معركة أولي البأس

 

لبنان

عقوبات أميركية على باسيل..والأخير يؤكد على الثوابت الوطنية..ملف الحكومة مكانك راوح..والبلد إلى الإقفال 
07/11/2020

عقوبات أميركية على باسيل..والأخير يؤكد على الثوابت الوطنية..ملف الحكومة مكانك راوح..والبلد إلى الإقفال 

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على العقوبات الأميركية على رئيس أكبر كتلة نيابية في البرلمان اللبناني رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، متحدثةً عن التوقيت المستغرب لهذه العقوبات، والشروط الأميركية التي رفضها باسيل، وتأكيده على الثوابت الوطنية على حساب مستقبله السياسي، ومن ناحية أخرى لفتت الصحف إلى أن ملف الحكومة لا يزال مكانك راوح، في وقت تتوجه حكومة تصريف الأعمال إلى إعلان الإقفال العام للحد من انتشار وباء كورونا.

"الأخبار": باسيل لم يَخضعْ... فعوقِب

وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن الولايات المتحدة الأميركية المُنشغلة بانتخابات تكاد تُشعل حرباً داخلية، وبرئيسٍ يُجاهر بعدم احترام نتائج الانتخابات وينتقد أُسس النظام الأميركي، قرّرت أن تفرض عقوبات على رئيس أكبر كتلة نيابية لبنانية: جبران باسيل. الأخير رفض «التوقيع» على لائحة شروط سلّمته إياها السفيرة الأميركية في بيروت، على رأسها إعلان فكّ تحالفه مع حزب الله، مقابل ضمان مستقبله السياسي. ولأن واشنطن لم تحصل على توقيعه، عاقبته بذريعة الفساد.

وأضافت الصحيفة "من كوبا وفنزويلا وبوليفيا إلى كوريا الشمالية والصين وإيران وسوريا وروسيا والعراق والسودان (سابقاً)، مروراً بدول أنتجت في فترات مُعيّنة أنظمة مُعادية لسياسات الولايات المتحدة الأميركية، ورجال أعمال وسياسة وجدت واشنطن داعياً لـ«مُعاقبتهم»، سلاح الحرب المُستَخدم واحد: العقوبات. لا تهمّ الأسباب المُزيفة المُقَدّمة لتبرير العقوبات، ولا تحت أي «قانون» أميركي تُدرج. فالمسؤولون الأميركيون يُجاهرون بأنّها وسيلتهم الأبرز لليّ ذراع كلّ خصومهم، وإجبارهم بهذه الطريقة على تقديم التنازل تلوَ الآخر، أملاً بإعادتهم إلى بيت الطاعة الأميركي". وأشارت إلى أن "سذاجة «حلفاء» واشنطن في العالم، هي المُستغربة في هذه الحالة، تحديداً أولئك الذين يعتقدون حقّاً أنّ الولايات المتحدة «تنتقم» لهم ممّن عاث في بلادهم «فساداً»، مُصدّقين أنّها تشدّ على أياديهم وتُريد مُساعدتهم على «إصلاح» دولهم، فيُهلّلون ويفرحون كلّما أُضيف اسمٌ على «القائمة السوداء». في حين أنّ هدفَ الأميركيِّ في لبنان واحد: ضرب قوّة المقاومة اللبنانية التي تحمي لبنان، ضماناً «لأمن اسرائيل». وطالما أنّ منالها بعيد، ستبقى تُحاول تفكيك الدوائر المُحيطة بالمقاومة، مُراهنةً على أنّها بذلك تُضعف هيكلها فيسقط تلقائياً. في هذا الإطار، تندرج العقوبات التي أعلنتها الولايات المتحدة الأميركية أمس، على رئيس التيار الوطني الحرّ، النائب جبران باسيل. هي معركة سياسية لم تُشنّ على باسيل وحده، ومن خلفه حزب الله، بل على رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون أيضاً. في الأصل كان هو، وكانت وثيقة «مار مخايل» سنة 2006، التي عبّدت طريق التحالف بين اثنين من أكبر الأحزاب اللبنانية، وشكّلت نظام حماية كبيراً للبنان وأمنه وسيادته.

وتابعت الصحيفة "ردّ باسيل على القرار الأميركي كان شديد الوضوح إذ قال: «لا العقوبات أخافتني، ولا الوعود أغرتني. لا أنقلب على أيّ لبناني. ولا أُنقذ نفسي ليهلك لبنان. اعتدت الظلم وتعلّمت من تاريخنا: كُتب علينا في هذا الشرق أن نحمل صليبنا كلّ يوم... لنبقى". 

ولفتت "الأخبار" إلى أن باسيل سيعقد مؤتمراً صحافياً يوم غد الأحد، يسرد خلاله «وقائع مُهمة» - بحسب مُقربين منه - حول «العروض والإغراءات والتهديدات التي وصلته من الأميركيين في الفترة الأخيرة، وتُطالبه بفكّ التحالف مع حزب الله».

وقالت الصحيفة إنه "على مدى شهور، حاول مسؤولون أميركيون التوصّل الى اتفاق سياسي مع باسيل. آخر العروضات، كان رسالة رسمية نقلتها السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، تطلب فيها من رئيس «التيار» إشهاراً منه بقطع العلاقة مع حزب الله، وإدانة دور الأخير في سوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى تقديم ضمانات بالتوصّل إلى تسوية سريعة لملفّ ترسيم الحدود الجنوبية والإقرار بفصل الترسيم البرّي عن البحري، وعدم الأخذ بالمطالب التي تفرض حصة مطابقة لما أُقرّ ضمن ما يُسمّى بـ«خطّ هوف». وبحسب مصادر في «8 آذار»، تلقّى باسيل «ضمانات» أميركية بـ«حماية مُستقبله السياسي». تقول المصادر إنّ باسيل أوضح لمحدّثيه الأميركيين بأنّ العلاقة مع حزب الله هي «علاقة مع قوّة سياسية رئيسية، ولديها أكبر تمثيل شعبي في لبنان، وأنّ التيار الوطني الحرّ، مثله مثل بقية اللبنانيين، لا علاقة له بكلّ ما يُنسب إلى حزب الله من أنشطة خارج لبنان، وما قام به حزب الله في سوريا إنّما وفّر حماية للبنان لا العكس». هو الموقف نفسه الذي أعلنه باسيل قبل سنة في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو: «حزب الله بالنسبة إلينا حزب لبناني غير إرهابي ونوّابه مُنتخبون من قبل الشعب اللبناني، وبتأييد شعبي كبير، وتصنيفه بالإرهابي يعود للدولة التي تقوم بذلك وهذا أمر لا يعني لبنان».

وأضافت الصحيفة "انتظر الأميركيون كثيراً لسماع مواقف جديدة لباسيل، وكانت الضغوط تشتدّ عليه بالتعاون مع الجانب الفرنسي، من بوّابة تشكيل الحكومة، سواء مع مصطفى أديب أم مع سعد الحريري". تقول المصادر إنّ الوزير السابق «أبلغ من يهمّه الأمر، بأنّ التيّار يميل إلى عدم المشاركة في الحكومة ولكنه لن يمنح الثقة لرئيس أو حكومة لا توافق على إجراءات جدّية لمعالجة الأزمات الحالية». تأرجحت ردود فعل الأميركيين، «أولاً عبر الرسائل التحذيرية بوقف التواصل المُباشر مع باسيل، ثمّ مع إبلاغ الرئيس عون أنّ أوروبا - كما الولايات المتحدة - ستُمارس الضغوط على جميع القوى، من ضمنها باسيل والتيار الوطني الحر لتحقيق تفاهم على الحكومة بما يتلاءم مع خطة صندوق النقد الدولي». 

وتابعت "الأخبار"، "نائب البترون رفض الانصياع لضغوط الأميركيين. وفي اللقاء الأخير الذي جمعه بشيا، قبل نحو أسبوع، رفض لائحة الشروط الأميركية التي ضمّت طلبات «غريبة». فإضافة إلى مطلب إعلان فكّ التحالف مع حزب الله، ضمّت اللائحة التي حملتها السفيرة الأميركية إلى باسيل «أوامر» أميركية بشأن قضايا تفصيلية، منها شؤون إدارية لبنانية، كأسماء مرشحين لتولي مناصب في مديريات محددة! وبالطبع، أرفقت السفيرة مطالبها بالتهديد بفرض عقوبات على باسيل شخصياً، لكنه، رغم ذلك، رفض العرض الأميركي. كل ما كان يمكن لباسيل «التساهل» به هو في أمور يراها «تكتيكية» سبق أن قام بها، كعدم زيارة سوريا علناً، وتسهيل المفاوضات لترسيم الحدود الجنوبية (علماً بأن الدولة اللبنانية، بجميع أركانها، اتخذت قرار التفاوض غير المباشر). ولأن باسيل رفض أن «يوقّع» على لائحة الشروط الأميركية، نفّذت واشنطن تهديدها بفرض العقوبات، التي كان جميع المعنيين يعيشون مناخها منذ أسبوع تقريباً. فبحسب المصادر، تبلّغت مرجعيات لبنانية نيّة الإدارة الأميركية إصدار قرار بالعقوبات، وكان البحث يتركّز على اختيار القانون الذي ستصدر العقوبات على أساسه".

ولفتت الصحيفة إلى أنه خلافاً لما حصل مع الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس في 8 أيلول الماضي، اللذين فُرضت عليهما العقوبات بناءً على قوانين مكافحة الإرهاب، استُخدم «قانون ماغنيتسكي» لـ«مُعاقبة» جبران باسيل. اللافت في الموضوع، أن تكون الإدارة الأميركية قد أقدمت على خطوتها «التفجيرية» للوضع في لبنان، في فترة عادةً ما تكون خلالها الإدارة قد دخلت «مرحلة اللاقرار» مع انتظار حسم هوية رئيسها. 

وأوضحت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأميركية تمرّ في واحدة من أدّق مراحلها السياسية، «الميليشيات» تغزو شوارعها منذ أسابيع وتُهدّد بارتكاب العُنف في حال خسارة دونالد ترامب، الأخير يطعن بكلّ النظام «الديمقراطي» الأميركي، ويُهدّد بعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات «الديمقراطية»، الاقتصاد الداخلي يُعاني من تبعات «كورونا»... ورغم ذلك تَجد الإدارة الأميركية «وقت فراغ» لتفرض عقوبات على باسيل. قد يبدو الإجراء «طبيعياً»، بعد أن استُنزفت كلّ الخيارات الأخرى، التي انطلقت مع حرب تموز في عام 2006، ثمّ الرهان على الحرب السورية والغارات التي شنّها العدو الإسرائيلي على قوافل يعتقد أنها تحمل أسلحة نوعية للمقاومة في سوريا (المعركة بين الحروب)، والأزمة الاقتصادية لتأليب بيئة حزب الله ضدّه، وفشل مشروع خطف سعد الحريري عام 2017 وتفجير حرب أهلية، وصولاً إلى عدم نجاح انتفاضة 17 تشرين، وبالتالي فشل الرهان الأميركي عليها لضرب حزب الله. هذا المسار الطويل، أوصل في النهاية إلى شنّ حرب العقوبات على حلفاء المقاومة. ما يحصل في لبنان، يُعتبر شبيهاً بالإجراءات التي اتخذتها واشنطن في الإقليم، يوم انتقلت إلى الحرب بواسطة العقوبات. هي عبر هذه الوسيلة، تُثبّت وقائع سياسية، يصعب على أي إدارة جديدة التراجع عنها. في حديثه أمس مع قناة «ال بي سي»، قال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر: «هناك نوع من الاستمرارية في السياسات الأميركية في حال حصول تغيير في الإدارة أم لا... الولايات المتحدة ستستمر في النظر في عقوبات مستقبلية بموجب قانون ماغنيتسكي».

وقالت "الأخبار" إن تنفيذ التهديد ضدّ باسيل، لا يعني إزالة الخطر عن سياسيين آخرين ينتمون إلى التيار الوطني الحرّ، وفريق رئيس الجمهورية، والقوى الحليفة لحزب الله... وحتّى إلى سعد الحريري. يُمكن القول إنّ في العقوبات رسالة إلى رئيس الحكومة المُكلّف، بمنع إفساح المجال أمام حزب الله ليكون فاعلاً في التركيبة الحكومية الجديدة. علماً أنّ شينكر اعتبر أيضاً أنّه «لا أرى سبباً لتؤثّر العقوبات على تأليف الحكومة، فهذه العقوبات مُستقلة». في مقدّمة نشرتها الإخبارية، أوردت قناة «المنار» أنّ «قراراً أميركياً بلا أدنى شكّ، شوّش على الخطوات الحكومية، وأصاب الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري (أمس) إلى بعبدا وقال القصر الجمهوري إنّها كانت إيجابية». فكما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن أحد المُطلعين على القرار الأميركي، «إدراج باسيل على القائمة السوداء من شأنه أن يُفجّر تشكيل الحكومة». الجريدة الأميركية كانت أوّل من نقل الخبر فجر أمس، واصفةً إياه بأنّه «محاولة لتخفيف قبضة حزب الله على السلطة». وفي الإطار نفسه، غرّد بومبيو بأنّ باسيل «ساهم من خلال أنشطته الفاسدة في نظام الفسائد والمحسوبية في لبنان... فساد جبران باسيل ساعد حزب الله على القيام بأنشطة تُزعزع الاستقرار... يجب على القادة اللبنانيين الاستماع لشعبهم وتنفيذ الإصلاحات ووضع حدّ للفساد. واليوم، تُصنّف الولايات المتحدة جبران باسيل، (وزير سابق)، فاسداً أساء استغلال مناصبه الحكومية. أهل لبنان يستحقون الأفضل».
لا يُمكن للإدارة الأميركية، التي لا تستهدف إلا سياسيين حلفاء للمقاومة، التسويق لمكافحتها الفساد، في حين أنّ أبرز المُتهمين بجرائم مالية واقتصادية ونهب الأموال العامة هم أقرب حلفائها إليها!

ولفتت الصحيفة إلى أنه أُضيف النائب جبران باسيل إلى لائحة العقوبات الأميركية، وبموجب العقوبات سيتم تجميد كلّ الأصول في الولايات المتحدة العائدة له. وطلبت «الخزانة الأميركية» من المصارف اللبنانية، التي تُجري تعاملات بالدولار الأميركي تجميد كلّ أصوله في لبنان. وقال وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، إنّ «الفساد المُمنهج في النظام السياسي اللبناني، المتمثّل في باسيل، ساعد في تقويض أساس وجود حكومة فعّالة».

"البناء": عقوبات أميركيّة على باسيل في توقيت مستغرَب... الترسيم أم لغم للإدارة الجديدة؟

من جهتها، قالت صحيفة "البناء" إن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم ينَم على حرير الوعود بإعادة جمع الأصوات في ولاية جورجيا ودخول مراقبين إلى غرف فرز الأصوات في بنسلفانيا، فبدأ بالاستعداد لمعركة رفض تسليم السلطة، فمنافسه جو بادين بات رئيساً فعلياً ينتظر إعلان نتيجة واحدة من الولايات التي باتت شبه محسومة لصالحه، فهو لا يحتاج إلا لستة أصوات قد تؤمّنها ولاية نيفادا فيبلغ معها الـ 270 صوتاً اللازمة لإعلان فوزه، أو تخرج نتيجة جورجيا لصالحه بستة عشر صوتاً، أو تحسمه بنسلفانيا بعشرين صوتاً. وتأمل حملة بايدن الفوز بها جميعاً ليدخل بايدن البيت البيض بمجموع 306 مقاعد من المجمع الانتخابي، وهو الرقم الذي حصل عليه ترامب عام 2016 في مواجهة هيلاري كلينتون".

وأضافت "ما بعد إعلان النتيجة هو أمر آخر، فالمصادر المتابعة للانتخابات الأميركية تعتقد أنه من المبكر توقع السيناريوات المقبلة. فالحزب الجمهوري بنوابه وقياداته يقف مع ترامب في مرحلة فرز الأصوات، لكن هذا الأمر سيختلف بعد إعلان النتائج بصورة رسمية وانتهاء النزاعات القضائية، حيث ستكون هناك أغلبية جمهورية تدعو لتسليم السلطة، والموقف نفسه ينسحب على المواقع التي يتولاها جمهوريون، في المؤسسات القضائية والعسكرية والأمنية والإدارية". وقالت المصادر إنه علينا انتظار نهاية السباق لنعرف التوازن الفعلي بين دعاة الخيار الدستوري في الحزب الجمهوري، ومناصري ترامب من الحزب وخارجه في ظل تشكّل ظاهرة جديدة تسمّى بالترامبية وتضم كنائس وميليشيات وجماعات متموّلة، تساند رفض ترامب تسليم السلطة.

وتابعت الصحيفة أنه "في هذا التوقيت الدقيق والحساس أميركياً، حيث المفترض أن أميركا منشغلة بشؤونها وهمومها، والإدارة التابعة للرئيس ترامب تخوض معركة بقائها في البيت الأبيض، خرج قرار العقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ليثير الكثير من الأسئلة، خصوصاً أن الملف سبق وتمّ تحضيره منذ فترة طويلة وترك في حال جهوزية للاستعمال غبّ الطلب، وكان الاستعمال عن طريق التلميح مراراً لاحتمال تحوّله الى قرار وتم استخدام هذا التلويح لابتزاز باسيل مراراً في مواقف تتصل بالعناوين التي تهم واشنطن وفي طليعتها العلاقة بحزب الله، وملف ترسيم الحدود". ولم تحسم المصادر المتابعة لملف العقوبات خلفيات التوقيت الذي ارتبط باللجوء الى قانون ماغتينسكي المخصص لمكافحة الفساد، من دون تقديم ملفات بعينها للاتهام بل الاكتفاء بالحديث عن عناوين عامة، افتقدت للمصداقية بغياب التحديد بالأسماء والأرقام كما يفترض بقانون مخصص لملفات الفساد وما تعنيه كلمة ملفات، ما يفتح احتمال أن يكون اللجوء لهذا القانون هو لتعقيد مهمة إلغاء العقوبات، التي يبقى صدورها تحت عنوان العلاقة بحزب الله وحدها، رهن قرار سياسي لأي إدارة أميركية مقبلة. فهل جاءت العقوبات على خلفية تصرف إدارة تنتهي ولايتها وتريد زرع الألغام بطريق الإدارة المقبلة؟ وهذا ما يفسّر الموقف المتحفظ لمعاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد هيل كما يفسّر حماس الوزير مايك بومبيو لاستعجال قرار العقوبات، أم أن للعقوبات المؤجلة منذ شهور علاقة بالضغط على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ملف ترسيم الحدود بعد الغضب الإسرائيلي من طروحات الوفد المفاوض، والسقوف التي يدافع عنها في النظر للحقوق اللبنانية؟

ولفتت الصحيفة إلى أنه على إيقاع العقوبات على باسيل عقد اللقاء المسائي الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، من دون تحقيق تقدّم يُذكر في مسار تشكيل الحكومة الجديدة، وهو مسار وصفته مصادر مواكبة للملف الحكومي بالمجمّد، قائلة إن التشكيلة الحكومية في غرفة الإنعاش وإن اللقاءات الرئاسية تحوّلت الى أوكسجين يبقيها على قيد الحياة ويبث مناخاً من الأمل بين اللبنانيين.

عقوبات على باسيل

وقالت الصحيفة إنه "فيما كانت الأوساط السياسيّة منشغلة باستكمال مشاورات تأليف الحكومة، خرق المشهد الداخلي قرار العقوبات الأميركيّ على رئيس التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل في توقيت يحمل أكثر من دلالة وعلامة استفهام، فأبت الإدارة الأميركيّة الحالية أن تودع البيت الأبيض إلا بسلة عقوبات جديدة طالت باسيل حليف حزب الله، كما وصفته وزارة الخارجية الأميركية في متن القرار. فبعد فرض عقوبات على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس في أيلول الماضي، فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات جديدة طالت رئيس التيار الوطني الحر".

وبحسب الصحيفة "كان لافتاً سيل التصريحات التي تعاقب على إطلاقها المسؤولون الأميركيون بعد صدور القرار الذي بدا وكأنه انتصار وإنجاز أميركي! ولفت وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى أن «باسيل ساهم من خلال أنشطته الفاسدة في نظام الفساد السائد والمحسوبيّة»، وأضاف: «أي شخص تصدر بحقه هذه العقوبات لا يعود مؤهلاً لدخول الولايات المتحدة». وأكد أن «على القادة اللبنانيين أن يصغوا لشعبهم وأن يطبّقوا الإصلاحات وأن يضعوا حدّاً للفساد واليوم تصنف الولايات المتحدة جبران باسيل وزيراً سابقاً فاسداً أساء استغلال مناصبه الحكومية فشعب لبنان يستحق أفضل من ذلك». وأوضحت الخارجية الأميركية أن لا استهداف محدداً لباسيل كسياسي مسيحي، فالعقوبات طالت أيضاً الوزيرين السابقين يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل في وقت سابق». لكن تهمة الفساد التي يتحدث عنها بومبيو كسبب للعقوبات، بحسب مصادر مراقبة، أوقعت الأميركيين بتناقض فاضح، فلماذا اقتصرت العقوبات على فريق سياسي واحد يربطه تحالف مع حزب الله؟ ولماذا لم يشمل أطرافاً سياسية داخلية أخرى ومعروفة بأنها حليفة لواشنطن وتمثل رأس الفساد السياسي والاقتصادي والمالي في لبنان على مر عقود خلت؟

أهداف القرار الأميركي

وإذ نقلت وكالة عالمية عن مسؤولين أميركيين كبار رفضهم التلميح إلى أن فرض عقوبات على باسيل مرتبط بجهود تشكيل الحكومة اللبنانية. ربطت مصادر سياسية مطلعة لـ"البناء" بين توقيت قرار العقوبات الجديد وعملية تأليف الحكومة بهدف الضغط على رئيس الجمهورية ميشال عون وعلى باسيل للتراجع عن مطالبهم بالشراكة في الحكومة واختيار ممثليهم فيها، كما لم تستبعد المصادر هدفاً آخر للعقوبات يرتبط بتعثر مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي لا سيما الجلسة الأخيرة التي رفعت خلالها سقف المطالب من الطرفين اللبناني والإسرائيلي، مشيرة الى مواقف وزير الطاقة الاسرائيلي أمس الأول وغيره من المسؤولين الإسرائيليين الذين تحدّثوا عن شروط لبنانيّة قاسية وقوة موقف أظهرها الوفد العسكري اللبناني المفاوض لا سيما أن هذه المفاوضات تتم برعاية وإشراف الرئيس عون.

وتساءلت المصادر: كيف يحق للإدارة الأميركية فرض عقوبات على رئيس تيار ونائب ورئيس كتلة سياسيّة في المجلس النيابي؟ ألا يعُد ذلك تجاوزاً للإرادة الشعبية التي يمثلها باسيل وانتهاكاً للديمقراطية التي تدّعي الولايات المتحدة أنها رائدة في نشرها بين شعوب ودول المنطقة والعالم؟ وألا يعتبر هذا الأمر تدخّلاً سافراً في الشؤون الداخلية للبنان؟ وألا يعقّد عملية تأليف الحكومة أكثر؟ مضيفة الأجدر بالإدارة الأميركيّة الاهتمام بمأزقها السياسي والدستوري والأمني التاريخي الذي تشهده أميركا عوضاً عن التدخل في الشأن اللبناني.

وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر أعلن غداة تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة أن واشنطن «ستواصل فرض العقوبات على حزب الله وحلفائه اللبنانيين والمتورّطين في الفساد». في المقابل لفت المتحدّث باسم السفارة الأميركيّة إلى أن «لا علاقة للتيار الوطني الحر أو أعضائه بالعقوبات وهي تقتصر على شخص باسيل».

وردّ باسيل على قرار العقوبات، وقال على تويتر: «لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني، لا أنقلب على أي لبناني، ولا أُنقذ نفسي ليَهلك لبنان، اعتدتُ الظلم وتعلّمتُ من تاريخنا: كُتب علينا في هذا الشرق أن نحمل صليبنا كل يوم لنبقى».

وفي حين أشارت مصادر باسيل لـ»البناء» الى أن رئيس التيار سيردّ بشكل موسّع ومفصل على قرار العقوبات ويتناول ظروفه وخلفياته وخباياه وأسبابه ويحدد موقفه الحاسم منه في كلمة له الأحد المقبل، علمت «البناء» أن باسيل كان على علم بهذا القرار وكذلك رئيس الجمهورية حيث تمّ إبلاغهما مباشرة بهذا القرار من الجهات المعنية.

تحالف التيار – حزب الله ثابت

ولفت مصدر مقرّب من رئيس الجمهورية ومن النائب باسيل لـ"البناء" الى أن القرار الأميركي لن يغيّر شيئاً في مواقف وخيارات رئيس التيار السياسيّة والوطنيّة متوقفاً عند التوقيت السياسي للعقوبات الذي أتى في سياق الهجمة الشديدة على رئيس الجمهورية وعلى باسيل لا سيما في ظل ثبات مواقفهما من القضايا الوطنية والسيادية كالحكومة وترسيم الحدود والمقاومة والعلاقات مع سورية وأزمة النازحين»، مشيرة الى أن «أحد أهداف العقوبات فصل التيار ورئيس الجمهورية عن التحالف الذي نسجه مع حزب الله، لكن هذه الضغوط لن تفتَّ في عضد التحالف مع حزب الله، لأنه خيار وطني ويستند الى قناعة الطرفين وفيه مصلحة للبنان». ومن أهداف العقوبات بحسب المصدر إصرار رئيس الجمهورية على مشاركة لبنان في مؤتمر دمشق للنازحين الذي يُعقَد بعد أيام ولو على مستوى سفير لبنان في دمشق وربما بمشاركة وزير الخارجية اللبناني من لبنان عبر تقنية الفيديو».

حزب الله: قرار سياسيّ فظ

وأدان حزب الله القرار الأميركي معتبراً أنه قرار سياسي صرف وتدخل سافر وفظ في الشؤون الداخلية للبنان.

واشار الحزب في بيان الى أن «أميركا تستخدم قوانينها المحلية بما فيها قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الفساد لبسط هيمنتها ونفوذها على العالم وهي تستخدمها ضد كل دولة أو حزب أو تيار او شخص حر وشريف لا يخضع لسياساتها ولا ينفذ تعليماتها ولا يوافق على خططها التي تهدف إلى زرع الفتن والتقسيم وخلق الصراعات الداخلية والإقليمية وان هذا القرار بالتحديد يهدف الى إخضاع فريقٍ سياسيٍ لبناني كبير للشروط والإملاءات الأميركية على لبنان».
 
الحريري في بعبدا بالتزامن مع العقوبات

ولفتت "البناء" إلى انه على وقع العقوبات الأميركيّة على باسيل تحرّك الحريري باتجاه بعبدا بعد انقطاع الزيارات والاتصالات بينهما منذ أيام، ما يرسم علامات استفهام عدّة حول تزامن زيارة الحريري مع صدور قرار العقوبات الأميركيّ على باسيل! وزار الحريري عون وبحث معه في مختلف النقاط المتعلقة بالتشكيلة الحكوميّة في أجواء إيجابية، وذلك استكمالاً للقاءات السابقة. وسيتواصل البحث في الأيام المقبلة بحسب بيان المكتب الإعلامي في قصر بعبدا.

واشارت إلى أنه استغرقت زيارة الحريري السادسة الى بعبدا 40 دقيقة ولم تحمل أي جديد. وأكدت أوساط متابعة للملف الحكومي ومطلعة على الاتصالات الجارية لـ»البناء» أن «تشكيل الحكومة يدور في حلقة مفرغة والمشاورات لم تفضِ الى نتيجة حتى الساعة»، كاشفة أن «ملف تأليف الحكومة بات مرتبطاً بشكل غير مباشر بالوضع الإقليمي في ظل العوامل المؤثرة الخارجية على مسار التأليف والمؤلفين، الى جانب التعقيدات الداخلية حيث استعجل الرئيس الحريري على انتزاع التكليف ولم ينتبه الى صعوبة وتعقيدات التأليف ظناً بأن امتلاكه ورقة التكليف يمكنه من فرض أمر واقع على الشركاء الآخرين في التأليف ويخرج بحكومة كما يشتهي هو والقوى الخارجية التي تقف خلفه».

في سياق ذلك لفتت أوساط التيار الوطني الحر لـ "البناء" الى أن "العقدة الداخلية الأساسية أمام التأليف تكمن في المبدأ الذي يتعامل فيه الرئيس المكلف، إذ يتفق مع ثنائي امل وحزب الله ووليد جنبلاط والمردة وميقاتي على الحصص الذي يريدونها مع حق تسمية ممثليهم ويحرم هذا الحق للتيار الوطني الحر ولرئيس الجمهورية"، وتعود الأوساط بـ»الذاكرة الى خطة حصار عون ما قبل العام 2005 أبان مرحلة استبعاده الى فرنسا». وأكدت الأوساط أن «رئيس الجمهورية مصرّ على ممارسة صلاحياته وتثبيت حقه الدستوري والسياسي في الشراكة بعملية التأليف، وبالتالي لن يوقع حكومة كيفما كان بل يجب أن تراعى الأصول والمعايير الموحدة والتوازنات الطائفية والسياسية والوطنية».

تعقيدات مفاوضات الترسيم

وقالت الصحيفة إنه على صعيد ترسيم الحدود، كشف إعلام العدو الاسرائيلي عن بعض الخلافات والفجوات في المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي برعاية الأمم المتحدة، بشأن ترسيم الحدود. وأكدت صحيفة «إسرائيل اليوم» أن هناك «مصاعب كبيرة في المحادثات بين إسرائيل ولبنان، بعد أن طرحا اقتراحات استفزازية ومتطرفة مقارنة بالمواقف الأولية». وذكرت أن «لبنان عرض لخط حدود جنوبيّ أكثر مما أودعه في الأمم المتحدة عام 2010؛ وذلك بهدف زيادة أراضيه والاقتراب من حقول الغاز التي اكتشفت منذ الآن؛ كريش ولفيتان».

وشدد مسؤول إسرائيلي على أن «تل أبيب لن تبحث في أي حدود جنوبي الخط الأخضر الذي عرضه لبنان على الأمم المتحدة في 2010».

ولفتت مصادر متابعة للملف لـ "البناء" الى أن المفاوضات ستشهد جولات من المدّ والجزر ورفع السقوف في ظل تفسيرات متناقضة لاتفاق الإطار من الطرفين لا سيما من قبل العدو الإسرائيلي الذي يسعى لقرصنة حقوق لبنان من خلال حصر التفاوض على مساحة 860 كلم مربع المتنازع عليها فقط ورفض التفاوض على أي منطقة اقتصادية خارج عن خط هوف ويريد دفع لبنان الى هذا الموقع تحت ضغط التهديد واستغلال أزماته الاقتصادية والسياسية، لذلك تفاجأ وفد العدو بالسقف الذي وضعه الوفد اللبناني لجهة تشبث لبنان بحقه في المساحة البحرية التي تقدر أكثر من 2300 كيلومتر مربع مع تقديم المستندات والوثائق والخرائط التي تثبت ذلك ما سيدفع العدو الى المناورة والتهديد بالانسحاب من الجلسات، وبالتالي تعقيد المفاوضات».

أرقام صادمة ووفيات

وسجل عداد الإصابات بوباء الكورونا أمس، أرقاماً صادمة حيث أعلنت وزارة الصحة العامة تسجيل 2142 إصابة جديدة، رفعت إجمالي الحالات المثبتة إلى 91328 قد تلامس المئة ألف إصابة في نهاية العام الحالي بحسب تقديرات طبية. كذلك، تم تسجيل 17 حالة وفاة، رفعت إجمالي الوفيات إلى 700.

وفي مؤشر خطير ينذر بتزايد عدد الإصابات بين الفئات العمرية الشابة، توفيت الدكتورة فردوس صفوان (27 سنة) إثر مضاعفات أصيبت بها جراء الإصابة بفيروس كورونا خلال قيامها بواجبها الانساني والمهني. وكان سبق أن خسرت مدينة بعلبك، شقيق فردوس، طالب الحقوق علي صفوان (24 سنة) بعد إصابته بكورونا أيضاً.

وذكرت "البناء" أن قرار الإقفال التام للبلاد يُدرس بعناية وتعمق لدى المعنيين في رئاستي الجمهورية وحكومة تصريف الاعمال لا سيما وزارتي الصحة والداخلية مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع الاقتصادية في البلد، وذلك بعد أن أوصت أغلب اللجان الصحية النيابية والوزارية بالإقفال التام لمدة 15 يوماً لحصر عدد الإصابات ومنح الأجهزة والكادرات الطبية والاستشفائية مساحة للراحة والتقاط الأنفاس وتخفيف الضغط على الأدوات والأجهزة الطبية والأدوية تحضيراً لجولة جديدة من المعركة مع الوباء إضافة الى تمكّن وزارة الصحة من حل أزمة مستحقات المستشفيات العالقة في شرنقة ودوامة وزارتي الصحة والمالية والضمان الاجتماعي ومصرف لبنان وديوان المحاسبة، وذلك كي يتمكن قطاع المستشفيات من فتح أبوابه أمام استقبال حالات مصابة بالوباء.

وتوقعت المصادر أن يُتخذ قرار الإقفال التام مع استثناءات طفيفة خلال أيام يبدأ تطبيقه من يوم الاثنين حتى 24 من الشهر الحالي، لكن مصادر أمنية شككت بإمكانية الأجهزة الأمنية تطبيق قرار كهذا على كامل الأراضي اللبنانية. داعية الى اعتماد الإقفال الجزئيّ مع تدابير وقرارات صارمة لجهة تطبيق الإجراءات الصحية الوقائية.

"النهار": العقوبات على باسيل ضربة ثلاثية.. وتهدد الحكومة؟
 
أما صحيفة "النهار" فقالت "مع ان توقيت قرار فرض العقوبات الأميركية على رئيس ” التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اثار عاصفة اجتهادات وتفسيرات داخلية شديدة التناقض، فان أصداء القرار لدى معظم الأوساط المحلية والديبلوماسية لم تختلف لجهة اعتبار تصنيف الخزانة الأميركية باسيل في لائحة العقوبات الضربة الأقوى لأكثر رجال العهد العوني تأثيرا ونفوذا ولاحد اقوى الحلفاء السياسيين المسيحيين لـ”حزب الله”. تبعا لذلك لا يمكن ربط القرار واقعيا بمجريات الانتخابات الرئاسية الأميركية باعتبار ان قرارا كهذا ليس ابن ساعته، كما ان الإدارة الأميركية الحالية باقية حتى 20 كانون الثاني المقبل أيا تكن نتائج الانتخابات فيما كل إدارة ملزمة تنفيذ العقوبات التي ينص عليها قانون ماغنيتسكي. 

واضافت "بذلك يكون القرار المتخذ “عن سابق تصور وتصميم” ضمن النمط التصاعدي الذي اتبعته أخيرا إدارة دونالد ترامب في فرض العقوبات على “حزب الله” وحلفائه خصوصا في مجالات الفساد الذي يستند الى قانون ماغنيتسكي. ولكن فرض العقوبات على باسيل اكتسب دلالات استثنائية اذ يمكن اعتباره ضربة ثلاثية طاولت ثلاثة أطراف دفعة واحدة. أولهم باسيل الذي وجهت اليه الإدارة الأميركية تهمة “الفساد وشراء النفوذ ” أساسا حصريا للعقوبات اكثر حتى من البعد السياسي المتصل بكونه حليفا لـ”حزب الله”. ثانيهم العهد العوني الذي تلقى ضربة مؤلمة للغاية لكونها طاولت الرجل الثاني المرتبط برئيس الجمهورية ميشال عون رباطا عائليا وسياسيا استثنائيا بما يصعب معه عزل اثار العقوبات عنه. وثالثهم “حزب الله” الذي وان كانت ردود فعله التقليدية الاستهانة بالعقوبات عليه او على حلفائه، فان استهداف باسيل تحديدا لا يمكن الحزب ان يمر به عبورا او بخفة.

واشارت إلى أنه في ظل مجمل هذه الاعتبارات لم يكن غريبا ان يترك قرار فرض العقوبات أصداء واسعة وتساؤلات لجهة تأثيره على مصير تأليف الحكومة الجديدة وسط مخاوف من ان يثير ردود فعل حادة من الافرقاء الثلاثة المذكورين ربما ترتد على المسار المتعثر والمربك أساسا لتأليف الحكومة. ومع ان انطباعات إيجابية ترددت عقب الإعلان عن اجتماع جديد بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بعد ظهر امس الا ان ذلك لم يشكل عامل طمأنة كافيا لاستبعاد التأثيرات المحتملة للعقوبات على مسار تأليف الحكومة وهو اختبار جديد يحتاج الى انتظار الساعات والأيام القليلة المقبلة لبلورته. ولعله تنبغي الإشارة هنا الى الخطوة اللافتة التي قام بها حزب “القوات اللبنانية ” اذ عمم على محازبيه عدم التهليل للعقوبات على باسيل بما اكتسب دلالات حول الاثار التي يمكن ان يتركها هذا التطور.

وتابعت "النهار" "اما قرار فرض العقوبات فبررته وزارة الخزانة الأميركية بـ “دور باسيل في الفساد في لبنان وشراء النفوذ داخل الأوساط السياسية اللبنانية “. وطلبت من المصارف اللبنانية التي تجري معاملات بالدولار الأميركي تجميد كل اصوله في لبنان. واعتبرت ان “الفساد الممنهج في النظام السياسي اللبناني الممثل في باسيل ساعد في تقويض أساس وجود حكومة فعالة “. وفيما نفى مسؤول رفيع في الخارجية الأميركية أي ارتباط لقرار العقوبات على باسيل بالانتخابات الأميركية، علق وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على القرار بقوله “على القادة اللبنانيين ان يصغوا الى شعبهم وان يطبقوا الإصلاحات وان يضعوا حدا للفساد. اليوم تصنف الولايات المتحدة جبران باسيل وزيرا سابقا فاسدا اساء استعمال مناصبه الحكومية. شعب لبنان يستحق افضل من ذلك". 

وفي رد مقتضب على القرار الأميركي غرد باسيل قائلا “لا العقوبات أخافتني ولا الوعود اغرتني. لا أنقلب على أي لبناني ولا أنقذ نفسي ليهلك لبنان. اعتدت الظلم وتعلمت من تاريخنا. كتب علينا في هذا الشرق ان نحمل صليبنا كل يوم لنبقى”.

وأصدر “حزب الله” ليلا بيانا دان فيه القرار الأميركي بحق باسيل واعتبره “قرارا سياسيا صرفا وتدخلا سافرا وفظا في الشؤون الداخلية للبنان”. واتهم اميركا “باستخدام قوانينها المحلية لبسط هيمنتها ونفوذها على العالم ضد كل دولة او حزب او شخص شريف لا يخضع لسياساتها ولا ينفذ تعليماتها وان هذا القرار بالتحديد يهدف الى اخضاع فريق سياسي كبير للشروط والإملاءات الأميركية على لبنان”. واكد وقوفه الى جانب التيار الوطني الحر ورئيسه وتضامنه الأخلاقي والإنساني معه. 

الحكومة ؟

واشارت إلى أنه في أي حال ومع ان ثمة من يقول ان الرئيس عون والنائب باسيل كانا يملكان المعلومات المسبقة عن قرار العقوبات، فان ذلك لم يحجب الاجراء الملبدة الإضافية التي اكتنفت مسار تأليف الحكومة علما ان مطلعين يقولون ان العقوبات يمكن ان تزيد تعقيدات التاليف والتصلب في الشروط والمطالب. والواقع ان المعطيات التي أعقبت اللقاء الجديد بين الرئيسين عون والحريري بعد ظهر امس في قصر بعبدا لا تشجع على توقع حلحلة في التعقيدات بل تحدثت عن لقاء لم يدم اكثر من أربعين دقيقة وان الأمور لا تزال تتسم بالجمود. ومع ذلك افاد البيان الرسمي عن اللقاء ان عون  بحث مع الحريري في مختلف النقاط المتعلقة بالتشكيلة الحكومية “في أجواء إيجابية وذلك استكمالا للقاءات السابقة وسيتواصل البحث في الأيام المقبلة “.

عون وماكرون

واعلن عن اتصال هاتفي بين عون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء شدد خلاله ماكرون على الحاجة الملحة لوضع لبنان في مسار الإصلاحات وتشكيل الحكومة وفق ما أفادت الرئاسة الفرنسية. وأوضحت الرئاسة الفرنسية ان ماكرون شدد على انخراط الجميع في مسار الإصلاحات وشجع على التشكيل السريع لحكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات والاستجابة للازمات التي تعرفها البلاد. 

“لا بد منه”

وقالت الصحيفة إنه في هذا المناخ الحار سياسيا تصاعدت التحذيرات من كارثة الانتشار الوبائي لكورونا ووصلت الى قصر بعبدا مع مطالبة وزير الصحة حسن حمد بقرار لا بد منه بالإقفال الشامل لأسبوعين. وإذ قفز عداد وزارة الصحة امس الى2142 إصابة و17حالة وفاة اعلن وزير الصحة بعد لقائه رئيس الجمهورية ان الاقفال العام هو مطلب لجنة كورونا ويحتاج الى التعاطي الجدي والتمهيد لنجاحه قبل الذهاب الى الاقفال العام واصفا ذلك بانه “شر لا بد منه”. وأفادت معلومات ان تحضيرات جدية اطلقت بين مختلف الوزارات والإدارات والأجهزة الأمنية استعدادا لاعلان الحكومة قريبا جدا الاقفال العام لمدة أسبوعين على الأقل .

إقرأ المزيد في: لبنان