لبنان
توصية نيابية بالتدقيق الجنائي الشامل..الكرة في يد السلطة التنفيذية..والحكومة بانتظار توافقات تسّرع التأليف
شكل المشهد النيابي الملف الأهم في نهاية الأسبوع مع إقرار مجلس النواب توصية رئيسه نبيه بري، بدعم التدقيق الجنائي الشامل في مصرف لبنان وكل مؤسسات ووزارة الدولة، والذي لاقى ترحيب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فيما لا يزال ملف تشكيل الحكومة ينتظر خرق جدار العقد الخارجية التي تعطل التأليف.
الأخبار: مجلس النوّاب يدفن التدقيق الجنائي
قالت صحيفة "الأخبار" إن المجلس النيابي أقام رسمياً يوم أمس مراسم دفن التدقيق الجنائي وأيّ أمل بتنفيذ أيّ إصلاح مالي ونقدي تمهيداً لإعادة النهوض باقتصاد الدولة ومؤسساتها. هكذا، شرّع المجلس البلد، تحت عنوان حرصه على مصيره، أمام الإفلاس والفوضى. زايدت الكتل النيابية بعضها على بعض بتوسيع دائرة التحقيقات لتشمل كل مؤسسات الدولة، لا مصرف لبنان فقط، لكنها لم تصدق «كذبتها» فانتهت بإقرار توصية غير ملزمة لإخضاع الكل للتدقيق.
واضافت الصحيفة "تكررت العبارة على مدى ساعتين من انعقاد الجلسة النيابية لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون يوم أمس: «هذه الجلسة مصيرية». قالها رئيس مجلس النواب نبيه بري وغالبية النواب. كان يفترض إذاً أن يعكس قرار المجلس النيابي الأهمية التي يبديها لمسألة رفع السرية المصرفية عن حسابات مصرف لبنان، بعد رفض حاكمه رياض سلامة التجاوب مع مطالب شركة التدقيق الجنائي «ألفاريز إند مارسال». لكن ما قُدّم على أنه يحدد مصير البلد انتهى بإقرار «توصية» بإخضاع مصرف لبنان والوزارات والمجالس والمؤسسات المالية والصناديق والبلديات كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون أي عائق أو تذرع بالسرية المصرفية".
واشارت إلى أنه في اللغة القانونية، ليست التوصية سوى فولكلور لا يمكن صرفه سوى في الإطار الشعبوي، للتغطية على رغبة حماة سلامة بإعفائه من المحاسبة. إذ كيف لمن أعطى الذريعة لحاكم مصرف لبنان وكل المبررات لتمرّده على الدولة، وأمّن له ولجمعية المصارف خروجاً آمناً من تحمّل المسؤولية، أن يكون هو نفسه من سيلزمه بالخضوع للتدقيق الجنائي. ذلك يؤكد مرة أخرى أن من أوقعوا البلد في الانهيار نتيجة مشاركتهم بكل الموبقات المالية والنقدية المرتكبة على مدى سنوات، بالتواطؤ مع حليفهيما الرئيسيين رياض سلامة والمصارف، لن يسمحوا بالدخول الى مغارتهم لإصلاح ما ارتكبوه. فكان «أرنب» خلاصهم يوم أمس، توسيع التدقيق ليشمل كل مؤسسات الدولة ووزاراتها وصناديقها، بالتوازي مع التدقيق في حسابات المصرف المركزي، ضاربين عصفورين بحجر: إمرار مسرحية تبرئة ذمم أصدقاء الحاكم، والمزايدة على المطلب الأساسي تمهيداً لتطييره لمعرفة أركان النظام المسبقة استحالة تنفيذ هذه القرارات، لا لشيء سوى أنهم أنفسهم سيحولون دون الدخول الى هياكل الإدارات.
وقالت "لذلك يبدو هذا المطلب سوريالياً وغير ذي جدوى. فالوزارات والمؤسسات العامة تخضع للمحاسبة عبر أجهزة الرقابة الممثلة بديوان المحاسبة والتفتيش المركزي وللنيابات العامة المالية والتمييزية ولمجلس الخدمة المدنية. كما أن كل حسابات الدولة، التي أنجزتها وزارة المالية في عهد الوزير علي حسن خليل، موجودة في ديوان المحاسبة، ولا يحتاج التدقيق فيها إلى شركة عالمية، ولا إلى قانون خاص. ولا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة الوزارات والإدارات بإمبراطورية رياض سلامة غير القابلة للمسّ. إذ يتعذر على أي جهاز أو أي سلطة، إن كانت تنفيذية أو تقريرية أو قضائية الاطلاع على الحسابات المتبادلة بين مصرف لبنان والمصارف بخلاف حسابات الدولة المالية وحساباتها مع المصرف المركزي. وهذا دليل إضافي على النية الكامنة وراء «تكبير الحجر» لتحوير الأنظار عن القضية الرئيسية، أي تمرّد سلامة على قرارات الحكومة والقانون، للحؤول دون الكشف عن وجهة هدر الأموال وكيف تبخرت ودائع الناس، ومن المستفيد الأول من هذا المخطط الاحتيالي. هكذا، اكتفى رئيس مجلس النواب بإقرار توصية في ظرف دقيقة واحدة، ومن دون نقاش حول جدواها أو تعيين موعد لجلسة تشريعية حتى يصار الى إرفاق هذه التوصية بآليات قانونية ملزمة. لكن لا همّ، رفع النواب أياديهم عالياً وسط تصفيق حادّ، فالكلّ يبصم على التدقيق الجنائي ويريد معرفة الحقيقة، فيما خرج بعضهم مباشرة لزفّ الإنجاز الوهمي الى وسائل الإعلام والناس. وجرى تجاهل ثلاثة مشاريع قوانين مقدمة الى المجلس في هذا الخصوص، أحدها من كتلة الرئيس بري، والمشروعان الآخران من حزب القوات واللقاء التشاوري. فأعاد مجلس النواب كرة رئيس الجمهورية الى الحكومة التي يفترض بها التفاوض مجدداً مع شركة التدقيق لحثّها على الرجوع عن «استقالتها»، أو تعيين شركة تدقيق جديدة لتدخل مجدداً في نفق سلفها. بمعنى آخر، أطاح حزب المصارف مجدداً التدقيق الجنائي وأي أمل بإجراء إصلاحات في النظام النقدي والمالي، مشرّعاً البلاد التي ادّعى حرصه على مصيرها أمام الانهيار التام والفوضى الشامل
عون يقطع الطريق على سلامة: ممنوع إلغاء الدعم
من ناحية أحرى قالت الصحيفة إن الرسالة التي أراد الرئيس ميشال عون إيصالها إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يمكن تلخيصها بالآتي: «لا لإلغاء دعم» الدواء والمحروقات والقمح والسلّة الغذائية. لهذه الغاية، اجتمعا أمس في قصر بعبدا، وقد صدر بعد اللقاء بيانٌ مُقتضب يُشير إلى أنّ الرئيس بحث مع سلامة «موضوع دعم المواد الأساسية والضرورية والإجراءات الآيلة الى استمرار هذا الدعم في الظروف الراهنة». فبالنسبة إلى رئيس الجمهورية، الوضع لا يسمح برفع الدعم حالياً لأنّه سيتسبّب بمشكلة اجتماعية، بحسب المعلومات. لكنّ الاجتماع بين عون وسلامة لم يبحث بالآليات الجديدة التي ستُعتمد، ولم يُحسم من أين سيتمّ تمويل كلفة الدعم نظراً إلى عدم حسم مسألة تخفيض نسبة «الاحتياطي الإلزامي» من عدمه، مع مُمانعة أعضاء في المجلس المركزي لمصرف لبنان، مدعومين من أصحاب المصارف وكبار المودعين، لهذا الخيار.
واشارت الصحيفة إلى أن النقاش بين الرئيس وحاكم مصرف لبنان بقي في الإطار العام، عن ضرورة اتخاذ إجراءات لتخفيض عدد المواد الغذائية المدعومة، وتقليص نسبة المُستفيدين من الدعم على المحروقات، فلا يستفيد منه غير المستحقين. وفي هذا الإطار، بدأ التداول بـ«أفكار» عامة حول توجيه الدعم، لتُصبح كلفته في السنة بحدود المليار و300 مليون دولار، وتُوزّع بطاقات (لم يُحسم إن كانت تموينية أو تمويلية) على أكثر من 500 ألف عائلة باتت فقيرة. المُشكلة أنّ البيانات المطلوبة لوضع «البطاقة المدعومة» موضع التنفيذ وانطلاق العمل بها لم تجهز بعد، وهذا الأمر قد يستغرق أشهراً، نظراً إلى غياب المعايير التي على أساسها يُحدّد «الأكثر فقراً»، والافتقار إلى العدد اللازم من الموظفين لإنجاز المُهمة. بداية الأسبوع المقبل ستشهد اجتماعات بين جهات حكومية واقتصاديين وأعضاء من المجلس المركزي في مصرف لبنان لمحاولة الاتفاق على آلية جديدة للدعم، على أن يُبتّ الموضوع في اجتماع المجلس المركزي يوم الأربعاء.
قاسم: ليفهم الأميركي أنّ موافقة الكتل النيابية شرطٌ أساسيّ لتأليف الحكومة
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه «الضبابية» في موضوع الدعم، تنسحب أيضاً على الملفّ الحكومي، طالما أنّ الرئيس المُكلّف سعد الحريري مُصرّ على أن يكون «الرهينة»... رهينة الخطوط الحُمر التي حدّدتها له الولايات المتحدة الأميركية. وفي هذا السياق، قال نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم إنّ خطوة الحريري «بتسمية من يُريد وعدم التواصل الكافي مع بعض الكُتل، والموقف الأميركي الضاغط على لبنان بأشكال مُختلفة، سبّبا تأخير تأليف الحكومة». وأضاف قاسم في مقابلة مع قناة «المنار» إنّ الحلّ هو «الجرأة بتأليف الحكومة وتقريب المسافات البعيدة... ترف الوقت ليس في مصلحة أحد، والبعض ينتظر تسلّم الرئيس الأميركي الجديد مهماته لتكون الحكومة مُنسجمة مع التوجهات الأميركية»، مُعتبراً أنّ الأجدى في هذه الظروف أن تدعى حكومة تصريف الأعمال «إلى اجتماعات دائمة لحلّ مشاكل الناس في ظلّ غياب الحكومة الجديدة، وهذا ما يُتيحه الدستور».
"البناء": هل يُترجَم قرار مجلس النواب حول التدقيق الجنائيّ؟
من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إن بنيامين نتنياهو ترجم نتائج اجتماعات التنسيق الأميركي الإسرائيلي السعودي بعملية اغتيال استهدفت رمز الملف النووي الإيراني العالم النووي والقياديّ في الحرس الثوري محسن فخري زادة، وعملية الاغتيال التي نفذت داخل إيران شكلت من جهة رسماً لشكل الحرب التي تقررت بين أطراف الثلاثي الذي ضمّ وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بهدف خلق وقائع تعقد مسار الملف النووي الإيراني، ومعه مسار التفاوض بين القيادة الإيرانية وإدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، ضمن معادلة مغادرة العمليات التي لا توجع، وتفادي العمليات التي تشعل حرباً، ويبقى السؤال حول نجاح فرص تفادي الوقوع في الاختيار الأصعب بين تحمّل الرد الموجع والرادع أو القبول بالانزلاق الى الحرب، وهو ما سيبدأ اختباره منذ اليوم مع الإعلان الإيراني على أكثر من مستوى قيادي رفيع بتحميل «إسرائيل» مسؤولية الاغتيال والتوعّد بردّ لن يتأخّر وسيكون موجعاً.
واشارت الصحيفة إلى أن الأيام المقبلة ستكون ساخنة وشديدة التوتر، وفقاً لقراءة مصادر متابعة للوضع الإقليمي، فحاملة الطائرات الأميركية نيميتنز دخلت مياه الخليج، ورغم الإعلان الأميركي بأن قرار تحريكها سابق للضربة، يبقى أنها جاءت ضمن خطة الاستعداد لمخاطر مواجهة مع إيران بالتزامن مع قرار سحب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان.
مصادر متابعة في إيران أكدت أن القرار الإيراني بالردّ وتوجهيه نحو كيان الاحتلال قد اتخذ على أعلى المستويات، وأن الأمر أصبح بيد الجهات التنفيذيّة لبلورة نوعيّة الرد وحجمه ومكانه وشكله، لكن ذلك لن يستغرق طويلاً بل أسابيع قليلة بسقف لا يتعدّى نهاية العام.
المصادر المتابعة تقول بحسب "البناء" إن نظرة القيادة الإيرانيّة لأهميّة الردّ ليست مجرد حفظ لقواعد السيادة وموازين الردع، ولا مجرد انتقام واجب لشخصية قيادية هامة، بل لأن الرد أيضاً يشكل واحدة من قواعد تأسيس العلاقة مع الإدارة الأميركية الجديدة، وعنوانها أن الحرص الإيراني على العودة للتفاهم النووي لا يعني أن إيران تسعى لذلك بأي ثمن، ويجب ان تفهم الإدارة الأميركية الجديدة أن إيران مستعدّة لخوض غمار المواجهة اذا كان ذلك ثمن سيادتها.
لبنانياً، قالت "البناء" إن المشهد النيابي كان هو الأهم مع إقرار مجلس النواب توصية رئيسه نبيه بري، بدعم التدقيق الجنائي الشامل في مصرف لبنان وكل مؤسسات ووزارة الدولة، من دون التذرّع بالسرية المصرفية، وفيما لاقى القرار ترحيب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بقي السؤال بعد إعلان انسحاب الشركة التي تمّ التعاقد معها لتنفيذ التدقيق الجنائي بالتزامن مع زيارة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى باريس، هل ستعود الشركة؟ وهل سيتم تكليف غيرها إذا لم تقرّر العودة، أم أن حاكم المصرف أنهى الأمر في باريس بتسليم ملفات التدقيق للمصرف المركزيّ الفرنسيّ؟
واضافت "صوّت المجلس لصالح اقتراح بري جواباً على رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إخضاع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح والمجالس والمؤسسات المالية والبلديات والصناديق كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون أي عائق أو تذرّع بالسرية المصرفية أو خلافه".
ورفع بري الجلسة وقال أمام النواب: «رداً على رسالة فخامة رئيس الجمهورية القرار التالي: تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والمؤسسات المالية والبلديات والصناديق كافة بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون أي عائق او تذرع بالسرية المصرفية او بخلافه».
واشارت الصحيفة إلى أن الجلسة كانت بدأت بموقف لرئيس المجلس قال فيه «إذا تبلغتم الرسالة جميعكم، فلا داعي لتلاوتها، مع التمني مسبقاً، بإجماع المجلس النيابي أن يكون التدقيق شاملاً لمصرف لبنان وكل القطاعات والصناديق».
وفيما قال المجلس النيابي كلمته لم تعرف مفاعيل القرار وحدوده، وما إذا كان مُلزِماً لمصرف لبنان وسائر الوزارات والإدارات والمؤسسات الرسمية.
وبحسب ما قالت مصادر نيابية فإن «رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس لا مفاعيل تنفيذية لها، وهو طلب من المجلس إصدار موقف او اتخاذ إجراء معين، فأصدر المجلس توصية بإخضاع كل إدارات الدولة والصناديق والبلديات للتدقيق الجنائي، لكن بالتوازي والتزامن مع كل التدقيق الجاري، وهذه هي النقطة المهمة في التوصية». وأوضحت ان «التوصية هي بمثابة قرار وغطاء سياسي من كل الكتل النيابية لموضوع التدقيق الجنائي، وحتى لا يزايد علينا أحد أنه أحرص من المجلس على هذا الموضوع». وأضافت: «اما بالنسبة للمفاعيل التنفيذية للتوصية، فهناك اقتراح بمضمون التوصية نفسه مقدّم من كتلة التنمية والتحرير، سيتم إقراره قريباً بما يُلزم كل المؤسسات والادارات الرسمية، فيصبح التدقيق الإلزاميّ قانوناً يجب تنفيذه».
وأشارت مصادر نيابية لـ"البناء" أن قرار المجلس النيابي مهم لجهة أنه أزال الالتباسات والغموض الذي رافق موضوع التدقيق الجنائي ويمثل غطاءً سياسياً ونيابياً لكل الجهات الدستورية والقضائية والمالية المعنية للسير بالتدقيق الجنائي حتى النهاية من دون عقبات وعقد دستورية وقانونية»، لكنه بحسب المصادر «ليس ملزماً بل المعني الأساسي هو مجلس الوزراء والسلطة التنفيذية والجهات المالية والقضائية المختصة»، وتوقعت المصادر أن يرحّل هذا الملف الى الحكومة المقبلة.
ولتت إلى أنه بعد انتهاء الجلسة فتح الرئيس بري جلسة تشريعية وأقرّ المجلس القانون المقدم من النائب علي حسن خليل لاعتبار شهداء المرفأ كشهداء الجيش، واستفادة الجرحى من الضمان الاجتماعي مدى الحياة.
عون: قرار المجلس إنجاز للبنانيين
رئيس الجمهورية رأى أن قرار مجلس النواب هو «انجاز للبنانيين الذين يريدون معرفة من هدر أموالهم واستباح أرزاقهم». وكتب عون تغريدة على صفحته الرسمية: «تجاوب مجلس النواب مع رغبتنا في تحقيق التدقيق المالي الجنائي في مؤسسات الدولة وإداراتها، إنجاز للبنانيين الذين يريدون معرفة مَن هدر مالهم واستباح رزقهم. كما هو إطلالة مضيئة على المجتمع الدولي المتضامن معنا في معركتنا ضد الفساد والهدر».
ولفتت الصحيفة إلى أنه مساء أمس توجّه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الى بعبدا، حيث اجتمع مع رئيس الجمهورية وبحث معه في موضوع دعم المواد الأساسية والضرورية والإجراءات الآيلة الى استمرار هذا الدعم في الظروف الراهنة.
لجنة كورونا… خلاف ولا قرار
ومن ناحية اخرى قالت "البناء" إنه لم تفضِ المشاورات والنقاشات التي دارت خلال اجتماع اللجنة الوزارية لمتابعة ملف وباء كورونا، التي اجتمعت أمس في السراي الحكومي برئاسة الرئيس حسان دياب، بقرارٍ واضح ونهائي بموضوع إعادة فتح البلد وآليات تطبيقه. وذلك بسبب الخلاف بين اللجنة العلمية المتخصصة لمتابعة انتشار الوباء وبين وزارة الصحة، ما دفع إلى تأجيل البتّ بهذا الموضوع إلى اجتماع ثانٍ يعقد الأحد المقبل لاستكمال البحث ودراسة الأسس التي ستعتمد لإعادة فتح البلد.
وكشفت مصادر مشاركة في اجتماع اللجنة لـ "البناء"، عن خلاف بين وزير الصحة وبين اللجنة العلمية، التي أيّدت فتح البلد خلال اجتماعها الخميس الماضي، حيث انقسمت الآراء بين وزارتي الصحة والداخلية والاقتصاد، فلم تتمكن اللجنة الوزارية من اتخاذ القرار النهائي. فوزير الاقتصاد بحسب المصادر، عارض قرار الإقفال وطالب بإعادة فتح البلد لتفعيل الحركة الاقتصادية والتجارية في البلد، وتخفيف الأعباء المالية عن المواطنين في ظل الظروف الصعبة؛ انطلاقاً من مبدأ الموازنة بين الضرورات الصحية وبين الظروف الاقتصادية. لكنه دعا بموازاة ذلك إلى فرض إجراءات وقائية صارمة في المؤسسات والشوارع والأسواق وكل مواقع التجمعات. فيما عبر وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن عن امتعاضه من مواقف وتوجّه بعض الوزراء والمستشارين.
واتهم الوزير حسن ثلاث جهات بالتقصير وبعدم التعاون مع وزارة الصحة لإنجاح قرار الإقفال وهم:
– المواطنون الذين لم يلتزموا بإجراءات الإقفال كما توقعنا.
– الأجهزة الأمنية التي لم تتعاون وتنسق فيما بينها، لفرض الإجراءات الوقائية وتطبيق القوانين كما يجب. رغم أنّ وزارة الداخلية بذلت كل طاقتها لتطبيق القوانين لكن لم نصل إلى النتيجة المرجوة.
– المستشفيات الخاصة التي لم تتعاون وتفي بوعودها.
وكشف حسن لـ "البناء" أن «مناطق عدة خالفت قرار الإقفال والإجراءات المفروضة، لا سيما في المناطق والأسواق الشعبية والمكتظة بالسكان، فيما المدن حيث المناطق التجارية والسياحية كالمجمعات التجارية، دفعت ثمن الإقفال وحدها وتكبّدت الخسائر المادية نتيجة مدة الإقفال. وأيّد وزير الصحة قرار الفتح ضمن خطة كاملة وواضحة، لكون الظروف الاقتصادية والاجتماعية لا تحتمل تمديد الإقفال، ودعا إلى إعادة الفتح التدريجي للقطاعات مع تطبيق إجراءات وقائية صارمة.
وبحسب معلومات رسمية، فإنّ نتائج الإقفال خالفت التوقعات، مشيرة لـ "البناء" إلى أنّ أحد أسباب عدم قدرة المعنيين على اتخاذ القرار الصائب هو صعوبة ملاحظة التغير بنسبة الإصابات، والتي تحتاج إلى أسبوعين كحد أدنى بحسب خبراء في علم الطب؛ علماً أن عدد الإصابات لم ينخفض رغم انخفاض عدد الفحوصات.
وذكرت "البناء" إلى أنّ وزارة الداخلية قد تمدّد قرار العمل بقانون المفرد والمزدوج، في ظل قرار إعادة الفتح وذلك لتخفيف حركة المرور والاختلاط. كما علم أنّ التوجه العام لدى اللجنة الوزارية هو إعادة فتح البلد تدريجياً الاثنين المقبل ضمن خطة وإجراءات، لم تحدّد بعد بانتظار اجتماع الأحد الحاسم.
"اللواء": تشكيلة الحريري أمام عون «قريباً جداً»
أما صحيفة "اللواء" فقالت "أعاد مجلس النواب الكرة الى بعبدا، باعتبار رئيس الجمهورية ركن من اركان السلطة الاجرائية، الى جانب رئيس مجلس الوزراء والوزراء في الحكومة، بتسليم بعبدا نص القرار الذي صدر عن جلسة مجلس النواب، التي عقدت في الاونيسكو بعد ظهر امس، ردا على رسالة الرئيس ميشال عون، في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي".
واضافت "جاءت هذه الخطوة، في الوقت الذي خطت فيه فرنسا خطوة الى الامام بالاعلان عن تنظيم مؤتمر في الاليزيه بالاشتراك مع الامم المتحدة لتقديم مساعدات انسانية للبنان، بعيداً عن مساهمة السلطة الحاكمة، مع كشف مصادر فرنسية عن عزم الرئيس ماكرون زيارة لبنان في نهاية الشهر المقبل لتفقد وحدات بلاده العاملة ضمن قوات حفظ السلام الدولية في الجنوب (اليونيفيل) وإجراء لقاءات مع مسؤولين اذا كانت الحكومة رأت النور".
واشارت إلى أن الامر نفسه، ناقشه المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش مع الرئيس ميشال عون، فضلا عن الاحاطة لمجلس الامن في ما خص القرار 1701، وتأليف الحكومة الجديدة والاصلاحات المتوقعة..
ولفتت "اللواء" إلى أنه في خطة ذات دلالة، اجتمع الرئيس عون مساء امس في قصر بعبدا مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبحث معه في موضوع المواد الاساسية والضرورية والاجراءات الايلة الى استمرار هذا الدعم في الظروف الراهنة.
وتوقعت مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة الجديدة ان يشهد الأسبوع المقبل تحركات لاختراق الجمود الحاصل في عملية التشكيل بعد استنزاف مزيد من الوقت الضائع بلا جدوى بسبب محاولات الضغط وفرض الشروط والمطالب التعجيزية على الرئيس المكلف سعد الحريري،ولاسيما من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وغيره من الاطراف السياسيين لتجاوز مضمون المبادرة الفرنسية والالتفاف عليها من خلال تشكيل حكومة تفتقد للمواصفات الانقاذية التي تنص عليها، وذلك من خلال اصرار الحريري على الالتزام باسس المبادرة المذكورة ومضمونها وانجاز تشكيلة وزارية انقاذية تتالف من اخصائيين غير حزبيين مشهود بكفاءاتهم ومهنيتهم في عملهم بالقطاع الخاص بلبنان والخارج، على ان يقدم هذه التشكيلة بعد اكتمال كل مقوماتها إلى رئيس الجمهورية في بحر الاسبوع المقبل لكي يتم التشاور فيها وتقرير الخطوة المقبلة بشأنها.
ووصفت مصادر نيابية القرار الذي صدر عن المجلس النيابي بالأمس بخصوص اخضاع المصرف المركزي وسائر وزارات ومؤسسات وادارات الدولة للتدقيق الجنائي المالي، انه بمثابة مخرج مقبول،للتجاوب مع رسالة رئيس الجمهورية للمجلس بهذا الخصوص من جهة ولارضاء الاطراف السياسيين الذين يعترضون على حصر التدقيق بمصرف لبنان دون غيره من المؤسسات والادارات الرسمية من جهة ثانية، وبالرغم من إيجابية هذه الخطوة فإن القرار المذكور يفتقد الى أي الزامية قانونيه للتنفيذ، ويبقى مجرد قرار معنوي بالشكل اذا لم يقترن فيما بعد باقرار القوانين المطلوبة لتنفيذه، في حين ان توسيع مهام التدقيق الجنائي ليشمل جميع مؤسسات وقطاعات وادارات الدولة دون استثناء، وهو بالامر غير السهل بالرغم من أهميته قد يتطلب اكثر من شركة تدقيق وتكلفة مالية باهظة بالعملة الاجنبية وهي غير متاحة حاليا بسبب الازمة المالية التي يواجهها لبنان حاليا مايعني بالنهاية استحالة تنفيذ القرار المذكور .
وقالت الصحيفة إنه في 22 كلمة فقط تضمنها نص القرار، ازاح المجلس النيابي عن كاهله، المسؤولية، التي لا ناقة ولا جمل فيها، لولا رسالة رئيس الجمهورية بدعوة النواب لتحمل مسؤولياتهم بعد وقف شركة تدقيق الحسابات التي وقع معها لبنان عقد التدقيق في حسابات مصرف لبنان، وهي شركة الفاريز اند مارسال، ورأى فيه الرئيس عون «انجازاً للبنانيين، الذين يريدون معرفة من هدر مالهم واستباح رزقهم، كما هو اطلالة مضيئة على المجتمع الدولي المتضامن معنا في معركتنا ضد الفساد والهدر».
وكان الرئيس نبيه بري وقع القرار الذي ارسله فوراً الى بعبدا ونصه: «جواباً على رسالة فخامة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، وبعد مناقشة مضمون الرسالة، اتخذ المجلس القرار الآتي: تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة بالتوازي للتدقيق الجنائي دون أي عائق او تذرع بسرية مصرفية او خلافها.
وذكرت مصادر نيابية لـ"اللواء" ان القرار بمثابة تأكيد من كل الكتل النيابية على المضي بالتدقيق الجنائي في كل وزارات ومؤسسات وادارات الدولة، وهو قرار غير خلافي بل توافقي وتقرر بالإجماع، على ان يتابع المجلس تنفيذ هذا القرار بإقرار اقتراح قانون من الاقتراحات المقدمة من الكتل النيابية بإخضاع كل الادارات الرسمية للتدقيق الجنائي المحاسبي.
كما أقر المجلس في جلسة تشريعية افتتحت بعد جلسة التدقيق الجنائي، اقتراح قانونٍ مقدمٍ من كتلة «التنمية والتحرير»، يقضي باعتبار شهداء انفجار مرفأ بيروت بمثابة شهداء في الجيش اللبناني، واعتبار جرحى الانفجار مستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدى الحياة.
وبحسب "اللواء" فإن السؤال، وان كان القرار اقل من قانون واكثر من توصية، ما المسار الذي يمكن ان تسلكه الاتصالات لحمل مصرف لبنان على التجاوب مع دعوة المجلس النيابي للتدقيق المالي في القطاع العام دون اي عائق؟
ومن ضمن الاسئلة، هل وفر القرار الغطاء للطلب من سلامة التجاوب؟ ام ان حكومة الرئيس دياب المستقيلة، ستلجأ الى التفاوض مع شركة جديدة للتدقيق، بتفويض الرئيسين لوزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني التفاوض من جديد، في حال اصرت الشركة المنهية عقدها على هذا الانهاء لتوقيع عقد مع شركة اخري، ام ان هناك مسارات أخرى، ممكن سلوكها.
وبصرف النظر عن التهليل الحاصل، لدى تكتل لبنان القوي وبعبدا، حيث جيّر رئيسه النائب جبران باسيل اقرار القرار بأنه انجاز لرئيس الجمهورية. أبدت اوساط اقتصادية معارضة، عن تخوفها من ان تدرج خطوة الاقرار في سياق «كسب الوقت» وتبرئة الذمة.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ"اللواء" أنه بعد قرار مجلس النواب في ما خص التدقيق الجنائي اتفاق من جديد سواء مع شركة الفاريز ومارسال أو مع شركة أخرى طالما أن مجلس الوزراء اتخذ قرارا بالتدقيق الجنائي واختار هذه الشركة في قرار سابق فأن عاودت العمل بعد هذه الضمانات كان به وإن لم تعاود يتم التوجه إلى شركة أخرى للبدء بالتدقيق الجنائي والذي قال مجلس النواب في قرار صادر عنه أنه لا يحتاج إلى رفع السرية المصرفية ولا يعوقه أي عائق.
وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في تصريح لـ«اللواء» تعليقا على قرار مجلس النواب حول التدقيق الجنائي أن مجلس النواب انجز ما طلبه رئيس الجمهورية باجماع كامل وسواء صدر ذلك بقرار أو توصية وأكد في رد على سؤال أن ما من انتصارات في ما جرى لأن القرار الذي اتخذ اظهر أن الطريق السليم يؤدي إلى نتيجة سليمة.