لبنان
حديث عن إيجابيات في ملف التأليف بانتظار مسودة الحريري في اللقاء السادس مع عون
فيما ينتظر العالم اليوم الانتخابات الأمريكية وما سيترتب عليها داخل الولايات المتحدة وخارجها، بقي الملف الحكومي اللبناني بحالة جمود، خرقه حديث عن عودة الإيجابية بعد اللقاء الخامس الذي جمع الرئيس المكلف سعد الحريري برئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس.
إلا أن الكلام الإيجابي لم يترجم على الأرض، وبقي عدد وزراء الحكومة المنشودة مجهولا حتى الآن، بانتظار اللقاء السادس بين الرئيسين الذي قد يشهد تقديم الحريري لمسودة من 18 وزيرا.
على أن الهاجس الصحي بقي في صدارة المخاوف التي قد تضرب الأمن الصحي، وسط التفشي المستمر لوباء كورونا وعدم قدرة المستشفيات على استيعاب أعداد إضافية من الحالاتن فيما ألزمت وزارة الصحة المستشفيات الخاصة بفتح أقسام للمصابين بكورونا.
"الأخبار": «الصحة» تلزم المستشفيات الخاصة بافتتاح أقسام لمصابي الفيروس
تشكّل فحوصات الـ PCR مصدر كسب للمختبرات الطبية التي تحقق نحو 90 ألف ليرة ربحاً عن كل فحص تجريه. فيما لا تتوانى بعض «المختبرات - الدكاكين» عن تزوير نتائج هذه الفحوصات طمعاً بمزيد من الأرباح على حساب الأزمة التي تزداد تفاقماً مع وصول لبنان الى مرحلة الخطر.
مُتخلّفاً عن الصين بمرتبتين فقط، بات لبنان يحتّل المرتبة 58 عالمياً لجهة تسجيل الإصابات بفيروس «كورونا»، مع تجاوز إجمالي المصابين الـ83 ألفاً، أكثر من 39 ألفاً منهم حالات نشِطة. وقد سُجّلت أمس 1080 إصابة (1058 محلية و22 وافدة)، من أصل 6565 فحصاً، كما سُجلت تسع وفيات ضمن سياق تصاعدي بات «روتينياً»، علماً بأن الـ 1080 إصابة لا تعدّ تراجعاً عن عدد الاصابات الذي ناهز الـ 2000 إصابة يومياً في الأيام الماضية، إذ إن هذا «الانخفاض» سببه قلة عدد الفحوصات المخبرية (تتجاوز معدّلاتها في الأيام العادية عشرة آلاف فحص، في حين أن أيام الآحاد تقل نسبتها مع إغلاق كثير من المختبرات أبوابها في عطلة نهاية الأسبوع.
وفيما باشرت دول أوروبية إجراءات الإغلاق، لا يزال لبنان في غير هذا الوارد. على الأقل، هذا ما أشار إليه بيان وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي أمس، عندما نفى خبراً تداولته مواقع التواصل الاجتماعي عن الإقفال التام وحظر التجول بدءاً من الخميس المُقبل، لافتاً إلى ضرورة التقيّد بالإجراءات التي صدرت عن الوزارة أو التي ستصدر لاحقاً. وكانت «الداخلية» أعلنت، أمس، تشديد الإجراءات وتسيير دوريات لمراقبة منع التجول الذي أعلن عنه قبل يومين من التاسعة مساءً حتى الخامسة فجراً.
وفي ظلّ تفاقم أعداد الإصابات وإشارة وزير الصحة حمد حسن، أول من أمس، إلى أن «80% من المصابين لا تظهر عليهم عوارض ويتحركون بيننا»، تبرز أهمية خفض كلفة فحوصات الـ PCR التي حدّدتها وزارة الصحة بـ150 ألف ليرة، بعدما تحوّلت هذه الفحوصات الى مصدر ربح كبير لأصحاب المختبرات على حساب الهدف منها، وهو دفع أكبر عدد من المُقيمين إلى إجرائها. وفي هذا السياق، تبرز مبادرة «الفحص المدعوم» التي أطلقتها بلدية الغبيري في السادس من الشهر الماضي. و«لأن كلفة إجراء الفحوصات لعائلة من خمسة أشخاص توازي الحد الأدنى للأجور»، بحسب رئيس البلدية معن خليل، «وضعنا سعراً مدعوماً للفحص يبلغ 90 ألف ليرة بالاتفاق مع عدد من المراكز الصحية والمختبرات». خليل أكد أن هذا السعر «عادل ويدرّ ربحاً على المختبرات؛ إذ إن سعر الفحص أساساً هو 25 دولاراً (40 ألف ليرة وفق سعر الصرف الرسمي)، ويمكن إضافة 20 ألف ليرة كلفة تشغيلية و20 ألفاً ربحاً للمختبر، وفي الوقت نفسه توفير 60 ألف ليرة على الراغب في إجراء الفحص». وأكد أن البلدية لم تتكبّد أي مصاريف بموجب الاتفاق «وخلال أقل من شهر أجرينا 2300 فحص، واستقبلنا كثيرين من غير المقيمين في نطاقنا البلدي، وحققنا وفراً على الناس بنحو 160 مليون ليرة... وهذه تجربة يمكن تعميمها على بقية البلديات وعلى المستوى الوطني، إذ يمكن لوزارة الصحة أن تتخذ إجراءً مماثلاً لخفض الكلفة وتقليص أرباح المختبرات وضبط مطامع أصحابها».
الى ذلك، عادت الشكوك المتعلقة بنسب الإصابات بعد بروز عشرات الشكاوى من أشخاص أجروا فحوصات أعطت نتائج ايجابية قبل أن يعيدوا الفحص وتأتي نتائجهم سلبية. وزارة الصحة التي أكّدت سابقاً أن نسبة الفحوصات المغلوطة تقع ضمن هامش الخطأ «الطبيعي» المحدد بـ1% من الفحوصات (مثلاً، من بين كل عشرة آلاف فحص يمكن أن تصدر نتائج مغلوطة لـ100 فحص)، تقرّ حالياً بوجود أخطاء يتسبّب فيها بعض «المختبرات - الدكاكين»، مُشيرةً إلى أن اللغط الأبرز يدور حول تعداد الحالة أكثر من مرة «نتيجة قيام الشخص المشتبه في إصابته بإجراء الفحص أكثر من مرة»، وهو «ما يحتّم التنبه إلى هذه الحالات منعاً لتعزيز مزاج التشكيك في الأرقام الرسمية».
بعض المختبرات يزوّر نتائج فحوصات للعمال السوريين المُضطرين إلى مغادرة لبنان
وعلمت «الأخبار» أن وزارة الصحة تحقّق في ملفات بعض المختبرات التي تسجل نتائج مغلوطة. وتُشير مصادر في الوزارة إلى أن بعض أصحاب المختبرات يزوّرون نتائج فحوصات للعمال السوريين المُضطرين إلى مغادرة لبنان، مؤكدة أن «هؤلاء سيُحالون إلى النيابة العامة».
الى ذلك، أعلن حسن من السراي الحكومي، بعد لقاء مع نقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون، «أننا عمّمنا إلزامية استعداد المستشفيات الخاصة، في كل الاراضي اللبنانية، لتخصيص أسرة للعناية الفائقة لمرضى كورونا»، لافتاً الى أن هناك 133 مستشفى خاصاً، 18 منها فقط كانت تعمل على معالجة المصابين». وأكد إجراء «سلسلة اتصالات، أوّلها مع مصرف لبنان، لتأمين مساعدة المستشفيات الخاصة، ومع ديوان المحاسبة، لتسريع العقود»، مؤكداً أن «95 في المئة من مرضى كورونا لا يحتاجون الى دخول المستشفيات. ولكن ليس مبرراً أن يموت مريض على باب المستشفى».
"البناء": الحريري في بعبدا ولا مسودة للحكومة
ولم يخرج الملف الحكومي من دائرة الجمود، فالزيارة الخامسة للرئيس المكلف سعد الحريري الى بعبدا التي جاءت بعد أيام عدة على توقف الاتصالات واللقاءات، لم تسجل أي تقدم على صعيد تذليل العقد الحكومية، ولم يقدّم الحريري أي صيغة جديدة أو مسودة للحكومة خلال لقائه برئيس الجمهورية ميشال عون بحسب ما علمت «البناء»، بل جرى البحث في الصيغ الحكومية المطروحة وعملية توزيع الحقائب، إلا أن بعبدا أعلنت في بيان مقتضب أنّ الرئيسين تابعا «درس ملف تشكيل الحكومة الجديدة في جو من التعاون والتقدّم الإيجابي».
وسبقت زيارة الحريري الى بعبدا زيارة قام بها الامين العام لحزب الطاشناق النائب آغوب بقرادونيان الى بعبدا والتقى الرئيس عون وبحث معه في الأوضاع العامة والملف الحكومي.
عقد داخلية
وبحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» فإن ثلاث عقد داخلية تواجه التأليف:
– حجم الحكومة التي يريدها الحريري من 18 وزيراً، فيما يتمسّك عون بصيغة الـ 20 أو أكثر لكونها تسمح بتمثيل أغلب الكتل النيابية.
– مبدأ المداورة: وافق الحريري على هذا المبدأ مع استثناء المالية لحركة أمل، فيما يطالب عون بمساواة التيار الوطني الحر وإبقاء حقيبة الطاقة من حصته.
– الحصة الدرزية؛ وهنا أشارت مصادر نيابية لـ«البناء» إلى أنّ الحريري وقبيل تكليفه عقد اتفاقاً مع رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط بحصر التمثيل الدرزي به مع حقيبتين، ما دفع بالحريري إلى محاولة التملّص من هذا الاتفاق نظراً لصعوبة تحقيقه ما دفع بجنبلاط في المقابل إلى التشبث بموقفه، في ظل إصرار عون على تمثيل كتلة ضمانة الجبل التي يرأسها رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان. وأكدت مصادر الديمقراطي تمسكها بحقها في التمثل في الحكومة بوزير إسوة بالحزب الاشتراكي والكتل الاخرى، في المقابل لفتت مصادر الاشتراكي الى أننا لا نعارض صيغة الـ20 وزيراً لأنها تعطي الدروز مقعدين وزاريين.
عقد خارجيّة
علاوة على التعقيدات الداخلية، سجلت جملة مؤشرات خارجية سلبية، أهمها التظاهرات التي شهدها محيط السفارة الفرنسية في بيروت، والتي حملت رسالة سلبية إلى باريس.
– اللغط الذي حصل بعد الكلام السعودي في إحدى الصحف عن دعم الحريري بتأليف الحكومة، ومن ثم سحبه من التداول ما عُدَ موقفاً سعودياً سلبياً إزاء التعاون مع الحريري.
– ما تم نقله عن الأميركيين بأنّ لا تعاون مع أي حكومة يمثل فيها حزب الله؛ وكان لافتاً تصريح المستشار الإعلامي لرجل الأعمال بهاء الحريري جيري ماهر على «تويتر»: «لا تنتظروا دعماً سعودياً عربياً أو دولياً حتى لو نجحتم بتشكيل حكومة، فالمطلوب وبشكل واضح هو إبعاد حزب الله عن الحكومة ومحاسبة كل الفاسدين وسحب السلاح قبل الحصول على أي دعم».
ولوحظ أن الزيارة التي قامت بها سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى السرايا الحكومية حيث التقت رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ولم يعرف إذا ما كانت الزيارة روتينية أو تعكس قناعة أميركية بأن ولادة الحكومة مؤجلة وبالتالي استمرار التعامل مع حكومة تصريف الاعمال كممثلة للدولة اللبنانية حتى إشعار آخر!
الحريري لن يعتذر
فيما تردّد أنّ الحريري وضع ومنذ تكليفه سقفاً زمنياً لتطبيق مبادرته بتأليف حكومة جديدة وفق المبادرة الفرنسية، نفت مصادر مطلعة لـ «البناء» هذا الأمر، وأكدّت أنّ الحريري مستمر بواجبه لتذليل العقبات أمام طريق الحكومة للبدء بعملية الإنقاذ بالتعاون مع رئيس الجمهورية؛ وهو بصدد المبادرة لزيارة بعبدا خلال اليومين المقبلين أيضاً لتسليم عون مسودة تشكيلة حكومية نهائية من 18 وزيراً. إلا أن نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي نفى أن يكون الحريري سيقدّم صيغة أمر واقع.
"اللواء": فريق بعبدا يتراجع.. ومسودة الـ18 قيد التنقيح إلى الخميس..
من جهتها، قالت "اللواء" إنه وسط أجواء ضبابية، عادت تخيّم في سماء العلاقات بين المكونات التي تسعى إلى تأليف حكومة جديدة، ومع عودة الدولار الأميركي إلى الارتفاع، كإشارة سلبية للارتباك في التأليف، أو انكشاف الجهات المعرقلة، مما اوجد حالة غير مقبولة، لدى الرئيس المكلف سعد الحريري والكتل التي رشحته لتأليف الوزارة العتيدة، وتم التداول في خيارات عدّة، منها نقل الإحراج إلى بعبدا، وتقديم تشكيلة خارج سياق التفاهم الكامل، لقبولها أو رفضها، لكن المناخ التوافقي اقتضى تحريك الوسطاء، فزار الرئيس المكلف بعبدا، وأعيد ضخ أجواء «توافق وايجابية» بعد بيانين لبعبدا والنائب جبران باسيل ان لا أحد يتدخل كطرف ثالث، وان عملية التأليف تسير بالطرق الدستورية، وفقاً لما هو معلن بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وأكدت مصادر مطلعة ان الرئيسين توصلا إلى حلول لبعض العقد المستعصية، مشيرة إلى ان اللمسات الأخيرة توضع على الأسماء والحقائب.
وكشف ان موعد تأليف الحكومة هو بعد غد الخميس.
الإيجابيات المستجدة
وفي معلومات «اللواء» ان تطورات ايجابية حصلت وحولت الموقف وفقاً لمصادر رسمية متابعة لإتصالات تشكيل الحكومة صورة الوضع بعد زيارة مفاجئة للرئيس المكلف الحريري الى قصر بعبدا حيث التقى الرئيس ميشال عون، وخالفت كل الجو السلبي الذي ساد اواخر الاسبوع الماضي وأدى الى سجال سياسي حول توزيع الحقائب والحصص، والى ارتفاع سعر صرف الدولار نحو 500 ليرة. حيث تبين ان اتصالات الرئيسين لازالت قائمة بينهما ومع المعنيين بالتشكيلة الحكومية بصمت وتكتم شديد. كما دفع رئاسة الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى إصدار نفي وتوضيحات حول حقيقة ما يجري. وتردد ان الحريري قد يزور بعبدا اليوم ايضاً ربما لتقديم مسودة او تصور لشكل الحكومة.
وقد صدر في اعقاب لقاء الرئيسين بيان مقتضب كالعادة جاء فيه: ان الرئيس عون تابع مع الرئيس الحريري درس ملف تشكيل الحكومة الجديدة، في جو من التعاون والتقدم الإيجابي.
وعلى هذا، ونتيجة لتكتم الرئيسين، لم يُعرف ما هو حجم التقدم الايجابي الحاصل، هل هو حول عدد وزراء الحكومة ام حول تمثيل القوى السياسية والتوزيع الطائفي لا سيما للدروز، ام حول نوعية الحقائب التي ستسند لكل فريق؟ علماً انه لم يصدرما يوحي بحل مسألة تمثيل الحزبين التقدمي الاشتراكي والديموقراطي اللبناني، ولا تمثيل تيار المردة بحقيبة ام حقيبتين.
ومع المساء، وبعد ساعتين على لقاء الرئيسين، تسربت معلومات مفادها انه تم الاتفاق على ان تكون الحكومة من 18 وزيراً، وان البحث يدور حول توزيع الحقائب الاساسية والخدماتية لا سيما الاشغال والطاقة والاتصالات والصحة.
بالمقابل، حافظت مصادر بعبدا على التوصيف نفسه للقاء الرئيس الحريري منذ قيام اللقاءات بينهما أي التقدم والتعاون. ولم تخرج معلومات فضفاضة عن هذا الأجتماع الذي سبقه بيان من مكتب الإعلام في الرئاسة يدحض ما يسرب من اجواء عن أسماء وتدخلات مشيرا إلى أن موضوع تأليف الحكومة مرتبط بعون والحريري وفق الدستور وإن المشاورات متواصلة ولا طرف ثالث ولا سيما النائب جبران باسيل.
ولم تشأ المصادر التأكيد ما إذا كان الحريري قدم مسودة حكومية لافتة إلى أن للبحث تتمة وإن المناقشات دارت حول بعض التفاصيل التي سيصار إلى معالجتها وهي في الأصل موضع تباين كموضوع حجم الحكومة وتوزيع الحقائب في الوقت الذي برز فيه تأكيد على أهمية صفات الوزراء في الحكومة. وسط تأكيدات ان النقاش الرئاسي يدور حول مسودة قدمها الحريري الخميس الماضي، ويجري إدخال تعديلات عليها لجهة الحقائب غير الأساسية، بعدما حسم عدد الوزراء واستقر على 18 وليس 20 وزيراً.
والبارز، كان مسارعة النائب جبران باسيل إلى تكذيب الكلام عن تدخله في عملية تأليف الحكومة، واصفاً هذا الكلام بأنه عارٍ عن الصحة، لكنه في المقطع الأخير من بيانه، عاد وتحدث عن عرقلة تأليف الحكومة متهماً غيره بذلك..
وعادت الأوساط العونية تتحدث عن ان التشكيلة لا يمكن ان تبصر النور إذا لم تشكّل وفقاً للمعايير نفسها، واعضاؤها يوحون بالثقة والقدرة على العمل.
"الجمهورية": عقلية «الدكّنجي» والمحاصصة تحكمان التأليف
صحيفة "الجمهورية" تساءلت كيف كانت الاجواء ما قبل لقاء عون والحريري امس؟
مصادر واسعة الاطلاع اكّدت لـ»الجمهورية»، انّ «المعطّل لمسار التأليف هو سيادة منطق المحاصصة، والتأليف على «طريقة الدكنجي»، من حيث احتساب كمّ من المكاسب والمقاعد الوزارية التي سيحصل عليها هذا الطرف او ذاك، متجاوزين بذلك وضع البلد الذي انحدر الى المستوى الأسوأ في تاريخه». وعرضت المصادر الخلاصات الآتية حول لقاءات عون والحريري:
- في اللقاءات الأولى بين عون والحريري، حكمت مقاربتهما لملف التأليف روح التعاون والتوافق على التعجيل بتوليد الحكومة، في مهلة لا تتجاوز نهاية الاسبوع الذي تلا تكليف الحريري، وذلك بعد التفاهم بينهما على الحقائب وأسماء الوزراء. لكنّ نظرة كلّ منهما الى حجم الحكومة لم تكن موحّدة، ذلك أنّ الحريري كان راغباً بحكومة مصغّرة من 18 وزيرا كحدٍ أقصى، فيما رئيس الجمهوريّة كان واضحاً في تأكيده على حكومة موسّعة ( 20 وزيراً فما فوق) يتولّى فيها كل وزير حقيبة، وليس أن تُسند الى الوزير أكثر من حقيبة، ما يؤدي الى ارباك وضعف في الانتاجية.
- في اللقاءات التالية، لم يتمكّن الرئيسان من التفاهم على حجم الحكومة، وهذه كانت أولى العِقد، وسرعان ما أُضيفت إليها عِقَد متتالية، تُرك الباب مفتوحاً لإعادة البحث فيها، ومن هنا جاءت الإشارة اللافتة إلى «التأني»، في أحد البيانات الصادرة عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية. وهذه العِقَد كما حدّدتها المصادر تكمن:
اولاً، حول موضوع المداورة، التي اصرّ رئيس الجمهورية على أن تكون شاملة كل الوزارات بما فيها وزارة المالية.
ثانياً، حول مصير الوزارات السيادية، فرئيس الجمهورية لم يمانع في الحصول على وزارة الداخلية الى جانب وزارة الدفاع، فيما الرئيس الحريري، الذي سلّم بإسناد الماليّة إلى الطائفة الشيعية، لم يمانع في أن تصبح الخارجية من حصّة السنّة، وثمة معلومات تردّدت من دون ان يؤكّدها أحد، من أنّه كان يسعى لإسناد وزارة الدفاع الى شخصية ارثوذكسية يسمّيها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وعلى ذمّة المعلومات غير المؤكّدة، فإنّ عون لم يقبل بذلك.
ثالثاً، حول حجم تمثيل تيار المردة، حيث يتحفّظ عون على تخصيصه بوزيرين مسيحيين.
رابعاً، حول تمثيل طلال ارسلان، حيث برز رفض شديد من قِبل الحريري على توزير شخصية محسوبة عليه، فلا هو شارك في استشارات التكليف، ولا هو شارك في الاستشارات غير الملزمة التي اجراها الحريري في مجلس النواب. قابله رفض في المقابل لحصر التمثيل الدرزي في الحكومة بوليد جنبلاط فقط.
خامساً، حول الثلث المعطل في الحكومة، الذي كان الحريري يسعى جاهداً لعدم توفيره لأي طرف في الحكومة، بما يجعلها عرضة للتهديد والتلويح به، امام اي قرار يمكن ان تتخذه، حتى ولو كان متعلقاً بشراء قرطاسية. فيما لم يبرز في المقابل اي حديث عن ثلث معطل، لكن برز اصرار على أن يكون غالبية الوزراء المسيحيين من حصّة رئيس الجمهورية وفريقه، اي 5 وزراء على الاقل، يُضاف اليهم الوزير الارمني، ومع الوزير الدرزي اذا ما تمّ توزير شخص محسوب على ارسلان، يصبح العدد 7 وزراء، ما يعني الثلث المعطل سواء بحكومة من 18 وزيراً او حكومة من 20 وزيراً.
سادساً، حول الحقائب الاساسية وكيفيّة توزيعها، وبرز في هذا السياق توجّه واضح لدى الرئيس المكلّف ليخرجها من يد «التيار الوطني الحر»، في مقابل رفض للتخلّي عنها، اسوة بوزارة المالية التي ثُبّتت من حصًّة الثنائي الشيعي وتحديداً من حصّة الرئيس نبيه بري، وبالتالي فلتُعامل الطاقة كما عوملت المالية، وإلاّ فلتكن مداورة شاملة تشمل كل الوزارات.
سابعا، كان ثمّة توافق مبدئي، على أن يتشاور الرئيس المكلّف ورئيس الجمهورية بأسماء الوزراء المسيحيين، ويتفقان على من سيتمّ توزيره، ولكن جاء في الأيام الأخيرة طرح مفاجئ يفيد بأنّ «غيرنا ليسوا احسن منا، فكما هم يسمّون وزراءهم، نحن (رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر) سنسمّي وزراءنا، ووزارة الطاقة من حصّتنا، ونحن سنسمّي وزيرها».
ثامناً، والأهم، وهو انّ الاعتبار الشخصي هو الحاضر الأول والأكبر في كل هذه المباحثات، وعلى ما تؤكّد المصادر المطلعة، فإنّ الإعتبار الشخصي من كلا الجانبين، هو الذي يتحكّم بمسار الأمور من أوّلها الى آخرها.
عقدتان جديدتان
واضح مما تقدّم، أنّ هذه العِقد ليست سهلة الحل، وبلوغ قواسم مشتركة حولها يتطلب وقتاً وجهداً واستعداداً مشتركاً للحل، لكن في موازاة تلك العِقد، تبرز عقدتان كانتا كامنتين في موازاة اللقاءات المتتالية بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف:
- العقدة الأولى، توزير شخصية مسيحية تسمّيها كتلة الحزب القومي، المؤلفة من ثلاثة نواب مسيحيين، وسمّت الحريري في استشارات التكليف، وكما تردّد فإنّ الكتلة تلقت وعداً من الحريري في توزير شخصية تسمّيها في الحكومة. ومعلومات المصادر تفيد بأنّ الحريري متحمّس لهذا التوزير، الّا انّ هذا التوزير إن حصل، سيأخذ وزيراً من حصّة رئيس الجمهوريّة والتيار الوطني الحر، يضاف الى وزير مسيحي سيسمّيه الحريري، وهذان الوزيران يُضافان الى وزيري المردة، فيصبح العدد اربعة وزراء، ما يحرم رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر الثلث المعطل، بحيث تصبح حصّته 5 وزراء بحكومة من 18 وزيراً، و6 وزراء بحكومة من 20 وزيراً.
العقدة الثانية، توزير شخصية سنيّة يسمّيها «اللقاء التشاوري»، الذي سمّى نائبان منه الحريري ( قاسم هاشم وعدنان طرابلسي) اضافة الى النائب جهاد الصمد. وبحسب المعلومات، فإنّ اللقاء التشاوري سيطالب علناً بتوزير شخصية يسمّيها، على قاعدة عدم حصر التمثيل السنّي في الحكومة بالرئيس الحريري وبالرئيس نجيب ميقاتي فقط، وكذلك على قاعدة رفض تجاوز اللقاء الذي سمّى نصف نوابه الحريري، وتمييز كتلة نيابية مركّبة لطلال ارسلان هي في الاساس جزء من «تكتل لبنان القوي»، ولم تسمِّ الحريري في استشارات التكليف، فعلى اساس اي معيار يتمّ تمييز كتلة معيّنة وتمثيلها، واقصاء كتلة اخرى عن التمثيل؟