لبنان
غياب شبه كلي لاتصالات تشكيل الحكومة ودعوات لتوسيع تصريف الأعمال
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على أنه مع وجود غياب تشكيل الحكومة يجري البحث في آليات التعامل مع توسيع مفهوم تصريف الأعمال لما يستدعي اتخاذ قرارات، مثل ترشيد دعم السلع الاستهلاكيّة، وتوفير الخدمات الأساسيّة كالكهرباء والسلع الحيوية كالمحروقات، وذلك نتيجة استبعاد تشكيل الحكومة بسبب التعطيل الأميركي الخليجي، فضلاً عن الرهان على استلام جو بايدن للرئاسة الأميركية.
"الأخبار": رئيسا حكومة يتجاهلان الانهيار: لا تأليف ولا تصريف
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "مفاوضات تأليف الحكومة مُتوقّفة. رئيس الحكومة المُكلّف ينتظر «كلمة السرّ» الخارجية حتّى يُقدّم تشكيلته، وإلا فلن «يُخاطر» بخسارة منصب رئاسة الحكومة. تصرفات سعد الحريري تنمّ عن لامبالاة تجاه الانهيار الذي يُصيب البلد، وواجب تأليف حكومة تتخذ قرارات تحمي الفئات الشعبية. واللوم يقع أيضاً على حسّان دياب، مع اختلاف درجة المسؤولية، الذي تتطلب منه «حالة الطوارئ» العامة أن يُفعّل حكومة تصريف الأعمال">
واضافت الصحيفة "19 يوماً مضت على آخر زيارة قام بها الرئيس المُكلّف تأليف الحكومة، سعد الحريري، لقصر بعبدا، قبل أن يمنح المسؤولون في البلد أنفسهم «عطلة الثلج». مفاوضات التأليف مُتوقفة بطريقة توحي وكأنّ «المُستقبل» أمامهم ولهم، بما يسمح لهم بالتراخي في بتّ مسألة حسّاسة وأساسية لمحاولة فرملة الانهيار. سعد الحريري لم يعد يستعجل تأليف الحكومة، بعدما كان يُراهن على أن لا تستغرق التسمية والتشكيل أكثر من أيام قليلة. يتذرّع المُقرّبون منه بأنّ زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للبنان هذا الشهر «ستتضمّن طروحات جديدة». في ذلك، أولاً، تفاؤل مُبالغ به أن تحمل زيارة ماكرون مفتاح الحلّ، فيما «الفيتو» الحقيقي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية والسعودية والإمارات؛ وثانياً، «اعتراف» بأنّ العقدة خارجية ولا تُحلّ إلا بتدخّل القوى الغربية".
وأشارت الصحيفة إلى أن الحريري يُحاول بشكل دائم الفصل بين عدم القدرة على تأليف الحكومة والضغوط الإقليمية ــــ الدولية، وتصويرها مُجرّد خلاف بين «أولاد الحيّ» حول كيفية توزيع لاعبي كرة القدم في الفريق المحلّي. كلام المُقربّين منه ينفي ذلك، معطوفاً على التهديدات والمواقف العلنية التي يُطلقها المسؤولون الأميركيون والسعوديون، إضافة إلى الأداء الإماراتي، بأنّ أي حكومة تضمّ ممثلين عن حزب الله ــــ بشكل مباشر أو غير مباشر ــــ ستؤدّي إلى انهيار لبنان على رؤوس كلّ سكّانه. فهذه القوى التي كانت تُصوّر نفسها على أنّها «راعية وصديقة» لبنان، باتت تستخدم شعبه ومؤسساته «رهينة» عدائها مع حزب الله، حتى تُجبره على التنازل. والتنازل في عُرفهم لا يعني «كفّ شرّهم» عن البلد، بل «الطمع» أكثر فأكثر وفرض المزيد من الشروط واستمرار عملية الابتزاز حتى تأمين مصالحهم وأمن «إسرائيل» في المنطقة. بالإضافة إلى أنّ من السذاجة الاعتقاد والتسويق أنّ دولةً ضعيفة مثل الدولة اللبنانية، منزوعة السلطة والسيادة، ستتمكّن من إنتاج حكومة جديدة بطريقة «مُستقلة» ومعزولة عن التطورات الإقليمية والدولية".
ورأت الصحيفة أن لا شيء يمنع الحريري من تقديم تشكيلة حكومية إلى رئيس الجمهورية إلّا إدراكه أنّ تأليف الحكومة اللبنانية مضبوط على إيقاع الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب، التي تُمضي أسابيعها الأخيرة في الحُكم، لكنها تتصرّف كما لو أنّها في الفصل الأول من ولايتها. تصعيد ضدّ إيران والصين، تهديدات عسكرية، تسريع في توقيع اتفاقيات الشراكة الإسرائيلية ــــ الخليجية، التحضير لانقلابات جديدة في أميركا اللاتينية... ولبنان لا يغيب عن هذه «الأجندة العدائية». فليس صحيحاً أنّه «هامشي» بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، وأهميته تكمن فقط في كونه جزءاً من الملفّ الأكبر المُسمّى «تطويع إيران»، فواشنطن باتت تتعامل مع حزب الله كقوّة قائمة بذاتها، تعاظمت قدراتها القتالية بما بات يُشكّل قلقاً وجودياً لـ«إسرائيل». في السياق ذاته، تندرج ضغوط السعودية والإمارات، رُعاة الحريري (السابقون)، على لبنان. فهزيمة حزب الله هي أولوية هذه الدول. وفي طريقهم نحو «تحقيق» هدفهم، لا يُمانع السعوديون والإماراتيون إنزال العقاب الأقسى بحقّ اللبنانيين. ارتفعت حدّة المعركة، بعد توقيع اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والبحرين و«إسرائيل»، بمُباركة السعودية.
وقالت الصحيفة إنه في مواجهة المشهد الإقليمي والدولي الخطير، يمرّ لبنان بواحدة من أسوأ أزماته المالية والنقدية، «قُدّر» له أن يخوضها بحكومة مُستقيلة حتى من ممارسة تصريف الأعمال بمعناه الضيّق، ورئيس حكومة مُكلّف يخاف اتخاذ أي قرار لا غطاء دولياً له، و«حزب مصرف» يُريد السطو على ما تبقّى من ممتلكات الدولة بعدما سرق أموال المودعين وراكم أرباحاً طائلة من الأموال العامة، وتُجار ومُحتكرين يستغلّون الأزمة ليبنوا فوقها قصورهم، وشعب بات أكثر من نصفه تحت خطّ الفقر ويُهدَّد اليوم بوقف الدعم عن السلع الرئيسية من دون إيجاد بديل. القوى الفاعلة في البلد غير مُتفقة على أي ملفّ. خلافاتها تحول دون البحث في حلول عملية للخروج من الأزمة، بل حتى هي غير قادرة على البحث في كيفية التخفيف من حدّة الانهيار، وإنقاذ الشعب، ولا سيّما الطبقات الاجتماعية التي لم تعد قادرة على الصمود.
وسألت الصحيفة ما الذي يُريده سعد الحريري؟ وقالت يُريد أن يبقى رئيس حكومة مُكلّفاً بانتظار «التعليمة» التي تسمح له بتقديم تشكيلته. قبل ذلك، لن يُقدم على أي خطوة «من شأنها أن تُبعده عن السرايا الحكومية»، على ما يقوله مُطّلعون على موقفه. يغيب عن بال الحريري أنّ رئاسة الحكومة ليست وظيفة لإتمام الصفقات وجني الأموال، بل «مسؤولية»، ومن يسعى إليها يقع عليه واجب المُبادرة وطرح حلول وتذليل العقد الداخلية الموجودة، لتمتين الجبهة المحلية، وفرضها على الولايات المتحدة والسعودية والإمارات. ولكن إذا كان الحريري يُصرّ على النأي بنفسه، فلا يُمكن إغفال أنّه في السرايا الحكومية لا يزال هناك «رئيس حكومة».
ولفتت الصحيفة إلى أن حالة الطوارئ المالية والصحية في البلد تستوجب السؤال عن سبب عدم مُبادرة حسّان دياب إلى تفعيل عمل حكومته وتوسيع مهمات تصريف الأعمال بهدف أساسي وهو تخفيف وطأة الأزمة. فالتمسّك بـ«تصريف الأعمال ضمن النطاق الضيّق» في مثل الوضع اللبناني، يعني تسريع الانهيار. يُنقل عن دياب تبريره بأن «لا أحد يدعمني»، وأيّ قرار يتخذه خارج مفهوم «تصريف الأعمال» قد يؤدّي به إلى السجن «من دون أن يُدافع عنه أحد». كما أنّ دياب «مهجوس» دائماً من الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، «وديعة» سعد الحريري في السرايا، الذي يتصرّف كما لو أنّه «الدستور»، يُحدّد ما القرارات المُمكن اتخاذها، وتلك التي «تُعارض» تصريف الأعمال.
وقالت الصحيفة "لكن على الرغم من «الطعنات» التي تعرّض لها دياب من «بيت أبيه»، وإجبار حكومته على الاستقالة على القاعدة أنّ «البديل جاهز»، وكلّ الأمور التي قد يذكرها ويكون مُحقّاً بها، إلا أن ذلك لا يُعفيه من تحمّل مسؤوليته. كما أنّ القوى التي كانت جُزءاً من حكومة دياب، وخاصة تلك التي عملت على إسقاطه وتحويله إلى «كبش فداء» المرحلة السابقة، مُطالبة بالتخفيف من وقع أخطائها السابقة عبر تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال، وصولاً إلى عقد اجتماعات تتخذ فيها قرارات مصيرية، ككيفية استمرار الدعم الموجّه إلى الطبقات الفقيرة، وإقرار استراتيجية الحماية الاجتماعية لرعايتها، وتوفير الخدمات الرئيسية لها... خلاف ذلك، لا ينفع انتظار تسلّم جو بايدن الرئاسة الأميركية، ولا التعويل على انفتاح أميركي ــــ إيراني"، مشيرةً إلى ان الانتظار يعني رهن البلد والمواطنين على طاولة القمار، لأنّ أصل العودة إلى العمل بالتفاهم النووي غير مضمونة. الاجتماع الذي دعا دياب إليه الوزراء المعنيين بمسألة الدعم، يوم الاثنين المقبل، قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح... شرط ألا يكون يتيماً.
"البناء": مساعٍ فرنسيّة تمهيديّة لزيارة ماكرون نهاية الشهر أملاً بتحريكه المسار الحكوميّ
من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إنه مع وجود حكومة تصريف أعمال يجري البحث في آليات التعامل مع توسيع مفهوم تصريف الأعمال لما يستدعي اتخاذ قرارات، مثل ترشيد دعم السلع الاستهلاكيّة، وتوفير الخدمات الأساسيّة كالكهرباء والسلع الحيوية كالمحروقات، ومواجهة مخاطر ارتفاع سعر صرف الدولار إذا توجّه تمويل الاستيراد نحو سوق الصرف، مع توقف مصرف لبنان عن القيام بذلك بمعزل عن سعر بيعه للدولار للمستوردين، وفيما يبدو المَخرج الوحيد بتأمين ضخ ما يكفي من الدولارات في السوق، بما يعادل خمسمئة مليون دولار شهرياً، كما يقول الخبراء، طالما ان تحويلات الاغتراب تؤمن قيمة مماثلة فيما تشكل فاتورة الاستيراد التي تأثرت بالأزمة وصار حجمها يقارب المليار دولار شهرياً، ينتظر أن يؤمن مؤتمر باريس دفعة تكفي لحاجات شهر كانون الثاني، فيما يتركّز الجهد الفرنسي على النجاح بتشكيل الحكومة في نهاية العام.
واضافت الصحيفة أن التحرك الفرنسي على الخط الحكومي لا يزال بارداً، انطلاقاً مما أعادته مصادر مواكبة للمسار الحكومي الى سببين، الأول انتظار انعقاد المجمع الانتخابي الأميركي منتصف الشهر الحالي ونطقه بفوز الرئيس المنتخب جو بايدن بالرئاسة الأميركية وترجمة الرئيس دونالد ترامب وعده بتسليم الرئاسة في هذه الحالة، ما يمنح الرئيس الفرنسي فرصة التخاطب مع بايدن كرئيس مقبل والحصول منه على دعم للمسعى الفرنسي في لبنان ينسجم مع موقف بايدن بالعودة للتفاهم النووي، أي اعتماد الدبلوماسية بدلاً من سياسة الضغوط والتصعيد التي اعتمدتها ادارة ترامب، وفيما الاهتمام الاميركي بفرنسا يتركز على ملفات عدة تصل بالعلاقة مع أوروبا والملف النووي الايراني والعلاقة بروسيا ومستقبل الناتو واتفاقية المناخ المعروفة باتفاقية باريس، تبدو فرنسا معنية بطلب واحد هو تسهيل مهمة رئيسها في لبنان، أما السبب الثاني برأي المصادر فهو عدم الوقوع بالتسرّع الذي انتهى بالفشل في المرة السابقة، خصوصاً أن مهمة هذه المساعي هي تحضير الأجواء للزيارة التي سيقوم بها الرئيس ماكرون إلى لبنان نهاية الشهر، لأنه سيتولى شخصياً تذليل العقبات من طريق ولادة الحكومة مستعيناً بدعم أميركي واضح يزيل العقبات من طريق الرئيس المكلف سعد الحريري للتعاون مع حزب الله ورئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في المشهد السياسي كان حزب الله في الواجهة مع تصدّره لحدثين، الأول بثّه صوراً جوية قامت بها إحدى الطائرات المسيّرة للمقاومة فوق الجليل وتمكّنت خلال تحليقها من تصوير قيادة جيش الاحتلال في الجليل بعدما نجحت باختراق منظومة الردارات والعودة من مهمتها سليمة. والحدث الثاني قيام محامين مكلفين من الحزب بالتقدّم بدعوى قانونية ضد موقع القوات اللبنانيّة والنائب السابق فارس سعيد بتهم تعريض السلم الأهلي للخطر والتحريض على الفتنة، بينما قال النائب إبراهيم الموسوي الذي رافق المحامين، أن بهاء الحريري سيكون في دعوى لاحقة قريباً.
ولفتت الصحيفة إلى أن ملف ترشيد الدعم يحضر اليوم في السراي الحكومي ضمن البحث الوزاري عن وصفة سحريّة يستطيع تقديمها في جلسة اللجان المشتركة المقبلة، بينما صدرت قرارات قضائية بإلزام عدد من المصارف بتنفيذ طلبات المودعين بسحب احتياجاتهم، وإلزام عدد من المصارف بتحويلات لصالح الطلاب، فيما تعرّض حاكم مصرف لبنان للملاحقة من المودعين وهتافاتهم، ويُنتظر أن يحتشد المودعون اليوم في ساحة الشهداء لوضع خطة تحرك تصعيديّة.
وفيما تتجه الأنظار الى المشروع الذي تُعدّه الحكومة في ملف الدعم، ذكرت "البناء" أن اجتماعاً سيجري في السراي الحكومي بين عدد من الوزراء المختصين على أن ينضم اليه المجلس المركزي في مصرف لبنان وحاكم المصرف رياض سلامة لاتخاذ القرار المناسب. كما علمت أن الخلاف مستمر في مقاربة هذا الملف بين الحكومة ومصرف لبنان والمجلس النيابي على الاختيار بين الخيارات المطروحة في ضوء اعتبار الحكومة أنها مستقيلة ولا تتحمل مسؤولية موضوع من مهمة ومسؤولية مصرف لبنان. فيما تساءلت مصادر مطلعة عبر "البناء" عن جدوى جلسة اللجان المشتركة التي عقدت في المجلس النيابي والهدف من ذلك علماً أن اللجان لم تتوصل الى رؤية مشتركة لرفع الدعم في ضوء الخلاف المستحكم والحاد بين الكتل النيابية ما يطرح السؤال: هل رمي الكرة إلى المجلس النيابي مقدّمة لدفعه لطرح مسألة استخدام احتياط الذهب في مجلس النواب كآخر الخيارات المطروحة؟
وأكد وزير المال غازي وزني لـ"البناء" أن الحكومة تعدّ مشروع دراسة لموضوع الدعم على أن ينتهي الاثنين المقبل وشدّد وزني على أن التوجه لم يتضح حتى الآن بانتظار نهاية الدراسة. ولفت الى ان كل الخيارات سيئة وعلينا الاختيار بين السيئ والأسوأ. واشار الى ان اي توجه او قرار ستكون له ارتدادات سلبية على الوضعين الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي.
واشارت الصحيفة إلى أنه تخوّف خبراء اقتصاديون من أن رفع الدعم وتخلي مصرف لبنان عن مسؤوليته في تزويد المستوردين بالدولار سيؤدي الى رفع سعر صرف الدولار بمعدلات قياسية.
وحضرت مستجدات ملف التدقيق الحسابي والمالي في السراي الحكومي بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزير غازي وزني، ومدير شركة «Oliver Wyman» المولجة بالتدقيق الحسابي والمالي أوليفر وينش، مدير شركة «KPMG» مارتن هيوسكيتس، مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم، ونقيبة المحامين السابقة أمل حداد.
على صعيد آخر لا مستجدات حكوميّة. وتوقّعت مصادر متابعة للشأن الحكومي لـ"البناء" استمرار الجمود الحكومي الى العام المقبل كحد أدنى. وكشفت مصادر بعبدا أن لا موعد محدّداً للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لزيارة بعبدا.
كذلك، أكّدت مصادر مطلعة عن وجود اتصالات خارجية، خصوصاً فرنسيّة بمسؤولين لبنانيين للحثّ على تشكيل الحكومة.
ووجّه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان رسالة الى الاغتراب اللبناني أكد فيها على دعم فرنسا الكامل للبنان في هذه المرحلة الصعبة والتي يقف فيها لبنان على مشارف الانهيار، على حد تعبيره.
واشارت الصحيفة إلى أن هذه الرسالة من وزير الخارجية الفرنسي تأتي رداً على الخطاب المشترك الذي أرسل الى الخارجية الفرنسية من قبل مجلس رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا (HALFA) ومجلس التنفيذيين اللبنانيين (LEC) والمجلس الاغترابي اللبناني في بلجيكا.
وفي معرض رسالته أكد لودريان على حتمية التزام الطبقة السياسية بإجراء الإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد. وختم وزير الخارجية الفرنسي بتأكيد وقوف فرنسا الدائم الى جانب الشعب اللبناني.
وقالت "البناء" إنه كانت لافتة زحمة المواقف الدوليّة تجاه لبنان. وأنهى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جايمس كليفرلي، زيارته للبنان، داعياً المسؤولين اللبنانيين الى التحرك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة. وأعلنت السفارة البريطانية في بيان «في زيارته الأولى الى لبنان، حثّ وزير شؤون الشرق الأوسط سياسيي لبنان على تنفيذ إصلاحات عاجلة لمنع البلاد من الانزلاق أكثر في الأزمة الاقتصادية. وشدد كليفرلي على الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة وضرورة إجراء إصلاحات قد طال انتظارها.
"النهار": تصاعد مقلق للتحذيرات الخارجية..والداخل في غيبوبة
أما صحيفة "النهار" فقالت "يكفي ان تمر ذكرى الشهر الرابع على انفجار مرفأ بيروت غداة انعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني وفي ظل ما أدى اليه الانفجار من تفاقم مخيف في تداعيات كل الازمات الخطيرة التي تسحق اللبنانيين حتى يفهم سر هطول مجموعة مواقف دولية بارزة للغاية من الوضع في لبنان، بدت اقرب الى دق مزيد من أجراس الإنذار حيال واقعه ومستقبله القريب والبعيد. ذلك ان مجمل التحذيرات الجديدة التي جاءت في الساعات الأخيرة على السنة مسؤولين دوليين اتسمت بدلالات بالغة الأهمية، بل والخطورة ليس لما تضمنته فقط من مضامين تؤكد تعاظم مخاوف الدول الداعمة والمانحة للبنان من مزيد من انزلاقه نحو مهالك اقتصادية ومالية واجتماعية قاتلة، وانما أيضا تعكس مدى الخيبة الخارجية الضخمة من السلطة الحاكمة والقوى السياسية اللبنانية بما ينذر بمضاعفات وشيكة شديدة السلبية على واقع الدولة اللبنانية برمته خارجيا.
واضافت "لعل أسوأ ما واكب ذكرى مرور أربعة اشهر على انفجار المرفأ وتدفق المواقف الخارجية المتصلة بلبنان عقب مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني ان المشهد السياسي الداخلي اتجه نحو غيبوبة مخيفة في ما يتعلق بمسار تأليف الحكومة يخشى ان تستغرق مدة غير قصيرة في ظل الخطورة التي رتبتها الرسالة السلبية المتعمدة التي اطلقتها رئاسة الجمهورية اول من امس عبر تحويل اجتماع مجلس الدفاع الأعلى بمثابة جلسة ضمنية لمجلس الوزراء على ما تنطوي عليه هذه المناورة من انتهاك ضمني للأصول الدستورية".
واشارت إلى أنه قد جاءت هذه الخطوة لتكشف، وفق مصادر معنية، المدى العميق والخطير للقطيعة التي باتت تتحكم بمسار تأليف الحكومة، اذ بدا قصر بعبدا كأنه أراد استفزاز رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري والتلويح بامتلاك رئيس الجمهورية ميشال عون “بديله” الظرفي من تأليف حكومة يصر الحريري على ان تأتي مطابقة الى اقصى الحدود الممكنة لمعايير المبادرة الفرنسية. وأكدت المصادر ان الانسداد الحاصل في مسار التأليف والسابق لانعقاد مؤتمر الدعم الدولي الثاني للشعب اللبناني، كان يفترض ان يبدأ تبديده من خلال اطلاق جولة جهود جديدة ومشاورات عاجلة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف كاستجابة فورية للمواقف الدولية المتصاعدة بكثافة وقوة استثنائيتين والضاغطة لتأليف الحكومة الجديدة كممر لا بديل منه لتوفير الدعم الأكبر للبنان في ازمته المالية والاقتصادية.
واضافت الصحيفة "لكن شيئا من هذا لم يحصل بعد يومين من انعقاد المؤتمر ومشاركة الرئيس عون فيه شخصيا فيما بدأ كلام يتصاعد عن ترجيح مرور وقت طويل بعد قبل امكان اختراق الازمة ، كما بات من المشكوك فيه بقوة ان تؤلف الحكومة العتيدة قبل الزيارة الثالثة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان هذه السنة والتي يرجح تحديد موعدها النهائي في الأسبوع الأخير من كانون الأول الحالي". ولفتت المصادر المعنية نفسها الى ان اندفاع بعبدا الى التلويح ببديلها، ولو انه اُسلوب محكوم بالفشل خصوصا ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب رفض أي توريط له في خطوة غير قانونية وغير دستورية، كشف رهان الفريق الرئاسي على تحميل الحريري تبعة تأخير الحكومة فيما أسباب التعطيل كلها قائمة في الموقف الرئاسي وربما يراهن الان على دفع الحريري الى الاعتذار بعدما بلغه ان الأخير ليس في وارد التراجع ولا الاعتذار اطلاقا. وفيما لا تزال سياسة الصمت تحكم موقف الرئيس المكلف وأوساطه مضت الأوساط التي تدور في فلك بعبدا في رمي كرة التأخير في مرماه فذهبت الى القول ان لا حكومة قبل العشرين من كانون الثاني بسبب فيتو أميركي على مشاركة حزب الله في الحكومة وان الحريري لن يقدم على تشكيلة تحرجه مع الثنائي الشيعي او تؤدي الى فرض عقوبات أميركية. وتوقعت استمرار الجمود في عملية التاليف الى حين امكان تمرير حكومة بشروط توافقية وذكرت بان لا اتصالات بين عون والحريري منذ اكثر من أسبوعين وان عون دعا الحريري آنذاك الى تقديم تشكيلة حكومية كاملة.
مواقف لافتة
ولفتت الصحيفة إلى أنه في غضون ذلك اكتسبت مجموعة المواقف الدولية والخارجية الجديدة من الوضع في لبنان دلالات مهمة للغاية خصوصا انها تزامنت مع مرور أربعة اشهر على انفجار مرفأ بيروت . وفي خطوة نادرة جديدة للديبلوماسية الفرنسية حيال لبنان بمغزاها ومضمونها وجه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان رسالة مباشرة الى الاغتراب اللبناني في فرنسا وأوروبا اكد فيها “دعم فرنسا الكامل للبنان في هذه المرحلة الصعبة التي يقف فيها لبنان على مشارف الانهيار” على حد تعبيره . ودعا لودريان المغتربين اللبنانيين الى الاستمرار في القيام بدورهم الحيوي ودعم وطنهم من خلال ارسال المساعدات الى الشعب اللبناني عبر منصتين مخصصتين لدعم لبنان من قبل الأمم المتحدة والمؤسسة الفرنسية للدعم بالشراكة مع وكالة التنمية الفرنسية. وجاءت رسالة لودريان ردا على خطاب مشترك ارسل الى الخارجية الفرنسية من مجلس رجال الاعمال اللبنانيين في فرنسا ومجلس التنفيذيين اللبنانيين ومجلس الاغتراب اللبناني في بلجيكا .
واضافت أنه في سياق لا يختلف عن الموقف الفرنسي اتسمت المواقف التي اطلقها وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي منهيا زيارته لبيروت بنبرة تحذيرية شديدة اذ دعا المسؤولين اللبنانيين “الى التحرك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة “. وإذ علمت “النهار” ان الوزير البريطاني لم يخف امام بعض المسؤولين تحذيرهم من مجاعة في لبنان حض في تصريحه الختامي امس على تنفيذ إصلاحات عاجلة “لمنع البلاد من الانزلاق اكثر في الازمة الاقتصادية ” مشددا على الحاجة الى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة . كما ان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش ربط بشكل مباشر بين الإصلاحات وتشكيل الحكومة والدعم الدولي لافتا الى ان مؤتمر الدعم الدولي ذكر مرة أخرى قادة لبنان بضرورة التنفيذ الفعال للإصلاحات.
وقالت إنه الى ذلك يعقد اجتماع موسع في السرايا برئاسة الرئيس دياب وحضور وزراء وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لبت موضوع الدعم على المواد الأساسية وموضوع الاحتياط الإلزامي. وفي هذا السياق كان موقف بارز لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع شدد فيه على ان الاحتياط الإلزامي ليس ملكا لمصرف لبنان ومن غير المقبول والمنطقي ان يمس به تحت أي حجة . واعلن ان كتلة الجمهورية القوية تحضر اقتراح قانون معجل مكرر للمحافظة على الاحتياط الإلزامي . وطالب الحكومة باستصدار بطاقات تموينية عاجلة بالتعاون مع البنك الدولي للعائلات الأكثر فقرا مما يقلص جدا الأموال التي تهدر على ما يسمى بالدعم.