معركة أولي البأس

لبنان

الاستشارات الحكومية الأسبوع المقبل وسط ضبابية الأجواء 
25/08/2020

الاستشارات الحكومية الأسبوع المقبل وسط ضبابية الأجواء 

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم بالمشهد الحكومي المتسم بالضبابية، وستكون الاستشارات الاثنين المقبل بحسب مصادر قصر بعبدا، على أن الأجواء بقيت متلبدة على أمل أن تنجلي بعد الاتصالات والمشاورات المستمرة بين الأطراف المتنوعة.
ورغم ان لائحة الأسماء لا تحفل بالكثير، بقي اسم النائب سعد الحريري هو الأبرز، رغم انقسام القوى على تسميته.

 

"الأخبار": مشاورات التكليف: فرنسا تسمّي الحريري!

الاستشارات النيابية في نهاية الأسبوع الجاري على ما تؤكده مصادر بعبدا؛ يحصل ذلك في ظل عدم توافق الكتل النيابية الكبرى على مرشح لرئاسة الحكومة. وحده رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في الميدان لكن تحول دون عودته مجموعة لاءات داخلية وخارجية.

على الرغم من رفع رئيس مجلس النواب يديه من مساعي التوفيق بين القوى السياسية الكبرى لإعادة سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، ما أدّى الى توقف المشاورات بشكل شبه كلّي، سيدعو رئيس الجمهورية ميشال عون الى استشارات نيابية ما بين يومي الخميس والسبت المقبلين. وقد أكدت مصادر بعبدا أن الوقت متاح للاتفاق قبيل ذلك، لكن، وحتى في حال عدمه، فإن الرئيس متمسك بهذه الدعوة. وحتى مساء أمس، لم يكن قد سجّل أي خرق في المشهد السياسي الداخلي، باستثناء تداول الفرنسيين مجدداً باسم الحريري كمرشح وحيد لرئاسة الحكومة، بعد تيقنهم من أن لا مرشح آخر في الأفق يمكنه تأليف حكومة توافقية. فالفرنسيون، وعلى لسان رئيسهم إيمانويل ماكرون، سبق أن طالبوا بحكومة «وحدة وطنية»، ثم تراجعوا عنها تحت الضغط الأميركي، ليطالبوا بحكومة محايدة برئاسة السفير السابق نواف سلام. 

وبعد فيتو ثنائي حزب الله وحركة أمل على الأخير، عاد ماكرون إلى مرشحه الاول، أي الحريري. وفيما يعد ماكرون بتأمين توافق خارجي على عودة رئيس المستقبل إلى رئاسة الحكومة، لا تزال السعودية مصرة على موقفها، ليس بإشهار الفيتو بوجه الحريري، لكن بالتعامل مع مسألة ترشيحه كما لو أنها لا تعني الرياض بتاتاً. وتلك طريق سبق أن اعتمدها السعوديون حين جرى عقد التسوية الرئاسية عام 2016. على أن رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات سمير جعجع يمثّلان الاستطلاع الأبرز لمزاج وليد العهد السعودي محمد بن سلمان. وما رفضهما للحريري سوى بإشارة من الرياض نفسها، كما نتيجة رغبتهما في ترك التيار الوطني الحر يتسلّم حكومة يريان أنها «ستفشل حتماً وتقضي على آمال جبران باسيل المستقبلية». فالموفد الجنبلاطي الى عين التينة يوم السبت الماضي، النائب وائل أبو فاعور، أبلغ بري عدم سير زعيم المختارة برئيس الحكومة السابق مرة أخرى، وهو ما دفع رئيس مجلس النواب الى وقف مبادرته للحل. وتأتي زيارة جنبلاط الى منزل الحريري مساء أمس، كمحاولة لترطيب الأجواء بين الطرفين، بعد التوتر الذي حصل بينهما على خلفية الرسالة السلبية التي حملها أبو فاعور. 

أما جعجع، فيبدو أكثر حدة في موقفه الرافض للتداول باسم الحريري نهائياً، وهنا تكمن العقبة الأكبر. امتناع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن التعاون مجدداً مع الحريري معطوفاً على الفيتو القواتي، يرفعان الغطاء المسيحي عنه. وقد سبق للحريري أن رفض تسميته سابقاً عقب قرار الحزبين مقاطعته، وبالتالي سيكون أمامه خيار من اثنين: تجاهل القوتين المسيحيتين والاستعاضة عنهما بحزب المردة وبعض النواب المستقلين، أو تكرار السيناريو السابق نفسه. مساء أمس، بدأت المشاورات في بيت الوسط عبر اجتماع ضمّ الى الحريري رؤساء الحكومة​ السابقين، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام. لم يخرج المجتمعون بأي بيان، تاركين اجتماعاتهم مفتوحة. وقد علمت «الأخبار» أن اجتماعاً آخر سيعقد، وسيضمّنه رؤساء الحكومة السابقون موقفاً حاداً نتيجة تأخر مشاورات التكليف.
الرياض تتعامل مع مسألة ترشيح الحريري كما لو أنها لا تعنيها

في سياق آخر، يكاد «التدقيق الجنائي» في حسابات مصرف لبنان يسلك طريقه النهائي بانتظار توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون عليه في الأيام القليلة المقبلة. وتسلم عون المسودة الأولية للعقد مع شركة التدقيق من وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني الذي لفت الى أن «العقد ينقصه بعض النقاط التي لا تعد جوهرية، وستتم معالجتها»، على أن يتم «التنفيذ فوراً بعد التوقيع، ليبدأ بعد 4 أو 5 أيام». وأوضح أن «الفريق الذي سيعمل في لبنان يفوق عدده 16 شخصاً، في حين أن الفريق الدائم يتألف من 9 أشخاص». ووفقاً للعقد، يجب أن يكون التقرير الأولي للتدقيق الجنائي جاهزاً خلال 10 أسابيع. وأشار وزني الى أن «مطلب عون إصلاحي وليس هدفه التدقيق الجنائي بما يتعلق بمصرف لبنان فقط، بل سيطال جميع المؤسسات العامة والوزارات». من جهة أخرى، وقّع وزير الداخلية محمد فهمي مرسوم الدعوة الى انتخابات نيابية فرعية وأرسله الى رئاسة الحكومة.


"البناء": الاستشارات الاثنين تم الاتفاق على التسمية أم لم يتمّطز
قالت مصادر مقربة من قصر بعبدا، إن الاثنين المقبل قد حسم مبدئياً كموعد مرتقب للاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، سواء تم الاتفاق السياسي والنيابي على اسم توافقي يحظى بأغلبية تخوّله تشكيل حكومة قادرة على تحمل المسؤولية أم لم يتم، خصوصاً في ظل التحريض على تريث رئيس الجمهورية واعتباره انتقاصاً من صلاحيات رئيس الحكومة المكلف في تأليف الحكومة بدمج التكليف بالتأليف، واستجابة لدعوات التسريع بالاستشارات التي صدرت عن بعض الكتل النيابية كاللقاء الديمقراطي. وقالت مصادر معنية بالاتصالات الخاصة بالتوافق على تسمية الرئيس المكلف في فريق الغالبية النيابية، إن لا جديد على جبهة الثلاثي في ظل عقدة العلاقة بين التيار الوطني الحر والرئيس السابق سعد الحريري، وإن الأمور مفتوحة على كثير من الفرضيات ما لم يتمّ التوافق على التسمية قبل الاثنين، فإذا نجحت الضغوط على الرئيس الحريري بدفعه لتسمية نواف سلام، كما تسرّب عن محاولة النائب السابق وليد جنبلاط لتسويق الاسم عند الحريري، على قاعدة النصح بأنه سيتعرّض للابتزاز إن قبل تولي رئاسة الحكومة، وأن جنبلاط لهذا السبب لن يسمّيه، بينما يبدو الحريري عاجزاً عن توفير تغطية مسيحية نيابية مناسبة مع قرار القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بعدم تسميته، واستبعدت مصادر الغالبية الذهاب لتوزيع أصواتها على مرشحين عديدين إذا انضم الحريري لتسمية نواف سلام، وبالتالي في هذه الحالة ستجد الأغلبية نفسها ملزمة بإعادة تسمية الرئيس المستقيل حسان دياب، بينما قالت المصادر إن الرئيس دياب لا يبدو متحمساً لتولي المهمة ما لم تظهر الغالبية جدية في تشكيل حكومة جديدة برئاسته تدير المرحلة الفاصلة عن الانتخابات النيابية.

وفيما يتجه رئيس الجمهورية ميشال عون لدعوة الكتل النيابية الى الاستشارات الملزمة في بعبدا الاثنين المقبل، كما رجّحت مصادر مطلعة لـ«البناء»، وذلك بهدف دفع تهمة تأخير الاستشارات عنه، لم تسجل اللقاءات والاتصالات أي جديد على صعيد الاتفاق على اسم لتأليف حكومة جديدة وسط غموض في مواقف معظم الكتل التي تنقسم الى ثلاثة اطراف: ثنائي أمل وحزب الله الذي يؤيد ترشيح الرئيس سعد الحريري وثنائي جعجع جنبلاط ويؤيدان نواف سلام، والتيار الوطني الحر الذي لم يعلن مرشحاً حتى الساعة.

وذكرت قناة «أو تي في» أن «الدعوة الى إجراء الاستشارات النيابية الملزمة لن تتجاوز نهاية الاسبوع الحالي على الأرجح»، مشيرة الى أن «التركيبات المعلبة التي حصلت سابقاً لم تعط أي نتيجة إيجابية وبالتالي يجب تغيير النمط التقليدي في تشكيل الحكومة». ولفتت الى أن «هدف المشاورات بالنسبة الى الرئيس عون توفير حد أدنى من الاتفاق لأن الظرف دقيق ويفرض حكومة غير تقليدية، وهو مصر على إشراك المجتمع المدني في الحكومة ودعوته ليست مناورة». وأوضحت الاوساط أن «التأخير في تأليف الحكومة مرتبط بأسباب داخلية سياسية صرفة، حيث يحاول بعض الاطراف السياسيين ادخال عملية التأليف في الروافد الاقليمية».

ويستعجل رئيس الجمهورية الدعوة الى الاستشارات الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد قبيل موعد زيارة الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون لكي لا يتحمل عون مسؤولية تأخير الاستشارات بحسب أوساط سياسية. ورجحت أوساط متابعة أن يؤجل ماكرون زيارته الى لبنان بسبب فشل الأطراف الداخلية في التوصل الى حل للأزمة القائمة، وبالتالي منح القوى السياسية مزيداً من الوقت للتوصل الى اتفاق. لكن مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية الفرنسية أكدت كما نقلت وسائل اعلامية أن «زيارة ماكرون للبنان مطلع ايلول المقبل قائمة في موعدها». مضيفة ان «زيارته هذه المرة هي مزدوجة الهدف. اولاً لمناسبة ذكرى مئوية لبنان الكبير وثانياً لتأكيد استمرار فرنسا في مساعدة لبنان وعدم تركه في هذه الظروف القاسية لمصيره السيئ».

وسُجلت زيارة للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى عين التينة، لكن أفيد أنها غير مرتبطة بالملف الحكومي.

وفي سياق المشاورات الحكومية، زار رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط بيت الوسط مساء أمس، والتقى الرئيس سعد الحريري بحضور النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غطاس خوري وتناول اللقاء عرض آخر المستجدات السياسية والاوضاع العامة. وفيما علمت «البناء» أن جنبلاط لم يغير موقفه من الملف الحكومي لجهة اعتراضه على تكليف الرئيس الحريري، كما أن قوى الاكثرية النيابية لم تتفق ايضاً على مرشح موحّد ما يعكس حالة الانقسام الكبير على الحكومة المقبلة، فيما لفتت مصادر أخرى الى أن خيار الحريري يتراجع لصالح تعويم حكومة تصريف الأعمال لغياب اي توافق على مرشح ولا على المرحلة المقبلة، مضيفة أن المفاوضات الحكومية متعثرة ودخلت في مخاض طويل وارتبطت بالمفاوضات الاميركية الايرانية وتعقدت أكثر بعد تقدم مشروع التطبيع الاسرائيلي العربي ما قد يجعل من تأليف حكومة جديدة أمراً مستحيلاً. وأفيد أمس أن وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو التقي رئيس الموساد الاسرائيلي وبحث معه ملف إيران وحزب الله. فيما تفيد معلومات «البناء» أن الولايات المتحدة الاميركية تتجه الى مزيد من الضغط على لبنان خلال الشهرين المقبلين وعلى محاور عدة: تشديد الحصار الاقتصادي والعقوبات المالية وتفجير الأزمات الحياتية، التحريض السياسي على حزب الله وإثارة الفتن المتنقلة، تهديد الوضع الأمني عبر العودة الى مسلسل التفجيرات الإرهابية وأعمال الاغتيالات وذلك لتحسين شروط التفاوض الأميركية في المنطقة مع ايران وحزب الله وحلفائهما في المنطقة».

وفي هذا السياق أتى العمل الإرهابي في بلدة كفتون الكورانية الذي ذهب ضحيته ثلاثة شهداء من عناصر شرطة البلدية، وقد أكدت المعلومات الامنية الاولية أن الحادثة تخفي مخططاً لتنفيذ عملية إرهابية في المنطقة. وقد استمرت التحقيقات والمداهمات للمتورطين بالعملية، وتمت مصادرة جهازي كومبيوتر محمولين في مكان الانفجار في العامرية، حيث فرضت القوة الضاربة في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي طوقاً أمنياً في مسرح العمليات ومحيطه. وتم توقيف عدد من الاشخاص نتيجة عمليات الدهم في العديد من مخيمات النازحين، في خراج بلدات الكواشرة والبيرة وخربة داوود.

كما داهمت شعبة المعلومات غرفة معزولة لأحد النازحين السوريين في محلة العامرية – والبيرة، وأفيد أن المطلوب واسمه يوسف.خ. 40 عاماً، واجه القوة الأمنية، ما اضطرها الى التعامل معه بالنار، حيث سمع إثر ذلك دوي انفجار. وتبين ان القوى الأمنية لم تعثر على يوسف في المنزل الذي كان فارغاً بعدما فجّرت حائطه الخلفي بغية مباغتته. وإشارت المعلومات الى أن «المطلوب يوسف خ. استأجر المنزل من عسكري متقاعد مستخدماً اسماً وهمياً»، ورجحت أن يكون هو السائق الذي كان يقود سيارة الهوندا التي استخدمت في الجريمة وهو كان موقوفاً في سجن رومية بتهمة التعامل مع مجموعات إرهابية. ولا يزال هناك تكتم كبير حول ما اذا كان من مطلوبين آخرين قد تم توقيفهم خلال المداهمة، بانتظار تقرير قوى الأمن الداخلي لإيضاح صورة وحقيقة ما حصل.

 

"الجمهورية": حبل الشروط يخنق التكليف

على الأرجح، وسط أجواء النكد السياسي المتبادل على الخط الحكومي، ان لا حكومة في الأفق القريب، الاّ اذا حدثت مفاجأة قلبت الواقع المعطّل رأساً على عقب. فحتى الآن، لم يُعثر على مفتاح التكليف، والنتيجة الطبيعية لذلك، انّ موعد الاستشارات النيابية الملزمة، مرشّح لأن يبقى على الرف، الى ان تقتنع الاطراف المتصادمة بأنّ وضع البلد مهترئ، وانّ هذا الاهتراء يحتّم التعجيل بحكومة تسعى الى وقف الهريان الضارب في كل مفاصل الدولة وتضع لبنان على سكة الانفراج، وربما الى ان يأتي القرار المُلزم من جهة ما، ويوعز للمتصادمين بفتح باب التكليف رغماً عنهم!

شخصنة!
المشاورات الداخلية شبه معلّقة حتى اشعار آخر، وأفق التكليف، مقفل بالكامل، وتُحكم هذا الاقفال شخصنة البحث في شخصية رئيس الحكومة، وشكل الحكومة الجديدة، وتركيبتها وبرنامج عملها، وهذه الشخصنة قادت كل مسعى لاستيلاد هذه الحكومة، الى الاصطدام بالعقم السياسي الضارب في عقول بعض الطبقة السياسية، وهذا كان حال المسعى الذي قاده رئيس مجلس النواب نبيه بري، واصطدم بالحقد المتبادل بين تيار «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، وبالـ»لا قبول بالآخر» بين الرئيس سعد الحريري ورئيس «التيار» النائب جبران باسيل.

وكما بات معلوماً، فإنّ الرئيس بري، الذي أمل ان تبعث مهمّته التوفيقية، الدخان الابيض على الخط الحكومي في غضون ايام قليلة، لأنّ الوقت يلعب في غير مصلحة لبنان، صار مقتنعا بأنّه يصفّق وحيداً، امام اطراف يضع كل منهم صخرة على صدر البلد، ويقطع الطريق الحكومي، دون النظر الى ما ترتّبه المغالاة في تعطيل التكليف، وبالتالي التأليف، من عواقب وخيمة على وضع بلد يوشك أن ينتهي.

وفي هذه الأجواء، لن يمضي وقت طويل ليتخذ بري قراره بوقف مهمته نهائياً، وترك المتخبطين يتحمّلون نتائج وعواقب لعبة الـ»انا .. او لا احد» على حلبة مصير البلد.

وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ اطراف التعطيل المشخصن، تبلّغت استياء بري بصورة مباشرة، وانّه قام بكل جهد لبناء المساحات المشتركة وتدوير الزوايا وسدّ الثغرات والفجوات القائمة والمفتعلة، واستنفد كل محاولاته في هذا السبيل، وانّه يرفض الاستمرار في الدوران في الحلقة المفرغة، في وقت يسقط فيه البلد امام اعين الجميع، وبالتالي امام هذا التحجّر في المواقف، لن يتردّد في ان ينفض يده من اي مسعى.

وربطاً بذلك، قالت مصادر مشاركة بحركة المشاورات لـ»الجمهورية»: «انّ الكرة اليوم في ملعب الحريري وكذلك في ملعب باسيل ومن خلفه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، فكلا الطرفين تجاوز واقع البلد، وتسلّق كل منهما شجرة شروط معقّدة، وتقاذفا بـ»فيتوات» متبادلة، تعدم كل فرصة وكل أمل بانفراج في الازمة الحكومية المستجدة، وتُبقي الوضع الحكومي مشلولاً وتخضعه لتصريف اعمال في حدوده الضيّقة لأمد طويل».

وفي غياب أي مؤشر حول تليين مواقف الطرفين، تبرز مواقف بالغة الحدّة من المنحى التصعيدي المريب في هذه الفترة الحرجة على كل المستويات، ومن الشروط المتبادلة. وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ احدى جلسات المشاورات شهدت نقاشاً قاسياً حيال هذه المواقف، وقاربها احد المشاركين الاساسيين فيها بوصفها «شروطاً انتقامية» لا اكثر، بين من يبدو انّهم مراهقون، لا يعبأون بما حلّ بالبلد وبالقعر الذي بدأ يترسّخ فيه»

وتضيف المعلومات، انّ هذه الشخصية، قالت بنبرة حادة: «كم نفتقد اليوم الى رجال دولة،»، وسألت: «شروط من هنا وشروط من هناك، هل انّهم، اي الحريري وباسيل وكل ما يجاريهما في شروطهما، وبعد كل الذي حلّ بلبنان، في الموقع الذي يخوّلهم، ان يطرحوا شروطاً ويفرضوها؟»، وتجيب الشخصية نفسها: «خرب البلد، والجميع، ومن دون استثناء مصابون بشظايا معنوية وغير معنوية، والشروط سواء جاءت من الحريري او من باسيل، هي اقرب الى الشعبوية وعلى قاعدة «علِّي وجيب جمهور»، ومن يريد حكومة لا يتصرّف على هذا النحو، اخشى انّهم لا يريدون حكومة.

فالحريري، والكلام للشخصية المذكورة، كان يمكن لشروطه ان تكون مبرّرة، وربما صلبة، لو انّ الموقف السعودي حاسم في مسـألة ترشيحه لرئاسة الحكومة، ولو أنّ تيار «المستقبل» لا يعاني من حالة انحسار لدوره وحضوره، بعد ظهور قيادات وازنة في مجتمعه وبيئته، ولو انّ العائلة الحريرية خارج دائرة الاشتباك والتباين في داخلها، ولو انّ حكم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري جاء بالصورة التي كان يتمناها. فكل ذلك، اضافة الى الحكم، ادّى الى خفوت الوهج الذي كان يمكن ان يستند اليه لفرض شروط من موقع قوة. وبالتالي، فإنّ له مصلحة في عودته الى رئاسة الحكومة بمعزل عن اي شروط، علماً انّ شروطه المطروحة اليوم، قد لا تعدو اكثر من محاولة لتعويض شيء من الوهج الخافت.

اما باسيل، تضيف الشخصية نفسها، «فليس بحال افضل، فهو مصاب بمجموعة شظايا، بدءًا من حراك 17 تشرين الاول وما تلاه من حراكات، والفشل في الوزارات، فضلاً عن وضعه في دائرة العقوبات، وصولاً الى انفجار مرفأ بيروت وارتداداته التي لم توفّره، كل ذلك نال من هيبته شخصياً، ومن حضور التيار الوطني الحر السياسي والشعبي. فشروطه كان يمكن ان تكون صلبة ومبرّرة ايضا، قبل الأزمة، او بمعنى ادق، قبل الازمات التي كان اسمه متصدراً فيها ولا يزال».

وخلصت تلك الشخصية الى القول: «هل يدرك المتشارطون»، اي سعد وجبران، ومعهما الراغبون في تعطيل المسار الحكومي والساعون اليه باتصالات مع بعض الدول، انّ خطوات قليلة تفصلنا عن السقوط، وبلوغ وضع قد يفجّر المجتمع اللبناني بأسره ربطاً بما أشار اليه حاكم مصرف لبنان، حول عدم القدرة على الاستمرار طويلاً في تغطية الدعم بالدولار للسلة الغذائية، وللمواد الاساسية كالطحين والمحروقات والادوية، لأنّ احتياطي مصرف لبنان اقترب من 19 مليار دولار، وانّ هامش الحركة لا يتعدّى حدود المليار ونصف المليار دولار فقط؟».

«المستقبل»
الى ذلك، تعكس اجواء تيار «المستقبل» تمسّكاً بالشروط التي يضعها الرئيس الحريري لعودته الى رئاسة الحكومة. وقالت مصادر في كتلة «المستقبل» النيابية لـ»الجمهورية»: انّ المشكلة والعِقَد ليست لدى الرئيس الحريري، بل هي لدى الآخرين.

ورداً على سؤال عمّا اذا كان ابعاد باسيل عن الحكومة هو الشرط الاساس لعودة الحريري، قالت المصادر: «لقد سبق للرئيس الحريري ان حدّد شروطاً لعودته، ومع طرح اسمه لرئاسة الحكومة، من الطبيعي بناءً على كل التجارب السابقة الفاشلة، ان تتشكّل حكومة من اختصاصيين مستقلين بالكامل، وليس ما يمنع على الاطلاق منحها صلاحيات استثنائية تمكّنها من الحكم بفعالية ومن دون عراقيل سياسية او مزاجية او كيدية او مصلحية في هذه المرحلة».

وفيما سألت المصادر عينها: «لماذا تأخير موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وماذا ينتظرون لتحديده»؟ استغرب أحد رؤساء الحكومات السابقين ما سمّاها «البدع الدستورية غير المسبوقة» التي يجري خلقها من قِبل رئيس الجمهورية وفريقه تحت عنوان الاتفاق على التأليف قبل التكليف، وقال لـ»الجمهورية»: «ثمة امعان واضح في محاولة خلق أعراف جديدة. ففي هذا المنحى تجاوز للدستور اولاً، الذي يمنح رئيس الجمهورية حق تسمية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب بناءً على استشارات نيابية ملزمة، وفي ذلك ايضاً تجاوز لدور مجلس النواب في هذا الامر، وتمسّ صلاحيات رئيس الحكومة الذي ينيط به الدستور في المادة 64 - البند 2، صلاحية اجراء الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة».
 

إقرأ المزيد في: لبنان

خبر عاجل