لبنان
الحكومة تراهن على تطبيق اتفاق السلة الغذائية وتنتظر زيارة لودريان
ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صبيحة اليوم من بيروت على مسألة الأزمات الحياتية التي يعيشها المواطنون والتي تشد وطأتها يوميًا من تأرجح سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى ارتفاع اسعار السلع الى التقنين القاسي للتيار الكهربائي في مختلف المناطق الى تفاقم أزمة البطالة والضائقة المعيشية ما يفترض بالحكومة والوزراء مضاعفة الجهود لإيجاد الحلول السريعة للتخفيف من معاناة المواطنين.
ووسط هذا الواقع المرير فإن الاجتماعات والجهود على الصعيد الحكومي مستمرة حتى ايجاد الحلول رغم الامكانات المحدودة وشدة الازمات وتواطؤ بعض القوى السياسية والمالية والمصرفية الداخلية والضغوط الخارجية، فالازمات صعبة ومتشعبة والحلول تصطدم بمقاومة أصحاب المصالح السياسية والمالية.
لكن الحكومة مصمّمة على متابعة جهودها والازمات على طريق الحل لا سيما الكهرباء والغلاء وسعر الصرف، داعية الى ترقب تطبيق اتفاق السلة الغذائية الذي سينعكس ايجاباً على سوق الاسعار والصرف.
على المقلب الآخر، تترقب الساحة الداخلية زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت الأربعاء المقبل وما ستحمله من مواقف لا سيما في ما خص حثّ الدولة على ترتيب امورها والاقلاع في الإصلاحات.
"الأخبار": المصارف تعود إلى نغمة الدعم وإدارة أملاك الدولة
بداية مع صحيفة "الأخبار" التي رأت أنه أمام تهرّب المصارف من تحمّل مسؤولياتها وتراجع الحكومة تحت ضغوط حاكم المصرف المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير، تعود نغمة «إدارة» أملاك الدولة لتعويض الخسائر على حساب الدولة والمودعين.
ما بعد التفاهم الثلاثي بين الرئيس نبيه بري والوزير السابق جبران باسيل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ليس كما قبله. عملياً، نجح سلامة وفريقه السياسي والمصرفي والإعلامي والإداري في إطاحة خطة التعافي الحكومية. أو أقلّه، في جعل النقاش حولها يعود إلى نقطة الصفر. وهو ما جعل اللجنة المختصة بالشأن المالي تجتمع في السرايا برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب ويحضرها وزراء وحاكم مصرف لبنان ونوابه وجمعية المصارف وعدد من المستشارين، وتعيد النظر في مناقشة كل الخطة الحكومية. هذا الأمر تم التوافق عليه في آخر اجتماع لها أول من أمس، عندما اتُّفق على الشروع في إطلاق ورشة اجتماعات مفتوحة مطلع الأسبوع المقبل، بغية التوصل إلى قرارات، لكي تُصاغ خطة الحكومة بطريقة مختلفة. واتفق الحاضرون، على أن ينجز وزير المالية، في غضون عشرة أيام، مناقشة مكتب الاستشارات القانوني وشركة «لازارد»، في أمر الخطة والتفاوض مع الدائنين، وتقديم التوصيات لأجل التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وذلك قبل العودة إلى الحكومة لإقرار برنامج عمل يقوم على خطة جديدة.
وتعكس الخلفية التي تدار بها الأمور الآن، ضعفاً وتراجعاً واضحين في موقف الحكومة بدءاً من رئيسها إلى بقية العاملين فيها، وخصوصاً، لناحية التسليم بأن حاكم مصرف لبنان هو من يقرر السياسات النقدية ولا يمكن لأحد التدخل في عمله، وأن برامج العمل الخاصة بالقطاع المصرفي محصورة به دون غيره، وأنه لا إمكانية حتى، لإقرار قوانين تفرض آلية لاستيفاء أي أموال من المصارف لمصلحة الخزينة العامة.
التعديلات الرئيسَة انطلقت من اعتبار الأرقام التي وردت في الخطة الأولى «غير واقعية» ومن أن «الحديث عن توقع عشرة مليارات دولار من صندوق النقد و11 ملياراً من برنامج سيدر و10 مليارات من الأموال المنهوبة، كلها لا تفيد في العلاج». كذلك اعتبار أن احتساب الأكلاف أو الخسائر بالعملة الصعبة تمّ على «أساس سعر الدولار القديم أي 1500 ليرة، وهذا لم يعد واقعياً»، ما يجعل اعتماد السعر الفعلي «يقلّص حجم الخسائر بالدولار الأميركي إلى حدود الثلث».
التنازل الآخر، يتعلق بمعركة استرداد الفوائد التي دُفعت من خلال الهندسات المالية التي أجراها المصرف المركزي خلال خمس سنوات، إذ يرى الفريق الحكومي أنه «تبين أنه لا يمكن إنجاز هذه الخطوة قانوناً، وأنه من شبه المستحيل القيام بهذه الخطوة التي تتعارض مع القوانين كافة ويمكن أن ترتب على المصارف والمصرف المركزي خسائر كبيرة». وهذا الأمر معروف، ولذلك فإن استعادة فوائد الهندسات المالية تحتاج إلى إقرار قانون في مجلس النواب، وهو ما يرى الفريق الحكومي استحالته. لكن التوجّه الجديد هو نحو «إقرار قانون ضريبي جديد يعمل بمفعول رجعي ويتيح استرداد نحو 15 مليار دولار تُحسم من قيمة الودائع الكبيرة». ويتحدث الفريق الحكومي عن أن «الخطة لن تسامح المصارف إزاء الارتكابات والأخطاء» وأن المصارف «ستخسر حكماً كامل رأسمالها وسوف تكون مضطرة لإعادة رسملة نفسها حتى لو أدى ذلك إلى إعلان بعض المصارف إفلاسها».
لكن القطبة غير المخفية هنا، هي عودة سلامة وجمعية المصارف إلى نغمة «دعم القطاع المصرفي باعتباره درّة التاج في الاقتصاد»، وأن ذلك «يتم من خلال تولي مصرف لبنان عملية إعادة الهيكلة بما في ذلك عمليات الدمج». لكن «الأهم هو توفير التمويل المطلوب على شكل قروض يقدمها مصرف لبنان إلى هذه المصارف على أن تسددها خلال فترة زمنية قصيرة». كذلك «يتعهد المصرف المركزي بضمان استعادة هذه القروض، مع عدم ترك القطاع مفتوحاً بالطريقة التي كان يدار فيها، وإضافة إلى أن مصرف لبنان سيفرض على المصارف عدم أخذ فوائد على توظيفات المصارف الموجودة لديه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وهذه العملية تعفي المصرف من دفع نحو عشرة مليارات دولار كفوائد».
لكن المشكلة تعود إلى النقطة المركزية، حول ما تسميه المصارف «مسؤولية الدولة في سداد الديون، وأن الأمر يتعلق بأصول الدولة». وبينما لمس مصرف لبنان والمصارف أن الحكومة ليست في وارد بيع الأصول، انتقل هذا الفريق إلى الخطة البديلة والتي تقول: «بأن يجري تكليف شركات من القطاع الخاص إدارة مرافق الدولة المنتجة لمدة 15 سنة، على أن يتم استخدام العائدات لأجل سداد ديون الدولة لمصرف لبنان كي يسددها بدوره إلى المصارف التي ستتمكن حينذاك من دفع أموال المودعين، وأن تحصل هذه الشركات على عائد إدارة من دون أن تملك أي حصة في الشركات التابعة للدولة»
وفيما من المفترض عقد اجتماع قريب للجنة تبحث فيه ملف الخصخصة، نُقل عن الرئيس دياب قوله إنه «لن تتم خصخصة أي قطاع منتج في الدولة، والبحث سيكون مفصلاً حول أي مقترح بهذا الخصوص».
لماذا تماطل وزارة الطاقة في حل أزمة المازوت؟
من جهة ثانية، ليس مفهوماً بعد الأسباب التي تحول دون توفّر مادة المازوت في البلاد، مع المعلومات الأكيدة عن قيام الشركات بتخزين المادة وحجبها عن المحطات والمواطنين. وبحسب ما علمت «الأخبار» فإن الشركات تستمر في تخزين المادة، وبيعها فقط في السوق السوداء وبأسعارٍ عالية، من دون الاهتمام بأي رقابة حكومية، وتحديداً من وزارة الطاقة. وجرى في الأسابيع الأخيرة التركيز على التهريب نحو سوريا، فيما لم يتمّ القيام بأية إجراءات حقيقية لمعرفة مخزون الشركات، لإزاحة الصورة عن الأزمة الحقيقية في لعبة الاحتكار وتحقيق الأرباح الهائلة، إذ أن الشركات المستوردة، والتي تحتكر المادة اليوم، سبق لها أن اشترت مادة المازوت حين كانت أسعار النفط متدنية، واليوم تعوّل على ارتفاع أسعارها في المستقبل لمضاعفة أرباحها والتعويض عن تراجع الأرباح الذي سبّبه انهيار سعر الصرف، في استغلال واضح للمواطنين.
وتكبر الأسئلة حول دور وزارة الطاقة في ضبط السوق وإجبار الشركات على بيع مخزونها وتعويض النقص الحاصل وعمليات إذلال المستهلكين أمام محطات الوقود، والتقنين العالي لدى أصحاب مولدات الكهرباء الذين يجدون بدورهم صعوبة في الحصول على المازوت بالسعر الرسمي. وثمة خشية من دور خفي لوزارة الطاقة، في استمرار الأزمة وارتفاع سعر المازوت بهدف تثبيت السعر العالي ورفع الدعم عن المازوت بطريقة مقنّعة، قبل إقراره رسمياً، بذريعة مكافحة التهريب والتخزين.
الراعي والحياد: حكاية إبريق الزيت
بدوره، زاد البطريرك بشارة الراعي على عناوين الانقسام في البلد عنواناً جديداً هو «الحياد»، من دون أن يشرح كيف يمكن للبنان أن يكون محايداً والعدو الإسرائيلي يبذل كلّ جهده لتهديده كل يوم. ويظهر طرح الراعي وكأن مشكلة اللبنانيين ولبنان في موقعه خصماً وندّاً للعدو الإسرائيلي، وليس أن نظام المحاصصة الفاشل الذي أدار البلاد منذ حوالى مئة عام، فشل في إنتاج أي سلطة وطنية حقيقية، ووصل به الأمر إلى حالة انهيار كاملة وفقدان المودعين اللبنانيين أموالهم في المصارف التي راكم أصحابها الثروات. فكيف يمكن لدولة هشّة وضعيفة، أن تمارس الحياد وهي مستهدفة وفاقدة للسيادة ولا تملك قرارها؟ بل كيف يمكن لدولة لا تستطيع محاسبة مسؤولٍ واحد فيها إلّا ويحتمي خلف طائفته؟ وللراعي مآثر في هذا الخصوص، ولا سيّما تحويله أي محاسبة لسلامة، مسّاً بالموارنة وبلبنان في أصل وجوده؟
قبل يومين، بدا لقاء الراعي مع الرئيس ميشال عون، عنواناً لمحطّة جديدة، اتفق فيها الطرفان على تخفيف الاحتقان لا زيادته. إلّا أن تصريحات الراعي التي نشرتها «الفاتيكان نيوز»، ظهرت تصعيداً غير مبرّر ضد حزب الله، وانقلاباً على التفاهم مع عون، قبل أن تعود البطريركية وتسرّب أن المقابلة جرت قبل لقاء بعبدا.
"البناء": الكهرباء والدولار وكورونا ثلاثيّة الحكم الشعبيّ على الحكومة بعيداً عن السياسة
بدورها صحيفة "البناء" اعتبرت أن وضوح صورة التعامل الأميركي مع لبنان مستبعدة تحت أي سقف محدد قبل أن تتبلور الأطر التي ستحكم المواجهة بين طهران وواشنطن، فليس صحيحاً ما يعتقده الفرنسيون الذين وصل وزير خارجيتهم جان ايف لودريان إلى بيروت، من أن الأميركيين سلموا بنظريتهم بفصل تعافي لبنان عن المواجهة مع إيران، بل الأصح أن الأميركيين زادوا الربط بين الملفين، ولذلك فتحوا نافذة لتجميد يمكن لفرنسا الحضور خلاله، لأن مواصلة الضغط وفقاً للسقوف القديمة سيرتب نتائج سلبية كبيرة والسقوف الجديدة لم تتبلور بعد. وفي هذا الإطار وضعت المصادر، كل الكلام الصادر عن مسؤولي صندوق النقد الدولي حول مصاعب التوصل لتفاهم لمساعدة لبنان وإعلان البقاء في التفاوض، ومثله الكلام العربي عن الإيجابية والحاجة للدرس، ومثلهما ما تتوقعه المصادر من زيارة وزير خارجية فرنسا، تحت شعار لن نترككم وحدكم، لكن عليكم مساعدة أنفسكم كي نساعدكم.
وتحت عنوان مساعدة اللبنانيين لأنفسهم رسمت بكركي ما تعتقد أنه ما يطلبه دعاة هذا الخطاب من اللبنانيين، أي إشهار ابتعادهم عن حزب الله ومطالبة الدولة ورموزها بالفعل نفسه، لإدراك عدم واقعية مطلب الحياد رغم كل ما يتمّ تسويقه من أسباب موجبة لا تقنع أصحابها فكيف ستقنع الآخرين. فالمشكلة كانت وستبقى حول ما تريده واشنطن من المنطقة التي يعيش لبنان في قلبها، وهل يقدر على تلبيتها، وفي المقدمة قضية توطين اللاجئين الفلسطينيين، والحدود البحرية للبنان وثروات الغاز والنفط، فهل يقدر صاحب دعوة الحياد على الحصول على ضمانات في هذين الملفين الوجوديين؟
قبل أن يمرّ أسبوع على دعوة البطريرك بشارة الراعي للحياد وتوضيحاته لمفهومه، تسببت الدعوة بتظهير الانقسام الطائفيّ حولها، بإعلان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى رفضها، بينما دأبت بكركي على التداول الهادئ بما تراه مناسباً في مواجهة الأزمات، قبل تظهيره علناً، وغالباً يتم التظهير العلني ببيان يصدر عن قمة روحية، ومن ثم عن موقف مساند لرئاسة الجمهورية بصفتها الموقع اللبناني والمسيحي الأول الذي تحرص بكركي على التناغم معه، بدا بعد توضيحات صدرت عن بعبدا أن الأمرين مستحيلان.
على مستوى الأداء الحكومي قال مرجع نيابي إنه بعيداً عن السياسة والحروب المعلنة والمضمرة، فإن التركة الثقيلة ومحاولات التعطيل لم تعد حججاً يقبلها المواطن اللبناني الذي يضع أمامه جداول ثلاثة أرقام، عدد إصابات كورونا، وسعر صرف الدولار، وعدد ساعات التقنين الكهربائي، ويضع للحكومة علامة نهاية اليوم على أساس جمع هذه الأرقام، فكلما انخفض الرقم نالت الحكومة شهادة النجاح وكلما زاد المجموع نالت الحكومة شهادة بالفشل. ودعا المرجع إلى وضع خطط عملية ثابتة وغير قابلة للتأرجح في مواجهة هذه التحديات الثلاثة لتحقيق تقدم مضطرد، ومراجعة التقدم يومياً من دون الحاجة للاجتماعات المطولة التي ليست، بعددها وطول مدتها، مؤشراً على الإنجاز بنظر المواطن العادي.
واستكمل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي حملة التصعيد تحت عنوان «الحياد» عبر سلسلة نشاطات ومواقف سياسيّة تتماهى مع الضغوط الأميركيّة ضد حزب الله ولبنان، بحسب وصف مصادر مراقبة للشأن السياسي.
وأشار الراعي إلى أنه «يتألم بالعمق عندما يرى كيف يتألّم لبنان»، ورأى أن «لبنان بات بلداً منحازاً فأصبحنا معزولين عن العالم كله».
وأوضح الراعي في تصريح من وادي قنوبين أن «الحياد ليس فكرة منه ولا ترفاً منه إنما هو الكيان اللبناني»، وقال: «عندما كان لبنان محايداً مع الميثاق الوطني أعلن حياده تجاه الغرب وتجاه الشرق لذلك عاش كل اللبنانيين الازدهار والنمو والبحبوحة واليوم كلنا نعيش الفقر والحرمان»، وأضاف: «كلنا أصبحنا فقراء بلا كرامة شحاذين وهذا ليس لبنان وليست صورة لا المسلم ولا المسيحي»، وأكد أن «حياد لبنان يساعد الجميع وهو من أجل الجميع ولن نتراجع عن المطالبة به». ولفت إلى «أننا لسنا أمام مشهد سياسي إنما عودة إلى الجذور اللبنانية والحضارة اللبنانية ولن نتخلى يوماً عن حضارتنا وكياننا وهويتنا».
وفيما أبدت مصادر سياسية مسيحية عدة استغرابها للمواقف المستجدة التي تدلي بها بكركي المفترض أن تحافظ على موقع وسطي بين مختلف الأطياف اللبنانية لكونها صرحاً وطنياً جامعاً، أكدت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن تصريح الراعي «لا يمثل أجواء اللقاء الذي حصل بين الرئيس والراعي»، مشدّدة على أن «كلام الراعي لا يمكن أن يكون صرخة في وادي ويجب أن تترافق مع توافق أو مواكبة، ونحن حريصون على دوره وعدم استغلاله سياسياً».
ويزور رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب الديمان اليوم، بحسب معلومات «البناء» في زيارة هي الأولى من نوعها، حيث يلتقي دياب الراعي ويتخلل اللقاء «استعراض للتطورات المحلية على كافة المستويات منذ تشكيل الحكومة العتيدة وواقع الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية والنقدية وتصدي الحكومة لها ضمن الامكانات المتاحة والصعوبات التي تواجهها، ومن المتوقع أن يدلي الرئيس دياب بسلسلة مواقف بعد لقائه الراعي».
في موازاة ذلك، تشد وطأة الأزمات الحياتية اليومية على المواطنين من تأرجح سعر صرف الدولار في السوق السوداء الى ارتفاع اسعار السلع الى التقنين القاسي للتيار الكهربائي في مختلف المناطق الى تفاقم أزمة البطالة والضائقة المعيشية ما يفترض بالحكومة والوزراء مضاعفة الجهود لإيجاد الحلول السريعة للتخفيف من معاناة المواطنين. وأشارت مصادر السراي الحكومية لـ»البناء» الى أن «الاجتماعات والجهود مستمرة حتى ايجاد الحلول رغم الامكانات المحدودة وشدة الازمات وتواطؤ بعض القوى السياسية والمالية والمصرفية الداخلية والضغوط الخارجية»، لافتة الى أن «الازمات صعبة ومتشعبة والحلول تصطدم بمقاومة أصحاب المصالح السياسية والمالية، لكن الحكومة مصمّمة على متابعة جهودها والازمات على طريق الحل لا سيما الكهرباء والغلاء وسعر الصرف»، داعية الى ترقب تطبيق اتفاق السلة الغذائية الذي سينعكس ايجاباً على سوق الاسعار والصرف». وجدد وزير الطاقة ريمون غجر تأكيد أن أزمة الكهرباء في طريقها الى الحل.
وفي مؤشر سلبي على الواقع الاقتصادي الذي تمر به البلاد، قررت ادارة مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت صرف حوالي 800 موظف. على أن تصرف ايضاً آخرين من الجامعة الأميركية. وطلبت ادارة المستشفى دعم القوى الأمنية لتلاوة قرار صرف لمئات الموظفين. وأثار قرار الجامعة سخطاً شعبياً وتعاطفاً مع الموظفين المصروفين الذين عبروا عن غضبهم بالدموع. ورسم تساؤلات حول حقيقة الواقع المالي في الجامعة، ما يعزز الربط بين قرار الجامعة صرف مئات الموظفين وبين تصاعد الضغوط الاميركية الخارجية على الحكومة وعلى لبنان؟ فهل يمكن الربط ايضاً بين هذا القرار وبين كلام رئيس الجامعة الاميركية فضلو خوري منذ أيام بأن هذه الحكومة هي أسوأ حكومة… ووصفت مصادر القرار بالسياسي وليس قراراً مالياً ادارياً ما يطرح السؤال: هل اتخذت ادارة الجامعة الأوضاع الاقتصادية والمالية وأزمة الدولار ذريعة لصرف الموظفين كأداة ضغط على الحكومة ومواكبة الضغوط الاميركية على لبنان؟
وفي هذا السياق، كشف مصدر ديبلوماسي واسع الاطلاع أنه يتم حالياً «التحضير للائحة عقوبات طويلة ستشمل لبنانيين ليس فقط من الذين يتماهون على المستوى السياسي مع النظام السوري بل شركات ورجال أعمال وجمعيات وسياسيين لديهم علاقات اقتصادية تجارية مع سورية».
وبدأت الفضائح المالية بالظهور في نتائج التدقيق الذي قامت به وزارة المالية بالحسابات من العام 1993 الى 2017 والذي أظهر مبالغ مجهولة المصير بأكثر من 27 مليار دولار أي ما يشكل ثلث الدين العام. ولفت مصدر نيابي لـ"البناء" الى أن «التدقيق في الحسابات في وزارة المال بدأ منذ فترة طويلة منذ تولي الوزير السابق علي حسن خليل وزارة المال وحتى مع الوزيرة السابقة ريا الحسن حيث تبين لديها أن هناك خللاً في المالية وهذا في عام 2010. وقالت الحسن هذا الأمر في اجتماع للجنة المال آنذاك وقالت أيضاً إن بعض الحسابات لا يوجد لها إلا قصاصات ورقية من دون أي توضيح وفي تفاصيل الكثير من الهبات والقروض، وبالتالي أمر طبيعي أن تصل الامور الى فضائح عندما يتم التدقيق والمتابعة، أضاف المصدر.
على صعيد مالي آخر، كشفت مصادر «البناء» أن اجتماعات السراي المالية أحرزت تقدّماً نوعياً حول الخطة الحكومية، وأشارت الى أن «البحث تركز في الاجتماعات على إعادة النظر بخطة الحكومة ببعض جوانبها والتوافق على الأرقام والخسائر وكيفية توزيعها وليس بالضرورة دمج الخطتين، بل سيصار الى اعتماد الخطة والأرقام الأقرب الى الواقع والتي يمكن تطبيقها على الورق لا نظرياً فقط وتوزع الخسائر بطريقة عادلة لا تلحق الضرر بقطاع او جهة على حساب أخرى».
ونقلت زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه قوله لـ»البناء» تأكيده «أهمية وحدة الموقف الوطني لنكون قادرين على الانتصار في اي مواجهة على اي مستوى من المستويات لا سيما على الضغوط الخارجية والتهديدات الاسرائيلية والانقسام الداخلي حول بعض الملفات السياسية والمالية»، وأبدى بري ارتياحه للتقدم في النقاشات حول الخطة المالية والأرقام والخسائر، آملاً أن تقدم الحكومة رؤية موحدة لتكون منطلقاً لخرق جدار الجمود في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي».
وتترقب الساحة الداخلية زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان الى بيروت الأربعاء المقبل وما ستحمله من مواقف لا سيما في ما خص حثّ الدولة على ترتيب امورها والاقلاع في الإصلاحات. ويجري لودريان سلسلة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة في زيارة تستمر لأيام وذلك بعد جولته على دول عدة في المنطقة. ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن «الزيارة تشكل جولة استطلاع وتحفيز الحكومة اللبنانية على اتخاذ خطوات مفترض ان نكون تجاوزناها تتعلق بالإصلاحات وخاصة الكهرباء كما سيذكر الضيف الفرنسي المسؤولين بشروط مؤتمر سيدر».
وأكد الرئيس ميشال عون ان «لبنان متمسك بعودة النازحين الى بلادهم، لا سيما الى المناطق السورية الآمنة، التي لم تعد تشهد قتالاً، خصوصاً أن الدولة السورية ترحب بهذه العودة، وتوفر للعائدين الدعم والرعاية الضروريين، ولم يحصل ان تعرض العائدون من لبنان لأي أذى بشهادة المنظمات الدولية التي تابعت هذه العودة».
النّهار: احتدامات على كل المسارات وتسوية لإنقاذ الخطة الحكومية!
أما صحيفة "النهار" تقول: احتدامات على مختلف مسارات المشهد الداخلي طبعت نهاية الأسبوع اللبناني بطابع قاتم ومعقد بدا بمثابة مؤشر لمزيد من الضغوط على اللبنانيين ما دامت المعالجات الحكومية والرسمية تتخبط في المراوحة والتراجع والقصور. فعلى مسار التداعيات الاحتجاجية للأزمات المالية والاقتصادية والسياسية، عادت ساحات وسط بيروت لتشهد نماذج من الانتفاضة الشعبية ولو أنها كانت مطعّمة أمس بدلالات مثيرة للجدل من خلال "قيادة" أو "زعامة" النائب شامل روكز لمعتصمين من العسكريين المتقاعدين والاسئلة التي أثارتها حركته حيال العهد تحديداً.
وعلى مسار التداعيات الاجتماعية كان مشهد الاعتصام الآخر الذي نفّذ في محيط مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت لعشرات الموظفين الذين شملهم إجراء الصرف الاضطراري الذي لجأت اليه إدارة الجامعة، معبراً عن المدى الفادح الذي بلغته الأزمة المالية والاقتصادية الى حد أن أعرق جامعة ومستشفى في لبنان اتخذا للمرة الأولى إجراءً موجعاً ومؤلماً شمل أمس نحو 850 موظفاً من أصل 1500 سيشملهم الاجراء.
أما الاحتدام الثالث فسجّل على مسار الانتشار الوبائي للاصابات بفيروس كورونا في لبنان بحيث قفز عدّاد الاصابات أمس مع 101 إصابة جديدة بما يتوج أسبوعاً كاملاً تقريباً من القفزات المثيرة للقلق في الاصابات ويضع الحكومة أمام واقع لم يعد ممكناً الاستمرار في التعامل معه بالرهان على الكلام المنمق والاجراءات التي لم تعد صالحة للانتشار الوبائي المتسع.
وغداة صدور مؤشرات جديدة عن الحكومة في شكل شبه رسمي تؤكد تخلّيها عن خطتها الاقتصادية التي كانت تفاوض على أساسها صندوق النقد الدولي، تتجه الأنظار الى الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان لبيروت في 22 تموز الجاري وما ستحمله من مواقف ولا سيما في ما خصّ حثّ الدولة على ترتيب أمورها والاقلاع في الاصلاحات. وأفادت معلومات أن لودريان سيصل الى بيروت مساء الأربعاء المقبل ويعقد سلسلة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وحسان دياب وكبار المسؤولين، كما يلتقي سياسيين كلاً على حدة في قصر الصنوبر، على ان يغادر لبنان الجمعة.
تسوية للخطة؟
ونقلت وكالة "رويترز" أمس عن مصدرين أن المستشار المالي للبنان لازار سيرى ما إذا كان ممكناً تعديل خطة الإنقاذ المالي الحكومية للتوصل إلى تسوية مجدية بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، بعدما لقيت الخطة رفضاً من جانب سياسيين ومصارف ومصرف لبنان.
وقال أحد المصدرين: "ربما يأتي لازارد الأسبوع المقبل ليرى ما إذا كان في إمكانه تعديل الخطة الحكومية والتوصل إلى تسوية مقبولة لدى صندوق النقد الدولي. سيقومون بأي تعديل استنادا إلى الخطة الحكومية".
وقال المصدر الثاني إن هدف زيارة لازار هو "كيف يمكننا محاولة تعديل الخطة الحكومية لنرى ما إذا كان في مقدورنا التوصل إلى أمر مجد لصندوق النقد الدولي وللأطراف الآخرين اللبنانيين".
وقال المصدران إن كليري غوتليب ستين اند هاملتون التي تتولى دور المستشار القانوني للبنان ستزور البلاد أيضا. وامتنع لازار وكليري غوتليب عن التعليق على الأمر.
وحذّر صندوق النقد الدولي لبنان من أن محاولات تقليص أرقام الخسائر الناجمة عن الأزمة المالية لن تؤدي إلا إلى إبطاء التعافي.
الراعي
ومساء أمس تناول البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي واقع لبنان في كلمة ألقاها خلال عشاء تكريمي إقامه على شرفه رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع وزوجته النائبة ستريدا جعجع بعد تدشينه أربعة مواقع أثرية في وادي قنوبين، وقال إنه "يتألم في العمق حين يرى كيف تألم لبنان وبات بلداً منحازاً فأصبحنا معزولين عن العالم". وأكد أن "الحياد ليس فكرة مني ولا ترفاً مني إنما هو الكيان اللبناني". وأضاف: "كلنا أصبحنا فقراء بلا كرامة شحّاذين وهذا ليس لبنان وليست صورة لا المسلم ولا المسيحي وحياد لبنان يساعد الجميع وهو من أجل الجميع ولن نتراجع عن المطالبة به". وشدّد على "أننا لسنا أمام مشهد سياسي وإنما عودة الى الجذور اللبنانية والحضارة اللبنانية ولن نتخلى يوماً عن حضارتنا وهويتنا".
إقرأ المزيد في: لبنان
25/11/2024