لبنان
ساعات حاسمة أمام تشكيل الحكومة..العقبات لا تزال أمام أديب..والرئيس بري يؤكد التمسك الميثاقي بوزارة المال
ساعات حاسمة تفصل بين انجاز الرئيس المكلف مصطفى أديب تشكيلته الحكومية والتوافق عليها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والافرقاء السياسيين بما يؤذن بولادة الحكومة في مطلع الأسبوع المقبل على ابعد تقدير وبين احتمال تعثر الولادة وعرقلة انجاز الاستحقاق الحكومي في لحظاته النهائية الحاسمة. مع الإشارة إلى أن العقد التي سبق لرئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب أن وضعها في طريق تأليف حكومته بقطع التفاوض مع القوى السياسية، ما زالت قائمة، فالرئيس المكلف بحسب الصحف الصادرة اليوم يحصر لقاءاته واتصالاته بدائرة ضيقة. ومن ناحية أخرى نقلت الصحف عن الرئيس نبيه بري تأكيده على التمسك الميثاقي بوزارة المالية.
"الأخبار": أديب لا يعترف بنتائج الانتخابات
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" إن "العقد التي سبق لرئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب أن وضعها في طريق تأليف حكومته بقطع التفاوض مع القوى السياسية، ما زالت قائمة. الخرق الوحيد تمثل في استئناف الفرنسيين نشاطهم لرفد مبادرتهم بعد زيارة المدير العام للأمن العام لباريس. لكن يبدو أن أديب والفرنسيين يستمران في التصرف كما لو أن نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة باتت بحكم الملغاة!".
وأضافت "يزور الرئيس المكلف مصطفى أديب قصر بعبدا اليوم، لكن من دون أن يحمل أي تشكيلة حكومية الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فالمفاوضات بين أديب وسائر القوى السياسية، باستثناء تيار المستقبل، مجمدة حتى إشعار آخر. والعقد هي هي، من ناحية شكل الحكومة وعدد أعضائها أو الأطراف الممثلين فيها؛ إذ يصرّ أديب على تسمية كل الوزراء بنفسه من دون التشاور مع الكتل النيابية التي جاءت به رئيساً. وتلك أجندة حفّزه عليها نادي رؤساء الحكومات السابقين. يسعى هؤلاء اليوم الى تصفية حساباتهم مع حلفاء الأمس، وفي الوقت عينه الخروج بربح ولو معنوي ما دام الفيتو السعودي قد حال دون عودة سعد الحريري بنفسه إلى السراي".
وتابعت الصحيفة "ثمة فرصة متاحة أمامه لمحاولة الفوز ببعض المكتسبات من وراء الستارة. لذلك عمد رئيس الحكومة المكلف الى التشاور مع حزب الله وحركة أمل خلال اجتماع سابق مع النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، كذلك فعل مع النائب السابق وليد جنبلاط عبر أحد الوسطاء. وهو في تشاور دائم مع الحريري. المفارقة أنه يرفض لقاء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ويصرّ على تسمية الوزراء المسيحيين بنفسه، من دون العودة الى التيار. يتغاضى عن هذا الأمر بادعاء التشاور مع رئيس الجمهورية، ما أدى الى توقف المفاوضات جزئياً. ففعلياً، يحاول أديب، ومَن هم وراءه، تجاهل نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة والتصرّف كما لو أنها لم تحصل أو أنها لا تؤثر أو لا وزن لها في عملية تأليف الحكومة، رغم أن كتلة باسيل قامت بتسمية أديب، وستمنحه الثقة أو تحجبها عنه فور طرحه لتشكيلته. وحجب الثقة عنه يعني، في قاموس التركيبة الطائفية التي يتم من خلالها اختيار رئيس الحكومة والتشكيل والتوافق على أي تفصيل صغير في البلد، ضرب الميثاقية، لأن المكوّن المسيحي الرئيسي ليس ممثلاً فيها ولا أي طرف غيره من الأحزاب المسيحية، ما سيعيد عملية التأليف الى النقطة الصفر، اعترف أديب بذلك أو قرر السير باللعبة نفسها".
ووفق "الأخبار" فإن مصادر التيار الوطني الحر تؤكد عدم تنسيق رئيس الحكومة المكلف مع الحزب منذ تكليفه، ولكنها تشير الى «التزامها تسهيل ولادة الحكومة ولو في ظل هذه الظروف. المهم أن يكون برنامجها متضمناً الإصلاحات المتفق عليها».
وقالت الصحيفة "كل ما سبق يرجّح أن مشهد الجمود الذي يراوح مكانه منذ أسبوع، مستمر... إلا إذا استعاد الفرنسيون نشاطهم لإعطاء مبادرتهم دفعاً جديداً. وثمة إشارات توحي بأن ذلك ما حصل. فزيارة المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم لباريس ولقائه رئيس جهاز الاستخبارات الفرنسية الخارجية برنار إيميه، حققت خرقاً في طريق التأليف الوعرة. وعليه استأنفت الإليزيه جولة مشاوراتها مع القوى السياسية اللبنانية. ومن المتوقع أن يصل وفد فرنسي الى بيروت على رأس مهامه السير بمبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى خواتيمها السعيدة وخلال مهلة قصيرة. في غضون ذلك، هناك من يتحدث عن نية أميركية دفينة بوضع العصي أمام التقدم الفرنسي، ولو أنها تسعى لإظهار العكس ببعض التصريحات بشأن الأهداف الواحدة بينها وبين باريس في لبنان. أول تجليات هذه العرقلة كان بزيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر الى لبنان سريعاً بعد ماكرون وتحريضه بعض هيئات المجتمع المدني على إعادة إشعال الحرب مع الأحزاب السياسية، ولا سيما التيار الوطني الحر وحزب الله. ولما فشل هؤلاء في مهمتهم، انتقلت الولايات المتحدة الى الخطة ب، فاستعجلت إصدار عقوبات بحق المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، علي حسن خليل، ووزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس، وهو إحدى حلقات الوصل الموثوقة بين الحريري وحزب الله".
ولفتت الصحيفة إلى أنه حصل ذلك في اللحظة التي وُضع فيها موضوع مداورة الحقائب على طاولة البحث، قابله تمسك بري بالمالية لأنها تضمن «التوقيع الشيعي الثالث». فهل العقوبات معطوفة على العراقيل السياسية بمثابة صفعة للمبادرة الفرنسية؟ كلام نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم يشي بذلك. فقد أكد الأخير في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» أن «السياسية الأميركية تهدف الى إبقاء لبنان تحت الضغط»، مشيراً الى أنه «عندما وافق الاميركيون على المبادرة الفرنسية كان بهدف منع الانهيار. من غير المتوقع أن تتم الموافقة الاميركية على هذه المبادرة إذا تحولت الى مسار سياسي».
بري: لن نشارك من دون «المالية»
من ناحية أخرى لفتت الصحيفة إلى أن الرئيس نبيه برّي يضع العقوبات الأميركية في كفّة مقابلة للترسيم. لا علاقة لها بالحكومة الجديدة. مُصوَّبة إليه مقدار ما تطاول الوزير السابق المُعاقَب. لا شروط للتأليف لديه، لكنه وضع سلفاً معادلة موازية: بلا حقيبة المال للشيعة، ألّفوا حكومة من دونهم.
واضافت "إذا كان من الضروري ربط العقوبات الأميركية الأخيرة بما كان قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في اختتام الزيارة الثانية لبيروت في الأول من أيلول، حيال درسه وحلفائه الأميركيين والأوروبيين فرض عقوبات على الأفرقاء اللبنانيين المعرقلين، فإنّ ثمّة تفسيراً محتملاً لهذا الربط: الاقتصاص من الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ليس سوى مواكبة أميركية للمبادرة الفرنسية مع جرعة إضافية، هي أن العقوبات في هذا الوقت بالذات - قبل كشف المعرقلين الذين تحدّث عنهم ماكرون - ليست إلا خطوة استباقية لئلّا يطلّوا برؤوسهم".
وتابعت الصحيفة "لرئيس مجلس النواب نبيه برّي وجهة نظر مناقضة، سمعها منه متّصلون به. مفادها أن العقوبات تلك تتوخّى إبطاء الديناميّة الفرنسية لتأليف الحكومة وإخراج لبنان من محنته، كما أن المعلومات المتوافرة لديه من مصادر مهمة تشي بأن لا علاقة للفرنسيين بها".
ولفتت الصحيفة إلى أن ما سمعه المتصلون ببرّي أنه هو المعني مباشرة برسالة العقوبات، وخصوصاً أن المُعاقَب هو الرقم واحد الذي يليه في حركة أمل من حيث الموقع الذي يشغله قربه كمعاون رئيسي. أضف أن رئيس المجلس يفصل بين الوظيفة التي ترمي إليها رسالة العقوبات وبين تأليف الحكومة الذي لا يخرج - مهما تكن وطأة التدخلات الخارجية - عن قواعد وأعراف لا يسع أحداً تجاهلها أو القفز من فوقها: نحن مع حكومة اختصاصيين مئة في المئة، بحد أدنى من النكهة السياسية وإن البسيطة. لا نريدهم حزبيين، ولا قريبين من حزبيين حتى. لكن لا نريدهم حتماً يُسقطون علينا وهم ممّن يعيشون في الخارج ولا علم لهم بما هي عليه البلاد. أنا أعطي الاسم. إذا رُفِض أريد تفسيراً مقنعاً لرفضه، فأعطي اسماً آخر، إلى ما شاء الله.
"البناء": أديب إلى بعبدا في زيارة ما قبل التشكيل لحسم الحجم وتوزيع الحقائب قبل الأسماء
من جهتها، قالت صحيفة "البناء" إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يتعمّد ضمن خطته الانتخابية، الإفراج بالتدريج عن ودائع التطبيع الخليجية مع كيان الاحتلال قبل حلول موعد التوقيع الإماراتي الإسرائيلي، لحجز أوسع مدة تلفزيونيّة لما يرغب بتقديمه كإنجازات يختم بها ولايته الأولى طلباً للثانية، وبعدما أعلن أول أمس عن استعداد سعودي للحاق بالركب، أعلن أمس موافقة البحرين، ولا يستبعد أن يعلن خلال أيام الموافقة العمانيّة، والقرار الذي أعلنه مستشار ملك البحرين واجهته حملة احتجاج داخلية عبرت عنها جبهات المعارضة التي يعترف العالم ومنظماته الحقوقية بحجمها التمثيلي، خلافاً للمشهد الإماراتي الصامت.
أما لبنانياً، فقالت "البناء" "تستمرّ حال التجاذب السياسي المرافقة لمشهد حكومي سريالي، حيث الرئيس المكلف يحصر لقاءاته واتصالاته بدائرة ضيقة، تمثل نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين قاموا بترشيحه، وبالراعي الفرنسي الذي وفر التغطية للتسمية، ووفقاً للمعلومات التي تجمعت من المصادر المتابعة لعملية التحضير لولادة الحكومة الجديدة بين بيروت وباريس، فإن الرئيس المكلف سيزور بعبدا مرتين، واحدة يحمل فيها تشكيلة بلا أسماء تتضمن حسماً لعدد الوزراء وتوزيعة طائفية وسياسيّة للحقائب، حيث سيعرض حكومة من 14 وزيراً، نصفها بالتشاور مع الأطراف الرئيسية، التي سيعرض عليها أسماء مرشحيه المقربين منها للحقائب التي رست عليهم، وأغلبها حقائب سيادية، ليبقى النصف الآخر من حقائب أغلبها خدمي وتقني سيحتفظ بتسميتها لنفسه، وقالت المصادر إن الرئيس المكلف سيترك لرئيس الجمهورية تسمية وزير الدفاع كنائب لرئيس الحكومة، ووزير العدل، عارضاً على التيار الوطني الحر أسماء مقترحة لوزير الخارجية ولتيار المستقبل أسماء مقترحة لوزير الداخلية، ولحركة أمل كممثل للثنائي الشيعي أسماء مقترحة لوزير المالية، وأنه منفتح على توسيع الحكومة إلى 20 وزيراً إذا أصرّ رئيس الجمهورية على ذلك، لكن وفقاً لمنهجية التشكيل ذاتها، وأنه سيكتفي بموافقة رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة إذا توافقا على المنهجية، أي حصر التشاور مع الأطراف الرئيسية بمرشحين يقترحهم رئيس الحكومة للحقائب التي يخصصها لتمثيل سياسي في حكومته، بينما حقائب الطاقة والاتصالات والأشغال فستكون بيد رئيس الحكومة الذي اختار لها الأسماء، التي يعتقد أنها تتكفل بحشد الدعم الدولي للانطلاق بورشة خصخصة الهاتف وإطلاق ورش الكهرباء وإعمار المرفأ.
تقول المصادر إن عدم التفاهم مع رئيس الجمهورية سيعني إعتذار الرئيس المكلف وهو أمر مستبعَد في ظل ما بلغ الفرنسيين في الرسالة التي حملها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى باريس، كما ترى المصادر أن الأطراف الرئيسية المعنية لن تعرقل مسعى رئيس الحكومة، ولا المبادرة الفرنسية، وأن المتغير الذي سيعبر عن رضاها من عدمه، هو درجة استعدادها لحماية الحكومة في المجلس النيابي والشارع، بعد نهاية الشهور الثلاثة التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي كمهلة للحكومة تسبق زيارته الثالثة لبيروت مطلع كانون الأول المقبل.
أديب في بعبدا اليوم؟
وتابعت "البناء" انه "على الرغم من الأجواء الإيجابية التي أشارت إلى زيارة مرتقبة للرئيس المكلف مصطفى أديب اليوم إلى بعبدا لعرض تشكيلته النهائية على رئيس الجمهورية ميشال عون، وبالتالي إمكانية ولادة الحكومة مطلع الأسبوع المقبل، إلا أن الغموض وتناقض المعلومات بقيا سيد الموقف الحكومي حتى الساعة وسط إصرار الرئيس المكلف على إحاطة مشاورات التأليف بكتمان شديد".
وبحسب المعلومات، فإن الرئيس المكلف مصطفى أديب عمل خلال اليومين الماضيين على إنجاز توزيع الحقائب على الطوائف ليقدم الى رئيس الجمهورية اليوم المسودة الأولى للحكومة والتشاور فيها قبل إعلانها يوم الاثنين. فيما أفادت معلومات أخرى أن «الرئيس المكلف يتعاطى بسرّية تامة في عملية تشكيل الحكومة والمعطى الأبرز زيارة اللواء عباس ابراهيم إلى فرنسا». ولفتت الى أن «الفرنسيين لا يفاوضون في تشكيل الحكومة ولا يفتحون بازاراً في ذلك، والتشكيلة شبه منجزة عند أديب، ولكنّ الأسماء لا تزال سريّة وهو قد يلتقي رئيس الجمهورية نهاية الأسبوع». وأشارت الى أن «أديب قد يقدّم التشكيلة يوم الاثنين؛ فيما مطلعون يقولون إن عون لن يقف في وجه الفرنسيين أو يعرقل تشكيل الحكومة». فيما استبعدت مصادر أخرى وجود مؤشرات الى أن عون سيلتقي الرئيس المكلف اليوم، ولكن المعلومات ترجح اللقاء قبل الاثنين. وكشفت الى أن «اللواء ابراهيم سمع من الفرنسيين تمسكاً بالمبادرة أي تشكيل حكومة اختصاصيين في 15 يوماً».
وفي هذا السياق أكدت مصادر "البناء" أن «أياً من القوى السياسية لن يقف في وجه المبادرة الفرنسية ولا عرقلة تأليف حكومة أديب لا سيما وأن الجميع قدم الوعود للرئيس الفرنسي بتسهيل ولادة الحكومة، علماً ان الكتل النيابية لم تطلب أي حقيبة ولا أي شروط أخرى خلال المشاورات النيابية الملزمة في المجلس النيابي». ويبدو أن الرئيس المكلف بحسب المصادر سيوزّع الحقائب ويسقط الأسماء مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الأسماء التي تكون قريبة من بعض الأحزاب، وذلك كي لا يستفزها»، لكن في حال رفضتها الأحزاب فربما يجري بعض التعديلات عليها وفي حال تم الاعتراض ستصبح التشكيلة أمراً واقعاً على الجميع وستعلن ولادة الحكومة بلا مشاركة الأحزاب السياسية». وأكدت مصادر «البناء» في هذا الإطار أن الرئيس أديب حسم أمره بتقديم تشكيلة نهائية الى رئيس الجمهورية خلال أيام على أن تعلن مراسيم التأليف مطلع الأسبوع.
وبحسب المعلومات، فإن «الرئيس المكلف لم يتواصل مع رؤساء الكتل ويعمل بسرية وباتت تشكيلته شبه منجزة، إما أن تُقبل من رئيس الجمهورية أو تُرفض».
التيار الوطنيّ
وذكرت "البناء" أن الهيئة التأسيسية في التيار الوطني الحر عقدت اجتماعاً أمس، للتباحث في الملف الحكومي وقضية مشاركة أو عدم مشاركة التيار في الحكومة، إضافة الى ملف تفجير المرفأ والحريق الذي اندلع أمس الأول. وأشارت أوساط التيار إلى أن «بياناً مهماً سيصدر خلال ساعات سيشكل تمهيداً للمواقف التي سيطلقها رئيس التيار النائب جبران باسيل في إطلالته الأحد المقبل محدداً الاتجاهات النهائية منها وسيؤكد على الإصلاحات بشقيها الحكومي والتشريعي». وأكدت أوساط نيابية في التيار لـ»البناء» الى أن «قضية مشاركة التيار في الحكومة لم تتحدّد بعد وستتحدّد على ضوء الصيغة النهائية الذي سيقدمها أديب الى رئيس الجمهورية من شكل الحكومة وتوزيع الأسماء والحقائب»، مؤكدة أن «التيار سيسهل مهمة الحكومة الى أقصى الحدود».
عين التينة
كما ذكرت "البناء" أن الرئيس بري مصرّ على موقفه المتمسك بوزارة المالية لارتباطها بمسألة ميثاقية المراسيم. واعتبر مصدر قريب من عين التينة أنه «لا يجوز إدخال وزارة المال في بازار السجالات، لأنه أصبح واضحاً ما تعنيه هذه الحقيبة على مستوى التوازن السياسي الوطني والشراكة في القرار التنفيذي، وهذا بات من الأعراف التي كرستها المراحل السابقة»، مؤكداً ان الكثير من الأعراف لها قوة الدستور، مذكراً أن القضايا الوطنية المتعلقة بتركيبة النظام، بمعظمها قائمة على الأعراف».
ورأى أن «العقوبات وان كانت تستهدف فريقاً سياسياً محدداً، الا ان في الواقع البلد كله مستهدف، لان الرسائل الاميركية متعددة الاتجاهات وأحد أبرز هذه الاتجاهات ملف ترسيم الحدود الجنوبية البرية والبحرية، اذ تحاول الولايات المتحدة الضغط انطلاقاً من منطق العصا والجزرة مع لبنان، وهذا الضغط أتى على المفاوض اللبناني المتمثل برئيس مجلس النواب الذي عكس صلابة في التمسك بالحق اللبناني». وشدد المصدر على ان «لبنان لا يمكن أن يقبل بأي ضغط على هذا المستوى، ولن يتراجع عن حقه مهما كانت العقوبات ومهما كان حجمها».
حزب الله
أما حزب الله فيعمل على تسهيل تأليف الحكومة انطلاقاً من وعده للرئيس الفرنسي بإنجاح المبادرة الفرنسية، بحسب ما قالت مصادر مطلعة على موقفه لـ"البناء"، لكنه أي الحزب «يدعم موقف حليفه رئيس المجلس النيابي بنقطة احتفاظ حركة أمل بوزارة المالية أو أي اسم يتفق عليه بين الرئيس بري والرئيس المكلف»، مشيرة الى أن «حزب الله لا يعارض حكومة التكنوقراط والاختصاصيين ويشارك فيها شرط أن يسمي الوزراء الذين يمثلونه وإلا فلن يشارك في الحكومة ويفضل أن تطعم الحكومة بسياسيين نظيفي الكفّ وأصحاب اختصاص في الوقت عينه»، منبهة الى أن الحزب «مسهل للمبادرة الفرنسية لكن عيونه منصبّة على الموضوع الأساسي وهو استهداف المقاومة بوسائل متعددة من ضمنها محاولة إبعاده عن الحكومة وضرب التوازن السياسي الداخلي إن عبر الحكومة أو عبر مؤسسات أخرى».
"النهار": ساعات مصيرية للحكومة وبري يتمسك بالمال "ميثاقيا"
أما صحيفة "النهار" فقالت إنه "بات في حكم المؤكد ان ساعات حاسمة تفصل بين انجاز الرئيس المكلف مصطفى أديب تشكيلته الحكومية والتوافق عليها مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والافرقاء السياسيين بما يؤذن بولادة الحكومة في مطلع الأسبوع المقبل على ابعد تقدير وبين احتمال تعثر الولادة وعرقلة انجاز الاستحقاق الحكومي في لحظاته النهائية الحاسمة. ومع ان المؤشرات والمعطيات المتجمعة من مختلف الأوساط المعنية استبعدت اخفاق المشروع الحكومي في لحظة اقترابه من الاختراق لان ذلك سيرتب أثماناً كبيرة لن يرغب أي فريق داخلي الان في تحمل تبعتها خصوصا لجهة التداعيات التي ترتبها أي عرقلة على العلاقات اللبنانية مع فرنسا الراعية والرافعة القوية للوضع اللبناني في الظروف الحرجة الحالية التي يجتازها فان ذلك لم يرق الى مستوى الضمانات الحاسمة الكافية للجزم بالولادة الحكومية في الساعات المقبلة. وبدا واضحا عقب الجولة الأخيرة من الاتصالات اللبنانية الفرنسية لا سيما منها بعد زيارة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم لباريس ولقاءاته مع خلية العمل الرئاسية الفرنسية لمتابعة الوضع في لبنان ان باريس تتشدد حيال التزام ما اتفق عليه بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والقيادات السياسية اللبنانية خصوصا لجهة التزام مهلة الأسبوعين التي تعهد الافرقاء اللبنانيون احترامها لتشكيل الحكومة وهو ما يجب ان يترجم في الساعات الثماني والأربعين المقبلة".
وتكشف هذه المعطيات بحسب "النهار" حذرا فرنسيا كبيرا حيال احتمال اختلال المهلة المحددة لان من شأن ذلك فتح الباب على بدء التهرب من الالتزامات وهو الامر الذي لن تتسامح معه الرئاسة الفرنسية. فاذا استلزم الامر يومين إضافيين لحل آخر العقد التي تعترض تشكيل الحكومة فهو امر ممكن ولكن تجاوز أي مهلة تقنية محدودة سيرتب نشؤ حالة جديدة مشوبة بأخطار عرقلة المبادرة الفرنسية".
واشارت الصحيفة إلى أنه حتى مساء البارحة لم تكن المخارج الممكنة لمعالجة عقدة حقيبة المال التي يتمسك بها رئيس مجلس النواب نبيه بري مدعوما من حليفه في الثنائي الشيعي حزب الله قد تبلورت بل ان موقف الثنائي لا يقتصر على اسناد المال لشيعي فقط بل يتمسك بري بطرح مرشحين لملء المقعد الوزاري . وفي هذا السياق اكد الرئيس بري في حديث ل"النهار" ان موضوع غربلة الشخصية التي سيتفق عليها لوزارة المال قابل للنقاش مع الرئيس المكلف مصطفى أديب "من واحد الى عشرة أسماء واكثر الى ان يقبل بواحد منها ". ويؤكد بري ان حقيبة المال تعادل في رأيه أي شيء ميثاقي وان حصول الشيعة عليها مسألة ميثاقية لا غبار عليها . وإذ يرفض اعتبار موقفه عثرة لتأخير تشكيل الحكومة يقول "ان هذا الكلام لا صحة له ومن يعمل على طرحه يهدف الى الاستفادة من حقائب أخرى" . ويؤكد بري ان كل شيء خارج وزارة المال "قابل للأخذ والرد والفهم والتفاهم" .
ولكن معلومات ترددت ليلا عن انجاز الرئيس المكلف توزيع الحقائب على الطوائف على ان يعرض اليوم مع رئيس الجمهورية المسودة الأولى للتشكيلة الحكومية والتشاور حولها قبل إعلانها الاثنين المقبل .
لقاء القصر
وافادت معلومات امس ان الرئيس المكلف سيقوم بزيارة القصر الجمهوري اليوم للتشاور مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في تركيبته الحكومية التي يرجح انه انجزها بتوزيع الحقائب وإسقاط الأسماء عليها . وأشارت هذه المعلومات الى انه في حال توافق الرئيس المكلف مع الرئيس عون على مشروع التركيبة الحكومية فلن يبقى مانع مبدئيا من توقع ولادتها مطلع الأسبوع بما يعني بالضرورة حل موضوع حقيبة المال لتسلك الأمور مجراها. ولذا توقف المراقبون امام تسليط "التيار الوطني الحر" الأضواء الإعلامية امس على موقف سيعلنه رئيسه النائب جبران باسيل الاحد بعدم مشاركة التيار و"تكتل لبنان القوي" في الحكومة ولكن مع دعم الحكومة ومنحها الثقة . ولكن هذا الموقف يبدو انه يكتسب دلالات أخرى لان أي حزب او تيار آخر لن يشارك في الحكومة اذا شكلت من اختصاصيين مستقلين غير حزبيين .وهو الامر الذي يتصل بالمخرج الصعب الجاري البحث عنه لمسالة حقيبة المال والتي اذا لم يكن شاغلها غير حزبي وغير موصل ب"امل"فانها ستتسبب بإرباك وتعقيد يصعب تجاوزهما .
وتجدر الإشارة في هذا السياق الى ان المستشار الإعلامي للرئيس سعد الحريري حسين الوجه نفى امس ما أوردته "النهار" لجهة علاقة رؤساء الحكومات السابقين بتريث الرئيس المكلف في موضوع تشكيلته عقب فرض العقوبات الأميركية الأخيرة على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ،واكد ان رؤساء الحكومات السابقين لم يطلبوا من الرئيس المكلف مصطفى أديب التريث في طرح تشكيلته وهم يدعمونه في كل ما رسمه من مبادئ لتشكيل الحكومة العتيدة .