لبنان
حركة سياسية بين بكركي وبعبدا لحل عقد التشكيل ... وتقاطع سياسي لتنحية صوّان
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم، على الوساطة السياسية التي يقوم بها البطريرك الراعي بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون لحل عقد التشكيل الحكومي، كما تطرقت إلى زيارة النائب جبران باسيل إلى بكركي، فيما أشارت مصادر الصحف إلى وجود تقاطع سياسي لتنحية القاضي صوّان عن ملف تحقيقات انفجار المرفأ.
"الأخبار": الراعي لباسيل: لا تتنازل عن حقوق المسيحيين
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الاخبار" إن "أزمة تأليف الحكومة باقية وتتمدّد. ورغم أن أحداً لم يكن يتوقع «معجزة» من الزيارة التي كانت مقرّرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت، لكنها كانَت ستكون عاملاً مُساعداً". مصادر مطلعة أكّدت أن الفرنسيين تواصلوا عشية الزيارة الملغاة مع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في محاولة لفكفكة العقد حول عدد الوزراء وتوزيع الحقائب. إذ يصرّ رئيس الجمهورية على أن ينال حقيبة الداخلية «لأن الحريري يريد أن يعيّن فيها مسيحياً من حصته، ويعتبر عون أنه أولى بتسمية الوزراء المسيحيين». كما يرفض الحريري التنازل للرئيس عن وزارة العدل «بعد الممارسات القضائية لفريق عون في عدد من الملفات». فيما تؤكّد مصادر أخرى أن إصرار الحريري على العدل سببه خشية من فتح ملفات المحاسبة في إدارات ومؤسسات يتولاها مقرّبون منه.
واشارت الصحيفة إلى أنه في ضوء الجمود الذي يغطي مداولات التأليف، زار البطريرك الماروني بشارة الراعي بعبدا أمس، بعد استقباله الرئيس المكلف أول من أمس، في محاولة للتوسط من أجل إحداث ثغرة في جدار التعطيل. وكان لافتاً تصريح البطريرك، عقب الزيارة، بـ«أنني لم ألمس من الرئيس تمسّكه بالثلث المعطل»، مشدداً على ضرورة التفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف".
ولفتت الصحيفة إلى أنه في وقت لاحق، توجّه باسيل إلى الصرح البطريركي. اللقاء الذي دام نحو ساعتين مع الراعي وتخلّله غداء شهد، بحسب المصادر، «نقاشاً معمّقاً» في الملف الحكومي وفي «ضرورة الحفاظ على الشراكة الوطنية». أجاب باسيل، في اللقاء، على استفسارات الراعي، وردّ «نقطة نقطة» على ما حمله الرئيس المكلف إلى بكركي قبل يومين.
في ما يتعلق بعملية التأليف، أكّد رئيس التيار الوطني الحرّ «بالوقائع أن الحريري سمّى الوزراء المسيحيين في التشكيلة التي حملها إلى قصر بعبدا، بما يعاكس تأكيدات الأخير بأن الأسماء التي ضمّنها تشكيلته انتقاها من لائحة قدّمها إليه رئيس الجمهورية في وقت سابق». وشدّد على أن عون «لم يسلّم الحريري أيّ اسم. وهو أتى على ذكر أسماء مؤهّلة للتوزير في معرض اللقاءات مع الرئيس المكلّف، فما كان من الأخير إلا أن اختار بعضها، معتبراً أن الرئيس هو من طرحها». باسيل أشار إلى أن الأمر «لا يتعلق بالأسماء المطروحة، وبعضها قد يكون جيداً، إنما بمرجعية الدستور الذي تنص المادة 53 منه على أن رئيس الحكومة يشكّل الحكومة مع رئيس الجمهورية، لا أن يسمّي رئيس الحكومة التشكيلة ويحملها إلى رئيس الجمهورية للبصم». ولفت أيضاً إلى أن «ما يجري حالياً هو محاولة إزالة صفة رئيس الدولة عن رئيس الجمهورية وتحويله إلى رئيس لجمهورية التيار فقط، عبر حصر الحديث معه بجزء من حصة المسيحيين بدل أن يكون له دوره المحوري، ورأيه في كل الأسماء من كل الطوائف، وفي التوزيع الوزاري، وشراكته الكاملة في التشكيل الحكومي التي لا تقتصر على حصة فحسب. وفي هذا ضرب لمنطق الشراكة ولموقع الرئاسة». كما أن «هناك محاولة لضرب ما ثبّتناه سابقاً من أن لرئيس الجمهورية في الحكومة حصة لا علاقة لها بالحزب الذي يرأسه». وهنا سأل باسيل الراعي: «سيدنا لقد تعبنا كثيراً بعد الطائف لنعيد تثبيت الشراكة، فهل تريدون أن نتنازل عن حقوق المسيحيين؟»، فأجابه الراعي فوراً: «أوعا»!
المصادر نفسها أكدت أن الراعي «كان متفهّماً للوقائع التي قدّمها باسيل، ومتفاجئاً من أنها جاءت مغايرة لما كان الحريري أبلغه به، وهو طلب من باسيل أن يصارح الرأي العام بأن التيار لا يتمسّك بأي حقيبة أو بالمشاركة وأنه لم يطلب الثلث المعطل».
ووفق المصادر، فإن «سؤالاً يشغل بال بكركي مفاده: إذا كان التيار والقوات خارج الحكومة التي يرجّح أن تبقى إلى نهاية العهد، بيد من سيكون الحكم في حال تعذّر انتخاب رئيس للجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟». لذلك، بحسب المصادر، «جرى نقاش مستفيض في أهمية تثبيت المشاركة المسيحية الكاملة في الحكم، وعدم التفريط بما حصّله المسيحيون في السنوات العشر الأخيرة من مناصفة كاملة، بما يمنع العودة إلى ممارسة منقوصة عانوا منها سابقاً، من شأنها أن تطيح بالحقوق وتكرّس أعرافاً بذلوا جهوداً جبّارة للخروج منها».
وليلاً، نُقل عن مصادر بكركي أن «الصيف والشتاء تحت سقف واحد غير مقبول في التأليف، ما يعني أنه لا يجوز طلب لوائح اسمية من بعض الكتل ولا نطلب ذلك من غيرهم».
تقاطع سياسي لتنحية صوّان
من ناحية اخرى، تطرقت صحيفة "الأخبار" إلى تحقيقات مرفأ بيروت، وقالت إن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت أخذ مساراً مختلفاً مع تعليق المحقق العدلي القاضي فادي صوان التحقيقات لعشرة أيام. وهي المهلة القانونية للإجابة عن طلب كف يده الذي قدّمه الوزيران المُدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر «للارتياب المشروع». جمّد صوان كل نشاطه بعدما تبلّغ (وفقاً للأصول) من محكمة التمييز الجزائية، عبر المحامي العام العدلي القاضي غسان الخوري، طلب نقل الدعوى التي يتولاها إلى قاضٍ آخر، بناءً على طلب خليل وزعيتر. وبحسب قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن الطلب يُجيز للمحقق العدلي الجواب عنه خلال عشرة أيام، كما يتيح للقاضي المعني استمرار النظر في الملف في حال عدم صدور قرار عن محكمة التمييز التي يُعدّ قرارها المتعلق ببتّ الطلب غير قابل للمراجعة بأي شكل من الأشكال.
ويُمكن القول إن الملف بأكمله انتقل من كفّة العراك الدستوري على الصلاحيات، إلى كفّة السياسة. مصادر متابعة للملف أكّدت أن «الأيام العشرة هذه ستتخلّلها اتصالات على أعلى مستوى، بهدف تنحية صوان وتعيين قاضٍ آخر محله». وتساءلت ما إذا كان «القاضي جمال الحجار، رئيس محكمة التمييز الجزائية، سيتعرّض للضغوط لقبول دعوى الارتياب»، وخصوصاً في ظل معلومات عن أن «رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري سيطلب إليه ذلك». فيما أشارت مصادر أخرى إلى أن «الحريري ليس بحاجة الى الطلب مباشرة من الحجار قبول الدعوى، فالأخير (المحسوب على الرئيس المكلف) يفهم الجو العام وسيأخذ القرار بناءً على هذا الجو».
هل يضغط الحريري على محكمة التمييز لقبول طلب الارتياب المشروع؟
وأكدت المصادر أن «هناك تقاطعاً سياسياً على تنحية صوان واستبدال قاض آخر به، وهو أمر يتوافق عليه الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، فيما يؤكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير جبران باسيل أنهما لا يقفان وراءه». ورأت أوساط الفريق المتضرر من قرارات صوان أن المحقق العدلي «هو من أوصل نفسه الى هذه النتيجة، لأنه تصرف من موقع الخائف والمرتبك، واتّبع مساراً غير منطقي وخلق إرباكاً كبيراً لم يناسب أي طرف».
"البناء": برّي والراعي يتقاسمان مساعي الإحاطة بالمسار الحكوميّ
من جهتها، لفتت صحيفة "البناء" إلى أن مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة تقول إن مفاوضات غير مباشرة تجري تمهيداً لخلق منصة دوليّة إقليميّة تتيح تبريد الملفات الساخنة، بانتظار حسم الكونغرس الأميركي لرئاسة الرئيس المنتخب جو بايدن في السادس من كانون الثاني، بعد اكتمال عقد الكونغرس بانتخاب عضوين يمثلان ولاية جورجيا سيذهبان لصالح تكريس الأغلبية الجمهوريّة فيه، كما تقول المصادر نفسها، والتبريد وفق المصادر سيبدأ على جبهات اليمن وليبيا، حيث تجري عمليات فك وتركيب سياسيّة وأمنيّة تحضيراً للتفاوض. وتضع المصادر الجدال الدائر حول أشكال وصيغ العودة للتفاهم النووي الإيراني في دائرة التحضير التفاوضي والرسائل المتبادلة، أو ما يمكن توصيفه بالمفاوضات عبر الرسائل، مستبعدة أن يكون هناك خيار آخر غير العودة للتفاهم.
واشارت إلى أنه في الإطار ذاته تضع المصادر الإطار الذي رسمته زيارتا وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد لكل من طهران وموسكو، رغم الجانب البروتوكولي في الزيارتين، ضمن سياق الاستعداد لملاقاة متغيّرات المرحلة المقبلة. وهذا معنى تركيز المقداد وفق المصادر على ثوابت الحلف الثلاثي السوري الروسي الإيراني، بعيداً عن تفاصيل الحل السياسي، والمفاوضات حوله، فما قاله المقداد في العاصمتين الحليفتين لدمشق يؤكد ثوابت من نوع لا للاحتلال ولا للتقسيم ولا للإرهاب، ويقدّمها كإطار للحوار مع الآخرين، وكشروط للحلول السياسية. وهذا يعني القول للأميركيين إن الانسحاب من سورية يجب ان يتزامن مع تفكيك الكانتون الكردي شمال سورية، ويقول بالمثل للأتراك إن دورهم في العملية السياسية مشروط بالانسحاب ومواجهة الإرهاب، مقابل تولي الدولة السورية وحلفائها مهمة تفكيك الكانتون الكردي، بينما في جنوب سورية تمسك واضح بتأييد الحليفين الروسي والإيراني لربط الاستقرار بما هو أبعد من وقف العدوان الإسرائيليّ، باعتبار الأساس للاستقرار سيبقى بالنسبة لسورية مربوطاً بسعيها لاستعادة الجولان.
وقالت "البناء" إن في لبنان محاولة للإفادة من الوقت الضائع دولياً وإقليمياً يقوم بها كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك بشارة الراعي كل من موقعه لحلحلة العقد التي تعترض المسار الحكومي، حيث يسعى البطريرك الراعي لتليين مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الصيغة الحكوميّة التي اقترحها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، فيما يسعى بري لإقناع الحريري بالتخلّي عن تمسّك لفظي بمعادلة لا دور للكتل النيابية في التسمية، فيما لا يمكن واقعياً النجاح بمسعى تشكيل الحكومة من دون الانفتاح على الكتل النيابية ومعاملتها بما يتناسب مع معادلة شراكتها في توليد الحكومة.
وبحسب البناء فإن مصادر مواكبة للملف الحكومي تقول إن ثمة تقدماً مبدئياً تحقق على مسار الملف الحكومي قد يؤسس لزيارة الحريري الى بعبدا، قبل عطلة الأعياد، لكن هذا التقدّم الذي قد يكفي لكسر الجمود ليس كافياً لولادة الحكومة. وتعتقد المصادر أن النصف الأول من الشهر المقبل قد يشهد تسارعاً في المسار الحكومي مع تعافي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون واستئنافه نشاطه من جهة، وتثبيت الدرع الرئاسية الأميركية للرئيس المنتخب جو بايدن، وتقدم مسارات الاستعداد للعودة للتفاهم النووي مع إيران، وليس بالضرورة أن يكون لبنان بحاجة للانتظار الى اكتمال المشهد الإقليمي بعودة التفاهم وفتح ملفات المنطقة على مسارات تفاوضيّة. ولفتت المصادر الى جرعة الدعم التي تلقاها الرئيس الحريري من الجامعة العربية على لسان نائب الأمين العام حسام زكي بعد جولة على المسؤولين قال في ختامها إنه يساند نظرة الحريري لحل الأزمة.
وقالت الصحيفة إنه في الملفات القضائيّة تبريد على الجبهة النيابية القضائية مع التجميد الذي لحق بتحرك المحقق العدلي بانتظار البتّ بدعوى طلب تنحّيه وتسمية محقق عدلي جديد، ووفقاً لمصادر حقوقية فإن التصعيد الذي كان متوقعاً يوم الاثنين في الجلسة النيابية في التعامل مع الملاحقات القضائيّة سيحل مكانه كلام للنواب، بينما سينتظر رئيس المجلس البتّ بالدعوى وجواب المحقق العدلي على رسالة هيئة مكتب المجلس التي طلبت من المحقق العدلي الملفات التي استند إليها في الادعاء لدراستها والبتّ بقرار السير بالادعاء النيابي من عدمه، على قاعدة حصريّة صلاحيّة الملاحقة بالمجلس النيابي.
واشارت البناء إلى أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي واصل مساعيَه على الخطوط الحكوميّة كافة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والريس المكلف سعد الحريري.
وبعد لقاء الراعي والحريري أمس الأول، زار البطريرك الماروني بعبدا أمس، حيث التقى الرئيس عون. وقال الراعي بعد اللقاء «رئيس الجمهورية مصمّم على حضور قداس عيد الميلاد حتى قبل حضوري لدعوته، وتمنيت أن نعيّد بوجود حكومة فلا يجوز الانتظار». واضاف «لم يعد باستطاعة شعبنا التحمل ولا يمكننا الا النظر اليه وهو متعب ويتفرج على جراحه. وهذا سبب أساسي لتشكيل حكومة تتحمل مسؤولياتها وهي من المؤسسات الدستورية التي يجب أن تكون حاضرة». ورأى أن «مهما كانت الأسباب والظروف يجب إيجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة إعمار بيروت».
وبحسب مصادر مطلعة على لقاء الراعي – عون، أن رئيس الجمهورية عرض أمام البطريرك لآخر المعطيات الحكوميّة مؤكداً ضرورة تشكيل حكومة قادرة على الإصلاح والعمل والسير بالتدقيق الجنائي. وأشارت الى ان «الرئيس عون وضع الراعي في أجواء الصيغ التي تم تداولها وأكد أنّ هدفه تشكيل حكومة منتجة وفاعلة تكون باستطاعتها مواجهة الأمور الراهنة داخلياً وإقليمياً». واوضحت مصادر اللقاء أن «البطريرك الراعي تمنى على الرئيس عون أن يستأنف التواصل مع الحريري وقد أبدى استعداده لذلك، وقال الراعي «إذا مطلوب مني شي أنا حاضر»، فيما قال رئيس الجمهورية ألا مشكلة مع الحريري و»يمكننا التواصل في أي لحظة».
كما أشارت المصادر إلى أن اللقاء كان جيداً ووضع الراعي عون في أجواء النقاشات التي أجراها مع الحريري. ولفتت الى أن «الرئيس عون عرض بدوره وجهة نظره وما دار بينه وبين الحريري على مدار 12 جلسة والنقاط التي حصل فيها تباعد».
وشدّدت على أن «الراعي لم يحمل طرحاً الى بعبدا«، آملة أن «تكون هناك حلحلة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة خصوصاً أن اتصالات تجري على أكثر من جهة».
وبعد لقاء عون – الراعي، زار رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى بكركي بناء على طلبها واستكملت المشاورات بين الطرفين.
وأشار باسيل بعد اللقاء إلى أننا «عرضنا الموضوع الحكومي من خلفيّة الرغبة في أن تكون هناك حكومة وتوافقنا على المواضيع كافة وضرورة تشكيلها بسرعة». وأضاف «توافقنا على أن تكون الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح وعلى المعايير الواحدة في التأليف ولليوم لم نضع أي شرط أو مطلب سوى التعامل بالتساوي والتأليف على أساس الدستور والتوافق الوطني». وأضاف: «عندما تصبح هناك نيّة باعتماد معايير واحدة فعندها تتشكّل الحكومة». وتابع باسيل: «عرضنا لموضوع المرفأ وضرورة وجود الشفافيّة ومن حقّ اللبنانيين أن يعرفوا لماذا جاءت هذه المواد الى لبنان ومَن استعملها ومَن سرقها ومَن أهمل في السماح بإبقائها وكيف انفجرت؟». ولفت «الى اننا تطرّقنا الى السياسات التي تؤدي الى تهجير المسيحيين وكيف يمكن مواجهتها ومهما عانينا يمكننا النهوض من جديد على أمل أن يتمكن لبنان من الخروج من محنته».
وفي أول تعليق لتيار المستقبل على كلام الراعي الذي نقله عن عون قال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار: «اذا كان فعلاً البطريرك الراعي لمس من الرئيس عون انه لا يريد الثلث المعطل فتكون الأمور إيجابية في الايام المقبلة». واضاف في حديث تلفزيوني: «هناك مسعى يقوم به البطريرك الراعي بين عون والحريري والرئيس المكلف ينتظر ردّ رئيس الجمهورية على تشكيلته ليبنى على الشيء مقتضاه».
ولم تستبعد مصادر نيابية لـ"البناء" أن تحرك حركة الراعي المياه الحكومية الراكدة وتعيد تفعيل الخطوط المقطوعة بين الرئيسين عون والحريري. ولفتت الى أن ما نقله البطريرك عن عون بأنه غير متمسّك بالثلث المعطل يشكل مؤشراً إيجابياً ويفتح الباب أمام اعادة التشاور والاتفاق على صيغة حكومية توافقية بين الرئيسين. كما أشارت الى أن «لقاء باسيل والراعي يلاقي مشاورات بعبدا بين البطريرك وعون وقد يسهّل التأليف أو على الأقل تهيئة البيئة الملائمة والمناسبة لانطلاق المشاورات من جديد».
وذكرت "البناء" أن الرئيس بري يواكب المشاورات الجارية بمساعٍ لتقريب وجهات النظر بدعم من حزب الله. ولفتت أوساط نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ"البناء" الى أن «الرئيس بري لم يقصّر يوماً في التوفيق بين القوى السياسية للوصول الى قواسم مشتركة لتسهيل تأليف الحكومة وإنقاذ لبنان من مستنقع الأزمات التي يغرق فيه». ولفتت الى أن «الأبواب لم تقفل نهائياً، وطالما هناك حركة وتشاور بين القوى السياسية فالأمل موجود بولادة الحكومة في ربع الساعة الأخير وقد سبق وتألفت حكومات بعد تسعة أشهر».
إلا أن مصادر مواكبة للملف الحكومي أكدت لـ"البناء" أن «لا حكومة في المدى المنظور والمشاورات الجارية هي تقطيع وقت بانتظار تبلور مؤشرات جديدة في المنطقة والعالم بعد تسلم الرئيس جو بايدن الحكم»، وأوضحت أنه رغم وجود تعقيدات داخلية، لكن العقد الحكومية خارجية وتحديداً عند الولايات المتحدة الاميركية التي لا تريد حكومة لكي تستمر في الضغط على لبنان لتحقيق مكاسب عدة تتعلق بمصلحتها ومصلحة «اسرائيل».
وقالت البناء إن هذه الأجواء تتلاقى مع ما تراه مصادر التيار الوطني الحر بأننا أمام أزمة مفتوحة وبالتالي لا حكومة في الأفق. محذرة من «فتن داخلية على خلفية الأزمات التي نعيشها، خصوصاً في ملف التحقيق في انفجار المرفأ، حيث يحاول البعض عرقلة التحقيق».
وإذ أبرق الرئيس عون الى نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون مطمئناً الى صحته ومتمنياً له الشفاء العاجل من وباء كورونا، شكر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لدول الاتحاد الأوروبي عموماً ونواب البرلمان الأوروبي خصوصاً اهتمامهم بلبنان، وقال «تتركون الكثير من مشاغلكم من أجل الغوص بشكل معمّق اكثر في الأزمة اللبنانية».
وبعدما علق قاضي التحقيق العدلي في تفجير مرفأ بيروت التحقيقات بانتظار قرار محكمة التمييز على دعوى «الارتياب المشروع»، تتجه الأنظار الى قصر الأونيسكو، حيث يعقد المجلس النيابي جلسة تشريعية، من المتوقع أن يحضر ملف قرار صوان في مناقشات ومواقف النواب.
وأشارت مصادر نيابية لـ"البناء" الى أن «قرار صوان لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة وبالتالي المجلس غير ملزم بإصدار قرار أو توصية لا سيما أن المجلس أرسل رسالة الى القاضي صوان أكد فيها وجود نقص في الملف لجهة الأسماء المدعى عليهم والمعلومات والمعطيات ولا زال المجلس ينتظر رد صوان على رسالته ليُبنى على الشيء مقتضاه»، لكن المصادر أوضحت أنه في حال أراد النواب طرح الموضوع فمن حقهم ذلك ومن خارج جدول الأعمال.
ولفتت "البناء" إلى أنه في غضون ذلك، استمرت الحرب القضائية بين الأطراف السياسية، فبعد 24 ساعة على مثول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون للتحقيق معه، تقدمت عون أمس بشكوى لدى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان نقولا منصور في حق مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال بالواجب الوظيفيّ، وذلك بعدما منعت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مفرزة الضاحية من معاونة عون في تحقيقات الدولار المدعوم. وقد تقدّمت القاضية عون بالشكوى خلال مهلة الـ24 ساعة للحفاظ على حالة الجرم المشهود.
وأشارت المعلومات الى أن «الشكوى التي تقدّمت بها عون لدى القاضي نقولا منصور بحق اللواء عماد عثمان والعميد حسين صالح بتهمة الإخلال الوظيفي جاءت بعد أن تقدّمت القاضية عون باستنابة قضائيّة لمعاونتها في التحقيق الذي أجرته مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وقد رفضا تنفيذها»، لافتة الى أن «الشكوى ستُحال الى قاضي التحقيق وهو سيقرّر فيها».
وبخصوص التحقيق مع سلامة، لفتت المعلومات الى أن «سلامة مثل أمام القاضية عون بصفته حاكماً لمصرف لبنان وفي ملف الدولار المدعوم والقروض السكنية ولم يتوسع التحقيق ليشمل ملفات أخرى، خصوصاً المتعلقة بهيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها سلامة لأنه بصفته هذه يتمتع سلامة «بحصانة» ولا تستطيع أن تستدعيه القاضية عون أو تحقق معه».
وأضافت المعلومات الى أن «سلامة وخلال تقديم شهادته في ملف الدولار المدعوم أو القروض السكنية أكد أن الموضوع ليس لديه بل لدى لجنة الرقابة على المصارف وهي التي تتحمل المسؤولية».
"النهار": الراعي يدعم تشكيلة الاختصاصيين ولا اختراق!
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه مع ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لم يترك هامش الاجتهاد قائما امام الانطباعات التي تحدثت عن توليه وساطة او دخوله في مشروع مبادرة على خط مسار التأليف المعطل للحكومة الجديدة، لكن ذلك لم يقلل أهمية دلالات اندفاع البطريرك نحو اكثر المحاولات الداخلية تقدما لكسر جدار الانسداد من خلال تحركه السريع الاستثنائي الواضح سعياً الى إعادة اطلاق الحرارة في التواصل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. بطبيعة الحال لا يرقى تحرك البطريرك الراعي الى مستوى مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي افتقده اللبنانيون امس اكثر من أي وقت سابق خشية ان يشكل الغاء زيارته الثالثة للبنان بسبب إصابته بفيروس كورونا، ذريعة إضافية لكل المنخرطين والمتورطين في تعطيل تأليف الحكومة الجديدة او تأخيرها الى امد طويل بعد لحسابات داخلية او خارجية. ومع ذلك تردد على السنة الكثيرين من الأوساط السياسية والشعبية المستعجلة ولادة المحكومة سؤال أساسي هو هل يكون البطريرك الماروني اوفر حظا واكثر حظوة من الرئيس الفرنسي بحيث يعطى له ما لم يعط للرئيس الفرنسي؟ وتاليا ما هو حجم جدية الامال المنتعشة في احتمال تخطي حقل الألغام المنصوب في طريق استيلاد الحكومة من الان وحتى نهاية السنة؟
واضافت انه واستنادا الى المعطيات الجدية والموثوقة فان الحركة الاستثنائية التي طبعت طريق بكركي – بعبدا ومن ثم بعبدا- بكركي اذ لا يمكن عزل وصول الرجل الثاني في العهد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الى بكركي عصر امس بعد نحو ثلاث ساعات فقط من مغادرة الراعي القصر الجمهوري في بعبدا عن هذا الخط بذريعة “استقلالية” باسيل عن الرئيس، هذه الحركة شكلت الاختراق الثاني البارز هذا الأسبوع للمسار المعقد لتأليف الحكومة بعد زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري اول من امس لبكركي.
واشارت إلى أنه بدا واضحا ان ثمة علاقة حيوية ومباشرة بين مجريات المكاشفة الطويلة والمسهبة والتفصيلية التي جرت بين الرئيس الحريري والبطريرك الراعي في بكركي واندفاع البطريرك البارحة للقاء الرئيس عون أولا، ومن ثم مبادرته الى دعوة النائب باسيل للقائه في بكركي، سعيا منه الى الدفع ما امكن لاستعجال اسقاط التعقيدات التي تحول دون ولادة سريعة للحكومة . والحال ان كلام الراعي في قصر بعبدا بعد لقاء الساعة ونصف الساعة بينه وبين الرئيس عون تضمن رسائل مهمة بدا واضحا ان الراعي تعمد من خلالها التحذير بان استمرار الوضع كما هو لم يعد ممكنا، ولن يستقيم كذلك من دون مزيد من التداعيات البالغة الخطورة. وابرز هذه الرسائل تمثل في تكراره مرات عدة وجوب استعجال تشكيل الحكومة استنادا الى تمسكه بالأصول الدستورية في التاليف وليس أي قناة أخرى. كما ان الرسالة الأخرى البارزة جاءت في معرض موقفه الواضح من عدم دستورية موضوع الثلث المعطل “الدخيل” ولو ان ذلك جاء في معرض نفيه تمسك رئيس الجمهورية بهذا الشرط الذي يدرك البطريرك كما الجميع انه كان ولا يزال احدى العقد الأساسية في طريق تأليف الحكومة. اما الرسالة الثالثة فاكتسبت دلالة خاصة لجهة ظهور اقتناع البطريرك ضمنا بان التركيبة الحكومية يجب ان تتطابق مع مواصفات حكومة الاختصاصيين غير السياسيين والحزبيين.
التشكيلة الحريرية
وبحسب "النهار" فإن المعطيات المتوافرة في هذا السياق تكشف ان موقف الراعي الذي بدا هنا اقرب ما يكون الى موقف الحريري من التشكيلة الحكومية جاء بعدما تبينت للبطريرك عدم صحة ما تردد عن تسمية الحريري للوزراء المسيحيين وحده وان الحريري اطلع الراعي تفصيليا على دقائق الأمور والتركيبة الكاملة بالاسماء والحقائب، وبدا للراعي ان الحريري صادق في توجهاته وانه استند الى المعطيات الجدية وليس الى أي شيء آخر. ومع ذلك لا يمكن القول انه من المضمون ان تؤدي حركة البطريرك الى اختراق وشيك في التاليف ولو أحدثت خرقا في المناخ السياسي. اذ ان المعلومات المتوافرة عن موقف بعبدا بعد الزيارة لا توحي بتغيير في الاشتراطات التي وضعتها بدليل ان البطريرك الذي دعا باسيل الى بكركي إدراكا منه لطبيعة الدور الحاسم الذي يلعبه في هذه الاشتراطات سمع من باسيل تكرارا لمعزوفة المعايير الموحدة بعد تجاهل موضوع الثلث المعطل.
وذكر ان الرئيس عون كان عرض للبطريرك معطياته وشدد على ضرورة تأليف حكومة قادرة على الإصلاحات والعمل والسير في التدقيق الجنائي. وأفادت هذه المعطيات ان الراعي تمنى على عون استئناف التواصل بينه وبين الحريري وانه أي البطريرك حاضر لاي شيء يطلب منه وعندها اكد له رئيس الجمهورية الا مشكلة مع الرئيس الحريري ويمكن التواصل بينهما في أي لحظة.
وشدد البطريرك الراعي بعد اللقاء مع عون على “التفاهم النهائي بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وفقا للدستور”. وقال انه لا يدخل في التفاصيل بل “نحن ننطلق من المبدأ الذي ينص على ان الرئيس المكلف يحضر تشكيلته وعليه ان يأتي الى رئيس الجمهورية للتشاور معه كي تصدر الحكومة”. وبدا لافتا قوله انه “لم المس ان رئيس الجمهورية متمسك بالثلث المعطل خصوصا ان هناك اتفاقا ورأيا عاما يقومان على وجوب الا تكون الحكومة سياسية ولا حزبية بل تتكون من اختصاصيين غير مرتبطين باي حزب”. وكانت له إشارة لافتة الى ان “الثلث المعطل غير موجود في الطائف ولا في الدستور وهو دخيل لا لزوم له”.
اما باسيل وان اكد بعد زيارته لبكركي التوافق على تأليف الحكومة بسرعة شدد على وحدة المعايير في التاليف وقال انه” لم يطرح أي شرط سوى التعامل بالتساوي وعندما يصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة تتشكل الحكومة”.