لبنان
اتفاق الاطار بعد 10 سنوات..الرئيس بري يسلم أمانة التفاوض للرئيس عون..واتصالات تأليف الحكومة لا تزال مؤجلة
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على اتفاق إطار التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود الجنوبية الذي أعلن عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري، فيما أشارت من ناحية أخرى إلى أن تعقيدات تأليف الحكومة لا تزال قائمة، والاتصالات لا تزال مؤجلة حتى اللحظة.
"الأخبار": بري يعلن اتفاق إطار التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود الجنوبية
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" بإعلانه رسمياً اتفاق الإطار لترسيم الحدود البرية والبحرية جنوباً، انتهى أمس دور رئيس مجلس النواب نبيه بري بعدَ عقد من التفاوض مع الأميركيين. انتقلت المسؤولية - وفق الدستور - إلى رئيس الجمهورية. وسيتولى الجيش اللبناني المفاوضات غير المباشرة، لترسيم الحدود البحرية، واستكمال ترسيم الحدود البرية، وهي المهمة التي يقوم بها منذ 13 عاماً. وسيكون على الجيش العودة إلى رئيس الجمهورية والحكومة قبل القيام بأي خطوة خلال المشاورات التي ينبغي أن يحرص على الحفاظ على صيغها «غير المباشرة»، عبر الأمم المتحدة. المفاوضات التي ستنطلق منتصف الشهر الجاري، ستكون أصعب من تلك التي خيضت للتوصل إلى اتفاق الإطار، وربما ستمتد لسنوات. واشنطن وتل أبيب ستبتزّان لبنان، إلى أقصى الحدود، لانتزاع تنازلات منه. ويُخشى من تعامل البعض في بيروت مع التفاوض كورقة للإفلات من العقوبات، أو لتحسين العلاقة مع واشنطن. هذه المخاطر، وغيرها، بدأت بالظهور من لحظة إعلان اتفاق الإطار. فالعدو احتفل بـ«مفاوضات مباشرة»، فيما تعمّد وزير الخارجية الاميركي الفصل بين الترسيم البري والترسيم البحري. في اختصار، المفاوضات ستُجرى في حقل ألغام.
واضافت انه "في توقيت محلّي دقيق، وإقليمي - دولي حسّاس، تقرّرَ التفاهم على الشروع في مفاوضات غير مباشرة بين لبنان و«إسرائيل»، برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية على طاولة، فوقَها ملف النزاع الحدودي البرّ - مائي وما يستتبعه من أراضٍ لبنانية محتلة وبلوكات نفطية ونقاشات قد تطول أو تقصُر بحسب التطورات. نقاشات قد تلجأ خلالها تل أبيب وواشنطن الى المناورة وكسب أكبر عدد من الجولات والتنازلات اللبنانية".
واشارت الصحيفة الى ان "هذا المشروع التفاوضي الذي سعت إلى هندسته الولايات المتحدة الأميركية، نجحَ لبنان في مراحله الأولى (بعدَ عقد من الأخذ والرد) بفرض الإطار الذي يريده كقاعدة للتفاوض، لكن الأمر قد لا يستمر، فيما لو فقد التفاوض الوحدة الداخلية حوله. الوصول إلى تفاهم رسمي لبناني حول الإطار الموحد الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يصطدِم، وحسب، بالمراوغة الأميركية والتعنت الإسرائيلي، بل أيضاً بالإنقسام الداخلي، إذ تماهت آراء بعض القوى السياسية سابقاً مع مطالب واشنطن، ولا سيما في ما يتعلق بفصل المسارين البري والبحري. والآن، وفيما تنخرط الإدارة الأميركية في أوسع عملية ضغط على لبنان لمحاصرة المقاومة وضرب حزب الله، سيدخل لبنان عملية التفاوض تحتَ وطأة العقوبات التي يُمكن أن تستخدمها واشنطن لسلب لبنان جزءاً من حقوقه، وهو ما دفع بري سابقاً إلى اعتبار أن «المعركة ستبدأ الآن».
وتابعت "بعد نحو شهرين من كشفه الوصول إلى اتفاق مع الأميركيين على إطار التفاوض ووصول الأمور إلى خواتيمها، أعلن بري رسمياً في مؤتمر صحافي عقده في عين التينة، أمس، عن الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان، بحضور وزيرة الدفاع الوطني في حكومة تصريف الاعمال زينة عكر وقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد اليونيفيل ستيفانو دل كول وممثلة المنسق الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش نجاة رشدي. مهّد بري لهذا الإعلان بالحديث عن «اتفاق الهدنة الذي وقّع بين لبنان والكيان الإسرائيلي عام 1949 بإشراف رئيس الأمم المتحدة آنذاك ومشاركة كولونيل أميركي اسمه كيمنون. كذلك تمّ منذ فترة ليست بعيدة، ترسيم الخط الازرق على الحدود البرية أو قسم منها برعاية اليونيفيل، وانطلاقاً من تفاهم نيسان 1996، وإثر التأكد من وجود غاز ونفط في حدودنا البحرية، انطلقت شخصياَ منذ عام 2010، بمطالبة الأمم المتحدة وأمينها العام بان كي مون بترسيم الحدود البحرية ورسم خط أبيض في البحر المتوسط الازرق». وقال: «إثر تردد الأمم المتحدة وتمنعها بل وطلبها مساعدة الولايات المتحدة الاميركية، بادرت إلى طلب المساعدة شخصياً. والجدير ذكره أن زيارة الوزير بومبيو الى لبنان ولقاءنا أعاد الملف الى طاولة البحث بعد أن كاد يتوقف، وبعد أن تعثر لفترة طويلة».
من ناحية أخرى، قالت "الاخبار" إنه "لا توجد على الطاولة الحكومية سوى مبادرة الرئيس نجيب ميقاتي. وقد وُضعت في خانة المرحلة الثانية من المبادرة الفرنسية، مرحلة إعطاء اللبنانيين مهلة ٤ إلى ٦ أسابيع ليتفقوا على شكل الحكومة الجديدة. مبادرة ميقاتي تنص على تشكيل حكومة من ٢٠ وزيراً برئاسة سعد الحريري، بحيث تضم ٦ وزراء دولة من السياسيين و١٤ وزيراً اختصاصياً. منذ أطلقت المبادرة لم يعلن أي طرف رفضها. وهي تتناغم مع مطلب أغلب الكتل بضرورة وجود سياسيين في حكومة سيكون على عاتقها الكثير من الملفات، التي لا يكفي لبتها وجود اختصاصيين. على رأس هؤلاء ثنائي حركة أمل و«حزب الله اللذان تتفق المبادرة مع مطلبين سبق أن طرحاهما: أن تكون الحكومة مطعّمة بسياسيين وأن يكون سعد الحريري أو من يوافق عليه على رأسها. بعد تسمية السفير مصطفى أديب لتشكيل الحكومة، كان الحديث عن حكومة مطعّمة بسياسيين مرفوضاً تماماً. لكنّهما وافقا على المبادرة الفرنسية بعنوانها الذي استجد قبيل التسمية وهو حكومة اختصاصيين مستقلين (سبق أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت تأييده لحكومة تضم جميع الكتل). ولذلك سار الجميع تحت هذا الإطار، إلى أن وقع الصدام نتيجة رفض أديب، ومن خلفه رؤساء الحكومات السابقون، التواصل مع الأفرقاء في إطار سعيه إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة المجلس النيابي".
ولفتت إلى أنه بعد سقوط المبادرة الفرنسية بنسختها الأولى صار من الجنون إعادة التفكير بتسمية رئيس حكومة من خامة أديب أو حسان دياب، أو السير بحكومة من الاختصاصيين. فأي حكومة من هذا النوع لن تكون قابلة للحياة، لأنها ستصطدم بالعراقيل نفسها. وهذا يعني أن التسمية صارت محصورة بين الرؤساء سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام. مجرد وجود أي من هذه الأسماء يعني نهاية حكومة الاختصاصيين، ولهذا كان منطقياً أن يطرح ميقاتي مبادرة حكومة الاختصاصيين والسياسيين. خاصة أنه سبق أن رُفض، قبيل تكليف دياب، ترؤس الحريري لحكومة اختصاصيين صرف.
واشارت الصحيفة إلى أنه إذا كان الأميركي قد عرقل تشكيل الحكومة، على ما أكد الرئيس الفرنسي نفسه، فقد صارت المسألة بحاجة لإعادة نظر عقب الإعلان عن اتفاق الإطار للتفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية. وترحيب وزارة الخارجية الأميركية بهذا الإعلان. وعقب قول ديفيد شينكر إن موافقة لبنان على التفاوض مع إسرائيل ستساعده. واضافت أن مشكلة المبادرة أنها تقترح وجود الحريري على رأس الحكومة، والحريري لا يزال حتى اليوم رافضاً للعودة إلى رئاسة الحكومة لأسباب عديدة. وهذا يعني أن من بقي في الميدان هما ميقاتي وسلام، علماً أنه تردد أمس أن الحريري الذي يؤيد مبادرة ميقاتي اقترح أن يكون الأخير بنفسه رئيساً لها.
وقالت "الأخبار" مع ذلك، لا شيء محسوماً بعد، في انتظار تحديد رئيس الجمهورية للاستشارات النيابية. تلك ستكون بمثابة الإيذان بأن حظوظ نجاح المرحلة الثانية من المبادرة الفرنسية قد تكون أكبر من حظوظ المرحلة الأولى التي بنيت على عدم تقدير للواقع اللبناني.
"البناء": بري يعلن فوزه بماراتون 10 سنوات من الضغوط الأميركيّة… ويسلم الأمانة لعون
من جهتها، صحيفة "البناء" قالت إنه بالمعنى القانوني والسياسي المفاوضات توشك أن تبدأ وهي بالتالي لم تنته حكماً، ولا توشك أن تنتهي، رغم أن تجاذبات أكثر من عشر سنوات رسمت حدود الممكن والممنوع والمستحيل فيها بما يكفي لتحديد هوامش التفاوض. وبالتوصيف القانوني والسياسي التفاوض الذي سيجري ليس مشروع معاهدة، كما توحي صلاحية رئيس الجمهورية بالتفاوض على المعاهدات الخارجيّة، وإلا دخل لبنان محظور التوقيع على معاهدة سياسية، وهو يفعل كل الممكن لتفادي هذه الكأس المرّة. فهي يجب أن تبقى مفاوضات عسكرية تقنية يشرف عليها رئيس الجمهورية كقائد أعلى للقوات المسلحة، وتتم تحت سقف رعاية الأمم المتحدة ضمن لجان رافقت مراحل شبيهة مع تفاهم نيسان عام 1996، والتثبت من الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، وهدفها محصور بتصديق خرائط ومحاضر تشكل امتداداً تقنياً، لتثبيت خط الحدود الدولية للبنان المرسم لدى الأمم المتحدة، والمطلوب تثبيت الاعتراف بعلاماته الميدانية والانطلاق منها لتثبيت خرائط ومحاضر للحدود البحرية تضمّ في وثائق الأمم المتحدة لخرائط ومحاضر الحدود البرية.
واضافت لبنان لا يفاوض سياسياً، ولا مشروع معاهدة لبنانية إسرائيلية على الطاولة، بل أكثر من ذلك، لبنان لم ولن يقبل بمفاوضات مباشرة، وقد انتزع شروطه المعاكسة للشروط الأميركية الإسرائيلية، من الفريقين الأميركي والإسرائيلي، بمفاوضات غير مباشرة، تحت الرعاية الأمميّة، بدلاً من التفاوض المباشر تحت الرعاية الأميركية، رغم كل الضغوط المالية المسخرة لفرض التنازلات عليه، ورغم تهديده بخطر الانهيار والعزل والحصار وإشهار سيف العقوبات فوق رأسه وتطبيق البعض الصعب من هذه العقوبات، والفوز اللبناني الذي يُكتب تحقيقه لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ينتظر استكماله بالفوز النهائي بعدما أعلن بري نهاية المهمة التي بدأت قبل عشر سنوات، بإعلان اتفاق الإطار الذي سيحكم التفاوض، بمستوى ضباط الجيش، لا وزارة الخارجية، وبصورة غير مباشرة وبرعاية الأمم المتحدة، حيث يجلس المفاوضون كل في غرفة سيتنقل بينهما الراعي الأممي والوسيط الأميركي، ولا يتم توقيع محاضرها من الراعي والوسيط إلا بعد توقيع طرفي النزاع.
واشارت "البناء" إلى أن رئيس مجلس النواب سلم الأمانة لرئيس الجمهورية، الذي أعلن ترحيبه بالاتفاق الإطار، لتختتم مرحلة هامة في طريق تثبيت حدود لبنان الاقتصادية في البحر، بينما أعلن بري أن التنقيب من طرف شركة توتال الفرنسيّة في المربع رقم تسعة الحدوديّ سيبدأ قبل نهاية العام بوعد من الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون.
وتابعت الصحيفة "الأميركيّون الذين رحّبوا بالاتفاق الذي مانعوا شروطه سنوات، وحجزوه رهينة في جيوبهم شهوراً، سيكشفون مع زيارة نائب وزير خارجيتهم ديفيد شينكر إلى بيروت خلال أيام عن درجة اقتناعهم بأنهم وصلوا إلى طريق مسدود رغم الضغوط والتهديد بالانهيار، والتلاعب بالتوازنات الطائفية التي شهدتها مفاوضات تشكيل الحكومة مؤخراً، واستخدام العقوبات التي شملت وزيرين سابقين في رسالة ضغط شديدة على الرئيس بري لدفعه لقبول تعديل الاتفاق. كما ستكشف الأيام المقبلة، ما إذا كان هذا الموقف الأميركي الإسرائيلي عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، يشكل أكثر من حملة احتفالية إعلامية في المسار الانتخابي، ويمكن أن يؤشر لتوجه جديد يفتح الباب للإفراج عن لبنان واقتصاده وحكومته، بعدما تحول كل شيء بقوة الضغط والتدخل الأميركيين إلى رهائن للتفاوض على اتفاق الإطار الخاص بترسيم الحدود، وقد أنجز الاتفاق، أم أن التفاوض على الترسيم الذي سيبدأ لن يقل صعوبة عن التفاوض حول الإطار، وسيشهد مواصلة للضغوط والعقوبات عند كل منعطف تفاوضي؟".
شينكر في بيروت منتصف الشهر
وأفادت معلومات "البناء" أن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، ديفيد شينكر سيزور لبنان منتصف الشهر الحالي لمتابعة وضع أسس المفاوضات حول تحديد الحدود البرية والبحرية. وأوضحت المعلومات أن الوفد الأميركي في المفاوضات سيكون بصفة وسيط ومراقب وليس في موقع الشريك المفاوض المقرر».
عون رحّب
بدوره، رحّب الرئيس عون بالإعلان الذي صدر عن بومبيو. مشيراً في بيان لمكتبه الاعلامي أن «رئيس الجمهورية سوف يتولى المفاوضة وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي ان يستمرّ في وساطته النزيهة».
وتلفت مصادر رئيس الجمهورية لـ”البناء” إلى أن «عون سيُعيد تنظيم التفاوض حياله مع المسؤولين التقنيين والعسكريين المعنيين بالتفاوض ضمن لجنة التفاوض اللبنانية»، مشيرة إلى «تحفظ لديه حيال نقطة تلازم مساري التفاوض البري والبحري».
وأكد مصدر مطلع على الملف لـ”البناء” أن رئيس الجمهورية ينطلق من ثوابت لمقاربة الملف، وهي:
حصر الترسيم في البحر من دون البر بحيث تكون المرجعية الأولى هي اتفاقية البحار والمرجعية الثانية اتفاقية الهدنة التي تؤكد على الحدود البرية، والمرجعية الثالثة القرار 425، فيما الرابعة القرار 1701.
أما الخط الأزرق بحسب المصدر، فلا يعني لبنان لأنه ليس خط حدود دولية، وكانت اللجنة العسكرية الثلاثية التي تولّت المفاوضات غير المباشرة اعتبرت هذا الخط لاغياً في العام 2000 لانتهاء مهمته.
ويؤكد المصدر أنّ أي تفاوض على الحدود البرية المعترف بها دولياً وفقاً للقرارات الدولية يعني استعداداً للتنازل عن قسم من هذه الحدود، لذلك آلية الترسيم يجب أن تحصر في الحدود البحرية لأنه لا يوجد اتفاق على حدود بحرية مع فلسطين المحتلة، أمّا في البرّ، فسيُطالب لبنان بتحرير الحدود البرية من الاعتداءات الإسرائيلية في النقاط الـ 13 بعد العام 2006.
ويشدّد المصدر على أنّ «لبنان لن يتنازل عن حقّه في المنطقة التي تنازعنا عليها «إسرائيل» بل ستركّز المفاوضات على تثبيت حقنا في مساحة 850 كيلومتراً مربعاً كاملة، علماً أنّ لبنان أعدّ الدراسات والوثاثق والأدلة التي تثبت ذلك وسيعرضها في أول جلسة تفاوض. لكن مطلعين على الملف أوضحوا لـ»البناء» أنّ “إعلان اتفاق الإطار لا يعني التوصّل إلى حلّ لملف ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي في وقت قريب، فالتباين حول نقطة تلازم المسارين في الترسيم يمكن أن يفجّر المفاوضات في أي وقت”.
وبحسب اللواء المتقاعد في الجيش اللبناني عبد الرحمن شحيتلي، والذي رأس اللجنة الأمنية للتفاوض في هذا الملف في مراحل سابقة، يتوقع أن تبدأ المفاوضات التقنية خلال مدة أسبوع إلى أسبوعين. وأوضح لـ"البناء" أنّه في حال موافقة لبنان على آلية التفاوض على تلازم المسارين البرّي والبحري هذا يعني ضرورة نجاح التفاوض على المسارين وأي فشل في مسار سيوقف المسار الآخر حتى حلّ الخلاف على المسار الأول، ويلفت شحيتلي إلى أنّ لدى الجيش لجنة أساسية للتفاوض على البرّ ويشكل لجنة فرعية للتفاوض على البحر من أصحاب الاختصاص، ويمكنه الاستعانة بخبرات خارجية نظراً لأنّ تقنيات البحر تختلف عن تقنيات البرّ. ويشدّد على أنّ هذا الأمر يعود إلى قيادة الجيش التي هي قادرة على إدارة هذا الملف بكفاءة ووطنية عالية، والجيش قاد هذه المفاوضات العملية منذ العام 2010». ويوضح أن «الجيش ملتزم بالسقف السياسي للمفاوضات، وعند كل جلسة تفاوض غير مباشر يرفع تقريراً بنتيجة المفاوضات إلى رئاسة الجمهورية وإلى الحكومة وقيادة الجيش، لكن تغيير اللجنة الحالية أم الإبقاء عليها يعود لمجلس الوزراء».
ولفتت الصحيفة إلى أن التفاوض سيتركّز بعد حسم نقطة الانطلاق بالترسيم على المنطقة المتنازع عليها بين لبنان و”إسرائيل” في “البلوكات” 8 و9 و10 وتبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً. ويفرّق شحيتلي بين الحدود الإقليمية التي هي حدود سيادية غير قابلة للتفاوض وبين حدود المنطقة الاقتصادية التي تخضع لمعايير أخرى في التفاوض، وتستند إلى اتفاقية البحار الدولية، فإمّا يحصل اتفاق بين لبنان و”إسرائيل” وإمّا يُصار إلى ترتيبات اقتصادية دولية لتحديد نقطة فاصلة لاستخراج النفط من الجهتين.
ويشير شحيتلي إلى نقطة مهمة على المفاوضين أخذها بعين الاعتبار، وهي أنّ لبنان يستند في الترسيم البرّي إلى حقوقه المكرّسة والمثبتة في القانون الدولي والقرارات الدولية وتحديداً في حدوده البرية، أمّا “إسرائيل” فلا تستند إلى أي مستند ومسوغ قانوني.
نيات اسرائيلية مبيّتة
وقالت الصحيفة "لكن ثمة مخاوف من أن يكون إحياء ملف الترسيم أميركياً يُخفي مخططاً ونيات أميركية – إسرائيلية مبيتة لجرّ لبنان إلى مشروع التطبيع في المنطقة، فبحسب المصادر فإنّ لـ «إسرائيل» مصلحة أساسية في إنهاء هذا الملف لكي تبدأ باستخراج النفط، علماً أنّ حكومة الاحتلال صادقت منذ شهرين على التنقيب عن الغاز في المنطقة البحرية المسماة “ألون دي” وهي البلوك رقم 72 السابق، والذي يقع بمحاذاة البلوك رقم 9 اللبناني. أمّا المصلحة الثانية فهي إخراج هذا الملف من دائرة الصراع مع لبنان وربما ملفات نزاع أخرى تمهيداً لتسويق ملف التطبيع مع لبنان أو هدنة عسكرية طويلة الأمد تمهّد لسلام غير معلن بين لبنان والكيان الصهيوني، وذلك بعد نزع “ذريعة” النزاع الحدودي من يد حزب الله، وبالتالي استفادة الرئيس دونالد ترامب انتخابياً من خلال تقديم هذا الملف كهدية لـ»اسرائيل» لاستمالة الناخبين اليهود الأميركيين. وهذا قد يستتبع جهداً موازياً لإيجاد حل لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر".
الاتصالات الحكوميّة مجمّدة
وفيما يرى مراقبون أن التقدم المبدئي بملف الترسيم يمكن أن ينعكس ايجاباً على ملف تأليف الحكومة وسط جمود تام للاتصالات على هذا الصعيد، تشير مصادر "البناء" إلى أنّ لا علاقة بين ملف النفط وتأليف الحكومة، مشددة على أن الضغط الأميركي مستمر على لبنان وتعطيل تأليف حكومة يُمثَّل فيها حزب الله. لكن اللافت ربط شينكر ملف الترسيم بانفراجات اقتصادية مالية في لبنان، ما يُخفي استغلالاً أميركياً لهذا الملف لدفع لبنان للتنازل عن جزء من حقوقه مقابل الإفراج عن الدعم المالي الدولي.
ونقل زوار الرئيس عون عنه قوله لـ»البناء» الى أن الاتصالات الحكومية بين القوى السياسية مجمّدة ولم يحصل أي لقاء على هذا الصعيد»، مشيراً إلى أن الأبواب مقفلة حتى الآن في ظل تمسك الأطراف السياسيّة كافة على مواقفها وشروطها الأمر الذي سيعقد عملية التكليف والتأليف وبالتالي من المرجّح أن يتريث رئيس الجمهورية بالدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة وسيبادر بعد فترة وجيزة لإجراء مروحة اتصالات ولقاءات ومشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والقوى السياسية كافة ومع فرنسا لجسّ نبض الأطراف للبناء على الشيء مقتضاه».
وترى مصادر سياسية لـ"البناء" بأن الأزمة الحكومية تعقدت أكثر بعد اعتذار مصطفى أديب، فالمشكلة الاصعب هي اختيار اسم سني لتكليف تأليف الحكومة لا سيما بعد ان أعلن الرئيس سعد الحريري بأنه ليس مرشحاً لرئاسة الحكومة كما لن يسمّي شخصية أخرى، ما سيفتح الباب أمام قوى الأكثرية النيابية الى اللجوء الى خيارات أخرى لم تعرف طبيعتها حتى الآن وذلك لملء الفراغ الحكومي لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والمالية.
ولفت خبراء عسكريون لـ"البناء" في هذا السياق، إلى أن الجهود التي تبذلها القوى الامنية لا سيما الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والتنسيق بين كافة الأجهزة وتسجيل إنجازات أمنية بإجهاض المخططات الارهابية في الشمال نجحت في فرض سيطرتها على الوضع الأمني.
"النهار": مفاوضات "تاريخية" مع إسرائيل في زمن الانهيار
أما صحيفة "النهار" فقالت انه مع ان "العراب" اللبناني للاتفاق الإطار لانطلاق مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أماط اللثام عن انجاز التوصل الى هذا الاتفاق عبر "النهار" وتحديدا غداة انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، فان ذلك لم يقلل الوقع الكبير للحدث لدى اعلان بري عصر امس رسميا التوصل الى الاتفاق العملي وكشف نصه الحرفي".
واشارت الصحيفة إلى أن هذا التطور الذي سارع بحفاوة لافتة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى وصفه بـ"التاريخي" خصوصا ان بلاده تلعب دور الوسيط في المفاوضات التي ستجرى برعاية الأمم المتحدة وتحت علمها بدا فعلا حدثا تاريخيا ولو ان أحدا ليس موهوما بان انطلاق المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل تحت مظلة الرعاية والوساطة الأممية والأميركية سيكون محفوفا بإمكان استهلاك اشهر وربما سنوات قبل التوصل الى اتفاق نهائي على الترسيم المزدوج والمتزامن والمتلازم للحدود اللبنانية الإسرائيلية برا وبحرا. فسواء من الزاوية اللبنانية الصرفة حيث يعاني لبنان من ظروف تاريخية في انهياراتها وأزماتها، او من الزاوية الإقليمية والعربية والدولية، جاء هذا التطور ليطلق زخات كثيفة من التساؤلات المشروعة والبديهية حيال توقيت هذا الاختراق الحقيقي لمجمل الأوضاع التي يجتازها لبنان او تلك التي تحيط به الامر الذي يسبغ فعلا على الحدث طابعا تاريخيا. فالرئيس بري بدأ رحلة التفاوض مع المبعوثين الاميركيين المتعاقبين على هذا الملف منذ عشر سنوات تماما أي من المبعوث الأول فريدريك هوف وصولا الى مساعد وزير الخارجية الأميركي الحالي ديفيد شينكر، وتوج مساره كمفاوض امس بإعلان الاتفاق الإطار الذي سرعان ما كرت سبحة تبنيه رسميا من إسرائيل وواشنطن والأمم المتحدة واليونيفيل. كما توج الامر داخليا بانتقال إدارة ملف التفاوض الى رئيس الجمهورية ميشال عون الذي بادر الى الترحيب بالوساطة الأميركية.
واضافت "النهار" انه اذا كانت ملابسات الازمة الحكومية وما حصل من مجريات سلبية تسبب بها الثنائي الشيعي لجهة اطاحة المبادرة الفرنسية، جعل اوساطا محلية تركز الأنظار على الحساسيات الطائفية المتصلة بملف التفاوض السابق واللاحق، فان ذلك بدا هامشيا تماما امام الإطار الأكبر الذي يفرضه هذا التطور والمتصل بالسؤال "اين تضع عملية مفاوضات الترسيم لبنان في هذه اللحظة الإقليمية وقبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية الاميركية؟". طبعا لا يمكن تصور لبنان ذاهبا حاليا الى مفاوضات سلام او تطبيع مع إسرائيل اسوة بعمليات التطبيع التي حصلت أخيرا وستتواصل لاحقا. ولكن يصعب تصور انطلاق المفاوضات أيضا على خلفية احتمال نشوب حرب جديدة بين إسرائيل و"حزب الله " فيما الحزب يوقع بالاسم الكامل وليس بالأحرف الأولى على موافقته على المفاوضات، والا لما كان حليفه التوأم المفاوض، اعلن بنفسه الاتفاق الإطاري للمفاوضات. ويجري كل هذا في زمن الانهيارات اللبنانية والعجز السياسي الداخلي المطلق عن اجتراح حلول لابسط الأمور كما لاشدها تعقيدا. اذن لا ينفصل هذا التطور عما لمح اليه الاميركيون انفسهم أي ترسيخ الاستقرار المتبادل وتاليا السعي الى توظيف الثروات الغازية والنفطية بما يعزز الستاتيكو السلمي ويبعد شبح الحرب. وهذا يعني ان ثمة تقاطع مصالح أميركية وإسرائيلية ولبنانية على توقيت انطلاق المفاوضات كل من زاويته.
ولفتت "النهار" إلى أن الرئيس بري وفي تمهيد لتسليم مهماته الى الدولة عبر رئيس الجمهورية اعلن الاتفاق الإطار للمفاوضات على الترسيم البري والبحري في مؤتمر صحافي عقده في عين التينة متضمنا النص الرسمي الحرفي لاتفاق الإطار العملي الذي ستنطلق على أساسه المفاوضات استنادا الى تفاهم نيسان 1996 والقرار الدولي 1701 وعلى أساس تلازم المسارين برا وبحرا. وأشار الاتفاق الى انه "طلب من الولايات المتحدة ان تعمل كوسيط لترسيم الحدود البحرية وهي جاهزة لذلك وحين يتم التوافق على الترسيم في نهاية المطاف سيتم إيداع اتفاق ترسيم الحدود لدى الأمم المتحدة ".
وتابعت "على اثر المؤتمر الصحافي الذي عقده بري أعلنت إسرائيل بدورها على لسان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز ان إسرائيل ولبنان سيجريان محادثات بوساطة أميركية حول الحدود البحرية بين البلدين. وقال الوزير الإسرائيلي في بيان انه من المتوقع انطلاق اجراء المفاوضات بعد عطلة عيد العرش اليهودي التي تنتهي في التاسع من شهر تشرين الأول الحالي. كذلك سارع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الى اصدار بيان رحب فيه بقرار بدء محادثات لبنانية إسرائيلية حول الحدود وقال ان الاتفاق التاريخي بين إسرائيل ولبنان توسطت فيه الولايات المتحدة وهو نتيجة ثلاث سنوات من المساعي وأضاف ان المحادثات بين إسرائيل ولبنان تمهد للاستقرار والأمن والازدهار معتبرا ان هذه الخطوة تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة. كما اكد بومبيو ان واشنطن تتطلع الى انطلاق قريب لمحادثات الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل".
واشارت "النهار" إلى أنه فيما أعلنت الأمم المتحدة انها تدعم أي اتفاق بين لبنان وإسرائيل لتعزيز الثقة أعلمت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان اليونيفيل ترحيبها باتفاق الإطار لاطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وأكدت اليونيفيل انها على استعداد لتقديم كل الدعم الممكن للأطراف وتسهيل الجهود لحل هذه المسألة. وأشارت الى انها في اطار قرار مجلس الامن الدولي 1701 تدعم أي اتفاق بين البلدين بما يعزز الثقة ويحفز الأطراف على الالتزام مجددا باحترام الخط الأزرق وعملية ترسيم الحدود الاوسع.
ولفتت إلى أنه في وقت لاحق اصدر مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيانا اعلن فيه ترحيب الرئيس عون بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن التوصل الى اتفاق اطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها وبوساطة مسهلة من الولايات المتحدة. ولفت البيان الى ان الرئيس عون "سوف يتولى المفاوضة وفقا لأحكام المادة 52 من الدستور بدءا من تأليف الوفد اللبناني المفاوض آملا من الطرف الأميركي ان يستمر في وساطته النزيهة".
وأفادت مصادر رسمية ان اتصالا جرى بين الرئيسين عون وبري سبق اعلان الموقف في شأن الاتفاق الإطار حول ترسيم الحدود. وأضافت هذه المصادر ان الموقف جاء منسقا وحصل تفاهم حول كل النقاط التي طرحت وان رئيس الجمهورية بادر على الفور الى الترحيب بالوساطة الأميركية. وأفادت المصادر ان الوفد اللبناني المفاوض سيكون عسكريا ويضم خبراء في القانون والمياه والهندسة، وسيتولى الجيش التفاوض كما يجري الامر في اللجنة الثلاثية اللبنانية الإسرائيلية الدولية التي تجتمع في الناقورة. وستعقد الجولة الأولى من المفاوضات في 14 تشرين الأول الحالي في حضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر. وفي اول تعليق له على الاتفاق الإطار قال شينكر انه لن يتم التفاوض مع "حزب الله " نهائيا في ما يخص ترسيم الحدود واكد ان الاتفاق التاريخي سيساعد في حل المشكلة نهائيا. ولفت الى ان اتفاق ترسيم الحدود لا يعني اتفاق سلام بين لبنان وإسرائيل لكنه يعني تحقيق الاستقرار الأمني والاقتصادي في المنطقة وسيساعد لبنان على الخروج من ازمته الاقتصادية.
يشار أخيرا الى ان الرئيسين عون وبري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب سيتوجهون الاثنين المقبل في طائرة واحدة الى الكويت لتقديم التعازي الى امير الكويت الجديد الشيخ نواف الأحمد الصباح بسلفه الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.