معركة أولي البأس

 

لبنان

الحريري إلى لقاء حاسم في بعبدا غدا.. وترشيد الدعم بين السراي والشارع
08/12/2020

الحريري إلى لقاء حاسم في بعبدا غدا.. وترشيد الدعم بين السراي والشارع

توزع المشهد أمس بين بعبدا التي شهدت حراكا على المستوى الحكومي بعد جمود لثلاثة أسابيع، وبين السراي الحكومي الذي ناقش ملف "الدعم" وترشيده.
ورغم أن زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري لرئيس الجمهورية كسرت الجمود في ملف التأليف الحكومي، إلا أنه لم يأت بجديد عمليا، وكانت النتيجة مشاورات ستستكمل غدا، وسط حديث عن لقاء سيتم فيه حسم الأمور حول التشكيلة.
إلا أن الأهم كان ما يحدث في أروقة السراي الحكومي، حيث كان على الطاولة ملف "الدعم" وما سيؤول إليه مصير المواد والسلع مع نفاذ أموال مصرف لبنان المخصصة لهذا الغرض، كما يُطرح سؤال عن موقف الشارع من رفع الدعم أو ترشيده.

 

"الأخبار": اقتراح خفض الدعم إلى 50 صنفاً من الأدوية و60 في المئة من البنزين

في السراي الحكومي، عُقد اجتماع أمس لبحث مسألة «ترشيد الدعم». اجتماع تأخر لأشهر، لم يتطرق إلى حلول لضمان الحفاظ على قدرة السكان الشرائية، التي انهارت أصلاً، بل هو مجرد تبادل أفكار لـ«تركيب طرابيش» يطيل أمد المبلغ المتبقي من الاحتياطي، حتى يرحّل الانفجار الشعبي الى الحكومة الجديدة.

عادت الاحتجاجات الى الشارع، ليس اعتراضاً على فرض ضريبة بقيمة 6 دولارات شهرياً على خدمة «واتساب»، بل لأسباب جوهرية تتعلق بتأمين لقمة الخبز والسلع الأساسية لضمان أقل متطلبات العيش. حصل ذلك في ظل انعقاد اجتماع وزاري في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لمتابعة ملف الدعم، بحضور وزراء الدفاع والمالية والاقتصاد والصناعة والزراعة والطاقة والشؤون الاجتماعية، الى جانب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. المجتمعون عرضوا خطط وزاراتهم لتنظيم كلفة الاستيراد والدعم، على أن تستكمل الاجتماعات اليوم في إطار ورش عمل تفصيلية يرأسها كل وزير مع القطاعات المعنية في نطاق عمل وزارته. ما جرى كان يفترض أن يحصل أقله منذ بداية العام وفي ظل حكومة فاعلة لا حكومة تصريف أعمال تنتظر تأليف حكومة جديدة لتحمل مسؤولية هذا القرار. فالواقع أن الوزراء المعنيين استقالوا من مهامهم قبل دخول مجلس الوزراء في فترة تصريف الأعمال، ولم يقم أكثرهم بأقل الواجبات المترتبة عليه، فيما يسارعون اليوم الى استنباط أفكار عشوائية بعد حديث سلامة عن إمكان الإبقاء على الدعم لفترة شهرين فقط. 

ثمة خيارات بديلة بالطبع، كاتفاقيات مع دول لتأمين السلع بأسعار منخفضة، ويأتي العرض العراقي لمدّ لبنان بالنفط في هذا الإطار، لكن السلطة السياسية التي جلست تنتظر الانهيار، تتصرف وكأن خيارها الأوحد هو رفع الدعم بشكل كامل. وفي ظل أزمة لبنان الاقتصادية والمالية والنقدية، سيتسبب إجراء مماثل بانفجار اجتماعي غير مسبوق، خصوصاً بعد تدني الحد الأدنى للأجور في غضون أشهر من 450 دولاراً شهرياً، الى أقل من 83 دولاراً، وهو مرشح للانهيار أكثر. أحد لم يلتفت الى أحوال العمال والأسر، خصوصاً بعد الأزمة المضاعفة التي أتت بها جائحة كورونا من جراء فرض حجر كامل لأسابيع. وذلك إن دلّ على شيء، فعلى عمق الانهيار المتغلغل في مؤسسات الدولة وغياب السياسات الاقتصادية – الاجتماعية، وعلى إلقاء مصير شعب كامل بيد شخص واحد هو حاكم المصرف المركزي. 

وقد قرر الأخير قطع الدعم عن المواد الأساسية كالأدوية والقمح والمازوت والبنزين والكهرباء، وما على الفقراء الا أن يموتوا جوعاً وعطشاً وبرداً ومرضاً، بذريعة الدفاع عمّا تبقى من دولارات المودعين، علماً بأن سلامة نفسه أكد قبل أيام، في مقابلة مع قناة «العربية الحدث»، أن المودعين لن يحصلوا على ودائعهم بالدولار. من هذا المنطلق جرى الحديث خلال اجتماع أمس في السراي عن تخفيض ساعات التغذية بالكهرباء على قلتها، بدلاً من رفع دعم الكهرباء عمن يستهلكون عدداً كبيراً من الأمبيرات لتغذية قصورهم ومنازلهم الفارهة على حساب أموال الشعب اللبناني. وهؤلاء غالبيتهم من رجال الأعمال والوزراء والنواب والمسؤولين الذين يجلسون اليوم حول الطاولة لمناقشة «ترشيد الدعم».

وجرى البحث في اقتراح لحصر الدعم بأقل من 50 صنفاً من الأدوية (الأمراض المزمنة والمستعصية)، على أن يخفض الدعم على أدوية من 1515 ليرة للدولار إلى 3900 ليرة للدولار (الدواء الذي كان سعره نحو 15 ألف ليرة، سيصبح سعره 39 ألف ليرة). أما باقي الأدوية، فستترك لسعر الدولار في السوق السوداء!
وبالنسبة إلى المحروقات، يجري البحث في اقتراح خفض الدعم على البنزين إلى حدود 60 في المئة، ما يؤدي إلى زيادة سعر الصفيحة إلى نحو 40 ألف ليرة، مع الإبقاء على دعم المازوت كما هو اليوم.

كذلك تم التطرق الى تخفيض كمية الطحين المدعوم لتقتصر فقط على ربطة الخبز، ما يعني أن وزارة الاقتصاد والمسؤولين فيها عن هذا الملف بالذات، كانوا على علم بهدر الطحين المدعوم على منتجات غير ضرورية ولا تحقق سوى أرباح مضاعفة لأصحاب الأفران، لكنهم غضّوا النظر عن ذلك الى أن اقترب الاحتياطي من النفاد. في هذا السياق، أوضح المدير العام للحبوب في وزارة الاقتصاد جرجس برباري، في اتصال مع الوكالة الوطنية للإعلام، أن «ما يجري التداول به عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن رفع الدعم عن الطحين غير صحيح»، مشيراً الى أنه لم يصدر قرار من وزارة الاقتصاد حتى اللحظة في هذا الموضوع. وأشار برباري الى التركيز على «الطحين الذي يصنع منه الخبز العربي، لأنه أساسي في غذاء المستهلك اللبناني (...) معلناً أن وزير الاقتصاد سيدعم كمية 27 ألف طن من الطحين المخصص للخبز العربي ستناقش آلياته في اجتماع في الوزارة».

لا تقدّم على مسار تأليف الحكومة: زيارة الحريري «خيبة أمل» لعون
لكن من سيضمن استعمال هذه الكمية لصناعة الخبز؟ وأي آلية يمكنها ضمان عدم تحرك كارتيل المطاحن والأفران مرة أخرى لقطع الرغيف من السوق وادعاء نفاد الكمية المدعومة؟ الأهم أن هذا القرار متخذ من وزير الاقتصاد راوول نعمة الذي عجز عن ضبط أسعار السلع الغذائية المدعومة، وخضع قبلها لجشع هذا الكارتيل في زيادة سعر ربطة الخبز وتخفيض وزنها رغم الدعم؟ بناءً على ما سبق، بات واضحاً أن المسعى الأساسي لحكومة تصريف الأعمال يكمن في ترشيد الدعم بقدر الإمكان حتى لا تستنفد المبلغ المتبقي من الاحتياطي، أي نحو 800 مليون دولار، بانتظار أن تأتي حكومة جديدة لتتحمل هذه المسؤولية.

وتشير المعلومات الى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب رفض عقد أي جلسة حكومية أو المسّ بالاحتياطي الباقي في مصرف لبنان من منطلق أن هذا الاحتياطي يعود للمودعين ولا يمكن استخدامه. لذلك، الاجتماعات في السراي ليست سوى محاولة لتأمين بعض الأوكسيجن الإضافي. فالمجتمعون لم يناقشوا بعد حلولاً جذرية للأزمة. ثمة اقتراح وحيد لم يُطرح على الطاولة جدياً بعد، وهو اقتراح إصدار بطاقات تمويلية لنحو 600 ألف عائلة، تعوّض على الأسر الفقيرة جزءاً من الدعم الذي سيُرفع. لكن النقاش في هذا الأمر تأخر أيضاً، لكونه بحاجة إلى أشهر لوضعه موضع التنفيذ، وسيُبحث في الأيام المقبلة، بحسب مصادر وزارية.

الحريري: لا للمداورة
في موازاة نُذُر الانفجار الاجتماعي، ثمة جمود حكومي يحاول الرئيس المكلف، سعد الحريري، إنعاشه مع إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته للبنان قريباً، وذلك من باب إظهار حسن النية للضيف الأجنبي. فغداة كل موقف أو حدث دولي، يسارع الحريري الى الإيحاء ببذله جهداً لتأليف الحكومة، فيما الواقع أن 3 أسابيع مرّت من دون أن يحاول القيام بأي مبادرة، بعد إصراره على تنفيذ الأجندة الأميركية بعدم تمثيل حزب الله في الحكومة وقيامه منفرداً بتسمية الوزراء المسيحيين لكسر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وتشير مصادر مطلعة الى أن زيارة الحريري لبعبدا أمس كانت بمثابة «خيبة أمل جديدة، وهو ما سيدفع رئيس الجمهورية الى اقتراح أفكار بنفسه كمسعى لإخراج الوضع من المراوحة الحاصلة».

وبعكس ما أشيع عن تقديم الحريري مسودة حكومية، «فإن أي حديث في الأسماء لم يحصل، باستثناء إشارة الحريري الى أن وزارتي الداخلية والاتصالات ستكونان من حصته، مقابل بقاء الطاقة والدفاع من حصة الرئيس»، ما يعني التخلي عن مبدأ المداورة كلياً والعودة الى توزيع الحقائب بطريقة مشابهة لما كانت عليه في حكومة الحريري الأخيرة. ووفقاً للمصادر، فإن عون لم يُبد أي رأي تجاه عرض الحريري، مكتفياً بالقول إنه سيدرس اقتراحه، فيما وعد رئيس الحكومة المكلف بالعودة الأربعاء مع لائحة أسماء وزارية لدرسها». وهنا ثمة روايتان، إحداها تقول إن الحريري الذي كان يشترط تسمية عون وزيرين مسيحيين من أصل تسعة، عاد وتكلم عن 6 وزراء (من ضمنهم وزير الطاشناق) مقابل وزير يسمّيه هو، وآخر للمردة وثالث للقومي. وهو ما لم يوافق عليه عون، طالباً تسمية 7 وزراء.

أما الرواية الثانية، فتنفي حصول الأولى شكلاً ومضموناً، مشيرة الى أن «هذا السيناريو لم يحصل أبداً، ويأتي في إطار سعي البعض لرمي العرقلة على رئيس الجمهورية، والإيحاء كأن باسيل هو من يعرقل الحل». من ناحية أخرى، تتحدث مصادر حكومية عن ضغط فرنسي وأوروبي عبر اتخاذ موقف موحد تجاه لبنان لحثّه على تأليف حكومة في أسرع وقت، تحت طائلة القطيعة الكاملة وفرض عقوبات، مع ما يعنيه ذلك من زيادة الحصار. وهو يأتي استكمالاً للخطة الأميركية بدفع البلد الى الانهيار الكامل، لفرض شروط واشنطن بقوة الأمر الواقع.

 

"البناء": ترشيد الدعم يُطلق العنان لارتفاع الأسعار ويتجاهل سعر الدولار
وبحسب "البناء"، توزّع المشهد الداخليّ أمس، بين بعبدا والسراي الحكومي والشارع الذي شهد سلسلة تحرّكات احتجاجيّة ومطلبيّة مع عودة مسلسل قطع الطرقات في مختلف المناطق اللبنانية.

وبعد اعتكافه عن زيارة بعبدا لأسابيع عدة زار الرئيس المكلف سعد الحريري بعبدا أمس، والتقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وإذ لم يقدّم الحريري لعون مسودة للحكومة كما كان متوقعاً، أشارت أجواء مواكبة للقاء عون – الحريري لـ»البناء» إلى أن «اللقاء الذي حصل أمس، هو الاتصال الاول منذ ثلاثة أسابيع ما يشير الى تحرك جديد في عملية تأليف الحكومة وقد حصل نقاش بالجو العام والأسباب التي أدت الى توقف التواصل، كما تم تقديم طروحات بالحلول الممكنة لحل العقد التي تحول دون التأليف». ووفق المعطيات العامة فإنه لو لم يسجل أي تقدّم في لقاء الأمس لما تم تحديد الأربعاء موعداً جديداً.

وبحسب مصادر رسمية، فإن البحث تناول بشكل عام بعض الأسماء المرشحة للتوزير والحقائب لكل اسم وإمكانية إعادة توزيع بعض الحقائب المخصصة للمسيحيين. لكن الحريري لم يقدّم تشكيلة كاملة بانتظار حصوله على أسماء مرشحي ثنائي أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة. على أن يتم خلال اليومين المقبلين تسوية هذا الأمر، إذا حصل الحريري على اسماء مرشحي القوى السياسية ليختار منها. علماً ان مصادر ثنائي أمل وحزب الله أكدت بأن لا مشكلة بينهما وبين الحريري.

واستبعد مرجع نيابي في اللقاء التشاوري «حصول مستجدات تؤشر إلى حلحلة للعقدة الحكومية تمهد لولادة سريعة للحكومة»، وأكد لـ»البناء» بأن ما يقوم به الحريري مضيعة للوقت، وهو يدرك بأن العقدة ليست داخلية بل خارجية، لذلك يعمل على تمرير الوقت بزيارات الى بعبدا واقتراحات لا طائل منها بانتظار انتقال السلطة في الولايات المتحدة ليتمكّن الفرنسيّ من جلب الضوء الأخضر الأميركي لتسهيل ولادة الحكومة في لبنان».

وأكدت أوساط تكتل لبنان القويّ بأن «الرئيس الحريري يواجه تهديداً بفرض عقوبات عليه وعلى مقرّبين منه، بمجرّد لمس أي أثر لحزب الله في التشكيلة الحكوميّة»، داعياً الحريري الى مواجهة هذا الواقع كما واجهه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، «الذي وضع مصلحة الداخل فوق أي استهداف شخصيّ»، وبالتالي عدم انتظار الإدارة الأميركية الجديدة من أجل التحرّر ربما من هذه التهديدات.

واستغربت مصادر وزارية مقرّبة من رئيس الجمهورية الحملة التي تشن على الرئيس عون لا سيما اتهامه بتحويل مجلس الدفاع الأعلى الى سلطة مقرّرة ومخالفة الدستور والقوانين، مؤكدة لـ»البناء» أن الكرة في ملعب الآخرين الذين انتزعوا ورقة التكليف في جيبهم ولا يقومون بواجبهم في التأليف وفق الأصول الدستورية، متسائلة هل طلب رئيس الجمهورية من وزارة الأشغال ترميم أقنية ومجاري الصرف الصحي إثر التساقط الكثيف والمفاجئ للأمطار هو خرق للدستور والقوانين؟

اجتماعات السراي

وخطفت السراي الحكومي الأضواء من بعبدا، إذ شهدت اجتماعات ماراتونيّة استمرت حتى مساء أمس، كان أبرزها الاجتماع الوزاري الذي ترأسه الرئيس حسان دياب وضمّ وزراء المال والاقتصاد والصناعة والزراعة والطاقة وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونائب الحاكم سليم شاهين.

وبحسب معلومات «البناء» فقد أبلغ حاكم مصرف لبنان المجتمعين في السراي الحكومي أن لا اموال لديه للدعم وأن على الوزراء تحديد المواد الأساسية والضرورية جداً التي سيتم دعمها. وأكدت المعلومات أن لا توجّهات للمس بالرغيف أما المازوت فسوف يبقى مدعوماً في فصل الشتاء. وأضافت أنه تبيّن للوزراء ان لبنان يستورد مازوت بمليار ومئة مليون دولار سنوياً أما البنزين فيكلف الدولة 800 مليون.

وبحسب المعلومات فقد حمل أكثر من مصدر وزاري سلامة مسؤولية قرار الدعم، وأبدوا انزعاجهم من أداء الحاكم وعدم اكتراثه إزاء الأزمة الوطنية الخطيرة، ولا سيما مقاطعته الاجتماع ومغادرته بحجة ارتباطه باجتماع آخر، متسائلين: أي اجتماع أهم من موضوع الدعم ولقمة عيش المواطن؟ وذكرت قناة الـ»ال بي سي» أن القاضية غادة عون استدعت سلامة للمثول أمامها الخميس للاستيضاح منه في ملف الهدر الحاصل في الدولار المدعوم.

وأكد وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله لـ»البناء» أن «أي قرار سيتخذ بمسألة رفع الدعم يجب أن يراعي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلد لا سيما الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود»، وجزم حب الله بأن «حكومة تصريف الأعمال لن توافق على رفع الدعم كلياً وعشوائياً كما ترفض تخفيض الاحتياط الإلزامي في مصرف لبنان لأن هذا الاحتياط ملك الناس والمودعين»، كما كشف أن «اعتماد البطاقة التمويليّة أو التموينيّة ليس مطروحاً في القريب العاجل»، وأكد أن البحث يتمحور حول ترشيد الدعم والاستيراد من خلال اختيار لائحة الدعم وفقاً للأولويات من بين السلع والمواد الزراعية والصناعية والغذائية والدوائية».

وحذّر رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي المسؤولين من اللجوء إلى أي قرارات أو خطوات متهورة كرفع الدعم، داعياً إلى البحث عن خيارات وطرق بديلة عن رفع الدعم لا سيما عن الطبقات الشعبية الفقيرة والتي لم تعُد تستطيع تحمل أي عبء إضافي. وأكد كرامي لـ»البناء» أن أي قرار من هذا القبيل سيؤدي إلى انفجار اجتماعي لا تُحمد عقباه.

وأشارت مصادر كتلة الوفاء للمقاومة لـ»البناء» إلى أن «حزب الله لن يسير برفع الدعم مهما بلغت شدّة الأزمة بل سيواجه أي قرار بهذا السياق»، ولفتت إلى أننا «نؤيد أي خيار لا يرتّب أعباء إضافية على كاهل المواطنين ومن الخيارات المطروحة ترشيد الدعم وتقليص السلة المدعومة من 400 سلعة إلى حوالي 59 سلعة، أي دعم السلع الأساسية للمواطن، وبالتالي تخفيض الضغط على الاستيراد وتقنين ما تبقى من احتياطات مصرف لبنان ما يجعلنا نصمد لمدة أطول».

في المقابل قطع محتجون على رفع الدعم طريق الرينغ بالمستوعبات والإطارات المشتعلة بالاتجاهين. وقد حصلت صدامات بين المحتجين والقوى الأمنية في المحلة. ولاحقاً، أُعيد فتح الطريق وتوجّه المتظاهرون إلى شارع الحمرا وطالبوا بحلول لموضوعَي رفع الدعم والدولار الطالبي.

وكان المحتجون قطعوا الطريق أمام بيت الكتائب المركزي في الصيفي، وتجمعوا في ساحة رياض الصلح أمام السراي الحكومي تزامناً مع انعقاد الاجتماع الوزاري في السراي الحكومي حول ترشيد الدعم. كذلك، تجمع متظاهرون في ساحة النور في طرابلس رفضاً لرفع الدعم عن الطحين.

وتجمّع آخرون محتجون على رفع الدعم أمام وزارة الاقتصاد في وسط بيروت. واقتحم المحتجون الوزارة ووصلوا إلى أمام مكتب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، وتوجهت له إحدى المتظاهرات بالقول «متل ما وصلنا على مكتبك منوصل لنص بيتك».

ولاحقاً توجّه عدد من المحتجين باتجاه الأشرفية للتظاهر أمام منزل نعمة.

وشهدت طريق تعلبايا والبحصاص وأوتوستراد البالما وساحة النور – طرابلس ومدخل جبل محسن سلسلة تحرّكات رفضاً لرفع الدعم.

على صعيد ملفات الفساد، أفيد أن قاضي التحقيق في بيروت شربل أبو سمرا قرّر استدعاء قائد الجيش السابق جان قهوجي ومعه عدد من الضباط تم الادعاء عليهم في ملف الإثراء غير المشروع إلى جلسة تحقيق نهار الخميس المقبل طالباً تبليغهم عبر القنوات العسكرية اللازمة.

 


"اللواء": تشكيلة الحريري: تعادل مع فريق باسيل .. وحظوظ النجاح والفشل متعادلة

صحيفة "اللواء" تناولت الشأن الحكومي وقالت.. غداً «سأعود إلى بعبدا لتحديد الكثير من الأمور الأساسية»، هذا ما صرّح به الرئيس المكلف سعد الحريري بعد ظهر أمس في القصر الجمهوري بعد لقاء رقمه 10 مع الرئيس ميشال عون، في إطار التشاور أو «الاخذ والرد»، في ما خص تأليف حكومة جديدة، وصفت بأنها «حكومة مهمة» في سياق مندرجات المبادرة الفرنسية حول لبنان، والتي جدّد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تمسكه فيها، باعتبارها الخيار المتوفر، لوقف الانهيار المحدق بلبنان «الدولة والكيان»، بتعبير دبلوماسي فرنسي..

أهمية الموقف الفرنسي، لا يأتي استباقاً لمجيء ماكرون إلى بيروت، بل في سياق، وضع «وضع لبنان» على طاولة القمة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي، الذي وجه نداءً إلى القوى السياسية في لبنان وحثهم على الإسراع في تشكيل حكومة تعمل على إخراج لبنان من ازمته..

والسؤال، ما هي النقاط أو الأمور الأساسية، التي من شأن الساعات المقبلة ان تحمل اجابات من بعبدا، وغير بعبدا حولها؟

1- النقطة الاولى: قبول نظرية التوازن أو التعادل في الحكومة العتيدة (6 للحريري) (و6 لعون وفريقه) أم عدم القبول بها.

2- القبول أو عدم قبول الحصة المسيحية، باقتصارها على 6 وزراء بدل 7.

3- الحقائب وتوزيعها، لا سيما الحقيبة التي تسند لتيار المردة، والتي يتمسك الحريري بأن تكون خدماتية رئيسية..

4- وزراء الفريق الشيعي، وطريقة تسميتهم، لا سيما الوزير الثاني الذي سيكون من حصة حركة أمل..

5- المطالبة بتسمية وزير مسلم مقابل التسليم بحق الحريري تسمية وزير مسيحي..

ولكن، حسب مصادر معنية بالتأليف، هذا في الظاهر، اما في الباطن، فللمسألة وجه آخر يتعلق بـ:

1- استمرار الفيتو الأميركي على تمثيل حزب الله بالحكومة، وبأي شكل من الاشكال وعدم تمكن الفريق الأوروبي الداعم لماكرون من احداث خرق على هذه الجبهة..

2- رفض حزب الله المطلق التسليم بنتائج الفيتو الأميركي، وإصراره على المشاركة في الحكومة، وبوزارة على غرار الصحة أو التمسك بالصحة..

3- عودة النائب باسيل إلى نغمة ما يسمى الميثاقية ووحدة المعايير، لانتزاع إقرار من الحريري بمنهجيته في تأليف الحكومة.

ما المتغيّرات التي طرأت؟ وما هي فرص النجاح أو الإخفاق غداً؟

تتحدث المعلومات عن ضغط فرنسي واوروبي ومصري لإنجاز تأليف الحكومة، في وقت لا يتعدى الأسبوع..

وتقول المعلومات أن حلحلة حصلت في ما خص آلية التأليف، من خلال التخلي عن المداورة الشاملة باستثناء وزارة المال، والتعامل مع كل حقيبة على حدة، فضلاً عن إعطاء دور أكبر للقوى المسيحية لتسمية الوزراء الذين ستكون لهم حقائب سيادية أو رئيسية أو عادية.

ولجهة حظوظ النجاح، تتحدث مصادر مطلعة عن تعادل بين احتمالات النجاح أو الفشل، نظراً لحسابات بعضها يتعلق بالموقف الأميركي، وبعضها يتعلق بالرغبة في استمرار الفراغ في التأليف، ما دام فريق بعبدا يحكم البلد، على النحو الذي يريده، سواء في ما خص بالملاحقات القضائية أو إدارة الملفات العالقة أو الملحة.

في حين يحرص فريق بيت الوسط، على إنهاء مرحلة تصريف الأعمال، أو التفرد الرئاسي بإدارة الدولة، والمساهمة بانجاح المبادرة الفرنسية، يضرب فريق باسيل عرض الحائط بهذه الاعتبارات، على قاعدة «الأمر لي» في ما خص الحكم، تحت شعار محاربة الفساد واستعادة الأموال المسروقة، تمهيداً لفتح بازار رئاسة الجمهورية المقبلة..

ما هي النقاط العالقة:

1- طبيعة الحل الذي سيقدمه الرئيس الحريري في ما خص عقدة التمثيل الدرزي، بعدم إعطاء السياحة، أو حتى الخارجية، وإعطاء الأولى لحزب الطاشناق، في حين، يتركز إهتمام اللقاء الديمقراطي إما على وزارة التربية والتعليم العالي أو الاشغال، من دون استبعاد وزارة الشؤون الاجتماعية.

2- عقدة باسيل: وهي الأصعب، والتي يمكن ان تجعل الجو مكفهراً بعد لقاء الأربعاء، أو صحواً يميل إلى انفراج، وتتمثل بأن رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، يريد 7 وزراء من أصل 18 وزيراً (الرئيس + التكتل + حزب الطاشناق) ولن يوافق على ان تحتسب حصة السبعة من ضمن (معادلة 5 مسيحي + 2 لحزب الله).

ولعل وفقاً لمصادر المعلومات هي العقدة، الأكثر تلغيماً في الصيغة التي سلمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية..

وفي المعلومات ان النائب باسيل يتمسك بتولي وزارة الطاقة، والتي تجانب المبادرة الفرنسية ان تبقى من حصة التيار العوني، نظراً لأنها البند الاصلاحي الأوّل في هذه المبادرة.

وتخضع التشكيلة التي حملها الحريري إلى عون إلى حسابات بالغة الدقة والتوازن، سواء في عدد الوزراء المحسوبين على القوى المعنية بالحكومة أو لجهة ما عرف سابقاً بالثلث المعطل، وكيفية إدارة الصراع إذا اقتضى الأمر..

فالحكومة من 18 وزيراً ستكون على النحو التالي:

1- الوزراء المسلمون: 

 - 4 وزراء للسنة، جلهم للرئيس الحريري

- 4 للثنائي الشيعي: اثنان محسوبان لحركة أمل، بينهما المالية والتنمية الإدارية أو الرياضة والشباب، ووزارتان لقريبين من حزب الله، بينهما وزارة العمل..


- وزير درزي واحد، من حصة اللقاء الديمقراطي.

2- الوزراء المسيحيون: 9، يتوزعون حسب التشكيلة على النحو التالي:

- 6 وزراء لفريق بعبدا + التيار الوطني الحر + الطاشناق.

- وزير للنائب سليمان فرنجية، مع وزارة خدماتية رئيسية.

- وزير مسيحي يسميه الرئيس الحريري، وتستند إليه وزارة الاتصالات..

- وزارة للحزب السوري القومي الاجتماعي.

سياسياً، لا يحصل النائب باسيل على ثلث معطّل، وحده، وهذه نقطة خلافية..

مجمل الوزراء الذين يدورون في فلكه خارج حزب الله 6 وزراء، أي الثلث..

أما الرئيس الحريري، فهو في حصة متعادلة: 4 وزراء سنة + وزير مسيحي = 5 يصبح العدد 6 بالتنسيق مع الوزير الاشتراكي.

اما الفريق الشيعي، فتتمثل قوته بالتوقيع على المراسيم، الذي يتمتع به وزير المالية، الذي اتفق على ان يبقى شيعياً..

وفي السياق، ذكرت مصادر قريبة أنه تم خلال اللقاء التداول بأسماء مرشحة للحكومة وببعض الوزارات وطرحت فكرة توزيع تعديل في بعض الحقائب وليس السيادية كحقيبة التربية والطاقة وتم التداول ببعض الأسماء لكن ليس بشكل نهائي إذ لم يحمل تصورا كاملا لأن حزب الله لم يسلمه أسماء بعد. وافيد أنه تم تقديم اقتراحات في حين أكد رئيس الجمهورية على وحدة المعايير ومواصفات الشخصيات.

كما علم أن اللقاء المرتقب بينهما يستكمل البحث في الملف الحكومي وستكون المهلة الفاصلة عن لقاء الأربعاء فرصة لمشاورات يجريها رئيس الجمهورية وكذلك الرئيس المكلف الذي قد يحمل معه ما تبقى من أسماء لكن لا يعني أن هناك ولادة للحكومة هذا الأربعاء إنما تحضير للحكومة إذا قام اتفاق بينهما.

وعلمت «اللواء» من مصادر رسمية مواكبة للإتصالات، ان المهم في اللقاء انه كسر الجمود الحاصل حول الوضع الحكومي واحدث خرقاً جديداً وستكون بعده لقاءات اخرى، وتخلل البحث عرض عام لما جرى خلال الايام العشرين الماضية بعد اللقاء الاخير بين الرئيسين، وجرى ايضا عرض بعض الأسماء التي سبق وعرضها الحريري لبعض الحقائب، لكن لم تكتمل صورة التشكيلة الحكومية بعد لدى الحريري، لأن الثنائي الشيعي والحزب التقدمي وتيار المردة لم يقدموا اسماء مقترحة للإختيار منها.كما جرى عرض إمكانية إعادة توزيع بعض الحقائب المخصصة للمسيحيين (بين 2 و3 حقائب). وستحصل يوم الاربعاء مشاورات إضافية لتحديد بعض النقاط العالقة وسبل معالجتها قريباً.

وكشفت مصادر سياسية ان تحريك الملف الحكومي أتى نتيجة اتصالات فرنسية مع اكثر من طرف سياسي خلال الساعات الماضية ووصفت اللقاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون بأنه فتح آفاق التأليف المسدودة بالرغم من التباينات القائمة حول عملية تشكيل الحكومة منذ تسمية الحريري لرئاستها. وكشفت انه تم التداول بتفاصيل الأسماء وتوزيع الحقائب وما تزال بعض النقاط موضع خلاف لاسيما مايتعلق بوزيرين مسيحيين احدهما يتعلق بحقيبة وزارة الطاقة والاخرى بالثقافة في حين ان مسؤولية وزارة الداخلية لم تحسم نهائيا وان كان الخلاف حولها اقل من الحقيبتين السابقتين. وتوقعت المصادر ان تتكثف اتصالات الجانب الفرنسي بالايام المقبلة لتحقيق تقدم ملموس على طريق تشكيل الحكومة وقبيل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان.

وتابعت المصادر أن هناك ضغطاً فرنسياً على كل الاطراف بمن فيهم الرئيس الحريري للإسراع في تشكيل الحكومة، وقبل زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان المتوقعة في 22 الشهر الحالي. فيما توقعت مصادر ثنائي امل وحزب الله حلحلة في الموضوع الحكومي، مشيرة الى ان الثنائي لا يشكل سبباً لعرقلة التشكيل، وانه حالما يتم الاتفاق بين عون والحريري على التشكيلة النهائية لا سيما توزيع الحقائب يرفع الثنائي لائحة نهائية بأسماء وزرائه ليختار منها الرئيس الحريري بالاتفاق مع الرئيس عون.

إقرأ المزيد في: لبنان