لبنان
جمود على الصعيد الحكومي.. وترقّب لمواقف السيد نصر الله اليوم
اهتمت الصحف الصادرة اليوم بالملف الحكومي الذي لم يشهد أي حراك من بعد اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب منذ أيام.
وتسود حالة من الترقب لمواقف الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، ضمن كلمة متلفزة له مساء اليوم، من المرجح أن يردّ فيها على ادعاءات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة بخصوص عرقلة تشكيل الحكومة.
"الأخبار": حزب الله لماكرون: إلزم حدودك!
رغم اعلان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تمديد مهلة مبادرته لستة أسابيع، فإن المبادرة انتهت فعليا. كل القوى السياسية بانتظار ما ستؤول اليه نتائج الانتخابات الأميركية، على أن يحدد الأمين العام لحزب الله، مساء اليوم، موقف الحزب من كلام ماكرون و«عبارات التهديد والوعيد» التي تضمّنها. موقفٌ مهّد له الحزب أمس برسالة إلى ماكرون مفادها: «إلزَم حدودَك».
هو اليوم الأول من عمر الرتابة السياسية التي يبدو أنها ستدوم طويلا. لا اتصالات بين السياسيين وزحمة مشاورات واجتماعات. مدّد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مبادرته لستة أسابيع، لكن الكل يدرك مسبقا أن لا حكومة في الأفق. ليس قبيل صدور نتائج الانتخابات الأميركية وتبيان طريقة عمل واشنطن الجديدة حيال ملفات المنطقة. خلال الشهر الماضي، دأب السياسيون على انتظار الرئيس الفرنسي وحاشيته حتى يمليا عليهم التوجيهات، فينفذون من دون اعتراض. هؤلاء أنفسهم، باتوا ينتظرون قرارا أميركيا في تشرين الثاني المقبل، ويترقبون في الوقت عينه كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم. رغم أنه من غير الواضح بعد اذا ما كان نصرالله سيوجه كلاما قاسيا الى ماكرون نتيجة «الاتهامات» التي كالها الى حزب الله في مؤتمر يوم أول من أمس، أم أن الخطاب سيأتي حازما في المضمون وهادئاً في الشكل. الحزب يبدو شديد الاستياء من تعابير الرئيس الفرنسي الذي لا يملك الحق في استخدامها خصوصا أن الحزب تحلى بصراحة تامة معه خلال اجتماع 1 أيلول الماضي في قصر الصنوبر. اذ جرى ابلاغه يومها بوضوح بما يقبله الحزب وبما يعارضه؛ وطوال الفترة اللاحقة سواء عند الاستشارات أو عند التأليف، أو في لقاءات مع مسؤولين فرنسيين في بيروت، بقي الحزب على موقفه من دون أي تعديل. استياء الحزب عبّرت عنه محطة «المنار» التلفزيونية خلال مقدمة نشرة الأخبار مساء أمس، فتوجهت الى ماكرون بالقول: «أخطأت الاسلوب وضللت العنوان، واشتبهت على ما يبدو بين دور الرعاية وفعل الوصاية».
واعتبرت القناة أن كلام الرئيس الفرنسي «ينمّ عن حراجة موقفه بعد تعثر مهمته بفعل حلفائه الاميركيين وادواتهم في المنطقة ولبنان»، رافضة «رسالة التهديد والوعيد، والوعظ وتوزيع الاتهامات، في مكان كلبنان». وسأل الحزب، عبر «المنار»، عن الدور الذي سيبقى لماكرون في البلد إن هو «نسخ الموقف الاميركي وتماهى مع الموقف الاسرائيلي وبعض العربي، فمال طرفا». وطالب حزب الله، عبر قناته التلفزيونية، بنشر نص المبادرة وما حوته ليعرف اللبنانيون من عطل ومن سهل، «الا اذا كان المطلوب من حزب الله حركة امل والاكثرية النيابية ان يسلموا الحكومة باكملها وبهذا الظرف الحساس من عمر الوطن لمفخخي المبادرة؟». وأوصت ماكرون بالاطلاع على الواقع اللبناني «الذي لا يشبه ما ينقله بعض مستشاريه ولا وسائل الاعلام المنتقاة في مؤتمره الصحافي العاملين ضمن جوقة العشرة مليارات دولار الاميركية المصروفة في لبنان».
عون لن يدعو لاستشارات نيابية سريعة لكي لا تتكرر تجربة أديب
من جهته، رفض النائب علي حسن خليل التعليق على ما ورد في خطاب ماكرون، مشيرا في حديث تلفزيوني الى أن «المبادرة التي اتفق على تفاصيلها مكتوبة وموزعة ومعروف ما ورد فيها». وأكد أن «لا اتصالات أو مشاورات حاليًا على المستوى الداخلي في الشأن الحكومي»، لافتًا إلى أنّ «لا شيء يمنع التشاور بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري». في غضون ذلك، تؤكد مصادر رفيعة المستوى في فريق 8 آذار أن مفاوضات تأليف الحكومة ستركّز في الأسابيع المقبلة على «الاتفاق على قواعد تأليف الحكومة قبل الاتفاق على تكليف رئيس لها». وفي هذا الإطار، لا يزال عون متريثا ولن يدعو سريعاً الى استشارات نيابية لتكليف شخصية جديدة تأليف الحكومة، «كي لا تتكرر تجربة مصطفى أديب»، على ما تقول مصادر بعبدا. لكن رئيس الجمهورية، وخلال استقباله سفير فرنسا برونو فوشيه بمناسبة انتهاء عمله الدبلوماسي في لبنان، أبدى تمسكه بالمبادرة الفرنسية منوهاً «بالاهتمام الذي يبديه الرئيس الفرنسي حيال لبنان واللبنانيين». وأسف عون لـ«عدم تمكن أديب من تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة لجهة الاصلاحات التي يفترض ان تتحقق سواء تلك التي تحتاج الى قوانين يقرها مجلس النواب أو تلك التي ستصدر عن الحكومة بعيد تشكيلها ونيلها الثقة». وتشير أوساط التيار الوطني الحر إلى أنه «كان ولا زال مسهلا لما تم الاتفاق عليه في قصر الصنوبر». وأضافت أن «التيار لم يعرقل ولم يفرض مطلبا أو شروطا غير احترام الدستور ووحدة المعايير واحترام موقع ودور رئاسة الجمهورية».
الحريري مُحرَج
على مقلب آخر، وبعد أن انشغلت الأوساط السياسية وعمت الاحتفالات بين قواعد تيار المستقبل نتيجة ما سربه موقع «روسيا اليوم» قبيل خطاب ماكرون أول من أمس، عن اتصال بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تم الاتفاق خلاله على ترؤس سعد الحريري الحكومة المقبلة، تراجعت القناة الروسية عن الخبر امس، بعدما تبيّن أنه غير دقيق. وسرعان ما عدّلت «روسيا اليوم» عنوان الخبر، واكتفت بنشر بيان مكتب الحريري الاعلامي الذي يؤكد فيه عدم ترشحه لرئاسة الحكومة مع تشديده على «موقفه الداعم لمبادرة الرئيس الفرنسي والمسهل لكل ما من شأنه إنجاحها بصفتها الفرصة الوحيدة والأخيرة لوقف انهيار لبنان». وعلمت «الأخبار» بأن «روسيا اليوم» وجّهت تأنيباً لمراسلتها التي نقلت الخبر من دون التحقق من مصادر أخرى، وكانت ضحية المصدر الذي دسّ لها هذا الخبر، والذي رجّحت مصادر روسية مطلعة انه «مصدر باريسي قريب من الحريري». وفي السياق عينه، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ«الأخبار» إن الأخير اطفأ محركاته بعد اعتذار أديب عن عدم تأليف الحكومة السبت الفائت. وبحسب المصادر، فإن الحريري يرى نفسه في موقف حرّج، فهو غير قادر على مواجهة حزب الله، ولا هو قادر في الوقت عينه على مواجهة واشنطن والرياض اللتين تريدانه رأس حربة في مواجهة الحزب.
"البناء": نصرالله يفنّد اليوم اتهامات ماكرون وأسباب الفشل
صحيفة "البناء" رأت أن الكلام الحاسم سيكون اليوم للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حيث الوجهة الرئيسيّة التي خاطبتها مبادرة الرئيس ماكرون، سعياً لتسوية تجمع الفريقين المحليين والإقليميين المتقابلين على ربط نزاع على قضايا الخلاف وفتح نافذة التلاقي على الملف الاقتصادي منعاً للانهيار، وحيث الوجهة الرئيسية المقابلة لخطاب الرئيس ماكرون في تقييم فشل المبادرة، وبمثل ما قدّم ماكرون كطرف أول في المبادرة روايته وقراءته ووزّع المسؤوليات عن الفشل، سيقدم السيد نصرالله وفقاً لمصادر واكبت تعامل حزب الله مع المبادرة الفرنسية، قراءته وروايته وتوزيعه للمسؤوليات، حيث التلاعب بالمبادرة من قبل حلفاء باريس المحليين، والخارجيين تسبب بتسميم الأجواء وضرب الثقة، وأداء الفريق الفرنسي الذي كلفه ماكرون بالمتابعة تسبّب بالتشويش على المبادرة وإجهاض إيجابياتها، وتحويلها إلى محاولة تسجيل نقاط لحساب أطراف محليين وخارجيين يتربّصون بالمبادرة. وقالت المصادر إن كلمة افتراء وتجنٍّ وإساءة قالها ماكرون بحق حزب الله ستلقى رداً وتفنيداً، من دون أن يكون الهدف الخروج من التعاون مع المبادرة الفرنسية والانفتاح عليها، بل لوضع النقاط على الحروف قبل إطلاق النسخة الثانية من المبادرة، التي يجب كي تنجح أن تحسن تشخيص نقاط الخلل، وهي حكماً خارج نطاق مسؤولية حزب الله، طالما أن النيران الصديقة من داخل البيت الرئاسي والوزاري الفرنسي والمحيط الصديق اللبناني والحلفاء الخارجيين قد تكفلت بإسقاط المبادرة وإفشالها.
نصرالله يردّ اليوم على ماكرون
وفيما انعدمت الاتصالات السياسية على الصعيد الحكومي، انهمك اللبنانيون بملء فراغ المشهد الداخلي برصد وتحليل المواقف التي أطلقها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون في مؤتمره الصحافي مساء أمس الأول.
وعشية إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للرد على كلام ماكرون الذي تناول فيه حزب الله والثنائي. علمت “البناء” من مصادر مطلعة أن “كلام ماكرون هو السبب الذي استدعى إطلالة السيد نصرالله، ولو أنه كان سيطلّ خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن الهجوم الذي شنّه ماكرون على الحزب وتحميله مسؤوليات عدة ظلماً فرضت الرد”. ولفتت إلى أن “السيد نصرالله سيرد على كل النقاط التي تناولها ماكرون بما خصّ حزب الله شكلاً ومضموناً”، وسيركز على ثلاث نقاط وردت في المؤتمر: الأولى: لغة الإهانات والتهديد ضد الحزب وحلفائه وتخييرهم بين معادلتي الانهيار أو الرضوخ لما يطلبه الخارج، وإن كان تسليم البلد للأميركيين والإسرائيليين والخليجيين.
الثانية: انتقاد دور حزب الله في سورية ولبنان واتهامه باستخدام القوة العسكرية ضد اللبنانيين وهو يعلم أن ذلك غير صحيح ويناقض ما أعلنه في مؤتمرات سابقة ولقاءات شخصيّة بينه وبين مسؤولين في حزب الله في قصر الصنوبر والسفارة الفرنسية والضاحية الجنوبية.
الثالثة: اتهام ماكرون للحزب بتعطيل تأليف الحكومة وهو يعرف المعرقلين الحقيقيين وسمّاهم في مؤتمره الأخير”.
وتوقعت المصادر بأن يكون ردّ السيد “قاسياً وحاسماً وحازماً ضد الهجوم الفرنسي عليه”، وكشفت بأن “السيد سيسمّي لماكرون بالاسم المعطلين والمعرقلين لولادة الحكومة والمنقلبين على المبادرة الفرنسية”، كما كشفت بأن السيد نصرالله سيعلن بأن فرنسا لم تعد وسيطاً نزيهاً وحيادياً حيال الانقسام السياسي في لبنان بل تحوّلت إلى طرف يحرّض اللبنانيين على بعضهم البعض لا سيما التحريض على الطائفة الشيعية وتحميلها مسؤولية التعطيل”.
كما كشفت مصادر “البناء” أنه وفور الإعلان عن إطلالة للسيد نصرالله تلقت دوائر حزب الله اتصالات من قنوات دبلوماسية وسياسية في محاولة لاحتواء وتهدئة الحزب وتخفيف سقف مواقف السيد نصرالله اليوم.
وعلمت “البناء” أيضاً أن الاتصالات بين الفرنسيين وحزب الله توقفت منذ أيام ولم يرصد أي اتصال مؤخراً.
واستبقت قناة “المنار” كلام السيد نصرالله بالردّ على الرئيس الفرنسي خلال مقدّمة نشرتها الإخبارية وتوجهت إلى ماكرون بالقول: “ايُّ دورٍ يبقى لكَ في لبنانَ اِن نسختَ الموقفَ الاميركيَ وتماهيتَ معَ الموقفِ الإسرائيلي وبعضِ العربي، فمِلتَ طَرَفاً”.
وأضافت: “وإن خانتهُ العبارةُ عندما تحدثَ عن فعلِ الخيانة، فإنَ المقاومةَ وأهلَها اصحابُ عهودٍ لا يَنكِثُونَها، وهم جيشٌ بوجهِ الاسرائيلي وسيبقَوْنَ، وسندٌ لسورية وأهلِها بوجهِ التكفيري وهم يُفاخرون، وجهةٌ سياسيةٌ تحترمُ نفسَها وأهلَهَا ووطنَها وتعاهدُه على افشالِ كلِّ مؤامرةٍ يرادُ تسويقُها لمصلحةِ العدوِ بعصا او بجزرة. وليسَ لبنانُ هذا من يُهَدَّدُ بالحرب”.
في المقابل وبعد تهديد ماكرون باللجوء إلى خيار العقوبات إذا لم يمتثل السياسيون اللبنانيون لتأليف حكومة جديدة كما قال، كشفت برلمانية فرنسية أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد يتّجه إلى تجميد حسابات شخصيات لبنانية في بنوك فرنسية إذا فشلت مساعيه للحل”.
"اللواء": الإشتباك الفرنسي - الشيعي يعقد المبادرة وتأليف الحكومة
وبحسب "اللواء"، فإن السؤال المشروع: كيف بدا المشهد السياسي العام في لبنان، بعد ثلاثة أيام على انحدار المبادرة الفرنسية إلى نقطة «اللاحركة»، مع اعتذار رجل المبادرة الدكتور مصطفى أديب، عن مهمة تأليف حكومة كلّف بها، بعد استشارات نيابية ملزمة منذ 26 يوماً، غداة مغادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بـ90 صوتاً، وهو غادر مطار رفيق الحريري الدولي عائداً إلى مقر عمله كسفير للبنان في ألمانيا؟
في الشكل، امتناع لبناني عن التعليق على تأنيب ماكرون للطبقة السياسية، وانصراف المجلس النيابي إلى جلستين تشريعيتين غداً وبعده، مما يعني ان لا موعد لاستشارات نيابية ملزمة هذا الأسبوع..
وفي الشكل أيضاً، امتنع فريق رئيس المجلس (أحد مكوني الثنائي الشيعي)، عن التعليق أو الرد على ما قاله الرئيس الفرنسي بحق حركة أمل وحزب الله، لجهة تعطيل تأليف الحكومة، وسيتولى الرد والمحاججة والمناقشة الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله مساء هذا اليوم..
وفي الشكل أيضاً، وفيما أسف الاتحاد الأوروبي للوضع الذي آلت إليه المبادرة الفرنسية مع اعتذار أديب، وكانت برلمانية فرنسية، تتحدث عن ان ماكرون قد يتجه إلى تجميد حسابات شخصيات لبنانية في بنوك فرنسية إذا فشلت مساعيه، كانت الخارجية الإيرانية بلسان سعيد خطيب زادة إلى إبداء «نوايا طيبة» في مقاربة تشكيل حكومة جديدة في لبنان..
اما في المضمون أو المضامين، فالواضح ان الجولة الأولى من المبادرة الفرنسية أسفرت عمّا يمكن وصفه «بالمكاسرة» الإيرانية - السورية - الفرنسية، أو اشتباك «حزب الله» مع باريس، التي حاولت احتواء الحزب، في لحظة عقوبات أميركية قاسية ضده، فإذا بالصورة تبدو مقلوبة، وسيتحدث حزب الله، بلسان أمينه العام السيّد حسن نصر الله عن مبادرة ماكرون من باب التفنيد، وإعادة تصحيح ما يصفه الحزب بالمغالطات..
الأمر الذي يعني انقلاب السحر على السحرة لدى الفريقين.. وتعقيد الموقف بدل تسهيله، وإعادة الوضع السياسي إلى «المربع الأوّل» في بلد غارق في أزماته، التي تتزايد يوماً بعد يوم، وسط تشكيك متزايد من ان تكون الفرصة الجديدة التي مددها الرئيس الفرنسي من أربعة إلى ستة أسابيع غير قابلة للاحترام ايضا..
مراوحة
وعليه، راوح الوضع السياسي مكانه امس، بعدما انصرفت القوى السياسية الى تقييم تجربة تكليف الدكتور مصطفى اديب التي فشلت نتيجة السقوف العالية لمطالب الفرقاء، وكادت تُجهض المبادرة الفرنسية لولا مسارعة الرئيس ماكرون الى وضع النقاط على الحروف، واعطى فرصة جديدة تمتد حتى تشرين الثاني المقبل على مراحل لتشكيل حكومة مهمتها الاولى الاصلاحات ثم الاصلاحات. بالتوازي مع اتصالات اجراها الرئيس الفرنسي مع جهات دولية واقليمية لا سيما مع الاميركيين والسعوديين للمساهمة في معالجة الازمة القائمة.
لكن يبدو – حسب مصادر رسمية متابعة - ان الفرصة الجديدة اتاحت البدء بطرح مقترحات وافكار جديدة، منها اقتراح الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة تكنو- سياسية برئاسة الرئيس سعد الحريري من عشرين وزيرا بينهم ستة سياسيين يمثلون الطوائف الست الكبرى. وهوالمطلب الذي طرح ايام تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب ثم اتصالات تشكيل حكومة مصطفى اديب.
واضافت المصادر: ان اقتراح ميقاتي واقعي ومنطقي يراعي الوضع اللبناني بتوازناته السياسية والطائفية، ويلبي المطلب الفرنسي في مبادرة ماكرون بتشكيل حكومة بالتوافق بين كل الاطراف، وهو سيكون موضع نقاش سريعاً.
واشارت المصادر الى الاقتراح الذي تقدم به ايضاً الرئيس عون بعدم حصر الحقائب السيادية الاربع بالطوائف الكبرى وجعلها مداورة بين كل الطوائف، ولو انه لا يلبي رغبة اكثرية الكتل السياسية والنيابية. بعد فشل طرح المداورة بالحقائب الذي طرحه الرئيس اديب ورؤساء الحكومة السابقين.
وأكد الرئيس عون امس، تمسكه بمبادرة الرئيس ماكرون في ما خص الأزمة اللبنانية، منوهاً بالاهتمام الذي يبديه الرئيس الفرنسي حيال لبنان واللبنانيين. كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله في قصر بعبدا، سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه في زيارة وداعية لمناسبة انتهاء عمله الديبلوماسي في لبنان الذي استمر ثلاث سنوات، وقلده عون وسام الارز الوطني من رتبة ضابط أكبر.
وأسف رئيس الجمهورية لـ «عدم تمكن الرئيس المكلف مصطفى اديب من تشكيل الحكومة الجديدة وفق مندرجات مبادرة الرئيس الفرنسي، خصوصا لجهة الاصلاحات التي يفترض ان تتحقق سواء تلك التي تحتاج الى قوانين يقرها مجلس النواب، او تلك التي سوف تصدر عن الحكومة بعيد تشكيلها ونيلها الثقة».
واوضحت مصادر مطلعة على موقف الرئيس عون لـ«اللواء» ان هناك تقييما يجري لاسباب اعتذار الدكتور مصطفى اديب التي أصبحت معروفة، أي المأزق وكلام الرئيس الفرنسي المرتفع السقف وتداعيات هذا الكلام الذي يظهر تباعا. وافادت ان هذا التقييم سيتم بالتواصل مع الرئيس نبيه بري خصوصا ان رئاسة الجمهورية عليها ان تحدد مواعيد الأستشارات بحسب الدستور ووفق التوقيت المناسب تفاديا المرور من انتكاسة الى أخرى.
الى ذلك رأت اوساط مراقبة عبر «اللواء» ان لا موعد محددا للإستشارات النيابية هذا الأسبوع على ان هناك تركيزا على جلستي مجلس النواب لتضمنهما قوانين اصلاحية.
نصر الله يرد اليوم
ويحدد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله عند الثامنة والنصف من مساء اليوم، عبر «قناة المنار» الموقف من الوضع الذي آلت إليه الأوضاع، وما أعلنه الرئيس ماكرون في ما خص التأثير السلبي لحزب الله على النتائج التي آلت إليها المبادرة الفرنسية واعتذار الرئيس مصطفى أديب.
وتحدثت مصادر على اطلاع على موقف حزب الله ان السيّد نصر الله سيكرر علناً الأسئلة التي كان طرحها مسؤول العلاقات الدولية في الحزب عمار الموسوي على السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه.
وحسب قناة «المنار» فإن السيّد نصر الله سيوضح المشهد، ويضع النقاط على الحروف.
وسيتركز الرد على ان حزب الله يفي بالتزاماته، وانه يعمل لمصلحة الشعب اللبناني، خلافاً لما قاله ماكرون من ان على الحزب اليوم «ألا يعتقد انه اقوى مما هو عليه» وان يثبت انه يحترم جميع اللبنانيين، وفي الأيام الأخيرة أظهر بوضوح عكس ذلك».
ولاحظت «المنار» في مقدمة نشرة الاخبار الرئيسية مساء أمس ان الرئيس ماكرون مدّد مبادرته، وطالبته بأن يحسّن أدواتها، وليطلع جيداً على الواقع اللبناني، منتقداً وسائل الإعلام المنتقاة في المؤتمر الصحفي، والذي ادرجهم ضمن جوقة «العشرة مليارات دولار الأميركية المعروفة في لبنان».
وقالت المحطة، في ردّ مباشر إن خانت العبارة الرئيس ماكرون عندما تحدث عن فعل المقاومة فان المقاومة وأهلها أصحاب عهود لا ينكثونها، وهم جيش بوجه الإسرائيلي وسيبقون، وسندّ لسوريا وأهلها بوجه التكفيري وهم يفاخرون، وجهة سياسية تحترم نفسها وأهلها ووطنها وتعاهده على إفشال كل مؤامرة يراد ستويقها لمصلحة العدو بعصا أو بجزرة. وليس لبنان هذا من يُهدّد بالحرب.
"الجمهورية": الاستشارات مؤجّلة
في موازاة المصادر الديبلوماسية، وتشديد الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحافي على التعجيل في تشكيل الحكومة، تبدو الاستشارات النيابية الملزمة مؤجّلة الى أجل غير مسمّى، خصوصاً وانّ الصورة ضبابية، وأرخت حالاً من الحذر على كل المستويات المرتبطة بملف التكليف. وتؤكّدها مصادر معنيّة مباشرة بهذا الملف، بتوصيفها الحال السائد على هذا المسار، بأنّه حال تجميع اوراق يحتاج الى بعض الوقت لكي يكتمل، قبل طرح هذه الأوراق على بساط البحث بين الأطراف. وهو ما أكّدته ايضاً مصادر قريبة من القصر الجمهوري، التي لفتت بدورها إلى أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يضع بعد الآلية للشروع في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة، وذلك في انتظار ما ستسفر عنه حركة المشاورات السياسية التي ينوي اجراءها مع بعض القوى السياسية، لتقييم ما حصل في الفترة الاخيرة وصولاً الى مؤتمر ماكرون.
واشارت المصادر، الى انّ رئيس الجمهورية يتأنّى في ما خصّ توجيه الدعوة الى الإستشارات الملزمة، وهو ربطاً بذلك، يُسخّر كلّ وقته في هذه الفترة لمقاربة هادئة لملف الاستشارات، بالاستفادة من كل ما احاط تكليف السفير مصطفى اديب، وخصوصاً انّ ظروف تسمية الشخصية التي ستشكّل الحكومة، مختلفة حالياً عن ظروف تسمية أديب، وهو بالتالي لن يبادر الى توجيه الدعوة الى هذه الاستشارات قبل ان تكتمل ظروفها لكي يأتي هذا التكليف بناء عليها، بالحدّ الأعلى من التوافق على الشخصية التي سيرسو عليها الإختيار لتشكيل الحكومة، وبالحدّ الاعلى من الاستفادة من تجربة التكليف السابقة وتفشيل الرئيس المكلّف في تشكيل حكومة».
الحريري متصدّر!
الأكيد في هذا الاستحقاق حتى الآن، هو أنّ وعاء التكليف خالٍ تماماً من الخيارات الجدّية، ما خلا ما اشار اليه معنيّون بهذا الاستحقاق، عن تداول سطحي في بعض الصالونات السياسية بأسماء شخصيات سنيّة، سبق أن جرى التداول فيها في محطات التكليف السابقة، ولكن من دون ان يُنظر الى أيّ منها على أنّه خيار جدّي يحظى بالتغطية السنيّة الكاملة له سياسياً وعلى مستوى الطائفة، وينسجم بالتالي مع متطلبات المبادرة الفرنسية. مع الاشارة هنا الى انّ بعض الاوساط السياسية لم تُخرج إسم السفير مصطفى اديب نهائياً من نادي المرشحين، برغم اعتذاره. علماً انّ ّالسفير اديب عاد بالامس الى مقر عمله كسفير للبنان في المانيا.
على أنّ شرطي التغطية السنّية السياسية والدينية، والانسجام مع متطلبات المبادرة الفرنسية، على ما هو متداول في تلك الصالونات، متوفّران في شخص الرئيس سعد الحريري، الذي على الرغم من إعلانه أنّه غير مرشح لرئاسة الحكومة، فإنّ اسمه هو المتصدّر حتى الآن، خصوصاً وأنّ خيار الحريري ليس محل ممانعة من قبل غالبية الكتل النيابية، وحتى من قبل من دخل معهم الحريري في «سوء تفاهم» خلال تأليف حكومة مصطفى اديب الذي لم يكتمل، وفي مقدمة هؤلاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ في موازاة صمت الحريري حيال اعادة طرح اسمه، وكذلك حيال ما تسرّب عن اتفاق فرنسي - سعودي على ترؤسه للحكومة الجديدة، وعدم نفي هذا الأمر لا من قبل الحريري ولا من قبل الجانبين الفرنسي او السعودي، فإنّ مستويات رسميّة اشتغلت على أكثر من خط في الساعات الماضية للتأكّد من صحة هذا الإتفاق ليُبنى عليه.