لبنان
مشاورات التأليف مستمرة..تأجيل اعتذار أديب..ومساعي فرنسية لحماية مبادرة ماكرون من السهام الأميركية الخليجية
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على المساعي والمشاورات التي تحصل حول تشكيل الحكومة، ولفتت الصحف إلى كل ما آلت إليه هذه المشاورات بين جميع الأطراف لتذليل العقبات والتي أدت إلى تأجيل اعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب، فيما تسعى فرنسا لحماية مبادرة ماكرون التي تتلقى السهام الأميركية والخليجية.
"الأخبار": استنفار فرنسي لإنقاذ المبادرة: تأجيل اعتذار أديب
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار"، "رغم أن يوم أمس شهد مروحة واسعة من الاتصالات، أبرزها جمع رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب مع رئيس الجمهورية ميشال عون ثم مع النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين خليل، إلا أنه لم يسجل أي خرق جدي للعقبات التي تقف في وجه تشكيل الحكومة، خصوصاً بعد زيادة واشنطن من حدة تدخلها المعارض لوجود حزب الله في الحكومة. ولذلك، فإن الجميع انتقل إلى مرحلة شراء الوقت، علّه يساهم في حلحلة العقد، علماً أن معلومات ترددت أمس بأن فرنسا تملك أسباباً جدية سمحت لها بطلب تأجيل اعتذار رئيس الحكومة المكلف.
واضافت الصحيفة أن ورقة انسحاب مصطفى أديب لا تزال في جيبه، وسيُشهرها فور تأكده من أن لا مجال للوصول إلى الحكومة المرتجاة. فهو في النهاية، على ما نقل إلى مقربين منه، ليس بوارد التخلي عن قناعاته، وليس بوارد الخلاف مع أحد. ذلك كان كفيلاً بإعلان استقالته في نهاية الأسبوع الماضي، قبل أن يستنفر الفرنسيون ويقرروا تمديد مهمتهم.
واشارت إلى أنه منذ ذلك الحين، لا تزال العقد هي نفسها. العنوان هو وزارة المالية، لكن المضمون هو استشعار ثنائي حزب الله وأمل مساعي لاستعادة سيناريو العام ٢٠٠٥، حيث لم تنفع الأكثرية النيابية في تعويض غيابهما عن السلطة التنفيذية. لذلك، كل من تواصل مع أي من الحزبين سمع كلاماً واضحاً بأن «المالية» ليست المشكلة فقط، بل إن لا إمكانية للتخلي عن «حق» تسمية الوزراء الشيعة، حتى لو كان الأمر على شكل طرح «تشكيلة» من الأسماء يختار الرئيس المكلف منها. النقزة الفعلية كان مصدرها سعد الحريري. الرئيس نبيه بري كان قد توصّل معه إلى شبه اتفاق، سرعان ما انقلب عليه الحريري، رافعاً سقف الشروط عالياً، بالتعاون مع نادي رؤساء الحكومات، الذي وضع اللاءات في وجه أديب: لا للتحاور مع الأطراف، ولا لإسناد حقيبة المالية لشيعي يختاره الثنائي الشيعي. هنا أدرك الثنائي، الذي يؤكد مصدر متابع أنهما كان على استعداد لتسهيل مهمة تشكيل الحكومة، أن انقلاباً ينفذّ وأن نادي رؤساء الحكومات السابقين ليس سوى الأداة.
واضافت الصحيفة "المسألة هنا تحديداً. هل تسمح أميركا بتشكيل حكومة يشارك فيها حزب الله أم لا؟ وهل أميركا مهتمة بمنع الانهيار في البلد أم أنها تسعى إلى تسريعه؟ مردّ السؤال هو السياق التصاعدي للدور الأميركي في لبنان، إما بشكل مباشر أو عبر الواسطة. هذا التدخل أنتج بداية تراجعاً فرنسياً عن كلام واضح كان قاله الرئيس إيمانويل ماكرون في ٦ آب، ومفاده دعم فرنسا لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم وزير الدولة الفرنسي للشؤون الفرنكوفونية الذي أكدّ أن لا مشكلة في مشاركة سياسيين في الحكومة الجديدة. صار العنوان فجأة حكومة اختصاصيين حيادية. ذلك بدا نتاج الدخول الأميركي على خط المبادرة. في العنوان العريض هو يؤيد المبادرة، لا بل سبق أن أعلن وزير الخارجية الأميركي «أننا نعمل مع الفرنسيين في لبنان، ولدينا الأهداف نفسها»، لكن مع زيادة تفصيل كاف لنسفها من أساسها. الدعم مشروط بأن تؤدي المبادرة إلى إنتاج حكومة لا يشارك فيها حزب الله. تلقّف نادي رؤساء الحكومات الإشارة الأميركية وأطلق عملية تنفيذها، فيما كان الفرنسي لا يزال يسعى إلى إمساك العصا من الوسط، مدركاً أن لا إمكانية لتشكيل حكومة من دون الحزب. وهو لذلك لم يترك طريقاً إلا وسلكها، إلا أن أياً منها لم يؤد حتى يوم أمس إلى كسر المراوحة. ولأن هذه المراوحة صارت مرتبطة بما هو أبعد منها، فإن السؤال عن تطور المواقف لا جدوى منه. السؤال الرئيس: هل يريد الأميركي حقاً حكومة تخفف الانهيار أم أنه ارتأى أنه يفضل بلداً بلا حكومة أو حكومة بلا توافق داخلي ودعم خارجي تكون على شاكلة حكومة حسان دياب؟
ولفتت إلى أن الإجابة على هذا السؤال لن تتأخر، لكن إلى ذلك الحين، فإن الهجوم الأميركي على القيادة الفرنسية يزداد حدة يوماً بعد يوم. أميركا التي لم تهضم كيف عارضت فرنسا اقتراحها لتمديد حظر توريد السلاح إلى إيران في مجلس الأمن، اعترضت علناً، عبر وزير خارجيتها، على لقاء ماكرون بالنائب محمد رعد. وهو اعتراض فتح الباب أمام حملة أميركية على الموقف الفرنسي المصرّ على الفصل بين الجناح العسكري لحزب الله وجناحه السياسي. آخر أشكال الضغوط على الموقف الفرنسي ومن خلفه الأوروبي، كان اتهام منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية ناثان سيلز حزب الله «بتهريب متفجرات، بما في ذلك نيترات الأمونيوم، إلى أوروبا حيث يمتلك شبكة من المخازن والمخابئ»، مشيراً إلى أنّ «حكومة الولايات المتحدة تحثّ الحكومات الأوروبية على إنهاء التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله وتصنيفه على أنه جماعة إرهابية».
وقالت الصحيفة السياق الخارجي مضافاً إليه الاستقواء الداخلي، لم يمنع استمرار مساعي الحلحلة أمس. خلال الساعات الـ24 الماضية حصلت مجموعة من التطورات أبرزها:
- طلب رئيس الجمهورية من الرئيس المكلف، خلال لقائه به، «الاستمرار بالاتصالات الجارية لمعالجة الملف الحكومي، لان الظروف الراهنة في البلاد تستوجب عملا انقاذيا سريعا لا سيما أنه انقضى 16 يوما على التكليف، والبلاد تنتظر التفاهم على حكومة جديدة». وأكد عون «التمسك بالمبادرة الفرنسية بكل مندرجاتها، والتي كانت حظيت بتوافق القيادات السياسية اللبنانية».
- أبلغ الفرنسيون رئيس الحكومة المكلف ضرورة فتح قناة اتصال ساخنة مع الفريق الآخر، واقترح عليه اعتماد التواصل مع اللواء عباس ابراهيم لنقل مناخات معيّنة الى الرئيس عون أو إلى الثنائي الشيعي. وهو التقى أول من أمس ابراهيم الذي تولى إبلاغ رئيس الجمهورية بأن الرجل ليس مستعداً بعد لتقديم تشكيلته ويريد المزيد من الوقت.
- عقدت جلسة نقاش بين الرئيس المكلّف وأعضاء نادي رؤساء الحكومة من خلال تقنية الفيديو، قال فيها أديب إنه لا يريد الهروب من المسؤولية، لكنه يعرف أن مهمته في انجاز حكومة تتوافق مع قناعاته ولا تكون في الوقت نفسه حكومة مواجهة مع أي طرف. وسمع من الرؤساء السابقين للحكومة دعوات الى التريث وعدم الاقدام على خطوة تفجر الموقف، مع التشديد على عدم تقديم التنازلات.
- بعد اتصالات فرنسية مع حزب الله وحركة امل، اتفق على اجتماع بين أديب والخليلين، تم خلاله عرض مفصّل لملاحظات الثنائي الشيعي. لكن اللقاء، الثاني من نوعه، لم يصل إلى حلّ العقدة المتمثّلة بوزارة المالية. فقد جدد الخليلان موقفهما الرافض لإقصاء فريق أساسي عن عملية التأليف. وأبلغا أديب بأن المبادرة الفرنسية (الورقة الفرنسية التي وزعت على القوى السياسية لا تتضمن حديثاً عن المداورة، كما لا ترتبط الإصلاحات بعدد الوزراء». وسأل الخليلان: هل إبقاء وزارة المالية مع الثنائي هو ما يعرقل الإصلاحات؟ وهل تشكيل حكومة من 14 وزيراً هو ما سيحقق الإصلاحات؟ وهل تطبيق الإصلاحات يعني أن تفرض رأيك ولا تتشاور مع أحد في عملية التأليف؟ بينما أكد أديب أنه «ليس رجل مشاكل وهو يريد أن يجمع لا أن يفرق»، مع الإشارة إلى أنه «لا يستطيع أن يكسر علاقته برؤساء الحكومة السابقين الذين سمّوه وهو محكوم بالتشاور معهم»، واعداً بالمزيد من التشاور والإتصالات.
وبحسب الصحيفة أبلغ حزب الله الفرنسيين أن التهديد بالعقوبات يجب ان يكون واضحا. فاذا كان المقصود معاقبة من يقف الى جانب المقاومة فهذا يعني موقفا سياسيا من جانب من يفرض العقوبات. اما اذا كان الامر يتعلق بالفساد، فان الحزب لن يواجه أي عقوبة تطال فاسدا حقيقيا بعد عرض ما يثبت اتهامه بالفساد، وليس على الطريقة الاميركية. وان ربط اتهام الفساد بدعم المقاومة سيكون موقفا سياسيا، وان فرنسا التي تظهر احتجاجات على فساد في دائرة الرئيس سعد الحريري، لا يمكنها المطالبة بأن يتولى إدارة حكومة إنقاذ من خلال تأليفها وإدارتها من خلف ستارة بعد ان يتم تسمية «ظل» له لتولي رئاستها. وأنه لا يحق للحريري فرض الشروط حيال المداورة في الحقائب وطريقة اختيار الوزراء المرشحين لتولي إدارتها. وعبّر الثنائي الشيعي عن امتعاضه من تصرف الحريري، خصوصا أنه يعتبر أنه وقف الى جانبه في أحلك الظروف، ووقف الى جانب من يخصه في الادارة، وان الثنائي وافق على توليه رئاسة الحكومة في وجه الفيتو السعودي، لكنه لن يكون مرحبا بدور للحريري إذا كان على شكل تقديم أوراق اعتماد جديدة للاميركيين ومن خلالهم الى السعوديين.
واضافت الصحيفة أنه في سياق متصل، كان الرئيس ميشال عون قد تبلّغ موقفا واضحا من الثنائي الشيعي، مفاده ان المسألة لا تتعلق بحقيبة المالية فقط، وأن الاصرار على تسمية الثنائي لوزرائه إنما يعكس موقفا حاسما في رفض فرض قواعد لعبة جديدة داخليا، والتذرع بالحاجة الى حكومة انقاذ لأجل ترك أمر تأليفها الى الاخرين من خصوم الثنائي، خصوصا ان من يؤلف الحكومة هو الحريري وفريقه وليس أي أحد آخر.
- أبلغ الثنائي الشيعي عون رفضه مقترحه بان يتولى هو اعلان تسمية الوزير الشيعي لحقيبة المالية كمخرج شكلي لتسهيل مهمة اديب وعدم إفشال المبادرة الفرنسية. وقال الثنائي انه مصر على تسمية جميع من يمثله في الحكومة وبصورة مباشرة، وهو مستعد لتقديم عشرات الاسماء لكي يصار الى الاختيار بينها. وبدا واضحا ان الثنائي يهتم ايضا بمعرفة المعايير والمرشحين لتولي حقائب الخدمات الرئيسية من طاقة وأشغال عامة وصحة واتصالات وعدل، خصوصا ان الجميع يتحدث عن ان الجانب الفرنسي سيكون مشرفا على عمل هذه الوزارات وان باريس تدرس السير الذاتية لجميع المرشحين لتولي هذه الحقائب.
- بدا الثنائي الشيعي متفهما لواقع ان الرئيس عون كما النائب باسيل يعملان تحت الضغط. خصوصا بعد التثبت من وصول رسالة فرنسية رفيعة المستوى الى رئيس الجمهورية تحذر من أن باسيل نفسه سيكون على لائحة عقوبات بتهمة الفساد، وان فرنسا ستضطر الى الاعلان عن ذلك في حال واصل التيار الوطني الحر تغطية اي اعتراضات على عمل الحكومة الجديدة.
بالنتيجة، لم يقدم أديب حتى الآن أي تشكيلة ولا أي تصور ولو أولي حول الأسماء أو توزيع الحقائب. وفي المعلومات أن الرئيس عون أبدى موافقته على مداورة الحقائب، انطلاقاً من عدم تكريس عرف تخصيص حقائب بطوائف، وليس انطلاقاً من الاستقواء بالخارج لهز التوازنات الداخلية. كما أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، رغم دعوته الى المداورة، قال إنه لا مانع من أن تكون وزارة المالية من حصة الشيعة في حكومة أديب.
"البناء": ماكرون أجرى اتصالات بالرياض وواشنطن وبيت الوسط لفصل «المداورة» عن «المبادرة»
من جهتها صحيفة "البناء" قالت "توضّحت الصورة وسقطت المناورة ومعها المداورة، وحسمت الحلقة الأولى من العقدة المتصلة بالتوقيع الثالث الذي يحمله وزير المال وأصرّ ثنائي حركة أمل وحزب الله على رفض انتزاعه منه بذريعة المداورة. فقد ترتب على استعادة باريس زمام المبادرة في توضيح مضمون الخطة الفرنسية للإنقاذ، ونفي أن تكون المداورة من مكونات مبادرتها، رغم عدم ممانعتها بطرح الأمر من خارج المبادرة إذا لم تترتب عليه نتائج تهدّد مصير المبادرة وتعطل ولادة الحكومة، كما حدث عملياً. وتولى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون إجراء اتصالات بواشنطن، حيث قالت المعلومات إنه تحادث مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو معاتباً على كلامه حول لقاء ماكرون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ضمن إطار ما كان متفقاً عليه بين باريس وواشنطن لمضمون الدور الفرنسي، وموضحاً أن المداورة لم تطرح ضمن الخطة الفرنسيّة وبالتالي لا يمكن تحميل مطلب التوقيع الثالث مسؤولية تعطيل المبادرة الفرنسية، طالباً المزيد من الدعم مع نادي رؤساء الحكومات السابقين الذي وصفته مصادر تراقب دوره الصاعد بالحزب الحاكم الشمولي. وقالت المعلومات إن ماكرون اتصل بولي العهد السعودي محمد بن سلمان للغرض نفسه، وأوضح للرئيس سعد الحريري موقف باريس داعياً لتليين الموقف من مطلب الثنائي بالتوقيع الثالث، سائلاً الحريري عن سبب عدم مصارحته بمطلبه قبل السير بالخطة الفرنسيّة لمناقشة الأمر مع الثنائيّ قبل اعتماد الخطة والتفاهم على تسهيل عمل الحكومة بدلاً من الوقوع في مطبات مشابهة لما هو حاصل.
مصادر فرنسية قالت إن الرئيس ماكرون يتولى مباشرة وعبر مدير مخابراته السفير برنار ايميه ومسؤول ملف لبنان في الرئاسة السفير امانويل بون، تفاصيل التفاوض الذي بدأ بمسعى فرنسي بين الرئيس المكلف مصطفى اديب وممثلي الثنائي المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، حيث تبلغ الثنائي عدم الممانعة بالتوقيع الثالث، مقابل تولي التسمية من قبل الرئيس المكلف، ولما دار النقاش معه وعرضت أمامه المواقف طلب الاستمهال لسؤال مرجعيته التي تتمثل بالرؤساء السابقين للحكومات، بعدما كان أديب زار قصر بعبدا وطلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المزيد من الوقت لمزيد من المشاورات تطبيقاً للنصيحة الفرنسية.
واشارت "البناء" إلى أن العقدة باتت في تحديد مَن يقوم بتسمية وزير المالية بين إصرار الثنائي على التسمية ورفض الحريري لذلك وتمسكه باختيار الوزير، وتدور المساعي الفرنسية لتذليل هذه العقدة، بتقديم مقترحات في منتصف الطريق كمثل تقديم لائحة مختصرة من ثلاثة أسماء من أحد الطرفين يختار الطرف الآخر اسماً منها، وهنا أيضاً عادت العقدة بإصرار الطرفين على القيام بإعداد اللائحة، وثمة مخرج تحدّثت عنه مصادر على صلة بالمفاوضين الفرنسيّين يقوم على طرح أسماء للوسيط الفرنسي من الفريقين لاستكشاف ما إذا تضمّنت اسماً مشتركاً أو أكثر فيتم اعتماده أو الانتقاء من بين هذه الأسماء المتقاطعة، وقالت المصادر إن لا أبواب كثيرة ستفتح لتسمية وزراء، بل استمزاج المكونات الطائفية والسياسية بلوائح اسمية سيتم الاختيار من بينها ومراعاة التفضيل الذي يبديه المعنيون بتمثيل هذه المكونات، لكن عندما تنتهي عقدة وزارة المال، وفيما قالت المصادر إن الموعد الجديد للمهلة هو يوم الاثنين، أبقت الباب مفتوحاً لتمديد جديد إذا تقدمت المساعي ولم يظهر أن الأبواب مغلقة أمام التسويات، وأن نضوجها يحتاج إلى المزيد من الوقت.
تشدّد الثنائي مع أديب
واضافت الصحيفة "لم تفضِ مفاوضات الساعات الأخيرة يوم أمس، إلى نتيجة إيجابية على صعيد تأليف الحكومة، إذ راوحت الأمور حول عقدة وزارة المال “المختلقة” لأسباب سياسية مكشوفة، بحسب ما قالت مصادر ثنائي أمل وحزب الله، الأمر الذي دفع الرئيس المكلف مصطفى أديب إلى اتخاذ القرار بالاعتذار خلال زيارته بعبدا، إلا أنّ دخولاً فرنسياً على الخط استمهل الرئيس المكلّف ثلاثة أيام فاتحاً الباب أمام مزيد من المشاورات تمتد حتى يوم الأحد المقبل.
واشارت إلى أن اللقاء الذي عُقد بين الرئيس المكلّف وبين المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل في منزل أديب المؤقت، لم يُحرزْ نتائج إيجابيّة بل على العكس انتهى كما بدأ بتشدد وتشبث بالمواقف، حيث أشارت معلومات “البناء” إلى أنّ الخليلين أبلغا الرئيس المكلف تمسّك الثنائي بحقيبة المال وبتسمية الوزراء الشيعة.
وأفادت المعلومات أن أديب كان يفترض أن يزور عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكنه أحجم عن ذلك مستعيضاً بلقاء مع “الخليلين” قبل زيارته بعبدا.
لكن النائب خليل أوضح في دردشة أنه لم يُحدد موعد لأديب في عين التينة، مشيراً الى أن هناك وجهات نظر مختلفة مع الرئيس سعد الحريري ولكن لا خلاف، والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.
وحمّلت مصادر مطلعة “نادي رؤساء الحكومات والرئيس الحريري مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة وإجهاض المبادرة الفرنسيّة حتى الآن من خلال طروحات جديدة مخالفة للأصول والأعراف والقواعد الدستورية تخفي أهدافاً سياسية ورهانات وطموحات شخصيّة لن تصل الى أي مكان سوى مزيد من التأزيم ودفع الأمور الى نفق مجهول، وبالتالي تهديد الاستقرار والسلم الداخلي وطعن الدستور واتفاق الطائف في الصميم”، مشيرة الى أن الحريري يضع العقبات أمام الرئيس المكلف لإسقاطه وإلا ما سبب لزوم فتح مبدأ المداورة لانتزاع المالية من حركة أمل وهو يعلم علم اليقين أن الثنائي متمسك بها ولن يتنازل عنها، فهل هذه العقدة كانت الذريعة لإجهاض مساعي أديب وإحراجه أمام الثنائي والفرنسيين تمهيداً لإخراجه من سباق التأليف؟ علماً أن الحريري كان قد وافق طيلة حكومتين في العهد الحالي على إسناد المالية لحركة أمل وتحديداً للنائب علي حسن خليل، فلماذا فتح هذا الإشكال الطائفي – الدستوري في هذا التوقيت بالذات في ظل الأوضاع الخطيرة التي يواجهها لبنان؟ داعية الفرنسيين للتحرك لإنقاذ مبادرتهم والحكومة العتيدة قبل فوات الأوان، مشيرة لـ”البناء” الى أن “الكرة في ملعب الحريري والرئيس المكلف والفرنسيين”.
في المقابل، نفى المستشار الإعلامي للرئيس سعد الحريري حسين الوجه على «تويتر» ما ذكرته قناة «أل بي سي» عن ان «الرئيس سعد الحريري اشترط ان يسمّي هو الشخصية الشيعية التي ستتولى المالية، لكنّ هذا الأمر اصطدم برفض رؤساء الحكومة السابقين لا سيما الرئيس فؤاد السنيورة وبرفض الثنائي الشيعي».
لقاء أديب – عون
وبعيد لقاء الخليلين – أديب، توجه الأخير إلى بعبدا واجتمع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وبحسب معلومات "البناء"، فإن عون طلب من الرئيس المكلف الاستمرار في الاتصالات الجارية لمعاجلة الملف الحكومي لأنّ الظروف الراهنة في البلاد تستوجب عملاً إنقاذياً سريعاً، لا سيما وأنه مضى 16 يوماً على التكليف والبلاد تنتظر التفاهم على تشكيل حكومة جديدة.
واشارت إلى أن الرئيس المكلّف وضع عون بأجواء الاتصالات التي أجراها منذ اللقاء الأخير معه وجرى نقاش في السبل الكفيلة بتذليل العقبات من أمام التشكيل، وقد اتُفق على استمرار الاتصالات لتذليل العقبات، وجرى تبادل للآراء بين الطرفين في هذا الإطار. كما عرض عون لأديب حصيلة الاستشارات التي أجراها عون مع رؤساء الكتل النيابية.
وقال أديب بعد انتهاء اللقاء: «عرضت مع فخامة الرئيس الصعوبات التي تعترضنا لتشكيل الحكومة الجديدة. أعي تماماً أنه ليس لدينا ترف الوقت، وأعوّل على تعاون الجميع من أجل تشكيل حكومة تكون صلاحياتها تنفيذ ما اتفق عليه مع الرئيس (الفرنسي ايمانويل) ماكرون»، وأضاف: «اتفقنا مع فخامة الرئيس على التريث قليلاً لإعطاء مزيد من الوقت للمشاورات لتشكيل الحكومة، ونأمل خيراً».
مصادر رئيس الحكومة المكلّف نقلت عنه قوله «إن المهمة التي تم تكليفي على أساسها نتيجة تفاهم غالبية القوى السياسية اللبنانية، هي تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسية، في فترة قياسية، والبدء بتنفيذ الإصلاحات فوراً. وعلى هذا الاساس لم يكن الهدف لا التفرد بالرأي ولا استهداف أحد من المكونات السياسية اللبنانية، بل اختيار تشكيلة حكومية من اختصاصيين. وأي طرح آخر سيفرض تالياً مقاربة مختلفة للحكومة الجديدة. وهذا لا يتوافق مع المهمة التي كلفت من اجلها». واضافت اديب بحسب مصادره: «لأنني حريص على أن تبقى المهمة التي أقوم بها متوافقة مع روحية التفاهم الأساسي على حكومة اختصاصيين، طلبت من الرئيس ميشال عون إرجاء الاجتماع بيننا الى عصر اليوم، لإجراء مزيد من الاتصالات قبل تحديد الموقف النهائي».
ويبدو بحسب أوساط سياسية أنّ المبادرة الفرنسية خدعة للالتفاف على حزب الله والمقاومة عبر استهداف حلفاء الحزب عبر استهداف الرئيس بري من خلال انتزاع المالية منه، وبالتالي تقليص دوره كممثل للطائفة الشيعيّة في الدولة وموقعه الوطني، وبالتالي في مركزية القرار السياسي في مجلس الوزراء، إلى جانب استهداف تيار المردة وحركة أمل بعقوبات مالية دون الأطراف الأخرى. ولفتت الأوساط الى أنّ المبادرة الفرنسية منسقة مع الأميركيين مع تبادل للأدوار بينهما لتقاسم الضغط على المقاومة من جهة والرئيس عون والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، لفصل الحلف بين التيار وحزب الله ومسك عصا تأليف الحكومة من الوسط.
"النهار": اعتذار معلق وعاصفة تضليل و"الثنائي" معزول
أما صحيفة "النهار" فقالت انه لم يعد مهما موعد اعلان الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة مصطفى اديب اعتذاره عن عدم استكمال مهمته سواء حصل ذلك اليوم او غدا او الاحد في اجراء "لياقة" شكلي مع الجانب الفرنسي الذي رغب في ابتلاع ما لحقه من أفضال الفريق الذي امتهن "مهلة ماكرون" وتمنى على الافرقاء اللبنانيين المضي في محاولات التوصل الى حل ولو مددت المهلة حتى نهاية الأسبوع . اللعبة انكشفت أساسا بالكامل منذ يومين على الأقل مع انطلاق مراحل الانقلاب المتدحرج على اديب والمبادرة الفرنسية الذي كتبت عنه "النهار" اول من امس ولم يكن للوقائع التي أعقبت ذلك خصوصا البارحة تحديدا، الا ان اثبتت المثبت. والواقع انه ولو مدد الرئيس المكلف لنفسه فترة إضافية من الاتصالات والمساعي والمشاورات، فان تعمد الثنائي الشيعي الصعود بأقصى ما يمكن من وسائل التوتير الكلامي والتصعيد السياسي الى رأس الشجرة يثبت بان "امر العمليات" ليس داخليا اوطائفيا اوسياسيا فقط، وانما هو أيضا وربما أساسا إقليمي.
واضافت الصحيفة لعل اللافت انه في اللحظات التي كان فيها الثنائي الشيعي يضع اللمسات الأخيرة على اخر فصول اسقاط المبادرة الفرنسية من خلال اسقاط تشكيلة مصطفى اديب عبر اشتراطات تنهي مهمته عمليا، اندلعت عاصفة تسريبات مضللة مدبرة تولتها غرف عمليات راحت توزع التسريبات والمزاعم الإعلامية وفق وتيرة كثيفة مكشوفة اريد من خلالها التغطية الكاملة على فصول احباط المبادرة الفرنسية على يد الثنائي الشيعي ورمي تبعة ذلك على الرئيس سعد الحريري والفريق الداعم بقوة للرئيس المكلف. ولكن حسابات الحقل لم تتطابق وحسابات البيدر هنا أولا لان الفريق الذي عمد الى ابتزاز الجانب الفرنسي واستغلال انفتاحه على "حزب الله " نفسه لم ينجح في اُسلوب المناورات وابتداع الاجتهادات حيال حقيقة ما اتفق عليه في اجتماع قصر الصنوبر خصوصا لجهة موضوع المداورة في الحقائب. اذ ان الاجماع السياسي على اعتماد المداورة كشف هشاشة المزاعم والتسريبات من جهة، كما ان الرئيس المكلف وضع حاسما لهذه المزاعم عندما رهن استكمال مهمته كلها بالمداورة والمجيء بحكومة اختصاصيين لانها صلب المبادرة الفرنسية. ويبدو ان ضيق الهامش امام الثنائي الشيعي دفع به الى اعتماد الأسلوب الدعائي السهل ولكن غير المضمون النتائج، فشن حملة تسريبات تضليلية سبقت وتزامنت مع صدور بيان عن "كتلة الوفاء للمقاومة" اتسم بنبرة تصعيدية حادة كشفت معظم المستور. فتحت ستار "رفض محاولات تجويف مضمون المبادرة الفرنسية" هاجمت الكتلة ما سمته"محاولات الاستقواء بقوى خارجية لتشكيل حكومة مزورة التمثيل لمصلحة فريق واحد" وأعلنت التمسك "برفضها المطلق ان يسمي احد عنا الوزراء الذين ينبغي ان يمثلونا في الحكومة " كما تمسكها باسناد حقيبة المال الى الشيعة.
وتابعت الصحيفة "في غضون ذلك كانت موجة التسريبات تبلغ مداها اذ زعمت ان الحريري اشترط ان يسمي هو الشخصية الشيعية التي تتولى المال لكن ذلك اصطدم برفض رؤساء الحكومات السابقين الاخرين والثنائي الشيعي. وسارع المستشار الإعلامي للحريري حسين الوجه الى نفي هذه المزاعم مؤكدا ان موقف الحريري واضح كما جاء في تغريدته اول من امس لجهة تمسكه بالمداورة في الحقائب بين سائر الطوائف. كما نفى المزاعم عن التوافق مع الجانب الفرنسي على إبقاء المال من حصة الشيعة. وقبل زيارته عصرا لقصر بعبدا اجتمع الرئيس المكلف بالخليلين اللذين أبلغاه "الموقف الرسمي" النهائي للثنائي الشيعي بالتمسك بحقيبة المال وتسمية الوزراء الشيعة . وبعد لقائه وعون اعلن اديب "الاتفاق على التريث قليلا لإعطاء المزيد من الوقت للمشاورات القائمة لتشكيل الحكومة". وقال انه عرض مع عون "الصعوبات التي تعترضنا لتشكيل الحكومة واعرف ان ليس لدينا ترف الوقت وأعول على تعاون الجميع من اجل تشكيل حكومة تكون صلاحياتها تنفيذ ما اتفق عليه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون".
ولكن كيف قرر اديب الاعتذار وكيف تريث؟
وقالت الصحيفة توجه اديب الى بعبدا وفِي جيبه كتاب الاعتذار بعدما اقفلت كل ابواب التوافق على تشكيلته الحكومية التي وضعها من 14 وزيراً من الاختصاصيين المستقلين.
وهذا القرار حسم بعد زيارة الخليلين اللذين نقلا اليه تمسكهما بحقيبة المال وبتسمية الوزراء الشيعة.
وكانت زيارة اديب لرئيس الجمهورية أرجئت من الساعة 11 الى 5 عصراً على اساس انه سيتوجه للقاء الرئيس بري وان ثمة مشروع حل يقوم على اسناد حقيبة المال لشيعي يكون مقبولاً ومتوافقاً عليه من كل القوى السياسية. وسرت شائعات ان اللواء عباس ابراهيم من جهة والسفير برنار ايمييه من المقلب الفرنسي يعملان على مشروع الحل هذا. الا ان هذه المعطيات التي شاعت من جهة واحدة نقضتها المعطيات المتوافرة عن رفض الرئيس المكلّف ومعه رؤساء الحكومات السابقون الخروج عن قواعد المبادرة الفرنسية التي تقوم على المداورة الشاملة في الحقائب دون استثناء، وان هناك اتجاها لاعتذار الرئيس المكلّف الذي لم توضع عليه مثل هذه الشروط عند تكليفه.
واضافت انه تجنباً للدخول في عملية اخذ ورد خارج قواعد التسوية، لم يطلب الرئيس المكلّف موعداً في عين التينة وقبل ان يستقبل لاحقاً المعاونين السياسيين للأمين العام لـحزب الله وللرئيس نبيه بري، وزعت مصادره موقفه المتشدد ازاء اي طرح خارج صيغته الحكومية التي عمل عليها طوال اسبوعين. ونقلت عنه قوله" ان المهمة التي تم تكليفي على اساسها نتيجة تفاهم غالبية القوى السياسية اللبنانية ،هي تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسية، في فترة قياسية، والبدء بتنفيذ الاصلاحات فورا. وعلى هذا الاساس لم يكن الهدف لا التفرد بالرأي ولا استهداف احد من المكونات السياسية اللبنانية، بل اختيار تشكيلة حكومة من اختصاصيين. واي طرح آخر سيفترض تاليا مقاربة مختلفة للحكومة الجديدة، وهذا لا يتوافق مع المهمة التي كلفت من اجلها" .
وتابعت "النهار"، ابلغ اديب هذا الموقف للخليلين، وتوجه الى بعبدا لإعلان اعتذاره انطلاقا من هذا المبدأ، وتحركت خلية الازمة في الاليزيه وكان التمني الفرنسي عليه بالتريث الا ان ذلك لا يعني ان لدى الفرنسيين تعهداً من الثنائي الشيعي بالتراجع عن تمسكه بحقيبة المال أوبتسمية وزرائه. والرئيس المكلّف ليس في وارد الخروج على قواعد تشكيلته المصغرة المحايدة والمستقلة عن السياسيين. وكذلك هو موقف داعميه من رؤساء الحكومات السابقين. وفي المحصلة تبين ان كل الاطراف يطالبون بأن تكون المداورة شاملة بمن فيهم رئيس الجمهورية ونقل عنه قوله لمحمد رعد بأنه ضد تكريس حقيبة لطائفة، وهذا الاعتراض يختصر مواقف كل الاطراف الاخرى المعلنة وغير المعلنة من الطرح الشيعي باستثناء حقيبة المال من المداورة. فانه لا يحظى بالتوافق المطلوب ما يعني سقوط كل احتمالات الوصول الى تسوية حكومية .
حتى ان المعلومات تشير الى ان رفض تكريس وزارة المال للطائفة الشيعية لا يقتصر على القوى المعنية بالتأليف ورؤساء الحكومة السابقين بل يصل الى البطريركية المارونية والقيادات المسيحية وهذا ماسيظهر خلال الساعات المقبلة. في المحصلة ، ليس هناك حكومة وقرار الرئيس اديب هو بالاعتذار . ومطلب التريث الذي اصر عليه الفرنسيون وبعبدا والثنائي الشيعي والذي استجاب له اديب ليس الا لكسب الوقت لان أحداً ليس لديه تصور بديل لما بعد اعتذار اديب.