لبنان
حريق المرفأ يؤكد تحلل الدولة وعجز مؤسساتها..ملف تأليف الحكومة في غرفة الإنعاش
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على حريق مرفأ بيروت الذي كشف عن عجز كامل للسلطة، فيما تطرقت من ناحية أخرى إلى دخول ملف تأليف الحكومة في غرفة الإنعاش في ظل عدم الوصول إلى توافق على صيغة لحكومة الرئيس المكلف مصطفى أديب.
"الأخبار": كارثة المرفأ 2: نظام "التلحيم" فــجّر وأحرق!
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار"، "كارثة جديدة حلّت في المرفأ أمس. مهما قيل فيها، فهي لا تعبّر سوى عن عجز كامل للسلطة. أن يحصل حريق ضخم في المرفأ بعد شهر من انفجار ٤ آب، الذي تلته إجراءات استثنائية لمنع حصول أي حادثة جديدة، يعني ببساطة أن الدولة قد تحللت بالكامل. ليست المشكلة في مسؤولية هذا الجهاز أو ذاك. صحيح أن الجيش، بوصفه المسؤول عن منطقة المرفأ هو المسؤول المباشر عن الحادثة، إلا أن ذلك لا يلغي أن الترقيع لم يعد يجدي نفعاً. هي مشكلة نظام ومؤسسات بلغ فيها الهريان حداً لم يعد ينفع معه الترقيع".
وأضافت الصحيفة أنه "مع كل كارثة صار بديهياً الاستعداد للتي تليها. قدر يعيشه سكان لبنان الذين لا يزالون يراهنون على سلطة أفقرتهم وأذلّتهم وقتلتهم وشرّدتهم. بالكاد بدأ الناس بتخطي جريمة 4 آب، حتى أنعش حريق 10 أيلول ذاكرة مآسيهم مجدداً. هلع وقلق من تكرار المأساة، لم تُبدّده التطمينات التي تأتي ممن سبق أن طمأن أن لا مواد خطرة في المرفأ.
ما حصل يؤكد أن انفجار 4 آب الذي أدى إلى مقتل نحو 200 شخص وجرح الآلاف، لم يكن كافياً لتغيير النهج. لا القوى السياسية ولا القوى الأمنية ولا القضاء ولا الإدارة اتعظت. طريقة العمل هي نفسها والاستهتار بأرواح الناس هو نفسه".
وتابعت "صار جلياً أن الإهمال والفساد الذي انفجر مرة قادر على الانفجار ألف مرة، ما دامت السلطة هي نفسها، إن كانت سياسية أو أمنية أو قضائية أو إدارية أو مالية أو نقدية، وما دامت التحقيقات في الانفجار تلتف على المسؤوليات السياسية. لم يعد ينفع تأليف لجان التحقيق أو تحميل المسؤولية لفلان أو علان. صار جلياً أن العطب بنيوي. وصار جلياً أن الترقيع يزيد من شدة الضرر. النظام كله معطّل، وكذلك المؤسسات. لا الصلاحيات واضحة، ولا المسؤوليات، ولا آليات اتخاذ القرار، ولا سبل التواصل بين المؤسسات. ثمة منظومة مهترئة تماماً، ولا مجال لإصلاحها. بحسب التجربة، ليس أحدٌ في الجمهورية قادراً على التعهد بأن ما يحصل لن يتكرر. انفجار المرفأ نموذجاً. كل الاستنفار الذي تلاه لم يحل دون عودة النار إلى قلب المرفأ. وما لم يحصل تغيير جذري يعيد ترتيب السلطة، لا أحد يضمن أن لا تأكل النار كل شيء. للمرة الثانية في غضون أقل من 40 يوماً، ينجو الجزء الشرقي من المرفأ (محطة الحاويات) الذي يمر عبره أكثر من 70 في المئة من أعمال الاستيراد والتصدير. لكن الصدفة وحدها تنجيه، لا الإدارة والأمن ولا القضاء ولا السلطة السياسية".
ولفتت الصحيفة إلى أنه منذ ٤ آب، حوّل الجيش المرفأ إلى منطقة عسكرية، يمنع الدخول والخروج إلا بإذنه؛ إجراءات مشدّدة تسبق السماح بدخول أي كان، حتى لو كان مسؤولاً، ثم يتبين أن ورشة لحام تهدف إلى إجراء أعمال تصليح في منطقة السوق الحرة، قد انطلقت.
وأشارت "الأخبار" إلى أن الجيش نفسه خرج، منذ نحو أسبوعين، على اللبنانيين ببيان ليؤكد أنه «خلال الفترة الممتدة ما بين 14 و22 آب تم الكشف على 25 مستوعباً يحتوي كل منها على مادة حمض الهيدريك. كما تم اكتشاف 54 مستوعباً تحتوي على مواد أخرى (لم يحددها)، قد يشكل تسربها من المستوعبات خطراً». طمأن الجيش حينها إلى أنه «تمت معالجة تلك المواد بوسائل علمية وطرق آمنة، وتجري متابعة هذه الأعمال بالتنسيق مع الإدارات المعنية العاملة ضمن المرفأ». أوحى الجيش في بيانه أن الأمور تحت السيطرة. وفي 10 أيلول تبيّن أنها لم تكن كذلك. فاجأ الحريق الجميع، خاصة أولئك الذين لم يكن انفجار 4 آب كافياً لهم ليدركوا خطورة تخزين مواد قابلة للاشتعال من دون عملية حفظ علمية وآمنة، ومن دون إجراءات بديهية تمنع تكرار المصيبة.
وقالت "بشكل أدق، بدا الجيش الذي يعطيه قانون الطوارئ مسؤولية الحفاظ على الأمن في بيروت، عاجزاً عن السيطرة على كيلومترين مربعين في المرفأ. وهذا يتطلب أولاً إقالة الضباط المسؤولين، وقبل انتظار نتيجة التحقيق الذي كلف المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الشرطة العسكرية ومخابرات الجيش والأجهزة الأمنية والجمارك والدفاع المدني وفوج إطفاء بيروت بإجرائه لمعرفة أسباب الحريق".
بحسب المعلومات التي اطلعت عليها «الأخبار»، فإن ورشة الحدادة الخاصة بـ أ. خ. اعتادت العمل في المرفأ بسبب تعاقد عدد من مستأجري الباحات في السوق الحرة معها. وقد دخل عمالها أمس للقيام بأعمال قصّ حديد وتلحيم بناءً على طلب ج. ح. الذي يستأجر باحة من إدارة المرفأ في منطقة السوق الحرة، حيث بنى عدداً من العنابر التي يؤجّر مساحات فيها للشركات. الهدف من ورشة الحديد، على ما تردد، كان إزالة العوارض الحديدية التي سقطت على البضائع من جرّاء انفجار المرفأ، تمهيداً لإخراجها. بدأت الأعمال بالاستعانة بمعدات تنتج شرارات نارية. وتبيّن أنها كانت تجري فوق براميل زيت ومئات الإطارات ومواد التجميل السريعة الاشتعال. كل تلك المواد الخطرة لم تسترع اهتمام أحد؛ لا من أعطى الإذن بالعمل ولا من حصل عليه. هكذا ببساطة، انطلقت الأعمال من دون الاتعاظ من كارثة المرفأ. فلا أزيحت المواد الخطرة ولا اتخذت إجراءات وقائية، كالاستعانة بمهندس للإشراف على الورشة أو الاستعانة بفوج الإطفاء لمواجهة أي حالة طارئة.
واضافت الصحيفة "من شرارة اندلع حريق استمر لساعات طويلة، وأدى إلى تكون سحب سوداء في سماء في بيروت، كما أدى إلى هرب عدد كبير من القاطنين من المناطق المحيطة خوفاً من انفجار جديد. ومع إطفاء الحريق في ساعة متأخرة من ليل أمس، كان قد قضى على كل المواد الموجودة في العنابر الرقم 15 و16 و17، والتي تحتوي على بضائع بقيمة 4.4 ملايين دولار، وتشمل: إطارات السيارات، مواد التنظيف، مواد تجميل وعطور، مواد غذائية، مشروبات كحولية، آلات صناعية ومواد طبية، وأخرى كيميائية (هيدروكسيد الصوديوم) تستعمل في الصناعات الغذائية وفي صناعة الأدوية وأدوات التنظيف".
واشارت إلى أن الحريق استدعى اجتماعاً طارئاً للمجلس الأعلى للدفاع، دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون. وبعد كلمتين لكل من عون والرئيس حسان دياب، أكدا فيهما ضرورة الإسراع في كشف المسؤولين عن الحريق ومحاسبتهم، توالى الوزراء المعنيون وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية على شرح واقع المرفأ، من دون التطرق بالتفصيل إلى ما جرى أمس، لكن مع الحديث عن الإجراءات الواجب اتخاذها لمنع تكراره، فضلاً عن تدابير مستقبلية وتعليمات عامة لتنظيم العمل في المرفأ في إطار المحافظة على السلامة العامة. كما طلب الى الأجهزة المعنية وإدارة المرفأ الكشف على محتويات العنابر والمستوعبات الموجودة في المرفأ حالياً والتدقيق فيها، للتأكد من طبيعة المواد الموجودة في داخلها ومدى خطورتها، خاصة بعد الشك في أن لا تكون البضائع الموجودة هي نفسها المحددة في المانفستو الجمركي.
وقالت "عرض رئيس المرفأ باسم القيسي تقريراً أشار فيه إلى أن الحريق اندلع في المنطقة الحرة في المرفأ على أرض مستأجرة من شركة bcc logistics. وكان عمال يقومون بصيانة للسقف وتلحيمه في أماكن عديدة، وتساقطت شرارات التلحيم على مستودعات فيها مواد غذائية وزيوت ودواليب ومواد تجميل سريعة الالتهاب. وأشار إلى أن الزيوت عائدة للصليب الاحمر الدولي واليونيفيل. وتبين أن الإهمال ناتج عن عدم اتخاذ صاحب المستودع الاحتياطات اللازمة، ولم يطلب الحصول على إذن بعملية التلحيم. ونوقشت الإجراءات الواجب فرضها على المستودعات التي تحوي مواد خطرة، وأيضاً جرى نقاش مطول في الاجراءات الكفيلة بمنع أي حادثة خطرة مماثلة. واقتُرح إنشاء جهاز أمن مرافئ. كما تبين وجود 49 مستوعباً تحتوي على مواد قابلة للاشتعال ستجري اليوم معالجة وضعها مع أصحابها أو تلفها. أما المستوعبات غير الخطرة فسيطلب الى أصحابها تسلمها ومعالجة وضعها. واقترح عون تأليف لجنة برئاسة الوزير ميشال نجار وعضوية ممثلين عن الاجهزة الامنية في المرفأ ومن إدارته من أجل وضع تنظيم جديد للعمل داخل المرفأ وتحديد المسؤوليات، أي وضع آلية تنظيمية. ومن ضمن المقترحات إنشاء جهاز أمن المرافئ.
"البناء": حريق المرفأ: مخاوف تخريب لتحفيز التحقيق الدوليّ
من جهتها صحيفة "البناء" قالت إنه "في المنطقة موعد قريب لتوقيع الاتفاقية بين كيان الاحتلال ودولة الإمارات برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تحادث هاتفياً مع الملك السعودي، ليخرج “مبشراً” بأن السعودية لن تتأخر عن الالتحاق بمسيرة التطبيع، بينما الجامعة العربية تسقط مشروع القرار المقدم من ممثل فلسطين لإدانة التطبيع الإماراتي".
ولفتت إلى أنه في لبنان حريق جديد في مرفأ بيروت شغل العاصمة واللبنانيين وأعاد الهلع الذي تولد من ذكريات يوم التفجير، بينما في الذاكرة استحضار للاغتيالات التي رافقت مسعى فرض تشكيل المحكمة الدولية، وتساؤل عما إذا كان التحقيق الدولي يستدعي تكرار الحرائق، ما يعني إبقاء فرضيّة الحريق المدبّر كما التفجير المدبّر على الطاولة، ولو كانت أدلة الإثبات صعبة كما هو الحال مع كل عمل مخابراتي محترف وعالي الدقة، لكن التوقيت والسياق السياسي سيبقي الفرضية على الطاولة، خصوصاً عندما يظهر أن لبنان تحت المجهر الأميركي رغم الانشغال الانتخابي الذي يجري ملء أيامه بضغوط تستهدف لبنان، مرة بتعليق الاتفاق حول الترسيم البحري طلباً لمزيد من التنازلات، ومرة بعقوبات ضاغطة لتزخيم هذا الطلب.
وأشارت إلى أن مجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد لبحث الحريق بطلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مستهجناً الحريق الكبير في المرفأ، واضعاً فرضية التخريب كأحد الاحتمالات، قرر تشكيل مكتب لأمن المرفأ على شكل مكتب أمن المطار، منعاً للفوضى في الصلاحيات بين الأجهزة والهيئات الإدارية المعنية بالمرفأ.
وتطرقت الصحيفة إلى الشأن الحكومي، فقالت إن الملف الحكومي دخل في غرفة الإنعاش مع مصاعب يعرفها المعنيون بالملف الحكومي رغم عدم اعترافهم بها، تعكسها حال الغموض وانقطاع الاتصالات كتعبير عن المأزق، مع تسريبات إعلامية تنقل مناخات تتحدث عن حكومة أمر واقع بعددها وتشكيلتها وتوزيع الحقائب فيها، وتضع فرضيتي قبولها من رئيس الجمهورية ونيلها الثقة على قاعدة عدم التعطيل وترك الحكومة تخوض معركة إثبات أهليتها في إدارة الملفات التي يعتقد ممثلو الكتل النيابية أنّها تحتاج لشراكة وطنيّة جامعة وإدارة سياسية بامتياز، وتصف دعوات إبعاد السياسة عن الحكومة والوزراء بالهرطقة التي تخفي نيات حكومة لون واحد مموّهة باسم الاختصاصيين، بمثل التوصيفات التي أطلقها الذين قاموا بتسمية الرئيس المكلف كمرشح توافقي لتشكيل حكومة جامعة بدلاً من الحكومة التي قالوا عنها إنها حكومة لون واحد مموّهة باسم التكنوقراط.
ولفتت إلى أن غرفة الإنعاش الحكومية انعقدت في باريس، في لقاء ضم مدير المخابرات الفرنسية السفير السابق برنار إيميه، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وسط تكتم من الطرفين حول النتائج. وقد نقل اللواء إبراهيم حصيلة المشاورات لرئيس الجمهورية فور عودته، ونقلت مصادر متابعة تفاؤلاً رئاسياً بالتوصل قريباً لتشكيلة حكومة ترضي الجميع، لكن المصادر قالت إن الوضع زاد تعقيداً في ظل العقوبات الأميركية التي طالت فريق الثامن من آذار، الذي وجد نفسه معنياً من باب الاحتياط بدرس خيار البقاء خارج الحكومة إذا كان المطلوب ترويضه وإخضاعه لدفتر الشروط الأميركي، ولتتحمّل الحكومة مسؤولية مواجهة التحديات من ترسيم الحدود إلى الأزمات المالية، وسيكون عندها الخيار هو مراقبة عمل الحكومة ومحاسبتها سواء في المجلس النيابي أو في الشارع إذا اقتضى الأمر.
حريق المرفأ
وقالت الصحيفة إنه فيما كانت الأنظار منصبّة على قرار العقوبات المالية الأميركية على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وتداعياته المحتملة على الساحة السياسيّة الداخلية لا سيما ملف تأليف الحكومة، خطف الحريق الكبير الذي اندلع في مرفأ بيروت الأضواء السياسية والإعلامية والشعبية، حيث كانت عدسات الكاميرات تنقل الوقائع الميدانية لتطور الحريق مباشرة على الهواء لترسم علامات استفهام حول الأسباب الحقيقية للحادث والأهداف والجهات المستفيدة منه واحتمال أن يكون حادثاً عرضياً ناتجاً عن خطأ تقني أم مفتعلاً كما قال رئيس الجمهورية ميشال عون أمس. وفي مطلق الأحوال فإن ذلك لا يلغي مسؤولية الجهات المختصة المسؤولة عن إدارة وأمن المرفأ وتقصيرها وإهمالها في هذا الحادث وغيره.
واضافت "لم ينفض مرفأ بيروت عنه غبار تفجير الرابع من آب الماضي، حتى اندلع حريق كبير في مستودع للزيوت والإطارات في السوق الحرة في مرفأ بيروت، بقيت أسبابه مجهولة في الساعات الأولى مع مخاوف عمال المرفأ والمواطنين في المناطق القريبة من حدوث انفجار قبل أن يعلن وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار أن «المعلومات الأولية تفيد بأن أحدهم كان يقوم بورشة تصليح مستخدماً «صاروخ» ما أدّى الى تطاير شرارة واندلاع الحريق». ولفت نجار الى أن «الحريق اندلع في مستودع بعيد عن العنبر رقم 12».
وتابعت انه فيما أفيد أن سبب الحريق حصل بعدما طلبت إحدى شركات الإطارات من إدارة المرفأ سحب بضاعة تعود لها موجودة في المرفأ قبل حصول تفجير 4 آب فحضر عمال تلحيم لتخليص البضاعة من أحد العنابر فقاموا بقص أحد الحواجز الحديدة بصاروخ التلحيم ما أدى الى تطاير شرارة نار الى هذه المواد واشتعالها، وتساءلت مصادر مراقبة كيف يسمح لعمال صيانة وتلحيم الدخول الى المرفأ والقيام بأعمال تلحيم وتخليص بضاعة من داخل عنابر مهدّمة من دون رقابة أمنيّة وإدارية وفنية والتأكد من عدم وجود مواد قابلة للاشتعال قريبة من مكان التلحيم؟
وبحسب مصادر ميدانية فقد سُمعت أصوات إنفجارات صغيرة في مكان الحريق وعن وجود أدوات كهربائية ومواد غذائية في المستودع. وأعلن الصليب الأحمر الدولي أن المستودع الذي احترق في مرفأ بيروت يحتوي على آلاف الطرود الغذائية و500 ألف ليتر من الزيوت.
كما أفادت معلومات الصحيفة عن وجود مواد ملتهبة سريعة الاشتعال كالمطاط والزيوت ما استدعى تعاملاً استثنائياً مع الوضع من قبل أفواج الإطفاء من خلال زيادة مادة الرغوة الى المياه ما يكون طبقة عازلة من أجل منع الاوكسيجين عن النيران، وبالتالي المساعدة في عمليات إخماد الحريق.
مجلس الدفاع الأعلى
واشارت الصحيفة إلى أنه عقب اندلاع الحريق دعا الرئيس عون المجلس الاعلى للدفاع للانعقاد في قصر بعبدا بحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء المختصين وقادة الاجهزة الامنية والعسكرية والقضائية. وأكد الرئيس عون في مستهل الاجتماع أنه «لم يعد مقبولاً حصول أخطاء اياً يكن نوعها تؤدي الى هكذا حريق خصوصاً بعد الكارثة التي تسبب بها الحريق الأول». ورأى أن «حريق اليوم قد يكون عملاً تخريبياً مقصوداً او نتيجة خطأ تقني او جهل او إهمال، وفي كل الأحوال تجب معرفة السبب بأسرع وقت ومحاسبة المسبّبين». وشدد عون على أن «العمل اليوم يجب أن ينصبّ على درس الإجراءات الفعالة لضمان عدم تكرار ما حصل».
وطلب المجلس من الأجهزة المعنية وإدارة المرفأ التدقيق والكشف على محتويات العنابر والمستوعبات الموجودة في المرفأ حالياً. وعرض المجلس مسألة البضائع والمواد الموجودة في المستودعات في المرافئ والمطار، لا سيما الخطرة منها، والتي يتوجب تلفها او التخلص منها وفقاً للأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، تفادياً لأي حوادث كارثيّة قد تحصل من جراء خزنها.
وقرّر المجلس بحسب المعلومات إنشاء مكتب أمن المرفأ لتوحيد الجهود الأمنيّة تحت أمرة واحدة شبيهة بأمن المطار، فيما دعت مصادر سياسيّة الى أن يتسلم الجيش إدارة المرفأ. وإذ رأى البعض أن الحريق مفتعل للعبث بمسرح جريمة تفجير بيروت وطمس بعض الأدلة وبعض ملفات الجمارك المهمة، رأى البعض الآخر أنه خطوة أخرى لاستكمال القضاء على مرفأ بيروت، لكن المعلومات وفق التحقيقات الأولية تستبعد فرضية العمل المدبّر، مشيرة الى أن أجهزة التحقيق الأمنية والقضائية اللبنانية والدولية انتهت من مسح المرفأ وأخذ العينات والأدلة الجنائية الخاصة واللازمة بتفجير المرفأ وبالتالي لا مصلحة لأحد بإحداث حريق لإخفاء أدلة معينة.
تحقيقات تفجير المرفأ
واشارت "البناء" إلى أن المحقق العدلي القاضي فادي صوان كان قد أنهى استماعه الى إفادتي وزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا كشاهدين في جريمة انفجار المرفأ على أن يستمع خلال أيام الى افادة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي كان موجوداً في باريس. وأفادت المعلومات أن وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال طلبت أمس، من هيئة التفتيش القضائي التحقيق مع مَن يلزم بشأن التسريبات المتواصلة للتحقيقات في ملف انفجار المرفأ لجلاء واقع حال التسريب وترتيب النتائج.
لا تقدّم حكومياً
وفي الملف الحكومي، قالت الصحيفة "لم يسجل الملف الحكومي تقدماً قبيل أيام من انتهاء المهلة الفرنسية وسط تضارب في المعلومات بين أجواء ايجابية تتحدث عن شبه اتفاق بين الرئيس عون والرئيس المكلف على بعض النقاط الأساسية لتأليف الحكومة تترجم بزيارة لأديب خلال أيام لعرض تشكيلته الأولى على رئيس الجمهورية، وبين أجواء سلبية تتحدث عن تصلب في الموقف لدى عون وأديب فضلاً عن تمسك الثنائي أمل وحزب الله بحقيبة المال من الحصة الشيعية ما سيدفع الرئيس المكلف الى الاعتذار، حيث نقل عنه أنه جدّي في الاعتذار".
وأشارت معلومات “البناء” الى تدخل فاعل لرؤساء الحكومات السابقين مع الرئيس المكلف في عملية التأليف الى جانب ضغط فرنسي كبير على السياسيين اللبنانيين.
وقالت "البناء" إن انشغال رئيس الجمهورية بمتابعة مستجدات حريق المرفأ وترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، دفع بالرئيس المكلف إلى تعديل موعد زيارته التي كانت مقررة الى بعبدا بعد ظهر أمس، بحسب معلومات “البناء” لاطلاع رئيس الجمهورية على شبه تشكيلة وضعها للحكومة تتضمن مجموعة من الأسماء، وتوقعت المصادر أن يتوجه أديب غداً السبت الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية لاطلاعه على التشكيلة؛ وفي حال وافق عون ستعلن مراسيم التأليف نهار الأحد أو الاثنين على أبعد تقدير، أما إذا طلب إدخال تعديلات ورفضها أديب فربما ننتقل الى جولة مفاوضات تأليف جديدة أو اعتذار الرئيس المكلف. وأحد الاحتمالات التي يتم تداولها في الكواليس والمستبعدة حتى الآن هي أن يوقع عون مرسوم تأليف الحكومة بلا مشاركة الأحزاب، لكن معلومات “البناء” تتحدث عن أجواء ايجابية وعن تسوية حكومية يجري طبخها في مطبخ التأليف من 22 أو 24 وزيراً ولكل وزير حقيبة كما يريد عون وإرضاء الرئيس نبيه بري بأن تبقى وزارة المالية مع حركة أمل مع تردد لإسم طلال فيصل سلمان غير المنتمي الى جهة حزبية ومن أصحاب الكفاءات وقريب من المجتمع المدني. ونُقل عن الرئيس بري استعداده لطرح مجموعة أسماء للمالية على الرئيس المكلف على أن يختار من بينها مَن يشاء. لكن في حال إعطاء المالية لحركة أمل ستتجه الطوائف والأحزاب الأخرى إلى التمسك بالحقائب السياديّة الأخرى كالخارجية والداخلية والدفاع ما سيزيد الأمور تعقيداً لكون الرئيس المكلف بحسب معلومات “البناء” مصراً على اختيار وزراء للوزارت السيادية والأساسية والحساسة والمختصة تحديداً ببرنامج الإصلاح وبدعم فرنسيّ قويّ.
واشارت إلى أنه كان اللواء عباس إبراهيم أنهى في باريس مهمة كلفه بها رئيس الجمهورية بلقاء خلية الازمة في قصر الاليزيه المكلفة الملف اللبناني. وعقد ابراهيم في يوم واحد سلسلة لقاءات لا سيما مع السفيرين برنار ايمييه وايمانويل بون تتعلق بمسار المبادرة الفرنسية من مختلف وجوهها لا سيما الشق المتعلق بتشكيل الحكومة. وفور عودته زار إبراهيم رئيس الجمهورية واطلعه على نتائج مباحثاته مع ايميه والفريق المكلف متابعة المبادرة الفرنسية، لا سيما ما وصله مسار تشكيل الحكومة. ونقل ابراهيم الى الرئيس عون اهتمام فرنسا بمتابعة ما اتفق عليه خلال زيارة ماكرون خصوصًا لجهة الإسراع في تشكيل الحكومة التي يجب ان تضم اختصاصيين في مجالاتهم لا يلقون معارضة من ممثلي الأحزاب.
ولفتت مصادر “البناء” الى أن الحكومة ستولد في وقت قريب لوجود ضغط فرنسي كبير على جميع القوى السياسية مرفق بالتهديد بسيف العقوبات وما يعزز ذلك ما نقل عن مصدر رئاسي فرنسي بأن الرئيس امانويل ماكرون يتابع عن كثب جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.
وكشف المصدر الرئاسي الفرنسي أن «العقوبات على مسؤولين لبنانيين غير مستبعدة ولن تبدأ إذا حصل تقدم بتشكيل الحكومة»، وأشار إلى تاريخ المؤتمر الدولي حول لبنان في تشرين الاول مرتبط بتشكيل حكومة لبنانية.
وأكد المصدر أن المعلومات الإعلامية عن إلغاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان في كانون الاول غير صحيحة.
"النهار: المرفأ لعنة مشبوهة
أما صحيفة "النهار" فعلقت على حريق المرفأ، بالقول إنه "اذا كان الانفجار شكل العلامة القاطعة على ثبوت فشل الدولة، فان الحريق شكل الحكم القاطع على انحلال بقايا قدراتها ووظائفها وأجهزتها كافة في إدارة المرافق العامة. في اقل الاحتمالات وابسطها وقبل التوغل في أخطرها شكل حريق المنطقة الحرة في مرفأ بيروت امس بعد شهر وستة أيام فقط من الانفجار المزلزل في المرفأ تطورا خياليا كاد يستحيل على اللبنانيين ان يصدقوا مجرياته فيما هم لا يزالون تحت صدمة التداعيات المرعبة لانفجار 4 آب".
واضافت أنه "بعد شهر وستة أيام فقط كاد الرعب الذي اجتاح بيروت امس يتجاوز ذاك الذي اصابهم في الزلزال الأول على رغم مرور حريق البارحة من دون التسبب باي ضحايا ولا بأضرار في الممتلكات خارج اطار مكان الحريق. ذلك ان الذعر الذي انتاب الناس تحت وطأة التجربة المرعبة الأولى بدا مبررا بالكامل وسط التساؤلات والشكوك والريبة المتسعة على أوسع نطاق عما يمكنه ان يتصور دولة في العالم يجري فيها ما يجري في لبنان ولا تزال الطبقة الحاكمة قابعة فوق كراسيها تبحث في جنس المحاصصات السلطوية والوزارية وبقايا البقايا من المؤسسات، والمرافق تنهار تباعا تحت حكمها. هذا الذي جرى في مرفأ بيروت امس مع حريق واسع بدأ في مستودع للزيوت والإطارات ومن ثم اتسع ليجتاح بنيرانه المنطقة الحرة في المرفأ وتسبب دخانه الكثيف مدى اكثر من سبع ساعات بتلويث بيئي وصحي خطير لأجواء العاصمة وضواحيها، يتجاوز الوصف الفضائحي الى التصنيف الجنائي أيا تكن الأسباب التي أدت الى اندلاع الحريق".
واشارت الصحيفة إلى أن "منطقة المرفأ التي حلت عليها لعنة الشؤم في 4 آب المنصرم شهدت مذذاك تدفقا عالميا بانوراميا غير مسبوق للمساعدات والسفن والبعثات والجنود والبوارج وحتى الزعماء كالرئيس ايمانويل ماكرون والموفدين الديبلوماسيين الرفيعي المستوى من دول كثيرة. هذه البقعة كان يجب ان تتحول بفعل الكارثة الى احدى اكثر البقع في العالم إحاطة بالامن الحديد في داخلها وخارجها سواء بسواء. فاي تفسير اذن لاندلاع حريق جديد بهذه الضخامة امس وسط ترداد المعزوفة التبريرية إياها التي ترددت بعد انفجار العنبر رقم 12 بعمليات تلحيم غالبا ما تجد من يتلقفها ويطلقها عبر الاعلام لذر الرماد في العيون وربما تمويه الحقيقة وحرقها في مرفأ بيروت ؟ أهو انعدام الكفاءة لدى كل الأجهزة ام التهاون إياه في المراقبة والتشدد ام انه التواطؤ الاجرامي وافتعال الحرائق والانفجارات لدفع لبنان قدما نحو حريق وطني شمولي لا احد يدري ماذا سيبقى من لبنان بعده ؟ اطلق الحريق امس العنان على أوسع مدى امام افدح التفسيرات المسكونة بالريبة والشبهات حتى في السلطة او متورطين في الانفجار الأول ومنها انه افتعل لدفن إثباتات تتصل بذاك الانفجار او لمآرب أخرى لا تقل خطورة، فيما بدت الأجهزة الأمنية كما القضاء امام ارباك هائل اين منه الساعات السبع على الأقل التي كابدت فيها فرق الإطفاء والدفاع المدني وطوافات الجيش بعناء شديد السيطرة على الحريق".
وقالت "النهار"، "لم يكن ينقص هذه الموجة الواسعة من الشكوك سوى كشف الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة لـ"النهار" مساء امس ان الحريق اندلع في مستودع خاص باللجنة الدولية للصليب الأحمر حيث كانت تخزن مساعدات. وقد فاقم ذلك الريبة حيال أسباب الحريق ودوافعه بعدما كانت تصريحات عدة لمعنيين عزت الحريق الى عملية تلحيم قطع حديد باستخدام آلة "الشاليمون" كانت تجري قرب مستودع للزيوت والإطارات".