إيران في ذلك الوقت هي كانت تقف وراء ليس فطق العملية السياسية ولكن أيضاً تشارك الاحتلال الأميركي في تقاسم الشأن العراقي، ولا أحد كان يتحدث على أنّ إيران من خلال الجنرال سليماني كانت تدعم فعل المقاومة بهذه الطريقة.
السيّد نصرالله: انظر، التجربة العراقية هي حصلت من 2003 الى 2011، تجربة متطورة جداً وتمّ الاستفادة فيها من كل التجارب السابقة، كنتيجة، أمام الذي حصل في العراق هناك مجموعة قائدات وزعامات وقوى سياسية مقتنعة بالعمل السياسي وبالعملية السياسية، وغير مقتنعة بالعمل العسكري وبمقاومة الاحتلال، وهناك فئة أخرى مقتنعة بالعمل العسكري المقاوم، وهناك فئة ثالثة مقتنعة بالمقاومة السياسية والشعبية والمدنية وغير مقتنعة بالعمل العسكري. في التجارب السابقة ماذا كان يحدث؟ يؤخَذ مسار واحد ويُدعَم مسار واحد، في هذه التجربة الجمهورية الإسلامية دعمت كل المسارات، جيّد، المقتنع بالعملية السياسية وأنه سيستعيد قرار العراق وسيادة العراق من خلال العملية السياسية والدستور والانتخابات والحكومة والمشاركة بالحكم والتفاوض مع الأميركان، اتّكلوا على الله، أنتم مقتنعون هكذا اتّكلوا على الله، والمقتنع بالعمل العسكري اتّكلوا على الله، والمقتنع بالعمل السياسي والمقاومة المدنية الشعبية اتّكلوا على الله ونحن معكم، لأن كل هذه الخطوط كانت ستؤدي الى نفس الهدف.
طبعاً، شق المسار الأول كان أوضح في الإعلام لأنّ الشق الثاني كان خلف الستار.
غسان بن جدو: هل صحيح أنّ الجنرال الشهيد قاسم سليماني رحمه الله هو الذي أمّن المسار للقوات الأميركية حتى تنسحب من العراق الى الكويت.
السيّد نصرالله: لا أعلم ذلك، أنا لا أعرف. أنا الذي أعرفه أنّ الأميركان أرسلوا رسالة للحاج قاسم، الإخوة في الحرس، أنه ساعدونا وتحدثوا مع جماعة المقاومة في العراق فقط نريد أن نخرج..
غسان بن جدو: والحاج أبو مهدي كان مقاوم في ذلك الوقت.
السيّد نصرالله: أكيد، كان أحد القادة الأساسيين في المقاومة في تلك المرحلة، وكل الجهد الذي كان يبذله الحاج قاسم في تلك المرحلة في الحقيقة إذا أردت أن أستعمل عبارة يمينه من غير العراقيين كان الحاج أبو مهدي المهندس.
غسان بن جدو: اغتيل الشهيدان الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس رحمهما الله في بداية 2020، في الحقيقة سماحة السيّد هو تصفية جسدية، ولكن الحديث وقتذاك على أن في هذه التصفية الجسدية نحن أمام إنهاء حقبة كاملة، حقبة المقاومين، حقبة الرجلين، حقبة كل هذا النهج، ونحن أمام عراق جديد بسطوة أميركية، وهناك حتى مَن يقول ضُربَت هيبة المقاومة في العراق وضُربَت هيبة مَن يؤيّد المقاومة في العراق. ماذا تقول ونحن في نهاية 2020؟
السيّد نصرالله: أيضاً خطر في بالي شىء إضافي للمتقدّم، ترامب عندما كان يبرر قتله الحاج قاسم سليماني وأبو مهدي، أكثر ربّما عن الحاج قاسم، كان يتحدث أنه مسؤول عن قتل الجنود الأميركيين في العراق، يعني يقول هذه الحجة، وأنا منذ مدة بعد استشهاد الحاج قاسم شاهدت فيديو مُترجَم لأحد القادة السود في اميركا، من القادة الكبار والآن نسيت اسمه، كان يخطب في حشد كبير جداً، طبعاً كل الحضور سود، يعني من الأميركيين أصحاب الأصول الافريقية، وهو تطرّق الى هذا الموضوع، والآن خطر في بالي أن أنقل لك هذه المسألة وللمشاهدين لأنه أعجبني في شجاعته وصراحته، قال لترامب أنت تقول أنك قتلت قاسم، هو يقول قاسم، أنك قتلت قاسم لأنك مسؤول عن قتل الجنود الأميركيين في العراق، ماذا كان يفعل هؤلاء الجنود الأميركيون في العراق؟ ألم نكن نحن قوة احتلال؟ ألم نذهب الى هناك وقاتلنا العراقيين وارتكبنا المجازر وعشرات الآلاف، أنتم أرسلتم الجنود الى هناك بأكاذيب، سلاح الدمار الشامل، أنتم تضحون بشبابنا الأميركي وحتى الشباب الأبيض، هو يستعمل هذه العبارة، حتى الشباب الأبيض من أجل النفط، ويُقدّم الحاج قاسم دون أن ينفي مسؤولية الحاج قاسم عن العمل المقاوم الذي استهدف قوات الاحتلال الأميركي في العراق ويقول هو كان مقاوماً، هو كان يقاتل قوات احتلال، هو كان يساعد شعب لتحرير أرضه وخيراته وبلده من المحتلين، وأنا أضيف ومن الناهبين ومن السارقين الذين بالمناسبة ما زالوا يسرقون، ترامب كل يوم يقول في شرق سوريا نحتفظ بالقوات من أجل ماذا؟ من أجل النفط ليس شيء آخر.
على كل حال، وددت أن أقول هذا الأمر الإضافي.
أختم هذا الشق لأعاود التذكير، المقاومة العراقية الحقيقية الأصيلة، أنا لا أنفي وجود مجموعات مقاومة صادقة أخرى، لكن ليست القاعدة، ليس تنظيم القاعدة هو الذي قاتل الأميركيين وأخرجهم من العراق، ليس أبو مصعب الزرقاوي، ليس أبو عمر البغدادي، ليسوا هؤلاء، هؤلاء كان شغلهم في الليل وفي النهار قتل العراقيين من كل الطوائف ومن كل العرقيات، المقاومة الحقيقيةّ العراقية التي قادتها عراقيون، مقاتلوها عراقيون، شهداؤها عراقيون، أسراها في السجون الأميركية كانوا عراقيين، هي التي صنعت الانتصار العراقي الكبير والذي كان في موقع المساند والداعم والمستعد لتحمّل كل التبعات ويعمل في الليل والنهار في خدمتهم كان الحاج قاسم سليماني وقوة القدس ومن خلفه الجمهورية الإسلامية في إيران موقف سماحة السيّد القائد الواضح.
المقاومة في تلك المحلة، ربّما هناك قوى سياسية أو جهات في العراق عندها موقف غير واضح أو ملتبس، في موضوع داعش كان الكل موقفهم واضح.
نأتي الى السؤال الذي تفضلت به. ما حصل مع الحاج قاسم والحاج أبو مهدي بحسب ثقافتنا وعقليتنا ومنهجيتنا وطريقتنا وتاريخنا ومسيرتنا هو نتيجة مُتوقَّعة ونتيجة طبيعية، لماذا؟ لأننا في حالة صراع ضخم وكبير وخطير وتاريخي، دائماً عندما نقرأ الأحداث أعود وأقول لك الزاوية التي نقرأ من خلالها الحدث، عندما نذهب الى الجزئية بمعزل عمّا مضى وعمّا هو آت وعن طبيعة الأجواء يمكن أن تكون نظرتنا للجزئية سلبية جداً أو تقييمنا لها سلبي جداً، ولتداعياتها، لكن إذا نظرنا الى هذه الجزئية ضمن هذا الإطار العام ستكون مسألة مختلفة تماماً.
اليوم أنت ليس عليك أن ترى أنّ الأميركان جاؤوا وقتلوا الحاجة اسم سليماني وأبو مهدي المهندس، صحيح، وخسارتنا لا تُعوَّض، بهما خسارتنا لا تُعوَّض لا في إيران ولا في العراق ولا في المنطقة، لكن كلنا سنُكمل دربه ونحمل أهدافه، لكن خسارتنا خسارة، لكن هذه الخسارة في أي سياق؟ مرة ونحن في بيوتنا جاؤوا وقتلونا، مرة ونحن هاربون من الزحف جاؤوا وقتلونا، مرة ونحن في قلب المعركة لكن لم نحقق انتصارات بعد وجاؤوا قتلونا، ومرة ونحن أنجزنا انتصارات عظيمة جداً وقلبنا الميمنة على الميسرة، أقول نحن يعني محور المقاومة، وغيّرنا المعادلات وأسقطنا مشاريع أميركية هائلة، اليوم أنت حين تقول لي سقطت الهيبة أو لم تسقط الهيبة، في البداية قل لي هذا الأميركي الذي حين يخرج ترامب ويقول نحن أنفقنا في العراق وفي المنطقة، هو يقول عن العراق أحياناً ويقول عن المنطقة، سبعة تريليون ولم يحصّل شيء، هذا المثال سماحة القائد حفظه الله يضربه، ويقول في العراق الأميركيون باعتراف ترامب أنفقوا سبعة تريليون مع ذلك عندما ترامب يأتي ليزور قواته ليلة الميلاد السنة الماضية أو التي قبلها، يأتي ليلاً وبدون علم ومغلق الأضواء، هو قال ذلك، يطفئون أضواء الطيارة وبالسر والسكوت ويعود ليلاً، هنا تعرف مَن المنتصر في العراق وتعرف من يده العليا في العراق. كان عندك هذا القدر من الجنود وهذا القدر أنفقت الأموال، يجب أن يكون العراق كله في جيبك، مع ذلك هو يخشى أن يأتي الى العراق إلا في هذه الطريقة.
إذاً الحاج قاسم وأبو مهدي المهندس، نحن لا نختصر، نحن غير فرديين، لا نقول هذا كله إنجاز فرد أو اثنين أو ثلاثة، لا، كل المحور، بقادته، بمجاهديه، بشهدائه، بجرحاه، بأسراه، بمقاتليه، ببيئاته الحاضنة، هذا المحور ماذا فعل الى الآن؟ هناك مشروع بدأ في العشر سنوات التي مضت، في النهاية صحيح حوار العام لكن كما تفضلتَ تعود وتتحدث عن عشر سنوات، هناك مشروع في العشر سنوات التي مضت، كان هناك عدوان كبير، بعض الناس يقولون لي نحن في موقع الدفاع ولسنا في موقع الهجوم، قلت لهم نحن منذ عشر سنوات في وضع الدفاع، ونحن ما زلنا في موقع الدفاع لأننا أمة مُعتدَى علينا يا أخي، أمّة اعتُدي على مقدّساتها، على قدسها، على فلسطينها، على لبنان، على سوريا، على الأردن، على مصر خلال القرن الماضي، أمّة جيأت بجيوش العالم من أجل احتلال العراق وأفغانستان ومنطقة الخليج ودول المنطقة وهُددَت سوريا بالاحتلال عندما جاء كولن باول عند الرئيس الأسد، ولبنان تُشَن عليه حروب وغزة تُشَن عليها الحروب، وقضية فلسطين تُعرَض عليها صفقة القرن من أجل تصفيتها، نحن في حالة دفاع، نحن في حالة دفاع مشروعة عن النفس، فلنكن واقعيين، نحن محور في موقع الدفاع عن النفس، ليس عن أنفسنا كمقاتلين، في موقع الدفاع عن بلادنا وشعوبنا ومقدساتنا وأمتنا وخيراتنا ومقدرات أمتنا. في هذه المعركة التي كان الحاج قاسم والحاج أبو مهدي من أكبر قادتها، خلال العشر سنوات صنعوا انتصارات عظيمة جداً وأسقطوا المشروع في العراق، مشروع داعش، وقبله أسقطوا مشروع احتلال، لولا المقاومة العراقية كان حتى الآن هناك في العراق مئة وخمسين ألف ضابط وجندي عراقي، والذي يُدير العراق هي السفارة الأميركية بمعزل عن كل هذه الاحتفاليات الديمقراطية هذه والإعلامية. ولولا محور المقاومة أيضاً كان مشروع داعش نجح في العراق وتغلغل في كل المنطقة، وهذا كان مشروع أميركي، والأميركان استغلوا داعش ليعودوا بعد هزيمتهم في 2011، وهذا اعتراف ترامب نفسه، في سوريا، في لبنان، في اليمن، في فلسطين، في كل المنطقة اليوم محورنا استطاع أن يفرض حضوره بقوة، أن يدافع عن قضايا أمّته بقوة، أن يصنع انتصارات كبيرة جداً، وهناك ترامب يحكي عن سبعة ترليون وتتذكر هناك مسؤولين عرب سابقين وحاليين يتحدثون عن مئات مليارات الدولارات، ومئات آلاف الأطنان من السلاح والذخائر، ومئات آلاف المرتزقة الذين جيء بهم من كل أنحاء العالم من أجل ماذا؟ من أجل القضاء على كلمة مقاومة، نفس مقاومة، روح مقاومة، إرادة مقاومة في منطقتنا، ولكن محور المقاومة اليوم أقوى من أي زمن مضى بدون مبالغة. إذا نظرنا للأمر من هذه الزاوية نقول لا، نحن لسنا في وضع لنقل واحد جاء وضربنا، نحن بات لنا عشر سنوات نضرب به، نلحق به الهزيمة، من الطبيعي أن يضربنا الآن.
الآن، العبرة كيف نُكمل الطريق، ما بعد استشهاد الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي هناك عدة أمور حصلت تقول أنّ محور المقاومة وفي مقدّمتها الجمهورية الإسلامية، نحن استوعبنا هذه الضربة رغم أنها قاسية جداً. يعني واحد، التشييع الذي حصل الذي سماه سماحة القائد صفعة تاريخية، ملايين الناس نزلت في إيران والعراق، هذا كان خلاف هدف ترامب، كان المطلوب من قتل الحاج قاسم والحاج أبو مهدي أن ينقطع نفس المقاومة، الناس تخاف، ترتجف، تتراجع، تضعف، تجبن، الناس كلها باتت تقول نحن كلنا قاسم سليماني وكلنا أبو مهدي المهندس.
غسان بن جدو: إيران لوحدها 27 مليون بحسب التقديرات.
السيّد نصرالله: هذا أول صفعة بتعبير القائد، الصفعة الثانية ضربة عين الأسد، في موضوع عين الأسد القصف الصاروخي الإيراني، للأسف الشديد حتى الأصدقاء ضعّفوا الأمر لأنّه كأنّ المعيار هو سقط قتلى أو لم يسقط، سواء سقط قتلى من الجنود أو لم يسقط قتلى، المعادلة ليست هنا، أن يكون هناك قيادة في هذا العالم وفي العالم العربي والإسلامي، قيادة تقف على رأس نظام بحجم إيران التي عندها مصالح ضخمة وتعرف مصانع ومصافي نفط وموانئ ومطارات، يعني عندها شيء تخسره، ويملك هذه القيادة جرأة الرد الصاروخي المباشر والواضح والعلني على قاعدة عسكرية أميركية هذا أمر تاريخي عظيم، شيء باستراتيجيا وبالثقافة والإنسانية وبالإرادة والشجاعة لا يوصَف، ذهب الناس يضعفونه أنه قُتل أحد أو لم يُقتَل، أيضاً مع ذلك لم يُعتبَر هذا رد بل صفعة.
مضى سنة، الموضوع الثالث الذي أريد أن أضيفه هو مجمَل محور المقاومة الذي كان ترامب يفترض أنه حين نقتل الحاج قاسم سليماني ونقتل معه أبو مهدي المهندس، هذا المحور في المنطقة سيضعف، سيتفكك، معنوياته، إرادته، تنسيقه، تعاونه، وكأنّ المحور قائم على شخص، المحور لا يقوم على شخص، المحور لا يقوم على أحد منّا على الإطلاق حتى لا أحد يكون عنده التباس لا عدو ولا صديق، هذا المحور بدا بعد استشهاد الحاج قاسم وأبو مهدي المهندس متماسك وحاضر وفاعل وقوي ولم يغب على الإطلاق في كل الساحات.
بعد يوجد موضوعين مهمين أساهم لهما سماحة القائد، الموضوع الأول هو المشروع الكبير الذي اعتبر أنّ هذا هو الردّ الاستراتيجي على اغتيال القادة، بالحقيقة هو رد استراتيجي ليس فقط على اغتيال الحاج قاسم وأبو مهدي، على اغتيال كل قادتنا كما قلت في الخطاب، هو رد استراتيجي على كل العدوان على منطقتنا، وهو إخراج الهيمنة والسلطة الأميركية من منطقتنا، هذا موضوع وقت، هذا مسار، هذا لا يحدث في شهر وشهرين وأسبوع وأسبوعين.
والموضوع الثاني وهو القصاص المباشر، هنا علينا أن نضيف، الآن بعد أن يتحدث سماحة الإمام خامنئي حفظه الله تتضّح الأمور عندك، اليوم أنا أعتبر أن هناك نص واضح يقول أن الذين أمروا بهذا القتل والذين نفّذوا هذا القتل يجب أن يُعاقَبوا كأشخاص، أينما كانوا، طبعاً هذه رسالة قوية جداً، هذه ربّما الناس التفتوا لها أو لا لأن كلام سماحة القائد كان واضحاً عندما استقبل عائلة الشهيد سليماني واللجنة المكلفة بإحياء المناسبة والمراسم، هذه مسألة وقت، يعني كل مَن كان شريكاً في القرار وكل مَن كان شريكاً في التنفيذ هو هدف، أنا أريد أن أضيف اليوم، ليس هدف لكل إيراني، هو هدف لكل إنسان يشعر بأنّ عليه واجب الوفاء لهؤلاء الشهداء المغدورين المظلومين، وخصوصاً أهلنا في العراق.
مرة في إحدى المناسبات قيل هذا للمسؤولين العراقيين، قيل لهم أنّ الحاج قاسم كان ضيفكم وقُتل وهو ضيفكم، قُتل في بيتكم، في ضيافتكم، يعني مسؤولية العراقيين والشعب العراقي عن القصاص لمَن قتل الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي، الآن أتحدث عن الحاج قاسم لأنه إيراني، أكبر من مسؤوليّة حتى الإيرانيين أنفسهم، فضلاً عن بقية شعوب المنطقة وحركات المقاومة، لأنه كان ضيفهم، كان عندهم وفي أمانهم.
في كل الأحوال هذا الأمر أيضاً وُضع على السكّة، هذا أنا أعتقد كل مَن سمع كلام سماحة القائد، هذا أمر مفتوح، ربّما لا تشتغله دولة، ربّما لا يشتغله حزب، ربّما لا يشتغله تنظيم، ربما لا تشتغله جماعة معينة، ربّما يشتغله فرد يصل الى نتيجة نعم هذا فلان وهذا مَن شارك في قتل هذين الشهيدين العظيمين.
غسان بن جدو: يعني ترامب وقيادات عسكرية هي أهداف؟
السيّد نصرالله: هناك نص واضح، يجب أن يكون كل، أنا أشرح لك، ترامب وغير ترامب، ترامب لأنه أساسي في القرار، كل مَن أخذ هذا القرار، كل مَن أمر وكل مَن نفّذ، هؤلاء يجب أن يُعاقَبوا.
غسان بن جدو: وكل مَن حرّض؟
السيّد نصرالله: التحريض، سماحة القائد لم يتحدث عن التحريض، لا يمكنني أن أزيد من عندي، هو قال مَن أمر ومَن نفّذ، هذه مسألة هي مسألة وقات، شهر أو شهرين أو سنة أو اثنين أو سبع سنوات وعشر سنوات، قريب، بعيد، أصبح له علاقة بالوقت، هذا يوضَع على المسار.
ما يجب أن يعرفه كل العالم أنّ هذا الدم لن يبقى على الأرض بحسب المصطلحات والأدبيات، قتلة الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس سواء كانوا ممن أمر أو ممن نفّذ، بعُد الزمن أو قصر هؤلاء يجب أن يُعاقبوا، هذا واضح. وأنا أعتقد كل شريف في هذه الأمة، كل وفي في هذه الأمة، كل حر في هذه الأمة، يجب أن يشعر بمسؤولية تجاه هذا المسار وهذا الأمر.
غسان بن جدو: سماحة السيّد عندما نتحدث عن الشهيد قاسم سليماني نتحدث أيضاً عن سوريا، الشهيد قاسم سليماني كانت له جولات، لا أقول صولات، نقول جولات في سوريا، اليوم إذا سمحت سماحة السيّد هل يمكن أن، لا أقول تكشف لنا، أن تحكي لنا من فضلك، بدأت أزمة سوريا، كيف كنتم تنظرون لهذه الأزمة؟ سماحتك والحاج قاسم سليماني كيف تداولتما في أزمة سوريا؟ هل التقيتم ثلاثتكم، الرئيس بشار الأسد في البداية، كيف خططتم، كيف نظرتم لتلك الأزمة وبدأ المسار الذي نعرفه بعد عشر سنوات؟
السيّد نصرالله: نعود للتاريخ بالضبط في اليوم الثاني لإعلان الرئيس حسني مبارك استقالته، والفرحة العارمة التي حصلت في ميدان التحرير في القاهرة، وفي كل العالم العربي، في اليوم الثاني الحاج قاسم سليماني كان هنا في الضاحية.
غسان بن جدو: يعني 12 شباط 2011.
السيّد نصرالله: أنا أحفظ حوادث أكثر من تواريخ، لأنّ هناك مناسبة جعلتني أتذكر هذا الأمر بشكل دائم. في اليوم الثاني لإعلان انتصار الثورة المصرية وإسقاط حسني مبارك. طبعاً نحن كلنا كنّا سعداء جداً، الحاج قاسم كان يقول أنا سعيد للشعب المصري لكنني قلق، قلت له لماذا؟ قال أنا أشعر أنّ هناك مشروع كبير في المنطقة يسير، والأميركي يغيّرون جماعتهم وركبوا على مسار الثورات الشعبية، وبحجة الربيع العربي وما شاكل والشعارات المطروحة في تونس وفي مصر وفي غيرهم، سيستهدفون الأنظمة والدول والحكومات الداعمة للمقاومة ويصفّون حساب له علاقة باسرائيل وليس بالشعوب، وأعني بالتحديد سوريا، يعني أريد القول أنّ الذي تنبّه للخطر القادم الى سوريا كان بحسب نقاشاتنا الداخلية، أول من تنبه لهذا الأمر كان الحاجب اسم ومبكّراً. أنا مازحته، قلت له حاج أنت قادم لتقلقنا، اتركنا فرحين بعض الأيام، من الآن تقلقنا؟ الآن فرحون أن نظام عقد كامب ديفيد وكان له أداء معيّن وأدوار معيّنة، والشعب المصري فرح ونحن فرحون لفرحه، هذا جرى على سبيل الفكاهة. فنحن أكملنا النقاش وتبنينا أنه في كل الأحوال الأمر يجب أخذه بجدّية وأيضاً نتحدث مع الرئيس الأسد أنّ هناك هكذا قراءة وهكذا احتمال، كان التواصل دائم مع الرئيس الأسد في تلك المرحلة، وما زال.
غسان بن جدو: عفوا، يعني الحاج قاسم كان يلتقي الرئيس بشار الأسد قبل ال2011؟
السيّد نصرالله: طبعاً، ولكن كله بدون إعلام، لقاءاتي أنا بدون إعلام.
غسان بن جدو: سماحتك مفهوم، لكن..
السيّد نصرالله: نعم كان يلتقي معه، قبل 2011 وبعد 2011.
ففي ذلك الوقت أنا ذهبت للرئيس الأسد وقلت له أنه يوجد نقاش بيني وبين الحاج قاسم سليماني والحاج قادم من إيران والإخوان عندهم تقدير من هذا النوع، وما يجري في المنطقة كذا وكذا، هذا الذي دائماً نقوله في وسائل الإعلام والخطابات، فلذلك نحن أولاً أحببنا أن ننقل لك هذه الصورة، وثانياً أن نقترح على القيادة السورية والنظام والدولة أن يكون الجميع جاهز لاستيعاب هذا الوضع. وكانت الفكرة الأساسية في ذلك الوقت، يعني بين الرئيس الأسد وبيننا وبين الحاج قاسم وبقية الإخوة في إيران أنه، أنا لا مشكلة عندي أن أقول النظام، ربّما هناك مَن يعتبرها عبارة غير جيّدة، أنا أعتبرها جيّدة لأن النظام قبل الفوضى، أنّ النظام في سوريا والقيادة السورية أي حراك شعبي سينشأ سيتمّ استغلاله لاحقاً، الأصل هو استيعاب هذا الحراك. ولذلك إذا تذكر في بداية الأحداث في سوريا والبعض أخذ على الرئيس الأسد هذا الأمر واعتبره سلبي ولكن هو كان إيجابي، أنّه مثلاً حين تخرج تظاهرة في مدينة معيّنة، مثلاً افترضنا في المدينة الفلانية، ويقولون نحن نريد أن يسقط المحافظ، فالرئيس الأسد عندما يُحضرون له أدلّة أنّ هذا المحافظ فاسد يُقيله، هناك مَن اعتبر أنّ هذا خطأ، هذا جرّأ الآخرين على النظام. في الوقت الذي كانت فيه الفكرة استيعاب الحراك الذي من الطبيعي أن يبدأ حراك مطلبي لكن يقف خلفه دول وحكومات ومحاور وقوى منظّمة تستغل الحراك لتدخل. وإذا تذكر عندما بدأت أولى الأحداث في درعة وجاء وفد من شيوخ درعا عند الرئيس الأسد، وصودف أنني كنت في الشام في نفس اليوم، والتقيت بالرئيس الأسد في نفس اليوم بعد لقاءه مع جماعة درعة، وكل شيء طلبوه من الرئيس الأسد قبل معهم، وهم التزموا، يعني بعزل مسؤولين وبدفع ديّات شهداء وبإطلاق سراح معتقلين وببرامج تنموية، كل شيء فيه مشاكل في محافظة درعة من عشرين الى ثلاثين سنة وضعوها أمام الرئيس الأسد، وهو استجاب لهم في كل شيء وخرجوا من عنده سعداء. في اليوم التالي قامت الجماعات المسلحة باحتلال مدينة درعة، في اليوم الثاني أو الثالث،.
إذاً كانت الفكرة أنّ في البداية لا نذهب للمواجهة بل للاستيعاب، ولذلك الأطراف الداعمة والممولة والمحركة والقائدة الحقيقية للحراك الذي حصل في سوريا سارعت الى المواجهة المسلحة. لاحقاً أكملنا.
من جملة الأدوار التي لعبها الحاج قاسم، طالما تسأل عن سوريا، بدأت المواجهة، كنّا لا زلنا في البدايات، وكان للإنصاف حتى نحن والإخوة في إيران لم ندخل عسكرياً بعد، صار هناك حديث أيضاً مع الرئيس الأسد في موضوع التسوية السياسية والحل السياسي، هو كان قد أعلن عن هذا الموضوع في جامعة دمشق، أنّ هذا كيف يمكن ترجمته؟ خرج الرئيس قال نعم يوجد أخطاء ونحن نحتاج لإصلاح والى كذا وكذا ونحن جاهزون، قال أنا لا مانع عندي، مَن هي الأطراف الحقيقية التي تمثّل هؤلاء الناس ونتفاوض، أنتم تكلموا معهم واتّصلوا بهم، ما مطالبهم؟ أنا حاضر وجاهز لأن أفاوض وأن أقوم بحل سياسي وتسوية. وكثيرون شاهدون، الذين تابعنا معهم الملفات في تلك المرحلة. نُقل هذا الأمر للإخوة في إيران، استنفرت كل الجمهورية الإسلامية لأنها كانت مقتنعة بالحل السياسي وأنه لا نريد في سوريا أن تذهب الأمور الى مواجهة مسلّحة. مَن هي هذه المعارضة؟ بدأنا نبحث عن المعارضة، حتى أساتذة الجامعات صار اتّصال بهم، جهات حزبية، جهات جديدة، من جملتهم الإخوان المسلمين في سوريا، طبعا سلّم نتّصل بشكل مباشر إنّما بواسطة، أمّا الإخوة في إيران المؤسسات المختلفة مانوا يتّصلون بشكل مباشر مع الجهات السورية المعارضة وبعلم الرئيس الأسد وبموافقة الرئيس الأسد، تحت عنوان أنه تفضلوا يا أخي نقوم بحل سياسي، مفاوضات، تسوية. ماذا قيل لنا من الجميع في ذلك الوقت؟ هذه أيضاً للتاريخ، الكل كان يقول لنا نحن لسنا في وارد حلّ سياسي مع النظام ولا في وارد تسوية ولا في وارد مفاوضات، النظم انتهى، النظام سيسقط خلال شهر أو شهرين ولا نريد إحياء العظام وهي رميم، هذه هي الأدبيات، أنه مَن يحيي العظام وهي رميم؟ هنا خطأ التقدير الذي جرى عند الجهات التي تقود الحراك في سوريا ومَن يقف خلفها.
في الحقيقة هو لم يكن خطأ في التقدير، يعني الآن ربّما أحداً يقول أنه خطأ في التقدير، قدّروا بأنّ النظام سيسقط خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة وبالتالي لم يقبلوا أن يذهبوا للمفاوضات والتسوية، حين رؤوا أنّ النظام تماسك وبدأ ينتصر صاروا يقولون تفضلوا الى الحل السياسي. الحقيقة أنه من البداية كان هناك قرار دولي إقليمي كبير جداً، لذلك لا أحد يبالغ حين يقول الحرب الكونية على سوريا، كان هناك حرب كونية وهؤلاء كانوا أدوات الحرب الكونية، نعم، استُغلّ أنّ هناك فساد في سوريا، هناك مشاكل في سوريا، لا أحد ينكر هذا الموضوع، كثير من الملفات تحتاج لمعالجة وحلّ والرئيس الأسد يقول هذا الموضوع وأعلن عنه في أكثر من مناسبة، لكن بدل أن تدفع تلك الدول الإقليمية والدولية من الأول باتّجاه الحل السياسي أو التسوية التي أعلن الرئيس الأسد والنظام في سوريا استعدادهم لها ما كانت الأبواب أُقفلَت. النظام سيسقط.
في تلك المرحلة أيضاً، في مرحلة العمل من أجل التواصل مع قوى معارضة، تعرف الحاج قاسم عنده علاقات مع عدد من الإخوان المسلمين وأحزابهم، عنده علاقة مع حماس التي كان عندها علاقة، مع أردوغان وتركيا الذين كان عندهم خطوط مع مختلف المعارضة، مع القطريين كان هناك خط، مع كثير من الدول التي كانت تؤيد وتدعم..
غسان بن جدو: ماذا حصل مع الأتراك والقطريين؟
السيّد نصرالله: الكل كان جواب واحد، النظام سيسقط، هذا الموضوع انتهى، لا مكان للنظام ولا للرئيس الأسد ولا لكل هذه المجموعة التي تحكم الآن سوريا، لا مكان لها في حاضر ومستقبل سوريا، نقطة على أول السطر، ولاقونا بعد شهرين.
غسان بن جدو: هذا خلال الأشهر أو الأسابيع الأولى؟
السيّد نصرالله: الأسابيع الأولى، في الأسابيع الأولى أستاذ غسان قام بجهد كبير، كل هذا بعيد عن الإعلام، ربّما لأول مرة يُحكى عنه في الإعلام، كان في إيران غرفة عمليات سماحة القائد شخصياً كان مهتماً بالموضوع، وكل المؤسسات في إيران، حتى مَن يعمل في العمل الثقافي، مثلاً المرحوم آية الله الشيخ محمد علي تسخيري، لا عمل له في هذه المسائل، هو عملي، ثقافي، علمي، تقريب بين المذاهب وما شاكل، لأنّ عنده صداقات مع علماء وحركات وجهات إسلامية مطلّة على الوضع في سوريا فحتى الشيخ تسخيري رحمة الله عليه اشتغل في الأسابيع الأولى، لم يبقَ أحد. طبعاً المحور الحركي كان أخونا الحاج قاسم سليماني.
بعد أن يئسنا بالكامل، أن باب الحوار لا يوجد..
غسان بن جدو: بعد إذنك سماحة السيّد، للتاريخ، هناك صديقان حميمان للقيادة السورية، تركيا وقطر، الآن تكشف لنا بأنه تمّ الحديث معهما منذ الأسابيع الأولى، لماذا لم يقوما بأي دور وهما صديقان للقيادة السورية، للحل وليس للعكس؟ ما تفسيرك؟
السيّد نصرالله: كان هناك مشروع كبير في المنطقة، لم يعد الموضوع موضوع صديقان أو ليسوا صديقين، هناك مشوع كبير في كل المنطقة الأميركان دخلوا به، الأتراك دخلوا به، قطر دخلت به، قوى أخرى دخلت به.
غسان بن جدو: أُبلغتم بأنّ هناك مشروعاً كبيراً، أو استنتاج؟
السيّد نصرالله: طبعاً ليس استنتاج.
غسان بن جدو: أُبلغتم أنّ هناك مشروع كبير؟
السيّد نصرالله: نعم.
غسان بن جدو: وهذا المشروع ما هدفه؟
السيّد نصرالله: تغيير كل هذه الأنظمة والمجيء ببدائل عنها ممسوكة أميركياً ولكن أُعيد إنتاجها شعبياً، يعني مقبولة على مستوى الشعوب العربية والإسلامية وربّما تحمل مشروع المستقبل.
غسان بن جدو: في سوريا ماذا سيفعلون؟ فهمنا في مصر وكذا، في سوريا ما دورهم؟
السيّد نصرالله: الأمر نفسه، هذا نظام،..
غسان بن جدو: لا، جئنا بقيادة جديدة من خلال هذا الشعب والحراك الشعبي، ما الذي سيفعله للأميركي؟ ما الهدف؟
السيّد نصرالله: الذي يجري الآن، أولاً النظام الجديد في سوريا، أولاً سيكون خطه السياسي العام ما يُسمى بدول الاعتدال العربي يعني أميركي غربي أوروبي، ثانياً الذي تريده تركيا سيفعله لها، والذي تريده قطر ينفذه، والذي تريده السعودية تنفذه، نظام ضعيف، هشّ محتاج لهؤلاء الذين جاؤوا به، النظام الحالي لا، الأتراك يعرضون شيء، القطريين، السعوديين، الأميركيين، الأوروبيين، نتحدث عن قبل الأحداث 2011، الشيء الذي يقتنع به وفيه مصلحة سوريا ينفذه، ليس فيه مصلحة سوريا لا يفعله.
غسان بن جدو: وإسرائيل؟
السيّد نصرالله: سآتي إليها. ثالثاً تسوية مع إسرائيل، وكثيرون منهم استعجلوا أصلاً قدّموا أوراق اعتماد وقالوا نحن لا مشكلة لدينا ونتنازل عن الجولان ووجدوا حل أن يؤجّروا 99 سنة، وهناك مَن ليس لديهم مشكلة أصلاً أن يذهب الجولان بلا أجار ولا شيء، وعلاقة إسرائيل بكثير من هذه المجموعات لم يعد تحتاج لاستدلال، الجهتان يعترفان بذلك.
محاصرة المقاومة اللبنانية والفلسطينية انتهينا، حتى إيران ما تقدمه لغزة وفلسطين كان جسر العبور فيه سوريا، هي المعبر، هي الحامية، محاصرة المقاومة، إنهاء حركات المقاومة في المنطقة، لذلك الاستهداف في سوريا لم يكن فقط لاعتبارات سياسية، لها اعتبارات في المنطقة، هناك شيء أنتم قمتم به في الميادين ممتاز جداً عن سوريا، لماذا سوريا؟ له علاقة بالنفط وله علاقة بالغاز وبخطوط الإمداد وبالبحر المتوسط وله علاقة بكل المسارات الاستراتيجية التي تسير الآن.
هم اعتبروا هذا الرئيس، هذه القيادة، هذا النظام، هذه المجموعة التي تحكم الآن في سوريا هي ليست جاهزة أنه نعم سيدي، يعني التركي أصبح سيدي، والقطري سيدي، والسعودي سيدي، والأميركي سيدي، لا، هم جرّبوه، جرّبوه عندما جاء كولن باول وقدّم لهم لائحة المطالب، وجرّبوهم قبل حرب تموز وفي حرب تموز وبعد حرب تموز، ووجدوا أنه لا..
غسان بن جدو: لكن تعرفون أنها كانت مغامرة كبرى هذه؟ يعني هل كنتم تدركون عفواً أنها كانت مغامرة كبرى بالنسبة لكم حتى تواجهوا كل هذا العالم؟ سماحتك تتحدث عن مشروع دولي إقليمي كامل.
السيّد نصرالله: صحيح.
غسان بن جدو: تدركون هذا الأمر.
السيّد نصرالله: طبعاً.
غسان بن دجو: كيف اجتمعتم وكيف قررتم أن تواجهوا؟
السيّد نصرالله: أولاً ما كان هناك خيارات، يوجد خيارين لا ثالث لهما، إمّا أن تستسلم وتُسحَق وبالتالي سوريا وكل المحور، وإمّا أن تصمد وتقاتل على أمل الانتصار. منطق المقاومة هو الثاني، هو أصلاً كل المقاومة في مواجهة إسرائيل والهيمنة الأميركية، يعني المقاومة في لبنان حين تقاتل الجيش الإسرائيلي، أو المقاومة الفلسطينية، هل هناك تناسب قوى؟ بالعدة والعدد والإمكانات والحلفاء وبالدعم والتمويل وكذا؟ لا يوجد أي تناسب، يوجد إرادة، لهذا أنا تحدثت بالفلسطيني عن الإرادة. نحن خيارنا كان واضحاً، خيار القيادة في سوريا، خيار مَن تعنيه سوريا بهذا المستوى من السوريين، خيارنا، خيار بقية أصدقاءنا وحلفاءنا، نحن من البداية رأينا المعركة هكذا.
أنا هنا أودّ أن أضيف أمراً أن الاستهداف لسوريا، مثلاً الآن داخل سوريا يوجد نقاش، ناس يقولون نحن يا أخي حدث ما حدث علينا في سوريا لأجل المقاومة، لأجل فلسطين، إذاً ماذا جاءنا من فلسطين؟ ماذا جاءنا من المقاومة؟ لماذا نبقى ندفع الثمن؟
غسان بن جدو: موجود هذا الآن.
السيّد نصرالله: نعم موجود، وهذا يعمل عليه الجيش الإلكتروني. طبعاً هذا جزء من الحقيقة، أنا أقول لهؤلاء السوريين الذين يتكلمون بهذا المنطق هذا جزء من الحقيقة، لكن الجزء الآخر من الحقيقة أنّ سوريا ما كانت مُستهدَفة فقط من أجل فلسطين ومن أجل المقاومة، سوريا مستهدفة من أجل نهب نفطها وغازها الموجود في الأرض والموجود في البحر، ومن أجل احتلالها من قبَل القوى التي شغلت هذه الجماعات للسيطرة على الموقع الاستراتيجي لسوريا اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، سوريا موقعها موقع مهم جداً جداً جداً. الذين وقفوا في الحرب على سوريا يوجد ميزة في سوريا، هناك قرار مستقلّ، تختلف مع النظام أو تتفق معه، يعجبك أو لا هذا بحث آخر، لكن أنت يجب أن تكون منصف، يوجد قرار مستقل، وقيادة مستقلة وقيادة شجاعة، وقيادة تضع المصالح السورية فوق كل اعتبار، وقيادة لا تخضع لا للأعداء ولا للحلفاء، أنا أتحدث عن معرفة قريبة جداً، هم يريدون كانوا أن يأخذوا استقلال سوريا، يريدون أن يسيطروا على سوريا وعلى قرارها وعلى خيراتها وعلى موقعها، الموضوع ليس فقط موضوع مقاومة وكذا، كما موضوع إيران، اليو هناك ناس في إيران يشتغلون على هذه المسألة أنّ إيران تدفع ثمن وقوفها الى جانب فلسطين والمقاومة في المنطقة، صح، ولكن هذا جزء من الحقيقة، الجزء الثاني المهم الذي يعرفه الكثير من الإيرانيين أنّ الهدف في إيران من الضغط الأميركي والتهديد الأميركي ه السيطرة على إيران وعلى خيرات إيران ونفط إيران وغاز إيران وموقع إيران الاستراتيجي واستعادة الأمجاد الأميركية التي كانت في زمن الشاه. الموضوع ليس فقط موضوع فلسطين والمقاومة، نعم هو جزء من المعركة هذا صحيح، وهم يتحملون مشكورين مأجورين هذه التبعات لكن هذه ليست كل المعركة. في سوريا الأمر نفسه، في إيران الأمر نفسه، لذلك ما كان عندنا خيار سوى أن نذهب الى المواجهة.
غسان بن جدو: هذا أنتم المقاومة في لبنان لم يكن لديكم خيار مفهوم، وفي إيران مفهوم، والجنرال قاسم سليماني الشهيد رحمه الله مفهوم، هذا الأمر الرئيس الأسد كان واعٍ له؟
السيّد نصرالله: هو أصلاً كان حاسم لخياره، أنا أريد أن أقول لك أمراً، أنا كنت أُلفت بعض الأصدقاء، بين إيرانيين، الروس طبعاً جاؤوا بعد خمس سنوات، حتى الروس أحياناً يخطئون بالكلام أنه لولا تدخلنا لكانت دمشق انتهت وكذا، مرة أحداً في إيرا، تعرف في إيران كثيرون يخطبون، يستعمل عبارة مشابهة، فأنا تحدثت للحاج قاسم الذي بدوره تحدث مع هذا الشخص وقال له عليك تصليح هذه الأدبيات فنحن غير موافقون عليها.
في سوريا صحيح، أولاً بعد الله سبحانه وتعالى، لأنه رغم أنّ هذه مسألة خلافية في العالم الإسلامي وتعرف عُمل عليها مذهبياً وطائفياً وفتنوياً وكذا، لولا صمود القيادة السورية وشخص الرئيس بشار الأسد ومَن معه من مسؤولين وقادة وجنرالات، وصمود الجيش وصمود واحتضان جزء كبير من الشعب السوري لهذه المعركة هنا يبدأ الأصل، يأتي الأصدقاء والحلفاء عامل مساعد، وإلا لو جاءت كل إيران الى سوريا، وهم ليسوا موجودين ماذا تصبح إيران؟ تصبح قوة احتلال، لو جاءت كل روسيا الى سوريا وهم غير موجودين تصبح قوة احتلال، إذا ذهب كل حزب الله الى سوريا وهم غير موجودين يصبح قوة احتلال، إذاً الأصل في سوريا أنّ هناك مَن أخذ القرار، هم أخذوا قرار أن يصمدوا.
أنا في تلك المرحلة لم ألتقِ فقط مع الرئيس الأسد بل مع أكثر من مسؤول سوري لأسمع ما هي انطباعاتهم وآراءهم، هم كلهم كانوا يقولون نحن لا خيار لدينا إلا المواجهة لأنّ الموضوع هذه أبعاده، جاهزون للتسوية، جاهزون للحل السياسي لكن أنتم ترون الطرف الآخر لا يريد حل سياسي ولا يريد تسوية.
فإذاً القرار في الحقيقة هو سوري، ثمّ جاء الحلفاء، نحن دخلنا على الخط بشكل معيّن، الإخوان الإيرانيون دخلوا على الخط، الإخوان العراقيون، قوى أخرى لاحقاً، فاطميون وزينبيون، لنحفظ للكل حقهم، وبعد خمس سنوات دخل الروس.
غسان بن جدو: سنتحدث عن الروس سماحة السيّد. قطعاً كل ما تفضّل به دقيق، هذا ليس توصيف، هو بالتأكيد ما تفضّل به هو دقيق، والشعب السوري أكّد أنه شعب جبّار بكل ما للكلمة من معنى، لكن لأنك تلتقي الرئيس الأسد والشهيد قاسم سليماني يلتقي الرئيس الأسد أنا قلت أنّ إيران، أنتم خارج سوريا ومفهوم مقاربة الجمهورية الإسلاميّة في إيران، مفهوم مقاربة المقاومة، الرئيس الأسد ما سرّه حتى يبقى وهو كان معرّضاً كل يوم للاغتيال والتصفية وكل يوم دمشق يمكن أن تسقط، ما السر؟
السيّد نصرالله: وهو لم يغادر دمشق، لم يغادرها على الإطلاق إلا في الآونة الأخيرة عندما أصبحت الظروف مختلفة، أنا في مرة من المرات التقيت معه في القصر وكان القصر قريب من منطقة القصر، وهو لم يغادر، وبعض الأصدقاء اقترح عليه أن يذهب الى اللاذقية أو الى أي مكان آخر وهو كان يرفض، قال أبقى الى آخر لحظة هنا في هذه المعركة. ما هو السر؟ ها أنت تقول سر، هذا سرّ، الرجل كان لديه، يعني أنا خلال كل الفترة التي كنت ألتقي به وفي أصعب المراحل والشدائد التي كانت كان متماسك وقوي وواثق، لم أكن ألحظ أي حالة وهن أو ضعف أو حيرة أو ارتباك بشخصيته، ما السر؟ لا أعلم.
غسان بن جدو: هل فعلاً الشهيد قاسم سليماني التقى الرئيس الروسي بوتين وتحدث معه شخصياً حول دخول القوات الروسية الى سوريا؟
السيّد نصرالله: صحيح، هو صار هناك نقاشات سابقة، تعلم الموقف الروسي الى ما قبل الدخول كان موقف سياسي، في البداية بدا موقف سياسي أنّ مجلس الأمن يضع فيتو يدافعون ويحمون، في الموضوع اللوجستي كانوا يساعدون، في موضوع المعلوماتي كانوا يساعدون، الى ما دون الحضور المباشر. وعلى كل حال المعركة في سوريا كانت التحولات بدأت فيها في السنة الثانية، هو الخط البياني نزولاً كان أول سنة، لكن من السنة الثانية تقريباً بدأ الخط البياني يصعد، في السنة الثانية والثالثة، لكن طبعاً المعركة كانت ستطول أكثر بكثير مما كانت عليه. لذلك أهمية الدخول العسكري الروسي كان مؤثّر جداً هذا لا نستطيع أن ننكره. فيومئذ كان هناك تردد عند الرئيس بوتين، وتعرف كانت روسيا تقريباً محاصرة، بالمنطقة لا شيء عندها، في الشرق الأوسط كلها لا شيء عندها، وحتى في أوروبا الشرقية أخذوا منها دولها، وحتى بعض الدول التي كانت في جوار روسيا وفي ظلها بدأ الأميركيون يقذفونها الواحدة تلو الأخرى.
في كل الأحوال هو كان عنده قلق، أنّ هذا الخيار فيه مخاطرة، مغامرة خاسرة أو خطوة يمكن أن يُكتَب لها النجاح. هنا لم يكن النقاش السياسي هو الذي يُقنعه، يحتاج لنقاش عسكري، فحينئذ أخونا الحاج قاسم، طبعاً صار تنسيق بين إيران وروسيا وذهب الحاج قاسم سليماني الى موسكو والتقى بالرئيس بوتين ولمدة ساعتين، يعني الوقت أيضاً مهم، وبحضور عدد من المسؤولين عسكريين وأمنيين وسياسيين، وقتذاك حكى لي الحاج، هنا نتحدث مباشرةً لا يوجد سند عن فلان وفلان، فيقول على الطاولة أنا وضعت الخرائط، الواقع الحالي، أين نحن أي الجيش السوري وكل مَن معه من أصدقاء، أين الجماعات المسلّحة في المناطق، ما هي فرص العمل وفرص النجاح، قدّم له قراءة استراتيجية للوضع في سوريا والمحيط، والفكرة المطروحة وما هي النتائج المتوقعة. طبعاً يتحدث كلام علمي، موضوعي، عسكري، ميداني، وعلى الخريطة والمساحة والأرقام والأعداد.
في تلك الجلسة الرئيس بوتين قال للحاج أنا اقتنعت، وعلى ضوء تلك الجلسة اتُخذ هذا القرار، هذا ما سمعته أنا من الأخ الحاج قاسم سليماني، ثمّ أنّ هذا معروف.
غسان بن جدو: يعني نستطيع القول أنّ الدخول الروسي كان بمبادرة إيرانية بالتشاور مع دمشق، أو بطلب سوري؟
السيّد نصرالله: السوري كان يرغب في أن ..
غسان بن جدو: ولكنه لم يطلب من الروس مباشرةً.
السيّد نصرالله: لا علم لديّ، لكن أنا أفترض أنه طلب، من الطبيعي أن يكون قد طلب، ولكن حقيقةً كان هناك حاجة للمساعدة أستاذ غسان، هناك قيادة ونظام وبلد، يوجد حرب كونية عليه، فطبيعي أن يطلب من الروس. الروسي كان متردد في الدخول، النقاشات، أكيد النقاشات الروسية، النقاشات الإيرانية، انظر أنا علمي موضوعي الى حد ما، لا أحب أن أركب أساطير، لا يصحّ أن نقول أنّ الحاج قاسم سليماني هو الذي أقنع بوتين أن يأتي الى سوريا، أنا أقول الحاج قاسم سليماني بقراءته الاستراتيجية واستدلاله ومنطقه القوي وشخصيته الكاريزمية استطاع أن يقدّم إضافة نوعية كبيرة على كل الجهود السابقة التي أدّت لاتّخاذ روسيا قرار الدخول الى سوريا، لأنّه كان هناك جهود كبيرة صارت ونقاشات، بقي الرئيس بوتين، هكذا ما نُقل أنه بقي متردد. الحاج استطاع أن يُقنع، تعرف عنده قدرة عالية في الإقناع، وهو عنده منطق، يعني لا يأخذك بالخجل والشعارات وما شاكل، لا، يتحدث بشكل علمي، وبان هذا الدخول ما هي نتائجه الميدانية والعسكرية ونتائجه أيضاً السياسية. وأعتقد اليوم أنّ روسيا، أنّ الرئيس بوتين ومَن في روسيا بعد دخولهم الى سوريا والتحولات التي حصلت في المنطقة وفي العالم، الكل يعرف أنّ روسيا عادت الى العالم من بوابة سوريا.
غسان بن جدو: سماحة السيّد الشهيد قاسم سليماني لعلّها، هو لم يكن مقابلة في الحقيقة، الحديث الوحيد الذي قاله على شاشة الكاميرا كان يتحدث عن حرب تموز، هو روى كثيراً، لكن للسيد حسن نصرالله ربّما إن شاء الله في أوقات لاحقة نتحدث في التفصيل، اليوم ما الذي تذكره عن الشهيد قاسم سليماني في حرب تموز؟
السيّد نصرالله: نحن تحدثنا قليلاً في هذا الموضوع وحتى مع جنابك للميادين.
غسان بن جدو: ما الجديد الذي لم تقله سماحتك ويمكن اليوم أن تحكي لنا بعض الكواليس الخاص الشهيد قاسم سليماني؟ هذه الشخصية الايمانية الذي بقي حسبما فهمت 33 يوم كلها هنا، كل الحرب هنا معكم أليس كذلك؟
السيّد نصرالله: هو غادرنا، في أول الحرب جاء ثمّ غادر ليومين، ثمّ رجع وبقي اليوم يوم 14.
غسان بن جدو: هل كان معقولاً سماحة السيّد أن الشهيد قاسم سليماني يكون هنا في الضاحية تحت القصف؟ معقول؟
السيّد نصرالله: هنا الميزة..
غسان بن جدو: يعني لم تطلب منه سماحتك وتقول له له غادر مثلاً؟
السيّد نصرالله: عندما جاء، كان في الشام، اتّصل وتواصلنا بطريقة معينة قال أنا أريد أن آتي إليكم، أنا قلت له كيف تأتي والضاحية تُقصَف، لبنان يُقصَف، طريق ضهر البيدر، المصنع وكذا، لا إمكانية، ثمّ أنه لا حاجة لأن تأتي، أنت ابقَ في الشام تنفعنا أكثر وتفيدنا أكثر، أنا صرت أستدلّ، أنه إذا كنتَ أنت بعيد عنّا ولكن قريب، ليس معنا وليس تحت القصف تستطيع أن تفيدنا أكثر، إن أردنا شيء مع السوريين أو مع الإيرانيين، اتّصالات دولية ممكن أن تُجرى. فهو لم يكن يحتمل، الموضوع عاطفي، جزء منه له علاقة بالمنطق لكن هو لم يكن يستطيع أن يتحمّل، أنه يجلس في دمشق أو طهران ونحن إخوانه الذي بيننا هذه العلاقة جالسون تحت القصف ونُقتَل في أي لحظة من اللحظات، هذا كان تعبيره، أنه أصلاً لا يمكنني أن أتحمل هذا الموضوع، على المستوى العاطفي والنفسي، بالمنطق نعم ما تقوله منطق. فحينها قلت له لا تأتي، هو أرسل لي أن أرسل له سيارة والشباب ليُحضروه. طبعاً هناك شيء نُقل في بعض الأماكن عن وسائل الإعلام مَن ذهب وأنزله، هذا تفصيل، أنا قلت له لا أريد أن أرسل لك أحد، ابقَ في الشام، قال حسناً أنا قادم، أنا سأرتّب سيارة وشباب وسأحضر إليكم. وقتذاك أُسقط في يدي وأرسلنا الإخوان وأحضروه، فجاء إلينا.
الجزء الذي غادرنا به كان أنه بعد عدة أيام من المعركة، كان تقريباً نحن استوعبنا الهجوم في الأيام الأولى، يعني رابع يوم أو خامس يوم، وبات واضحاً ماذا يريد الإسرائيلي وما يمكن أن يفعله، نحن استوعبنا الموقف بشكل ممتاز جداً، أجرينا تقييم وكان هناك تصوّر، كيف نُكمل وما المطلوب لنُكمل. فكان المطلوب الحاج رحمه الله يحمل هذا التقييم، تقدير الوضع كما يُسمونه هم، والاقتراحات، حجم المساعدة، نوع المساعدة التي نريدها ويخرج، من جهة ينسق ويتكلم مع إخواننا في سوريا، مع الرئيس الأسد والإخوان ويُكمل الى إيران يقابل سماحة القائد ورئيس الجمهورية والمسؤولين في إيران. وبالفعل، ربّما الشيء الطبيعي عند كثير من الناس أن يبقى أربعة الى خمسة أو ستة أيام، يقوم بهذه الحركة كلها ويعود إلينا بعد أسبوع أو عشرة أيام، هو غاب عنّا فقط 48 ساعة، خرج، دمشق، طهران، وقتذاك سماحة القائد والمسؤولين كانوا في مشهد، أحضروا العالم كلها الى مشهد واجتمعوا في مشهد وعاد الى طهران، دمشق، الضاحية الجنوبية، لا أعرف إذا ذهب الى بيته أو لا، وأحضر وقتذاك الموافقات والوعود والمسار الذي كانت ستسير به الأمور. بعدها بقي معنا كل الوقت الى يوم وقف إطلاق النار، يعني هو غادر الضاحية الجنوبية بعد وقف إطلاق النار الفعلي، العالم بدأت تصعب بالسيارات الى المناطق، هو ركب السيارة مع الشباب وغادر.
هنا، أنا أود أن أضيف شيء الليلة معك لأنه لم يُحكَ عنه سابقاً، أو حُكي عنه كإشارة من بعيد، الحاج قاسم صحيح كان دوره أ«اسي معنا في الحرب، بالنهاية حتى أثناء الحرب نحن كنّا محتاجون لدعم لوجستي وكان هذا الدعم مستمر من إيران الى سوريا ومن سوريا الى لبنان، وكل القصف الجوي الإسرائيلي لم يتمكن من وقف النقل اللوجستي الى لبنان، الإسرائيليون يعلمون ذلك وأنا لا أكشف سراً، لأن هذا كان واضحاً في أيام المعركة. الدعم اللوجستي، الدعم العسكري، التنسيق السياسي، التواصل مع إيران، خلاص، نحن وجود الحاج قاسم معنا أغنانا عن كل شيء اسمه علينا أن نتكلم مع إيران ونطلب دعم من إيران ومساندة منها، هذا كله عليه وهو كان يتابعه، وحتى مع سوريا هو بات بتابع هذا الموضوع. الجزء المهم جداً الذي ربّما لم يُحكَ بالاسم سابقاً أنه عندما بدأنا نتحدث عن مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، غير الدُرج العسكري، ترميم القدرات والإمكانات ذلك بحث آخر، أتحدث في استيعاب الوضع الاجتماعي للناس، المهجرين وإعادة الإعمار، يعني كان عندنا مرحلتين في الحقيقة، المحلة الأولى كيف نستوعب الناس وهي مهجّرة، عندنا عشرات الآلاف..
غسان بن جدو: 17 ألف وقتذاك من الوحدات السكنية التي ..
السيّد نصرالله: أكثر، أكثر، أتحدث ما بين مهدَّم هدم كامل وبين متضرر غير قابل للسكن تجاوزنا المئة ألف، إذا حسبنا العنوانين. هذه العائلات كلها خارج بيوتها، مهجّرة، عليها أن تعود، ماذا نفعل؟ هنا كنّا نجلس أنا والحاج قاسم والحاج عماد ومجموعة من الإخوان قبل وقف إطلاق النار بأربعة أيام الى خمسة أيام، يعني واضح أن الأمور ذاهبة الى وقف إطلاق نار، دعونا نفكر ماذا نفعل. فظهرت معنا فكرة هذا ما أسميناه وقتذاك مشروع الإيواء، والذي ليس له سابقة في التاريخ البشري، ليس في تاريخ الدول والأحزاب وحركات المقاومة، في التاريخ البشري هذا لم يحدث، أن نأتي نحن، تنتهي الحرب، مثلاً يحصل وقف إطلاق النار الأربعاء، لجاننا التنظيمية والتنفيذية جاهزة، أربعاء وخميس، رجال ونساء وكل التنظيم التابع لنا يتّصلون بأصحاب البيوت المهجرين، ونقدّم مساعدة مالية، ولا نقوم بتحقيقات صعبة بالملفات لأنّه واضح بيت هُدم وأهل القرى يعرفون بعضهم، نقدم مساعدة مالية للناس، الذي بيته مهدّم بالكامل نعطيه إيجار لمدة سنة، يستأجر بيت لمدة سنة لأنه خلال سنة مفترض أن يُعاد الإعمار، ونعطيه مبلغ ليؤمن أثاث بيت من قريبه، يعني أن يكون كريماً. والناس الذين ليست بيوتهم مهدمة بالكامل يمكن أن يعودوا الى بيوتهم نساعدهم مباشرةً بترميم بيوتهم، يحتاج لحائط أو سقف أو نافذة والتعويض عن الأثاث. هذا يحتاج لمبلغ كبير من المال، وقتذاك كان الحمد لله الوضع المالي جيّد في إيران وكان سعر النفط عالي، الأمور كانت أفضل بكثير من الآن. مَن يذهب الى إيران؟ المبلغ ليس بصغير، الحاج قاسم قال هذا عليّ أنا، هذا اعتبروه مسؤوليتي.
ولذلك نحن يوم 14 آب 2006 وقف إطلاق النار، في نفس اليوم تشكّلت اللجان، لأنها شُكّلَت قبل عدة أيام، في اليوم التالي بدأت الإتّصالات ونتواصل مع العالم حتى لا يبقى أحد في الشارع. لم يبقَ أحد في الشارع، ولم نبنِ مخيّمات، حتى الناس الذين أخذوا خيم وضعوها على بيوتهم المهدمة وجلسوا في الخيم فوق بيوتهم المهدمة، وساعدنا كل الناس لتعود.
هنا إذا قلت أنا بعد الله سبحانه وتعالى والمسؤولين في الجمهورية الإسلامية الذين أخذوا هذا القرار وعلى رأسهم سماحة القائد، الذي حمل هذا الملف وتابعه وذهب به على إيران وأحضر الإمكانات المالية الضخمة التي استطعنا أن نستوعب فيها كل هذا المشهد كان أخونا الحاج قاسم سليماني.
لاحقاً، وأنا طبعاً يؤثّر في نفسي في ذلك الوقت أنّ هناك مَن كان يتعمّد، هذه لا أنساها، كثيرة الأمور التي أنا مستعد أن أنساها لكن هذه كثيراً ما تجرح في القلب، في السلطة السياسية في لبنان مَن كان يخطط ليبقى الناس أطول مدة مدنية ممكنة في الشوارع حتى ينقلبوا على المقاومة ولا يقرّوا أصلاً بهذا النصر وبهذا الإنجاز.
لاحقاً حين حدث موضوع إعادة الإعمار الذي أخذ سنوات، هذا المشروع كله الذي تابعه مالياً وتفصيلاً وواكبه معنا، كان هو جهة الدعم معنا، هو أخونا الحاج قاسم سليماني، والذي شكّل في لبنان الهيئة الإيرانية لإعادة الإعمار وكان رئيسها في ذلك الوقت المهندس الشهيد حسام خوشنفيس، هذا كان اسمه الحقيقي، هذه الهيئة شكّلها الحاج قاسم سليماني والشهيد المهندس حسام كان من طاقم الحاج قاسم سليماني، لكن لم يُقدَّم الأمر في الإعلام بهذا الشكل، لأنه في النهاية حرس وقوة القدس وجهة عسكرية.
فوددت أنا وفاءً أيضاً للرجل أن أقول في هذه المناسبة، هو لم يقف معنا فقط في الحرب بل وقف معنا بعد الحرب وتابع معنا للنهاية. طبعاً أعود وأقول الإخوان سماحة القائد، مسؤولين في الجمهورية الإسلامية، إيران، في النهاية هو يمثّلهم، لكن الإخلاص، الصدق، المتابعة، الحيوية، الجهد والسهر في الليل والنهار هو الذي كان يعطي هذه النتائج المباشرة.
غسان بن جدو: سماحة السيّد قبل الفاصل والمحور الأخير، نحن لا نعرف خليفته الجنرال قاءاني، نشاهد صوره فقط، لكن أنتم تعرفونه أو تعرفتم عليه بالتأكيد، أنتم مطمئنون الى قدراته؟ كيف تصفون الجنرال قاءاني كخليفة للشهيد قاسم سليماني في قيادة قوة القدس؟
السيّد نصرالله: طبعاً الأخ الحاج اسماعيل قاءاني، حفظه الله، أنا أعرفه من سنوات طويلة، هو كان نائباً للحاج قاسم سليماني، فبطبيعة الحال كان يتابع معه كل الملفات، وعندما كنّا نذهب الى إيران في كل لقاءاتنا كان هو موجود، يعني في اللقاءات، في الحوارات، في المتابعات، فكل هذه المرحلة التي تحمل فيها الحاج قاسم مسؤولية قوة القدس كان الحاج اسماعيل نائبه، وهو بالتالي في قلب هذه الملفات وقريب جداً منها. هذا أولاً، فالتجربة كلها موجودة عنده.
طبعاً هو عنده تاريخ في الحرس وفي الحرب، حرب الثماني سنوات والتدرج العسكري والأمني المطلوب، أي هو متدرج كما الحاج قاسم تماماً في هذه الزاوية.
أيضاً هذا كان خيار الحاج قاسم نفسه، يعني هو عندما كان يُسأل في حياته من قبل المسؤولين أو من قبلنا أو كذا، يا حاج أنت معرّض للخطر في أي لحظة ممكن أن تُستشهد، مَن هو البديل المناسب في رأيك ليُكمل هذه المهمة في قوة القدس، فهو كان يقول الحاج اسماعيل قاءاني، وهو أخبر الناس بنائبه، يعني إذا أردنا أن نقول أكثر شخص عاش معه واشتغل معه هو الحاج قاسم، فهذا كان خياره.
طبعاً الموضوع يحتاج الى جهد، بالنهاية التركة والمنهجية والذي نسميه مكتب الحاج قاسم أو منهج الحاج قاسم يجعل مسؤولية الذي بعده ثقيلة جداً، الحاج اسماعيل بالتأكيد يستطيع أن يحمل هذه المسؤولية، يملك من الايمان والإرادة والعزم والتجربة والاستعداد والقدرة، وهو الآن دخل على الملفات كلها تقريباً وبطبيعة الحال حتى نكون موضوعيين أيضاً هو يحتاج الى بعض الوقت حتى لا نتوقع منه ولا نحمّله ما كان يقوم به الحاج قاسم بعد 22 سنة من التجربة في قوة القدس، لأنه الآن هو في موقع المسؤولية الأولى. هذا المسار إن شاء الله هو مسار مستمر ولن يتراجع في لحظة واحدة على الإطلاق.
غسان بن جدو: لا بأس أطلت عليك سماحة السيّد، فاصل فقط ونعود لآخر محور، نعدك بهذا الأمر.
وأعد السادة المشاهدين، مع أنني متأكد بأنكم تتابعون هذا الحوار، حوار العام باستمتاع شديد جداً. مشاهدينا الكرام أرجو أن تتفضلوا بالبقاء معنا من فضلكم.
فاصل
غسان بن جدو: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم الى حوار العام، حوار العشرية مع سماحة السيّد حسن نصرالله.
سماحة السيّد هناك صورتان عن حزب الله، صورةٌ تتحدث نه بتضخيم شديد ولعلها تكون صورة واقعية، وصورة بدأت تظهر في الآونة الأخيرة فيها نوع من الاستخفاف بحزب الله، حزب مردوع، حزبٌ خائف، حزبٌ مُحاصَر، تقودها بشكل أساسي الآلة الإسرائيلية السياسية والدعائية والإعلامية، حقيقة أنها تروجّ لها بعض الأصوات العربية أيضاً، الكثير من الأصوات العربية. وأخيراً أيضاً تمّت مناورات إسرائيلية بدءاً من حرب لبنان الأولى الى الثانية الى حرب الشمال الأولى، وهناك تهديدات كم قلت بشكل واضح، أخيراً كوخافي يتحدث عن أنّ أي عمل يقوم به حزب الله سيعلم بأننا تقريباً دمار شامل.
ردّ الأمين العام لحزب الله بوضوح وبشكل مباشر من فضلك.
السيّد نصرالله: هذا جزء من الحرب النفسية الإسرائيلية. حزب الله على حاله، على قوّته، على معنوياته، على إرادته، بل هو أكثر، الإسرائيليون الآن، هو يقف بات له عدة أشهر على قدم ونصف على الحدود.
غسان بن جدو: خمسة أشهر، هو فعلاً واقف على رجل ونصف بحسب رصدكم؟
السيّد نصرالله: طبعاً، الآن في الآونة الأخيرة خفف قليلاً، لكن نحن عندما توعّدناه بالردّ على شهيدنا في سوريا نحن ما زلنا على وعدنا، وهو يعرف أننا حريصون على تنفيذ هذا الوعد، وكل المناورات التي يفعلها وكل الاجراءات التي يفعلها على الحدود وكل اللغة والتهديد الذي تسمعونه هو بسبب معرفته الحقيقية بأنّ حزب الله سيردّ على قتل شهيده في سوريا. وإلّا الآن، ويمكنك أن تتحدث في الإعلام ويمكن أن تسرّب من خلال قنوات، أنّ حزب الله صرف النظر عن هذا الأمر وانتهى الموضوع وخلاص، لنرَ لاحقاً ماذا يحدث، كل هذا الوضع الذي ترونه على الحدود وكل هذه المناورات وجزء كبير من هذا الخطاب الإسرائيلي سيختفي، إذاً هذا في الحقيقة هو ليس عنصر قوة، هذا رد فعل، هذا تعبير عن قلق وخوف إسرائيلي. لا يوجد سابقة إذا عدت، أنا واكبت، في الحد الأدنى منذ أن أصبحت مسؤول مباشر في 92، أنّ حزب الله يأتي ويقول أنا أريد أن أرد ويظهر أنّ هذا الحجم من الصراخ والتهديد والانفعال والغضب الإسرائيلي بحيث لم يبق أحد من الكيان الصهيوني إلا وأخذ موقف، هذا لا أراه دليل قوة بل هو دليل ضعف، هذا هو يحاول، بالتعبير اللبناني، أن يأكل لك رأسك، يرعبك ويخيفه حتى لا تُقدم على ما تعتبره مسؤولية طبيعية. هذا جانب من جوانب الموضوع.
الجانب الآخر، عندما قاموا بهذه المناورة الأخيرة، السهم الفتّاك أو القاتل، هو يعلم بأنّ حزب الله والمقاومة في لبنان، أنا لاحقاً أعلنت عن هذا الموضوع، كان هناك حالة استنفار كامل وجهوزية كاملة، الخائف والمردود لا يفعل شيء من هذا النوع، لأنّ نفس الإقدام على عملية الاستنفار والجهوزية الكاملة قد تستفز العدو وتدفعه الى عملٍ ما.
غسان بن جدو: ماذا يعني استنفار سماحة السيد؟ ما الذي كنتم مستعدين له وأنتم مستنفَرون؟
السيّد نصرالله: يعني كل ما يُسمى عندنا في القدرات النوعية كانت مُستنفَرة مئة بالمئة، العالم تجلس على صواريخها، الصواريخ على منصاتها، الأهداف كلها محددة، كل نظام القيادة والسيطرة من فوق الى مسؤولي المجموعات، كله كان جاهز وعلى السمع وفي أماكنه العملية. جزء كبير من القوة التي ستقاتل في الميدان كانت جاهزة وموجودة في الميدان، يعني لا يحتاج أن ننتقل من منطقة الى منطقة، والإسرائيلي عرف بذلك ولم يُشر له وسكت عنه، وهذا حصل تحت عين الإسرائيليين، يعني نحن لم نقم به بالسرّ، نحن تعمّدنا، نحن خبّأناه عن الناس والشعب اللبناني حتى لا تقلق الناس، لكن كنّا مهتمين ومن الطبيعي أن يعرف الإسرائيلي عندما يكون هناك استنفار بهذا الحجم. هذا المؤشر الثاني.
المؤشر الثالث، هو يعلم، رغم أنه حتى الآن أرسل بالوسائط الموجودة أن أي تعرض لأي مسيّرة إسرائيلية نحن سنقصف، سنعمل، سنضرب، وهو يعرف أنّ كل دفاعاتنا الجوية ضمن المستوى المجاز لهم بالعمل، وهو يعلم، وأنا الآن أعلن هذا الأمر، هو جاهزون ولذلك هو في كثير من المناطق، بعض الناس يسألون أين أصبحنا في موضوع المسيّرة؟ يوجد مناطق مثل منطقة البقاء لم يعد يأتي على خمسة آلاف وستة آلاف، يرتفع عالي عالي، في بيروت والضواحي قلل الحركة كثيراً، في الجنوب مرت فترة أصلاً لا حركة مسيّرات. والأكثر الآن، عندما تأتي مسيّرة لأنه مهتم أن يراقب أو يتابع هدف معين يرسلون معها مسيّرة ثانية ومقاتلة حربية أو طائرة قادرة أن تقصف المكان الذي يمكن أن ينطلق منه الصاروخ الذي يستهدف المسيّرات. اليوم عنده حركة إرباك كبيرة في المسيّرات وهو هدد أنه سيردّ، وهو يعلم أننا لن نتراجع وهو يعلم أننا حاولنا، وهو يعلم أننا في بعض الحالات أطلقنا السلاح المناسب، لكن طبعاً هناك شىء لا ينزل في الإعلام وشيء آخر ننزله في الإعلام، لأنه ليس دائماً هدفنا إسقاط المسيّرة، المهم أن تخرج من سمائنا ومن فضائنا، طبعاً إذا أسقطناها يكون أفضل وأحسن. هذه تكون مقاومة خائفة أو مردوعة؟ بالتأكيد لا. والدليل أنه عندما يرسل المسيّرة التابعة له يرسل معها حماية، لم يكن الوضع هكذا، السماء اللبناني كان مفتوح أمام المسيّرات الإسرائيلية.
الأمر الرابع، هو يعلم بأنّ موضوع الصواريخ الدقيقة لم يتوقف ولن يتوقف، وفي تطور في موضوع الصواريخ الدقيقة كماً ونوعاً وعتاداً. هناك جزء كبير يحكيه لناسه وهو أكاذيب، يعني مثلاً الآن يقدّم ميداليات ويوزع أوسمة أنه عطّل مشروع الصواريخ الدقيقة في لبنان، ليس صحيح. الآن، الآن أصبح لدى المقاومة صواريخ دقيقة ضعفي ما كان لديها قبل سنة، وبالتالي كل الاجراءات والخطوات التي يعمل فيها الإسرائيلي، مع أنه هددنا إذا أكملتم بالصواريخ الدقيقة أريد أن أضرب وأقصد وأدمّر، وأتذكر ربّما أنا تكلمت لهذا الموضوع في خطاب.
آخر زيارات معاون وزير الخارجية الأميركي ساترفيلد عندما كان يأتي الى لبنان، جاء وهدد، وقال في المنشأة الفلانية في البقاع إذا لم تتوقفوا وفتشوا وتفضّلوا، معكم 15 يوم سيأتي الإسرائيلي ويقصف، وأبلغ كل المسؤولين في الدولة اللبنانية ووصل إلينا الموضوع، ونحن قلنا هذا بمعزل موجود أو غير موجود، هذا من حقنا الطبيعي كمقاومة، هو عنده سلاح نووي يصنّع سلاح وصواريخ ويصدّر للعالم، هو لا علاقة له بنا الإسرائيلي إن كنّا نصنّع أو لا نصنّع، نطوّر سلاحنا نحوله الى دقيق أو لا، الأسرار هذه عادة لا نتحدث بها نحن أين أصبحنا فيها، لكن نحن لن نحرّك ساكناً وإذا قام الإسرائيلي بقصف هذه المنشأة في البقاع نحن سنقوم بردّ فعل متناسب، هو يعرف ما يعني متناسب، يعني ليس قنص على الحدود، متناسب يعني منسجم بما قام هو، يعني من وزنه.
غسان بن جدو: الإسرائيلي يعرف لكن نحن لا نعرف..
السيّد نصرالله: لا داعي أن تعرفوا أنتم حتى لا يقلق الناس.
غسان بن جدو: عفواً سماحة السيّد عندما تتفضل الآن بالقول أصبح لديكم عدد من الصواريخ الدقيقة ضعف ما كان لديكم قبل عام، كماً وحكماً ونوعاً، هذا الكم الجديد..
السيّد نصرالله: يعني إذا كان هناك جهة مردوعة أستاذ غسان ..
غسان بن جدو: لا، لا، هذا الكم الجديد على ماذا هو قادر داخل الاحتلال؟ الآن إذا أردنا مخاطبة الإسرائيلي، هذا الكم الجديد حجماً ونوعاً على ماذا هو قادر؟
السيّد نصرالله: هذا يزيد قدرة حزب الله على ما كنّا نقوله في السابق أنه لا يوجد هدف مهم في داخل الكيان نحتاج الى إصابته بدقّة إلا ونحن نستطيع أن نصيبه بدقة، في كامل مساحة فلسطين المحتلة. هذا التطور يزيد قوتنا، هذه القدرة كانت موجودة حتى قبل كل هذا الضجيج الذي قام به الإسرائيلي قبل سنة، لكن من سنة الى الآن هذه القدرة تضاعفت. الذي أريد قوله أولاً إذا الإسرائيلي يتحدث أننا خائفون ومردوعون إذاً لماذا نكمل في موضوع مشروع الصواريخ الدقيقة الذي اعتبره هو تهديد وجودي، الخائف يجب أن يقول يا شباب هذه القصة كبيرة وخطيرة فلملم هذا المشروع ونقفل الملف ونوصل رسالة للأميركان والإسرائيليين أننا ألغيناه، نحن أكملنا باندفاعة كبيرة أيضاً.
وأيضاً هو يكذب، يعني الآن هو عندما يقول لناسه ويوزع أوسمة على الذين أوقفوا المشروع وعطلوه، هو يكذب عليهم، هو لم يقدر أن يفعل شيء، وكل ما كانت تريد المقاومة أن تنجزه أنجزته وتنجزه، لا مشكلة في هذا الموضوع.
على كل حال المستقبل قريب، أليست الأيام بيننا؟ الأيام بيننا كلها تثبت أنّ هذه المقاومة هي جادّة وعازمة وقوية وليست قلقة، وأنا أستاذ غسان عندي تقييم مختلف، أنا أقول الإسرائيلي هو القلق، الإسرائيلي الآن مع ذهاب ترامب هو جداً قلق، مع هذه الإدارة، لا يعني أن الإدارة القادمة، لأنّ إدارة ترامب أعطته ما لا يتوقع ولا يحلم. اليوم في موضوع الأميركي هو قلق، بموضوع العودة للاتّفاق النووي هو قلق، كل هذه التسويات التطبيع مع العرب ماذا يقدم أو يؤخّر بصراع المقاومة مع العدو؟ وهل هم حاربوا أو قاتلوا، هم كانت لهم علاقة؟ كان في السابق مصر وسوريا تقاتلان.
هو أيضاً قلق من أوضاعه الداخلية، لذلك الآن يحتاج أن يرفع الصوت. فأنا أحبّ أن أكد الليلة المقاومة في ألف خير، في أحسن معنوياتها، وأحسن قدراتها وأعلى عزمها، وهي ماضية وهي واثقة، نحن الآن ثقتنا بالمستقبل وباقترابها من النصر، كما عندما شرحت لك الكذب والنفاق والخداع هذا كله يتهاوى ويتساقط، الصفوف تتمايز، نحن ليس عندنا أي قلق من هذا النوع على الإطلاق.
غسان بن جدو: هل على الإسرائيلي أن يقلق فقط من الصواريخ الدقيقة؟
السيد نصرالله: يجب أن يقلق من كل شيء.
غسان بن جدو: كل أنواع الأسلحة؟
السيّد نصرالله: كل شيء يجب أن يقلق الإسرائيلي.
غسان بن جدو: براً، بحراً، جواً؟
السيّد نصرالله: من كل شيء، هو يعلم كثير من الأشياء، هو مثلاً الآن في الحرب النفسية يقول نحن نعلم عنكم، هو يعتقد أننا سنخاف عندما يقول نحن نعلم عنكم، نحن نفرح حين يقول لنا نحن نعلم عنكم، يعني أنت تعلم أننا أقوياء وتعلم أننا مقتدرون وتعلم أننا عازمون وتعلم أننا نملك إمكانات مهمة جداً، وتعلم أننا قادرون على أن نُلحق الهزيمة بك، جيّد أن تعلم أنت تطمئننا، هو يريد أن يقلقنا وهو بالحقيقة يطمئننا.
انظر أستاذ غسان، من ال2000، جاءت ال2006 لتعزز هذه القناعة، هنا طبعاً يُسجَّل لأخينا الحاج قاسم والحاج عماد رحمة الله عليهما دور كبير جداً، أكمل إخوانهم بعدهم. نحن كل إمكانية قدرة تمكّننا من الدفاع عن بلدنا وإلحاق الهزيمة بعدونا نعمل من أجل أن تكون في أيدينا، لا سقف لهذا الموضوع.
غسان بن جدو: الإسرائيلي يعرف، ولكن الجمهور يحب أن يطمئن، هل لدى المقاومة كل الإمكانات الجوية والبحرية والبرية والصاروخية للدفاع وإصابة الكيان بالأذى المباشر، لديكم؟
السيّد نصرالله: انظر، باستثناء موضوع الدفاع الجوي الذي لا أحكي به، إذا أجبتك بالعموم أكون أتكلم في تلك النقطة، في موضوع الدفاع الجوي الى مستوى معيّن نحن كشفنا أنفسنا للإسرائيلي من خلال تصدينا للمسيرات، هناك مستوى أعلى من هذا المستوى المعيّن، هل هو موجود أو لا؟ الإسرائيلي يعلم أو لا يعلم؟ حتى لو كان يعلم من المفترض أن تبقى هذه الورقة مخفية. نحن هناك شيء، سواءً في موضوع الدفاع الجوي أو في موضوعات أخرى يجب أن نحتفظ بعنصر المفاجآت وهذا عنصر مهم في الحرب، هناك أمور عندنا بالتأكيد نحن نحرص على ألا يعرف بها الإسرائيلي على الإطلاق، وأنا أؤكّد لك ودع الإسرائيلي يفتش الليلة، أنّ هناكك أشياء عند المقاومة حتى الآن لا يعرف عنها الإسرائيلي شيئاً، وهي في دائرة ضيقة جداً من السرية، لكن لا نحتاج لأن نقولها لعدونا ولا ينبغي أن نكشف سرها، ونتركها لليوم الذي يُفاجأ به العدو ليحزن، ويُفاجأ به الصديق ليفرح.
غسان بن جدو: سماحة السيّد هل الأزمة الداخلية الإسرائيلية الآن تنظرون إليها باعتبارها تؤكّد فعلاً أنّ المجتمع السياسي الإسرائيلي هو مجتمع حر وديمقراطي وتعددي وهناك صراع حقيقي؟ أم هي تعبّر عن أزمة بنيوية الآن في كيان الاحتلال؟
السيّد نصرالله: لا مانع الجمع، يعني لا يمنع أن يكون فعلياً عندهم انتخابات وعندهم ديمقراطية وعندهم صراع أحزاب وتكتّلات ولوائح، لا يمنع، يعني إذا كان المقصود بالديمقراطية هذا. لكن الجانب الثاني هو المهم، اليوم الأحزاب التاريخية تقريباً، حزب العمل خلاص، الليكود شاخ في مراحله الأخيرة، الانشعابات الأخيرة التي حصلت في الليكود مهمة جداً وقاسية جداً بالنسبة لليكود ومستقبله. التشظي داخل الأحزاب، الصعود السريع للحزب وانهيار وسقوطه السريع، مثل أبيض أزرق، الحزب الذي يصعد بسرعة يسقط بسرعة. هذا دليل ضعف ووهن وخواء، يعني هذه فقاعات وليست عضل حقيقي، فواضح أنّ هناك أزمة قيادة في إسرائيل، أزمة زعامة، أزمة أحزاب، أزمة ثقة بين الأحزاب مع بعضها، بين المستوطنين، كل الإسرائيليين هم مستوطنون في رأينا، بين المستوطنين والأحزاب وقياداتهم، وهذه الأزمة تتعمّق، وهذا في الحقيقة له مجموعة عوامل، يعني القلق على المستقبل، القلق في المنطقة، أيضاً الوضع الداخلي، الفساد المستشري، التآكل في دولة القانون التي كانوا يتغنون بها، يعني عندما تسمع من بضعة أيام يعلون الذي كان رئيس أركان ووزير دفاع وقائد أساسي ومرشّح رئيس وزراء ويعتبر نفسه مفكّر استراتيجي، يقول أنّ إسرائيل اليوم تحكمها عصابة من المجرمين ورئيس العصابة هو بنيامين نتنياهو، هذا ليس صحافي، هذا رئيس أركان وزير دفاع وهو من نفس مجموعة اليمين. إذاً هناك مشكلة جوهرية، مشكلة عضوية داخل الكيان، لذلك نعم هذه الأزمة سوف تكبر، ثلاثة انتخابات والآن ذاهبون الى انتخابات رابعة، بعد الانتخابات الرابعة ما النتيجة التي ستخرج؟ من الواضح أنّ هناك أزمة عميقة تضرب في هذا الكيان. يأتيك الفساد، جاءك الآن كورونا، جاءك الموضوع الاقتصادي، طريقة تعاطيهم مع الكورونا، فتح الملفات العرقية والصراعات الداخلية في ما بينهم، بالنهاية هذا مجتمع مأزوم.
أنا في يوم استشهاد الحاج قاسم قلت شيئاً، وأنا مقتنع به وكثيرون مقتنعون به، هذا كيان مصطنع، مصطنع بقاءً ومصطنع دواماً وبقاءً، هذا قوته ليست قوة ذاتية، يمكننا أن نسجّل على بعضنا، فقط هذه الولايات المتّحدة الأميركية ليس أن تزول لا أو تتفكك، تضعف، لا يعود لها هيبة في المنطقة، تنشغل بنفسها، هذه إسرائيل تبقى إسرائيل؟ هذه الدول العربية الذين طبّعوا مع نتنياهو هذا شطارة نتنياهو وذكاؤه ونجاحه ونجاح إسرائيل؟ لا، هذا عصا ترامب، عصا الأميركان، تقريبا للأميركي، ليس لأنّ إسرائيل أمر عظيم وناجح ومتقدم ونتنياهو سياسي محنّك وتاريخي، أبداً، الذي أوقفهم في الصف هو ترامب، هددهم بالعصا، عصا وجزرة، كما السودان عصا لكن العصا أكثر مع العرب.
فلذلك هذا كيان نحن مقنعون، الآن تحدث بعض التفاصيل أنت أشرت لها جنابك، الحاج قاسم يستشهد، أبو مهدي يستشهد، عالم كبير كالشهيد فخري زاده يستشهد، تصبح حرب هنا وكذا، هذه طبيعة المعركة يسقط فيها شهداء، كبار وصغار، لكن عليك أن تأخذ المعركة دائماً من حيث المجموع، من حيث المجموع في اللحظة الحالية لا، محورنا هو الأعلى وإسرائيل دولة مأزومة.
غسان بن جدو: لكن عفواً كيف تُقنع الجمهور والرأي العام المتعاطف والمحبّ بشكل عام، وحتى الرأي العام العربي أنكم، وأنتم تقدمون كل هذه الخسائر وهي خسائر نتيجة انتصارات كما تتفضل، في المقابل لا ردّ موجود؟
السيّد نصرالله: لا يزال باكراً، هذه معركة مفتوحة، يعني إذا أحداً يتوقع، مثلاً في بعض الردود لا يصحّ أن تردّ على نوع من العمليات بنوع من الردود..
غسان بن جدو: لكنه يكسب معنوياً سماحة السيّد.
السيّد نصرالله: هذا شيء مؤقّت يساعد عليه الإعلام، يساعد عليه الزاوية التي ننظر فيها الى المسائل، بلحظة من اللحظات، غداً تحدث عملية معيّنة في مكان ما تعود وترتفع المعنويات؟ المحاور لا تُدار بهذه الطريقة، هذا يجب أن يحدث، هو أيضاً لكي يكون الرد متقن، انظر، قرار الرد موجود، وإمكانيات الرد موجودة، يجب أن تتوفر ظروفها، أتحدث بشكل عام، الرد أيضاً إذا لم يكن مناسبا متناسب هذا يقلل الهيبة ولا يستعيد الهيبة، إذا افترضنا أنّ هناك هيبة تمّ المسّ بها. إذاً إذا المطلوب إعادة هيبة تم المس بها فيجب أن نصبر ونعمل في الليل والنهار لي يكون هناك ردّ متناسب وحقيقي ليستعيد هذه الهيبة.
غسان بن جدو: عدم ردكم على استشهاد الأخ في سوريا حتى الآن هل هو قرار سياسي أو عسكري؟
السيّد نصرالله: لا يا أخي، على الحدود الجماعة..
غسان بن جدو: أنا أعرف، آه يعني أنتم تقصدون هذا.
السيّد نصرالله: الجماعة أولاً أخلوا الكثير من المواقع، اختبؤوا، الآن إذا أردنا أن نقوم بشيء معنوي ولا أسهل أن اخرجوا يا شباب اضربوا ضد الدروع، اضربوا دبابة أو اثنين، أطلقوا عدة صواريخ، نُخرج بهم بعض الفلاشات في الإعلام يمشي الحال؟ هكذا يفرح الجمهور لكن هذا عند الإسرائيلي نقطة ضعف، يعني هو يقتلني وأنا أضرب له حديد أو أَرب له باطون، عنده حديد الدنيا وباقون الدنيا وأموال الدنيا، الذي يردع الإسرائيلي تقتلني أقتلك، هذه المعادلة. مرّت فترة رأيتموهم حتى على التلفزيون، يا أخي يمشّون آلية يضعون بها مجسمات، يعني قم بالعملية وخلّصنا.
هناك سجال المرة الماضية أنّه في الآلية التي استُهدفَت كان فيها عسكر أو لا، هناك ناس يقولون لم يكن بها وكانت مسيرة، منهم مَن يقول مسيرة وفيها مجسمات يعني تماثيل، نحن إخواننا القرار عندهم إذا ما تأكدت أن هذا موجود وحيّ وبشري حقيقي لسنا محتاجين لنطلق نار على الحدود، أهون شيء العمل الاستعراضي، لذلك نحن نذهب الى العمل الجدي، العمل الجدي آخر شيء الإسرائيلي يبقي مستنفر وله إجراءات، يُخرج دبابة مسيّرة أو آلية مسيرة لكن كم يبقى هكذا؟ شهر، شهرين، ثلاثة، في النهاية سيفكّ، إذا فكّ نرى كيف تفكّ القصة.
غسان بن جدو: الآن هناك اختيار جدي في ما يتعلق بترسيم الحدود، ويبدو بعد أن تمسّك لبنان عبر مفاوضيه بحدودٍ بداياتها أطول في عمق البحر اللبناني الإسرائيلي أوقف مدعوماً من قبل الأميركي، أين وصلت سماحة السيّد وماذا لو فشلت مفاوضات ترسيم الحدود وفرض الإسرائيلي أمراً واقعاً بالذهاب قدماً لاستخراج الغاز في أي مجال أنتم تعتبرونه من مياهكم الإقليمية؟
السيّد نصرالله: أولاً المفاوضات جُمّدَت الآن، عملياً لا شيء، يعني لقاءات جديدة لا يوجد فتوقّفت الأمور عند مدى معين، أعتقد الإدارة الحالية لأنهم الأميركان كانوا يتابعون، لم يعد هناك وقت ليفعلوا شيء في هذا الموضوع، هذا يختلف عن بقية الدول العربية، لبنان قصة مختلفة تماماً. ففيما يعني المفاوضات في ظل الإدارة الحالية أعتقد لن يحصل أي تقدم، الآن في ظل الإدارة الجديدة يتابعون الأميركان أو لا، يقترحون حلول معيّنة، يضغطون على الجانب الإسرائيلي وليس فقط على الجانب اللبناني هذا يجب أن نتابعه مع الوقت.
لكن الجزء الثاني من سؤالكم أنه إذا افترضنا خلاص لم يعد هناك مفاوضات على ترسيم الحدود، نحن في هذا الموضوع قلنا، المياه التي تعتبرها الدولة اللبنانية مياهاً لبنانية نعتبرها لبنانية كمقاومة، الأرض التي تعتبرها لبنانية نحن نعتبرها لبنانية، بالتالي نعتبر حقنا أن نعمل لحماية هذه المياه أو هذه الأرض أو الدفاع عنها، وبالتالي إذا جاء الإسرائيلي يعمل في هذه المنطقة، في الأرض أو في المياه التي يعتبرها لبنان مياهاً له حينئذ لبنان سيكون له موقف والمقاومة سيكون لها موقف. أنا في أكثر من مناسبة قلت نحن جاهزون، أنا لا أريد أن أفرض موقف على اللبنانيين، أنا أعتبر حقنا الطبيعي أن نمنع أي سرقة إسرائيلية في المياه اللبنانية، هل سنمارس هذا الحق أو لا؟ هذا حقنا، نأخذ قرار في وقته ونرى. طبعاً إذا الدولة اللبنانية تأخذ قرار يكون ذلك أفضل، يكون نحن ننفذ قرار الدولة اللبنانية في الدفاع والحفاظ على نفطنا وغازنا اللبناني الموجود في مياه لبنانية تغتصبها إسرائيل. لكن إذا بقت الدولة اللبنانية لا تحرّك ساكناً كيف نتصرف؟ علينا أن نرى في وقتها، لكن الآن نحن حقنا، وقادرون أن نمنع، على مستوى القدرة لا نقاش، على مستوى القدرة لا نقاش وعلى مستوى الحق لا نقاش، على مستوى الالتزام أنا الليلة لا أريد أن ألزم نفسي بهذا الموضوع بمعزل عن القرار الرسمي اللبناني لأنّ هذا الملفّ الآن الدولة اللبنانية أخذته بالكامل وهناك أداء جيد به، يعني لا غبار على الاداء الموجود، نرى في وقتها ماذا يحدث.
غسان بن جدو: لماذا يتأخر تأليف الحكومة في لبنان؟ سبب داخلي، سبب خارجي؟
السيّد نصرالله: حتى الآن، ما يُكتَب في الصحف يتحدث عن أسباب داخلية وأسباب خارجية، عندما نتحدث مع المسؤولين المعنيين يقولون لا يوجد أسباب خارجية، وإنّما النقاش هو نقاش داخلي وأسباب داخلية. آخر تصريح قاله الرئيس المكلف دقيق، مشكلة الثقة المفقودة، لو كان هناك ثقة بين الناس يسهل تشكيل الحكومة، عندما لا يكون هناك ثقة يصبح أنّ هذا العدد من الوزراء مقلق إذا أعطيناه للطرف الفلاني، كما قصة ثلث معطّل وكذا، أو الوزارة الفلانية لأنه لا يوجد ثقة وقلق وهناك خوف متبادل لا يمكن أن يعطيها للجهة الفلانية وإنّما للجهة الفلانية، فالنقاش حقيقةً هو نقاش داخلي يرتبط بالأعداد وبطبيعة الوزارات، ولكن بالعمق هو نقاش له علاقة بالثقة المفقودة..
غسان بن جدو: يعني يوجد ثقة بينكم وبين الرئيس سعد الحريري؟
السيّد نصرالله: نحن نأخذ ونعطي، يوجد جو إيجابي، يوجد تعاون بيننا وبينه، بين الأطراف التي ستشكّل الحكومة نحن لا مشكلة لدينا مع أحد، بالعكس نحن في الآونة الأخيرة..
غسان بن جدو: الثقة المفقودة بين مَن ومَن؟ بين الرئيس سعد الحريري والرئيس عون؟
السيّد نصرالله: بشكل أساسي، طبعاً في أماكن أخرى يوجد مشكلة أيضاً، لا يعني أنّ المشاكل الأخرى منتهية، لا أود الدخول الى هذه التفاصيل لكن مع جهات أخرى، يعني بين الرئيس المكلف وجهات أخرى يوجد أمور لا تزال غير محلولة، لكن الملف الأساسي..
غسان بن جدو: يوجد مشاكل أيضاً غير فريق الرئيس عون؟
السيّد نصرالله: نعم، يوجد شيء يجب أن يُحَل في البداية هو تركيبة الحكومة، عدد الحكومة، توزيع الحقائب، هذا لا علاقة له فقط بالفريق، له علاقة بالتركيبة ككل، الذي للرئيس عون رأي فيها، الرئيس المكلف عنده رأي، ناس آخرين عندهم آراء، هناك عقد لاحقاً تظهر، الآن هي موجودة تحت الطاولة وليس فوقها. تحتاج لجهد، يعني تحتاج لوقت.
غسان بن جدو: سماحة السيّد أنا في المقدمة تحدّثت عن بيئتكم، وهي بيئة فعلاً استثنائية بكل ما في الكلمة من معنى، وأنا قلت السيّد حسن نصرالله هو زعيم وطني لبناني بامتياز، وهذا ليس توصيفي، هذا أمر الحقّ، وعندما أتحدث زعيم وطني لبناني يعني تفكر في كل الشعب اللبناني، ومَن يتابع كل خطاباتكم حقيقةً يستنتج هذا الأمر، يعني اهتمامكم بكل الشعب اللبناني، مع ذلك أحبّ أن أتحدث عن بيئتكم، لأنّ بيئتكم بيئة صامدة، بيئة تقدّم كل ما لديها، وأنا أعرف كم تحبها بشكل كبير جداً، هذه البيئة تسأل دائماً ما هو أفق حزب الله داخل لبنان ليساهم بشكل جذري ونهائي في إصلاح الوضع بما ينعكس علينا نحن كبيئة وعلى الشعب اللبناني بما يُعرَف بالرفاه؟ خاصةً وأنكم تواجهون العقوبات، تواجهون الحصار، الكل يحمّل المسؤولية أنه بسبب حزب الله الأميركان يفرضو العقوبات والحصار وغير ذلك، وتعرف كل هذا الأمر الذي يُحكى.
السيّد نصرالله: الوضع في لبنان هذا يأخذك للوضع العام للبلد، عندنا عنوانين، عندنا عنوان الوضع العام والشعب اللبناني ككل، وعندنا عنوان البيئة التي تتأثر مباشرةً بما يجري علينا. نحن معنيون، إذا أردنا تسميته مستويين، نحن معنين بالمستويين، لكن بطبيعة الحال حتى عندما تذهب للأولوية حتى أكون صادق، أولويته هي بيئتك التي تحملك والتي تدافع عنك، التي تدفع ثمن هذا الخط وهذا الاتّجاه، للأسف التركيبة عندنا في لبنان هكذا. جنابك رأيت، كنت في البلد ولا زلت موجود، في حرب تموز، هناك مناطق بالكامل ناسها مهجّرين وتُقصَف وتُدمَّر، عتمة، لا حياة فيها، فيها فقط عسكر يقاتل، ويوجد مناطق كأنها في دولة ثانية. أنا وقتذاك قلت للإخوان أنا سعيد ولا مشكلة عندي، أنا لا أحب أن تقصف إسرائيل بقية المناطق، أي حتى نصبح كلنا مثل بعضنا، لا، طالما نحن لوحدنا ندفع الثمن، بيئتنا المباشرة لوحدها تدفع الثمن لا بأس. هذا ماذا يفعل؟ هذا يرتّب مسؤولية إضافية تجاه بيئتنا، يعني إذا أحداً لاحقاً سأل إذا أنت عندك إمكانات معيّنة أنت تساعد بيئتك أكثر ما تساعد كل الشعب اللبناني، جوابي أنّ هذه البيئة هي المُستهدَفة وهي المتصوّفة وهي المضروبة وهي المهددة وهي التي دفعت الأثمان أكثر من أي فئة أخرى في الشعب اللبناني، وإن كل الشعب اللبناني دفع الثمن، هنا لا يمكننا أن نبعّض الملف، لكن نذهب الى الأولويات قليلاً.
طبعاً هذه البيئة نحن بجانبها، بعد حرب تموز تحدثنا بالتفصيل ما يمكن أن نفعل من خلال الدولة ومن خلال الإمكانات المباشرة ومن خلال صداقاتنا وعلاقاتنا، وهذا مشهود لتستطيع هذه البيئة أن تصمد أكثر الى ما شاء الله. وإن كان نحن رهاننا أو نقطة قوتنا في بيئتنا هو على الخلفية الايمانية والعقائدية والأخلاقية والإنسانية بالدرجة الأولى، وهذا ما يجعل وجود استعداد عالي للتضحية وللصبر، وثانياً القناعة والوعي، يعني مثلاً هناك بعض المسؤولين اللبناني من أخصامنا ويتكلم كلاماً محقاً صحيح، يقول المشكلة ليست فقط مشكلة حزب الله، مثلاً في الجنوب عليك أن تُقنع أهل الجنوب أن تسلّم سلاحها المقاومة، أهل الجنوب المقاومة بالنسبة لهم ليست عبء، المقاومة بالنسبة لهم هي درع وأمان وأمن وضمانة وهي حماية وكرامة، الموضوع ليس فقط موضوع معنويات، كل الناس تعرف أنّ هذه المقاومة التي الأميركان يأتون ليقولوا سنُدفعكم ثمنها، لولا هذه المقاومة أين كانت أرضنا وخيراتنا وأمننا وكرامتنا وأعراضنا وأسرانا ورجالنا ونساؤنا، من 48 لل2000؟ إذاً الخلفية الايمانية تعطي صبر، الوعي، فهم الخيارات وإدراكها، أنا أعرف بعض علماء الدين، تعرف نحن عندنا علماء تقليديين كلاسيكيين لا يدخلون كثيراً في الموضوع السياسي، وبعضهم تقليديين الى حدّ أنّ كل هذا المسار لنا ربّما عندهم ملاحظة عليه، أنا كانوا يلتقون معي، حين كنت ألتقي بالناس، كبار في السنّ، يقولون لي انظر سيّد، إذا تسلّم سلاح المقاومة، تعرفون بعد 2005 صار جو سلاح المقاومة وكذا، إذا تسلّم سلاح المقاومة نحن نصعد الى المنابر ونتّهم بالخيانة، هؤلاء العلماء لا علاقة لهم بالمقاومة ولا في حياتهم أصدروا بيان تأييد مقاومة، قلت لهم هذا يسعدني هذا الكلام ولكن لماذا؟ قالوا نحن بدون مقاومة هذا الوُجود يُمسَح.
ترون العالم العربي، ترون العالم الإسلامي، ترون الدول، الفلسطيني لولا عنده بعد بعض الصمود في غزة لسقطت القضية الفلسطينية، وبعض الإرادة في الضفة وبقية فلسطين ومخيمات الشتات. هذا الشعب اليمني الذي يقاتل تجاوز 2100 يوم، لولا عنده إرادة قتال وسلاح ليقاتل، ماذا كان مصيره؟ الناس عندنا يعرفون هذا الأمر. هذه نقطة القوة.
فوق ذلك لا يمكن أن نقول نحن فقط نتّكل على الخلفية الايمانية وعلى الوعي وخلاص، لا، نحن نبذل جهد في الليل والنهار، مؤسساتنا ووحداتنا وتشكيلاتها وتنظيمنا وناسنا وجمعياتنا أنّ هذه البيئة كم يمكننا أن نساعدها وتصمد معنا.
حين جرى حادث المرفأ مثلاً نحن حاولنا أن نساعد، هذه نقطة وإن طال الوقت عليها لكن يجب أن نتحدث بها، حاولنا أن نساعد لكن مُنعنا من المساعدة، أنا أضرب مثال، أنا أعلنت لكن سبقوني اتّحاد بلديات الضاحية، ناس في الجنوب، ناس في البقاع، جمعيات، عائلات، أنه عندنا بيوت، أصحاب فنادق أنّ الناس الذين هُجروا من بيوتهم غير قادرة أن تسكن بيوتها فليأتوا أهلاً وسهلاً، عندنا بيوت وعندنا أماكن، فنادق بكاملها أعلنت، ولا أحد جاء، لماذا؟ لأنه عُمل على العصب الطائفي والمذهبي. في الوقت الذي كانوا شباب من الضاحية والجنوب والبقاع ومناطق أخرى في بيروت يرفعون أشلاء وحطام ويعرضون أنفسهم للمخاطر كان يخرج بعض الزعماء المحسوبين مسيحيين يقول أين أنتم لم نرَكم ويطلق خطاب تحريضي.
أنا كنت أتمنى لو كان الظرف المالي لنا شبيه بال2006 كنت أنا أذهب الى إيران، لكن حتى في إيران هذا الموضوع غير متيسّر، وأن نقوم بموضوع المرفأ كما فعلنا بعد الحرب، لكن هذا الموضوع لم يكن متاح، كان دونه له علاقة بالامكانات وله علاقة بالعقد، وإلّا الناس الذين تشردوا وهدمت بيوتهم واستشهدوا وجُرحوا في المرفأ هم أيضاً ناسنا وأهلنا، لا يفرقون عن أي أحد في المناطق الأخرى، وكل شيء نستطيع أن نساعد به نحن نحاول المساعدة، لكن أحياناً كيف؟ يعني ما المدخل والطريقة؟ المدخل والطريقة كان عن طريق الدولة لأن بالمباشر يوجد مشكلة والتباسات، عن طريق الدولة فالدولة مرتبكة.
مثلاً نحن تحدثنا مع الإخوان في إيران قالوا نحن جاهزون، حديد، ألمنيوم، ترابة، زجاج، أشكال وأنواع مختلفة، نُحضر بالبواخر الى لبنان، لبنان مرتبك، لأنه لاي وجد سابقة، لا يوجد إدارات دولة تستطيع أن تأخذ حديد وزجاج وترابة وكذا وتعرف تعمل في مشروع من هذا النوع. في لبنان الدولة كلّ مشروعها في المساعدة تعطي المال، ولذلك الإرباك الذي ما زال قائم في إعمار هذه المناطق.
الآن، حضرت دول أخرى تريد أن تعمل من خلال الجمعيات الأهلية، إن شاء الله سنرى ماذا سيحدث.
إذاً، موضوع البيئة نحن ما نقدر عليه سنكمل به، في موضوع الشعب اللبناني أيضاً ما نقدر عليه سنكمله. نحن نعتقد أن الوضع القائم حالياً، طبعاً لنستطيع أن نتساعد كلنا به هذا يحتاج لحكومة ودولة، هذا لا يمكن لحزب أن ينهض به، حتى في بيئتنا هل الحزب يستطيع أن ينهض بهذه البيئة بمعزل عن الدولة؟ لا يقدر. والدولة عندها خيارات، المشكلة في لبنان أستاذ غسان هي مشكلة خيارات، يعني عندما تحدثنا عن الاتّجاه شرقاً، هذا خيار، روسيا والصين، لا أحد مستعجل، بصراحة يعني، في لبنان يوجد قلق شديد أن تذهب بخيار إقتصادي وينقذ لبنان، هذا ليس شعار، هذا كان له تفاصيله وأرقامه ومعطياته، مع الصين، الآن دول آسيا في تلك المنطقة، هذه القمة التي غاب عنها ترامب، أنشؤوا منظومة طويلة عريضة عشرات الدول وقطب الرحى بها الصين وتجاوزوا الأميركان، لماذا؟ لأن مصالحهم، وهناك دول صديقة وحليفة للولايات المتّحدة الأميركية وتجاوزت هذا الموضوع. ونحن في لبنان الناس خائفة، خائفة أن تذهب الى الصين، أفهم أنها تخاف الذهاب الى إيران، نحن عندما عرضنا قصة أن نُحضر من إيران نفط وغاز وفيول ومازوت ومشتقات نفطية وبالليرة اللبنانية، مَن يأخذ هذا القرار بالدولة اللبنانية؟ مع أنّ هذا يوفّر مليارات الدولارات عملة صعبة على لبنان، لكن يوجد خوف وقلق. أريد القول أنه يوجد خيارات، اليوم مثلاً نتابع مع العراق، جيّد، هناك فكرة طُرحَت ويعملون عليها، ولا أعرف إن وصلوا الى نتيجة أو لا، كان هناك نقاش مع العراق أنّ المال الذي ستأخذه مقابل النفط الذي تعطينا إياه خذ به بضائع، وممكن الجماعة أن يقبلوا، عندنا محصول زراعي ضخم، عندنا محصول صناعي ضخم، بالعكس هذا يفتح باب أنك أمّنت سوق للزراعة والصناعة لكن مَن يتابع جدّياً؟
هنا نأتي الى أننا عندنا مشكلة الدولة وإدارة الدولة وإدارة السلطة لهذا الملف الذي نحاول مع القوى السياسية الأخرى أن نصل فيه الى محلّ.
غسان بن جدو: سماحة السيّد ونحن في نهاية العام 2020 وبداية ال2021، طبعاً نحن لن ندخل في بزار التنجيم ولكن أيضاً التوقعات، في ما يتعلق ب2021 كيف ترى ملفات المنطقة؟ هل مع مجيء بايدن يمكن أن تحسم مفاوضات إيرانية أميركية كما يُقال كثير من الملفات؟ عندما نتحدث عن المشكلة اللبنانية يُقال نحن ننتظر مفاوضات إيرانية أميركية، المشكلة اليمنية نتظر مفاوضات إيرانية أميركية، المشكلة البحرينية الشعب البحريني يستحق أيضاً التحية والاحترام والتقدير وهو آخر الشعوب المناضلة التي تقف ضد التطبيع، ونحن بالمناسبة في ذكرى انتقال الشيخ علي سلمان، وأنا أتحدث عن الشيخ علي سلمان ولكن أتحدث عن كل قوى المعارضة والقوى التقدمية والقومية واليسارية هناك، في اليمن بلا شكّ كما قلت، أنه نحلّ مشكلة اليمن بمفاوضات أميركية إيرانية مع بايدن الجديد. ماذا تقول سماحة السيد؟
السيّد نصرالله: حتى تصبح القراءة صحيحة للتوقعات الآتية هناك خطأ موجود عند كثير من الأعداء وكثير من الأصدقاء وأيضاً في الرأي العام، مثلاً في لبنان يُقال الحكومة تنتظر مفاوضات أميركية إيرانية، لا أساس لهذا الكلام. وقف الحرب على اليمن ينتظر مفاوضات أميركية إيرانية، حل مشكلة البحرين أيضاً تحية للعلماء والقادة والرموز والشباب والصبايا في السجون في البحرين والمشردين من البحرين والمهجرين منها، أن هذا ينتظر المفاوضات، صورة المنطقة تنتظر المفاوضات. هنا يوجد التباس كبير وخطأ، إذا أحداً ما ينتظر هكذا أمر فهو ينتظر شيئاً لن يحصل لأنهم لم يحصل في الماضي.
دعني أتحدث في الجانب الإيراني، عندما جرت المفاوضات في فيينا على الاتّفاق النووي كان هناك خمسة زائد واحد يتفاوضون مع الإيرانيين، الأميركان كانوا مصرين على تنزيل ملفين الى طاولة التفاوض، ملف الصواريخ البالستية وملف المنطقة، الإيرانيون لم يقبلوا أنا يناقشوا، طبعاً هذا موقف سماحة القائد والمسؤولين في إيران، لا ملفّ المنطقة ولا ملف الصواريخ، أننا نتفاوض نووي فنتكلم فقط نووي. طبعاً يوجد حكمة في هذا الموضوع، أنا هنا يهمني ملف المنطقة، ملف الصواريخ ملف إيراني، مع العلم أنّ أي دولة ثانية تعرف أنه حين يوضَع ملف المنطقة وهي عندها صداقات ونفوذ واحترام يعني يوجد محل يمكنها أن تبيع وتشتري به مع الأميركان لمصلحة الملف النوي، كما كان يظنّ بعض الأغبياء في لبنان وفي منطقتنا العربية، أنّ هذه العملية، هذه الحادثة، هذا الموقف، هو لتحسين موقف إيران في المفاوضات النووية، كان معروض على إيران أن تفتح ملفات المنطقة لتحسين موقعها التفاوضي في الملف النووي ولكنها رفضت بالمطلق، لماذا؟ لأن الموضوع له علاقة بالمنهجية، له علاقة بالأصول، بالقواعد التابعة لهم، هذه دعني أشرحها قليلاً، لأنها فكرة مركزية لكل واحد يريد أن يقرأ ويحلل ويستطلع ويتوقع للسنة القادمة وكل السنوات الآتية، لأن إيران اليوم قوة إقليمية عظمى ومحور أساسي في المنطقة.
الإيراني يختلف عن الأميركي وعن غيره، وعن بعض الدول التي تحاول أن تمسك ملفات هنا وهنا لتفاوض بالنيابة وتفتح تجارة وسوق بيع وشراء بالاستفادة من هذه الملفات. إيران ليست هكذا، سأعطي شواهد، يعني أقول الفكرة وأقول شواهدها.
إيران لم تكن في يوم من الأيام وليست في وارد أن تفاوض بدلاً عن أحد وفي ملفّ أحد، يعني مثلاً نأخذ اليمن الذي يُقال أنه ينتظر مفاوضات، إذا الآن الأميركان والعالم كله يأتي ويقول يا إيران تعالي لنتفاوض معكم على الملف اليمني، الإيراني يقول أنا لا شيء عندي للتفاوض على الملف اليمني، ملف اليمن إذا أردت أن تفاوض به فاوض اليمنيين، تحدث مع اليمنيين وفاوضوهم وحرروهم واذهبوا معهم الى نتيجة، أنا لست مُفوَّض ولا مخوَّل ولا مسؤوليتي أن أفاوض عنهم، فضلاً أن أفاوض لمصلحتي وليس لمصلحتهم، أو مثلاً في الملف العراقي أو في الملف اللبناني أو في الملف السوري أو الفلسطيني أو البحريني أو أي شيء، هذه الفكرة الأساسية. إيران الجمهورية الإسلامية لم تفعل ذلك وليست في وارد أن تناقش ملفات شعوب المنطقة ودول المنطقة مع الأميركيين أو غيرهم بالنيابة عن شعوب ودول المنطقة، أبداً، هي ليست في هذا الوارد، وليست في وارد أن تبيع وأن تشتري على حساب دول وشعوب المنطقة.
الشواهد، مثلاً أول ما استقال مندوب الأمم المتحدة في موضوع اليمن وعُيّن مندوب جديد بريطاني، الأوروبيون يريدون المساعدة، المندوب بريطاني، فشكّلوا لجنة أوروبية فيها بريطانيا، فرنسيا، ألمانيا، وربّما فيها دول أخرى، إيطاليا ربّما موجودة في اللجنة، كيف يمكننا أن نساعد في هذا الموضوع، ظهر معهم كما تركيبة العالم، مَن هي الدول التي يمكن أن يكون لها احترام أو نفوذ أو مَونة أو ما شاكل على أنصار الله وعلى سماحة السيد عبدالملك الحوثي وما شاكل؟ إيران، فتعالوا لنتحدث مع إيران، وتعرف يوجد مصالح كبيرة وملفات معقدة بين إيران والدول الأوروبية، وإيران مصلحتها أن تضع ملفات وتتحدث مع الأوروبيين. يكون الجواب الإيراني، القرار الرسمي النهائي، دون التحدث عن آليته ومَن وكيف، أنّنا غير معنيين أن نفاوض عن اليمنيين، ولا نأخذ قرار عنهم، ولا أن نقوم بحلّ لليمنيين بالنيابة عنهم، أولاً نسأل قيادة أنصار الله، نقول لهم يوجد هكذا عرض، إذا أنتم ترون من المناسب، لا تقولوا لا مانع، تقولون نحن نجد مصلحة ومفيد لنا أن تكونوا أيها الإيرانيون في إطار حوار تفاوضي من هذا النوع هذا يكون جيداً نحن لا مانع لدينا، ويكون المندوب الذي سيدخل الى هذه اللجنة يخدم مصلحة اليمنيين ولا يريد الاستفادة من الملف اليمني لحلّ تعقيدات لها علاقة بالملف اليمني.
أضرب لك مثال آخر في العراق، العالمي كله يتمنى الجلوس مع الأميركان..
غسان بن جدو: لكن ماذا حصل في اليمن؟
السيّد نصرالله: الذي حصل فعلياً أنّ الإخوان اليمنيين أجابوا أنه لنا مصلحة لأنّ هذا يعطي دفع للأمم المتّحدة أن تقوم بحلول، لكن عملياً لم تمشِ الأمور، صارت لقاءات وحوارات ونقاشات وتبادل أفكار لكن لم يصلوا الى محل. واضح أنّ الأمم المتحدة باردة وبطيئة وغير جادة في معالجة هذا الملف.
أضرب لك مثال آخر في العراق، كل العالم في العراق وخارج العراق يريدون الجلوس مع الأميركان يتفاهمون معهم، مَن يلحق إيران ليتحدث معها في العراق؟ الأميركان. مثلاً في 2008 كان لا يزالون 150 ألف جندي وضابط عسكري، الأميركان كانوا مصرين أن نجلس ونتحدث مع الإيرانيين في الملف العراقي، والإيرانيون يرفضون، لاحقاً نتيجة الإلحاح كان القرار هو التالي، تحدثوا مع العراقيين أنفسهم، كان وقتذاك الحكومة الأولى للسيد المالكي، تحدثوا مع العراقيين أنفسهم إذا وجدوا أن هناك مصلحة للعراق أن نجلس مع الأميركان نتحدث في شيء يساعد العراق نحن لا مانع لدينا لكن عندنا شرط، عندنا شرطين، الشرط الأول، هذا كله كان يتابعه الحاج قاسم سليماني، الشرط الأول أن يكون اللقاء بحضور الوفد العراقي، والشرط الثاني أن يكون اللقاء علني، لماذا في حضور الوفد العراقي وعلني؟ حتى لا أحد يخرج في مكان في العالم ويقول الإيرانيون والأميركان يتفاوضون على حساب مصالح الشعب العراقي ومصالح العراق، وبالتالي التفاوض علني وفي حضور عراقيين وفقط عراق، لا تتحدثون بأي شىء آخر، وصارت عدة جلسات علنية وانتهى.
مثلاً لبنان، دائماً 2005، نحن لم نكن قد دخلنا الى الملفات الداخلية كثيراً، في 2005 يوجد أزمة في لبنان، لم يبقَ أحد إلا وتدخل فيها، أوروبيون وعرب وكذا، كل واحد يتحدث مع إيران يقولون له تحدثوا مع اللبنانيين، أنتم تمونون على حزب الله إذاً تحدثوا الى حزب الله، أكبر خدمة تقدمها إيران لهم أن تفتح لهم خط مع حزب الله، يأتون ويتحدثوا معنا. لكن إيران تفاوض عنّا وتطرح أفكار وتأخذ وتعطي عنّا، هذا غير وارد.
في سوريا من أول يوم أنا تحدثت في سياق المقابلة أنه حتى من أجل التسوية والحل السياسي إذا إيران أرادت الاتّصال مع أفراد المعارضة عليها أن تكون بعلم وموافقة الرئيس الأسد، وليس أنها تذهب وتقوم بمسار تفاوضي وتفرضه على القيادة السورية أو الشعب السوري.
في الموضوع الفلسطيني أيضاً أوضح وأوضح لأن هذا غير قابل للمقاربة لا من قريب ولا من بعيد.
إذا كانت هذه منهجية إيران، هذه عقلية إيران، القيادة الحالية في الجمهورية الإسلامية، عقلية النظام، ماذا تنتظرون أنه في 2021، انتظر قدرما تشاء، لن يكون هناك تسوية أميركية إيرانية في المنطقة هذا لا محل له، إذا أحداً ما ينتظر أي ملف من ملفات المنطقة تفاوض إيراني أميركي فإيران ليست حاضرة لأن تلعب هدا الدور أو تقوم بوظيفة من هذا النوع.
ولذلك إذا أردنا أن نسأل عن مستقبل المنطقة علينا أن نسأل عن أمرين، عن الإدارة الأميركية الجديدة كيف ستتصرف، كما ترامب، كما قبل ترامب؟ ما المنهجية التي ستعتمدها؟ مثلاً في اليمن يوجد قرار جدي لوقف الحرب في اليمن؟ ما آلياته وكيف يمكن الوصول لهذا الموضوع؟ هذا لا علاقة له بتسوية إيرانية أميركية، في بقية ملفات المنطقة الأمر نفسه. الإدارة الأميركية كيف ستتصرف، من جهة أخرى شعوب ودول المنطقة كيف ستتصرف، ستجمد، ستقف، ستقاوم، ستستسلم، ستنهار؟ هذا ما يرسم صورة المنطقة في العام الجيد وفي الأعوام المقبلة.
غسان بن جدو: شكراً لكم سماحة السيّد، أعود وأقول شكراً على وقتكم وشكراً على أنكم وافقتم أن تطلوا بكل هذه الضغوط الموجودة وخصوصاً أيضاً في الوضع الصحي، ربّما بعض المشاهدين انتبهوا أنّه عندي بعض السعال في آخر الحلقة، أنا أريد أن أطمئنهم الوضع الصحي جيّد، هم خائفون عليك طبعاً وليس عليّ، قمت بالفحص وثمّ سماحتك، نحترم التباعد بالكامل، حتى أنا أؤكّد للمشاهدين أنني محترم للتباعد وحتى في الكواليس.
نحن وصلتنا حقيقةً آلاف الأسئلة سماحة السيد وأنا إن شاء الله أحضرها لك فقط للإطّلاع بطبيعة الحال، هناك سؤال طريف لفتني، هل ستأخذ اللقاح؟
السيد نصرالله: والله لم أفكر في ذلك.
غسان بن جدو: هم في الحقيقة سألوا عن اللقاح الأميركي؟
السيّد نصرالله: لا، اللقاح الأميركي أكيد لا.
غسان بن جدو: لكنك لم تفكر بعد إن كنت ستأخذ اللقاح.
السيّد نصرالله: في هذا الموضوع لم نفكر، لم نناقش، ثمّ في نهاية المطاف أنا عادةً في الأمور التخصصية أعود الى أهل الاختصاص، يوجد دكاترة أثق بهم أأتمنهم على صحتي وعلى حياتي أسألهم، إذا أهل الاختصاص أيّدوا نتّكل على الله، إذا لم يؤيّدوا، هذا موضوع لا هو سياسي ولا عقائدي، هو موضوع صحي بحت، أهل الاختصاص هم يقولون خذ أو لا تأخذ، خذ هذا ولا تأخذ ذاك، ونحن نسمع لهم ونطيع.
غسان بن جدو: شكراً لكم سماحة السيد حسن نصرالله على وقتكم وعلى ثقتكم.
شكراً لكم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة والى حوار عام آخر بإذن الله، إذا أعطانا الله العمر، في أمان الله.