لبنان
إعادة فتح حذرة للبلاد.. وعدد ضحايا كورونا يتجاوز الألف
اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم بانهاء الإقفال العام للبلاد الذي استمر أسبوعين، وإعادة فتح المرافق والمؤسسات بنسب متفاوتة، لا سيما مع اقتراب فترة الأعياد ونهاية السنة.
على أن الإقفال الذي لم يطبق بأكثر من 50% عل الأرض، لم تكن نتائجه إيجابية لناحية انخفاص عدد الإصابات اليومية، إلا أنه حافظ على استقرار في أعداد الإصابات مقارنة بالفحوصات، فيما ارتفعت نسبة الوفيات ليتجاوز عدد الذين فتك بهم الفيروس أكثر من ألف مريض.
"الأخبار": العودة إلى الحياة الطبيعية اليوم: عدد ضحايا الوباء يتجاوز الألف!
تعود البلاد، اليوم، إلى حالتها الطبيعية بعد قرار فك العزلة الذي استمر أسبوعين. عملياً، لا تعني هذه العودة أن أمور فيروس كورونا تسير على ما يرام، فما يجري اليوم هو تسليم بواقعٍ لا بديل منه، وخصوصاً في ظل الفشل الذي رافق أسبوعَي الإقفال وتخبّط السلطات المعنية في إيجاد بدائل توقف الاتجاه التصاعدي للإصابات بالفيروس. وقد بدا ذلك جلياً في جلسة اللجنة الوزارية المكلفة لفيروس كورونا التي عقدت، أمس، لتقييم ما جرى في الأسبوعين الفائتين، إضافة إلى مناقشة خطة الخروج التدريجي التي وضعتها وزارة الصحة العامة. فقد كان في الجلسة تياران، أحدهما يرفض إعادة فتح البلاد دفعة واحدة مقترحاً انتقاء القطاعات التي عليها أن تفتح، والتيار الآخر يتخذ من النموذج الأوروبي نهجاً لناحية فتح البلاد والتعايش مع الفيروس، كما في فرنسا وبريطانيا. وفي النهاية، خرجت القرارات بمجملها متوائمة مع توجهات التيار الثاني، فتقرر دفع «الإقفال العام إلى ما بعد العاشرة ليلاً»، على أن يترافق ذلك مع حظرٍ للتجول بدءاً من الحادية عشرة ليلاً حتى الخامسة فجراً.
أما بالنسبة إلى العودة، فقد أعطت اللجنة الوزارية الضوء الأخضر للمدارس للعودة إلى التعليم المدمج (حضورياً وعن بُعد)، ولمعظم القطاعات الاقتصادية من محال ومطاعم التي حددت نسبة الإشغال فيها بـ 50%، فيما استثنيت من العودة الملاهي الليلية والحانات. ومن بين القرارات أيضاً، إلغاء نظام «المفرد والمزدوج» في حركة السيارات والذي جاءت نتيجته عكسية لناحية زيادة الاكتظاظ في النقل، على أن يلتزم الناس بارتداء الكمامات «حتى بين أفراد الأسرة الواحدة أثناء تنقلهم في السيارة».
مقالات مرتبطة
عودة المدارس: التعليم الرسمي الخاسر الأكبر
إذاً، فُتحت البلاد، وفتحت معها الاحتمالات التي تفضي في معظمها إلى ازدياد أعداد الإصابات في فيروس كورونا، الني من المفترض أن تبلغ ذروتها في الشهرين المقبلين. أضف إلى ذلك، ثمة خوف كامن لدى البعض من عودة المدارس إلى فتح أبوابها «والتي من المتوقع أن تتسبب بأزمة، وخصوصاً أن لا أحد قادر على ضبط أعداد الإصابات التي يمكن أن تحدث»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية، عاصم عراجي. وهو خوف لا يأتي من فراغ، وإنما من «بروفة» أزمة حدثت قبل مرحلة الإقفال، حيث أقفلت مدارس عدة أبوابها مع انتشار الإصابات فيها، فيما أخفت مدارس أخرى أعداد الإصابات فيها لضمان استمرار فتح أبوابها. فهنا، لا ضمانة لعدم تفشي الفيروس، وخصوصاً في ظل ضآلة الإمكانات التي من شأنها أن تعزز من إجراءات الوقاية، وخصوصاً في المدارس الرسمية. ويضاف إلى هذه أماكن التجمعات التي سمح لها بالعودة، ومنها المطاعم، فمن يضمن التزامها بنسب الإشغال المحددة؟ ومن سيراقب هذه العودة؟
إلى ذلك، شهدت جلسة أمس نقاشاً حول ما أفضت إليه أسابيع الإقفال السابقة، وقد خرج المجتمعون بخلاصة أن ما حدث كان دون الطموحات، إذ لم يفض قرار الإقفال إلى خفض نسبة الفحوص الموجبة التي استقرت عند الـ 15%، وهو رقم مرتقع جداً، أضف إلى أن نسبة الالتزام بالإقفال لم تتخطّ الـ 50%، وهي أدنى مما حصل في الإقفالات السابقة، لأن «الجميع يعرف كم كان هناك من تذاكٍ على القرارات!»، على ما أشار وزير الصحة العامة، حمد حسن. مع ذلك، لا يزال حسن يملك شيئاً من التفاؤل لناحية تحصيل نتيجة الإقفال، لجهة انخفاض أعداد الإصابات بعض الشيء، مشيراً إلى أن «نتائج مرحلة الإقفال ستظهر بدءاً من الغد».
وفي انتظار ظهور «نتيجة» الإقفال، لا يزال عداد كورونا فوق عتبة الألف إصابة يومياً، وقد سجل أمس 1266 إصابة. وصحيح أن الرقم ينخفض عما كان عليه أول من أمس، إلا أن ذلك يعود إلى انخفاض أعداد الفحوصات المخبرية التي جرت أمس والتي بلغت 8814 فحصاً، والتي تنخفض بمعدل 3 آلاف فحص تقريباً عما كانت عليه أول من أمس. وغالباً، ما تسجل نهاية الأسبوع أعداداً منخفضة من الإصابات بسبب إقفال العديد من المختبرات. أما بالنسبة إلى عداد الوفيات، فلا يزال هو الآخر يسجل أعداداً مرتفعة، وقد سجل أمس 13 حالة وفاة إضافية رفعت العدد الإجمالي إلى ألف و4 ضحايا. ومن المرجح أن يرتفع العدد أكثر مع ازدياد أعداد الحالات الحرجة التي سجلت أمس 352 حالة، من بينها 135 حالة موصولة إلى أجهزة التنفس.
"اللواء": اعادة فتح حذرة
وتناولت "اللواء" مسألة انتهاء الاقفال، وقالت ..على صعيد إعادة فتح البلد، في خطوة حذرة، وصفت بأنها من نوع «انصاف الحلول»، يعاد فتح البلد، بدءاً من صباح اليوم، في ضوء ما آلت اليه مناقشات اللجنة الوزارية لمتابعة ملف وباء كورونا، والتي تناولت اجراء تقييم عملي، ليبنى على الشيء مقتضاه، انطلاقا من جملة اعتبارات:
1 - دخول البلاد في موسم الاعياد المجيدة، في بحر هذا الشهر، وهو الأخير من السنة والذي ينتظره اللبنانيون بفارغ الصبر، من عام لعام، معولين عليه، لجهة تعويض ما فاتهم من خسائر، لاسيما القطاعين التجاري والسياحي، وبعدما اعلن نقباء هذه القطاعات، عدم امتثالهم القرارات اقفال جديدة.
2- تبيّن لاعضاء اللجنة الوزارية - التقنية والاستشارية ان التزام المواطنين بالاقفال خلال الاسبوعين الماضيين لم يتجاوز الـ50٪ قياساعلي نسبة الالتزام خلال شهري كانون الثاني وشباط الماضيين، دل على ذلك حجم محاضر الضبط اليومية، التي قاربت الـ40 الف محضر بحق المخالفين، وعجقات السير على الطرقات، فضلا عن التحدي القطاعي لاستمرار الاقفال، وخروج الناس، الذين ضاقوا ذرعاً بالاجراءات الى كورنيش البحر، للتمتع بشمس اخر أحد من تشرين الثاني، بعد غضب الطقس الماطر ظهر السبت الماضي.
وفي هذا اليوم، تجاوزت السيارات المزدوجة والمفردة المعقول في السير صفوفا طويلة على الطرقات الدولية، جنوبا وشمالا، التي تربط المحافظات بالعاصمة، غير آبهة لا بالاجراءات، ولا بمحاضر ضبط..
3 - حسب النقاشات، عزت اللجنة، لا سيما الطاقم الطبي انفسهم، بأن قرار اقفال الاسبوعين، ساهم في اراحة الجسم الطبي، وسجلت نسب الاشغال تحسنا لمصلحة توفر اسرة في العناية الفائقة لكورونا.
وبالمحصلة، واستناداً الى ما وصفه وزيرالصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن، تقرر الخروج التدريجي، مع الدعوة لالتزام الاجراءات، واللجوء الى التقييم الاسبوعي، ومقارنة المخاطر بالنتائج على الارض.
وسط ذلك، يعود التلامذة في المدارس الرسمية والخاصة الى الدروس الحضورية، من زاوية اعتماد التعليم المدمج (حضوري والكتروني) مع تمديد مهلة، عدم انطباق ذلك على محافظة بعلبك- الهرمل، نظرا لحجم الاصابات التي يتعرض لها الاهالي هناك. وتأكيد رئيس الجامعة اللبنانية عودة الحضور الى كليات الجامعة ومعاهدها.. مع اسقاط نظام المفرد والمزدوج للسيارات الخاصة والعمومية والباصات والشاحنات.. واعادة تحديد الاقفال بين العاشرة ليلا والخامسة فجرا.
واستندت التقييمات والاجراءات الى ما اعلنه حسن بأن القرار اتخذ بالفتح التدريجي، انطلاقا من تصنيف «منظمة الصحة العالمية» الذي وضع لبنان في المستوى الثالث، اي ما قبل الاخير..
واصدر وزير الداخلية قرارا يتعلق بتعديل التدابير والاجراءات الوقائية لمواجهة وباء كورونا، اعتبارا من 30/11/2020، ولغاية 7/12/2020، وينص القرار على منع الخروج والولوج الى الشوارع يوميا من الساعة 11 مساء وحتى الـ5 من صباح اليوم التالي.
وقال وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال: اننا سنعمل لعام دراسي، في ظل كورونا، ومن لا يريد من الاهل ارسال اولاده، يمكن ان تأمين التعليم عن بعد..
وقال: ان البلد فاتح، والمدارس هي جزء من البلد. وقال ان المسؤولية جماعية في ما خص الوقاية من فايروس كورونا.
ودعا اتحاد لجان الاهل في المدارس الخاصة الى التريث في العودة الحضورية او المدمجة للمدارس، لما بعد عطلة رأس السنة، بانتظار وضوح الرؤية حول وضع كورونا.
صحياً، ذكرت وزارة الصحة في تقريرها اليومي عن تسجيل 1266 اصابة جديدة بالكورونا، و13 حالة وفاة، مع ارتفاع العددالتراكمي الى 126903 اصابات منذ 21 شباط 2019.
"الجمهورية": عون والحريري .. وسقوط "بيزنطة"!
سياسيا، تناولت "الجمهورية" الأزمة الحكومية، وقالت.. «قبل مئات السنين، انشغل أهل «بيزنطة» بجدل عقيم لا طائل منه، واختلفوا على جنس الملائكة هل هم ذكور أم إناث، واستمروا في تبايناتهم على كل شيء، في نقاش لا يقتنع به احد منهم، ولا يُرضي احداً منهم، وينتهي دائماً دون إقناع ولا اقتناع، ويستمرون في الخلاف والاختلاف دون جدوى، في وقت كانت اسوار مدينتهم تُدكُّ وتُهدم، وفي النهاية سقطت بيزنطة وانتهت».
هذه الواقعة التاريخية، يُسقطها مسؤول كبير على وضع لبنان، ويقول: «لبنان اليوم يشبه «بيزنطة»، الخطر يحوط بنا من كل الجوانب، والأزمات الداخلية على أشدّها، والناس صارت بالويل، والمصائب تنزل على رؤوسهم وتكشِّر عن أنيابها لتأكلنا جميعاً، والمخاطر تحوط بنا من كل جانب، ومع ذلك، ما زال «جماعة التأليف» مختلفين على جنس الملائكة، يدورون في حلقة تأليف مفرغة، تحت شعار «أنا أسمّي، إذن أنا موجود»، ويطرحون مصير البلد وأهله على طاولة قمار بين طرف يقول: «أنا أسمّي الوزراء»، وبين طرف آخر يقول: «لا.. أنا من يُسمّي الوزراء»، وبين الطرفين هوّة عميقة تفصل بينهما، يحفران فيها ويزيدانها عمقاً ويوسِّعان الشرخ كلّ يوم»!
«بيزنطة اللبنانية»، على حدّ توصيف المسؤول الكبير، «على وشك أنّ تنهار وتسقط نهائيًّا، ووصفة العلاج متاحة عبر تشكيل حكومة تمنع هذا الانهيار. والمفجع أنّ الملف الحكومي مقفل عمداً من جميع الجهات، ومفتاح الحكومة موجود، ومعروف مع من، فماذا ينتظرون؟ وإلى متى سينتظرون؟ هل إلى حين سقوط الهيكل؟ .. فقط نقول: الله يعين البلد، والله يعين الناس»!
يحتمل توصيف المسؤول الكبير للمشهد الحكومي المعطّل، أن يُعتَبر صرخة في وجه عون والحريري، فهما الشريكان في التأليف، ومفتاح الفرج الحكومي في عهدتهما معاً. ويكاد لا يخلو صالون او مجلس سياسي او غير سياسي من اتهام مباشر وصريح لهما بأنّهما شريكان ايضاً في إخفاء المفتاح وفي تعطيل الحكومة، لأسباب سطحية وشخصية. فيما هما، وعلى ما تعكس اجواؤهما يلقيان المسؤولية على بعضهما البعض.
حتى الديبلوماسيين الأجانب لا يبرؤون رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف من تُهمة التعطيل، بل على العكس، بعض هؤلاء الديبلوماسيين بدأوا يعبّرون صراحة عن اشمئزاز من التأخير المتعَمّد لتأليف الحكومة، ويسألون بغضب «هل يدرك معطلو الحكومة بأنّ الوقت المتبقّي لوجود لبنان يوشك على النفاد»؟
ما تقدّم، يؤكّد انّ تعطيل تأليف الحكومة داخلي، وينسف فرضية وجود عامل تعطيل خارجي اميركي او غير اميركي، يُضاف إليه الحضور المتجدّد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برسالته الى رئيس الجمهورية وتأكيده بأنّ فرصة تشكيل حكومة اختصاصيين كفوئين ما زالت متاحة على أساس المبادرة الفرنسية المؤيّدة دوليًّا واميركياً، ولم تمت كما صوّرها بعض القارئين في الفناجين السياسية.
وهذا يلقي المسؤولية تلقائيًّا وحصراً على عون والحريري، دون سائر المعنيين بملف التأليف، وخصوصا أنّ كلّ المكونات السياسيّة المرشّحة للمشاركة في الحكومة؛ من حركة «أمل» الى «حزب الله»، إلى «الحزب التقدمي الاشتراكي» إلى تيار «المردة»، صرّحت علناً باستعدادها لتقديم اقصى التسهيلات في سبيل التسريع في ولادة الحكومة، وكلّها تؤكّد أن «لا مشكلة من جانبنا».
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يستطيع الرئيسان عون والحريري، أو أيّ منهما، تجاهل رسالة ماكرون؟
بعض القراءات السياسية لرسالة الرئيس الفرنسي تدرجها كحبل نجاة ألقاه الرئيس الفرنسي بين الرئيسين، وصارا محكومين بتلقفه، إذ أنّهما لا يملكان سوى أن يتلقفاه، بعدما فشلت كل المعارك الجانبية الداخلية التي افتُعلت على طريق التأليف:
فمعركة ربط العقوبات الأميركيّة على النائب جبران باسيل بتأليف الحكومة، والتي قال رئيس الجمهورية إنّها أثّرت على هذا الملف، لم تنجح في إقامة «تحالف سياسي عريض» لخوضها، بحيث نأت القوى السياسية عن المشاركة فيها، واصطدمت بأسئلة اشترك في طرحها الخصوم والحلفاء في آن معا: كيف توثّر، واين، وما دخل حكومة تعني البلد كلّه بعقوبات محصورة بشخص بعينه؟ وبالتالي بقيت هذه المعركة محصورة فقط ضمن الفريق الذي حضّر لها.
ومعركة فرض المطالب والشروط وتكبير الحصص والاصرار على وزارات معيّنة، التي خيضت في لقاءات عون والحريري، وصلت الى حائط مسدود بعدما فشلت في تحقيق اهدافها، وفشل أحد طرفيها في استدراج القوى السياسية الأخرى الى هذه المعركة دعماً لموقفه وطروحاته، حيث قوبلت محاولات الاستدراج بكلام صريح: «البعض يريدنا أن نتدخّل للضغط على الحريري في محاولة منه للقول انّ المشكلة عامة، وليست محصورة بعون والحريري، من جهتنا لا خلاف بيننا وبين الحريري، لا على احجام او حقائب ولا على آلية تسمية الوزراء، وحتى ولو كانت الآلية تشكّل مشكلة فقرارنا هو ان نتجاوزها لأنّ البلد لم يعد يحتمل أي تأخير».
ومعركة التدقيق الجنائي انتهت سريعاً على غير ما اشتهى من حضّر لها كمعركة كبرى ومفتوحة، وشحن الاجواء الداخلية لتذخيرها، ومهّد لها سياسياً واعلامياً، ولوّح حتى بتحركات على الارض. ولكن بدل التصويب على الهدف المباشر، جرى التصويب في اتجاه آخر، في حملة إعلاميّة منظّمة تُلقي مسؤوليّة إعاقة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان في اتجاه الرئيس نبيه بري وفريقه، تماماً كما حصل بعد صدور العقوبات على باسيل، حيث تولّت بعض المنصّات التابعة الهجوم المباشر على بري!
وفي السياق التمهيدي للمعركة الكبرى، جاء نشر الغسيل اللبناني فوق السطوح الفرنسية، عبر رسالة باسيل الى ماكرون، التي ضمّنها من جهة مناشدة لـ»مساعدتهم» في «إكمال الاصلاح»، وضمنّها من جهة ثانية، نسفاً لهيبة المجلس النيابي وتصويره عاجزاً ومنكفئاً عن القيام بدوره ومانعاً للإصلاح. لتأتي بعدها مباشرة الرسالة الرئاسيّة الى المجلس حول التدقيق في مصرف لبنان. فكانت بمثابة رمية منتظرة، تعاطى معها بري وفق الاصول، وبما يحفظ هيبة مرسلها وهيبة المجلس، واعتبرها بأنّها جاءت في الزمان والمكان المناسبين، وقابلها بما مفاده «ما تريدون منه متراً نريد منه كيلومتراً»، وبدل ان يحصر التدقيق في حسابات مصرف لبنان، تقرّر تعميم التدقيق الجنائي على كل قطاعات ووزارات الدولة من دون استثناء. وفي ما قرّره المجلس في هذا الشأن، ردّ غير مباشر ايضاً على رسالة نشر الغسيل والنيل من كرامة المجلس.
الواضح انّ كل هذه المعارك الجانبية انتهت، الّا اذا كان هناك من يبحث عن اسباب تعطيل اضافية، ومعركة جانبية جديدة، كمثل فتح «معركة الدعم» التي بدأت تلوح من جديد على جبهة مصرف لبنان.
ماذا بعد؟
امام هذه الصورة، يبقى الجواب الحاسم الذي يحدّد وجهة التأليف بين تسريعه او مزيد من تعطيله، مؤجّلاً الى اللقاء المقبل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، والذي سبقته اشارات الى أنّ الحريري سيقدّم تشكيلة حكومية الى عون.
وعشية اللقاء المنتظر بين الرئيسين، ثمة من يقول انّ الحريري امام خيارين:
الخيار الأول، ان يبادر الى طرح مسودة حكومية ناقصة الى رئيس الجمهورية، ويطلب إليه أن يختار من يريد من وزراء. فهل سيستطيع عون ان يرفضها، حتى ولو كان في قرارة نفسه لا يريد الحريري رئيساً لحكومة قد تستمر حتى نهاية العهد؟
قد يتهم البعض الحريري في هذه الحالة بأنّه خضع وتراجع. ولكن البعض الآخر قد يعتبر خطوة الحريري هذه، مسؤولة املتها حاجة البلد الى حكومة تجنّبه الانهيار.
الخيار الثاني، ان يقدّم مسودة حكومية كاملة من شخصيات اختصاصية وكفوءة. الّا انّ المحسوبين على رئيس الجمهورية حسموا مصير هذه المسودة سلفاً، بتأكيدهم انّ عون سيرفضها.
معنى ذلك، عودة الامور الى نقطة الصفر. والمحسوبون على عون يتحدثون مسبقاً عن انّ الكرة ستكون في ملعب الحريري، وأنّ عليه تحديد خطوته التالية لرفض مسودته. فهل سيكتفي الحريري برفض عون لمسودته ويعيد ترتيب اوراقه لمحاولة تأليف جديدة، أم انّه سيبادر الى الاعتذار؟ وحتى ولو اعتذر فهل في الإمكان تكليف غيره؟