لبنان
الحكومة نحو البيان الوزاري دُر.. وسجال بين جنبلاط والحريري
بعد ولادة الحكومة العتيدة، تنكب الجهود على صياغة البيان الوزاري والذهاب إلى المحلس النيابي لنيل الثقة، وبحسب الأجواء فإن النيّة بتسريع عجلة البت بهذا الأمر موجودة وستكون عدة عناوين مستقاة من بيان الحكومة السابقة.
إلا أن هذه الأجواء لم تكن بذات الهدوء الذي بدا عليه رئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط مساء أمس، الذي وجّه اتهامات لرئيس الحكومة سعد الحريري بتضييع اتفاق الطائف، ما دفع الأخير لردّ سريع.
"الأخبار": «ثورة» جنبلاط على الحريري
اعتبرت "الأخبار" ان جنبلاط بقّ البحصة، رافعاً سقف الانتقاد للحريري بعد اجتماع كتلة اللقاء الديموقراطي، متّهماً إياه بالتنازل عن صلاحياته وعن اتفاق الطائف، لصالح دور باسيل عون، مذكراً بأن «كل مجلس وزراء، كان يضع على الطاولة اتفاق الطائف، اتفاق الطائف، لم يوضع هذه المرة، وهذا لعب بالنار، ويؤدي إلى خلل كبير في البلد، ولسنا مستعدين أن نقبل بهذا الخلل».
زعيم الاشتراكي حدّد أسباب غضبه أكثر، مع إشارته إلى وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، قائلاً إن «لونه سوري»... لكنّه فتح باباً كبيراً للاشتباك مع الحريري نفسه في ملفّ النازحين، مع قوله «سنقوم بمعركة، لأننا لن نتخلى عن حماية اللاجئين السوريين في لبنان، ولن ننجر إلى رغبة الفريق السوري في الوزارة بإرسالهم بأي ثمن إلى المحرقة والسجون، وإلى التعذيب في سوريا». فالحريري، وإن كان لا يزال يتمسّك بمواقفه التقليدية العلنية اتجاه سوريا، إلّا أنه يعتمد على مجموعة من الوزراء من قوى سياسية قريبة من سوريا، وكان يعوّل على عون، لاستعادة شعرة معاوية مع الرئيس بشار الأسد. وفي ملفّ النازحين تحديداً، بات موقفه أقرب إلى موقف عون، أو على الأقل، استطاع عون فرض رؤيته عليه، وهو ما سيبدو واضحاً في البيان الوزاري في ما يتعلّق بهذا الملفّ، على الرغم من مواقفه العلنية المؤاتية للرؤية الغربية في مسألة النازحين.
ليس هذا فحسب، فالاتفاق الضمني الذي كان لا يزال سارياً بين جنبلاط والحريري على عدم المسّ بالضابط وائل ملاعب المتّهم من قبل قوى الأمن بالفساد، كسره المدير العام لقوى الأمن الداخلي عماد عثمان في اللحظة التي بدا فيها التوتّر قائماً بين الحريري وجنبلاط، ومنح القضاء حقّ ملاحقة الأخير، ما دفع جنبلاط إلى الاعتقاد بأن الحركة جزء من حملة تشنّ عليه، مطالباً عثمان بكشف كل الفساد في المديرية، وأن «يضبط المصالح الكبرى والتهريبات الكبرى والفضائح الكبرى، في مطار بيروت، حيث هناك توازنات إقليمية ربما، وأتمنى ألا يكون موضوع ملاعب، هو تصفية حسابات، وإذا ثبت عليه أي شيء فهناك قانون».
وتناول جنبلاط أيضاً مسألة طلب الحريري منه التنازل عن وزارة الصناعة لبري كرمى لبقاء وزارة البيئة في عهدة التيار الوطني الحر، بعد أن نفى أكثر من مسؤول الاشتراكي الأمر الأسبوع الماضي. وهذا الأمر، دفع جنبلاط إلى توجيه أكثر من رسالة إلى الحريري بسقف مرتفع من الانتقاد، ثم مع الوزير غطّاس خوري.
ردّ الحريري، لم يكن أقلّ حدّة، وبدا لافتاً أن ردّه حمل توقيع رئاسة مجلس الوزراء، حين اعتبر أن «رئاسة مجلس الوزراء لا تجد في الكلام الذي يحاول النيل من دورها ومكانتها وأدائها في معالجة الأزمة الحكومية، سوى محاولة غير بريئة للاصطياد في المياه العكرة»، مضيفاً أنها «محاولة للتعويض عن المشكلات التي يعانيها أصحاب هذا الكلام والتنازلات التي كانوا أول المتبرعين في تقديمها». وهنا يعود الحريري في ردّه إلى التنازل الذي قدّمه جنبلاط حين تراجع عن موقفه المطالب باحتكار الوزراء الدروز في الحكومة وقِبَل بتسمية عون للغريب، برعاية النائب جميل السيد، الأمر الذي سبب أيضاً امتعاضاً لدى بري. فيما يقول الاشتراكيون إن تنازل جنبلاط جاء بعد معلومات عن أن الحريري كان قد عقد اتفاقاً مع عون للسير بالحكومة من دون حزب القوات اللبنانية وعزل جنبلاط، في مقابل الاتفاق على التعيينات الشاغرة واتفاقات مالية أخرى.
ودافع الحريري في بيانه عن دوره في حماية الطائف، معتبراً أن «رئاسة مجلس الوزراء، المؤتمنة على الطائف وعلى الصلاحيات التي أوكلها اليها الدستور، لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج إلى دروس بالأصول والموجبات الدستورية من أي شخص، ولن يكون من المجدي لأي كان تزوير الوقائع، لا سيما ما يتعلق باعداد البيان الوزاري، والايحاءات التي تحاول تعكير المسار الحكومي بدعوى العمل على تصحيح الأوضاع».
"اللواء": سؤال جنبلاطي مثير بالتزامن مع البيان: أين الطائف؟
ورأت "اللواء" أنه قد تكون من المرات القليلة، ان تبدأ حكومة في صياغة البيان الوزاري على وقع تصعيد من قبل طرف رئيسي فيها: هو الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط، الذي جمع كتلة اللقاء الديمقراطي في كليمنصو، في خطوة وصفت بالتصعيدية، إن لجهة سؤاله: عمّا وصفه بأحادية تشكيل الحكومة وشبه غياب لمركز رئاسة الوزارة، «وكأن وزير الخارجية جبران باسيل وضع الخطوط العريضة للبيان الوزاري محذراً من اللعب بالنار»، واصفاً ما حصل ويحصل بأنه طعن بالطائف.. وسأل: الطائف إلى أين؟.. وإذا كان الحريري يريد التخلي عن الطائف فهذا يشكل أزمة كبرى في البلد، و«لسنا مستعدين ان نقبل بهذا الخلل».
وكشف عن ان وفدين من اللقاء الديمقراطي سيزوران بعبدا وعين التينة، حاملين إلى الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي سؤالاً: الطائف إلى أين؟
ولم يتأخر ردّ الرئيس الحريري الذي أكّد ان رئاسة مجلس الوزراء المؤتمنة على الطائف، وعلى الصلاحيات التي اوكلها إليها الدستور، لن تكون مكسر عصا أو فشة خلق لأحد، وهي لا تحتاج إلى دروس بالاصول والموجبات الدستورية من أي شخص.
"البناء": المقاومة بند أساسي في البيان الوزاري
على صعيد آخر، وبعدما ولدت الحكومة بشق الأنفس، لم يعد هناك من وقت لإضاعته بنقاشات عقيمة على صياغة البيان الوزراي بعدما تم هدر تسعة أشهر من عمر العهد ولبنان بسبب صراع على الحصص الحكومية والنفوذ السياسي بين القوى والأحزاب. فالخطوط العريضة للبيان الحكومي ظهرت في كلمات رئيس الحكومة سعد الحريري من بيت الوسط عقب تأليف الحكومة ومن بين سطور مواقف رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة بعد أول جلسة لمجلس الوزراء. بينما توقع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إنجاز البيان خلال أسبوع.
وإذ أكدت مصادر «البناء» أن «البيان الوزاري لن يشكل عقبة أمام انطلاقة الحكومة الجديدة التي لديها ثلاثون يوماً كمهلة دستورية لإنجاز البيان الوزاري والتقدم الى المجلس النيابي لنيل الثقة، لكن اللجنة المكلفة صياغة البيان ستعمل الى إنهاء البيان بأسرع وقت لنيل الثقة والانطلاق في العمل بروح التعاون ومواجهة التحديات الكبيرة والأزمات والملفات الشائكة على طاولة مجلس الوزراء»، موضحة أن «البيان سيكون مشابهاً للبيان السابق باستثناء إضافة بند يتعلق بمؤتمر سيدر وإنجاز الإصلاحات المالية والاقتصادية اللازمة، ولن يشكل الأمر مصدر خلاف».
أما بند سلاح المقاومة، فلفتت المصادر الى أن «أنه سيكون بنداً أساسياً في البيان والعبارة متفق عليها ولن تختلف عما ورد في البيان السابق لا سيما حق الشعب اللبناني في تحقيق أرضه بشتى الوسائل»، وعن معارضة بعض أعضاء اللجنة كحزب القوات هذه العبارة لفتت الى أن «العبارة ستمرّ ولو لاقت معارضة بعض الجهات»، مضيفة بأن «معادلة الجيش والشعب والمقاومة لم تعد بحاجة الى شهادات أو تأييد من أحد بل أثبتت جدواها بالميدان وكرست معادلات الدفاع عن لبنان من العدوين الاسرائيلي والارهابي».
ولفتت المصادر الى أن «الحكومة العتيدة لن تكون كالحكومة السابقة، إذ إنها انبثقت من انتخابات نيابية جديدة وبالتالي هناك مجلساً نيابياً شرعياً وليس كالمجالس السابقة المدّد لها قسراً، ما يعني أن الحكومة ستكون مسؤولة أمام البرلمان والشعب في آن معاً، الى جانب قوة الدفع الذي يمثلها رئيس الجمهورية لكونه المعني الأول بتحقيق انجازات في عهده تتعلق بالأزمات التي تختق البلد»، لكنها تخوفت من بعض الجهات التي ستحاول تعطيل الحكومة من داخلها، لكنها أكدت بأنها لن تستطيع ذلك في ظل الأكثرية الوزارية المطلقة المتمثلة بالرئيس ميشال عون وحركة أمل وحزب الله وفريق 8 آذار، اضافة الى الرئيس الحريري الذي أبدى انفتاحاً تجاه عون وحزب الله بالعمل على انقاذ البلد من مستنقع الفساد والأزمات»، كما لفتت المصادر الى قرار حاسم من رئيس الجمهورية وحزب الله إزاء معالجة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي لا سيما في مكافحة الفساد وملف النازحين»، مذكرة بحديث الوزير جبران باسيل عن تفاؤله بمحاولة الحكومة وضع أسس بناء الدولة خلال ثلاثة أشهر».