لبنان
ترشيد "الدعم" على طاولة السراي.. والحريري مع مسودة حكومية في بعبدا اليوم
حُسم القرار بخصوص ترشيد الدعم الذي تقدمه الدولة للمواطنين، والذي كان الحجر الأخير الذي يقف حاجزا أمام الانهيار الاجتماعي، والسؤال الذي يُطرح، ما هي السلع التي سيبدأ رفع الدعم عنها، وكم ستكون نسبة الترشيد فيها، وهذا ما ستجيب عليه الساعات المقبلة، وما سيتمخض عن اجتماع السراي الحكومي بهذا الخصوص.. والسؤال الأخطر، كم سيتستطيع المواطن الصمود في حال تمت الخطوة، وهل سيكون الانفجار في الشارع، أم أن هناك حقن مخدر ستكون في جعبة أصحاب القرار لتأخير وقت إعلان الوفاة.
حكوميا، من المرتقب أن يُحدث الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم خرقا في جدار المراوحة، بزيارة إلى قصر بعبدا، وسط حديث عن تقديمه مسودة لتشكيلة من 18 وزيرا لرئيس الجمهورية، على أن الأجواء المحيطة لا توحي بالتفاؤل أو إحداث أي تغيير على أرض الواقع.
"الأخبار": الحريري يصحو على وقع «المبادرة الأوروبية»
بحسب صحيفة "ألأخبار"، بالشكل، سيكسر الرئيس يسعد الحريري اليوم الجمود الذي كان مسيطراً على المشهد الحكومي. وبعد أيام طويلة من الانتظار، يتوقع أن يقدم تشكيلة حكومية يدرك أنها لن تبصر النور إن كانت تشكيلة أمر واقع. لكن مع ذلك، فإن خطوته تلك التي تصنف في خانة «اللهم إني حاولت»، لا يمكن عزلها عن الزيارة المتوقعة للرئيس الفرنسي إلى لبنان أو عن التحرك الأميركي - الألماني لوراثة المبادرة الفرنسية.
بعد ظهر اليوم، يزور الرئيس سعد الحريري قصر بعبدا. سيدخل من الباب الرئيسي، لإضفاء طابع رسمي على الزيارة. ويرجّح أن يحمل بيده تشكيلة، بصرف النظر عما إذا كانت مكتملة أو لا. ثمة روايتان. الأولى تؤكد أنه سيعرض على رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، تشكيلة أمر واقع من ١٨ وزيراً، والثانية تشير إلى إمكان عرضه بعض الأسماء الجديدة التي تضاف إلى الأسماء التي سبق أن طرحها على رئيس الجمهورية. الحديث عن تشكيلة الأمر الواقع يشكل عملياً تأكيداً لرفض التشاور مع ميشال عون بالأسماء المسيحية. ولذلك، تحديداً، لم يسلّم ثنائي حزب الله وأمل أيّ أسماء للحريري، لا بل إنه بدا واضحاً أن حزب الله لن يسلّم الأسماء قبل أن يتفق الحريري مع رئيس الجمهورية، لأنه «لن يسمح بالاستفراد بعون».
مع ذلك، فإن في قصر بعبدا ارتياح إلى قيام الرئيس المكلف بواجبه الدستوري، بدلاً من المراوحة التي تميّزت بها المرحلة الماضية. خطوة الحريري يفترض أن تفتح الباب الدستوري أمام رئيس الجمهورية للنقاش في الأسماء والحقائب، تمهيداً لتوقيعه على مرسوم التأليف. وهنا، إذا لم يجرِ التعاون بين الطرفين لإنجاز التشكيلة، فإن المحاولة ستنتهي إلى عودة كل طرف إلى التمسك بشروطه.
من جهة أخرى، وبصرف النظر عن النتيجة المتوقعة، يُنظر إلى خطوة الحريري بوصفها جزءاً من تحرك لبناني يستبق زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ما مدى نجاح هذه الخطوة؟ ذلك ينتظر لقاء اليوم وما سيليه. كذلك لا يمكن عزل الزيارة عن الاجتماع الذي يعقد اليوم في مقر الاتحاد الأوروبي، بهدف بلورة مبادرة أوروبية ترث المبادرة الفرنسية تجاه لبنان.
سبق أن تردد في أوساط الحريري أن هذه المبادرة تأتي كخلاصة تنسيق ألماني أميركي بالدرجة الأولى، يتعامل مع المبادرة الفرنسية بوصفها عاجزة عن تلبية متطلبات وشروط دعم لبنان. وهذه المبادرة التي تعوّل عليها مصادر معنية بالتأليف لإحداث ثغرة في المراوحة المستمرة، تواجه معضلة أساسية، هي اعتبارها أن واحدة من سلبيات المبادرة الفرنسية أنها لم تتعامل بحزم مع حزب الله أو حتى مع إيران، التي تفتح معها باريس خطوط تواصل عديدة. السفير الأميركي في ألمانيا سبق أن كان رأس الحربة في دفعها إلى تصنيف حزب الله إرهابياً. وهو لن يكون بعيداً عن المبادرة الجديدة، علماً بأنه معروف بتشدّده وتطرفه في التعامل مع ملف إيران وحزب الله. لكن ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها المبادرة الجديدة؟ تؤكد مصادر مطلعة أن أي مبادرة عنوانها المواجهة مع حزب الله ستكون محكومة بالفشل مسبقاً. يدرك الفرنسيون أن العقوبات على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس كانت نتيجتها التشدّد مع الرئيس المكلف مصطفى أديب، كما يدركون أن فرض العقوبات على الوزير جبران باسيل أسهم في تشدد التيار الوطني الحر. ولذلك، فإن أي مبادرة تهدف إلى عزل حزب الله لن تكون بعيدة عن المصير نفسه.
حزب الله يرفض الاستفراد بعون: لا أسماء قبل الاتفاق معه
بحسب وثيقة دبلوماسية وصلت إلى الخارجية اللبنانية، فإن فرنسا التي لم تكن تحمل أي خطة بديلة للبنان، اقتنعت بأن «الخطة الوحيدة المتبقية هي انتظار الانهيار الكلي للبنان مالياً واقتصادياً، وذلك لإرغام الأطراف كافة على الجلوس معاً للنظر في ما يمكن القيام به في مرحلة ما بعد الانهيار». على الأرجح هذا السيناريو كان مقنعاً لكثر في الداخل. لكن هل المبادرة الجديدة تبني على الفرضية نفسها؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن الافتراض المسبق سيكون الاستفادة من هذا الانهيار للوصول إلى نتائج لم تكن ممكنة قبلاً، في السياسة قبل الاقتصاد. إذا تبلورت هذه المبادرة اليوم، فقد تكون آخر محاولات إدارة ترامب لفرض تصورها للحلول في المنطقة. وهذا قد يكون كفيلاً بعدم تجاوب المتضررين من سيناريو، قرر التحالف الألماني الأميركي سلفاً توجيهه ضد فئة من اللبنانيين.
"الجمهورية": لقاء بعبدا اليوم يحرّك التأليف
وتتجّه الأنظار الى القصر الجمهوري بعد ظهر اليوم، حيث سيشهد لقاء بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، تناقضت المعلومات حول ما سيؤدي اليه بالنسبة الى مصير الحكومة العتيدة المتعثرة الولادة منذ اسابيع، خصوصاً في ضوء زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المقرّرة للبنان قبيل عيد الميلاد، وانطلاق حراك للاتحاد الاوروبي اليوم، يستهدف تزخيم المبادرة الفرنسية ودعمها، وربما تحويلها مبادرة أوروبية اذا دعت الحاجة. فيما تحدثت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» عن «خرق إيجابي محتمل» في ملف التأليف الحكومي قبيل زيارة ماكرون او بالتزامن معها.
تأكّد المراقبون من الاعلان عن زيارة الحريري لعون اليوم، نضوج الإتصالات الجارية في الكواليس المحلية والدولية، بحيث سيترجم اعادة تحريك لملف تشكيل الحكومة في اتجاه ايجابي.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، انّ الحريري اتصل بعون بعد ظهر السبت، طالباً لقاء معه، فتحدّد موعده الرابعة والنصف بعد ظهر اليوم، على ان يُستأنف خلاله البحث في تأليف الحكومة. وقد اكّدت مصادر بعبدا لـالجمهورية» هذه المعلومات، لافتة الى انّ رئيس الجمهورية ينتظر ما سيحمله الحريري من صيغ حكومية، استكمالاً للمشاورات السابقة التي جُمّدت منذ ثلاثة اسابيع تقريباً. وقالت المصادر، انّها لم تطّلع بعد على مضمون زيارة الحريري، بما فيها التوليفة الحكومية التي تحدث عنها كثيرون، قبل ان يتبلّغ رئيس الجمهورية ما يدلّ الى شكلها ومضمونها بالأسماء والحقائب. وإستغربت المصادر حديث البعض عن رفض رئيس الجمهورية المسبق للصيغة الحريرية. ورأت في مثل هذه التوقعات الجازمة «استباقاً لما لم يحصل بعد، وما يمكن ان يحمله الرئيس المكلّف الى القصر الجمهوري».
صيغة الحريري
وفي ظلّ الصمت الذي يلتزمه «بيت الوسط»، كشفت المصادر العاملة على خط الوساطات لـ«الجمهورية»، انّ الحريري سيحمل اليوم صيغة حكومية تلتزم ما قالت به المبادرة الفرنسية، وتأخذ في الإعتبار ملاحظات رئيس الجمهورية، وحصيلة المشاورات السابقة التي تحدثت عن حكومة خالية من الحزبيين، وتعتمد اختصاصيين يشكّلون فريق عمل متضامناً، يتمكن من صياغة الحلول للمرحلة المقبلة وفق خريطة الطريق الفرنسية، التي تقود الى الاصلاحات التي تعهّد بها لبنان، تمهيداً للتوجّه الى مصادر التمويل والدول والحكومات المانحة، وخصوصاً صندوق النقد الدولي الذي ينتظر موقفاً لبنانياً ًموحّداً من بعض العناوين المالية المعروفة، وابرزها توحيد الخسائر في القطاع المصرفي ومصرف لبنان، لإطلاق مفاوضات تؤدي الى دعم لبنان وفق المعايير التي علينا توفيرها، لملاقاة الحراك الدولي القائم على اكثر من مستوى فرنسي واوروبي واممي.
الحريري ورؤساء الحكومات
وكشفت المصادر لـ«الجمهورية»، انّ تحرك الحريري في اتجاه بعبدا، كان موضوع نقاش في لقاء جمعه ليل الجمعة الماضي مع رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وغاب عنه الرئيس نجيب ميقاتي لوجوده في لندن منذ ايام، حيث اطلعهما على مبادرته تجاه بعبدا، في محاولة لكسر الجمود القائم والسعي الى تحريك العملية السياسية التي تحتاجها البلاد، في مرحلة اقترب فيها الإنفجار الاجتماعي وربما الأمني من محطته القريبة.
لا تفاؤل بخرق واسع
وفي سياق متصل، وفيما ترصد الرادارات السياسية حركة الحريري في الساعات المقبلة، على وقع توقعات بأن يزور عون حاملاً مشروع تشكيلة من 18 وزيراً، او اقتراحات لمعالجة العِقد التي لا تزال تعرقل ولادة الحكومة، أبلغت مصادر مطلعة الى «الجمهورية»، عدم تفاؤلها كثيراً بإمكان إحداث خرق واسع وردم الهوة بين عون والحريري، الّا اذا حسم الرئيس المكلّف أمره، وقرّر ان يُحدث انعطافة إيجابية في طريقة مقاربته لمعايير التأليف.
ولفتت المصادر، إلى «أنّ مشكلة الحريري تكمن في المعادلة الآتية: لا حكومة من دون «حزب الله» ربطاً بالتوازنات الداخلية، ولا حكومة معه خوفاً من العقوبات الأميركية». واشارت إلى «أنّ الأسابيع التي تفصل عن التسليم والتسلّم بين دونالد ترامب وجو بايدن هي في غاية الخطورة، خصوصاً وانّ ترامب يحاول ان يترك خلفه منطقة ملتهبة، حتى يعقّد الأمور أمام بايدن ولا يترك له مجالاً للعودة الى الاتفاق النووي مع ايران.
ونبّهت المصادر، إلى أنّ هذا الوضع المعقّد ينعكس سلباً على لبنان، كونه يشكّل جزءًا لا يتجزأ من الواقع الإقليمي، وإحدى ساحات الضغط على طهران، عبر محاولة تضييق الخناق على «حزب الله».
لماذا تضييع الوقت؟
والى ذلك، قالت اوساط متابعة لمسار تأليف الحكومة لـ«الجمهورية»، انّه «إذا كان تأليف حكومة من اختصاصيين مستقلّين متعذراً، فلماذا تضييع الوقت والفرص والانتظار، بدلاً من الاتفاق على أسماء توحي الثقة وتكون متجانسة وقادرة على الإنتاج، خصوصاً وانّها ستكون بالتأكيد أفضل من الفراغ، فتضع الخطط اللازمة لمواجهة الأزمة المالية، إن بإقرار رزمة الإصلاحات المطلوبة، أو بفتح قنوات التواصل مع المجتمع الدولي».
وقالت هذه الأوساط باللغة العامية، «لو بدّا تشتي كانت غيّمت»، وذلك في إشارة إلى الانتظار غير المجدي وغير المفهوم، حيث انّ «المكتوب يُقرأ من عنوانه»، فلو كانت الأكثرية في وارد التراجع عن شروطها في تسمية الوزراء لتراجعت، وأما وانّها لم تتراجع، فلم يبق أمام الرئيس المكلّف سوى الاعتذار او التأليف بالاتفاق مع الأكثرية على تشكيلة توحي بالقدر المطلوب من الثقة للداخل والخارج، وأي حكومة ستكون أفضل من الفراغ، كما أنّ أي حكومة سيشكّل تأليفها ارتياحاً، وستمنح الفرصة اللازمة ليتبيّن خيرها من شرّها».
ورفضت الأوساط نفسها مقولة انتظار دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض «لأنّ اي ربط للتأليف بالعوامل الخارجية سيُبقي الوضع الداخلي معلّقاً على تطورات الخارج المعقّدة. ومن قال أساساً انّ الإدارة الأميركية الجديدة ستتفرّغ لملف المنطقة ومن ضمنها لبنان أوّل دخولها الى البيت الأبيض، فيما الوضع اللبناني لا يتحمّل الانتظار ويستدعي الإسراع في تأليف الحكومة؟».
ورأت الأوساط، «انّ ميزان القوى القائم لا يسمح للرئيس المكلّف أن يشكّل حكومة من دون الأخذ بوجهة نظر العهد و»الثنائي الشيعي»، وأنّ الاتكاء على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من دون التفاهم مع الفريق الحاكم لا ينفع، والدليل، انّ المبادرة الفرنسية في حلّتها الأولى أُجهضت بسبب عدم أخذها ميزان القوى في الاعتبار». ودعت الأوساط الرئيس المكلّف إلى «التمييز بين تشكيل الحكومة، التي لا يمكن ان يؤلفها من دون التفاهم مع الأكثرية، وبين قدرة الحكومة على العمل والإنجاز، الأمر الذي يتوقف على انتزاع التعهدات من الأكثرية بأنّ الحكومة لن تكون حلبة للنزاعات، إنما ورشة للإنقاذ، وانّ هذه الحكومة ستكون الفرصة الأخيرة للجميع، ومن الخطيئة تفويت هذه الفرصة». وكذلك دعت هذه الأوساط الحريري إلى «الإقدام وتقديم تشكيلته لرئيس الجمهورية، وان يُصار إلى تأليف الحكومة قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي اواخر الشهر الحالي، فتكون هدية للبنانيين من جهة، وتأتي تتويجاً لزيارة ماكرون للبنان من جهة ثانية، فيأخذها الرئيس الفرنسي على عاتقه مثلما يأخذ لبنان على عاتقه».
"البناء": دياب وسلامة لخطة ترشيد الدعم وتمويلها لستة شهور بمليار دولار
إلا أن القضيّة التي لا تزال تتصدّر أولويات الناس وتتقدّم كأولويّة لا تحتمل ترف الوقت، هي خطة ترشيد الدعم التي سيبدأ البحث بها وبتمويلها في اجتماع يُعقد في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحضور وزراء المال والاقتصاد والطاقة والصناعة والزراعة، وحاكم مصرف لبنان وأعضاء المجلس المركزي، حيث سيحمل الوزراء تصوّراتهم لمعايير الترشيد في وزاراتهم ومجال اختصاصاتها، والكلفة المطلوبة لتغطية هذه الاحتياجات، بينما يقدّم حاكم المصرف وأعضاء المجلس المركزي تصوّراتهم حول القدرة على التمويل، والبحث بتخفيض الاحتياط الإلزامي للمصارف من 15% الى 12% سيكون على الطاولة، وتوقعت مصادر معنية بخطط الدعم ومناقشات اليوم التي ستستمر غداً وربما بعد غد، أن يرسو التفاهم على خطة لستة شهور قيمتها مليار دولار، لا تطال تأمين الدعم للمحروقات، التي ينتظر تحريرها جزئياً من خطط الدعم المتوقعة عبر ربط دولار الاستيراد بسعرين للمبيع من مصرف لبنان، واحد بـ 3950 ليرة والآخر بسعر السوق أي 8000 بحيث يكون هناك سعران لصفيحة البنزين واحد بـ 50 الف ليرة والثاني بـ100 الف ليرة على ان يتم التعويض للسائقين العمومين بموجب بطاقات تسدّد بموجبها لهم مبالغ مالية شهرية تعادل الفارق عن سعر الـ1500 المعتمد حالياً لتمويل الاستيراد.
وبينما يزور رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعبدا اليوم الاثنين، وفق بعض الترجيحات لتقديم تشكيلة حكومية من 18 وزيراً من الاختصاصيين للوقوف على رأي الرئيس عون فيها، أفادت مصادر قناة «المنار» بأن الهدف الأول من الترويج لمعلومات عن إنجاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري التشكيلة الحكومية، هو إظهار أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل هما المسؤولان عن التعطيل، بينما هو قام بما عليه.
وأشارت المصادر إلى أن الهدف الثاني هو القول للفرنسيين إن المطلوب الضغط على عون وباسيل، لافتة إلى أن الحريري لن يقدم على أي خطوة من دون تنسيق مع الفرنسيين ومن دون الحصول على أسماء الوزراء الشيعة.
وكشفت المصادر أن الفرنسيين يعملون على إنجاز التشكيلة الحكومية قبل زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى لبنان في الشهر الحالي، وبالتالي خيار حكومة الأمر الواقع مستبعَد، بينما الحل هو وساطة متوازنة وتناسي أمر الأميركيين.
ولفتت مصادر بيت الوسط لـ«البناء» إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يجب أن يتعاون مع الرئيس الحريري للإسراع في تأليف الحكومة من أجل إنقاذ الوضع، خاصة أن المجتمع الدولي يشترط دعم لبنان تأليف الحكومة الأمر الذي يتطلّب من الجميع التعاون لتسهيل التشكيل، بدل اللجوء الى رفض التشكيلة الحكومية، معتبرة أن الحريري يتعاطى بإيجابية ويعتمد أداء عدم التعليق على الكثير من الاتهامات التي يتعرّض لها فضلاً عن أنه التزم الصمت بعد الذي صدر عن اجتماع الأعلى للدفاع علماً ان ما حصل من قبل الرئيس عون كان مخالفاً للدستور.
ومع ذلك، لفتت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ«البناء» الى ان زيارة الحريري الى بعبدا لم تتأكد بعد، وفي حال حصلت، فإن البحث سوف يتناول توزيع الحقائب من دون الدخول في لعبة الأسماء خاصة أن كل المؤشرات توحي ان لا حكومة حتى الساعة، وبالتالي لن يطرح الرئيس الحريري اية تشكيلة.
وجدّد «التيار الوطني الحرّ» انتقاده للرئيس المكلّف سعد الحريري، محملاً إياه مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة فمن غير المقبول ربط التشكيل بتبدّل الظروف وبالضغوط الحاصلة. كذلك، أكد انسجام التيار مع الرئيس عون في ملف التدقيق المالي الجنائي. وقال إن الالتزام بوحدة المعايير والمبادئ هو حبل نجاة للرئيس المكلف. إذ يحفظ التوازنات ويحترم الأصول، ويحقق الهدف الوطني بقيام حكومة اختصاصين تنفذ الإصلاحات المطلوبة، ويتمتع وزراؤها بالكفاءة والفعّالية والقدرة على الإنتاج.
وشدّد المجلس السياسي على ضرورة التزام الدستور في عملية التشكيل، باحترام موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها، من دون أي انتقاص أو تجاوز.
ودعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في قداس الأحد رئيسَ الجمهوريّةِ والرئيسَ المكلَّفِ، ومهما كانت الأسباب الحقيقيّة التي تؤخّر إعلانَ حكومةٍ جديدة، إلى تخطّي جميع هذه الأسباب، واتخاذ الخطوة الشجاعة وتشكيلِ حكومةِ إنقاذٍ استثنائية خارج المحاصصة السياسيّة والحزبيّة. وتوجه اليهما بالقول: لا تَنتظِرا اتّفاقَ السياسيّين فهم لن يتّفقوا، ولا تَنتظِرا انتهاءَ الصراعاتِ الإقليميّة فهي لن تنتهيَ. ألِّفا حكومةَ الشعب، فالشعبُ هو البدايةُ والنهاية، وهو الذي سيحسم بالنتيجة مصير لبنان.
وسأل: هل من مبرّر لعدم تشكيل حكومة جديدة تنهض بلبنان الّذي بلغَ إلى ما تحت الحضيض والانهيار اقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا وأمنيًّا، وتعيده إلى منظومة الأمم؟ أين ضميرهم الفرديّ وأين ضميرهم الوطنيّ؟ ماذا ينتظرون أو يضمرون في الخفاء؟ وفي كلّ حال لبنان وشعبه وكيانه فوقهم جميعًا، وصامد بوفائه وكرامته!
"الديار": قرار رفع الدعم عن السلع أُتخذ
وفي ذات الإطار، رأت "الديار" أن ما حصل في جلسة اللجان المُشتركة (المال والموازنة، والعدل والإدارة، والإقتصاد الوطني والتجارة والصناعة والتخطيط والصحة العامة والعمل والشؤون الإجتماعية) الأسبوع الماضي والتي كانت مُخصّصة لدراسة الدعم كما والإحتياطي الإلزامي، كان تغطية لقرار رفع الدعم الذي تمّ إتخاذه من قبل القوى السياسية. هذا ما قاله مصدر في إحدى الأحزاب الكبيرة، مُضيفًا إن المُشكلة تكمن في من له الشجاعة في إعلان هذا الأمر.
عبارة «الدعم» التي تُستخدم في الخطاب السياسي والإقتصادي، لا تعكس ما يقوم به مصرف لبنان. فالدعم هو نتاج السياسة المالية للحكومة حيث يتمّ رصد قيمته في الموازنة العامّة كلّ عام للعام المُقبل من خلال قرار تحميل الخزينة العامة قسما من كلفة إستهلاك بعض السلع والبضائع ذات الطابع الإجتماعي. ما يقوم به مصرف لبنان، لا يدخل في خانة الدعم بل هو تأمين الدولارات لشراء السلع والبضائع والخدمات المُستوردة على سعر الصرف الرسمي وسعر المنصة الإلكترونية. هذا المال يأتي من إحتياطات العملات الأجنبية للمصرف المركزي والتي تحوي ودائع المودعين.
مع وصول إحتياطات مصرف لبنان إلى مستوى الإحتياطي الإلزامي أي ودائع المصارف الإلزامية في المصرف المركزي وبالتالي أموال المودعين، أصبح تأمين الدولارات لشراء السلع والبضائع والخدمات مُهمّة شبه مُستحيلة مع تفاقم الضغط الأميركي على الطبقة السياسية اللبنانية. وبالتالي، أخذت القوى السياسية بدراسة الحلول المُمكنة أمامها ومن بينها:
أولا- تشكيل حكومة قادرة على القيام بإصلاحات تسمح بإستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي وبالتالي إدخال الدولارات إلى القطاع المصرفي وهو ما سيسمح، مع هيكلة الإقتصاد، بالإستمرار بسدّ حاجة السوق الداخلي. هذا الخيار يبقى رهينة الوضع السياسي الذي من الواضح أنه أصبح حلا صعبا والراجح أنه خرج عن سـيطرة القوى السـياسية.
ثانيًا- إستخدام الاحتياطي الإلزامي من خلال تحرير قسم منه. هذا الإحتياطي الإلزامي يُشكّل 15% من أموال المودعين بالعملات الصعبة، وبالتالي فإن تحرير قسم من هذا الإحتياطي يفرض إعادة الأموال إلى المصارف ومنهم إلى المودعين لا لما يقال عنه دعم للسلع. مما يعني إستحالة إستخدامه لشراء السلع والبضائع نظرا إلى أن المُلكية الخاصة لها قدّسية في الدستور اللبناني. وهنا يبرز السؤال الكبير، على أي شيء استندت القوى السياسية في ترجيحها خفض مستوى الاحتياطي، وهل يحق للمصرف المركزي استعمال هذه الأموال في حال اتخذ هكذا قرار التصرف به، واستنادا على أي اجتهاد؟
ثالثا- بيع قسم من الذهب الذي يمتلكه مصــرف لبنان والذي يتواجد ثلثــاه في المصــرف المركزي بحسب تصريح حاكمه رياض سلامة. هذا الأمر يفرض تعديل القانون 42/86 (منع التصرّف بالموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان) وهو إنتحار في ظل غياب حكومــة وخطّــة للنهوض الإقتصادي والمالي. وهذا إذا حصل يصنف في خانة تراكم القــرارات الخاطــئة «Escalation of duties».
رابعا- وقف التهريب للسلع والبضائع المدعومة وترشيد عدد المدعوم منها وتمويل هذا الدعم من خلال إلزام المُصدّرين (صناعيين ومزارعين وتجّار) إلى إعادة الأموال إلى القطاع المصرفي، من خلال مراقبة جهة الأموال الحاصلة جراء عمليات التصدير التي تستفيد في قسم منها هذه الجهات في شراء المواد الأولية بدعم من الخزينة، مما يسمح بتغطية كلفة الإستيراد من خلال هذه الصادرات. إلا أن هذا الخيار لم يتمّ وضعه على طاولة المشاروات على الرغم من بعض الأصوات التي نادت به، وهذا يفتح بابا عريضاً للمساءلة التي قد ترقى إلى الاتهام.
إن صعوبة هذه الحلول أو استحالة العمل ببعضها في الوقت الراهن دفع القوى السياسية إلى إعتماد حلّ خامس وهو رفع الدعم عن الإستيراد. هذا الأمر سيؤدّي حتماً إلى ثورة سيكون بدون أدنى شكّ ثمنها السياسي كبيرا جدا. من هنا تم العمل على إيجاد تخريجة تنصّ على رفع الدعم تدريجيا في قطاع المحروقات (بالدرجة الأولى) وفي القطاع الغذائي على أن يتمّ الحفاظ على جزء من الدعم للأدوية وبعض المواد الغذائية الأساسية.
هذا الأمر يعني أن الأسعار سترتفع تدريجيا (وهذه هي التخريجة) مع رفع الدعم رويدا رويدا إلى أن يصبح الإستيراد بالكامل بالدولارعلى سعر السوق، والتعويل السياسي في ذلك على التكليف التدريجي للعبء بحيث يصبح الشعب حاضراً ذهنياً ونفسياً للمصاعب الحياتية، وهو ما تراهن عليه الطبقة السياسية لتخفيف وطأة الاحتجاجات الشعبية. والحق يقال، إنها إلى الآن نجحت في هذا الأسلوب إلى حد كبير وغير متوقع.
مصدر إحدى الأحزاب الكبيرة قال إن التخريجة هذه تمّ تسليمها إلى رئيس الحكومة المُستقيلة الرئيس حسان دياب بعد فشل إلقائها على حاكم المصرف المركزي الذي اختار عدم الحضور موفداً ممثلا له ويقال إن ذلك كان بناء على توصيات نيابية. على كلٍ، يلتئم اليوم عدد من الوزراء في إجتماع برئاسة الرئيس حسان دياب وحضور المجلس المركزي للمصرف المركزي للبحث في الحلول المطروحة على أن يخرج عن الإجتماع قرار يتبنّى ترشيق الدعم.