معركة أولي البأس

لبنان

حملة تضامن مع دياب في وجه صوان..الادعاءات تهدد بتطيير التحقيقات وتشكيل الحكومة
12/12/2020

حملة تضامن مع دياب في وجه صوان..الادعاءات تهدد بتطيير التحقيقات وتشكيل الحكومة


ذكرت الصحف الصادرة اليوم أن الساحة الداخليّة بقيت تحت تأثير قرار قاضي التحقيق العدلي فادي صوان بالإدعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس ومفاعيله السياسية والطائفية والقضائية، في ظل حملة تضامن واسعة مع الرئيس حسان دياب والوزراء في وجه ادعاءات قاضي التحقيق في قضية انفجار المرفأ فادي صوّان.

"الأخبار": الادّعاء في انفجار المرفأ: تهديد بتطيير التحقيقات والحكومة

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن قاضي التحقيق فادي صوّان أصبح بحاجة إلى من يضع له السلّم لينزل عن الشجرة التي تسلّقها بنفسه، بادعائه على حسّان دياب ويوسف فنيانوس وعلي حسن خليل وغازي زعيتر. القرار وإن كان «بادرة إيجابية» يُبنى عليها لإلغاء الحمايات السياسية، ولكنّ خلفياته الاستنسابية تُهدّد مستقبل التحقيق وتزيد من الشرخ السياسي في البلد. جبهتان تشكّلتا، واحدة تضم فريق العهد والثانية خصومه، تحديداً ثلاثي برّي - الحريري - جنبلاط. التشدّد هو عنوان المرحلة المقبلة، في ظلّ تأزّم الوضع المالي والاقتصادي يوماً بعد آخر".

واضافت الصحيفة "لم يعد «مُهمّاً» إن كانت جهة سياسية تقف خلف ادّعاء المُحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، القاضي فادي صوّان، على رئيس الحكومة المستقيلة حسّان دياب والوزراء السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وغازي زعيتر، كما يزعم خصوم النائب جبران باسيل، أم أنّ قرار صوّان أتى بمعزل عن المُناكفات السياسية. فالنقطة الأساسية تتمحور حالياً حول النتيجة التي أدّى إليها الادّعاء، وهي تكتّل كلّ خصوم التيار الوطني الحرّ ضدّه. من زار السرايا الحكومية وأصدر البيانات واتصل مُتضامناً مع دياب، لم يهدف سوى إلى تمتين الجبهة في وجه «فريق العهد» المُتّهم بأنّه يستغل القضاء لـ«تصفية الحسابات». 

واشارت "الأخبار" إلى أنه في الوقت الذي قرّر فيه التيار الوطني الحرّ الدخول من بوّابة «مُكافحة الفساد» عبر تحريك ملفات قضائية، كاستدعاء حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، والادعاء في ملفّ المُهجرين، والإثراء غير المشروع لعدد من الضباط أبرزهم قائد الجيش السابق جان قهوجي... لن يعتبر ثلاثي نبيه برّي - سعد الحريري - وليد جنبلاط نفسه معنياً في تقديم أي «تنازل» يراه يصبّ في مصلحة الرئيس ميشال عون وباسيل في مسألة تشكيل الحكومة. وبناءً على ذلك، جرى التمترس خلف قرار صوّان للمزيد من التعقيد في مفاوضات تأليف الحكومة، ما يدفع القوى السياسية الرئيسية في البلد إلى التأكيد: «لا حكومة». يحسم هؤلاء بأنّ «سير التحقيقات في قضية المرفأ سيزيد الضغائن والفرز بين القوى». وما «الدعم» الذي أُحيط به دياب سوى أحد مؤشرات مرحلة التوتّر".

ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل يوم من ادّعاء صوّان، كان رئيس الحكومة المستقيلة «من دون خيمة»، هو الذي «نُبذ» من الطائفة التي ينتمي إليها بمُجرّد قبوله بالموقع، ونُظّمت ضدّه حملات تحريض، ولا سيّما من «نادي رؤساء الحكومات السابقين». في غضون ساعات، تحوّل دياب إلى «نقطة التحام» للتعبير عن «رفض التطاول» على موقع رئاسة الحكومة". تقول مصادر الأخيرة إنّ «انفجار بيروت كان كارثة كبيرة، لكن لا يُمكن توجيه الاتهام إلى رئيس الحكومة دوناً عن آخرين، وكأنّه وحده المسؤول». لكنّ «المفاجأة» في كلّ «حملة التضامن» كانت الاتصال الهاتفي الذي تلقّته دوائر السرايا الحكومية من الحريري، مُبلغاً إياها أنّه في الطريق للقاء دياب. بالنسبة إلى أوساط الحريري، «هو لم يذهب إلى السرايا للتضامن مع دياب وحسب، بل للتأكيد أنّ موقع الرئاسة الثالثة ليس يتيماً». فالحريري يعتبر الادّعاء على دياب تمهيداً لاستهدافه ولـ«الموقع السنّي الأوّل» في الجمهورية، تماماً كما اعتبر كلّ من برّي وسليمان فرنجية بما خصّ علي حسن خليل ويوسف فنيانوس.

وقالت الصحيفة إن الحماية الطائفية لدياب ليست «استثناءً» في لبنان، بل تكرار لأحداث مُشابهة يتبدّل أبطالها حسب الملفّ. افتعال لضجّة غرائزية، غالباً ما تنتهي بـ«تطيير» التحقيقات، وكان «طبيعياً» أن يلجأ إليها دياب «خوفاً» من أي تبعات للقرار، كونه لا يملك غطاءً سياسياً. ولكن ردّة الفعل التي أخذت منحىً طائفياً، ستكون لها تبعات خطيرة. صحيحٌ أنّه ليس من العدل تحميل دياب مسؤولية أزمة عُمرها سنوات، ومن غير المنطقي استدعاء رئيس حالي للحكومة من دون أي وزير من حكومته، أو الادعاء على وزراء سابقين من دون رؤساء الحكومة في حينه، ولكن قد تؤدّي أحداث الـ48 ساعة الأخيرة إلى القضاء على أي إمكانية بالوصول إلى نتيجة في تحقيقات انفجار المرفأ. الملفّ حالياً أمام مُفترق طرق حسّاس، فإمّا يُعيد القاضي فادي صوّان الاعتبار للتحقيقات مُبعداً عنها صفة الاستنسابية من خلال توسيع مروحة المُدّعى عليهم، أو يُكمل في أسلوب قرارات «ردّات الفعل الشعبوية» ويمنع الوصول إلى الحقيقة في معرفة مُسبّبي جريمة 4 آب.

وسألت "لكن هل سيؤدّي ذلك إلى عرقلة تشكيل الحكومة؟ بالنسبة إلى أوساط فريق 8 آذار «كلّ خضّة كبيرة تُعرقل ملفّات أخرى، ما حصل سيُفرمل الدينامية التي خُلقت بتقديم الحريري مسودة الحكومة، والردّ عليها باقتراح من رئيس الجمهورية». كانت المرّة الأولى التي «يبرز فيها جو نقاش جدّي حول الحكومة، وقد وأده ادّعاء صوّان». ولكن، ستستمر محاولات إخراج التشكيلة قبل 22 كانون الأول، موعد وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان (أعلن الإيليزيه أنّ ماكرون سيزور لبنان في 22 و23 الشهر الجاري)، «وهو ما يضغط تجاهه الفرنسيون، وإلّا فإنّهم يُهدّدون بأنّ آلية عملهم ستتبدّل وسينتقلون إلى ممارسة المزيد من الضغوط على لبنان».

وقالت الصحيفة "على أهمية وضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت لمحاولة تخفيف حدّة الانهيار الاقتصادي والمالي، ولكن لم يكن بنداً على أجندة السياسيين أمس، الذين تلهّوا بإصدار بيانات التضامن مع دياب، الذي أعلن الحريري بعد لقائه أنّه «أتيت إلى رئاسة الحكومة لأُعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادعاء على رئيس الحكومة. رؤساء الحكومات يمثلون فقط أمام محكمة خاصة يشكلها المجلس النيابي. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز». أما تيار المردة، فقد أصدر بياناً يصف ما جرى بـ«الاستنسابية غير المبنية على أسس صحيحة. الوزير السابق يوسف فنيانوس قام بواجباته كاملة وفقاً للأصول المرعية وضمن صلاحياته... إذا كان الهدف تدفيعنا ثمن مواقف سياسية معينة فهذه الأساليب لم تنفع معنا في السابق ولن تؤثر فينا اليوم".

كذلك اعتبر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، أنّه «لا يجوز أن يُستعمل القضاء كقناع لعمليات بوليسية أو لتركيب اتهامات من أجل تصفية الحسابات السياسية أو للانتقام. وإذا كان هناك من حيادية حقيقية فمن الأولى أن يصار إلى طلب الاستماع إلى فخامة الرئيس الذي قال بعظمة لسانه إنّه علم بالأمر قبل 15 يوماً من التفجير». وأكّد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان «دعمه لدياب ووقوفه إلى جانبه ورفضه التطاول على رئاسة الحكومة»، في حين اعتبر وليد جنبلاط أنّه «‏لا يجوز أن يقف التحقيق في كارثة المرفأ أمام الحواجز الدستورية أو الطائفية، ولا بدّ أن يشمل الجميع بدون استثناء». من جهته، أشار الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى أنّ «كارثة بهذا الحجم تستدعي إجراء تحقيقات شفّافة تُمسك بكلّ الخيوط، وهذا مسار يتطلّب مُتابعة حثيثة وإحاطة شاملة بما يُسهّل تحديد المسؤوليات وكشف الحقيقة».

وأضاف البيان أنّ تخطّي المرحلة «يتطلّب ابتعاداً عن الشعبوية في مقاربة الملفات». أما حزب الله فقد أصدر بياناً حاول فيه التوفيق بين إصراره على المُضيّ بالتحقيقات وبين التنبيه من الاستنسابية التي لجأ إليها صوّان، فبدأ البيان بالتأكيد على «تأييدنا المبدئي والتام للتحقيق القضائي، وكشف كل الجهات والأفراد المسؤولين عنها أياً كانوا»، مُنبهاً إلى عدم «سقوط التحقيق في متاهات الإجراءات الإدارية والتعقيدات الروتينية والإشكالات القانونية، بحيث تختفي الأدلة، ويُغيّب المُجرمون وتضيع الحقيقة، وتطفو على السطح الشبهات غير الموثوقة والاتهامات غير المسندة والادّعاءات غير الصحيحة». وشدّد حزب الله على أن «تكون جميع الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض وأن يتم الادّعاء على أسس منطقية وقانونية، وهذا ما لم نجده في الإجراءات الأخيرة، بالتالي فإننا نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحّدة التي أدّت إلى ما نعتقده استهدافاً سياسياً طاول أشخاصاً وتجاهل آخرين دون ميزان حقّ، وحمّل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدْل، ما سيؤدي للأسف إلى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلاً من الوصول إلى حكم قضائي مُبرم وعادل».

"البناء": انتقائيّة ادعاء المحقق العدليّ والجدل حول الصلاحيّات الدستوريّة يصيبان التحقيق

من ناحيتها، صحيفة "البناء" قالت إن الفالق الزلزاليّ الذي أحدثه الإدعاء الصادر عن المحقق العدلي القاضي فادي صوان، أصاب المناطق المحرّمة في الحياة اللبنانية، فإذا كان انتقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال، رغم ضعف منطق الاتهام الذي وجِّه إليه، قد تمّ انطلاقاً من غياب الغطاء الطائفي الذي يحصّن سواه، فإن المظلومية التي نالها دياب بعيون اللبنانيين بدأت تتدحرج ككرة ثلج منذ مساء أول أمس، حتى تحوّلت الى تيار جارف فرض حضوراً عابراً للطوائف، لدرجة صار التضامن معه من قبل مرجعيّات طائفته الذين قرروا عزله خلال عام مضى، مصدراً للكسب المعنوي، ورسماً لخط أحمر حول مبدأ ملاحقة رئيس للحكومة، علماً أن الكثيرين رأوا في التضامن الذي عبّر عنه الرئيس السابق سعد الحريري مع الرئيس حسان دياب موقفاً أخلاقياً يمنح الحريري مصداقيّة تتخطى الحسابات الطائفيّة.

واضافت انه بعد موقف الحريري كرّت السبحة على مستوى رؤساء الحكومات السابقين ووصلت الى دار الفتوى، وصارت ملاحقة دياب اصطداماً بمرجعيات طائفته، ما أسقط فرضية الانتقائية القائمة على محاولة تفادي التصادم مع الخطوط الحمر للطوائف، بينما تقول مصادر حقوقيّة إنه لو تم الإدعاء دفعة واحدة على كل الأسماء الذين ضمّتهم مراسلة المحقق العدلي لمجلس النواب والتي تحدّثت عن شبهات تقصير وإهمال بحق رؤساء الحكومات ووزراء العدل والمالية والأشغال منذ العام 2014، لكانت لاقت ترحيباً شعبياً وتضامناً مع المحقق العدلي، في مواجهة جدل الصلاحيات الذي ينتظره حول تحديد الجهة الصالحة لمحاكمة الرؤساء والوزراء في تهم الإخلال الوظيفيّ، في ظل مطالعات دستوريّة تلقى شبه إجماع في مجلس النواب لجهة حصرها بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

واشارت "البناء" إلى أنه على الصعيد السياسي كانت مواقف في الاتجاه نفسه لكل من حزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي، تركّز على ضرورة تصويب مسار التحقيق وتحصينه بعيداً عن الانتقائيّة، من دون تضييع الحاجة لمواصلة التحقيق طلباً للحقيقة وملاحقة المسؤولين عن جريمة تفجير مرفأ بيروت.

ولفتت الصحيفة إلى أن الملف الحكوميّ وملف ترشيد الدعم شهدا رغم مواصلة السجالات حول كل منهما، تراجعاً لحساب ملف التحقيق، لكن التجاذب حول التشكيلة الحكوميّة التي قدّمها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري والتصوّر الذي قدّمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كشف حجم الخلاف الرئاسيّ وحجم العقد المستعصية في طريق ولادة حكومة جديدة، كما في ملف الدعم بقي السؤال حول كيفية ضمان قيمة أي دعم وأية مساعدات مالية للطبقات الفقيرة مع العجز عن ضمان سعر الصرف إذا توقف المصرف المركزي عن تأمين الدولارات اللازمة للاستيراد في ظل توقعات بأن يبلغ سعر الصرف ما فوق الخمسين الف ليرة خلال أسابيع من توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولارات؟

إجماع سني في مواجهة قرار صوان

وقالت الصحيفة إن الساحة الداخليّة بقيت تحت تأثير قرار قاضي التحقيق العدلي فادي صوان بالإدعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس ومفاعيله السياسية والطائفية والقضائية. وقد أحدث القرار القضائي موجة من الغضب على المستوى السياسي والشعبي في الساحة السنية، أنتجت حالة إجماع للقيادات السنية السياسية والروحية بالتضامن مع الرئيس دياب ورفض استهداف موقع رئاسة الحكومة ومواجهة قرار صوان، ما دفع بالرئيس المكلف سعد الحريري للتوجّه إلى السرايا الحكومية للمرة الأولى منذ خروجه منها في تشرين من العام 2019، وذلك للتضامن مع دياب ورفض الابتزاز لموقع الرئاسة الثالثة.

وقال الحريري بعد اللقاء مع دياب: «أعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يمثلون فقط أمام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز، وهذا الأمر مرفوض، ولن نقبل به. من حق أهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم أن يعرفوا من أدخل هذه الباخرة ومن غطّى عليها. أما التعدي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة فهذا أمر مرفوض، وأنا أتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه».

الحريري مُحرَج

وعزت مصادر سياسية خطوة الحريري تجاه دياب لوقوعه في الإحراج تجاه الدفاع عن موقع رئاسة الحكومة لا سيما أنه وزملاءه في نادي ورؤساء الحكومات السابقين ومفتي الجمهورية لطالما أعلنوا رفضهم التعدّي على صلاحيات رئاسة الحكومة والنيل من موقعها فوجدوا أنفسهم محرجين ومجبرين على اتخاذ موقف في حالة الادعاء على دياب. لا سيما أن الحريري ورفاق النادي وجدوا في موقف دياب التصعيدي منذ إعلان قرار الادعاء عليه قد سبقهم في الدفاع عن موقع رئاسة مجلس الوزراء، خصوصاً بعدما ظهرت حالة من الغضب الشعبي في أوساط الشارع السني.

المسار القضائيّ مستمرّ

واشارت الصحيفة إلى أنه فيما وجّه قرار صوان الأخير ضربة قاسمة للتحقيقات ما سيضعف ثقة المواطنين بأي قرار سيتخذه لاحقاً في هذا الملف، من المتوقع أن يتراجع قاضي التحقيق خطوة الى الوراء بعدما تحوّل الملف الى قضية طائفية ومذهبية في ظل الغضب داخل الطائفة السنيّة ودعم الرئيس دياب فضلاً عن رفض حركة أمل وحزب الله وحلفائهما في 8 آذار للقرار القضائي.

إلا أن النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي أكد لـ"البناء" أن «قاضي التحقيق لن يتراجع تحت ضغط الظروف السياسية أو حملة التضامن مع الرئيس دياب، بل سيكمل بالمسار القضائيّ وفق الأصول المتبعة في هذه الحالة».

وقالت الصحيفة إن الخلاف حول القرار القضائي ألقى بثقله على الملف الحكومي، حيث زاد عقدة جديدة على مجموعة العقد التي تواجه تأليف الحكومة، واستبعدت مصادر مواكبة لعملية التأليف، ولادة وشيكة للحكومة لا سيما بعد التشكيلة الهجينة التي عرضها الحريري على رئيس الجمهورية ميشال عون والتي لم ينسّق فيها مع حزب الله ولا مع عون ما يجعل أي مسودة حكومية يطرحها الحريري بحكم الساقطة والمرفوضة.

وأكدت بأن لا حكومة في ظل التزام الرئيس المكلف بالشروط الأميركية، مشيرة الى أن رهان البعض على تغيرات في المشهد الأميركي بعد تسلم الرئيس المنتخب جو بايدن وانعكاسه على المنطقة رهان وهمي، فلا أحد يمكنه توقع كيف سينتهي الصراع في أميركا وكيف ستكون السياسات الجديدة والتي يمكن ان تأخذ أشهراً عدة وربما سنة لكي تتبلور بشكل واضح وجلي، فهل يمكن وضع لبنان بحالة انتظار طويلة في ظل خطر الانهيار المالي والاقتصادي والنقدي والسياسي الذي يواجهه لبنان؟».

وفي سياق ذلك، اعتبر نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم أن «لبنان لن تقوم له قائمة من دون تأليف حكومة تفتح الباب للمعالجة، واذا اتفق المعنيون في لبنان سيستجيب الغرب وأميركا غصباً عنهم، ومن يحتجّ في الخارج ويسوّف ويضيّع الوقت ويراكم الخسائر لن يجني شيئاً. المواطنون وصلوا إلى حد الاختناق والرهان الوحيد النافع هو التفاهم وتدوير الزوايا». وشدد على أن «حزب الله» مع قيام الدولة وانتظام مؤسساتها، وهو دعامة من دعامات استقرار لبنان وحمايته واستقلاله وبنائه ونهضته، وسيكون دائماً شريكاً فاعلاً للباحثين عن الحلول وإعمار بيروت ولبنان ومعالجة المسائل الاقتصادية والاجتماعية».

"النهار": عاصفة ضد صوان والمؤبد لعياش وتلميح لحُماته

أما صحيفة "النهار" فقالت إنه لعل المفارقة اللافتة الغريبة التي برزت امس تمثلت في جمع احداث وتطورات تتقاطع في طبيعتها عند نقطة واحدة هي القضاء. فمن جهة هبت عاصفة حادة ضد الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب . ومن جهة أخرى أصدرت المحكمة الخاصة بلبنان حكمها في العقوبة على المتهم الوحيد الباقي باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سليم عياش بالمؤبد في خمس اتهامات . وجاء ذلك كله عشية الذكرى ال15 لاغتيال الشهيد جبران تويني الذي تفتقد عدالة لبنان حرفا واحدا في ملفه العدلي وحقائق تبحث عن عدالة حقيقة لكشفها وملاحقة القتلة .

واضافت اذن الخلاصة المنطقية الأساسية للمجريات الحارة التي طبعت عاصفة الاعتراضات الكثيفة على ادعاء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ومعه ثلاثة وزراء سابقين هي انها اعادت الخشية على نتائج التحقيقات كلا في انفجار المرفأ بفعل امتزاج العوامل السياسية والطائفية بالقضائية والدستورية . واذا لم يكن اتساع ردود الفعل على ما اعتبر استهدافا متعمدا لموقع رئاسة الحكومة مفاجئا الى حدود بعيدة فان البارز في المشهد الذي ارتسم امس تمثل في التضامن شبه الشامل لمراجع الطائفة السنية السياسية والدينية مع الرئيس دياب على قاعدة رفض استهداف موقع رئاسة الحكومة ومنع تمرير سابقة قضائية تحمل شبهة سياسية من هذا النوع بما يصعب معه تجاوز الوقائع السياسية التي أحدثها هذا التطور خصوصا لجهة انعكاساته المؤكدة على المسار المتعثر لتأليف الحكومة الجديدة . ولم يكن ادل على الاستنفار الواسع الذي اثاره الادعاء على دياب من المبادرة المفاجئة لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى زيارة السرايا الحكومية للمرة الأولى منذ استقالته قبل اكثر من سنة لاطلاق رسالة دالة بان رئاسة الحكومة هي خط احمر امام محاولة استهدافها.

واشارت الصحيفة إلى أنه اذ كان يمكن الحريري الاكتفاء بإصدار بيان بموقفه من الادعاء على دياب الذي وصل الى السرايا قبل سنة في ظروف معروفة اعتبرت معها حكومته حكومة قوى 8 آذار بالكامل . ولكن الحريري الذي يخوض راهنا المرحلة المتقدمة من الكباش الشاق لتأليف حكومته تجاوز موقفه من دياب وزاره متضامنا متقدما مجمل المواقف السنية وغير السنية سواء على خلفية طائفية او سياسية او دستورية من الادعاء على دياب .

وتابعت "الواقع ان العاصفة التي نشأت عقب الادعاء عكست تداعيات مقلقة بل خطيرة للتداخل الذي تزامن او زج به عفوا او عمدا بين “حرب” الملاحقات والملفات التي تصاعدت في الفترة الأخيرة بين الحكم وبعض القوى السياسية الأساسية التي تتهم العهد بالضلوع في تسخير بعض القضاء في فتح حرب أحادية على خصومه وبين التحقيق العدلي الجاري في ملف انفجار المرفأ . واذا كان الصدام مع رئاسة الحكومة اتخذ واجهة متقدمة في هذا المشهد على خلفية استناد المعارضين للادعاء من ألوان مختلفة وليس سنية فقط الى أسانيد دستورية تعرض الادعاء للاهتزاز فان ذلك لم يخف الجانب الأكثر اثارة للمخاوف على مآل التحقيق في انفجار المرفأ اذ ليس خافيا ان عجز المحقق العدلي او تمنع المدعى عليهم السياسيين عن المثول امامه في ظل مواجهة سياسية قضائية حادة تتداخل فيها الاحتقانات سيرتد بسلبيات كبيرة على التحقيق كما على القضاء الامر الذي يوجب احتواء سريعا يحول دون تعريض القضاء لمزيد من المداخلات السياسية المؤذية كما يضمن احقاق حق بأسرع وقت في جلاء التحقيق في انفجار المرفأ . وقد اعرب الرئيس الحريري بعد لقائه دياب في السرايا عن “رفضه المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي صوان بالادعاء على رئيس الحكومة ” قائلا “من الآخر رئاسة الحكومة ليست للابتزاز وهذا الامر مرفوض ونحن لن نقبل به". 

وأفادت معلومات ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء السابقين الثلاثة الذين ادعى عليهم المحقق العدلي علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس يتجهون الى اتخاذ موقف موحد مشترك من الادعاء والموقف الذين سيعتمدونه مع ترجيح الامتناع عن المثول امام المحقق العدلي بحجة مخالفته للدستور وتجاوز مجلس النواب .

واشارت الصحيفة إلى أنه قد بدا واضحا ان مجمل هذا المناخ قد اثار مزيدا من الشكوك حول مسار تأليف الحكومة الجديدة فيما عاد شبح القطيعة الباردة بين قصر بعبدا وبيت الوسط اللذين لم تسجل أي اتصالات جديدة بينهما لتحديد موعد جديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري علما انهما كانا اتفقا مبدئيا على معاودة اللقاءات بعد 48 ساعة من لقائهما الأخير الذي قدم خلاله الحريري تشكيلته الحكومية الكاملة فيما طرح عون تركيبة مختلفة لتوزيع الحقائب والطوائف من دون أسماء . ولا تبدو الأجواء مشجعة اطلاقا حيال امكان حصول تسوية وشيكة خصوصا بعدما ابرزت بعبدا رد فعل حاد للغاية على تشكيلة الحريري بما لا يحمل على توقع أي حلحلة في وقت قريب . كما ان الشكوك تثار حول تأليف الحكومة قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان التي حدد الاليزيه موعدها الرسمي امس في 22 و23  كانون الأول.

حسان دياب

إقرأ المزيد في: لبنان