لبنان
قرصنة أميركية لطائرة إيرانية..زيارة لودريان تكسر حصار الحكومة..وكورونا يتفشى مجتمعياً
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على أحداث عدة تسارعت خلال الساعات الماضية، وتمحورت حول القرصنة الأميركية الإسرائيلية لطائرة إيرانية كادت تودي بأرواح عشرات اللبنانيين، والتي أتت في ظل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى لبنان. كما تطرقت الصحف إلى الحديث عن نية المصارف بالانسحاب من المفاوضات مع وزارة المال وشركة لازارد لإصرار الوزارة على عملية الهيركات، فضلاً عن التطرق إلى تفشي وباء كورونا في المجتمع اللبناني.
الأخبار: وقاحة المصارف: أملاك الدولة لنا
وفي هذا السياق، قالت صحيفة "الأخبار" "أمس، جاهر وفد جمعية المصارف بما يضمره. الحديث عن الحرص على المودعين شيء، والحقيقة شيء آخر. وقد أعلن الوفد صراحة أن العين على أصول الدولة، وليس أية أصول، الأملاك البحرية تحديداً، وأموال الاتصالات. لكن الوفد الحكومي كان، هذه المرة، بالمرصاد: أملاك الدولة ليست للبيع. وعلى المنوال نفسه أنهى وفد «لازار» خدعة المصارف بالإشارة إلى أن خطتها ستؤدي إلى اقتطاع من الودائع يزيد بأربعة أضعاف عن خطة الحكومة
واشارت إلى أنه فيما كانت الحكومة «تحتفل» بفك العزلة الغربية عنها، قرر وفد المصارف التكشير عن أنيابه في الاجتماع المالي الذي عقد في السرايا أمس، بحضور وفد من شركة «لازار»، المستشار المالي للحكومة، بهدف السعي إلى «توحيد أرقام الخسائر في القطاع المالي». بثقة كاملة بقدرته على فرض وجهة نظره، كان وفد جمعية المصارف يضع لائحة شروطه على الحكومة أمام أعين مستشارها المالي. كاد الوفد أن «يوبّخ» الحكومة على عدم تسليمه لائحة بالممتلكات والأصول الحكومية، سائلاً عن سبب التأخير! وأكثر من ذلك، طالب الوفد بحصول المصارف على ما قيمته 40 مليار دولار من هذه الأصول، مع اشتراط أن تكون عقارات، إضافة إلى جزء من واردات شركتي الهاتف الخلوي. أما العقارات المطلوبة أولاً، فهي ببساطة: عقارات الواجهة البحرية، أي العقارات الأغلى في لبنان.
ولفتت إلى أنه أمام هذا الصلف، كان موقف الحكومة واضحاً في الإعلان أن أصول الدولة ليست جزءاً من التفاوض. وزير المالية غازي وزني أبلغ الحاضرين، بالنيابة عن الرؤساء الثلاثة، أن أصول الدولة ليست معروضة للبيع. أضاف: نفاوض صندوق النقد الدولي للحصول على 10 مليارات دولار، فكيف نعطيكم 40 مليار دولار؟
واضافت الصحيفة أن "وقاحة المصارف ليست محصورة في الطلب نفسه وحسب. فهي رفضت تلبية طلب «لازار» الكشف عن ميزانيتها لتحديد خسائرها الفعلية. لكنها في الوقت عينه تريد التعويض مسبقاً على الخسائر، بما قيمته 40 مليار دولار. وهي تطلب أيضاً السطو على الجزء الأكبر من واردات الخزينة العامة، أي أموال الاتصالات الخلوية.
وتابعت "هنا غيّر وفد الجمعية وجهته، وصار يتذرّع برفض الاقتطاع من أموال المودعين، تمهيداً لاحتمال انسحابه من المفاوضات. وهو إذ تناسى أن المصارف هي التي تحتجز أموال المودعين وهي التي تفرض عليهم الاقتطاع الإلزامي عبر إجبارهم على سحب أموالهم بالليرة وبأقل من سعرها الفعلي، فقد جاءه الرد من «لازار». وفد الشركة الذي يغادر بيروت اليوم، بعد انتهاء المدة المقررة لمشاركته في الاجتماعات، رد على الجمعية، مكذباً حجة الحرص على المودعين. قال إن خطة جمعية المصارف تتضمن «هيركات» (اقتطاعاً) يفوق الهيركات الحكومي بأربعة أضعاف. وبإصرار على قلب الوقائع وتغطية المطلب الحقيقي للمصارف، أي سرقة أملاك الدولة بعد سرقة أموال المودعين، قال نائب رئيس جمعية المصارف نديم القصار، عبر «الجديد»: «إذا كان هنالك إصرار من الشركة على إجراء الهيركات على أموال المودعين، فنحن خارج هذه العملية ولن نكون شهود زور»! وأصدرت جمعية المصارف بياناً نفت فيه ما جرى التداول فيه إعلامياً عن نيتها مقاطعة المفاوضات مع الحكومة و«لازار»، مبدية في الوقت عينه «أسفها» لأجواء الاجتماع، ومهددة بعدم متابعة المفاوضات!"
لو دريان: ساعدونا لنساعدكم
إلى ذلك، تحدثت الصحيفة عن زيارة خطفت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، فقالت إن زيارة لو دريان للبنان الأنظار، وعوملت كأنها حدث بحد ذاتها. هو المسؤول الغربي الأرفع الذي يزور بيروت منذ تشكيل الحكومة الحالية. الزيارة استرعت اهتماماً لافتاً، بالرغم من أن كل المعطيات تشير إلى أن الضيف الفرنسي لم يحمل أي مبادرة تفتح الباب أمام حل للأزمة الراهنة. كذلك ذهب البعض إلى اعتبارها حفلة علاقات عامة، تؤكد فيها فرنسا مجدداً اهتمامها بلبنان، من دون أن يكون لهذا الاهتمام أي ترجمة على أرض الواقع. مع ذلك، قرأت مصادر متابعة أن هذا الاهتمام يشكّل «صمام أمان يمكن أن يقي لبنان من الانهيار التام، بشرط بمبادرة الداخل إلى الإصلاح».
ولفتت إلى أنه في قصر بعبدا، نقل لو دريان إلى الرئيس ميشال عون رسالة شفهية من نظيره الفرنسي أكد فيها وقوف فرنسا إلى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمرّ بها، كما كانت دائماً وعبر التاريخ. ومن وزارة الخارجية، حيث التقى نظيره اللبناني ناصيف حتي، كرر لو دريان الأمر. قال للبنانيين: ساعدونا لنساعدكم. وتلك مفتاحها أن «الحلول لترتيب الوضع في لبنان موجودة في مقررات مؤتمر سيدر وتنفيذ الإصلاحات الملحّة والضرورية». وهو إذ أكد أن هذه ليست تطلعات فرنسا حصراً، بل الأسرة الدولية بأكملها، دعا إلى «إعادة إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي» لأنه «ليس هناك من حل بديل لبنان من أزمته».
واشارت "الأخبار" إلى ان لو دريان التقى الرؤساء الثلاثة، كما البطريرك الماروني بشارة الراعي، لكن الزيارة التي استحوذت على الاهتمام هي زيارته لمؤسسة عامل. وجود المؤسسة في حارة حريك استدعى الكثير من التحليلات عن إمكان لقاء وزير الخارجية الفرنسي مسؤولين من حزب الله، إلا أن الواقع كان مغايراً. إذ نفت مصادر مطلعة كل ما قيل ويقال عن لقاء من هذا النوع. وبالرغم من الطابع الاقتصادي الذي طغى على الزيارة، إلا أن السياسة حضرت لماماً في اللقاءات التي عقدها. وقد أشارت بكركي، في بيان، إلى أن لو دريان أبدى تقديره لمبادرة الراعي، ولا سيما أن سيادة لبنان التي تتمسك بها فرنسا تستلزم أن يكون لبنان بلداً محايداً بعيداً عن الصراعات والمحاور».
وقالت الصحيفة إن رئيس الحكومة حسان دياب كان الفائز الأكبر، أمس. زيارة الوزير الفرنسي له أتت لتؤكد أن مرحلة السعي لاستبداله انتهت. هي زيارة بمثابة إضفاء الشرعية على رئاسته للحكومة، لكنها زادت من الضغوط باتجاه وقف مرحلة الدلع السياسي، والبدء سريعاً بالإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي، ولا سيما في قطاع الكهرباء. والأمر نفسه سمعه دياب من الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي، الذي تواصل معه عبر «سكايب»، فكانت مطالبة أخرى بضرورة المضيّ قدماً بالإصلاحات.
«لا استثناء من قيصر»
من جهة أخرى، قالت الصحيفة إنه "وبالرغم من الأصداء الإيجابية المتعلقة بإمكان موافقة السلطات الأميركية على استثناء لبنان من مفاعيل قانون قيصر، أكد مبعوث وزارة الخارجية الأميركية إلى سوريا، في جلسة عبر الفيديو دعا إليها المركز العربي في واشنطن تحت عنوان: «السياسة الأميركية تجاه سوريا بعد قانون قيصر»، أنه «لا يوجد استثناءات في تطبيق قانون قيصر لأحد لأنه قانون أميركي ولا يمكن تجاوز القانون الذي يحظى بتأييد الكونغرس الأميركي وكلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي".
وتحت عنوان كورونا: "فِلت الملقّ"، قالت الصحيفة إنه "مع التفشي المتزايد لفيروس «كورونا» في مختلف المناطق وأرقام الإصابات المتصاعدة، بات مؤكداً أن الأمور «لم تعد ممسوكة»، وخصوصاً في ظل تأكيدات اختصاصيين إمكان انتشار نوع جديد من الفيروس أكثر فتكاً، ليس مصدرُه القادمين من أفريقيا كما حاولت بعض الجهات الإيحاء لإعطاء الانتشار أبعاداً طائفية، وإنما أيضاً القادمون من أوروبا وأميركا وبقية دول العالم.
واشارت إلى أنه عندما أعلن وزير الصحة حمد حسن، ظهر أمس، تسجيل 161 إصابة بفيروس كورونا «حتى الساعة» (قبل أن تعيد الوزارة تصحيح الرقم لاحقاً، مشدّداً على «أننا بتنا في منحنى خطير»، كان يقوم بجولة تفقدية على مُستشفى ضهر الباشق (المتن) ومُستشفى بعبدا الحكومي ضمن «إطار رفع جهوزية المُستشفيات الحكومية» لمواجهة الفيروس. إلا أن أرقام الإصابات التي تواصل الارتفاع، منذ التاسع من الجاري (وصل عدد الحالات الحرجة أمس إلى 22 وعدد المُقيمين في المُستشفيات إلى 70)، مؤشر إلى حجم البطء في معالجة الواقع الوبائي المُستجد، ما ينسف أسلوب «شراء الوقت» الذي تغنّت وزارة الصحة، وخلفها الحكومة، باعتماده سابقاً.
وتطرقت الصحيفة إلى القرصنة التي تمت بحق الطائرة الإيرانية المدنية، إذ قالت تحت عنوان "مقاتلات اميركية «تهاجم» طائرة مدنية تقل لبنانيين فوق سوريا"، "نجت طائرة مدنية، تحمل بين ركابها لبنانيين، من كارثة السقوط فوق سوريا، أمس، بعدما تحرّشت بها مقاتلات حربية أميركية. وبحسب مصادر معنية، فإن الطائرة التابعة لشركة «ماهان إير» الإيرانية تعرضت لـ«هجوم» من قبل المقاتلات الأميركية، فور دخولها الأجواء السورية آتية من طهران، ومتّجهة إلى بيروت. وتعمّد الطيارون الأميركيون «المناورة» في محيط الطائرة بصورة دفعت قبطانها إلى الهبوط بسرعة عالية من الارتفاع الذي كانت تحلّق فيه، إلى مستوى أدنى من الارتفاع، ما عرّض سلامة الطائرة للخطر. وفي داخل الطائرة، أصيب الركاب المدنيون، البالغ عددهم أكثر من 100 شخص (لبنانيون وإيرانيون)، بحالة من الهلع، فيما أصيب عدد منهم بجروح. وقد أبقي أحد الركاب داخل الطائرة، وهو لبناني، لأكثر من ساعة بعد هبوطها (عند الثامنة والنصف مساءً)، في انتظار وصول فريق طبي متخصص لنقله إلى المستشفى بسبب إصابته بضربة قوية في ظهره".
وأعلنت إدارة الطيران المدني السوري أن المقاتلات التي اعتدت على الطائرة الإيرانية تعود إلى قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. كذلك أكّد قبطان الطائرة المدنية أن المقاتلات التي تحرّشت بطائرته هي أميركية، وأنه تحدّث مع طياريها، طالباً منهم الابتعاد عن مساره، من دون أن يستجيبوا له. واحتجّت السلطات الإيرانية لدى السفارة السويسرية في طهران، بصفتها ممثلة المصالح الأميركية في إيران، وبعثت عبرها برسالة إلى واشنطن تحمّلها فيها مسؤولية أي أذى تتعرض له الطائرة أثناء عودتها من بيروت إلى طهران.
"النهار": لودريان يتشدَّد في بيروت: صوت الشعب لم يُسمع التفشّي الوبائي نحو التفلّت ولا إجراءات رادعة !
من جهتها صحيفة "النهار" قالت إنه "مع أن التفشي البالغ الخطورة للتمدّد الوبائي لفيروس كورونا في لبنان جعل هذا التطوّر يطغى تماماً في الساعات الأخيرة على كل الأولويات والأزمات التي يعاني منها لبنان فإن القلق المتصاعد من اتساع الخطر الوبائي لم يحجب الأهمية الكبيرة للزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان - ايف لودريان لبيروت. ذلك أن الزيارة الأولى لشخصية أوروبية وفرنسية رفيعة للبنان منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 وبدء جائحة كورونا، عكست ما كانت أشارت إليه "النهار" أمس الدلالات المهمّة والبارزة بل الخطيرة أيضا للرسائل التي حملتها هذه الزيارة ومحادثات الوزير وهو الزائر مع المسؤولين الرسميين".
وأضافت أ،ه بدا واضحاً أن لودريان، الذي كان أطلق من باريس قبل أسبوعين نداءه الشهير الى اللبنانيين "ساعدوا انفسكم لكي نساعدكم"، لم يشأ أن تكون نبرته في بيروت أقل صراحة، فعاود توجيه النداء نفسه ولكن مقترنا بتحذيرات اتخذت بُعداً دقيقاً حيال نفاد الوقت أمام السلطات اللبنانية ما لم تتدارك الأخطار الزاحفة. ويمكن القول إن المواقف والاتجاهات التي أعلنها وزير الخارجية الفرنسي في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره اللبناني ناصيف حتي لم تبق أي مجال للاجتهادات أو التفسيرات الاستنسابية لموقف بلاده من التطورات اللبنانية أو لطبيعة الزيارة التي يقوم بها اذ اتسمت تصريحاته بالصراحة التي تتجاوز الأطر الكلاسيكية للمواقف الخارجية وتعبر عن عمق العلاقات الخاصة التي تربط فرنسا بلبنان والأولوية التي لا يزال يحتلها لبنان في اهتمامات باريس على نحو متميّز عن علاقات لبنان بالدول الاخرى. والأهم في هذا السياق ان لودريان لم يخف استياءه بل سخطه الواضح من تقاعس السلطات اللبنانية في الاصلاح، كما لم يتأخر عن دق جرس الإنذار حيال أخطار الأزمة التي تتهدّد اللبنانيين.
وبحسب "النهار" فقد قالت أوساط الذين اطلعوا على المحادثات التي اجراها لودريان مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء حسان دياب والوزير حتي إن مضمون المواقف التي أبلغهم إياها كانت نسخة مطابقة تماماً لما أدلى به في مؤتمره الصحافي بما يعني أنه شاء التوجّه الى الرأي العام اللبناني بكل شفافية، كما أراد إيصال رسالة واضحة الى المسؤولين بأن فرنسا معنية في الدرجة الأولى بتلبية مطالب الشعب اللبناني الذي انتفض ولم يسمع المسؤولون صوته بعد كما يجب.
واضافت الصحيفة "الواقع أن لودريان قال بوضوح إنه جاء الى لبنان "حاملاً رسالة الحقيقة التي تقول إن المرحلة خطيرة ولبنان في حالة مقلقة جداً والتداعيات الاقتصادية والمالية كثيرة وتنعكس بشكل كبير على اللبنانيين الذين يزدادون فقراً". وإذ شدّد على "تصميم فرنسا على البقاء الى جانب اللبنانيين في هذه الأوقات الصعبة" نبّه الى الحاجة الى الاصلاحات، ملاحظاً أن "اللبنانيين الذين عبّروا بقوة عن تطلعاتهم المشروعة ونزلوا الى الشارع، لم تلق مطالبهم أذاناً صاغية لسوء الحظ".
وتابعت الصحيفة أن "زيارة لودريان لبكركي اكتسبت بعداً مميزاً، خصوصاً أنها تزامنت مع الأصداء الواسعة التي أثارها أخيراً الاقتراح الذي طرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حول حياد لبنان. ومع أن لودريان لم يدل بتصريحات بعد لقائه البطريرك الراعي الذي وافاه الى بكركي من الديمان، فإن المعلومات أفادت أنه أكد للبطريرك الماروني أن لا سيادة للبنان من دون حياده وأيّد تالياً موقف الراعي كاملاً، علماً أن البطريرك عبّر عن فرحه بهذا اللقاء ووصفه بأنه إيجابي وممتاز".
في غضون ذلك، لفتت الصحيفة إلى أنه بدا أمس أن لبنان انزلق على نحو بالغ الخطورة نحو مرحلة "التفشي المجتمعي" لوباء كورونا، فيما لا يبدو ان الحكومة ولجنة الطوارئ تزمعان اتخاذ خطوات جذرية يطالب بها الأطباء المعنيون مثل إقفال موقت لأسبوعين سعياً الى احتواء الانتشار قبل تسبّبه بكارثة استشفائية.
واشارت إلى أن "أرقام كورونا الصادمة التي سجلت في لبنان أمس وبلغت 156، والمستمرة في التصاعد منذ أكثر من أسبوع، عكست دخول لبنان المرحلة الرابعة من الوباء، ومعها التفشي المجتمعي، حيث لم تسلم منطقة أو قرية من وجود إصابات فيها، إضافة إلى إصابات مجهولة المصدر وهي الأخطر في انتشار الفيروس إذ لا قدرة على الحدّ من التفشي ما لم يتم تحديد مصدر الإصابات والتزام الوقاية والتباعد الاجتماعي. ودفعت الأرقام الجديدة المعنيين إلى التحرّك، إذ دعا وزير الصحة حمد حسن إلى الاستنفار الشامل، فالمستشفيات غير قادرة على الاستيعاب، والمشكلة في عدد أسرّة العناية الفائقة، وأقصى الممكن إجراءات عزل أحياء أو مناطق.
البناء: طائرات حربيّة أميركيّة أو «إسرائيلية» تعترض طائرة مدنيّة إيرانيّة فوق سورية نحو لبنان
أما صحيفة "البناء" فقالت إن مصادر تابعت زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إلى بيروت لخّصت نتائج الزيارة التي ستنتهي اليوم، بالقول إن فرنسا أرادت تأكيد الاهتمام بلبنان ونفي فرضية التخلي عن مساعدته وإخلاء الساحة لمبادرات منافسة للمحور الغربي، لكنها انضبطت بالسقوف الأميركية التي تمنع تقديم أي وصفات إصلاحية تعطي معنى للكلام عن أولوية الإصلاح على المساعدة، ونظرية ساعدونا لنساعدكم، فلم يعرض لودريان ما سبق وتحدث عنه وزير المالية الفرنسية برونو لومير قبل شهور في محادثات هاتفية مع مسؤولين لبنانيين أعقبت مشاركته في اجتماع وزراء مالية دول قمة العشرين الذي دعا خلاله لفصل تعافي لبنان عن المواجهة الأميركية مع إيران، مقدّماً صيغة لخطة دعم مشروطة بإجراءات محددة، بحيث لا يمكن تسييل المساعدات في كل قطاع تطاله عناوين مؤتمر سيدر، إلا باكتمال الشروط المرافقة، وبفصل مؤتمر سيدر عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لكون المسارين مختلفين كلياً، بين مساعدة الدولة اللبنانيّة على ضخ سيولة في نظامها المصرفي، ومساعدة قطاعات خدميّة لبنانيّة على النهوض ضمن سلة قروض ميسرة. وقالت المصادر خط التمايز الفرنسي لا يزال محصوراً بنقطتين، الأولى تأكيد عدم التخلي عن لبنان، والثانية تثبيت المرجعية المسيحية لباريس، وفتح الباب لمساعدات للقطاعين التربوي والصحي لمؤسسات ذات طابع مسيحي بدلاً من الدولة ومؤسساتها.
واضافت أنه بالتوازي كانت تأكيدات لودريان على التجديد لقوات اليونيفيل وعدم وجود أي مشروع جدي لتعديل مهامها، متزامنة مع حال التوتر التي تسود الوضع الحدودي جنوباً بعد استشهاد أحد مجاهدي المقاومة خلال الغارة التي شنتها طائرات جيش الاحتلال قرب مطار دمشق، وزاد التوتر مع حادثة التعرّض لطائرة مدنية إيرانية متجهة إلى بيروت خلال مرورها في الأجواء السورية، من قبل طائرات أميركيّة وفقاً لمصادر على إطلاع بمسار الطائرة الجوي، قالت إن الاعتراض الذي تبنته وسائل إعلام “إسرائيلية” بلسان مصادر عسكريّة في جيش الاحتلال يهدف لرسم خط أحمر أمام الطيران الإيراني المدني في مناطق معينة من الأجواء السورية، وفقاً لرسائل أميركية بهذا الخصوص، والتبني الإسرائيلي لا يغيّر من هذه الحقيقة، لأنه محاولة لتجنب التصعيد مع إيران من الجانب الأميركي، وإضافة الحادث إلى ملف التصعيد بين كيان الاحتلال والمقاومة.
ولفتت إلى أنه في الشؤون اللبنانية الداخلية قضيتان على السطح، الأولى تكرار تسجيل أرقام عالية بإصابات وباء كورونا، تتخطى المئة يومياً ما يجعل التفشي أمراً واقعاً، ويجعل الاحتواء أشدّ صعوبة، خصوصاً مع التفلت المتمادي من إجراءات الوقاية، واعتماد الكمامات والتباعد الاجتماعي، حيث المناسبات الاجتماعيّة تشهد حشوداً بالمئات بلا ضوابط، والمارة يتجاهلون في المدن والأماكن العامة إلزاميّة الكمامات، فيما حذّر وزير الصحة من أن يكون لبنان دخل مرحلة جديدة من التفشي تزيد القدرة على السيطرة تعقيداً، أما القضية الثانية فكانت التشوش الذي عاشه الملف المالي في ظل تسريبات عن جمعية المصارف تتحدّث عن خلافات مع وزارة المال حول مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهو ما نفته جمعية المصارف ووزارة المال علناً، لكن مصادر على صلة بالملف المالي أكدت أن مصدر التسريب هو المصارف في سياق رسائل مشفرة تهدف لتنصل المصارف من تحمل أي مسؤولية في أي نصيب من الخسائر المالية التي تتم مناقشة أرقامها، وتحاول تقديم موقفها بمزاعم الدفاع عن حقوق المودعين.
واشارت إلى أنه في تطوّر عسكري خطير، اعترضت طائرات تابعة للعدو الإسرائيلي مساء أمس، طائرة ركاب إيرانية متوجهة إلى بيروت فوق الأجواء السورية. وأدت عملية الاعتراض إلى إصابة عدد من ركاب طائرة خطوط «ماهان» الإيرانية بجروح جراء الانخفاض والارتفاع المفاجئ. ووفقًا لمعلومات وبيانات الطائرة، فإن السجل يظهر مساراً صحيحاً وطبيعياً، ولم تتخذ الطائرة أي إجراء عاجل أو مناورة هرباً من هجوم أو خطر. واعلن مصدر في الطيران المدني اللبناني أن «طائرة مدنية إيرانية تم اعتراضها من طائرة حربية يعتقد أنها أميركية في أجواء سورية».
واضافت الصحيفة من ناحية اخرى جال لودريان على المقار الرئاسية، حيث أبلغه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن «لبنان يتطلع الى مساعدة فرنسا في مسيرة الإصلاحات ومكافحة الفساد التي بدأها منذ بداية ولايته الرئاسية، ومن خلال سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة اللبنانية في إطار الخطة التي وضعت للتعافي المالي والاقتصادي»، وشدّد عون على «تمسك لبنان بقرار مجلس الامن الدولي رقم 1701»، شاكراً لفرنسا «الدور الذي تلعبه دائماً في إطار التجديد سنويا للقوات الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل». واعتبر ان «الدعم الفرنسي للبنان اساسي في هذه المرحلة، وفي ذلك فائدة متبادلة للبلدين الصديقين.
في المقابل، نقل لودريان الى الرئيس عون رسالة شفهية من نظيره الفرنسي أكد فيها «وقوف فرنسا الى جانب لبنان في الظروف الصعبة التي يمر بها، كما كانت دائماً وعبر التاريخ». وقال ان بلاده «مصممة على مساعدة لبنان وهي تتطلع الى إنجاز الإصلاحات الضرورية التي يحتاج اليها»، مؤكداً «ان مفاعيل مؤتمر «سيدر» لا تزال قائمة ويمكن تحريكها بالتوازي مع تطبيق الإصلاحات التي التزمتها الحكومة اللبنانية بهذا المؤتمر عند انعقاده في باريس». واشار الوزير الفرنسي الى ان «باريس وضعت خطة لمساعدة المدارس الفرنسية في لبنان واللبنانية، لمواجهة الازمة الراهنة وهي تشمل اكثر من أربعين مدرسة ستلقى دعماً مالياً في اطار الدعم الذي تقدمه فرنسا للمدارس التي تدعمها في الشرق».
ولفتت إلى أنه كان الوزير الفرنسي زار السرايا الحكومية واجتمع برئيس الحكومة الدكتور حسان دياب وجرى البحث في الإصلاحات المطلوبة لترجمة مقررات مؤتمر سيدر، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. وتطرّق المجتمعون بحسب بيان السرايا إلى المشاكل الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان، والجهود التي تبذلها الحكومة لمعالجتها. كما تناول البحث أيضًا التجديد لقوات «اليونيفيل»، وملف اللاجئين السوريين. وشكر الرئيس دياب فرنسا على الدعم الذي تقدمه إلى لبنان.
وبحسب المعلومات فإن لودريان لم يتحدث عن خطة مساعدة بل عبّر عن اهتمام بلبنان وبالإصلاحات وأكد الاستعداد للمساعدة، مشيراً الى أن مساعدات مؤتمر سيدر قائمة وتنتظر استكمال الإصلاحات. وحمل لودريان رسالة من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتأكيد الوقوف الى جانب لبنان وتعزيز العلاقات وعبّر عن اهتمام باستقرار لبنان وتشجيع على التفاوض مع صندوق النقد. وأبلغ الرئيس دياب لودريان بأن لبنان ينظر الى فرنسا كصديق تاريخي وقف الى جانب لبنان في المحطات الصعبة. وقال دياب: «انا على ثقة أنها لن تتخلى عنه اليوم وأنجزنا إصلاحات وواجهتنا عقبات ووضعنا جدولاً زمنياً لإنجاز باقي الاصلاحات».
وأشارت مصادر واكبت زيارة لودريان لـ"البناء" الى أن «زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية الى لبنان في ظل الحصار الأميركي الخليجي المفروض عليه بحد ذاتها تعبر عن اهتمام فرنسي بلبنان وضخ جرعات دعم سياسي ومعنوي وتعكس تعديلاً جوهرياً بالسياسة الفرنسية تجاه لبنان بشكل يخالف ويتناقض مع السياسة الأميركية، اذ إن المطلوب اميركياً عزل لبنان والمزيد من الضغوط والحصار حتى انتزاع مكاسب سياسية وامنية واقتصادية ونفطية وإن أدى ذلك الى المس بالاستقرار الأمني، لكن الدخول الفرنسي على الخط في اللحظات الحرجة والاستعداد للمساعدة يفتح آفاقاً جديدة ويشجع الصمود اللبناني تمهيداً لوضع برنامج للمساعدة الفرنسية». ولفتت المصادر الى أن «الفرنسيين مقتنعون بمساعدة لبنان لكنهم يشددون دائماً على ضرورة أن يساعد لبنان نفسه». واضافت المصادر بأن «الرسالة الفرنسية هي الدعم المعنوي للبنان ورفض سياسة الحصار التي تؤدي للانهيار، لكن على لبنان القيام بالمطلوب منه لجهة الاصلاحات في الإدارة والقضاء والمالية العامة ومكافحة الفساد وضبط التهريب». كما كرر وزير الخارجية الفرنسي موقف باريس بعدم تخفيض عديد قواتها في لبنان وتأكيده استمرار بلاده دعم القوات الدولية في الجنوب.
وعقد لودريان مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع نظيره اللبناني ناصيف حتي في وزارة الخارجية، وقال لودريان: «أتيت لأحمل لكم رسالة، الوقت حرج ولبنان يواجه وضعاً حرجاً والازمة الاقتصادية كبيرة ولها عواقب على اللبنانيين». وأضاف: «نريد تفادي أن تغير الأزمة التعايش الاجتماعي في لبنان، واللبنانيون عبروا عبر التظاهرات عن توقهم للتغيير والشفافية ومكافحة الفساد وهذا النداء لم يُسمع حتى الآن». وأكد دعم فرنسا للجيش اللبناني وقوى الأمن من اجل ضمان استقرار البلاد، قائلاً: «من الضروري أن تؤكد الدولة على سيطرتها على كامل الاراضي اللبنانية وعلى السياسيين النأي بلبنان عن الأزمة التي تمر بها المنطقة».
وكان لودريان زار عين التينة والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وبحسب المعلومات فإن لودريان لم يتطرّق في لقائه مع الرئيسين عون وبري ورئيس الحكومة بموضوع الحياد، كما لم يزر لودريان أياً من القيادات والقوى السياسية بعكس المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان.
كما زار الضيف الفرنسي الديمان حيث التقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، وكان لافتاً بيان مدير مكتب الاعلام والبروتوكول في الصرح البطريركي وليد غياض كلام لودريان الذي حاول تظهير أن النقاش دار حول موضوع الحياد ونسب الى لودريان تأييده لطرح الراعي، علماً أن لودريان لم يعلن موقفاً علنياً. وقال غياض إن «الوزير لودريان عبر عن تقديره لمبادرة البطريرك الراعي، لا سيما أن سيادة لبنان التي تتمسك بها فرنسا تستلزم ان يكون لبنان بلداً محايداً بعيداً عن الصراعات والمحاور»، مؤكداً أن «لبنان يملك كل المقومات للنهوض من جديد».
في غضون ذلك ووسط عاصفة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تجتاح لبنان، لفتت "البناء" إلى أنه عاد الخلاف بين مصرف لبنان وجمعية المصارف من جهة والحكومة ووزارة المال من جهة ثانية الى الواجهة رغم تأكيد أوساط السرايا ومصادر وزارة المال لـ"البناء" بأن «الخلاف قد انتهى وتم الاتفاق على أرقام الخسائر على أن يتم الاتفاق على توزيعها وسط الحديث عن صندوق سيادي للتعافي يشمل أصول الدولة وأملاكها والعمل على استثمارها لتحقيق عائدات مالية تساهم في سد الدين العام. وهذا ما بحثته لجنة الاقتصاد والتخطيط النيابية مع رئيس الحكومة منذ أيام».
وأفادت مصادر إعلامية أمس، أن المصارف تتجه الى الانسحاب من المفاوضات مع وزارة المال وشركة لازارد لإصرار الوزارة على عملية «الهيركات»، الأمر الذي ترفضه المصارف. لكن جمعية المصارف نفت هذه المعلومات وأكدت أن هذا الخبر عارٍ من الصحة وتمنت على وسائل الاعلام توخي الدقة في نقل الأخبار وألا تعتمد اي خبر غير صادر عن الجمعية». كما نفت مصادر مصرفية لـ»البناء» انسحاب المصارف من المفاوضات، مشيرة الى أن «جمعية المصارف تفعل ما في وسعها للوصول الى وجهة نظر وأرقام موحدة، لكن الطرف الآخر لا يريد أخذ بعين الاعتبار رأي المصارف والتفرد بالأرقام».
في المقابل اشارت مصادر معارضة لسياسة مصرف لبنان والمصارف لـ"البناء" الى أن «جمعية المصارف ترفض تحمل جزء من الخسائر وتعمل ما بوسعها لإجهاض الخطة الحكومية». وأوضح خبراء ماليون واقتصاديون لـ"البناء" أن «ازمة الودائع مرتبطة بوضع المصارف المرتبط بالمفاوضات مع صندوق النقد، وصندوق النقد يأخذ بعين الاعتبار الديون الخارجية، كما ان وضع المصارف مرتبط بانتهاء مسألة إعادة هيكلة المصارف بعد تشكيل لجنة في مصرف لبنان لهذه الغاية، وبالتالي الخيار المتوفر حالياً هو دفع الودائع للمودعين بالليرة اللبنانية بسبب عجز المصارف عن دفعها بالدولار الا بعد نجاح مفاوضات الصندوق وحصول لبنان على دعم مالي». وأوضح الخبراء عن لجنة مصرف لبنان لإعادة هيكلة المصارف أن «هذه اللجنة لا تتخذ قرارات بل فقط ترفع تقريراً لحاكم مصرف لبنان لإعادة هيكلة المصارف وهي خطوة ملحة ومطلوبة».