لبنان
مساعي وساطة التكليف تنطلق الأثنين..الكتل عند مواقفها من مبادرة الحريري
ركزت الصحف اللبنانية على الاتصالات والمساعي التي تبذل في سبيل تكليف النائب سعد الحريري بتشكيل الحكومة، مشيرةً إلى أن هذه المساعي تنطلق يوم الأنثين بعد استراحة نهاية الأسبوع.
"البناء": العطلة لمساعي الوساطة والاثنين تتحرّك الاتصالات..بين الحريري وعون وباسيل
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "البناء" إنه في مناخ أميركي عبّرت عنه ثلاثيّة غير منسجمة تثير التساؤلات، تواصل الجمود السياسي الداخلي، فحركة معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر الذي أكدت مصادر من التقاهم أن مهمته محصورة بترسيم الحدود البحرية، وأنه في هذا المجال ينفذ توجيهات إدارته لتسريع ملف الترسيم وتجاوز أي عقبات تحول دون ذلك، تعمّدت تظهير مسافة سجالية مع قصر بعبدا في تفسير كلامه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومسافة تباعد عن رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي استبعده هيل عن زياراته، بما أتاح توظيف هذا الموقف من مصادر مقرّبة من الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، بصفته المرشح الأبرز لترؤسها مجدداً، بالقول إن موقف شينكر هو تأييد ضمني لموقف الحريري في السجال مع رئيس التيار ورئيس الجمهورية بدرجة اقل، من جهة موازية شكل تركيز شينكر على تسريع الترسيم وبذل الجهود لتذليل العقبات تعبيراً عن توجّه أميركيّ يراهن اللبنانيون على ترجمته في إزالة الضغوط المالية التي وصفها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون، بالمقاربة الانتحارية عبر محاولة دفع لبنان للانهيار أملاً بان يلحق بعض الأذى بحزب الله، وقد أكد شينكر الدعم الأميركي لتشكيل حكومة تستطيع مواكبة عملية الترسيم والتقاط الفرص الواعدة التي تنتظر لبنان. ومن جهة ثالثة جاء الكلام الذي نقله المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من واشنطن، حيث تمّ تكريمه من مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، لينشر مناخات إيجابية بقوله إن النَفَس الأميركي إيجابي تجاه إخراج لبنان من دائرة الأزمة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الازمة الحكومية مستمرة، بعدما لم يعُد النقاش حول قرار تأجيل الاستشارات دستورياً، حيث تجمع المصادر المعنية بالملف الحكومي على ضرورة ترتيب العلاقات بين رئيس الجمهورية والرئيس الحريري، وعلى الحاجة لكسر الجليد بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، فيما جاهرت أوساط التيار الوطني الحر بأنها تخوض معركتها تحت عنوان الدور المسيحي، بينما قالت المصادر أن مساعي الوساطة الخارجية والداخلية ستتظهّر خلال عطلة الأسبوع، لتنطلق الاتصالات يوم الاثنين.
وقالت إنه بانتظار الاثنين يتابع وزير الصحة حمد حسن مداهماته لمستودعات الدواء والصيدليات بعدما صار واضحاً ان الاحتكار يضع يده على قرابة نصف مليار دولار من أصل تسعمئة مليون دولار أنفقها مصرف لبنان على دعم الدواء، لم يصل أكثر من نصف الأدوية المستوردة بموجبها الى المواطنين، بينما يلوّح مصرف لبنان برفع الدعم عن الدواء.
ولفتت إلى أن الحزب السوري القومي الاجتماعي أيّد بقاء الدعم محذراً من رفعه وتعريض فئات واسعة من اللبنانيين في أمنها الغذائي والصحي والاجتماعي، مؤيداً تحركات الاتحاد العمالي العام دفاعاً عن حقوق المواطنين والفئات الأكثر فقراً بينهم، بينما دعا الحزب على الصعيد السياسي لحكومة جامعة محذراً من الوصفات التقسيميّة.
مساعٍ فرنسية على خط الحريري – باسيل
وأشارت إلى أنه مرَ اليوم الأول من مهلة الأسبوع لموعد الاستشارات النيابية الملزمة من دون تسجيل أي تقدّم في الملف الحكومي، ولم يرصد أي مسعى على صعيد تقريب وجهات النظر على خط بيت الوسط – ميرنا الشالوحي يتوّج باتصال بين الرئيس سعد الحريري برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في ظل تمسك الطرفين بموقفهما.
وبحسب الصحيفة فإن معلومات غير مؤكدة تحدّثت عن وسيط دخل على الخط لترتيب لقاء بين الحريري وباسيل من دون أن يوافق الاثنان على ذلك حتى الآن.
وأفادت معلومات أخرى إلى مساعٍ فرنسية لإجراء اتصال بين باسيل والحريري، فيما كشفت مصادر بيت الوسط أن الرئيس الحريري لن يتصل بباسيل ولا نية لديه بالاعتذار عن الترشح.
وقال المستشار الإعلامي للحريري حسين الوجه عبر «تويتر»: «تعقيباً على ما ينقل عن أجواء بيت الوسط في بعض وسائل الاعلام نؤكد على أن الصمت هو سيد الموقف وخلاف ذلك تحليل وتكهنات. الصمت مليء بالأجوبة».
في حين فسّرت مصادر «البناء» تصرف الحريري مع التيار هو خشيته من الظهور بمظهر المتنازل لباسيل بعدما رفع سقوفه العالية التي رفعها طيلة العام الماضي ضد العهد ورئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، فبات من الصعوبة بمكان أن يظهر الحريري أمام بيئته بأنه يتنازل أو أنه يعقد تفاهماً أو صفقة جديدة مع العهد لتعويمه الأمر الذي قد يستفز أطرافاً داخلية وخارجية منها السعودية وزملاؤه في نادي رؤساء الحكومات السابقين.
الحريري أراد إقصاء التيار
في المقابل لفتت مصادر باسيل إلى أن رئيس التيار لا ينتظر اتصالاً من الحريري وحتى لو حصل فهو لن يغيّر من موقفه ولن يسمّي الحريري ولن يشاركه في حكومته ولن يبادر للاتصال به.
وأوضحت مصادر في التيار الوطني الحر لـ"البناء" إلى أن «الحريري ذهب للاتفاق مع ثنائي أمل وحزب الله والنائب السابق وليد جنبلاط ولم يأخذ بعين الاعتبار وجود قوة مسيحية وطنية أساسية اسمها التيار الوطني الحر وتكتله النيابي كأكبر كتلة نيابية في مجلس النواب، فأراد عزل وإقصاء هذا المكون الأساسي ظناً منه أنه يصل الى رئاسة الحكومة من دون أي تفاهم مع التيار الوطني الحر يلزمه لاحقاً بالشراكة المسيحية في الحكم».
وشددت المصادر على أن الأمر لا يرتبط بمشاركة التيار بالحكومة من عدمه بل بالأسلوب الذي اتبعه الحريري مع رئيس التيار بالذات متجاهلاً قوته التمثيلية النيابية والشعبية، متسائلة هل سيكون أسلوب الحريري في مراحل لاحقة بعد التكليف والتأليف والتوجّهات في مجلس الوزراء كأسلوبه حالياً؟ وهل سيستأثر بالحكم مستقوياً بالخارج ومستغلاً الظروف الاقتصادية الصعبة والضغط الذي يمارس على رئيس الجمهورية وحاجة لبنان الى حكومة بأسرع وقت؟».
وعن توجّه التيار ورئيس الجمهورية في حال لم يتمّ التوصّل الى تفاهم بين الحريري وباسيل، أوضحت المصادر أننا سنتجه الى تكليف من دون تأليف.
وعن العلاقة بين التيار وحزب الله في ظل التباين في ملفي الحكومة ومفاوضات ترسيم الحدود، أكدت المصادر أن «مَن يراهن على الإشكال بين حزب الله والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية فهو واهم. ومن الطبيعي حصول اختلاف ببعض الملفات ووجهات النظر وهناك هامش حركة لكلا الحزبين، مؤكدة على العلاقة المتينة بينهما».
شينكر في بعبدا
من ناحية أخرى قالت الصحيفة إن "مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر واصل جولته على المسؤولين، فزار بعبدا والتقى رئيس الجمهورية. ولاحظت أوساط متابعة لجولة المسؤول الأميركي أنه لم يتحدث في ملف العقوبات بتاتاً مع المسؤولين على غير المرات السابقة، كما لاحظت ارتياحاً أميركياً إزاء لبنان عبر عنه شينكر من خلال مواقفه الهادئة. وتوقعت الأوساط أن تنعكس التوجهات الأميركية الجديدة تجاه لبنان ايجاباً على الملف الحكومي، موضحة أن المؤشرات الإقليمية الدولية مؤاتية لولادة الحكومة، لكن استجدت عقدة داخلية تمثلت باعتراض التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على أداء الحريري، مرجحة أن تتكفل الاتصالات التي ستتكثف مطلع الأسبوع المقبل بتذليل هذه العقدة".
وأشار المتحدّث باسم السفارة الأميركيّة في بيروت كايسي بونفيلد، في بيان حول تصريحات في الإعلام نُسبت إلى شينكر، بأنّ «الأخير لَمح القول المحفور على السَيف المعلَّق في مكتب رئيس الجمهورية ميشال عون، الّذي كُتب عليه: «الشفافيّة هي السيف الّذي يقضي على الفساد«. وفي تعليقه إيجابًا على القول، حثّ شينكر الرئيس عون على استعمال سَيف الشفافيّة (بشكل مجازي) وتغيير نهج الحكم».
في المقابل نفت مصادر رئاسة الجمهورية لقناة «الميادين»، ما تداولته وسائل إعلامية عن حديث شينكر مع رئيس الجمهورية عن تغيير نموذج الحكم. وأوضحت أنّ «شينكر تحدّث مع الرئيس عون عن تغيير الأوضاع الحاليّة بسبب الأزمة»، لافتةً إلى أنّ «شينكر لم يتطرّق خلال لقائه بالرئيس عون إلى قضيّة مشاركة حزب الله في الحكومة«. كما أشاد شينكر بحسب المصادر بأداء الرئيس عون على صعيد مكافحة الفساد.
إبراهيم
وفي سياق ذلك، نقل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أجواء إيجابية من واشنطن تجاه لبنان.
وأكد في تصريح تلفزيوني من واشنطن أنه التقى المسؤولين الأمنيّين الأميركيّين ودار البحث في إطار التنسيق الأمني القائم بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية.
وأكّد أنّ «النَفَس الأميركي إيجابي جدًّا، ويَبقى أن نقوم في لبنان بواجباتنا لتسير الأمور قدمًا، وهناك استعداد أميركي للمساعدة الأمنيّة». ولفت تعليقًا على تسلّمه جائزة أميركيّة تقديرًا لمساعيه للإفراج عن عدد من المخطوفين، إلى «أنّني كلبناني فخور جدًّا أن أستلم جائزةً لها بُعد إنساني كبير، وهذا يؤكّد دور لبنان الإنساني والحضاري على مستوى العالم». وشدّد على «أنّني لن أتوقّف عن العمل، وقادر على القيام بالكثير ما دمت أعمل».
جولة وزير الصحة
على صعيد آخر، استكمل وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن جولته على مستودعات الأدوية والصيدليّات في عدد من المناطق، فبعد جولته في البقاع، حطّ حسن، أمس، في بعبدا، وجال على بعض المستودعات فيها، ولفت الى أن «هناك دواء مقطوعاً من السوق بالمقابل يوجد 40 ألف حبة دواء موجودة في المستودع. كما أن هناك آلية غير واضحة بتوزيع الدواء«. اضاف: «سنتأكد من آلية توزيع الادوية لكوننا اكتشفنا وجود خلل فيها وسنتبع آلية تبدأ من وكيل كل دواء مقطوع لكشف الاحتكار». وأكد حسن بأن هناك تهديداً للأمن الصحي بسبب حجز الدواء في ظل ازمة الطوارئ، وأوضح بأن «أي قرار سنأخذه لن يكون من ضمنه الإقفال بالشمع الاحمر، والدواء سيبقى يصل الى الناس لأنه مدعوم، والصيدليات التي أُقفلت بالشمع الأحمر لن تقفل بعد إيقاف أصحابها لان الأدوية ليست ملك صاحب الصيدلية، وستبقى مفتوحة وتسيّر أمور المواطنين».
وكشفت مصادر معنية لـ"البناء" أن أحد المستودعات يقوم بتهريب الدواء الى خارج الحدود. إلا أنّ مصادر وزارة الصحة أوضحت لـ"البناء" أنّ عمليات التهريب لا تقتصر على الحدود السورية – اللبنانية بل عبر مطار بيروت أيضاً وإلى دول عربية أخرى، وقد ضبطت عملية تهريب إلى مصر عبر المطار منذ فترة قريبة. وشدّدت المصادر على أنّ وزارة الصحة ستتابع هذا الملف حتى النهاية للوصول إلى ضرب مافيات الأدوية وكسر الاحتكارات عبر جولات مكثفة على الصيدليات ومستودعات الأدوية للكشف على كميات الأدوية. ودعت إلى ترقب النتائج الإيجابية لكشف المخالفات لجهة توفر الأدوية التي فُقِدت في الأسواق.
وأكدت المصادر أنّ جولات وزير الصحة ستشمل مناطق لبنانية مختلفة لن يعلن عنها، متوعدة بمزيدٍ من كشف المخالفات في قطاع الأدوية، ومشددة على أنّ الوزارة ستتابع ملف الأدوية وملفات صحية أخرى ذات أهمية للمواطنين لضبط عمليات الغش والاحتكارات والتهريب والتلاعب بصحة المواطن ولا غطاء على أي كان.
وأوضح رئيس لجنة الصحة النيابية السابق الدكتور د.إسماعيل سكرية بأنّ خطوة وزير الصحة مهمّة على الطريق الصحيح لمحاربة الفساد في هذا القطاع المسؤولة عنه «منظومة التجار» المدعومة سياسياً، لكن الأهم بحسب سكرية هو متابعة الملف كي تصل الرسالة إلى كل مَن يتعامل بالملف الصحيّ بأنّ الأمور جدية. ولفت سكرية إلى ضرورة اتباع المراحل في التدقيق بكمية الأدوية وتاريخ دخولها والكمية الموضوعة في السوق والمباعة الى المستفيدين بدءاً من استيرادها والتحقق من المصرف المركزيّ والإدارة الجمركيّة من الفواتير والكشوفات إلى المستودعات الرئيسيّة ثم إلى الصيدليات. وتحدّث سكرية عن تغطيات ومحميّات سياسية لتجار وشركات الأدويّة، كاشفاً عن عشرات قوانين وبنود إصلاحية تطال قطاع الدواء سقطت في المجلس النيابي بسبب حظوة “الكارتيل” السياسي النيابي الطبي المتحكم بقطاع الصحة.
وفي ما دعا نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون الدولة إلى وضع يدها على المستشفيات بموجب قانون الطوارئ وتسيير الأمور، أيّد رئيس لجنة الصحة النيابية د.عاصم عراجي هذه الدعوة، داعياً عبر «البناء» إلى خطة طوارئ صحيّة تشمل المستشفيات والمستودعات والصيدليات وكل ما يتعلق بالقطاع الصحي، “وإلا فنحن ذاهبون إلى كارثة وطنية”. ووصف عراجي جولة وزير الصحة بالجيدة، وقد سبق ودعا إليها مراراً في اجتماعات لجنة الصحة.
وكشف عراجي أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ لجنة الصحة بأنّه أعطى مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية 900 مليون دولار وفي مقارنة مع العام الماضي، تبيّن أن المبلغ نفسه؛ ما يؤكد حصول عمليات احتكار وتخزين وتهريب إلى خارج لبنان. أما السبب بحسب عراجي فهو أنّ سعر الدواء في لبنان مدعوم، وبالتالي أقل ثمناً من دول أخرى فيجري تهريبه للاستفادة من فارق السعر. وكشف أنّ عدداً من المستوردين يخزنون كميات من الأدوية بالتعاون مع بعض أصحاب المستودعات وقلّة من الصيدليات، ودعا إلى اتخاذ إجراءات قانونية قاسية بحق المخالفين.
"النهار": في سنة الانتفاضة الاستهانة “الحاكمة” الى الذروة!
من جهتها، صحيفة "النهار" قالت إنه اذا كان العام المروع كما وصفه المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش أدى بانهياراته وويلاته الى احياء الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 اليوم بمرارة عدم تحقيق أهدافها الأساسية في التغيير الجذري من جهة، ولكن مع اشتداد الحاجة الى بقاء شعلتها بل تصعيد تحركاتها وأفكارها وثقافة الانتفاضة من جهة أخرى، فان المشهد السياسي وحده يفترض ان يحفز الانتفاضة على تجديد الثورة بأساليب مختلفة وحاسمة هذه المرة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في ذكرى سنة الانتفاضة التي تعتبر اكبر تعبير احتجاجي اجتماعي وإصلاحي وثورة على الفساد عابرة كل المناطق والطوائف والفئات، وجد اللبنانيون انفسهم امام أسوأ فصول الاستهانة السياسية اطلاقا بجبل الازمات والانهيارات والمشكلات المتدافعة والمتزاحمة في اخطر مصير يواجهه لبنان في تاريخه وفي سنة مئوية قيام لبنان الكبير. مع مرور سنة على الانتفاضة التي بدأ احياء ذكراها منذ مساء امس وستتوالى اليوم فصول هذا الإحياء في وسط بيروت والعديد من المناطق، صدم اللبنانيون بمستوى الاحتقار لمعاناتهم ومآسيهم لدى جهات سياسية ورسمية معنية في المقام الأول باحترام الأصول الدستورية وعدم تسخيرها للشخصنة والعوامل السياسية والحزبية الضيقة والمضي في الاستهانة بإفقاد لبنان أي فرصة متاحة للإنقاذ أيا تكن الاعتبارات السياسية التي تطرح كذرائع فارغة من أي مضمون جدي وحقيقي لاستعجال فرصة تشكيل حكومة انقاذية".
وأشارت إلى أنه بدأ الامر مع ارجاء مفاجئ للاستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس الماضي من دون أي مسوغ مقنع او موضوعي بدليل ان أي طرف او تكتل نيابي لم يتطوع لتبني الذريعة التي أعطيت للارجاء خصوصا وسط ضياع التبريرات التي طرحتها الجهات المعنية ساعة بذريعة طلب كتل نيابية هذا الإرجاء وساعة بعنوان الميثاقية. وتصاعدت معالم هذه الازدواجية الفاقعة امس بعدما بدا واضحا ان المضي في هذه المغامرة الخطيرة الناشئة عن تضييع فرصة تشكيل الحكومة لتصفية حسابات شخصية بات ينذر بوضع رئاسة الجمهورية في موقع شديد الحرج والخطورة لانها ستتحمل تبعات مخيفة ان جرت الاستهانة مرة ثانية الخميس المقبل بإرجاء جديد للاستشارات او التسبب بتمديد الفراغ الحكومي وترك البلاد تحت وطأة سلطة شبه مشلولة تجسدها حكومة تصريف الاعمال الحالية، كما بدأت تلوح بذلك بعض الدوائر المحيطة بالرئيس ميشال عون".
واضافت انه "اذا كان الرئيس سعد الحريري التزم والزم أوساطه قراره بالصمت المعبر المطبق اقله في انتظار الخميس المقبل وما يمكن ان يقدم عليه معطلو استحقاق التكليف، فان ذلك لم يحجب التداعيات البالغة الخطورة التي بدأت ترتسم حيال هذه النزعة الجارفة لجعل الاستشارات ألعوبة بل رهينة محاولة ارغام الحريري على التراجع والتزام التنازلات امام رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. ولكن بدا مساء امس ان دوامة التناقضات في التسريبات المتعلقة بموقف القصر وموقف باسيل بلغت ذروتها بعدما تبين ان الحريري ليس في وارد القيام باي خطوة".
وتابعت "اذ بإزاء تلويح القصر نهارا ان ارجاء الاستشارات مرة ثانية ليس مستبعدا اذا لم يحصل اتصال بين بيت الوسط وباسيل، فان الأوساط القريبة من باسيل جزمت بانه ليس في وارد أي اتصال بالحريري ولن يبدل موقفه الرافض لتكليفه مهما حصل. كما تحدثت التسريبات عن اقحام فرنسا في هذه الزاوية فتحدثت عن محاولة فرنسية لتأمين تواصل بين الحريري وباسيل ثم اشارت معلومات الى ان وسيطا محليا حاول السعي الى تواصل بين الاثنين ولكنه لم يوفق".
بين عون وشينكر
وتابعت "النهار" إنه في أي حال لم تكن دلالات المأزق الذي تسبب به قرار ارجاء الاستشارات بعيدا من المواقف والمعطيات التي واكبت جولة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر على عدد من المسؤولين والقادة السياسيين مستثنيا منها مرة أخرى النائب جبران باسيل. ولكن زيارة شينكر لقصر بعبدا امس واجتماعه مع رئيس الجمهورية لم تمر من دون إشكالات اذ انه بعد الزيارة عممت معلومات رسمية من بعبدا نسبت الى شينكر انه “نوه بالدور الإيجابي الذي يلعبه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائدا في السابق”. ولكن المتحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت كايسي بونيفيلد سارع الى التوضيح لـ "النهار" انه "خلال الزيارة أشار السيد شينكر الى السيف المعلق في مكتب الرئيس عون والذي كتب عليه ” الشفافية هي السيف الذي يقضي على الفساد” . وفي تعليقه على العبارة حض شينكر الرئيس عون على استعمال (مجازيا ) سيف الشفافية لتغيير نهج الحكم”. وخلال اللقاء الذي تركز على مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل اعرب شينكر عن امله في تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. وجال شينكر امس على كل من الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية كما التقى مجموعة من الشخصيات السياسية الى عشاء خاص.
"اللواء": بعبدا تقحم شينكر في الملف: نعمل لحكومة «نظيفة»!
صحيفة "اللواء" بدورها قالت إنه "قبل عام بالتمام والكمال، امتلأت الساحات في بيروت والمدن الكبرى، من طرابلس الى صيدا والنبطية وصور، وجونية وجبيل، وجلّ الذيب، احتجاجاً علي عبث السلطة آنذاك بأوضاع المواطنين الحياتية والمعيشية، عبر قرار وزاري باستحداث ضريبة «سنتات» من الدولار على خدمة الـWhatsAPP المجانية، ليتفجر الاحتقان.. وليحدث ما حدث في السياسة، والانهيارات المالية المتتالية، من ازمة المصارف، واقفالها الى ازمات منع السحوبات وحجز اموال المودعين، لا سيما تلك المسجلة في حساب الدولار".
واشارت الصحيفة إلى أنه "لمجموعات الحراك، التي عادت الى الشوارع والساحات، ان تقيّم تجربة الانتفاضة الوطنية للبنانيين، ضد طبقة سياسية وسلطة حاكمة فاسدة، الاّ ان الحدث، سيبقى لوقت طويل، مدار تداعيات. الحركة الشعبية التي هبت رفضاً لفساد السلطة، لها ما لها، وعليها ما عليها.. الا ان ما اسفرت عنه على الصعيد السياسي اخطر مما هو متوقع، انكشاف النظام السياسي على ازمات بنيوية، تتحكم بكل المسارات، وكأن شيئاً لم يكن".
ولفتت إلى أنه اذا كان الجمود، بل «التحجر» يلف مواقف الجهات المعنية تجاه قضية تأليف الحكومة، بعد اجراء استشارات ملزمة، وتكليف مَنْ تستقر عليه هذه الاستشارات الملزمة، فإن الاشارة التي اطلقها الرئيس ميشال عون امام مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر، استرعت اهتمام الاوساط السياسية المعنية، لجهة ابلاغه ان «العمل يجري حالياً من اجل قيام حكومة نظيفة تركز على تحقيق الاصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الاوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها»، مركزاً على اهمية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، والذي يعتبر خطوة اساسية في الاطار الاصلاحي، واستعادة حقوق الدولة، وانهاض الاقتصاد اللبناني.
واضافت "مع ان الموفد الاميركي يحصر مهمته، في اطار المفاوضات فقط، وفقا لمعلومات «اللواء»، فإن الاشارة الرئاسية، خرقت «عتمة الجمود» الطاغي على المشهد، وسط مخاوف جدية من ان يؤدي غياب التواصل بين الرئيس المرشح سعد الحريري ورئيس تكتل لبنان القوي جبران باسيل، الى تعميق الازمة اكثر، وان كانت اوساط نيابية في التكتل لا تستبعد تكليف الرئيس الحريري تأليف الحكومة العتيدة الخميس المقبل".
شينكر وسيف الشفافية
وتابعت الصحيفة "كان شينكر واصل جولته على المسؤولين فزار برفقة السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ولوغان بروغ ، الرئيس عون في حضور الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام، وكلا من الرئيس نجيب ميقاتي الذي أولم على شرفه والرئيس الحريري، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية في حضور النائب طوني فرنجية والوزير السابق روني عريجي. واجرى معهم جولة افق في كل الاوضاع المرطوحة وبخاصة موضوع ترسيم الحدود وتشكيل الحكومة".
وذكرت مصادر المردة لـ"اللواء" ان شينكر لم يطرح خلال اللقاء اي مواضيع خاصة او طلبات او شروط، انما جرى عرض عام معه حول كل المواضيع والمشكلات القائمة، سواء الازمة الحكومية او الاقتصادية والمالية والمعيشية، اضافة الى المبادرة الفرنسية والاتصالات لتشكيل الحكومة وإجراء الاصلاحات في كل المجالات.
وحسب مصادر بعبدا فإن شينكر نوّه «بالدور الايجابي الذي يلعبه الرئيس عون في مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائدا في السابق»، معتبرا «ان الإصلاحات في لبنان أساسية لاسيما وان لا فرق بين السياسة والاقتصاد». واعرب عن أمله في «ان يتم تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية».
ولاحقاً صدر عن السفارة الاميركية في بيروت بيان اوضح فيه بعض ما قاله شينكر لعون، وقال في توضيح حول تصريحات في الاعلام نسبت الى مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قال المتحدث باسم السفارة الأميركية كايسي بونفيلد: «لمح مساعد وزير الخارجية شينكر القول المحفور على السيف المعلّق في مكتب رئيس الجمهورية ميشال عون والذي كُتب عليه: «الشفافية هي السيف الذي يقضي على الفساد». وفي تعليقه ايجاباً على القول، حثّ شينكر الرئيس على استعمال سيف الشفافية (بشكل مجازي) وتغيير نهج الحكم».
وحسب ما ذكرت «اللواء» فإن شينكر حدّد دعم بلاد، لحكومة اختصاصيين، تتمكن من ملاقاة المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي لإجراء ما يلزم من اصلاحات، من دون الدخول في أية تفاصيل او التطرق الى مواقف الاطراف حتى انه لم يذكر اسم حزب الله في اي من اللقاءات.
ولفتت الصحيفة إلى أنه استمر الصمت المطبق في بيت الوسط، حيث تؤكد اوساطه فقط ان الرئيس سعد الحريري لا زال يعمل على تنفيذ المبادرة الفرنسية ولا اعتذار او تراجع عن ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة حتى الآن على الاقل، فيما قال المستشار الإعلامي للرئيس الحريري حسين الوجه عبر «تويتر»: «تعقيباً على ما يُنقل عن أجواء بيت الوسط في بعض وسائل الاعلام، نؤكد على ان الصمت هو سيد الموقف، وخلاف ذلك تحليل وتكهنات. الصمت مليء بالاجوبة».
وقالت الصحيفة إن ذلك جاء بعد تسريب معلومات عن ان الحريري لا ينوي الاتصال برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وأن هناك مساعٍ فرنسية لإجراء إتصال بين باسيل والحريري يفترض ان يكون مساء امس. لكن اي شيء لم يتأكد حصوله.
ولفتت إلى ان مواقف الكتل النيابية بقيت حتى يوم امس تراوح مكانها بعد تصعيد المواقف من قبل التيار الحر والقوات اللبنانية حيال تكليف الرئيس الحريري، لكن مصادر تيار المردة قالت لـ"اللواء" ان كتلة التيار ما زالت متمسكة بترشيح الحريري لأنه افضل الموجود ولا مانع لدينا من ترشيح سواه اذا هو رغب شرط ان نكون نعرفه و«يشتغل سياسة» مثل نجيب ميقاتي او تمام سلام، لكننا لن نكرر تجربة حسان دياب ولن نسمي شخصا مثله ولن نعطيه الثقة اذا تمت تسميته. هناك فرصة قد تكون الاخيرة الآن بترشيح الحريري وتنفيذ المبادرة الفرنسية، واي فرصة اخرى اذا اتت ستكون اصعب علينا من سابقتها، ومن لديه بديل افضل من الحريري او من المُتاح الان ليطرحه.