معركة أولي البأس

 

لبنان

هيل في بيروت اليوم.. والحريري رغم تجربته السيئة ما زال الأوفر حظًا لتشكيل الحكومة
13/08/2020

هيل في بيروت اليوم.. والحريري رغم تجربته السيئة ما زال الأوفر حظًا لتشكيل الحكومة

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة فجر اليوم من بيروت على زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركي ديفيد هيل الذي يصل اليوم الى بيروت. نقطة الرصد الأساسية لموقف هيل ستكون غدًا من خلال جسّ نبض القوى السياسية ومدى استعدادها لحل الملفين الحكومي والنفطي لا سيما مشاركة حزب الله في الحكومة الجديدة. هذه الزيارة ستكون تمهيدية للدبلوماسي الاميركي دايفيد شينكر الذي ربما يزور لبنان أواخر الشهر الجاري.

في غضون ذلك بدا واضحًا ان المشهد الداخلي لا يزال يتسم بارتباك سياسي واسع حيال الاتجاهات التي سيسلكها استحقاقا التكليف وتأليف الحكومة. فعلى صعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة، أكدت مصادر رفيعة في التيار الوطني الحرّ "أننا نريد حكومة تلتزم بوضوح بالاصلاحات وبالانتاجية، والتجربة بيّنت أن سعد الحريري ليس عنواناً لا للاصلاح ولا للانتاجية". ويبدو أن رئيس الجمهورية ميشال عون غير متحمّس لتسمية الحريري، إذ يريد إنهاء السنتين الأخيرتين من عهده بتحقيق إصلاح حقيقي، والحريري "ليس في موقع من يضع الشروط، بل من توضع عليه شروط".

والواضح حتى الساعة أن الفرنسيين لم يطالبوا بحكومة وحدة وطنية بمعنى الحكومات المتعارف عليها في لبنان، بل بحكومة تفاهم وطني يتفق كل الأطراف على اسم رئيسها وعلى برنامجها، وتتضمّن أسماء توحي بالثقة. كما انهم غير متمسكين بالحريري على رأسها، خصوصاً أن لديهم ملاحظات كثيرة على أدائه ربطاً بقلة انتاجيته في تنفيذ ما اتفق عليه في سيدر. وعلى الرغم من ذلك يبدو أن الحريري ما زال الأوفر حظًا في التكليف.


"النهار": السلطة والمعارضة تتخبطان و”كاسحة” ماكرون وسط الألغام

وسط خشية جدية من ان تكون التعقيدات الداخلية التي بدأت تتراكم وتؤخر مسار التكليف فالتأليف وعودة الألاعيب السياسية التقليدية لتتحكم بمجمل الاستحقاق الحكومي وإطالة امد الفراغ بدأت بعد يومين من استقالة حكومة حسان دياب ترتسم لوحة متشائمة داخليا ولكن من شأنها ان تزيد الرهانات على التحرك الفرنسي خصوصا ثم الأميركي لبلورة الاتجاهات نحو فتح الطريق امام حكومة جديدة. ذلك انه فيما بدت قوى السلطة تتخبط بقوة غداة استقالة الحكومة وعدم توافق قواها على بوصلة موحدة ثابتة حتى الان ربما في انتظار الموقف الذي سيعلنه مساء غد الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله، وفيما لم تكن حال قوى المعارضة افضل ابدا اذ تظهرت من اول طريق الاستحقاق مواقف قواها المتناقضة بما يخدم قوى السلطة، وسط كل هذا الغبار الداخلي اتجهت الأنظار تكرارا الى المبادرة الفرنسية المستمرة بفصولها التي يتولاها مباشرة الرئيس ايمانويل ماكرون كرافعة أساسية محتملة لاخراج ازمة الاستحقاق من تعقيداتها التي ظهرت سريعا. والواقع ان الاستقالة السريعة لحكومة حسان دياب ابرزت في جانبها الخلفي ان معظم القوى السياسية موالية او معارضة لم تكن جاهزة اطلاقا لاستحقاق تغيير الحكومة بدليل ان معسكري التحالف الحاكم كما المعارضة بقواها الكبرى الأساسية بدت تتسابق الى التخبط والانكشاف الامر الذي سيشجع رئاسة الجمهورية على مزيد من توظيف التعقيدات للتباطؤ في اجراء الاستشارات النيابية الملزمة بحجج وذرائع سبق ان اعتمدها العهد وصار يكررها كعرف مع انه تثير إشكالية دستورية كبيرة لجهة التمادي في اجتهادات تخدم مصالحه السياسية. ولذلك تعاظم التعويل على التحرك الفرنسي خصوصا بعدما اتضح ان الرئيس ماكرون وضع لبنان في رأس أولوياته منذ قام بزيارته الخارقة لبيروت غداة الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت واتخذ تحركه طابعا بالغ الجدية وربما تتجاوز دلالاته الواقع اللبناني الى الإقليمي فيما يبدو كأنه كاسحة الغام يسعى عبرها ماكرون الى إحلال مناخ خارجي – داخلي يتيح للبنان ان يبدأ بتلقي جرعات الاوكسيجين تدريجيا ومعالجة ازماته المصيرية. هذا البعد برز في الاتصال امس بين ماكرون والرئيس الإيراني حسن روحاني والذي كان لبنان الموضوع المركزي فيه. وكشف قصر الاليزيه ان ماكرون قال لروحاني ان على كل الأطراف المعنيين الكف عن التدخل الخارجي في لبنان ودعم تشكيل حكومة جديدة. كما ان اتصالا مماثلا جرى بين ماكرون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونقلت وسائل إعلام روسية عن بوتين تأكيده لماكرون ضرورة تسوية مشاكل لبنان دون تدخل خارجي. وأوضح الاليزيه ان ماكرون دعا بوتين الى المشاركة في آلية جمع تبرعات للبنان.

وفي المقابل تبين ان الرئيس الفرنسي يقيم جسر اتصالات مفتوحا مع القادة السياسيين في لبنان استكمالا للحوار الذي رعاه في قصر الصنوبر الأسبوع الماضي. وبعد اتصالات اجراها في الساعات الثماني والاربعين الأخيرة وشملت الرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كان اتصال امس بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وستتجه الأنظار اليوم وغدا الى اللقاءات التي سيجريها وكيل وزارة الخارجية الأميركي ديفيد هيل الذي يصل اليوم ويبدأ لقاءاته صباح الجمعة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعدهما ستكون له لقاءات مع عدد من الزعماء السياسيين ابرزهم الرئيس سعد الحريري وجنبلاط وجعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل. ومع ان جانبا أساسيا في زيارة هيل يتصل بمسألة ترسيم الحدود اللبنانية البرية والبحرية مع فلسطين فان استقالة الحكومة والشراكة الواضحة الفرنسية الأميركية التي برزت عقب انفجار بيروت رفعت التوقعات بدور أميركي بارز سيتضح من خلال محادثات هيل حول موقف ادارته من الاستحقاق الحكومي والشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة وما ينتظر منها خصوصا وسط مضي الولايات المتحدة بسياسة دعم اللبنانيين ولكن مع تصعيد العقوبات ضد “حزب الله”. ولذا ستكون نقطة الرصد الأساسية لموقف هيل غدا متعلقة بموقفه من مشاركة الحزب في الحكومة الجديدة كما من طبيعة الدعم الأميركي للحكومة الجديدة اذا رست تشكيلتها على اطار حكومة وحدة وطنية.

وأفادت السفارة الأميركية مساء امس ان هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية مساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة وإعادة بناء حياتهم. وأشارت الى انه في الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب سيؤكد وكيل الوزارة هيل الحاجة الملحة لتبني الإصلاح الاقتصادي والمالي والقضاء على الفساد المستشري وتحقيق المساءلة والشفافية وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة. وأضافت السفارة ان هيل سيؤكد استعداد اميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزاما حقيقيا اجندة الإصلاح هذا وتعمل وفقا لها.

المشهد من الداخل

وفي غضون ذلك بدا واضحا ان المشهد الداخلي لا يزال يتسم بارتباك سياسي واسع حيال الاتجاهات التي سيسلكها استحقاقا التكليف والتأليف. فعلى صعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة الجديدة قالت مصادر بعبدا امس انها لن تجري قبل الأسبوع المقبل خصوصا ان نتيجة الاتصالات والمشاورات السياسية لم تتضح بعد وما زالت في بداياتها. وأشارت هذه المصادر الى ان الخيار الأكثر تداولا هو تشكيل حكومة وحدة وطنية الا ان طبيعة التمثيل فيها لم تحسم بعد. وقالت ان المشاورات السياسية ناشطة أكان في العلن ام في الكواليس من اجل التوافق على الحكومة ورئيسها. وأوضحت ان مهمة التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم تأتي في اطار المساعي والاتصالات الجارية مع القوى السياسية لتسهيل عملية التوافق المطلوب حول حكومة الوحدة الوطنية. وأشارت الى ان الكلام عن انجاز تشكيل الحكومة قبل عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان في مطلع أيلول يحتاج الى جهد استثنائي. وأضافت ان الزيارات والاتصالات الدولية تؤكد ان المظلة الدولية ما زالت قائمة فوق لبنان. ولفتت الى ان زيارة الموفد الأميركي ديفيد هيل لبيروت رغم انها كانت مقررة لبيروت قبل استقالة الحكومة فمن شانها المساهمة في المساعي الجارية لتسهيل الحل السياسي في لبنان. وثمة رهان على ان زيارة هيل قد تساعد في حسم الكثير من النقاط العالقة وأبرزها تأمين الغطاء الأميركي لمبادرة الرئيس الفرنسي وإعطاء الضؤ الأخضر بالسير في الحكومة الجديدة بتحديد طبيعة شخصياتها وكيفية تمثيل القوى الداعمة لها فضلا عن حسم الشخصية التي ستترأسها انطلاقا من ان الرئيس سعد الحريري هو المرشح الأول حتى هذه اللحظة. ومع ان الحريري يتجنب أي دخول في احتمالات ترؤسه للحكومة علما انه يشترط أساسا ان تكون حكومة مستقلة عن الأحزاب فان المعطيات تؤكد ان الثنائي الشيعي يفضّل حكومة برئاسة الحريري حتى بشخصيات مستقلة يسميها السياسيون كما ان بعبدا والتيار الوطني الحر بدأا يلمحان الى عدم وجود فيتو على الحريري.

جعجع والحكومة

غير ان واقع القوى المعارضة حيال الاستحقاق الحكومي بدا مشوبا بكثير من انعدام احتمالات التوافق وتوحيد الرؤية بل ان التناقضات والحساسيات بين قواها عادت لتقفز الى واجهة المشهد الداخلي بما يعقد الوضع اكثر. وقد برز امس في هذا السياق الموقف الذي اعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والذي ترك انطباعات واضحة عن عدم قبوله بتسمية الرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة العتيدة. واعلن عقب ترؤسه اجتماع تكتل الجمهورية القوية انه يؤيد تشكيل حكومة حيادية ومستقلة وليس كحيادية واستقلالية الحكومة السابقة. وردا على سؤال عن امكان الذهاب نحو حكومة وحدة وطنية برئاسة الحريري قال جعجع “نحن مع حكومة جديدة كليا ولسنا مع طرح حكومة الوحدة الوطنية ونرفض هذا الطرح ونؤيد حكومة جديدة تماما لان هذا ما يقتضيه الوضع في الوقت الراهن “. وتلقى جعجع اتصالا مطولا امس من الرئيس ماكرون تناول حسب مصادر القوات عناوين المرحلة بعد استقالة الحكومة لافتة الى انه ليس صحيحا الكلام عن حكومة وحدة وطنية والرئيس ماكرون لم يطرحها في اللقاء الحواري الذي عقد في قصر الصنوبر بل انه يحكي عن حكومة حيادية.

وفي سياق متصل اعلن النائب نهاد المشنوق بدوره تأييد ترشيحه للسفير السابق نواف سلام لترؤس الحكومة الجديدة واتهم المشنوق إسرائيل بالوقوف وراء تفجير مرفأ بيروت.

"الأخبار":  الحريري.. هذه شروطي

فعلياً، لم تنطلق عملية التفاوض على اسم رئيس الحكومة المقبلة. المشاورات لا تزال في بدايتها، لكنها تصب كلها في اتجاه عودة سعد الحريري. والأخير لديه شروطه. داخلياً، يريد أن يكون مطلق اليدين في التأليف والحكم، وخارجياً لا يعنيه سوى ضوء أخضر سعودي متعذر حتى اليوم.

فشلت ١٤ آذار في مسعاها لإفقاد مجلس النواب مشروعيته الطائفية، فانهار تحالف وليد جنبلاط وسمير جعجع سريعاً. العامل الفرنسي كان كابحاً لتحالف هدفه إجراء انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة. سمير جعجع قال إنه قد لا يدخل الى الحكومة لأنه لا يريد مواجهة الشارع، وهو أصلاً يعاني اليوم بسبب رفضه الاستقالة من المجلس النيابي. أما جنبلاط فيبدو مستعداً لأي تسوية تحفظ مكانته، وهو عاد خطوة الى الخلف بإبلاغه الرئيس نبيه بري أنه لا يريد مواجهة مع حزب الله.

لكن مع إقفال ملف الانتخابات النيابية المبكرة، بدأ بعض ١٤ آذار يركز على معركة أخرى، هي معركة استجداء التدخل الدولي في التحقيق في كارثة مرفأ بيروت، من خلال عريضة مجهولة المصدر، موجّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وتدعوه فيها إلى تولّي التحقيق بدلاً من القضاء اللبناني. وكذلك تدعو إلى العمل على تأليف حكومة حيادية تتولى إدارة ما بعد الأزمة، إضافة إلى الوضع المالي في لبنان.
مطلب التحقيق الدولي يبدو، بحسب مصدر متابع، تصعيداً، الغاية منه تحسين شروط هذه القوى في المفاوضات الحكومية المقبلة، وهي لا تجد لذلك سبيلاً إلا من خلال التخلّي عن السيادة، في إطار تأكيد الحرص عليها!
بالنسبة إلى رئيس الجمهورية الأمر واضح ومحسوم. سبق أن أكد حفظ السيادة القضائية للدولة اللبنانية. وقد أعلن أن الحكم لا يصدر إلا باسم الشعب اللبناني، من دون أن يعني ذلك عدم الحصول على المعونة التقنية والتحقيقية من أي دولة في العالم. وهو ما بدأ تنفيذه بالفعل، حيث يعاون خبراء من تركيا وروسيا وفرنسا (غطاسون وخبراء متفجرات وأدلة جنائية) المحققين اللبنانيين.

باختصار، وعلى ما تؤكد مصادر معنية: لن تتكرر تجربة المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، التي أقرت بمرسوم اشتراعي تخطى مجلس النواب الذي يحق له وحده إقرار المعاهدة وتخطى رئيس الجمهورية الذي تشكل المفاوضات لإبرام الاتفاقيات إحدى وظائفه.
ماذا كانت النتيجة؟ بعيداً عن الكلفة المالية، فقد كلّفت المحكمة الدولية التي تصدر قرارها في ١٨ الجاري، ١٥ عاماً من الانتظار والتسييس والاستغلال. ولهذا، تستحق السيادة القضائية للبنان أن تعطى فرصة، مع إبقائها تحت مجهر الرقابة، وبالتعاون مع أي دولة يمكن أن تفيد التحقيق. لكن هذا يتطلب أولاً جدية أكبر في التعامل مع التحقيق، وإعلام الرأي العام بالاستنتاجات الأولية التي خلص لها، والأهم إبعاد اسم المحقق العدلي عن الصراعات السياسية.
إلى ذلك، مرّ يوم أمس بطيئاً في الملف الحكومي. لم يحصل أي تقدم، باستثناء إكمال الرئيس الفرنسي مروحة اتصالاته الداخلية والخارجية المتعلّقة بلبنان.

فرنسا، تبدو مصرّة على برنامج جامع، لكنها بدأت بشيء وهي الآن تقول شيئاً مختلفاً. هي تريد الحريري، لكنها تريد توافقاً عاماً عليه داخلياً وخارجياً. وقد أبلغت من يهمّهم الامر في لبنان وخارجه أن مهمة الحكومة الجديدة «منع الانهيار المالي والاقتصادي»، موضّحة أنه لا يوجد على جدول أعمالها أي بنود أخرى، مثل ملف سلاح حزب الله. يقول الفرنسيون إنهم أقنعوا الاميركيين بخطأ مقاربتهم السابقة القائمة على مبدأ العزل والخنق، وإنهم يسعون الى نيل تفويض أميركي بإدارة مختلفة «لمنع سقوط لبنان كله بيد حزب الله».

الإيرانيون، الذين يستعدون لاستقبال الرئيس الفرنسي، بعثوا الى من يهمهم الامر، بصورة مسبقة، بالثوابت التي تقول إن على ماكرون والآخرين التوجه إلى بيروت والتفاوض هناك، وما يقبل به حزب الله ستقبل به ايران. أما النقطة الثانية، فهي ان ايران ترفض ربط اي ملف إقليمي بمشكلتها مع الغرب، وهي لن تساوم في هذا المجال ولن تكون جاهزة لاي مقايضة. بينما ينقل غربيون عن مسؤولين ايرانيين انهم مستعدون لتسهيل مهمة تأليف حكومة وحدة وطنية لا تكون أداة لضرب المقاومة.
الاتصالات التي يجريها ماكرون مع الداخل اللبناني، وصلت أمس إلى النائب جبران باسيل. تباحثا في «آخر التطورات والسبل الآيلة إلى متابعة المبادرة والجهد الذي يقوم به الرئيس الفرنسي بخصوص الأزمة اللبنانية».
مصادر رفيعة في التيار الوطني الحرّ أكدت «أننا نريد حكومة تلتزم بوضوح بالاصلاحات وبالانتاجية، والتجربة بيّنت أن سعد الحريري ليس عنواناً لا للاصلاح ولا للانتاجية»، ولذلك «لسنا مهتمين بالمشاركة في اي حكومة يرأسها، مع التزامنا بالمساعدة والتسهيل». وفيما أفادت مصادر بأن رئيس الجمهورية ميشال عون غير متحمّس لتسمية الحريري، قالت مصادر التيار لـ«الأخبار» إن عون «يريد إنهاء السنتين الأخيرتين من عهده بتحقيق إصلاح حقيقي، وليس واضحاً كيف يمكنه ذلك بوجود من يريد حماية حاكم مصرف لبنان والميدل ايست وكل مواقع الشبهات في البلد». وشدّدت على أن الحريري «ليس في موقع من يضع الشروط، بل من توضع عليه شروط»، و«إذا ما قبلنا به فسيكون ذلك من ضمن شروط، ومن دون مشاركة في حكومة يرأسها. في الحكومة السابقة لم نشارك لكننا منحنا الثقة. ويمكن الآن ألا نشارك ولكن من دون ثقة». ولفتت الى أن «هناك امكانية للاتفاق على اسم يوحي بالثقة للجميع على رأس الحكومة. والفرنسيون مهتمون بجمع أسماء يمكن أن تكون مقبولة. واذا كنا لم نعترض على اسم نواف سلام، فهذا يعني ان هناك مروحة واسعة من الأسماء تحته يمكن أن نوافق على واحد منها».

وأكّدت المصادر أن الفرنسيين «لم يطالبوا بحكومة وحدة وطنية بمعنى الحكومات المتعارف عليها في لبنان، بل بحكومة تفاهم وطني يتفق كل الأطراف على اسم رئيسها وعلى برنامجها، وتتضمّن أسماء توحي بالثقة. كما انهم غير متمسكين بالحريري على رأسها، خصوصاً أن لديهم ملاحظات كثيرة على أدائه ربطاً بقلة انتاجيته في تنفيذ ما اتفق عليه في سيدر، من دون أن يعني ذلك أن لديهم فيتو على اسمه إذا ما كان محل اتفاق». كما أنهم «يبدون اهتماماً كبيراً بموضوع الاصلاحات، مع تركيز أساسي على عمل مصرف لبنان وعلى رياض سلامة الذي يبدو بوضوح أن لا غطاء فرنسياً له».
بالنتيجة، وبالرغم من أن الأيام الماضية شهدت ارتفاع أسهم نواف سلام لرئاسة الحكومة، قبل أن تعود وتنخفض على وقع فيتو من حزب الله، فإن سعد الحريري لا يزال المرشّح الأبرز لرئاسة الحكومة. وهو لا يألو جهداً في التواصل مع الفرنسيين لإقناع الأميركيين بإقناع السعوديين لدعم عودته إلى الحكومة. لكن من جهتهم، يستمر السعوديون في التزام الصمت. يستمعون إلى عروض من طامحين ومرشّحين لرئاسة الحكومة، لكنهم يعتقدون أنه يجب عدم المبالغة في تصوير المشروع الفرنسي. وهم يؤكدون أن أي حكومة يجب أن تستبعد حزب الله كلياً حتى تحظى بدعمهم السياسي والمالي. لا يضعون فيتو على أحد، لكنهم لم يعلنوا ترحيبهم بأحد وخصوصاً الحريري. والاكيد ان التواصل بين الحريري الرياض مقطوع تماماً

الإمارات تجاري السعودية في موقفها، لكنّها تعتقد أنه يمكن التحرك على مستويات دنيا، والاهم مواجهة مساعي تركيا وقطر للدخول إلى الساحة اللبنانية من خلال مقترحات دعم اقتصادية، خصوصاً فكرة التعاون التركي – القطري لإعادة بناء واستثمار مرفأ بيروت وطرابلس وصيدا ايضاً.
بالنسبة إلى الأميركيين، فإنهم يعبّرون عن استعداد لمغادرة المقاربة السابقة. لكنهم لم يبدلوا في وجهتهم، وهم يعتقدون أن الوقت مناسب للقيام بمزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية على لبنان بغية إلزام حزب الله بتغيير وجهته. كما يبدون استعدادهم للقيام بخطوات أو فرض عقوبات لإجبار حلفاء الحزب على ممارسة الضغوط عليه لاجل التنازل في ملف تأليف الحكومة وأن لا يكون له أي تمثيل فيها، إضافة إلى الإصرار على بندي ترسيم الحدود وتوسيع عمل قوات اليونيفيل في الجنوب.

"البناء": ماكرون مع روحانيّ هاتفياً... ويواكب مبادرته مع القيادات اللبنانيّة... ونصرالله يطلّ غداً

كشفت مصادر متابعة لمسار التحقيق الذي سيصبح في عهدة المجلس العدلي بعد حسم الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى ووزيرة العدل حول تسمية المحقق العدلي، عن سيناريو يسعى المحققون لاختباره كفرضية، يقوم على التساؤل عما إذا كان الإهمال سبباً كافياً لتفسير التغاضي عن وجود كمية من المتفجّرات بهذه الخطورة، تشغل موقعاً حساساً بمساحة تجارية ضخمة دون فائدة، لهذه المدة الطويلة، والفرضية تقوم على وجود مصالح لبعض المسؤولين ترتبط بحفظ هذه المواد مقابل عائدات غير مشروعة تسدّدها جهات مستفيدة ذات علاقة بالجماعات الإرهابية في لبنان وسورية، أو عائدات بيع هذه المواد لأصحاب المقالع والكسارات والمتاجرة بها، وينبثق عن هذه الفرضية تساؤل جنائيّ عما إذا كان للتقارير الأمنيّة التي حركت الملف نحو قرار بحرقها لمنع فضيحة ظهور النقص اللاحق بالكميّة، من دون تقدير ما سينتج عن الحريق، وقالت المصادر إن إستجواب وزراء الأشغال والمال والعدل يهدف لتحديد المسؤوليات، لكنه سيظهر حجم جدية المسؤولين عن حفظ المواد في السعي للتخلص منها أم أنهم كانوا يفعلون ذلك عبر مراسلات مبرمجة لرفع العتب فقط.

بالتوازي مع المسار القضائي الذي ينتظر أن يغادر محطة الانتظار اليوم بحسم اسم المحقق العدلي، سجل المسار السياسي نشاطاً ملحوظاً تمثل بالاتصالات التي أجراها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، والتي شكل الاتصال بالرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني أهمها، حيث الاعتراف بدور إيران الإقليمي كشريك في التسوية اللبنانية ينطلق من محاولة باريس لإقفال الأبواب أمام الدور التركي، بينما سجلت اتصالات ماكرون اللبنانية التي شملت الجميع تقريباً تصويباً على الدعوة للانتخابات المبكرة، ودعوة لحكومة يتوافق عليها الجميع ولا تشكل في تسمياتها ومهامها ربحاً لأحد أو خسارة لأحد، وكانت أولى نتائج اتصالات ماكرون تراجع نواب القوات اللبنانية عن الاستقالة، وتولي رئيسها سمير جعجع دعوة النواب المستقيلين للعودة عن استقالاتهم ترجمة لمضمون الطلب الفرنسي، تفادياً لتثبيت هذه الاستقالات في جلسة مجلس النواب اليوم الذي سيتبلغ بالاستقالات لتصبح نافذة، ويفتح الباب لانتخابات فرعية في الدوائر التي شغرت فيها مقاعد نيابية، حيث يتوقع أن تبادر القوات اللبنانية لترشيح مَن يخلف أغلب النواب المستقيلين وتسديد الضربة الأخيرة لحزب الكتائب تحت شعار منع الخصوم من ملء الفراغ.

في المسار السياسيّ لا تبدو إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله غداً فرصة لقول الكثير عن الشؤون الداخلية، وهي مخصصة لذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، بينما لا يزال التشاور قائماً حول شكل الحكومة المقبلة وشخص رئيسها بينما لا يزال الرئيس الحريري في دائرة التردّد، بغياب موقف سعودي مشجع.

وفيما بقيت مشاورات تأليف حكومة جديدة في دائرة عمليات جس النبض بين القوى السياسية والقوى الخارجية المؤثرة في الساحة اللبنانية ولم تنتقل الى العمق، برزت مؤشرات قضائية سلبية ستنعكس على مصير التحقيق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، وذلك بعد اندلاع خلاف بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ومجلس القضاء الأعلى حول تعيين المحقق العدلي في القضية.

مشاورات لجس النبض

على صعيد المشاورات السياسية في ملف تأليف الحكومة، أفادت مصادر نيابية لـ»البناء» الى أن «كل الاتصالات حتى الآن لم تتعدَّ عمليات جس نبض الأطراف الداخلية لبعضها البعض، وجس نبض القوى الخارجية للأطراف الفاعلة في التكليف والتأليف لا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر ومدى استعدادهما لتسهيل التأليف»، مشيرة الى أن «كل ما يقال عن تسوية أو أسماء او صيغ للحل مجرد تكهنات لا أساس لها من الصحة. ومن المبكر الحديث عن اسم لترؤس الحكومة بانتظار التشاور الداخلي والمباحثات الأميركية الفرنسية السعودية التي تحصل لمحاولة بلورة صيغة موحدة للحكومة المقبلة».

واعتبرت المصادر أن لا اتفاق على شيء حتى الساعة باستثناء توافق الجميع على ضرورة تأليف حكومة جامعة ومنتجة، مضيفة أن «الرئيس سعد الحريري مرشح جدي، لكونه يرأس كتلة نيابية لكن لم يتم طرح أسماء علماً أن هناك موانع لعودة الحريري الى السرايا الحكومية لم تذلل حتى الآن».

هيل في بيروت

إلى ذلك، أعلنت السفارة الأميركية في بيروت أن وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد هيل يزور لبنان في الفترة ما بين 13 و15 آب وسيعبر عن تعازيه للشعب اللبناني على خسائره جراء الانفجار المدمّر الذي وقع في بيروت في 4 آب. وأكدت أن هيل سيكرر التزام الحكومة الأميركية بمساعدة اللبنانيين على التعافي من المأساة وإعادة بناء حياتهم.

وفي الاجتماعات مع القادة السياسيين والمجتمع المدني والشباب سيؤكد وكيل الوزارة هيل على الحاجة الملحة لتبني الإصلاح الاقتصادي والمالي والإصلاحي الأساسي، والقضاء على الفساد المستشري، وتحقيق المساءلة والشفافية، وإدخال سيطرة الدولة على نطاق واسع من خلال المؤسسات العاملة. وأضافت السفارة، أن هيل سيؤكد استعداد أميركا لدعم أي حكومة تعكس إرادة الشعب وتلتزم التزامًا حقيقيًا بأجندة الإصلاح هذه وتعمل وفقًا لها.

وبحسب مصادر مطلعة لـ”البناء” فإن “زيارة هيل تهدف الى جس نبض القوى السياسية ومدى استعدادها لحل الملفين الحكومي والنفطي لا سيما حزب الله، وبالتالي هي زيارة تمهيدية للدبلوماسي الاميركي دايفيد شينكر الذي ربما يزور لبنان أواخر الشهر الجاري أي قبيل زيارة ماكرون الى لبنان التي ستكون الحاسمة على صعيد هذه الملفات”.

إقرأ المزيد في: لبنان