معركة أولي البأس

لبنان

الحريري عاد مجدّدًا للمرواغة ولا تقدم في مسار تأليف الحكومة
24/12/2020

الحريري عاد مجدّدًا للمرواغة ولا تقدم في مسار تأليف الحكومة

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على آخر مستجدات ملف الحكومة، وبعد الأجواء التي أشيعت عن التقدم في مسار تأليفها قبل رأس السنة، يبدو أن الرئيس المكلف سعد الحريري عاد مجدّدًا لإتباع أسلوب المراوغة في عملية شراء للوقت، تظهره راغباً في التأليف ومستميتاً في سبيله، فيما هو فعلياً ينتظر جلاء الصورة في واشنطن بعد التسليم والتسلّم بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن، في الـ20 من الشهر المقبل.

"الأخبار":  الرئيس المكلّف مستمرّ بالمناورة: لا حكومة قبل رحيل ترامب؟ حقيبتان من الحريري للقوات

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنه لم يخرج لقاء أمس بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري بغير ما كان متوقعاً، نظراً الى الهوّة الواسعة التي تفصل بين موقفي الطرفين. على المنوال نفسه الذي اتبعه الحريري منذ تسميته سارت الأمور: بعد غياب، يلجأ الى الوساطات. يزور رئيس الجمهورية حاملاً تشكيلة مفخخة غير قابلة للحياة، ويُشيع أجواء إيجابية مخادعة. وحينَ «ينكشف» يعلّق التعطيل وتطيير «التفاهم» على شمّاعة جبران باسيل، ويتهم، كما نقلت مصادر وادي أبو جميل أمس، «وطاويط القصر بالتحرك ليلاً لتعكير الجو والإعداد لجولة جديدة من التعقيدات». هكذا، تراجع الرئيس المكلف أمس عن «عيدية الحكومة» التي وعد بها أول من أمس، في ما بات واضحاً أنه عملية شراء للوقت، تظهره راغباً في التأليف ومستميتاً في سبيله، فيما هو فعلياً ينتظر جلاء الصورة في واشنطن بعد التسليم والتسلّم بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن، في الـ20 من الشهر المقبل. وهو لذلك «يختلق أعذاراً ويتمسّك بصورة غير منطقية بحقيبتي الداخلية والعدل معاً، ويحتكر تسمية الوزراء المحسوبين عليه من دون أي رغبة في إشراك الرئيس في الأسماء، ويصرّ على تسمية وزراء مسيحيين، ويشترط أن يوافق مسبقاً على الأسماء التي يطرحها رئيس الجمهورية»، وفق مصادر مطلعة على مفاوضات التأليف، مشيرة الى أن الأمر «لم يعد يتعلق بوحدة المعايير، بل في عدم وجود أيّ معايير للتأليف من أساسه».

في اللقاء الذي عُقد عصر الثلاثاء، كانَ الحريري حاسماً في رفضه «التنازل» عن حقيبتيْ الداخلية والعدل، عارضاً مكانهما وزارات خدماتية أخرى. وبما أن فرنسا تصرّ على أن «تسمّي» وزيري الطاقة والاتصالات، وأن وزارة الأشغال ستكون من حصّة الشيعة، اعتبر رئيس الجمهورية أن ما يعرضه الحريري لا يساوي ما سيحصل عليه هو، خصوصاً أن من بين الأسماء التي اقترحها الحريري لتولّي وزارتي الطاقة والاتصالات لبنانيين يحملان الجنسية الفرنسية وينتميان إلى حزب القوات اللبنانية! وهو الأمر الذي رفضه عون، مشيراً إلى عدم إمكانية إعطاء حزب من المعارضة وزيرين، فضلاً عن أن ذلِك يُعطي الحريري الثلث المعطلّ، علماً بأنه لا يملِك أكثرية نيابية. ومن بين السيناريوات التي تردّد أنها كانت موضع نقاش أيضاً، إعطاء 6 وزراء مسيحيين لعون، مقابل التفاهم على وزير مسيحي في الداخلية، على أن تكون الخارجية من حصّة الدروز.
رغم الجوّ المشحون، خرج الحريري مُصرّحاً بقرب ولادة الحكومة قبل عيد الميلاد، قبلَ أن يتّضح الموقف بعد اللقاء الثاني الذي جمعه أمس برئيس الجمهورية، بأن «لا حكومة». كلام الحريري بعد انتهاء اللقاء كانَ واضحاً في هذا الاتجاه، عازياً ذلك الى أسباب «معروفة». وعادَ الحريري الى نغمة قديمة بالحديث عن تأليف حكومة اختصاصيين، قائلاً: «ما حدا يخبركن إنو ما فينا نوقّف الانهيار. ولكن نحن نحتاج إلى حكومة من اختصاصيين كي نوقف هذا الانهيار»، وكأنه هو من خارج المنظومة السياسية. وشدّد على أن «الإسراع في تشكيل حكومة، هو الأساس. ونحتاج إلى أشخاص نستفيد منهم لمصلحة البلد. ربما نتأخّر في تشكيل الحكومة. وهذا الأمر يشكل ضغطاً على البلد. ولكن الرئيس عون وأنا حريصان على تشكيلها».

وتُشير مصادر مطلعة على لقاء أمس إلى أنه «كانَ مُخيّباً»، وأن الحريري كان «يعلم أن لا تقدّم سيحصل، وأن ما يطرحه لا يُمكن أن يلقى قبولاً عند عون»، خصوصاً أن «العقد الأساسية المتمثلة في حقيبتيْ الداخلية والعدل بقيت على حالها». وعلمت «الأخبار» من مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات أن الحريري لا يزال يبعث برسائل غير مباشرة الى المعنيين بضرورة التدخل لدى باسيل «لكفّ يده عن ملف الحكومة». واختصرت المصادر حصيلة لقاء أمس بالقول: «عدنا الى المربّع الأول»، فبعدَما «كانَ البحث محصوراً بين الداخلية والعدل، أبلغ الحريري المعنيين أن عون عاد ليُطالب بالثلث المعطّل، أي الداخلية والعدل والطاقة والاتصالات والدفاع»، فيما رئيس الحكومة المكلف «ليس في وارد التنازل».
مصادر بعبدا استغربت الأجواء التي عمّمها فريق الحريري، مشدّدة على أن «الرئيس عون طرح منذ بداية البحث في موضوع تأليف الحكومة ضرورة توافر معايير واحدة في التأليف، في حين أن التشكيلة التي عرضها الحريري لم تكن تتوافر فيها هذه المعايير، ولا سيما من خلال التمسك مثلاً بوزارتي الداخلية والعدل اللتين لا يُمكن أن تكونا من حصة فريق واحد». وأكدت أن الرئيس عون لم يطرح حزبيين لتوزيرهم، بل إن الأسماء التي اقترحها هي مجموعة من الاختصاصيين والمستقلين الذين تتوافر فيهم الكفاءة والخبرة».


"النهار": فشل الجولة الميلادية والحكومة الموعودة الى 2021

بدورها، صحيفة "النهار" رأت أنه لعل المفارقة المؤسفة التي برزت امس تمثلت في ان نقطة التوافق الوحيدة التي قدمها الاجتماع الرابع عشر على مسار تأليف الحكومة كان في التقاء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على شفافية الاعتراف المشترك بتعثر مسعى تقديم الولادة الحكومية هدية ميلادية للبنانيين، بل راحا أبعد في تأكيد استمرار خلافات وتعقيدات حالت دون ولادة حكومية تحاكي حلول العيد. وعلى وعد مبدئي جديد بان تكون الولادة بعد رأس السنة الجديدة، بدا واضحا ان التعقيدات لا تزال تتزاحم على حجم واسع وتتصل بامور جوهرية في تركيبة الحكومة اقله كما يراه كل من فريق العهد من جهة والرئيس المكلف من جهة مقابلة. واذا كان الرئيس الحريري تحدث بصراحة عن الحاجة الى إعادة ترميم ثقة اهتزت بقوة وعمق طوال مدة تتجاوز السنة، فان المعطيات المتجمعة عقب الاجتماع الرابع عشر بين الرئيسين عون والحريري منذ التكليف قبل شهرين تؤكد ترحيل تأليف الحكومة الى ما بعد رأس السنة 2021 ربما لفترة طويلة. وبدا واضحا ان أم العقد التي اصطدمت بها المحاولة المتقدمة التي قام بها الرئيس الحريري لاستعجال تأليف الحكومة قبل عيد الميلاد كمنت في عدم التوصل الى توافق بينه وبين الرئيس عون على مسألة حقيبتي الداخلية والعدل في المقام الأول كما ان ثمة تعقيدات أخرى لم تحل ولو انها اقل أهمية من الأولى. وإذ بات في حكم المثبت والنهائي ان “جولة” اللقاءين الثالث عشر والرابع عشر أدت الى حجب الثلث المعطل تماما عن مجريات التأليف، فان عدم التوافق على الداخلية والعدل وكيفية توزيع الحقائب الأخرى هو ألذي اشاع في اللقاء الأخير أجواء متوترة ترجمت بعدم تجاوز اللقاء مدة ساعة ومن ثم تجدد السجالات ليلا بين القصر الجمهوري وبيت الوسط.

بيت الوسط : وطاويط القصر

وبرز المناخ المشدود الذي طبع اللقاء الرابع عشر برز بقوة من خلال تأكيد مصادر بيت الوسط ان المعلومات التي سربت من قصر بعبدا قبل زيارة الرئيس الحريري اشاعت مناخاً سلبياً عن نتائج الاجتماع قبل حصوله. وقالت ان الاجواء الايجابية التي عكسها الرئيس الحريري اول من امس كانت بطلب مباشر من الرئيس عون الذي تمنى عليه التصريح بوجود ايجابيات يتم العمل على استكمالها، غير ان “وطاويط القصر” تحركت ليلاً لتعكير الجو والاعداد لجولة جديدة من التعقيدات، على جري عادتها منذ التكليف.

ونبهت المصادر الرأي العام اللبناني من محاولات تزوير الحقائق التي يمارسها بعض المحيطين والمستشارين والمتخصصين بفتاوى التعطيل السياسي والدستوري،

وقالت ان الرئيس الحريري لم ولن يتراجع عن موقفه الذي اعلنه قبل التكليف وبعد التكليف بوجوب ولادة حكومة من الاختصاصيين تتصدى للاصلاحات في القطاعات كافة ووقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي، وان محاولة لفرض حكومة تتسلل اليها التوجهات الحزبية لن يكتب لها النجاح مهما حاولوا الى ذلك سبيلا.

بعبدا: تفرد

وردت مصادر قريبة من رئيس الجمهورية لاحقا فقالت ان لا توازن ولا عدالة بتوزيع الحقائب على الطوائف في التشكيلة التي قدمها الحريري. وقد حاول الرئيس عون اكثر من مرة ان يطالب بالتوازن واعتماد معيار واحد لكن الحريري متمسك بموقفه. كما انه يطالب بحقيبتي العدل والداخلية اي بمعادلة الأمن والقضاء في وقت لا يمكن لفريق واحد ان يكون ممسكاً بالحقيبتين معاً نظراً لتداخل الامن والقضاء. واضافت هذه المصادر ان الحريري حاول التصرف وكأنه يؤلف على طريقة one man show وهذا ما يضر بالشراكة التي ينصٌ عليها الدستور، كما يكرٌس اعرافاً جديدة تناقض نص المادة 53 من الدستور التي تقول إن الحكومة تشكل بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وشددت هذه المصادر على إن رئيس الجمهورية لم يعارض ان يكون الوزراء متخصصين وغير سياسيين ومستقلين والاسماء التي طرحها خلال النقاش الذي امتد على جلسات عدة غير حزبيين وهم من الاختصاصيين. واعتبرت انه من غير المنطقي ان يدير الحكومة شخص واحد لان ذلك مناقض لمعادلة الشراكة الوطنية.

واستغربت المصادر التسريبات التي صدرت عن بيت الوسط بعدما شاعت اجواء عقب الاجتماع عن استمرار المشاورات بين الطرفين لمصلحة تشكيل الحكومة فإذا بهذه التسريبات وكانها تنسف كل ما تحقق من تقدم في عملية التشكيل”.

“ليس في قصر بعبدا وطاويط بل العمل في القصر يتم بوضوح وامام الملأ وليس فيه غرف سوداء لان هذه الغرف يديرها من لا يريد للبنان الاستقرار السياسي والتوازن الوطني”.

الحريري

كنت أتمنى لو كانت هناك حكومة قبل حلول موعد الأعياد، انما هناك تعقيدات واضحة لا تزال موجودة. وارغب في قول امر وهو انه على رغم الوضوح في المشاكل السياسية، يجب على اللبنانيين الا يستمعوا لاحد يقول اننا غير قادرين على وقف الانهيار الذي يحتاج الى حكومة لكي توقفه، مؤلفة من اختصاصيين للسير في مشروع الإصلاح الذي يريده فخامة الرئيس وانا وجميع اللبنانيين. ومن هذا المنطلق، أتمنى على الجميع ان يعلموا انني لن اتوقف حتى تشكيل حكومة اصرّ على ان تكون من الاختصاصيين “. وأشار الى “ان الخلاف هو على أمور قد يكون سببها الثقة التي ضاعت خلال الفترة الماضية، والتي يجب علينا إعادة بنائها بين الافرقاء، انما لم يعد هناك من وقت للسياسيين وعليهم ان يعرفوا ان البلد ينهار بسرعة كبيرة، والإسراع في تشكيل حكومة اخصائيين وخبراء يعلمون ما يفعلون من دون تسييس، فلا يهمني معرفة وثيقة بالوزير الذي سيسمى اذ عليه ان يكون تركيزه على الإصلاح وليس على ما يريده سعد الحريري. وحتى لو جئت انا شخصياً وطلبت منه القيام بشيء، عليه ان يجيب بأن هذه المقاربة خاطئة والمطلوب القيام بالإصلاح بطريقة اخرى”.

وأضاف: “أقول للبنانيين انه ربما نتأخر في تأليف الحكومة، وهو يشكل للأسف ضغطاً على البلد، ولكنني ادرك ايضاً ان فخامة الرئيس حريص مثلي، على قيام الحكومة وسنستمر في العمل معاً من اجل ذلك … ولست في وارد عرض التحدي على أي فريق سياسي، انما ادعو الى لحظة تأمل لنا جميعاً، لانه بعد رأس السنة يجب ان تكون هناك حكومة، لان المواطن لا يريد ان يرى سعد الحريري يتوجه الى القصر الجمهوري ويغادره من دون تشكيل حكومة”.

الوباء والأعياد

في سياق آخر تعاظمت المخاوف من الانزلاق الكبير للبنان نحو متاهة كارثية في الانتشار الوبائي لفيروس كورونا وسط التفلت المخيف الذي يطبع السلوكيات العامة في عدم التزام إجراءات الحماية الفردية والجماعية من جهة والتقاعس المقلق للغاية للدولة عن فرض الإجراءات الحمائية من جهة أخرى. وبلغت المخاوف ذروتها عشية عيدي الميلاد ورأس السنة من ان “التهاب” اعداد الإصابات فيما قد يؤدي الى حالة استشفائية كارثية مع امتلاء أسرة غرف العنايات الفائقة الامر الذي سيفرض حتما اللجوء مجددا الى اقفال عام ثالث متشدد للغاية هذه المرة. اذ ان الخوف من الاعداد المتصاعدة للمصابين لم ينتظر حلول الميلاد أولا وسجلت وزارة الصحة امس رقما قياسيا جديدا في الإصابات بلغ 2264 إصابة و22 حالة وفاة . وفي سياق متصل وقع الرئيس عون امس مرسوم نقل اعتماد لشراء لقاحات ضد كورونا من شركة فايزر وسيتولى وزير الصحة إجراءات توقيع الاتفاق مع الشركة المنتجة .

"البناء": خيبة الإحباط من التفاؤل المفرط أسوأ عيديّة سوداء في الملف الحكوميّ يتلقاها اللبنانيّون

أما صحيفة "البناء اعتبرت أنه لم ينعقد اجتماع اول أمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري من فراغ، كي يفاجئ الرئيس الحريري بشروط نسفت التفاؤل الذي بلغ حدّ الجزم بولادة الحكومة قبل عيد الميلاد. فاللقاء هو الثالث عشر بين الرئيسين والعناصر التي يتضمّنها التأليف جرى مضغها ولوكها مراراً بين الرئيسين حتى حفظاها عن ظهر قلب، من العدد إلى التوازن بين الحقائب في ميزان الطوائف والتوزيع السياسي والأسماء، والنقاط التي تحتاج الى تفاهم كي تولد الحكومة أكثر من معلومة، ولا أحد في لبنان وخارجه لا يعرفها. وقبل اللقاء كانت مشاورات تمهيدية بالواسطة عبر موفدين الى بكركي حملوا صيغاً وأسئلة وتلقوا صيغاً مقابلة وأجوبة، فجاء اللقاء على وعود كان المطلوب التحقق منها والبناء عليها، وهذا يعني عندما خرج الرئيس الحريري مبشراً بحكومة قبل عيد الميلاد أن التحقق قد تم وجاء مبشراً وأن البناء على التقدم المحقق قد جرى، وأن الباقي تفاصيل غير أساسية، تم الاتفاق على آليتها، وبالتحديد التوافق على اسمين لوزارتي الداخلية والعدل، على قاعدة عدم إخضاعهما للمحاصصة واختيار شخصيات موثوقة من الطرفين، من ضمن لائحة ولائحة مقابلة يعدها كل من الرئيسين، وربما يكون بينها اسم مشترك أو أكثر.

اجتماع الأمس الذي كان يفترض أن يستكمل ما بدأ اول أمس هو الآخر لم يأت في فراغ. فمنذ نهاية لقاء أول أمس حتى موعد لقاء الأمس لم تنقطع الاتصالات بين بعبدا وبيت الوسط مباشرة وعبر الوسطاء لتبادل اللوائح، قبل أن يحدث تغير مفاجئ أدى إلى انقلاب الأجواء وبدء الحديث عن عدم نضج الظروف لولادة الحكومة، والحديث عن التباعد في النظرة بما يجعل التوافق صعباً رغم النيّات الإيجابية، بما أوحى بأن الفرصة قد ضاعت.

بمنطق الأشياء كان واضحاً أن مصدر التفاؤل المفرط هو الرئيس الحريري بما يعني ثقته بأن التقدم المنشود قد تحقّق، وبالمقابل حرصه أمس، على الإشادة بموقف رئيس الجمهورية في الملف الحكومي أمس مع إعلان الفشل في تحقيق التقدم النهائي، بدا أقرب للاعتذار عن التراجع عن السير قدماً بخيار التأليف، وإلا لكان المنطقي أن يحمّل الحريري شريكه في تأليف الحكومة مسؤولية التعقيد ولو بطريقة غير مباشرة بدلاً من تولي الدفاع عنه وعن حرصه على حكومة من الاختصاصيين، وكأن الكلام ثمن استباقي يسدد كي لا يخرج عن رئيس الجمهورية اتهام معاكس.

مصادر متابعة للملف الحكومي قالت إن تدخلاً خارجياً حدث ليلة أمس، بعدما أعلن الحريري عن تشكيل الحكومة قبل عيد الميلاد حذّر الحريري من المضي قدماً، وأن اثنين من رؤساء الحكومات السابقين نصحاه بالمثل، سواء لجهة مصير حقيبتين الداخلية والعدل، أو لجهة تشكيل الحكومة بما يبدو أنه نتيجة لمبادرة بكركي، أو لجهة التوقيت السياسي الإقليمي والدولي، خصوصاً لجهة المخاطرة بتمثيل حزب الله في الحكومة ولو بطريقة غير مباشرة، قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وإمكانية التسبب بتعريضه ومقرّبين منه للعقوبات الأميركية.

وفق المصادر وحدهما الدولار والمضاربون ربحا من التفاؤل المفرط والمحبِط مع لعب الدولار في السوق بين سعري 8900 و7700 ليرة صعوداً ونزولاً، بينما تلقى اللبنانيون أسوأ عيدية سوداء، كان يمكن أن لا يعيشوا تحت وطأتها لولا التفاؤل المفرط الذي تلقوه بعدما تقبّلوا فكرة أن لا حكومة قبل العام المقبل، وفوق الإحباط تلقى اللبنانيون خسائر في مدخراتهم في سوق الصرف.

ولم يُتوّج اللقاء الرابع عشر بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري بتصاعد الدخان الحكومي الأبيض من بعبدا، فقد عاد الحريري إلى بيت الوسط خالي الوفاض، إلا من تلاوة مبررات وأعذار فشل التأليف من على منصة القصر الجمهوري، عله بذلك يغطي على وعوده المتكررة للبنانيين بأن تكون الحكومة الجديدة عيديّة لهم في عيد الميلاد.

مصادر متابعة لملف التأليف أشارت لـ»البناء» إلى أن «السبب الحقيقي لتأخير تأليف الحكومة هو القرار الأميركي بعدم تأليف حكومة في لبنان إلا وفق الشروط الأميركية وهي:

حكومة من دون مشاركة حزب الله.

حكومة توقع على اتفاقية ترسيم للحدود مع فلسطين المحتلة وفق الصيغة الإسرائيلية.

حكومة تضع الأكثرية النيابية خارج المعادلة بذريعة حكومة الاختصاصيين.

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل