معركة أولي البأس

لبنان

المهلة الفرنسية للحكومة تنتهي اليوم.. ومشاورات نيابيّة جديدة في بعبدا
15/09/2020

المهلة الفرنسية للحكومة تنتهي اليوم.. ومشاورات نيابيّة جديدة في بعبدا

لم يخرج الدخان الأبيض المتعلق بالحكومة أمس بعد لقاء الرئيس المكلف مصطفى أديب برئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
ومع انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي لكي يتوصل الأفرقاء اللبنانيون إلى تفاهم على الحكومة الجديدة، يقوم رئيس الجمهورية بمشاورات نيابية جديدة عسى أن توصل إلى تفاهمات توصل إلى التسوية، التي على أساسها ستكون التشكيلة المرتقبة.
ورغم ازدياد الاستحقاقات على أكثر من صعيد في البلاد، إلا أنه لا شيء واضحا حتى اللحظة بموضوع الحكومة الجديدة، والسيناريوهات متعددة بانتظار ما ستحمله الساعات أو الأيام القليلة المقبلة.

 

"الأخبار": أيّهما ينحني للآخر: الرئيس المكلّف أم الثنائي الشيعي؟

تنتهي اليوم مهلة الخمسة عشر يوماً، الفرنسية الملزمة، لتأليف الحكومة من دون أن تبصر النور. إمرارها يعني نجاح التحدّي الأول لكسر هيبة المبادرة الفرنسية، ومحاولة إعادة لبننة لعبة التأليف على طريقة الأفرقاء المعنيين. لذا ثمّة مَن يقتضي أن ينحني للآخر

إذا صحّ أن مسوّدة الحكومة الجديدة جاهزة، سواء قُدّمت البارحة الى رئيس الجمهورية ميشال عون أو لم تُقدّم، لا تعدو مشاورات بعد الظهر واليوم سوى تغطية لاحقة لما كان يُفترض أن يكون قد حصل قبلاً. يقتضي أن تكون المشاورات بين يدَي الرئيس مصطفى أديب، لا رئيس الجمهورية، لأكثر من سبب تبرّره الصلاحية الدستورية نفسها المعطاة للرئيس المكلف.

ما إن يصبح التكليف بين يديه، لا يعود ثمّة دور مقرِّر لرئيس الجمهورية إلا عندما يتسلّم مسوّدة الحكومة الجديدة كي يوافق عليها، فيمهرها بتوقيعه، أو يطلب تعديلها، أو يرفضها تماماً. إذذاك، يقرّر الرئيس المكلّف الاستمرار في مهمته أو الاعتذار أو الاعتكاف. التوقيت الطبيعي للمشاورات أن تلي التكليف، وهو حق دستوري، إلا إذا أقرّ الرئيس المكلف بتعثّر تأليفه الحكومة، فيسلّم بحاجته الى جولة جديدة من تلك.
ما حصل البارحة لا يمتّ بصلة الى ذلك كله. لم يُقرّ أديب بعد بفشله، ولا بعجزه عن وضع مسوّدته وهي موجودة كلياً أو جزئياً، ولا بتسليمه بشروط الكتل والأحزاب التي أحجم عن التشاور معها سوى في مشاورات ما بعد التكليف، ولا اعترف بأن تأليف حكومة وفق المعايير التي وضعها، مصغّرة تضم وزراء اختصاصيين لا حزبيين فيها ولا نواب، أخفق أو تخلى عنه.

بذلك، في ضوء الاجتماع الثالث ما بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بعد اثنين في 3 أيلول و8 منه، لم تصدر أي إشارة سلبية عن خلافهما. أضف أن ما أصاب الكتل والأحزاب في إبعادها عن مسار التأليف، لحق برئيس الجمهورية الى حد الاعتقاد باختصار دوره بتوقيع مرسوم تأليف الحكومة. لذا بدت لافتةً دعوة الرئيس الى مشاورات في قصر بعبدا يُفترض أنها تقع في صلب التكليف المنوط بالرئيس المكلف. مع ذلك، لا إشارة محدّدة تنبئ بتحوّلٍ في مسار تكليف أديب يجعله يتجاهل الأيام الستة عشر منذ يومه الأول في 31 آب، وتصرّفه مذذاك على أنه المعني وحده بما يفعل.

ليس عادياً أيضاً ومعتاداً في العهد الحالي، أن رئيس الجمهورية خلافاً للحكومات الثلاث المنصرمة، أعوام 2016 و2019 و2020، لا يأتي على ذكر حصته في الحكومة الجديدة ويتشبّث بها، ولا الحقيبة السيادية، ولا منصب نائب رئيس الحكومة. بل لم يعد أحد يسمع بحقائب سيادية، وأخرى خدماتية مكتنزة ومدرارة يتنازع الأفرقاء عليها. أضف أنها المرة الأولى التي ينسحب فيها الرئيس من دور الشريك الفعلي في التأليف، المعني بمعاييره أولاً وأخيراً على نحو ما فعل بمسوّدة الرئيس سعد الحريري في أيلول 2018، برفضه إياها وإعلانه هذا الرفض لإخلالها بالمعايير تلك.

الواقع أن ما يحصل مع أديب، حلِمَ به الرئيس رفيق الحريري منذ اليوم الأول له في السرايا، ولم يحظَ إلا بالقليل القليل منه.
حتى مساء الأحد، لم يكن ثمّة ما يشير، قطعاً، إلى أن الحكومة ستبصر النور الاثنين. إلا أن أحداً لم يتوقع أن يقفز التأليف عن منتصف ليل الثلاثاء، اليوم، موعد نهاية مهلة الخمسة عشر يوماً التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس المكلف والقيادات اللبنانية، لإنجاز تأليف الحكومة الجديدة. لم يكن ثمّة ما أنبأ أيضاً بالحاجة الى مشاورات مع الأفرقاء جميعاً، ولا سيّما منهم الذين أعلنوا منذ اليوم الأول حتى الأحد رفع الأعلام البِيض: لا يريدون التوزير، ولا أي حصة أو حقيبة مباشرةً أو على نحو غير مباشر، ولا رشحوا قريبين منهم أو بعيدين، كتيار المستقبل والتيار الوطني الحر وسليمان فرنجية، بينما نأى وليد جنبلاط وسمير جعجع بنفسيهما سلفاً عن الحكومة الجديدة، فسبقا الآخرين الى الخلاصة نفسها. وحده الثنائي الشيعي تناوب الأدوار.

حتى السابعة مساء أمس، كان في الإمكان تمييز موقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي عن موقف حزب الله بفروق ضئيلة، ذات دلالة هامشية، لكنها لا تفضي إلى نتائج متنافرة أو متناقضة. لزم حزب الله الصمت، تاركاً التفاوض لبرّي الذي ركّز على هدفين: أن تكون وزارة المالية للشيعة لسبب ميثاقي انسجاماً مع ما اتفق عليه في اتفاق الطائف، وأن لا يُفرَض عليه ولا على حزب الله ــــ مع أن تفاوضه الأولي كان باسمه كحركة أمل ــــ وزراء لا يعرفونهما أو يُهبَط بهم عليهما. لذا وافق على مبدأ توزير شيعة من خارج الثنائي، على أن يكون هذا الفريق هو الذي يسمّيهم من بين الاختصاصيين، وفق ما يتمسّك به الرئيس المكلف.

باستثناء الثنائي الشيعي، رفعت الكتل والأحزاب سلفاً الأعلام البِيض

عندما شاع مساء الأحد أن تأليف الحكومة لا يأبه لموقف الثنائي الشيعي ويتجاهله، بما في ذلك مشاركته في الحكومة، متمسّكاً بمداورة كاملة ما بين الحقائب، أضف معلومات متناقضة عن فحوى المكالمة الهاتفية بين رئيس البرلمان والرئيس الفرنسي أوردت معطيات متباينة، خرج حزب الله عن صمته وأدمج موقفه بموقف برّي تماماً. راحت المعطيات الجديدة تتحدّث عن أن الموقف الشيعي يمثّله الثنائي وليس رئيس المجلس فحسب، وإن يكن هو المفاوض. تبنّى الحزب وجهة نظر حليفه في الإصرار على حقيبة المالية، وعلى اقتراح أسماء يختار من بينها الرئيس المكلف، ولا يأتي من خارجها، مع تبرير الاسم الذي يسقطه. ما لبثت بعض التكهّنات الناجمة عن الموقف الجديد هذا، أن تحدّثت عن تريّث فرنسي يؤجّل فرض حكومة أمر واقع على الفريق الشيعي ما دام الأفرقاء الأساسيون الآخرون ــــ حلفاء برّي في الأصل ــــ قد تخلّوا عن أي دور وموقع، وسلّموا بالاندفاعة الفرنسية بعصا غليظة هي العقوبات.

كانت هذه أحد دوافع عناد أديب، وإصراره على حكومة لا يستأذن بها أحد بمَن فيهم رئيس الجمهورية، أضف الثنائي الشيعي. ما إن أعلن الرئيس الفرنسي في الأول من أيلول أنه يبحث مع شركائه الأميركيين والأوروبيين في فرض عقوبات، تلقّفت واشنطن السانحة وفرضت في اليوم الثامن على تصريح ماكرون عقوبات على وزيرين يمتّان بصلة عميقة للثنائي الشيعي، هما: علي حسن خليل ويوسف فنيانوس.
مع ذلك، من غير المؤكد أن المشاورات الشكلية، العديمة الجدوى، التي بوشرت بعد ظهر أمس، من شأنها وضع تأليف الحكومة في مسار مناقض لما آل إليه حتى البارحة. لم يصدر بعد موقف فرنسي واضح عن استعداده للقبول بتجاوز مهلة الرئيس الفرنسي المنتهية اليوم، الملزمة للأفرقاء اللبنانيين يوم أُعلِن عنها، وقال ماكرون إنهم تعهّدوا له بها. كذلك ليس ثمّة ما يشير إلى أن الرئيس المكلّف سينحني للأحزاب والكتل، إلا إذا أدار له الظهير الظهر.

 


"البناء": عون يدير مشاورات نيابيّة ويلتقي الجسر وحردان وكرامي

وفرضت المواقف السياسية نفسها على مسار تأليف الحكومة، وفرملت اندفاعة الرئيس المكلف نحو حكومة الأمر الواقع والتي كان يعتزم عرضها على الرئيس عون، ما أعاد مفاوضات التشكيل إلى نقطة الصفر مع انطلاق جولة استشارات نيابية جديدة في قصر بعبدا بمبادرة من رئيس الجمهورية ميشال عون بالاتفاق مع الرئيس المكلف مصطفى أديب.

وبحسب معلومات «البناء» فإن الرئيس المكلف كان يحمل في جيبه تشكيلة حكومية أولية خلال زيارته الى بعبدا اليوم ولقائه الرئيس عون، وتتضمن شكل الحكومة وحجمها وتوزيع الحقائب وبعض أسماء الوزراء. إلا أن عون نصحه بالتروّي والتريث مع عتب عليه لعدم تشاوره مع الكتل النيابية التي سمته لرئاسة الحكومة، لكن وبعد رفض أديب التواصل مع الكتل النيابية طرح عون أن يتولى ذلك بنفسه لتسهيل المهمة. وخلال اللقاء مع عدد من رؤساء الكتل طرح عون أسئلة تتعلق بمواضيع شكل الحكومة والمداورة في الحقائب الوزارية وكيفية وصلاحية تسمية الوزراء وموقفها من الثقة في المجلس النيابي.

وأوضحت مصادر مواكبة للقاء عون – أديب إلى أن التطورات التي استجدت خلال الأيام القليلة الماضية خصوصاً مسألة العقوبات الأميركية على وزيرين لبنانيين والمواقف التي أعقبتها، دفعت بالرئيس عون الى تمديد المشاورات مع جميع الأطراف تمهيداً للقاء ثان بين عون وأديب ضمن مهلة معقولة للبناء «على الشيء مقتضاه». وأشارت أوساط بعبدا الى أن «الرئيس عون سبق وأبدى رأيه حول الحكومة العتيدة وما يهمه هو أن تكون حكومة قادرة على القيام بالإصلاحات».

والتقى عون في بعبدا على التوالي رئيس الكتلة القومية النائب أسعد حردان، ورئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل ثم ممثل كتلة المستقبل النائب سمير الجسر، والنائب فيصل كرامي ممثلاً اللقاء التشاوري، والنائب فريد الخازن ممثلاً التكتل الوطني، على أن يلتقي اليوم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وممثل كتلة التنمية والتحرير وبقية الكتل النيابية، فيما أعلنت كتلة القوات مقاطعتها للاستشارات، مشيرة الى أن موقفها معروف، كما أعلنت كتلة اللقاء الديمقراطي أنها لن تشارك في استشارات بعبدا.

عين التينة

وفيما تمّ التداول بتسريبات منسوبة الى عين التينة تطلق فيها تهديدات عالية السقف باتجاه الرئيس المكلف وفرنسا، نفى المكتب الإعلامي لرئاسة المجلس النيابي في بيان هذه المعلومات وأكد فيه أن «كل ما ينشر وينسب الى مصادر عين التينة عبر تطبيقات الواتس آب ووسائل التواصل الاجتماعي في الموضوع الحكومي غير صحيح على الإطلاق، وبالأساس لا يوجد شيء اسمه مصادر في عين التينة سوى ما يصدر حصراً عن المكتب الاعلامي لرئيس المجلس النيابي».

ووضعت مصادر مراقبة هذه التسريبات في اطار تأزيم الأوضاع وإثارة العصبيات المذهبية والتشويش على المساعي الهادفة لتهدئة التوتر السياسي ومحاولة إنقاذ الحكومة من التعقيدات.

ونُقِل عن مرجع سياسي رفيع اتهامه رؤساء الحكومات السابقين بالانقلاب على المبادرة الفرنسية وتحريفها واستغلالها لفرض معادلة جديدة. ولفتت مصادر «البناء» الى أن «المعنيين بالتأليف لن يستطيعوا تأليف حكومة من دون أوسع تفاهم وطني بين المكونات السياسية اللبنانية»، مشيرة الى أن عقبتين تعترضان من يحاول تمرير حكومة الأمر الواقع: توقيع رئيس الجمهورية الذي لن يعطيه لحكومة لا تراعي مقتضيات الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي، والثقة النيابية التي ستنزع الشرعية عن أي حكومة لا تحظى بثقة وتأييد الأغلبية النيابية في البرلمان». مستعبدة ولادة الحكومة قبل يوم الجمعة المقبل.

 


"الجمهورية": تمهيد رئاسي لولادة الحكومة
حكومياً أيضا، أخفقت مهلة الاسبوعين التي حدّدها الرئيس ايمانويل ماكرون، في ان تفرض نفسها كفرصة ثمينة لولادة الحكومة خلالها، والصورة التي يمكن استخلاصها من مسار تأليف الحكومة الجديدة، تعكس اصطدامه بمأزق معقّد، لا تبدو معه فرصة الأيام الثلاثة الممنوحة حتى يوم الخميس المقبل كافية لفكفكة ألغامه وعبواته الناسفة التي تهدد كلّ هذا المسار، وبالتالي العودة الى نقطة الصفر. واولى الضحايا في هذه الحالة ستكون المبادرة الفرنسية التي تشكّل قوة الدّفع الوحيدة نحو حكومة بمهمات إنقاذية واصلاحية.

حضر الرئيس المكلّف مصطفى اديب الى القصر الجمهوري أمس بلا مسودة، ووضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في صورة ما بلغته تحضيراته لتأليف الحكومة والعِقَد الماثلة في طريق هذا التأليف، وعلى وجه الخصوص ما يتصل بالعقدة الشيعية المتمثلة بإصرار الثنائي الشيعي على تسمية وزراء الطائفة في الحكومة الجديدة، وعلى إبقاء وزارة المالية من ضمن الحصة الشيعية.

وفي معلومات «الجمهورية»، انّ اجواء لقاء بعبدا كانت تشاورية اكثر منها استعراض لحقائب واسماء. فالرئيس المكلّف، والذي كان بصدد ان يحمل مسودة حكومة الى رئيس الجمهورية، وضع التشكيلة جانباً وقدّم عليها اهمية الدعم النيابي والسياسي لحكومته، وهو ما لم يكن في حسبانه سابقاً، ما يدل بحسب مصادر مواكبة، الى انّه تلقى اشارة ما بالفرملة من جهة ما.

وتشير المعلومات، الى انّ اديب سمع من عون كلاماً مفاده «خلينا نحكي مع العالم»، ففي نهاية المطاف الكتل النيابية هي التي تمنح الثقة، واذا ما بقيت على مواقفها فالحكومة لا ترى النور، ومن اين ستأتي بالثقة؟

واكّدت مصادر فريق التأليف لـ«الجمهورية»، أنّ «مسودة أديب جاهزة بالكامل، إلاّ أنّ تمنيات تلقّاها فريق الرئيس المكلّف، لتأجيل عرضها للبت بها. فتمرير الحكومة بسلاسة يتطلب بالدرجة الاولى تليين المواقف وفكفكة ما أُمكن من العقد، بما يؤمّن لهذه المسودة العبور بسلام، وليس على أرض خلافية، بما لها من آثار سلبية على الحكومة الجديدة، وعلى البلد بشكل عام».

وفي السياق ذاته، علمت «الجمهورية»، أنّ ايعازاً فرنسياً جاء للرئيس المكلّف بضرورة التريث، لأنّه لو قدّم تشكيلته أمس كانت الامور ستأخذ منحى شديد السلبية بعد المواقف الاخيرة، فكان القرار بإحداث «تكويعة» او «تنفيسة» في مكان ما، لمنع تدهور الامور ولتحصين المبادرة الفرنسية.

6 سيناريوهات
وتابعت "الجمهورية".. في موازاة ذلك، تؤكد المصادر انه في موازاة هذه المعركة المحتدمة بين فريق التأليف والثنائي الشيعي، هناك 6 سيناريوهات محتملة:

الأول، ان يصرّ الثنائي الشيعي وفريق التأليف على موقفهما، وهذا معناه انّ المواجهة قاسية.
 
الثاني، أن يتراجع الثنائي الشيعي، وهذا لا يبدو ممكناً لأنه سيدخلهما في إحراج في طائفتهما ومع جمهورهما بالدرجة الأولى الذي بات مشدود العصب مع الشروط التي وضعاها.

الثالث، ان يتراجع فريق التأليف، الّا انّ هذا التراجع مكلف جداً بالنسبة إليه، ويشكل كسرة معنوية له تفتح عليه باب التراجعات ولا تقفله.

الرابع، ان يتراجع الجميع ويتم تركيب حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب، اي انّ كل طرف سياسي يسمّي من يمثّله في هذه الحكومة ولو تحت غطاء اختصاصيين وليس حزبيين، وبمعنى أوضح يصبح لكل طرف سياسي وزيره او وزراؤه في الحكومة يديرهم بالريموت كونترول.

الخامس، ان يصرّ فريق التأليف على موقفه، ويسلم الرئيس المكلف تشكيلة حكومية مؤلفة بشروطه، فلا يقبلها رئيس الجمهورية باعتبار انها لا تتمتع بقوة التقليع. وفي هذه الحالة يعتذر الرئيس المكلف عن الاستمرار في مهمته. ومعنى ذلك فتح الباب على المجهول.

السادس، ان يقبل رئيس الجمهورية المسودّة الحكومية التي سيقدمها له الرئيس المكلف، ويحيل أمر الاشتباك معها الى مجلس النواب على ساحة الثقة، وهذا من شأنه ان يفتح الاحتمال على سقوط الحكومة بالثقة، او بالميثاقية سواء حجب النواب الشيعة الـ27 الثقة عنها، او غابوا عن الجلسة، وهذا معناه ايضاً فتح الباب على المجهول.

وتبعاً لهذه السيناريوهات، اكدت مصادر فريق التأليف لـ»الجمهورية»: انّ كل الهدف من تشكيل حكومة الاختصاصيين هو إبعاد العامل السياسي وعدم فتح الباب للتدخلات في عملها، الّا انّ الشروط التي يطرحها الثنائي الشيعي تعيد الامور بشكل او بآخر للعودة الى حكومة تشبه حكومة حسان دياب. وهو بذلك يخاطر بالمبادرة الفرنسية، حيث اذا ما استمر التعطيل والتعقيد، ففرنسا ليست تحت أمرنا إذ قد تصل الى لحظة تقرر فيها ان تنفض يدها من لبنان وتقول لنا تدبّروا أمركم. وساعتئذ هل ثمة من يقدّر ما قد يحصل بالبلد على كل المستويات، وخصوصاً على المستويين الاقتصادي والمالي؟

 


"اللواء": مشاورات عون تطيح المادة 64 وتحوّل التأليف إلى متراس بوجه الرئيس المكلف!
وبحسب صحيفة "اللواء"، انقلب الموقف رأساً على عقب، وفوجئت الأوساط السياسية والدبلوماسية بموقف غير مسبوق، وخطوة تطرح أكثر من علامة استفهام، ليس في توقيتها وحسب، بل في نتائجها الميثاقية والدستورية والسياسية..

وتتمثل الخطوة بمشاورات بدأها الرئيس ميشال عون مع رؤساء الكتل النيابية، وهي تشكّل تجاوزاً جدياً لنص المادة 64 من الدستور الفقرة الثانية، التي تنص على معرض تحديد صلاحيات رئيس مجلس الوزراء على: «يجري (رئيس المجلس) الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.. إلخ»..

فما المعنى من خطوة بعبدا، والمبادرة إلى المشاورات التي عزت مصادر بعبدا الاقدام عليها إلى ان «عون يقوم بالمشاورات بعدما أبلغه الرئيس المكلف ان ثمة عراقيل وعقدة تتصل بالمداورة، فكان لا بدّ من استشراف مواقف رؤساء الكتل في موضوع تأليف الحكومة لأستجماع الأراء والخلاصات والأجتماع مجددا مع رئيس الحكومة المكلف عله يأتي هذه المرة بتوليفة حكومية مع أسماء تمهيدا لأسقاط الأسماء على الحقائب وعدد الوزراء كي يصار الى الألتزام بالمبادرة الفرنسية. 

ولفتت الى ان الرئيس عون ملتزم بالمبادرة الفرنسية كمبادرة انقاذية اصلاحية بأمتياز مشيرة الى ان الحاجة أصبحت ملحة للأصلاح ومعالجة تداعيات الأنفجار والتحقيق الشفاف والأزمة الأقتصادية والمالية البنيوية وصندوق النقد الدولي ومؤتمر سيدر والمؤتمر الذي ينوي الرئيس ماكرون عقده من اجل لبنان في ١٥ تشرين الأول المقبل والمهل ضاغطة الا انه لا يمكن القيام بأي هفوة في المبادرة الفرنسية ولا يراد ان تؤدي هذه المبادرة كما ان الرئيس الفرنسي لا يريد ان تؤدي الى اشكال داخلي كبير في ما يتعلق بالمواقع او المداورة او تكريس اعراف. 

واوضحت ان رئيس الجمهورية يستكمل مشاوراته اليوم وهناك جلسة اخرى مع الرئيس المكلف لإطلاعه على موقف الأكثرية والعقد لأن التكليف تم بأكثرية مريحة ومن المهم ان يتم التأليف بموافقة أكثرية مريحة ايضا لأن هناك ثقة مجلس النواب مشيرة الى ان هدف هذه المشاورات الأتيان بخلاصات تبلغ من الرئيس المكلف والفرنسيين الأصدقاء الذين يبادرون في سبيل فتح برامج المساعدات للبنان اصلاحيا والمحصلة تظهر اليوم.

ومع التسليم بأن رئيس الجمهورية ليس فقط للتوقيع على التشكيلة، أي تشكيلة، الا انها المرة الأولى منذ الطائف التي يقدم عليها رئيس جمهورية باجراء مشاورات مباشرة مع رؤساء الكتل، يمكن ان تأتي نتائجها خلافاً لما هو مرجو منها، فتشكل عندها متراساً بوجه الرئيس المكلف، بإعلان نتائج التصويت على الثقة سلفاً، أو رفض التشكيلة إذا جاءت خلافاً للمشاورات، أو حشر الرئيس المكلف في الزاوية لا حراجة وإخراجه..

وكان الرئيس اديب قدم أمس الى الرئيس عون تصوره غير المكتوب للحكومة الجديدة من خلال نتائج الاتصالات التي يجريها لتشكيل الحكومة العتيدة.

وبعد اللقاء، اوضح الرئيس اديب للصحافيين، انه التقى الرئيس عون «لمزيد من التشاور». وردا على سؤال عن موعد تأليف الحكومة، قال: «ان شاء الله خير».

وذكرت مصادر مواكبة للقاء ان الرئيس المكلف لم يعرض تشكيلة نهائية للحكومة انما عرض افكارا وتصوراً عاماً مع بعض الاسماء للتوزير. وان المشاورات ستتواصل، وعند نضوج الصورة سوف يلتقي الرئيس المكلف مجدداً الرئيس عون، وسط توقع بحصول لقاء بين أديب والثنائي الشيعي في خلال الساعات القليلة المقبلة.

لكن التطور الاخر المهم الذي حصل، ان الرئيس عون التقى بعد اجتماعه بالرئيس أديب، عدداً من النواب ممثلي الكتل، بناء لطلب منه وكبداية لمشاوراته التي قرر إجراءها مع الكتل النيابية للوقوف على رأيها في موضوع تشكيل الحكومة، بعدما تمنّع الرئيس أديب عن القيام بهذه المشاورات، وهو ما كان موضع امتعاض عون ومعظم الكتل.

ولهذه الغاية، استقبل الرئيس عون تباعا: النائب فريد الخازن ممثلاً «التكتل الوطني»، رئيس «الكتلة القومية الاجتماعية» النائب أسعد حردان، النائب فيصل كرامي ممثلا «اللقاء التشاوري»، رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل، النائب سمير الجسر ممثلا كتلة «المستقبل». ويستكمل الرئيس عون قبل ظهر اليوم لقاءاته مع رؤساء الكتل النيابية للغاية عينها.

وعُلِم أن عون طرح على ممثلي الكتل أسئلة تتعلق بشكل الحكومة والمداورة في الحقائب الوزارية وكيفية وصلاحية تسمية الوزراء وهل يمكن للرئيس المكلف تسمية وزراء نيابة عن الاطراف السياسية ورئيس الجمهورية، وقال ان البلاد تمر بظروف واوضاع خطرة تستوجب التعاون، وان المداورة لم تعتمد في الحقائب الوازرية منذ 15 سنة، علما ان الدستور لا ينص على احتفاظ طائفة معينة بحقيبة معينة.
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل