معركة أولي البأس

لبنان

جمود في الملف الحكومي بانتظار زيارة أديب لعون
08/09/2020

جمود في الملف الحكومي بانتظار زيارة أديب لعون

بقي موضوع تأليف الحكومة في صلب اهتمامات الصحافة الصادرة اليوم، رغم الغموض الذي يشوب حركة الرئيس المكلف مصطفى أديب للوصول إلى خواتيم التأليف، حيث لم يبرز للعلن سوى لقائه بالخليلين.
ووسط حديث عن زيارة قريبة لأديب إلى القصر الجمهورية في الساعات المقبلة، تتفاوت نسب التفاؤل من ولادة الحكومة العتيدة، على أن  المتفق عليه هو أنه ينبغي ان تبصر النور في أسرع وقت ممكن عسى، ان تحمل معها حلولا للأزمات أو على الأقل تخفف من وطأة ما يعصف بالبلاد في كل يوم على مختلف الصعد.

 

"الأخبار": تأليف الحكومة: جمود في انتظار تدخّل فرنسي!

تحدثت صحيفة "الأخبار" عن مجموعة خلافات ما بين رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب والقوى السياسية الرئيسية تحول دون التوافق على التشكيلة الحكومية. وقت المبادرة الفرنسية ينفد، لكن ما أنجز وفق ضغوط وتهديدات خارجية ينتظر اليوم أوامر أخرى للوصول الى خواتيمه السعيدة. وفي الوقت الضائع، تتسابق القوى الرئيسية على رفع سقف التفاوض لتعزيز موقعها وحصتها في الحكومة المقبلة.

مرّ أسبوع من أصل 15 يوماً على «فترة السماح» الفرنسية لتأليف الحكومة منذ زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون الأخيرة الى لبنان. لم يعد الوقت ترفاً، لا لرئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب ولا لرؤساء الأحزاب الذين يتفاوضون وإياه على التشكيلة المقبلة. رغم ذلك، تباعد النظرة الى الحكومة بين الطرفين يحول دون الاتفاق على تفصيل صغير فيها؛ وبالتالي كسر الجمود السائد مرتبط بخرق ما خارجي. تلك باتت عادة. الخلاف الرئيسي اليوم يتمحور حول عدة نقاط أبرزها مداورة الحقائب السيادية والأساسية. يصرّ أديب على كسر الأعراف السائدة قديماً حول تمسك طائفة معينة بوزارة ما، أو تمسك حزب سياسي بحقيبة. يريد مداورة كاملة وشاملة في كل الوزارات، ولا سيما السيادية، وذلك على ما يبدو أثار مشكلة مع القوى الرئيسية.

العقبة الثانية تكمن في رغبة الرئيس المكلّف في تسمية الوزراء واختيار حقائبهم منفرداً من دون مشاورة أحد، وهو ما لا يرضاه السياسيون الذين جاؤوا بأديب رئيساً، خصوصاً أن حكومة «مستقلين» أو «اختصاصيين» لم تعد واردة في قاموس الأحزاب السياسية. فتجربة حكومة الرئيس المستقيل حسان دياب كانت غير مشجعة، وثبت لرؤساء الأحزاب أن غياب الوجوه المسيسة يمثّل نقطة ضعف للحكومة، لا نقطة قوة، خصوصاً إذا كانت مهمة مجلس الوزراء المقبل هي معالجة الملفات المُلحّة، ولا سيما «التعافي المالي» و«النهوض الاقتصادي».

هنا يتفرّع النقاش حول تمثيل مصطفى أديب الذي سُمّي من قبل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، وهو مقرّب أيضاً من الرئيس نجيب ميقاتي. وكيف لرئيس حكومة غير مستقل سياسياً أن يؤلف حكومة مستقلين على ما يدّعي؟ وهل التشكيلة منتقاة بعناية من قبل الحريري وشركائه؟ في هذه الحالة، لماذا تمنح قوى 8 آذار فوزاً مجانياً للحريري وحكومة مفترضة يسيطر عليها بعد أن سقط دولياً وعربياً وعجز عن الوصول الى سدّة الحكومة؟ 

من جهة أخرى، ثمة من يقول إن الراعي الأول لمفاوضات التأليف ليس سوى السفير الفرنسي السابق في لبنان وأحد مستشاري الإليزيه الرئيسيين إيمانويل بون. لذلك، يعوّل البعض على دور لبون في إيجاد مخرج لهذا المأزق وتعبيد الطريق أمام الرئيس المكلف لتأليف الحكومة بسرعة. يبقى أحد أوجه الخلاف القائم أيضاَ، يدور حول عدد الوزراء، حكومة مصغرة من 14 وزيراً كما يطلب أديب، أم حكومة موسّعة من 24 وزيراً لتضم جميع ممثلي الأحزاب و»تعدل» بين الطوائف؟ حتى الساعة، ورقة قوة الرئيس المكلف الفرنسية تصطدم بالمسار الطبيعي للتأليف: لا ولادة لحكومته من دون ثقة الأكثرية النيابية التي تمثّلها الأحزاب الأساسية في البرلمان.

 


"البناء": أديب اليوم في بعبدا... والثلاثيّ قد لا يشارك!
ولم تسجل الساحة السياسية يوم أمس أيّ لقاءات على خط تأليف الحكومة وسط تكتم شديد على حركة الرئيس المكلف مصطفى أديب والمشاورات التي يجريها في الكواليس.

وتضاربت المعلومات حول زيارة مرتقبة للرئيس المكلف الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال الـ48 ساعة المقبلة لعرض تصوره الأولي للحكومة على رئيس الجمهورية، لكن لم يعلن عن موعد للزيارة حتى الساعة. ما يعني أن الرئيس المكلف لم ينتهِ من مشاوراته لبلورة رؤيته الأولية للحكومة العتيدة.

وبحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ«البناء» فإن «الرئيس المكلف مصرّ على الحكومة المصغرة التي يراها مناسبة لتأليف حكومة تشكل فريق عمل منسجم ومنتج يستطيع النهوض بالبلد»، مشيرة الى أن «شد الحبال ووضع شروط على الرئيس المكلف لن يؤديا الى نتيجة»، مضيفة أن «رئيس الحكومة المكلف سيضع تشكيلته ورئيس الجمهورية يوقع أو لا يوقع».

عون سيسهّل التأليف

في المقابل أكدت مصادر الرئيس عون والتيار الوطني الحر لـ«البناء» على «إصرار رئيس الجمهورية على الحكومة الموسعة المؤلفة من 20 الى 24 وزيراً للاستفادة من تجربة الرئيس حسان دياب حيث إن منح حقيبتين لوزير واحد لم تكن مشجعة ولم تحقق الإنتاجية المطلوبة»، ومشيرة الى أن «الرئيس عون يملك حق التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة وبالتالي هو شريك في تشكيلها وتقييم شكلها والتوازنات السياسية والطائفية فيها وذلك بهدف تسهيل ولادة الحكومة وليس العرقلة»، مضيفة أن «الحكومة المصغّرة تصلح لمرحلة الهدوء السياسي والاقتصادي ولا تصلح للمرحلة الحالية التي تسود فيها الأزمات والاوضاع الاستثنائية والخطيرة التي يواجهها لبنان».

ونقلت المصادر عن الرئيس عون والتيار الوطني الحر تأكيدهما أنهما «سيسهلان عملية تأليف الحكومة الى أقصى حدّ وسيدعمان التسوية المنبثقة عن المبادرة الفرنسية وإن لم يكن التيار ممثلاً في الحكومة، لكن الأولوية لدى الرئيس عون والتيار ليست مشاركة التيار في الحكومة من عدمها بقدر ما ينظران الى برنامج عمل الحكومة ومدى إنتاجيتها»، ولفتت المصادر الى «اتجاه عند التيار لعدم المشاركة المباشرة في الحكومة ولا حتى تسمية مرشحين محسوبين عليه على أن يسمّي الرئيس عون الوزراء المسيحيين طالما أن الأطراف المسيحية من التيار والقوات والكتائب لن تشارك في الحكومة».

عين التينة

وسجل لقاء بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والنائب وائل أبو فاعور.

جنبلاط

وقال رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، بعد لقائه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية على رأس وفد قيادي من الحركة في كليمنصو: «إذا غرقنا بالتفاصيل الوزارية، يبقى المرفأ مدمراً، تبقى مار مخايل والأشرفية وغيرها من المناطق مدمّرة، وقد يغرق لبنان في مزيد من التأزم الاقتصادي».

بيت الوسط

أما على خط بيت الوسط فيعتصم الرئيس سعد الحريري بالصمت ولم ترصد اي لقاءات سياسية له منذ تكليف الرئيس أديب حتى الآن، غير أن أوساطاً مطلعة في تيار المستقبل تشير لـ«البناء» الى أن الرئيس سعد الحريري لا يتدخل بعملية التأليف ولن يسمّي وزراء في الحكومة محسوبين على تيار المستقبل ولن يزكي أحداً بل يترك الأمر للرئيس المكلف»، مضيفة أن «الرئيس الحريري يحاول أن ينأى بنفسه عن مسألة تأليف الحكومة رغم أنه من الداعمين للمبادرة الفرنسية والتسوية والرئيس المكلف والحكومة المقبلة، لكنه لن يتدخل بتشكيل الحكومة»، ورأت أنه في حال لم تتشكل الحكومة ضمن المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون فقد يطول أمد ولادة الحكومة وتظهر تقعيدات أخرى».

وعن كلام رئيس القوات سمير جعجع الذي انتقد التسوية وعملية التكليف، سألت مصادر المستقبل: «ما هو البديل عن التسوية؟ فليقدم جعجع الحلول ويقود الثورة للخروج من الأزمة»… مضيفة: «طالما اختارت القوات البقاء خارج الحكومة فستبقى تتصرّف على قاعدة «علي بالخطاب وخود جمهور».

سجال التيار – القوات

وفي أعنف رد من التيار الوطني الحر على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، اتهم التيار جعجع باستغلال ذكرى الشهداء، وأضاف في بيان «هذه السنة كان شعاره «باقيين» لكن خطابه يذكّرنا بأفعال قايين. فقد نسي الشهداء، لا بل ان معظم شهداء المقاومة سقطوا على يديه والأسماء معروفة وقد وصلت به الوقاحة ان يذكر من ضمن الشهداء من هم ضحايا غدره». ولفت التيار الى أنه «لم يكن هذا الرجل مرّة بنّاءً ولم تصدر عنه البارحة، كما في كلّ مرة، فكرة إيجابية واحدة، ولم يقدّم حلاً واحداً ولم يقترح مشروعاً لا في الاقتصاد، ولا في المال، ولا في النقد، وهو الذي انتزع الخوّات من جيوبنا ليبني منها قصرًا ويشتري العقارات، ولا في الشأن الحياتي وهو الذي امتهن انتزاع حياة الناس واغتيال قادتهم، ولا في البيئة وهو الذي زرعتْ ميليشياته النفايات السامة في جبالنا منذ سنوات». وختم التيار بالقول: «عبارة واحدة تختصر سلوك هذا الرجل هي «شهوة الرئاسة»، لكننا نقول له إنّ من كان مثله، ومن صدرت بحقّه احكامٌ مبرمة من المجلس العدلي باغتيال زعماء وقادة ومسؤولين سياسيين، مكانه معروف وهو لا يمكن أن يصل الى رأس الدولة الّا على أنقاض الوطن لكن الإرادات الحسنة سوف تمنع الوطن من السقوط وسوف تبقي على لبنان الكبير عوضاً عن مشروعه المعروف بلبنان الصغير».

 

"اللواء": «التباعد الحكومي» يهدّد التأليف.. ويفتح باب الإنهيارات!
تمضي أيام «مهلة ماكرون»، اليوم تلو الآخر، ويمضي الذين بيدهم «الحل والعقد» يتنازعون على نقاط، من المؤكد انه في ظل الانهيارات الخطيرة التي تحيط بالوضع الاقتصادي، لا يكون لها تأثير، وهم، بالطبع، غير آبهين، لا الى المخاطر المحدقة باضاعة فرصة دعم لبنان مالياً واقتصادياً، وعلى مستوى المشاريع، ليتمكن من التقاط انفاسه، ووقف الانهيار كحد أدنى مطلوب في وقت تتكاثر فيه الأزمات، مع التحضيرات الجارية لانطلاق العام الدراسي الجديد، وعلى وقع أزمة دواء، حذّرت منها نقابة الصيادلة، مع أزمة محروقات تلوح في الأجواء، إذا ما رفع الدعم عن المحروقات والطحين والدواء من قِبل مصرف لبنان.

وهكذا يتضح ان التباعد الحكومي، يُهدّد البلد، بما هو أكثر من الانهيارات الماثلة على صعد عدّة.

وعشية توجه الرئيس المكلف مصطفى أديب إلى بعبدا، في غضون الـ24 ساعة المقبلة، إذا ما توفّر لديه، ما يستدعي الزيارة، كما كان متفقاً عليه، عادت أوساط قريبة من بعبدا إلى النغمة إياها، التي عادة، ما ترافق تشكيل الحكومات، والنغمة تجمع بين بديهيات دستورية وسياسية، ومواقف على طريقة الأمر لي:

1 - الطبخة الحكومية لم تنضج بعد، ورئيس الجمهورية ينتظر تُصوّر الرئيس المكلف، لإبداء رأيه.

2 - التشكيلة لا ترى النور، ما لم تحظ على موافقة رئيسي الجمهورية والحكومة.

3 - ما نفي سابقاً، تؤكد عليه مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» من أن الرئيس عون ميال الى حكومة غير مصغرة كي يكون لكل وزير حقيبة، والرئيس المكلف يدرس هذا لأن تجربة حقيبتين لوزير واحد لم تكن منتجة كثيرا.

ولفتت المصادر الى ان لا اسماء حسمت كما ان موضوع الفيتو في ما خص بعض الأسماء المتداولة عار من الصحة لان الرجلين لم يدخلا بعد في الاسماء. وقالت ان ما يطرحه الرئيس المكلف على الرئيس عون يبحث وفق الاصول المتعارف عليها. 

4 - حتى ان «حكومة اختصاصيين» التي يفضلها الرئيس المكلف، لم تحظ تماماً، بموافقة رئيس الجمهورية.

5 - تفضل أوساط بعبدا التفاهم على الأسماء، في سياق البحث عن الحقائب والتوزيعات.

6 - اما المداورة، فوفقا لهذه الأوساط، تكون شاملة بين كل الوزارات والطوائف، أو لا تكون.

وفيما راوحت الأمور مكانها بالنسبة لاتصالات تشكيل الحكومة، وسط تضارب في المعلومات عن لقاء مرتقب بين الرئيسين عون واديب خلال اليومين المقبلين، لم يسجل عمليا على خط الاتصالات سوى لقاء بين رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة وعضو اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور لم يرشح شيء عنه. فيما ذكرت بعض المعلومات غير المؤكدة ان الجانب الفرنسي اجرى اتصالات ببعض القوى السياسية اللبنانية من اجل حثّها على تسهيل وتسريع تشكيل الحكومة تضم شخصيات من الاختصاصيين، لضمان منح الثقة النيابية لها.

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في تغريدة عبر «تويتر»، عن تواصله مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والتباحث في عدّة أمور، منها الوضع في لبنان.

 

"الجمهورية": أديب وضع المسودة والمداورة في الحقائب الأساسية
ويبدو جلياً في المنحى الذي يسلكه الرئيس المكلّف، أنّه يتجنّب الدخول علناً في ما كان يسمّى بازار الحصص والحقائب والاسماء، مع القوى السياسية، التي كان التجاذب والخلافات تتسبب في إطالة أمد التأليف لفترات طويلة تمتد على اشهر عدة، بل هو ينطلق في حركة التأليف هذه المرة، استناداً الى ما له من صلاحيات دستورية في عملية التأليف، التي يتشارك فيها حصراً مع رئيس الجمهورية دون غيره في تحديد معايير التشكيل وشكل الحكومة، وبالتالي اصدار مراسيمها، وممارسة هذه الصلاحيات، معززاً بدعم واضح وتشجيع من المرجعيات السنّية السياسية والدينية، التي تدفع بكل قوة الى ممارسة هذه الصلاحيات، ومعززاً أيضاً بزخم المبادرة الفرنسية الضاغطة على كل الاطراف من دون استثناء اي منها.

شكل الحكومة

على انّ المسودة الحكومية، في حال وضعت خلال اليومين المقبلين كما هو مرجح، فإنّ عرضها على رئيس الجمهورية، ليس نهاية المطاف، ولا يعني انّ مراسيم تشكيل الحكومة ستصدر فوراً، ذلك انّ نقطة تباين اساسية تبدو جلية في موقف الرئيسين حيال شكل الحكومة. فرئيس الجمهورية سبق له ان حدّد رغبته بحكومة موسعة من 24 وزيراً، لكل حقيبة اساسية وزير، وذلك لكي يكون للوزير المعني الوقت الكافي للاهتمام بالوزارة وملفاتها، لا ان تُسند للوزير حقيبتان. فيما يفضّل الرئيس المكلّف حكومة مصغّرة من 14 وزيراً. علماً انّ مواكبين لحركة التأليف يستبعدون ان يشكّل شكل الحكومة نقطة خلاف جوهرية، ذلك انّ المخرج لهذه العقدة غير المستعصية، يتأمّن في الوصول الى صيغة وسطية بين الامرين.

ماذا يريد اديب؟

يضاف الى ذلك، انّ التشكيلة المقترحة في مسودة اديب، وقبل بلوغ مرحلة اصدار المراسيم، ينبغي ان تُناقَش بالوزراء المقترحين فيها، والحقائب المسندة اليهم، مع القوى السياسية والبرلمانية التي سمّته لتشكيل الحكومة، التي تعتبر ان ليس من المعقول ان يشكّل حكومته بمعزل عن هذه القوى التي ستمنح حكومته الثقة في مجلس النواب. فضلاً عن انّ الاسماء الوزارية لا تُطرح اساساً من العدم، او تُفرض فرضاً، بل بالتشاور معها حول هذه المسألة الجوهرية، وخصوصاً ما يتصل بالوزراء ومواصفاتهم، وما اذا كانوا مؤهلين فعلاً لهذا الموقع.

واللافت في هذا السياق، انّ غالبية هذه القوى التي سمّت اديب، وبعد مرور اسبوع من مهلة الاسبوعين، ليست على علم او بيّنة مما لدى الرئيس المكلّف، او مما يريده، او الأسس التي سيبني عليها حكومته. فما يرد اليها في هذا المجال، ليس اكثر من روايات وتحليلات وافتراضات سياسية وصحافية، ما خلا بعض قليل جداً، تسنّى له الاطلاع من اديب على اوراقه المستورة، فلاحظ انّ الصيغة الحكومية التي يريدها، هي نفسها الصيغة التي ارادها الرئيس سعد الحريري، وسبق ان نادى بها مراراً بعد استقالته بعد انطلاق انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، اي حكومة اختصاصيين بلا سياسيين، تعمل بلا اي معوقات او مطبّات أو محاولات تعطيل. واستنتج المطلعون على الاوراق المستورة، من ذلك، أنّ دوراً ما، مباشراً او غير مباشر، للرئيس الحريري في حركة التأليف التي بدأها الرئيس المكلّف.
 
وتبعاً ذلك، تشير المعلومات الى انّ القوى السياسية التي سمّت اديب، تنتظر ما سيطرحه عليها، وخصوصاً انّ اللقاء بينه وبين الخليلين قبل نهاية الاسبوع الماضي كان عمومياً ولم يدخل في التفاصيل، ومن هنا تمّ التوافق بينهما معه على استمرار التواصل، فيما لم يحصل اي تواصل مباشر بين اديب وبين سائر القوى، وعلى وجه التحديد وليد جنبلاط، الذي يبدو انّه قد حسم موقفه نهائياً بعدم المشاركة في الحكومة، وكذلك «التيار الوطني الحر»، اذ لا اديب طلب اللقاء مع رئيسه النائب جبران باسيل، ولا باسيل طلب اللقاء من جهته، علما انّ مصادر التيار كشفت لـ»الجمهورية»، بأنّه إن لم يطلب الرئيس المكلّف اللقاء للتشاور، فإنّ باسيل من جهته ليس في وارد ان يبادر الى طلب لقاء مع اديب.

نوع الحكومة

حتى الآن، يمكن الجزم بأنّ نوع الحكومة لم يُحسم بعد، إذ ما زالت تركيبتها متأرجحة بين رغبة رئيس الحكومة المكلّف وقناعته بحكومة اختصاصيين وفريق عمل متجانس، وبين رغبة اطراف سياسية بحكومة تكنوسياسية اكثريتها من الاختصاصيين واصحاب الخبرة والكفاءة، مع اقلية محدودة جداً من السياسيين، وهذا ما يُطالب به رئيس الجمهورية والثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر.

الّا انّ كفة الاختيار بين هذين الامرين، وكما تقول مصادر معنية بالملف الحكومي لـ«الجمهورية»، قد تميل الى التسليم بحكومة اختصاصيين متفاهم عليها بين الجميع.

وقالت المصادر: «انّ التزام الاطراف جميعهم بالمبادرة الفرنسية وانجاحها، والتعجيل في تشكيلها، يضاف اليه الضغط الخارجي الكبير، وتحديداً من قِبل الفرنسيين للتعجيل بالحكومة، يُضعف اي احتمال لأي اشتباك حول شكل الحكومة، او اي اصرار على اشراك سياسيين فيها. وبما انّ التوجّه العام لدى مختلف القوى السياسية هو تجنّب الدخول في عملية شدّ الحبال، كما كان يحصل من قبل حول الحكومة بشكلها وتركيبتها واسماء وزرائها وتوزيعة حقائبها، فعلى قاعدة التسهيل، من غير المستبعد التسليم بالذهاب بسلاسة الى حكومة اختصاصيين بالكامل، مؤيّدة بغطاء سياسي من خارجها، ممتد على كل القوى التي سمّت اديب لرئاسة الحكومة.

وتخالف المصادر ما يُقال عن انّه في الذهاب الى حكومة اختصاصيين، كسراً لأي طرف، او انّ هذه الحكومة هي حكومة تكنوقراط تشبه بشكل او بآخر حكومة حسان دياب بتركيبتها. ذلك انّ جملة وقائع تثبت عكس ذلك:
 
اولاً، انّ حكومة الاختصاصيين، إن تمّ التوافق على الذهاب اليها، لن تكون شبيهة بحكومة حساب دياب، وبطاقمها الوزاري الضعيف فيها، وبافتقادها للحضانة السياسية الواسعة لها.

ثانياً، انّ لدى الحكومة الجديدة، برنامجاً واضحاً، وكل الاطراف السياسية مؤيّدة مسبقاً لهذا البرنامج، وملتزمة برعايته وحمايته وتنفيذه كما حدّدته المبادرة الفرنسية. ومع هذا التأييد الواسع لا يعود مهماً ان تضمّ سياسيين في تشكيلتها. فهذا تفصيل بسيط يمكن تجاوزه بسهوله، وبالتالي لن يشكّل عقدة في طريق ولادة الحكومة.

ثالثاً، انّ وضع الحكومة الجديدة مختلف كلياً عن الحكومة السابقة، فهي متمتعة سلفاً بثقة واسعة في مجلس النواب، تؤمّنها الاكثرية النيابية الموصوفة التي سمّت اديب، خلافاً للحكومة السابقة التي كانت مقيّدة ومحكومة لأكثرية حرجة في مجلس النواب أمّنت لها ثقة على المنخار، وكانت عرضة للاهتزاز في اي لحظة. ذلك انّ استقالة وزير واحد (مسمّى من قوى سياسية او حزبية) منها كانت كافية لسقوطها، اذا ما طُلِب التصويت على الثقة بها.

طريق التأليف

على انّ الواضح في المسار الذي يسلكه التأليف، هو عدم بروز اي معوقات حتى الآن قد تعيقه، ذلك انّ الرئيس المكلّف لم تبدر عنه اي اشارة الى وجود معوّقات، بل على العكس، فإنّ الاجواء القريبة منه تعكس انّه يلمس تسهيلات، وهو ما اكّدت عليه مختلف الاطراف. فالثنائي الشيعي، وكما تؤكّد مصادره لـ»الجمهورية»، اكّد على تعاطيه الايجابي الى اقصى الحدود، وعدم وجود اي شروط لديه، والتعجيل بالحكومة اليوم قبل الغد، وبتركيبة نوعيّة وبكفاءات بحجم المرحلة، تتولّى عملية الإنقاذ واجراء الاصلاحات المطلوبة لإخراج البلد من ازمته. فضلاً عن انّ الرئيس نبيه بري معني بنجاح المبادرة الفرنسية لما تشكّله من فرصة اخيرة للانقاذ.

وربطاً بالإيجابية الكلية التي أبداها الثنائي الشيعي، استبعد مواكبون لحركة التأليف التي بدأها الرئيس المكلّف، أن تُقابل هذه الايجابية بسلبية، أو أن تأتي التشكيلة الحكومية المرتقبة من دون التفاهم معهما، او تقترن بأفكار او طروحات مستفزة لهما، سواء في ما يتعلق بأسماء الوزراء الشيعة، او ما يتعلق بالحقائب الوزارية التي ستًسند اليهم.

والأمر نفسه، كما يقول هؤلاء المواكبون، ينطبق على سائر القوى التي تقارب تأليف الحكومة بإيجابية ملحوظة. مع الاشارة هنا الى انّ التيار الوطني الحر، وكما تؤكّد اوساطه لـ»الجمهورية»، لن يشكّل اي عقبة في طريق تشكيل الحكومة، بل على العكس، لا توجد لديه اي شروط، بل هو اتخذ قراراً بتسهيل التأليف واعتماد الحدّ الاعلى من الليونة لتحقيق هذا الأمر في اسرع وقت ممكن.

ولفتت الاوساط، الى انّه من خلفية التسهيل لا التعطيل، فإنّ كل الاحتمالات واردة لدى التيار، ومن بينها احتمال عدم مشاركته في الحكومة، ولكن ليس من موقع معارضة الحكومة الجديدة، بل انّ التيار، وحتى ولو كان خارج الحكومة، سيمنحها الثقة في مجلس النواب.

ماذا عن الحقائب

الى ذلك، وفيما تتوالى الدعوات الى الرئيس المكلّف الى اعتماد الواقعية في التأليف، وان يقدّم تشكيلة حكومية معدّة بميزان الذهب، يراعي التركيبة الداخلية وتوازناتها، تؤكّد اجواء الرئيس المكلّف انّ اولويته وضع حكومة متجانسة، تعبّر عن الجميع، ومحدّدة مهمتها بهدف وحيد؛ هو انقاذ لبنان، ولا تشكّل استفزازاً لأيّ طرف، حتى لأولئك الذين لم يسمّوه في استشارات التكليف، او الذين قرّروا عدم المشاركة في الحكومة برغم انّهم سمّوا اديب في استشارات التكليف، بمعنى، ان يعتبر كل الأطراف السياسيين، وكذلك اطراف الحراك المدني، انفسهم موجودين في هذه الحكومة، وممثلين بكل واحد من الكفاءات والاختصاصيين من اصحاب الخبرة والتجربة والسمعة الطيبة الذين ستضمنهم.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، انّ موضوع الحقائب سيكون امام خلطة جديدة لهذه الحقائب، مختلفة بصورة كبيرة جداً عمّا كان معتمداً في الحكومات السابقة. حيث يبدو انّ الوزارات السيادية الأربع قد تبقى على حالها؛ (المالية للشيعة، الداخلية للسنّة، الخارجية للموارنة، الدفاع للروم الارثوذكس). واما الخلطة الجديدة فتشمل ما تُسمّى الوزارات الأساسية، وعلى وجه الخصوص الطاقة، والاتصالات، والأشغال، والعدل، والصحة، والشؤون الاجتماعية، والتربية، والاقتصاد، والعمل.

وفي هذا السياق، تؤكّد معلومات «الجمهورية»، انّ التيار الوطني الحر، وحتى ولو شارك في الحكومة بشخصيات يسمّيها، بات في جو محسوم بأنّ وزارة الطاقة لن تكون من حصّته. وقد تيقن من ذلك من المبادرة الفرنسية نفسها التي جاء مضمونها لينسف ما سعى اليه التيار طيلة توليه الوزارة، ولاسيما في ما خصّ خطة الكهرباء ومعمل سلعاتا.

ثم انّ التيار، وكما يقول مقرّبون منه، انّه «وبعدما فُرِّغت الطاقة من بعض مضامينها الاساسية مثل الغاء سلعاتا وغيره، وتعيين الهيئة الناظمة للكهرباء قبل تعديل القانون، صار من الافضل له الّا تكون الطاقة معه، او بشخصية يسمّيها، ذلك انّ بقاءها معه بالشكل الذي اصبحت او ستصبح عليه، سيشكّل كسرة كبيرة له».

ويلفت هؤلاء، الى انّه «طالما انّ التيار لم يدخل في لعبة الاسماء، وقراره في الاصل هو عدم الدخول في الاسماء، فلن يشكّل فارقاً لديه أيًّا يكون على رأس هذه الوزارة او غيرها من الوزارات».

متى الولادة؟

كل المؤشرات المحيطة بعملية التأليف، توحي بأنّ الحكومة على نار حامية، وانّ الولادة مسألة ايام قليلة جداً، اي قبل نهاية الاسبوع الجاري. وانّ الرئيس المكلّف اصبح في نهاية وضع اللمسات الاخيرة على مسودة هذه الحكومة. وفي هذا السياق، يقول مرجع سياسي معني بحركة التأليف: «دخلنا فعلاً في اسبوع الحسم الحكومي ضمن مهلة الاسبوعين التي حدّدها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. وما استطيع ان اقوله هو انّ الجميع قالوا انّهم متعاونون وايجابيون، كما انّ ثمة معطيات ايجابية داخلية كثيرة، اضافة الى القوة التي تتمتع بها المبادرة الفرنسية، تجعلني على يقين من انّ ولادة الحكومة ستكون سريعة جداً، على ان يبدأ مسار الثقة وبدء العمل اعتباراً من الأسبوع المقبل».

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت هناك خشية من دخول الشياطين في بعض تفاصيل التأليف، قال المرجع: «في الاساس يجب الابقاء على مساحة حذر ولو ضيّقة، حتى تظهر صورة الحكومة، ولكن كما هو مؤكّد، فإنّ المبادرة الفرنسية، ملزمة، ولا مفرّ منها ولا بديل عنها، والجميع يدركون ذلك، والفرنسيون يتابعوننا عن كثب، بالتالي لن يكون في مقدور اي شياطين الدخول في اي تفصيل لتعطيلها، ذلك انّ المبادرة طردت شياطين التفاصيل فور اعلانها».

ولكن ماذا في حال لم تتشكّل الحكومة هذا الاسبوع؟ يقول المرجع نفسه: «كل الاطراف تعهّدت للرئيس ماكرون بإنجاز ولادة الحكومة خلال اسبوعين، وليس من مصلحة أي طرف أن يخلّ بهذا التعهّد، وكل الاطراف مأزومة ومدركة ان لا جدوى من اي مماحكة او مماطلة او تباطؤ، ومدركة بالدرجة الاولى، انّ عرقلة او تعطيل هذا المسار معناه دخولنا جميعاً مع البلد في وضع غير محمود. ويقيني وقناعتي بأننا لن نصل الى هذا الوضع، وخصوصاً انّ المبادرة الفرنسية تسير بالشكل المرسوم لها».

مصطفى أديب

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل