معركة أولي البأس

 

لبنان

بري يسعى لتأمين مظلة توافق سياسي حول تسمية الحريري للحكومة
20/08/2020

بري يسعى لتأمين مظلة توافق سياسي حول تسمية الحريري للحكومة

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صبيحة اليوم من بيروت على مخاض ولادة الحكومة العسير، إذ لم يتم التوافق بينَ المكونات السياسية على ولادتها العتيدة رئيسًا وتشكيلةً، الأمر الذي يشي بأن الأزمة مرشّحة لأن تطول في ظل المصاعب الداخلية والخارجية التي تعترض طريق الحريري حتى الآن، خاصة أن هناك معطيات تُشير إلى أن واشنطن والرياض تريدان حكومة محايدة مشرفة على انتخابات نيابية مُبكرة، في محاولة للإنقلاب على نتائج الإنتخابات الأخيرة، واستبعاد حزب الله عن المشهد السياسي بأي ثمن.

فالحريري ما زال مُقيّد بالشروط الخارجية والموقف السعودي الرافض لأي شكل من الشراكة مع الحزب داخل الحكومة، ومكبّل بالمواقف الداخلية الرافضة لترشيحه، تحديداً من قبل جنبلاط وجعجع.  

وما يزيد الأمور تعقيدًا أن أن الرئيس ميشال عون ورئيس تكتّل "لبنان القوي" جبران باسيل فحتى الآن لم يقتنعا بعودة الحريري، ولا الإنصياع لما يقول إنها "شروطه".


"الأخبار": واشنطن «يمكن أن تتعامل» مع حكومة تضم حزب الله؟ الفيتو السعودي على الحريري مستمر

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أن الموقف الخارجي من الأزمة السياسية يشوبه الكثير من الغموض والتباينات، خاصة في ما يتعلق بشكل الحكومة، كما بمشاركة حزب الله فيها. أما داخلياً، فحركة التشكيل لم تنطِلق بعد فيما يحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري جرّها بصعوبة.

تستمرّ الأزمة السياسية في إحكام قبضتها على المشهد الداخلي، وسط تكرار التجربة التي سبقت تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، مع فارق كبير يتمثّل في زيادة الضغط الخارجي على لبنان في ما خصّ الواقع المالي والإقتصادي ودخول عوامل جديدة أسس لها انفجار مرفأ بيروت واستكملتها المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري باتهام سليم العياش بالعملية، ما يُنذر بانهيار مدوّ حاولت الطبقة الحاكمة طيلة الأشهر الماضية تخفيف مساره.

وفيما لم يخرُج لبنان بعد من «صدمة» حكم المحكمة الذي أتى مخيباً للفريق السياسي الذي حاول طوال ١٥ عاماً استغلال القضية ضد حزب الله، تستمر محاولات استيلاد الحكومة الجديدة، ويقودها رئيس مجلس النواب نبيه برّي متمسكاً بالرئيس سعد الحريري إسماً وحيداً لرئاستها لا بديل عنه. ولم يتم التوافق بينَ المكونات السياسية على الحكومة العتيدة رئيساً وتشكيلةً، فيما لا توجد أي معلومة عن الاستشارات النيابية التي يفترض برئيس الجمهورية الدعوة إليها لتسمية من سيؤلف الحكومة الجديدة، الأمر الذي يشي بأن الأزمة مرشّحة لأن تطول في ظل المصاعب الداخلية والخارجية التي تعترض طريق الحريري حتى الآن.

في المقابل، اتت تصريحات مسؤولين غربيين لتمنح القلة المتفائلة بقرب تأليف الحكومة بعض الدعم المعنوي، ولو ان هذه التصريحات اتت حمّالة اوجه. فمعاون وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، لم يضع شروطاً للحؤول دون مشاركة حزب الله في الحكومة، لكنه، في الوقت عينه، لم يجزم بأن بلاده ستتعاون مع حكومة يشارك فيها الحزب. وفي مؤتمر صحافي أمس، قال هيل رداً على سؤال، إن «الولايات المتحدة تمكّنت من التعامل مع حكومات لبنانيّة سابقة تضمّنت عناصر من حزب الله، وسننظر في الأمر في حال تكرر ذلك». وقال هيل إن حزب الله «جزء من الاختلال في النظام اللبناني الذي يسمح له بالتعاطي كدولة داخل الدولة». ولفت إلى ضرورة وضع حد لعملية «إثراء الزعماء» مشيراً إلى أن «لبنان بحاجة إلى تطبيق إصلاحات اقتصادية ونقدية ومحاربة الفساد المستشري وتحسين الشفافية، مشاكل لبنان لا يمكن حلها من الخارج وتتطلب قيادة ملتزمة بالإصلاح». وتوقع ان يصل القادة السياسيون في لبنان إلى قناعة بوجوب تنفيذ إصلاحات، «بعدما وصلت البلاد إلى الحضيض، وإذا لم يحدث ذلك فأنا على قناعة بأن الجماهير ستكثف الضغوط عليهم». وعدّد هيل التغييرات المطلوبة، وأبرزها «إجراء إصلاحات مالية واقتصادية وإنهاء الفساد المستشري وتحسين الشفافية ومعالجة النظام الكهربائي غير الملائم وإجراء تدقيق في المصرف المركزي».

وقبلَ يومين من كلام هيل، كانَ بارزاً ما صرّح به المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي السفير السابق في لبنان ايمانويل بون في لقاء مع صحافيين معتمدين في قصر الاليزية، قائلاً: «أخذنا علماً بتصريحات السيد حسن نصرالله وعدد من قياديي حزب الله، ولحزب الله دور يلعبه في الصيغة الحكومية المقبلة، وهي ليست صيغة ترقى الى درجة الاجماع ولكنها صيغة عملية، حيث سيكون على الأحزاب المشاركة فيها أن تصوت على الإصلاح وتعطي ضمانات لمصداقيتها». وأضاف بون إن «لحزب الله متطلبات، لكن الأحزاب الأخرى قد لا توافق عليها، ولكننا نشجع القادة اللبنانيين على التفاهم حول مهمة إنقاذ لبنان». وحين سُئل هل تؤيد فرنسا مشاركة حزب الله في الحكومة، أجاب «لسنا نحن من سيؤلف الحكومة، كما أن حزب الله كان جزءاً من الحكومة السابقة، ولن تكون أي صيغة حكومية كاملة اذا لم يلعب فيها حزب الله دوراً». ولفت بون إلى أن «الرئيس ماكرون اعتمد اللغة نفسها مع جميع الأطراف، ونتمنى أن تتشكل حكومة فعالة، وهي ضرورية كي يتسنى للبنان أن يتلقى المساعدات لإخراجه من الأزمة»، وأن «ماكرون تواصل مع ترامب وبوتين وبن سلمان وبن زايد وتميم وروحاني ومدير صندوق النقد في إطار جهوده».

في مقابل هذا الجو، تبرز معطيات أخرى تُشير إلى أن واشنطن والرياض تريدان حكومة محايدة مشرفة على انتخابات نيابية مُبكرة، في محاولة للإنقلاب على نتائج الإنتخابات الأخيرة، واستبعاد حزب الله عن المشهد السياسي بأي ثمن. الرئيس الحريري مُقيّد بالشروط الخارجية والموقف السعودي الرافض لأي شكل من الشراكة مع الحزب داخل الحكومة، ومكبّل بالمواقف الداخلية الرافضة لترشيحه، تحديداً من قبل رئيس الحزب الإشتراكي وليد جنبلاط والقوات اللبنانية. ويبدو واضحاً أن حزب الله وحركة أمل ليسا في وارد الذهاب إلى تشكيل حكومة بلا لون أو تكرار تجربة دياب. أما الرئيس ميشال عون ورئيس تكتّل «لبنان القوي» جبران باسيل فحتى الآن لم يقتنعا بعودة الحريري، ولا الإنصياع لما يقول إنها «شروطه».

يبقى أن البطء وحده يحوط مسار التكليف والتأليف، والذي حاول برّي أمس تعجيله بلقاء عون في بعبدا، مُكتفياً بالقول للصحافيين إن «التواصل مع فخامة الرئيس مستمر». مصادر مطلعة على اللقاء قالت إن «بري يحاول تسويق الحريري وإقناع عون به تحت عنوان ضرورات المرحلة، لكن عون حتى الآن لم يتجاوب، فيما ننتظر موقف باسيل». واعتبرت المصادر أن «مهمة بري شبه مستحيلة. فالحريري لم يعطِ أي جواب على تسميته وهو تبلغ الرفض السعودي بأن يكون رئيساً لحكومة يشارك فيها الحزب، وبالتالي كيف يُمكن إقناع الآخرين قبلَ إقناع الحريري نفسه»؟ ورأت المصادر أن «تشكيل حكومة سياسية بالشكل الذي يسعى إليه بري دونه عقبات كثيرة. إذ لا يُمكن تأليفها ما دام السقف الخارجي الذي تضعه الولايات المتحدة خلف الأبواب المقفلة هو الحكومة المحايدة. وفرنسا كانت حتى الأمس لا تزال تتواصل مع الأطراف المعنية وتكرر المطالبات بحكومة حيادية تكون لها مهام استثنائية في هذا الظرف وإجراء انتخابات مبكرة». وقالت المصادر أن «الأصوات المعترضة في الداخل على تسمية الحريري لا تزال على حالها، وبالأخص جنبلاط الذي وعد بري بأن يتولى إقناعه. وهناك اتصالات يقوم بها النائبان علي حسن خليل ووائل أبو فاعور في هذا الصدد».


"اللواء": ثغرة في الجدار الحكومي.. بعبدا تدرس مبادرة برّي حول الحكومة العشرية

بدورها صحيفة "اللواء"، اشارت الى أنه بعد يوم كامل على قرار المحكمة الخاصة بلبنان بإدانة متهم واحد، ووصفه «بالمذنب» في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بدا الموقف هادئاً، والبحث يدور عن خطوات تتعلق بتسمية شخصية، يتفق عليها، عبر «مشاورات الظل»، تسبق تحديد مواعيد الاستشارات الملزمة، التي دخلت في سباق مع مجيء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، مع مضي حزب الله بالصمت المطلق إزاء ما صدر عن المحكمة، بالتزامن مع حركة اتصالات دولية – إقليمية أدّت إلى فرملة الاندفاعة نحو التطبيع بين إسرائيل وبعض دول الخليج، بفعل الموقف السعودي المتمسك بمبادرة السلام العربية، ورفض الخطوات التي لا تخدم استعادة الأرض مقابل السلام أو حل الدولتين.. فضلاً عن الترتيبات الأميركية – العراقية في ما خص العلاقات ووضع «القوات الأميركية» وسلاح الميليشيات المرتبطة بإيران امتداداً الى لبنان من زاوية القرار 1559..

وهكذا، تجاوز لبنان بهدوء اليوم الاول من حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد، بعد موقف الرئيس سعد الحريري الذي اكد ضرورة تجنب الفتنة وسحب فتيل اي تفجير سياسي، برغم تاكيده وجوب تسليم عياش.

وسارع الرئيس نبيه بري في هذا الجو الايجابي الى التحرك لفتح الملف الحكومي والتصدي للمشكلات القائمة المتراكمة والتي زادتها كارثة انفجار مرفا بيروت، فزار الرئيس عون واجرى جولة افق تناولت الأوضاع العامة في البلاد والاتصالات الجارية لتشكيل حكومة جديدة.

واذ اكتفى بري، بعد اللقاء بالقول «التواصل مع فخامة الرئيس مستمر»، كشفت مصادر متابعة عن قرب للاتصالات، ان التواصل سيستمر خلال الساعات الـ٤٨ المقبلة للتوصل الى تفاهم ضروري قبل الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة، لأن اوضاع البلاد لا تحتمل اي تاخير في معالجة المشكلات القائمة، علماً ان كلا من الرئيسين يقوم بمشاورات تتعلق بملف تأليف الحكومة من رئيسها الى شكلها وبرنامجها.

ورجحت المصادر ايضا ان يكثف الرئيس بري اتصالاته بالقوى السياسية في سبيل تسهيل عملية التكليف ومن ثم التأليف، وسط معلومات عن تقدم اسم الرئيس سعد الحريري كرجل المرحلة.

واستبعدت المصادر ان تتم الدعوة الى الاستشارات هذا الاسبوع، ورجحت ان تتم خلال الاسبوعين المقبلين، لوجود شروط وشروط مضادة بين الحريري وبين بعض الاطراف الاخرى.

واكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الرئيسين عون وبري توافقا على تحضير الأجواء المناسبة للملف الحكومي والأسراع بالتالي في هذا الملف تمهيدا للأستشارات النيابية الملزمة مشيرة الى انهما مستمران في مشاوراتهما من اجل قيام توافق في هذه المرحلة قبل الأستشارات وتفاديا لأي خلل يصيب التكليف والتشكيل.

واوضحت ان بعض النقاط التي اثيرت بينهما وتتصل بشكل الحكومة وبرئيسها تشكل محور بحث في الساعات الثماني والأربعين المقبلة مؤكدة ان ما فهم ان رئيس المجلس ابلغ الرئيس عون ما كان قد ذكره في الأتصالين الهاتفيين المتتاليين بينهما لجهة تمسكه بالرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة.

ولفتت الى ان لا تفاصيل بحثت لأن لا تفاهم بعد حول شكل الحكومة وهو متروك لمرحلة ما بعد تحديد هوية الشخصية المرشحة لرئاسة الحكومة. وافادت المصادر ان هناك سلسلة لقاءات تعقد بعيدا عن الأضواء ولفتت الى ان رئيس الجمهورية يلتزم برغبة النواب في التسمية ولن يدخل في موضوع الأسماء لكنه لا يريد فرض شروط مسبقة.

وتوقفت المصادر عند تفاهم عون وبري حيال عدة امور وقالت انهما عرضا لوجهة نظرهما واعادت التأكيد ان خطوط التواصل بينهما مفتوحة.

وأوضحت ان رئيس الجمهورية يفضل حكومة اقطاب انما لا يرى اي مانع في البحث في صيغة بديلة خصوصا في ظل تحفظ بعض الأطراف عليها. ورأت المصادر ان دخول رئيس المجلس على الخط الحكومي وتفعيل حركته واضح وينتظر الردود بشأنها. الى ذلك رأت اوساط مراقبة عبر اللواء ان المواقف الصادرة عن الرئيس الحريري بعد صدور حكم المحكمة الدولية تحمل في طياتها مناخ تهدئة اكثر من تصعيد مشيرة الى ان الملف حسم وردود الفعل كانت هادئة.

لكن مكتب الاعلام في الرئاسة الاولى، اوضح ان ما ذكرته محطة MTV في نشرتها مساء امس عن اللقاء بين الرئيسين عون وبري حول مسألة تشكيل الحكومة لجهة مطالبة رئيس الجمهورية بحكومة اقطاب بهدف عدم استبعاد النائب حبران باسيل عنها، هو خبر كاذب لا اساس له من الصحة ، وان البحث مع الرئيس بري لم يتطرق الى هذه المسألة مطلقا. واشار مكتب الاعلام الى ان التشاور سوف يستمر بين الرئيسين عون وبري في ما خص تشكيل الحكومة الجديدة.

 وتوقعت مصادر سياسية متابعة للاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة الجديدة بروز تعقيدات وتجاذبات بين الاطراف المعنيين بعملية التشكيل، قد تطيل ولادة الحكومة العتيدة، لاسيما وان هذه العملية أصبحت تتأثر بجانب كبير منها بالاهتمام الاقليمي والدولي الذي ترجمه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بزيارته الاخيرة الى لبنان بعد التفجير المدمر الذي استهدف مرفا بيروت ودخوله بدور فرنسي لافت لاخراج لبنان من الازمة السياسية والحكومية واقتراح أفكار معينة لتشكيل حكومة جديدة مقبولة من جميع الأطراف تتولى الإشراف على القيام بالمهمات المنوطة بها لإخراج البلد من ازمته المالية وتتولى القيام بالاصلاحات المطلوبة بالسرعة اللازمة ووضع لبنان في مرحلة جديدة.

واشارت المصادر إلى ان زيارة الموفد الاميركي ديفيد هايل اعطت دفعا للموقف الفرنسي بخصوص تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة بنفس المواصفات تقريبا مع تباين بشكلها، وهذا ما أعطى انطباعا واضحا بوجود رغبة دولية واضحة لقيام حكومة جديدة تاخذ بعين الاعتبار المتغيرات بالداخل لجهة مطالب المواطنين وصرخاتهم بالتغيير، بالرغم من زيارة وزير الخارجية الايراني جواد ظريف لاحقا لابراز تأثير بلاده ومحاولة التاثير على المشاركة الفرنسية والاميركية وغيرها في رعاية ودعم تخريجة الحكومة العتيدة.


"البناء": المشاورات ستُحسم اسم الرئيس المكلف في عطلة الأسبوع… والاثنين تبدأ الاستشارات النيابية

أما صحيفة "البناء" رأت أنه بين كلام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بيروت عن حكومة وحدة وطنيّة، والكلام الفرنسي التوضيحي اللاحق ومثله أو قبله الموقف الأميركي عن حكومة غامضة، مرة تسمّى بحكومة فعّالة ومرّة حكومة القرارات المستقلة، ومرة حكومة إصلاحية، يدخل لبنان الأيام الفاصلة نحو موعد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس مكلف لتشكيل حكومة جديدة، التي لا تستطيع الانتظار طويلاً، كما نقلت مصادر معنية بالمشاورات الجارية باتجاه تسمية الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة، ورافقت ما جرى في اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، تحت هذا العنوان، وانتهى وفقاً للمصادر إلى التفاهم على مواصلة الاتصالات خلال الأيام القليلة المقبلة، بحيث يتّضح المسار ومن ضمنه اسم الرئيس الذي سيكلف بتشكيل الحكومة في عطلة الأسبوع ليصار إلى تحديد موعد الاستشارات النيابية، التي يتوقع أن تبدأ الاثنين المقبل.

في لقاء بعبدا وفقاً للمصادر اتفق الرئيسان على حكومة حدّها الأدنى حكومة تمثل الجميع وترضي الجميع، ومنح الأولوية للرئيس السابق سعد الحريري لترؤس هذه الحكومة التي يفضل أن تكون تكنوسياسيّة، ولا مشكلة أن تكون حكومة اختصاصيين يمثلون الكتل النيابية، بما يشبه الطريقة التي تشكلت من خلالها حكومة الرئيس حسان دياب.

الكرة في ملعب الرئيس الحريري وفقاً للمصادر، خصوصاً أن لا أحد في الغالبية النيابية يعارض تسميته، سواء الموقف المعلن للرئيس بري، بتسمية الحريري، او بما أكده النائب حسن فضل الله باسم حزب الله عن عدم الممانعة بتسمية الحريري، وما أكدته المصادر من انفتاح رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر على التسمية، لكن الجميع ينتظر لمعرفة موقف الحريري وتصوّره للحكومة الجديدة، خصوصاً أن الغموض المستجدّ أميركياً وفرنسياً، يتيح الاستنتاج بأن ثمّة تعقيدات دخلت على الخط، رغم المناخ الإيجابي الذي رافق قرار المحكمة الدولية لجهة تجاوز لبنان للمطبات المفترضة.

هذه التعقيدات عبر عن القلق منها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، مستغرباً تبدّل اللهجة الدولية، والتراجع عن مشروع حكومة وحدة وطنية تبنّاه الرئيس ماكرون، وكلام رعد له نكهة خاصة في ضوء ما كشفه النائب فضل الله عن لقائه الرئيس ماكرون مرتين، وفي ضوء ما بات معلوماً من أن المبادرة الفرنسية تقوم في جوهرها على ما أعلنه وزير المالية.

 لفرنسية برونو لومير في مؤتمر وزراء مالية دول قمة العشرين قبل شهور، بالدعوة لفصل مشروع تعافي لبنان عن المواجهة الأميركيّة مع إيران وحزب الله، وما قاله ماكرون نفسه في توصيفه لحواره مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حول خطورة ترك لبنان لحزب الله وحلفائه وخياراته.

موقف الرئيس الحريري سيظهر في خلفيته حقيقة المواقف الدولية. فالموقف السعودي سيعبر عن حجم الجدية الأميركية في تسهيل مهمة الرئيس الفرنسي، وموقف الحريري سيعبر عن التوازن الإجمالي للمواقف الأميركية والفرنسية والسعودية، وقد يفتح عزوفه عن الترشح هذه المرة أو رفع سقوف شروطه الباب لتكرار سيناريو المرة الماضية بحرق الأسماء والوصول لاحقاً لتسمية الغالبية لمرشح قد يكون الرئيس حسان دياب نفسه إذا تعذّر التوصل لحكومة تمثل الجميع وترضي الجميع، لكن هذه المرة ستكون حكومة المباشرة فوراً بخيارات التوجه شرقاً والخيار الإنتاجي، وشراء المحروقات بالليرة اللبنانية سواء من إيران أو من سواها.

وفيما مر قطوع قرار المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري من دون أي تداعيات سياسية وأمنية سلبية، عاد ملف تأليف الحكومة الى الواجهة بعدما خطفت المحكمة الأضواء على مدى الأيام القليلة الماضية. إذ سجلت زيارة مفاجئة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الى بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وبعد انتهاء اللقاء اكتفى الرئيس بري بالقول: «التواصل مع فخامة الرئيس مستمرّ».

وبحسب المعلومات فإن «زيارة بري لعون تهدف الى التأكيد على ثلاثة أمور: الوضع لا يحتمل التأجيل، الحريري رجل المرحلة والاستشارات ضروريّة في أقرب وقت». وكشفت أوساط مطلعة على المشاورات الرئاسية أن «تبادلاً لوجهات النظر تم بين الرئيسين عون وبري حول مجمل الأوضاع وتحديداً الملف الحكومي وتم التطرق الى الاستشارات المفترض الا يتأخر موعدها عن مطلع الاسبوع المقبل، وما توصلت إليه الاتصالات في هذا الشأن بدءاً من هوية رئيس الحكومة العتيد وبرنامج عملها الإصلاحي وهويتها وشكلها»، ولفتت الى ان «الطروحات لامست اسم الرئيس الحريري من زاوية الالتقاء عليه كأفضل شخصية لإدارة المرحلة الصعبة، بعد تخفيف كمّ الشروط التي وضعها لقبول المهمة وانتهى الاجتماع الى التوافق على استمرار المشاورات ومتابعة بعض النقاط خلال الساعات الـ48 المقبلة للتوصل الى تفاهم ضروري قبل الذهاب الى الاستشارات النيابية الملزمة».

وعلمت «البناء» أن الرئيس بري يؤيد عودة الحريري الى رئاسة الحكومة ويسعى مع القوى السياسية الأخرى لتأمين مظلة توافق سياسي حول اسم الحريري أولاً ومن ثم الاتفاق على شكل الحكومة وبرنامجها، كما علمت أن حزب الله لا يمانع عودة الحريري ويترك للمشاورات والاستشارات تحديد اسم الرئيس المقبل والحكومة العتيدة.

ولفت رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد إلى أنّ «أميركا حددت سقوفاً لتشكيل الحكومة، بعد تحدّث فرنسا عن حكومة وحدة وطنيّة»، مضيفاً أن «لا مشكلة مع أيّ مبادرة طالما هناك أطراف محليّون يعلمون مصلحتهم».

وأعلن رعد في حديث لقناة «الميادين» أن «آخر وصف مطروح من قبل أطراف خارجيّة للحكومة المقبلة هو «حكومة المهمات المستقلة»، من دون أن يوضح المقصود بذلك.

وفي المقابل تشير أوساط معارضة الى أن فريقي القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي يعارضان عودة الرئيس الحريري في الظروف الراهنة، وأن الرئيس بري قد يتولى مهمة إقناعهما، أوضحت أوساط مطلعة في الحزب الاشتراكي لـ«البناء» الى أن «الحزب الاشتراكي لم يقل إنه يرفض عودة الحريري بل قال رئيس الحزب وليد جنبلاط بأن ليس لديه مرشح حتى الساعة»، مضيفة «أننا لن نشارك بأي حكومة مقبلة وإن ترأسها الحريري أو غيره، لأننا لسنا مع صيغة حكومية تشبه الصيغ السابقة بل مع حكومة تقود الإصلاح»، ولفتت الى «أننا ننتظر. علينا مقاربة مواقف الأخرين بمسألة الحكومة حتى نعلن موقفنا سواء تكليف الرئيس الحريري أو غيره».

إقرأ المزيد في: لبنان