معركة أولي البأس

 

لبنان

عقوبات أمريكية على خليل وفنيانوس.. وأديب ناقش الحكومة مع عون 
09/09/2020

عقوبات أمريكية على خليل وفنيانوس.. وأديب ناقش الحكومة مع عون 

في خضم الأزمات التي تعصف بلبنان، وفي ظل السباق مع الوقت لتأليف الحكومة، خطف الأضواء مساء أمس قرار وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على وزير المال السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس بتهم دعم حزب الله والفساد، بحسب الإدارة الأمريكية.
على خط الحكومة، التقى الرئيس المكلف مصطفى أديب برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوضعه بصورة آخر المستجدات، على أن الأيام المقبلة كفيلة بانجلاء الصورة لشكل الوزارة العتيدة المرتقبة، مع ترجيحات أن يكون عدد الوزراء فيها بين 14 و24 وزيرا.


"الأخبار": عقوبات أميركية على خليل وفنيانوس
حطّت العقوبات الأميركية، أمس، فوقَ بركان الانهيار المالي الذي تتشابك خيوطه مع مخاطِر اقتصادية واجتماعية وصحية، وأزمة حكومية. واستعاد لبنان، البعد السياسي للخناق الاقتصادي الكامل الذي تريد الولايات المتحدة الأميركية إطباقه حول لبنان بذريعة تطويق المقاومة، ليسَ باستهداف شخصياتها وحسب، بل بليّ ذراعها من خلال حلفائها، لقلب المشهد على الساحة الداخلية. وللمرة الاولى، تصل العقوبات إلى سياسيين رفيعي المستوى من حلفاء الحزب، ومن الذين يُعتبرون صلة وصل أساسية بينه وبين حلفائه وأصدقائه، كما الحزب وخصومه على الساحة السياسية. ولم يكُن أدل على ذلِك، سوى ما قاله مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر تعليقاً على العقوبات بأنها «رسالة الى كل من يتعامل من الحزب».

مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية (أوفاك) فرض عقوبات على المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس «لتعاونهما مع حزب الله وضلوعهما في عمليات فساد» ضمن قانون مكافحة الارهاب، مؤكداً «معاقبة كل سياسي لبناني يساعد حزب الله». وقالت وزارة الخزانة إن «خليل وفنيانوس ما زالا فاعلين رغم خروجهما من الحكومة»، وإن «بعض السياسيين اللبنانيين استخدموا أبواباً خلفية لعقد صفقات مع حزب الله من أجل منافع شخصية على حساب الشعب اللبناني». هذه العقوبات المقررة مسبقاً، حاول المكتب ربطها بعمليات فساد وتفجير مرفأ بيروت لإعطائها شرعية، علماً بأنها رسالة سياسية بامتياز للحزب وحلفائه. قالها شينكر بالفم الملآن أمس: «يجب أن تكون هناك سياسات مختلفة».

كما أن هذه العقوبات تُعد رسالة تهديد شخصية لكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية بأن تحالفهما مع حزب الله يضعهما في دائرة الاستهداف من قبل واشنطن، فالمستوى الذي طالته العقوبات هذه المرة يؤكّد أن واشنطن أطلقت محركات التصعيد داخل لبنان. ومن المعنيين بهذه الرسالة أيضاً، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والنائب جبران باسيل. تقول لهما واشنطن إن التعامل مع باسيل لن يكون مختلفاً عن التعامل مع فنيانوس وخليل، في حال قرر رئيس التيار الوطني الحر الاستمرار في التحالف مع الحزب. عقوبات يوم أمس هي محطة مفصلية في الحرب الأميركية على المقاومة، لجهة السعي إلى عزلها في الداخل، بعد ممارسة الضغوط القصوى على عدد من الدول الأوروبية، كألمانيا، لتصنيف الحزب منظمة إرهابية. وليس أدل على الجهود الأميركية المبذولة ضد المقاومة من اتفاقية التطبيع بين صربيا وكوسوفو التي وقعتها الدولتان في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي. ففي الاتفاق الذي رعاه دونالد ترامب، تمكّنت الإدارة الأميركية من فرض بند وقّع عليه رئيسا الدولتين البلقانيتين، تعهدا فيه بتصنيف حزب الله منظمة إرهابية!

وفيما يرى مراقبون أن قرار العقوبات الأميركية على خليل وفنيانوس يناقض المسعى الفرنسي لتأليف حكومة، أكّد سياسيون رفيعو المستوى أن القرار الأميركي يأتي في سياق ضغوط مكمّلة لمبادرة ماكرون. فواشنطن وباريس، وبصرف النظر عن اختلاف السياسات التي تنتهجها كل منهما وعن المدى الذي تريد كل من العاصمتين بلوغه، تهدفان إلى إضعاف حزب الله وحلفائه. والعقوبات سلاح تستخدمه واشنطن، فيما تلوّح به باريس، للضغط على القوى غير الموالية للغرب في لبنان. وفي مقدور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، استخدام عصا العقوبات الأميركية للضغط على مختلف القوى السياسية للسير بما يريده.

مكتب الخزانة الأميركي اتهم حزب الله باستغلال علاقته مع المسؤولين اللبنانيين، بمن فيهم فنيانوس، لسحب أموال من الميزانيات الحكومية، وتجيير عقود مع الدولة لصالح شركات مرتبطة بالحزب، وأن الأخير منح فنيانوس مئات الآلاف من الدولارات مقابل خدمات سياسية. وقال مكتب الخزانة إن «فنيانوس يلتقي بوفيق صفا أحد قياديي الحزب، وساعد حزب الله في الوصول إلى وثائق قانونية حساسة متعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وعمل كوسيط بين الحزب وبعض السياسيين». وإضافة الى أنشطته مع الحزب، «انخرط فنيانوس في عمليات فساد، وذلك أثناء توليه منصبه كوزير للنقل من خلال تحويل أموال لدعم حلفائه وتقديم الامتيازات لهم».

أما الوزير خليل فهو، بحسب ما صنّفه مكتب الخزانة، «كانَ واحداً من المسؤولين الذين استخدمهم الحزب لتحقيق مكاسب مالية». وقال إن «حزب الله عقد مع خليل اتفاقاً قبل فترة وجيزة من الانتخابات النيابية الأخيرة، حيث كان خليل مستعداً لتلقّي الدعم مقابل نجاحه. كما عمل خليل على نقل أموال للالتفاف على العقوبات وضمان عدم فرضها على مؤسسات أو وزارات تابعة للحزب. كما استخدم منصبه كوزير مالية في محاولة لتخفيف القيود المالية على الحزب كي لا يواجه الأخير صعوبات في نقل الأموال، وقد أعفى أحد المسؤولين أو المنتسبين للحزب من دفع الضرائب على الإلكترونيات المستوردة الى لبنان. ومنذ العام 2019 رفض خليل التوقيع على شيكات مستحقة الدفع للموردين الحكوميين في محاولة منه للحصول على عمولات، وكان يطالب بنسب من العقود له مباشرة».

شينكر: لم نصِل الى اتفاق بشأن ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل

وبعد إعلان العقوبات على الوزيرين خليل وفنيانوس التي ستشمل تجميد الأصول، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن بلاده «ستُعاقب كل سياسي لبناني يساعد حزب الله»، كما «سنُحاسب أي شخص يساعد حزب الله على تنفيذ أجندته الإرهابية»، بينما لفت مساعده ديفيد شينكر، في إيجاز صحافي، إلى أن «العقوبات سببها توفيرهما الدعم لحزب الله، ولذلك يجب أن يتحملا المسؤولية والعقوبات»، مشيراً الى أن «خليل وفنيانوس قدّما دعماً ماديا لحزب الله وكانا منخرطين في توفير الدعم السياسي والاقتصادي له، إضافة الى انخراطهما في الفساد في لبنان».

أما في ما يتعلّق بالحكومة فقال «إننا نختلف مع الحكومة الفرنسية في ما يتعلق بوجود جناح سياسي للحزب، نحن نعتبر أنه تنظيم إرهابيّ»، وأضاف «نحن نركّز على المبادئ أكثر من الأشخاص، ونريد أن يتحمّل الفاسدون مسؤولية أفعالهم وأن تتمّ محاربة الفساد»، وإذا «التزمت الحكومة بهذه الأمور، فنحن نتطلع الى العمل معها»، مشدداً على أنه «يجب أن لا يكون هناك تدخل خارجي في تأليف الحكومة. الفرنسيون حاولوا دفع الأمور، ونحن على تنسيق معهم. وأكد شينكر «أننا لم نصل الى اتفاق بشأن ترسيم الحدود. ديفيد ساترفيلد قضى سنة كاملة بين لبنان وإسرائيل محاولاً الوصول الى إطار عمل لبدء المفاوضات. هذا الأمر كان يجب أن ننتهي منه منذ وقت طويل، لأنه سيفتح المجال أمام لبنان وإسرائيل لتحقيق التقدم».

 

"اللواء": عقوبات أميركية على خليل وفينانوس.. وضغوطات فرنسية لاستعجال التأليف 
وطغى قرار الخزانة الأميركية فرض عقوبات تقضي بتجميد الأصول والعقارات، على كل من وزير الاشغال السابق في حكومة الرئيس  سعد الحريري الأخيرة يوسف فنيانوس (تيّار المردة الذي يترأسه النائب السابق سليمان فرنجية) ووزير المال السابق في الحكومة نفسها علي حسن خليل (وهو نائب في كتلة التنمية والتحرير، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب) علي ما عداه، بعد وقت قصير جداً، من انتهاء اللقاء في قصر بعبدا ين الرئيسين ميشال عون والرئيس المكلف مصطفى اديب، أطلعه خلاله على نتائج المشاورات التي يجريها لتشكيل الحكومة.

بدأ اللقاء عند الرابعة من بعد ظهر أمس، وقال بعده اديب: «نحن في مرحلة التشاور مع فخامة الرئيس، وان شاء الله كل الخير».

وعلمت «اللواء» من مصادر رسمية ان اللقاء بين الرئيسين عون وأديب تناول بشكل عام ومن دون تفاصيل، كل الامور المتعلقة بتشكيل الحكومة، من العدد الى المداورة بالحقائب، والاهم ما هي مهام الحكومة واولياتها والقضايا الملحة التي تنتظرها للبت بها سريعاً، حيث انه في ضوء المهام والاولويات سيتم اختيار الوزراء كل وزير في المكان المناسب، وكما سيتقرر ما اذا كان الافضل ان يكون للوزير حقيبة واحدة أو حقيبتين. ولم يعرض الرئيس اديب اي صيغة او تشكيلة حكومية، كما لم يتطرق البحث الى اسماء الوزراء.

واضافت المصادر: ان الرئيس اديب سيواصل خلال اليومين اتصالاته ومشاوراته للتوصل الى رؤية كاملة، يلتقي بعدها الرئيس عون قبل نهاية الاسبوع، لعرض الامور بشكل اكثرتفصيلاً.

واكدت المصادر «انه لا تباين بين الرئيسين حول الرؤية العامة للحكومة العتيدة، بل بالعكس، هناك تفاهم حول مجمل الامور وتناغم في الافكار، وكل الامور يجري بحثها بهدوء للتوصل الى الخيارات الافضل».

وحول المدة المفترض ان تنتهي فيها التشكيلة، اوضحت المصادر انها يُفترض ان تكون قريبة ولو تأخرت اياماً قليلة عن مهلة الاسبوعين التي جرى الحديث عنها.   

وأشارت معلومات مصادر اخرى، إلى أن مشكلة عدد الوزراء في الحكومة لن تكون عائقا أمام التأليف والموضوع قابل للنقاش عند كل الاطراف.

وتتحدث بعض المعلومات عن ان الرئيس عون نصح الرئيس المكلف بأن يتصرف مرونة، ولا يضع نفسه امام تحديات، غير الممكن التراجع عنها.

وعليه، أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان اللقاء الثاني بين الرئيسين لم يحمل معه اي حسم للتشكيلة الحكومية على ان يطلق اللقاء الثالث بينهما والمرتقب في خلال هذا الأسبوع البحث المباشر في التشكيلة.

ولفتت المصادر الى ان الاجتماع بينهما امس سجل تفاهما على الاسراع في تأليف الحكومة كما على نقاط تتصل بمهمة الحكومة ومشروعها مؤكدة ان الرئيس المكلف لم يقدم اي تصور او مسودة انما اطلع الرئيس عون على الاتصالات التي يقوم بها بعيدا عن الأضواء وسط أجواء مريحة. 

وافادت ان عدد الحكومة قيد البحث وهو قابل للنقاش وفق الحاجة ولم يعلن اي من عون واديب اي تمسك بعدد معين. وفهم من المصادر ان فكرة المداورة طرحت لكن الواضح انها لا تتعلق برئيس الجمهورية او رئيس الحكومة المكلف فحسب إنما بكل الأطراف، وبالتالي هذه النقطة لم تحسم بدورها واي كلام عن حقائب خارج البحث عن التداول بالمداورة ليس معروفا بعد. وأوضحت ان اللقاء بين عون واديب المقبل سيكون مناسبة للبحث المعمق شكلا واسماء ومضونا. وقالت ان الرئيس المكلف سيجوجل المشاورات وسيعقد اللقاءات وهو لا يريد الأفصاح عن شيء قبل تحقيق الخرق اللازم.

من جهة ثانية رأت اوساط مراقبة عبر اللواء ان مسار التأليف يجب ان يبتعد عن الطريقة اللبنانية اي شروط وشروط مضادة وإلا فإن الحكومة لن تبصر النور ورأت ان مهلة ال ١٥ يوما لتشكيل الحكومة على وشك الإنتهاء ولذلك فإن الاجتماعات ستتكثف دون معرفة ما اذا كان هناك تمديد لها ام لا وسط توقعات بدخول فرنسي على الخط علما انه موجود بقوة.

ووصفت مصادر متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة الاجتماع الذي حصل بالامس بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة مصطفى اديب بالصريح والجدي وقد مهد الطريق لاختيار اسماء الوزراء والحقائب التي ستسند اليهم، بعد نقاش تفصيلي حول شكل الحكومة وتركيبتها.

واشارت الى ان رئيس الجمهورية جدد رغبته بان تكون الحكومة موسعة من ٢٤ وزيرا ومطعمة بسياسيين لتكون ممثلة لجميع المكونات السياسية والمجتمع المدني، فيما تمسك الرئيس المكلف باصراره على تأليف حكومة اخصائيين مصغرة من١٤ وزيرا ،تشكل فريق عمل متجانس وتمثل جميع اللبنانيين دون استثناء ومهمتها انقاذية من الازمات المتراكمة التي يواجهها لبنان حاليا.

ولدى التطرق الى كيفية توزيع الوزراء والحقائب الوزارية،  اشارت  المصادر الى رفض الرئيس المكلف اعتماد نظام المحاصصة المعمول به سابقا، لأي طرف أو جهة سياسية كانت، مشددا على ان الحكومة الجديدة تعتمد معيارا واحدا بالمداورة في الحقائب ومختلفة عن الحكومات السابقة ،باعتبارها حكومة انقاذية واصلاحية وتعبر عن مطالب المواطنين وصرخاتهم   وليست حكومة تقليدية.

وأكدت المصادر على ان الرئيس المكلف ينكب الان على مواصلة عملية التشكيل وقد يعود للقاء رئيس الجمهورية نهاية الاسبوع الجاري لاستكمال المشاورات وقد يؤدي ذلك إلى ولادة الحكومة العتيدة اذا سارت الامور على ما يرام ولم  تحصل مستجدات غير متوقعة تؤخر اصدار التشكيلة الحكومية الى وقت آخر. الا انها اشارت إلى ان هناك رغبة وتسهيلات من معظم الاطراف السياسيين لتسريع إنجاز التشكيلة الحكومية بأقرب وقت ممكن لان البلد لا يحتمل البقاء من دون حكومة جديدة تتحمل مسؤولية وضع الحلول للمشاكل والازمات الضاغطة على المواطنين.

وكشفت المصادر ان المشاورات والاتصالات جارية على قدم وساق بين مختلف الاطراف بعيدا من الاعلام لتذليل العقبات وتسهيل مهمة الرئيس المكلف  لافتة الى لقاءات عقدها النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل مع اكثر من طرف الليلة الماضية في هذا الخصوص.

الى ذلك، نقل رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمرعن الرئيس المكلف بعد لقائه ووفد الاتحاد، «كل التجاوب مع مطالب الحركة العمالية الشعبية التي تمثل السواد الاعظم من اللبنانيين، وانه يعمل بعيداً عن الاعلام من اجل انضاج تشكيلة حكومية، تكون على مستوى التحديات، خصوصا وان المرحلة صعبة وطويلة».

وقال الاسمر: ان الرئيس المكلف مصطفى اديب «اثنى على تعاون كل الافرقاء وتوافقهم على مبدأ الانقاذ الاقتصادي والمالي بعيدا عن السياسة، وحيا دور المجتمع الدولي ولا سيما المبادرة الفرنسية الداعمة لتشكيل حكومة انقاذ، مشددا على اهمية التعاون مع الاتحاد العمالي العام في المجالات كافة لحماية اليد العاملة اللبنانية وخلق فرص عمل لها، وضرورة التشاور في كل ما يتعلق بالشأن المعيشي والاجتماعي وخصوصا موضوع الدعم».

 

"البناء": أديب يلتقي عون وخريطة الطريق تنتهي بمسودة الاثنين المقبل تُحسَم خلال 48 ساعة

صحيفة "البناء" من جهتها رأت أن لبنان يحاول تلمس طريق الخروج من المأزق عبر التسوية الفرنسية التي حملها بصيغة مبادرة يقودها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، والتي ولدت تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى أديب الذي يواصل مشاوراته لبلورة خريطة طريق لولادة حكومته خلال مهلة الأسبوعين المتفق عليها مع فرنسا، والتي تنتهي الثلاثاء المقبل، ووفقاً لمصادر متابعة لمشاورات الرئيس المكلف ولقاءاته، وفي طليعتها زيارته إلى قصر بعبدا ولقاؤه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم لقاؤه بثنائي المعاونين السياسيين لكل من رئيس مجلس النواب والأمين العام لحزب الله النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، فإن اديب لا يزال يحاول استكشاف هوامش الحركة التي سيعتمدها في تشكيل الحكومة، سواء بما يخص فكرة المداورة، والهادفة فعلياً لمحاولة تسمية وزيرين للمالية والطاقة بعيداَ عن حركة أمل والتيار الوطني الحر، وعلى صلة بفرنسا التي تتطلع للعب دور في الملفين.

خريطة طريق الرئيس المكلف تقوم على وضع مسودة تشكيلة حكومية يضعها بتصرف الأطراف الرئيسية ورئيس الجمهورية مع نهاية الأسبوع، ويقوم بمواكبتها باتصالات وتنقيحات متلاحقة لتصبح نهائية خلال 48 ساعة متوقعاً النجاح بإقناع الأطراف بقبول تنازلات سيحاول الحصول عليها من الجميع لصالح ترجيح كفة إدارته للحكومة، وتفاعل الفرنسيين مع العديد من وزرائها كأصدقاء.

في هذا المناخ غير المستقر، جاءت العقوبات الأميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على خلفية موقعهما السياسي ضمن شبكة حلفاء حزب الله، لتزيد على اللااستقرار توتراً وتصعيداً، وترسم تساؤلات حول وظيفة الاستهداف الذي تعمد أصحابه توقيته قبل ولادة الحكومة، وشملوا مفاوضاً رئيسياً في الملف الحكومي، كأن المبادرة الفرنسية مستهدفة مباشرة، والحكومة الجديدة نفسها معرّضة للتفخيخ.

لفتت مصادر بعبدا من جهتها الى ان التفاهم حصل حول نقاط عدة وعدد الوزراء سيكون قيد البحث في الاجتماع المقبل خاصة أن الرئيس عون ليس متمسكاً وكذلك الرئيس المكلف بعدد محدد والأمر بالنسبة اليهما قابل للتفاوض والبحث وفق الحاجة. وشددت المصادر على ان نقاط التفاهم تتصل بمهمة الحكومة وطبيعة الأعمال والمبادئ العامة التي يجب أن تتحرك على أساسها.

وليس بعيداً قالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن تطعيم الحكومة بسياسيين قيد التداول، مشيرة الى ان المداورة تحتاج الى التشاور مع كل الأطراف وليس دقيقاً ما يُشاع ان وزارة المال هي الحقيبة الأساسية المستثناة من المداورة.

وبينما لم يجتمع أديب بعد برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، اشارت مصادر تكتل لبنان القوي الى ان التيار الوطني الحر جاهز للمساعدة ولا صحة لما يُقال إنه يضع العصي في دواليب التأليف، مشيرة الى ان المداورة يجب أن تشمل كل الحقائب من دون استثناء، متوقعة أن يتأخر التأليف الى ما بعد نهاية الأسبوع ما لم يحصل أي خرق.


"الجمهورية": الحكومة أكثر من 14 وزيراً وأقلّ من 24
ولا يزال الرئيس المكلّف مصطفى أديب ضمن المهلة المحددة فرنسيّاً بـ15 يوماً، وبمعزل عمّا إذا كانت هذه المهلة هي مهلة حَضّ أم إلزامية، فإنه لا مبرر أساساً حتى في الأوقات العادية لأن يستغرق تأليف الحكومة أكثر من أسبوعين، فكيف بالحري بعد الانهيار الحاصل الذي يستدعي تأليف الحكومة في غضون أيام لا أسابيع. فالمبادرة الفرنسية، في رأي مصادر معنية، هي فرصة للبنان من أجل الخروج من أزمته وعلى المسؤولين التقاطها سريعاً، لأنه خلاف ذلك سينزلق البلد إلى المجهول، والوقت ليس للمحاصصات ومواقع النفوذ والفراغ الطويل وعَض الأصابع والكباش السياسي، خصوصاً انّ هذا الفراغ بالذات أثّر ويؤثر على الوضع المالي، إنما الوقت هو للانقاذ الذي وضعت باريس خريطة طريقه يبدأ بتأليف سريع ولا ينتهي ببرنامج وزاري إصلاحي واضح المعالم.

ومن الواضح انّ الرئيس المكلف يعمل بصمت وجهد بعيداً عن الضوضاء من أجل تشكيل الحكومة التي تجسّد متطلبات المرحلة مالياً واقتصادياً ومعيشياً، وكل ما يسرّب يدخل في باب التكهنات والضغوط عليه وجَس نبضه بغية دفعه للخروج عن صمته، ولكنه ما زال صامداً ويجري معظم مشاوراته بعيداً عن الأضواء.

وقالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ «كل من يعتقد انه بالشروط التي يضعها على الرئيس المكلف يستطيع تحسين شروط مشاركته في السلطة، هو يعيش في كوكب آخر، لأنّ هذا النمط من الحكومات مرفوض دولياً والدليل الحكومة المستقيلة، وأي محاولة لإعادة إنتاج النسخة نفسها سيكون مصيرها الفشل ذاته، فيما يجب الخروج من التفكير المعلّب باتجاه نمط جديد واستثنائي تماشياً مع المرحلة الاستثنائية».

ولاحظت هذه المصادر انّ «وضع أديب يختلف عن وضع الرئيس حسان دياب، فهو مدعوم بمبادرة فرنسية وخط ساخن مفتوح مع الرئيس الفرنسي ينقل إليه من يضع العصي في دواليب حركته التأليفية. وبالتالي، الطرف المُعرقِل سيظهر أمام ماكرون على حقيقته، وان ّوعوده بالتسهيل لم تكن في محلها، ما يعني انه سيدخل في مشكلة مع الرئيس الفرنسي وليس فقط مع أديب. ولا يبدو انّ باريس في وارد التساهل مع المعرقلين، وليست في وارد الفشل في مبادرتها اللبنانية، وبالتالي يتكئ أديب على قوة دفع وكاسحة ألغام قادرة على تعبيد طريق التأليف بما يتوافق مع شروط المرحلة لبنانياً ودولياً، ويفسح في المجال أمام لبنان بتحقيق الإصلاحات المطلوبة تمهيداً لفتح باب المساعدات بما يعيد تدريجاً الاستقرار المطلوب». واشارت الى انّ الشعب اللبناني لن يتسامح مع كل من يمكن ان يفوِّت عليه فرصة الإنقاذ الفرنسية، وهنا بالذات تكمن قوة أديب الذي يتسلح بالعصا الفرنسية من جهة، والعصا الشعبية من جهة أخرى. وبالتالي، فإنه لن يتردد في وضع المعرقلين أمام خيار واضح المعالم: بتِمشو بشروط البلد والأزمة أو بمشي؟».

وبحسب مصدر سياسي مطلع انّ مرحلة التشكيل الفعلي قد بدأت أمس، إذ انقضى اسبوع من مهلة الـ 15 يوماً التي التزمت فيها الاطراف السياسية امام الرئيس الفرنسي لولادة الحكومة، وبَدا أنّ المدة التي استُهلِكت منها كانت للـ«تِحماية»، على حد قول المصدر، الذي اكد انّ شيئاً لم يحصل بعد، وانّ الجميع ينتظر الرئيس المكلف المُقِل بالكلام ليس فقط في الاعلام إنما ايضاً مع من يجب ان يبحث معهم في التشكيل...

وفي هذه الاجواء زار أديب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا عند الرابعة عصر أمس، وأطلعه على نتائج المشاورات التي يجريها لتشكيل الحكومة. وبعد اللقاء، اكتفى أديب بالقول: «نحن في مرحلة التشاور مع فخامة الرئيس، وإن شاء الله كل الخير». لكنه، وعند خروجه من القصر الجمهوري، نُقِل عنه قوله انّ التسريبات التي تتحدث عن تشكيلات حكومية لا اساس لها من الصحة، داعياً الى عدم التوقف عندها. واضاف: «كل ما تسمعونه من اسماء وارقام لا صحة لها».

روايتان

وتنازعت زيارة اديب لعون روايتان، الاولى أفادت بأنه لم يحمل معه الى بعبدا اي تشكيلة او مسودة او حتى تصور، لكنّ اجواء لقائه مع رئيس الجمهورية كانت جيدة لجهة التفاهم على نقاط اساسية ودخل البحث في تفاصيل التشكيل إنما من دون الحسم، وقد وعد اديب ان يعود الى بعبدا قبل «الويك إند» لاطلاع عون على مسودة حكومية كاملة من حيث الشكل والحجم وتوزيع الحقائب والاسماء، ليُصار الى التشاور حولها وجَوجلتها مع رئيس الجمهورية، بحسب ما ينص عليه الدستور، وقد اخذ مبدأ المداورة في الحقائب السيادية والاساسية الحَيّز الاكبر من البحث، وما اذا كانت وزارة المال تدخل في هذه المداورة ام تبقى خارجها كون الثنائي الشيعي يعتبرها من المسلّمات الميثاقية غير القابلة للتفاوض.

وقد طلب اديب طرح هذا الامر مع جميع الافرقاء للاتفاق على معايير موحّدة تسري على الجميع، امّا عدد الوزراء فسيحسم خلال الساعات المقبلة مع مَيل الى رَفعه الى أكثر من 14 وزيراً وخفضه الى اقل من 24، بحيث توكَل الحقائب السيادية والاساسية التي سيكون لها دور مباشر في تنفيذ الاجندة الاصلاحية الى وزير فقط، امّا بعض الحقائب التي يعتبر دورها ثانوياً في هذه الفترة فيمكن ان تدمج مع حقيبة اخرى وتسند الى الوزير نفسه. كذلك تطرق البحث الى التوزيع الطائفي داخل التشكيلة الوزارية مع تجنّب إلحاق غبن بطائفة معينة. واكد اديب لعون انه سيجري خلال الساعات القليلة المقبلة جولة مشاورات واتصالات ولقاءات مع الكتل الاساسية، لوضع تصور اولي للتشكيلة الوزارية العتيدة.

اما الرواية الثانية فأفادت بأنّ اوساط قصر بعبدا والرئيس المكلف تلاقت ليلاً على التأكيد انّ اللقاء بينهما «كان ايجابياً وظهر الارتياح على وجهَيهما، وانّ التفاهم قائم على حماية ما هو مطروح للنقاش في الكواليس قدر الامكان، بدليل انّ اتصالات الرئيس المكلف ما زالت تجري في الخفاء على قاعدة انه التقى وتحدث الى كل ما يريد ان يلتقي ويتحدث معه، من دون الإشارة الى اي أسماء. وتم الاتفاق على انّ لقاء آخر سيعقد خلال الـ 48 ساعة المقبلة للدخول في الأسماء والمزيد من التفاصيل».

من جهة اخرى لفتت اوساط الرئيس المكلف، عبر «الجمهورية»، الى انه ما زال يطالب بـ»حكومة صغيرة» وإن لم تنجح تركيبة الـ 14 وزيراً فالعشرينية هي الحد الأقصى، وقد تكون ابغض الحلال. وانّ العودة الى تركيبات ثلاثينية ليس أوانها، فالرئيس المكلف ليس مستعداً لتحَمّل تَبعات مثل هذه التركيبة الفضفاضة التي لا تحتاجها البلاد، وإذا كان الفريق صغيراً يتحقق مزيد من التضامن والتعاون، كما بالنسبة الى الفاعلية على اكثر من مستوى».

وتلاقت مصادر بعبدا مع هذه الأجواء عندما قالت لـ«الجمهورية» انّ عون «ليس مصرّاً على تشكيلة واسعة. ولكنه في الوقت عينه نصح الرئيس المكلف وتمنى عليه مواصلة الاتصالات والمشاورات التي يجريها ليبني عليها النتائج التي تقود الى الصيغة الملائمة». واكدت «ان القرار موجود لدى الطرفين بالتفاهم والتعاون على مواجهة المرحلة المقبلة قياساً على اهميتها وخطورتها، فالبلد لا يتحمل المناكفات وانّ التوصّل الى فريق عمل حكومي متضامن هو سلاح مهم لا يجب ان يستخف به أحد».

وفي جانب من اللقاء تناول البحث المهمات التي تنتظر الحكومة، فهي في معظمها باتت مرسومة بدقة نتيجة التطورات الناجمة عن تفجير المرفأ، والحاجة الى معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي وترميم علاقات لبنان مع الخارج، خصوصاً مع الدول المانحة عبر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يجب ان تكون اولوية لاستعادة الثقة الداخلية والاقليمية والدولية. فالجميع يعرف ما هي النقاط التي يجب مقاربتها لإحياء واستعادة هذا الحوار في أسرع وقت ممكن، من النقطة التي تم التوصّل اليها من قبل، مع الإصرار على حسم الموقف الرسمي من مقتضياته لجهة توحيد أرقام الخسائر في القطاع المصرفي واقرار قانون «الكابيتال كونترول» والاصلاحات الاولية المطلوبة، والتي باتت على كل جداول اعمال القوى الداخلية والخارجية، وتحديداً بعدما تحدثت عنها المبادرة الفرنسية التي جمعت النقاط المشتركة التي توافر حولها إجماع داخلي ودولي في آن، وبالحد الأدنى الذي يضمن الانطلاق بآلية عمل جديدة غير تقليدية.

إقرأ المزيد في: لبنان